الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإِْطْعَامُ فِي النَّفَقَاتِ:
الإِْطْعَامُ فِي حَالَاتِ الضَّرُورَةِ:
16 -
يَرَى الْفُقَهَاءُ وُجُوبَ إِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ الْمُشْرِفِ عَلَى الْهَلَاكِ، لأَِنَّ فِيهِ إِحْيَاءً لِنَفْسٍ مَعْصُومَةٍ. فَإِنْ كَانَ الطَّعَامُ مِمَّا يُبَاعُ أَعْطَاهُ بِثَمَنِ الْمِثْل لَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُهُ، وَإِنْ أَخَذَهُ بِغَيْرِ إِذْنِ صَاحِبِهِ جَازَ. وَضَمِنَهُ لَهُ، إِذِ الْقَاعِدَةُ الشَّرْعِيَّةُ: أَنَّ الاِضْطِرَارَ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ.
الاِمْتِنَاعُ عَنْ إِطْعَامِ الْمُضْطَرِّ:
17 -
إِذَا فَقَدَ الْمُضْطَرُّ الطَّعَامَ وَأَشْرَفَ عَلَى الْهَلَاكِ وَلَمْ يَجِدْ إِلَاّ طَعَامًا لِغَيْرِهِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الطَّعَامِ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وَلَمْ يَجُزْ لأَِحَدٍ أَنْ يَأْخُذَهُ مِنْهُ، لأَِنَّهُ سَاوَاهُ فِي الضَّرُورَةِ وَانْفَرَدَ بِالْمِلْكِ، فَأَشْبَهَ غَيْرَ حَال الضَّرُورَةِ، وَإِنْ أَخَذَهُ مِنْهُ أَحَدٌ فَمَاتَ أَثِمَ وَضَمِنَ دِيَتَهُ، لأَِنَّهُ قَتَلَهُ بِغَيْرِ حَقٍّ، فَإِذَا لَمْ يَكُنِ الْمَالِكُ مُضْطَرًّا إِلَى الطَّعَامِ لَزِمَهُ بَذْلُهُ لِلْمُضْطَرِّ، لِحَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، قُلْنَا: يَا رَسُول اللَّهِ، مَا يَحِل لأَِحَدِنَا مِنْ مَال أَخِيهِ إِذَا اضْطُرَّ إِلَيْهِ؟ قَال: يَأْكُل وَلَا يَحْمِل، وَيَشْرَبُ وَلَا يَحْمِل (1) . فَإِنْ مَنَعَهُ
(1) حديث أبي هريرة: " قلنا يا رسول الله: ما يحل لأحدنا من مال أخيه إذا اضطر إليه؟ قال: يأكل ولا يحمل ويشرب ولا يحمل ". يدل عليه ما أخرجه الترمذي من حديث ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعا بلفظ: " من دخل حائطا فليأكل ولا يتخذ خبنة " والحديث استغربه الترمذي، ونقل المباركفوري تضعيف البيهقي للحديث، وتعقبه بقول الحافظ بن حجر في الفتح: والحق أن مجموعها لا يقتصر عن درجة الصحيح، وقد احتجوا في كثير من الأحكام بما هو دونها (تحفة الأحوذي 4 / 509، 510 نشر السلفية) . كما يدل عليه ما أخرجه الترمذي وأبو داود من حدي وسنن أبي داود 3 / 89 ط استنبول) .
قَاتَل عَلَيْهِ بِغَيْرِ سِلَاحٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، وَبِسِلَاحٍ عِنْدَ غَيْرِهِمْ. فَإِنْ قُتِل الْمُضْطَرُّ فَهُوَ شَهِيدٌ، وَعَلَى قَاتِلِهِ ضَمَانُهُ، وَإِنْ قَتَل صَاحِبَهُ فَهُوَ هَدَرٌ. (1) وَتَفْصِيل ذَلِكَ فِي (قِصَاصٌ) .
تَحْدِيدُ الإِْطْعَامِ فِي النَّفَقَةِ:
18 -
النَّفَقَةُ الْوَاجِبَةُ قَدْ تَكُونُ عَيْنًا وَقَدْ تَكُونُ قِيمَةً، فَإِذَا كَانَتْ عَيْنًا فَالْوَاجِبُ مِنَ الإِْطْعَامِ - كَمَا فِي الْقِيمَةِ - يُعْتَبَرُ بِحَال الزَّوْجَيْنِ جَمِيعًا عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَإِنْ كَانَا مُوسِرَيْنِ فَإِطْعَامُ الْمُوسِرِينَ، وَإِنْ كَانَا مُتَوَسِّطَيْنِ فَإِطْعَامُ الْوَسَطِ، وَإِنْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُعْسِرًا وَالآْخَرُ مُوسِرًا فَالتَّوَسُّطُ، وَإِنْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ فَنَفَقَةُ الإِْعْسَارِ، وَيُعْتَبَرُ الْعُرْفُ فِي ذَلِكَ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} (2) وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى اعْتِبَارِ حَال الزَّوْجِ فَقَطْ، وَاسْتَدَلُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى:{لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} (3) الآْيَةَ.
(1) المبسوط 23 / 166، ابن عابدين 5 / 283، 349، والاختيار 4 / 175، وحاشية الدسوقي 4 / 242 ط دار الفكر، وقليوبي وعميرة 4 / 263، وحواشي التحفة 8 / 440 ط دار صادر، والجمل 5 / 7 ط إحياء التراث، والمغني مع الشرح 11 / 80 ط الكتاب العربي.
(2)
سورة المائدة / 89.
(3)
سورة الطلاق / 7.