الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَعْضِ الأَْشْرِبَةِ غَيْرِ الْمُسْكِرَةِ فِي تَقْدِيرِهِمْ، كَالْخَلِيطَيْنِ، وَالنَّبِيذِ، وَالْفُقَّاعِ.
أ -
الْخَلِيطَانِ:
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى تَحْرِيمِ الْخَلِيطَيْنِ مِنَ الأَْشْيَاءِ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تَقْبَل الاِنْتِبَاذَ، كَالْبُسْرِ وَالرُّطَبِ، وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَلَوْ لَمْ يَشْتَدَّا، لأَِنَّ الرَّسُول صلى الله عليه وسلم {نَهَى أَنْ يُنْبَذَ الرُّطَبُ وَالْبُسْرُ جَمِيعًا} . (1) وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ، إِذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَصْرِفُهُ إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ كَالْكَرَاهَةِ. أَيْ أَخْذًا بِظَاهِرِ هَذَا الْحَدِيثِ وَغَيْرِهِ يَحْرُمُ الْخَلِيطَانِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنِ الشَّرَابُ مِنْهُمَا مُسْكِرًا سَدًّا لِلذَّرَائِعِ (2) . وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يُكْرَهُ مِنْ غَيْرِ الْمُسْكِرِ: الْمُنَصَّفُ، وَهُوَ مَا يُعْمَل مِنْ تَمْرٍ وَرُطَبٍ، وَالْخَلِيطُ: وَهُوَ مَا يُعْمَل مِنْ بُسْرٍ وَرُطَبٍ، لأَِنَّ الإِْسْكَارَ يُسْرِعُ إِلَى ذَلِكَ بِسَبَبِ الْخَلْطِ قَبْل أَنْ يَتَغَيَّرَ، فَيَظُنُّ الشَّارِبُ أَنَّهُ لَيْسَ بِمُسْكِرٍ، وَيَكُونُ مُسْكِرًا، فَإِنْ أَمِنَ سُكْرَهُ وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ شِدَّةٌ مُطْرِبَةٌ فَيَحِل (3) . وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يُكْرَهُ الْخَلِيطَانِ، وَهُوَ أَنْ يُنْبَذَ فِي الْمَاءِ شَيْئَانِ، لأَِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنِ الْخَلِيطَيْنِ (4) وَعَنْ أَحْمَدَ: الْخَلِيطَانِ حَرَامٌ، قَال الْقَاضِي: يَعْنِي أَحْمَدُ بِقَوْلِهِ: " هُوَ حَرَامٌ ". إِذَا اشْتَدَّ وَأَسْكَرَ، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَإِنَّمَا نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِعِلَّةِ إِسْرَاعِهِ إِلَى السُّكْرِ الْمُحَرَّمِ، فَإِذَا لَمْ يُوجَدْ لَمْ يَثْبُتِ التَّحْرِيمُ (5) .
(1) والحديث تقدم تخريجه (ف 12) .
(2)
المنتقى على الموطأ 3 / 149، وبداية المجتهد 1 / 487 وما بعدها نشر مكتبة الكليات الأزهرية.
(3)
مغني المحتاج 4 / 187.
(4)
والحديث تقدم تخريجه (ف 16) .
(5)
المغني 8 / 318 وما بعدها، وكشاف القناع 6 / 96 وما بعدها.
ب - النَّبِيذُ (1) غَيْرُ الْمُسْكِرِ:
17 -
قَال الْحَنَابِلَةُ وَغَيْرُهُمْ: لَا يُكْرَهُ إِذَا كَانَتْ مُدَّةُ الاِنْتِبَاذِ قَرِيبَةً أَوْ يَسِيرَةً، وَهِيَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ. أَمَّا إِذَا بَقِيَ النَّبِيذُ مُدَّةً يُحْتَمَل فِيهَا إِفْضَاؤُهُ إِلَى الإِْسْكَارِ، فَإِنَّهُ يُكْرَهُ، وَلَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّة إِلَاّ بِالإِْسْكَارِ، فَلَمْ يَعْتَبِرُوا الْمُدَّةَ أَوِ الْغَلَيَانَ (2) . وَلَا يَثْبُتُ التَّحْرِيمُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ مَا لَمْ يَغْل الْعَصِيرُ، أَوْ تَمْضِ عَلَيْهِ مُدَّةُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا. وَإِنْ طُبِخَ الْعَصِيرُ أَوِ النَّبِيذُ قَبْل فَوَرَانِهِ وَاشْتِدَادِهِ، أَوْ قَبْل أَنْ تَمْضِيَ عَلَيْهِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ حَتَّى صَارَ غَيْرَ مُسْكِرٍ كَالدِّبْسِ، وَنَحْوِهِ مِنَ الْمُرَبَّيَاتِ، وَشَرَابِ الْخَرُّوبِ، فَهُوَ مُبَاحٌ، لأَِنَّ التَّحْرِيمَ إِنَّمَا ثَبَتَ فِي الْمُسْكِرِ، فَبَقِيَ مَا عَدَاهُ عَلَى أَصْل الإِْبَاحَةِ (3) . وَاسْتَدَلُّوا بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ {أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُنْقَعُ لَهُ الزَّبِيبُ، فَيَشْرَبُهُ الْيَوْمَ وَالْغَدَ وَبَعْدَ الْغَدِ إِلَى مَسَاءِ الثَّالِثَةِ، ثُمَّ يَأْمُرُ بِهِ فَيُسْقَى أَوْ يُهْرَاقُ} . (4)
الاِنْتِبَاذُ فِي الأَْوْعِيَةِ:
18 -
الاِنْتِبَاذُ: اتِّخَاذُ النَّبِيذِ الْمُبَاحِ، وَقَدِ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الاِنْتِبَاذُ فِي الأَْوْعِيَةِ الْمَصْنُوعَةِ مِنْ جِلْدٍ، وَهِيَ الأَْسْقِيَةُ، وَاخْتَلَفُوا فِيمَا سِوَاهَا.
(1) هو ما يلقى من التمر أو الزبيب ونحوهما، أو الحبوب في الماء ليكسبه من طعمه بشرط ألا يمضي عليه ثلاثة أيام، وإلا حرم، كما سيتضح مما سيأتي (المعجم الوسيط مادة: نبذ) .
(2)
الروضة 10 / 168، والمدونة 6 / 263، وبداية المجتهد 1 / 490.
(3)
المغني 8 / 317 - 319.
(4)
حديث: " أن النبي صلى كان ينقع. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1589 - ط الحلبي) .