الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
94 -
وَاخْتَلَفَتِ الاِجْتِهَادَاتُ فِي الْخَمْرِ فَقَال الْحَنَفِيَّةُ: يَشْرَبُهَا مَنْ خَافَ الْعَطَشَ وَلَمْ يَجِدْ غَيْرَهَا، وَلَا يَشْرَبُ إِلَاّ قَدْرَ مَا يَدْفَعُ الْعَطَشَ، إِنْ عَلِمَ أَنَّهَا تَدْفَعُهُ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: لَا يَشْرَبُ الْمُضْطَرُّ الْخَمْرَ الصِّرْفَةَ لِلْعَطَشِ، (2) وَإِنَّمَا يَشْرَبُهَا مَنْ غَصَّ بِلُقْمَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، فَلَمْ يَجِدْ مَا يُزِيل الْغُصَّةَ سِوَى الْخَمْرِ. (3)
شُرُوطُ إِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا لِلْمُضْطَرِّ:
95 -
إِنَّ الْفُقَهَاءَ فِي كَلَامِهِمْ عَنِ الاِضْطِرَارِ وَأَحْكَامِهِ الاِسْتِثْنَائِيَّةِ لَمْ يَجْمَعُوا شُرُوطَ إِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ وَغَيْرِهَا مِنَ الْمُحَرَّمَاتِ لِمُضْطَرٍّ تَحْتَ عِنْوَانٍ خَاصٍّ بِالشُّرُوطِ، بَل يَجِدُهَا الْمُتَتَبِّعُ مُفَرَّقَةً فِي خِلَال الْمَسَائِل وَالأَْحْكَامِ.
وَيُسْتَخْلَصُ مِنْ كَلَامِهِمْ عَنْ حَالَاتِ الاِضْطِرَارِ وَأَحْكَامِهَا أَنَّ الشُّرُوطَ الشَّرْعِيَّةَ الَّتِي يَشْتَرِطُهَا فُقَهَاءُ الْمَذَاهِبِ لإِِبَاحَةِ الْمُحَرَّمَاتِ لِلْمُضْطَرِّ نَوْعَانِ:
(1)
شُرُوطٌ عَامَّةٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا بَيْنَ الْمَذَاهِبِ لِجَمِيعِ أَحْوَال الاِضْطِرَارِ.
(2)
شُرُوطٌ عَامَّةٌ اشْتَرَطَتْهَا بَعْضُ الْمَذَاهِبِ دُونَ سِوَاهَا.
(1) ابن عابدين 5 / 215، والمحلى 7 / 426.
(2)
واستثنى الشافعية ما لو زاد عطشه جدا حتى كاد يشرف على الهلاك فإنه يحل له حينئذ شربها (نهاية المحتاج 8 / 12) .
(3)
الشرح الصغير مع حاشية الصاوي 1 / 323، ونهاية المحتاج 8 / 150، ومطالب أولي النهى 6 / 211، وأحكام القرآن للجصاص 1 / 150، والمحلى لابن حزم 7 / 426.
وَفِيمَا يَلِي بَيَانُ ذَلِكَ:
(أَوَّلاً) - الشُّرُوطُ الْعَامَّةُ الْمُتَّفَقُ عَلَيْهَا:
96 -
يُشْتَرَطُ فِي إِبَاحَةِ الْمَيْتَةِ وَنَحْوِهَا لِلْمُضْطَرِّ بِوَجْهٍ عَامٍّ ثَلَاثَةُ شُرُوطٍ:
(الأَْوَّل) - أَلَاّ يَجِدَ طَعَامًا حَلَالاً وَلَوْ لُقْمَةً، فَإِنْ وَجَدَهَا وَجَبَ تَقْدِيمُهَا، فَإِنْ لَمْ تُغْنِهِ حَل لَهُ الْمُحَرَّمُ.
(الثَّانِي) - أَلَاّ يَكُونَ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى الْمَوْتِ بِحَيْثُ لَا يَنْفَعُهُ تَنَاوُل الطَّعَامِ، فَإِنِ انْتَهَى إِلَى هَذِهِ الْحَالَةِ لَمْ يَحِل لَهُ الْمُحَرَّمُ. (1)
(الثَّالِثُ) - أَلَاّ يَجِدَ مَال مُسْلِمٍ أَوْ ذِمِّيٍّ مِنَ الأَْطْعِمَةِ الْحَلَال، وَفِي هَذَا الشَّرْطِ بَعْضُ تَفْصِيلٍ بَيَانُهُ فِيمَا يَلِي:
97 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: لَوْ خَافَ الْمُضْطَرُّ الْمَوْتَ جُوعًا، وَمَعَ رَفِيقِهِ طَعَامٌ لَيْسَ مُضْطَرًّا إِلَيْهِ فَلِلْمُضْطَرِّ أَنْ يَأْخُذَ بِالْقِيمَةِ مِنْهُ قَدْرَ مَا يَسُدُّ جَوْعَتَهُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُؤَدِّي بِهِ الْقِيمَةَ حَالاً لَزِمَتْهُ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ.
وَإِنَّمَا تَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ لأَِنَّ مِنَ الْقَوَاعِدِ الْعَامَّةِ الْمُقَرَّرَةِ عِنْدَهُمْ أَنَّ " الاِضْطِرَارَ لَا يُبْطِل حَقَّ الْغَيْرِ ". (2)
وَكَذَا يَأْخُذُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي لِغَيْرِهِ مَا يَدْفَعُ الْعَطَشَ، فَإِنْ مَنَعَهُ صَاحِبُهُ قَاتَلَهُ الْمُضْطَرُّ بِلَا سِلَاحٍ، لأَِنَّ الرَّفِيقَ الْمَانِعَ فِي هَذِهِ الْحَال ظَالِمٌ. فَإِنْ
(1) نهاية المحتاج 8 / 150.
(2)
مطالب أولي النهى 6 / 323، 324، والمجلة م / 33.