الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَمِمَّا يَنْبَغِي التَّنَبُّهُ لَهُ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ يَقُولُونَ: إِنَّ رَوَثَ مَا يُؤْكَل لَحْمُهُ طَاهِرٌ، وَكَذَا بَوْلُهُ، وَلَكِنْ يَحْرُمُ تَنَاوُلُهُمَا لِلاِسْتِقْذَارِ. فَالْقَذَارَةُ لَا تُنَافِي الطَّهَارَةَ إِذْ لَيْسَ كُل طَاهِرٍ يَجُوزُ أَكْلُهُ. (1)
السَّبَبُ الْخَامِسُ: عَدَمُ الإِْذْنِ شَرْعًا لِحَقِّ الْغَيْرِ:
13 -
مِنْ أَمْثِلَةِ هَذَا السَّبَبِ أَنْ يَكُونَ الطَّعَامُ غَيْرَ مَمْلُوكٍ لِمَنْ يُرِيدُ أَكْلَهُ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِيهِ مَالِكُهُ وَلَا الشَّارِعُ، وَذَلِكَ الْمَغْصُوبُ أَوِ الْمَسْرُوقُ أَوِ الْمَأْخُوذُ بِالْقِمَارِ أَوْ بِالْبِغَاءِ. بِخِلَافِ مَا لَوْ أَذِنَ فِيهِ الشَّارِعُ، كَأَكْل الْوَلِيِّ مَال مُوَلِّيهِ بِالْمَعْرُوفِ، وَأَكْل نَاظِرِ الْوَقْفِ مِنْ مَال الْوَقْفِ. وَأَكْل الْمُضْطَرِّ مِنْ مَال غَيْرِهِ، فَإِنَّهُمْ مَأْذُونُونَ مِنَ الشَّارِعِ، كَمَا سَيَأْتِي فِي الْكَلَامِ عَنْ حَالَةِ الاِضْطِرَارِ. وَفِي قَضِيَّةِ عَدَمِ الإِْذْنِ الشَّرْعِيِّ إِذَا تَعَلَّقَ بِالْحَيَوَانِ الَّذِي يَحِل أَكْلُهُ يُفَرِّقُ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ بَيْنَ صِحَّةِ التَّذْكِيَةِ وَحُرْمَةِ الْفِعْل غَيْرِ الْمَأْذُونِ بِالنِّسْبَةِ لِلْفَاعِل.
فَإِذَا غَصَبَ مُسْلِمٌ أَوْ كِتَابِيٌّ شَاةً مَثَلاً، أَوْ سَرَقَهَا فَذَبَحَهَا بِصُورَةٍ مُسْتَوْفِيَةٍ شَرَائِطَهَا، فَإِنَّ الذَّبِيحَةَ تَكُونُ لَحْمًا طَاهِرًا مَأْكُولاً، وَلَكِنَّ الذَّابِحَ يَكُونُ مُتَعَدِّيًا بِذَبْحِهَا دُونَ إِذْنٍ مِنْ صَاحِبِهَا وَلَا إِذْنِ الشَّرْعِ، وَهُوَ ضَامِنٌ لَهَا. وَكَذَلِكَ لَا يَحِل لَهُ وَلَا لِغَيْرِهِ أَكْل شَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا دُونَ إِذْنٍ أَيْضًا لِمَانِعِ حَقِّ الْغَيْرِ. (2) وَلِلتَّفْصِيل يُنْظَرُ فِي:(غَصْبٌ)(وَذَبَائِحُ) .
(1) المرجع السابق.
(2)
بداية المجتهد 1 / 452.
مَا يُكْرَهُ أَكْلُهُ لأَِسْبَابٍ مُخْتَلِفَةٍ:
14 -
ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ (1) أَمْثِلَةً لِلأَْطْعِمَةِ الْمَكْرُوهَةِ، مِنْهَا الأَْمْثِلَةُ التَّالِيَةُ:
أ - الْبَصَل وَالثُّومُ وَالْكُرَّاثُ وَنَحْوُهَا مِنْ ذَوَاتِ الرَّائِحَةِ الْكَرِيهَةِ، فَيُكْرَهُ أَكْل ذَلِكَ، لِخُبْثِ رَائِحَتِهِ مَا لَمْ يُطْبَخْ، فَإِنْ أَكَلَهُ كُرِهَ دُخُولُهُ الْمَسْجِدَ حَتَّى يَذْهَبَ رِيحُهُ، لِقَوْل رَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: مَنْ أَكَل ثُومًا أَوْ بَصَلاً فَلْيَعْتَزِلْنَا - أَوْ لِيَعْتَزِل مَسْجِدَنَا - وَلْيَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ (2) وَصَرَّحَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ أَنَّ الْكَرَاهَةَ لأَِجْل الصَّلَاةِ فِي وَقْتِ الصَّلَاةِ.
ب - الْحَبُّ الَّذِي دَاسَتْهُ الْحُمُرُ الأَْهْلِيَّةُ أَوِ الْبِغَال، وَيَنْبَغِي أَنْ يُغْسَل.
ج - مَاءُ الْبِئْرِ الَّتِي بَيْنَ الْقُبُورِ وَبَقْلِهَا، لِقُوَّةِ احْتِمَال تَسَرُّبِ التَّلَوُّثِ إِلَيْهَا.
د - اللَّحْمُ النِّيءُ وَاللَّحْمُ الْمُنْتِنُ، قَال صَاحِبُ " الإِْقْنَاعِ " مِنَ الْحَنَابِلَةِ بِكَرَاهَتِهِمَا، لَكِنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ عَدَمُ الْكَرَاهَةِ. (3)
الْحَيَوَانُ الْمَائِيُّ: حَلَالُهُ وَحَرَامُهُ:
15 -
الْمَقْصُودُ بِالْحَيَوَانِ الْمَائِيِّ مَا يَعِيشُ فِي الْمَاءِ،
(1) حاشية ابن عابدين على الدر المختار 1 / 136 و 139 و 5 / 217، والشرح الصغير مع حاشية الصاوي 1 / 19 و 322 - 325، وشرح الخرشي على خليل 1 / 88، ونهاية المحتاج 8 / 148 - 149، ومطالب أولي النهى 6 / 308 - 309 و 315 و 317.
(2)
حديث: " من أكل ثوما أو بصلا. . . . " أخرجه البخاري (الفتح 7 / 575 - ط السلفية) ومسلم (1 / 394 - ط الحلبي) واللفظ له.
(3)
الظاهر بالنسبة للمنتن بأن يقيد بأنه يكون تغيرا طفيفا، أما إذا اشتد نتنه حتى خيف ضرره فإن أكله عندئذ يجب أن يخضع لقاعدة الضرر التي تقتضي التحريم. (اللجنة) .