الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هَذَا، وَإِنَّ الْخَمْرَ الَّتِي يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا هِيَ مَا اتُّخِذَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، أَمَّا مَا أَسْكَرَ مِنْ غَيْرِ عَصِيرِ الْعِنَبِ النِّيءِ فَلَا يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّ حُرْمَتَهَا دُونَ حُرْمَةِ الْخَمْرِ الثَّابِتَةِ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ، وَهَذِهِ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهَا بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ غَيْرِ مَقْطُوعٍ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ الآْحَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَآثَارِ الصَّحَابَةِ (1) .
(الثَّالِثُ) عُقُوبَةُ شَارِبِهَا
: 23 - ثَبَتَ حَدُّ شَارِبِ الْخَمْرِ بِالسُّنَّةِ، فَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ، مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ {أَنَّ النَّبِيَّ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ} . قَال: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ (2) . وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَال:{كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ، فَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ} (3) .
(1) الفتاوى الهندية 5 / 410، والهداية مع تكملة فتح القدير 9 / 28، والمغني 8 / 303، 304، وشرح روض الطالب 4 / 158، وحاشية القليوبي على شرح المنهاج 4 / 202، ومغني المحتاج 4 / 186، والمحلى 7 / 491، وفيه أن الظاهرية يكفرون مستحل النبيذ ككفر مستحل الخمر المجمع عليه.
(2)
حديث أنس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1330 - ط الحلبي) .
(3)
حديث السائب بن يزيد قال: " كنا نؤتى بالشارب. . . . " أخرجه البخاري (12 / 66 - الفتح ط السلفية) .
وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى جَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ مَا بَيْنَ أَرْبَعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْقَوْل بِالثَّمَانِينَ (1) . وَتَفْصِيلُهُ فِي (حَدِّ الشُّرْبِ) . وَعَلَى هَذَا يُحَدُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ شَارِبُ الْخَمْرِ سَوَاءٌ أَسَكِرَ أَمْ لَمْ يَسْكَرْ، وَكَذَا شَارِبُ كُل مُسْكِرٍ، سَوَاءٌ أَشَرِبَ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلاً. وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُحَدُّ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ قَلِيلِهَا أَوْ كَثِيرِهَا، وَكَذَا يُحَدُّ مَنْ سَكِرَ مِنْ شُرْبِ غَيْرِهَا. (2)
ضَابِطُ السُّكْرِ:
24 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ السَّكْرَانَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ غَالِبُ كَلَامِهِ الْهَذَيَانَ، وَاخْتِلَاطَ الْكَلَامِ، لأَِنَّ هَذَا هُوَ السَّكْرَانُ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ، فَإِنَّ السَّكْرَانَ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ اسْمٌ لِمَنْ هَذَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الإِْمَامُ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ (3) : إِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَحَدُّ الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ. فَحَدُّ السُّكْرِ الَّذِي يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعِبَادَاتِ، وَيُوجِبُ الْفِسْقَ عَلَى شَارِبِ النَّبِيذِ وَنَحْوِهِ هُوَ الَّذِي
(1) حاشية ابن عابدين مع الدر المختار 5 / 289، والفواكه الدواني 2 / 290، ومغني المحتاج 4 / 187، والمغني 8 / 304 وما بعدها، ونيل الأوطار 7 / 146 وما بعدها.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 2935 وما بعدها، وتبيين الحقائق 6 / 45 - 47، ومغني المحتاج 4 / 187، والمغني 8 / 304 وما بعدها، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 352، وابن عابدين 3 / 162 - 163، 5 / 289 - 293.
(3)
أثر علي رضي الله عنه: " إذا سكر هذى. . . . . " رواه مالك في الموطأ (2 / 842 - ط الحلبي) ، وأعله ابن حجر في التلخيص (4 / 75 ط دار المحاسن) .
هَذَا، وَإِنَّ الْخَمْرَ الَّتِي يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهَا هِيَ مَا اتُّخِذَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ، أَمَّا مَا أَسْكَرَ مِنْ غَيْرِ عَصِيرِ الْعِنَبِ النِّيءِ فَلَا يَكْفُرُ مُسْتَحِلُّهُ، وَهَذَا مَحَل اتِّفَاقٍ بَيْنَ الْفُقَهَاءِ، لأَِنَّ حُرْمَتَهَا دُونَ حُرْمَةِ الْخَمْرِ الثَّابِتَةِ بِدَلِيلٍ قَطْعِيٍّ، وَهَذِهِ ثَبَتَتْ حُرْمَتُهَا بِدَلِيلٍ ظَنِّيٍّ غَيْرِ مَقْطُوعٍ بِهِ مِنْ أَخْبَارِ الآْحَادِ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَآثَارِ الصَّحَابَةِ (1) .
(الثَّالِثُ) عُقُوبَةُ شَارِبِهَا
: 23 - ثَبَتَ حَدُّ شَارِبِ الْخَمْرِ بِالسُّنَّةِ، فَقَدْ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ كَثِيرَةٌ فِي حَدِّ شَارِبِ الْخَمْرِ، مِنْهَا مَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ {أَنَّ النَّبِيَّ أُتِيَ بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ الْخَمْرَ، فَجَلَدَهُ بِجَرِيدَتَيْنِ نَحْوَ أَرْبَعِينَ} . قَال: وَفَعَلَهُ أَبُو بَكْرٍ، فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ اسْتَشَارَ النَّاسَ، فَقَال عَبْدُ الرَّحْمَنِ: أَخَفُّ الْحُدُودِ ثَمَانُونَ، فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ (2) . وَعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَال:{كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ فِي عَهْدِ رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ، فَصَدْرًا مِنْ خِلَافَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ} (3) .
(1) الفتاوى الهندية 5 / 410، والهداية مع تكملة فتح القدير 9 / 28، والمغني 8 / 303، 304، وشرح روض الطالب 4 / 158، وحاشية القليوبي على شرح المنهاج 4 / 202، ومغني المحتاج 4 / 186، والمحلى 7 / 491، وفيه أن الظاهرية يكفرون مستحل النبيذ ككفر مستحل الخمر المجمع عليه.
(2)
حديث أنس: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي برجل. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1330 - ط الحلبي) .
(3)
حديث السائب بن يزيد قال: " كنا نؤتى بالشارب. . . . " أخرجه البخاري (12 / 66 - الفتح ط السلفية) .
وَقَدْ أَجْمَعَ الصَّحَابَةُ وَمَنْ بَعْدَهُمْ عَلَى جَلْدِ شَارِبِ الْخَمْرِ، ثُمَّ اخْتَلَفُوا فِي مِقْدَارِهِ مَا بَيْنَ أَرْبَعِينَ أَوْ ثَمَانِينَ. وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْقَوْل بِالثَّمَانِينَ (1) . وَتَفْصِيلُهُ فِي (حَدِّ الشُّرْبِ) . وَعَلَى هَذَا يُحَدُّ عِنْدَ الْجُمْهُورِ شَارِبُ الْخَمْرِ سَوَاءٌ أَسَكِرَ أَمْ لَمْ يَسْكَرْ، وَكَذَا شَارِبُ كُل مُسْكِرٍ، سَوَاءٌ أَشَرِبَ كَثِيرًا أَمْ قَلِيلاً. وَالْمُفْتَى بِهِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّهُ يُحَدُّ مِنْ شُرْبِ الْخَمْرِ قَلِيلِهَا أَوْ كَثِيرِهَا، وَكَذَا يُحَدُّ مَنْ سَكِرَ مِنْ شُرْبِ غَيْرِهَا. (2)
ضَابِطُ السُّكْرِ:
24 -
ذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَصَاحِبَا أَبِي حَنِيفَةَ وَغَيْرُهُمْ إِلَى أَنَّ السَّكْرَانَ هُوَ الَّذِي يَكُونُ غَالِبُ كَلَامِهِ الْهَذَيَانَ، وَاخْتِلَاطَ الْكَلَامِ، لأَِنَّ هَذَا هُوَ السَّكْرَانُ فِي عُرْفِ النَّاسِ وَعَادَاتِهِمْ، فَإِنَّ السَّكْرَانَ فِي مُتَعَارَفِ النَّاسِ اسْمٌ لِمَنْ هَذَى، وَإِلَيْهِ أَشَارَ الإِْمَامُ عَلِيٌّ رضي الله عنه بِقَوْلِهِ (3) : إِذَا سَكِرَ هَذَى، وَإِذَا هَذَى افْتَرَى، وَحَدُّ الْمُفْتَرِي ثَمَانُونَ. فَحَدُّ السُّكْرِ الَّذِي يَمْنَعُ صِحَّةَ الْعِبَادَاتِ، وَيُوجِبُ الْفِسْقَ عَلَى شَارِبِ النَّبِيذِ وَنَحْوِهِ هُوَ الَّذِي
(1) حاشية ابن عابدين مع الدر المختار 5 / 289، والفواكه الدواني 2 / 290، ومغني المحتاج 4 / 187، والمغني 8 / 304 وما بعدها، ونيل الأوطار 7 / 146 وما بعدها.
(2)
بدائع الصنائع 6 / 2935 وما بعدها، وتبيين الحقائق 6 / 45 - 47، ومغني المحتاج 4 / 187، والمغني 8 / 304 وما بعدها، والدسوقي على الشرح الكبير 4 / 352، وابن عابدين 3 / 162 - 163، 5 / 289 - 293.
(3)
أثر علي رضي الله عنه: " إذا سكر هذى. . . . . " رواه مالك في الموطأ (2 / 842 - ط الحلبي) ، وأعله ابن حجر في التلخيص (4 / 75 ط دار المحاسن) .