الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إِلَى النَّخْلَةِ وَالْكَرْمَةِ. وَاَلَّذِي هَاهُنَا هُوَ الْمُسْتَحِقُّ لاِسْمِ الْخَمْرِ، فَكَانَ حَرَامًا. هَذَا إِذَا كَانَ عَصِيرُهُمَا نِيئًا غَيْرَ مَطْبُوخٍ، وَغَلَى وَاشْتَدَّ عِنْدَ الصَّاحِبَيْنِ، وَقَذَفَ بِالزَّبَدِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. أَمَّا الْمَطْبُوخُ مِنْ هَذِهِ الأَْشْيَاءِ فَسَيَأْتِي حُكْمُهُ عِنْدَ الأَْحْنَافِ.
شُرْبُ دُرْدِيِّ (1) الْخَمْرِ:
10 -
ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ إِلَى تَحْرِيمِ
شُرْبِ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ
، وَيُحَدُّ شَارِبُهُ، لأَِنَّهُ خَمْرٌ بِلَا شَكٍّ، وَسَوَاءٌ دُرْدِيُّ الْخَمْرِ أَوْ دُرْدِيُّ غَيْرِهِ، وَأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْجَمِيعِ، وَيُحَدُّ بِالثَّخِينِ مِنْهَا إِذَا أَكَلَهُ. وَذَهَبَ الأَْحْنَافُ إِلَى كَرَاهَةِ (2) شُرْبِ دُرْدِيِّ الْخَمْرِ، لأَِنَّ فِيهِ ذَرَّاتِ الْخَمْرِ الْمُتَنَاثِرَةَ، وَقَلِيلُهُ كَكَثِيرِهِ، وَلَكِنْ لَا يُحَدُّ شَارِبُ الدُّرْدِيِّ إِلَاّ إِذَا سَكِرَ، لأَِنَّهُ لَا يُسَمَّى خَمْرًا، فَإِذَا سَكِرَ مِنْهُ وَجَبَ الْحَدُّ عَلَيْهِ، كَمَا فِي شُرْبِ الْبَاذِقِ أَوِ الْمُنَصَّفِ (3) .
حُكْمُ الْمَطْبُوخِ مِنَ الْعِنَبِ أَوْ عَصِيرِهِ:
11 -
إِنَّ الْمَطْبُوخَ مِنْ عَصِيرِ الْعِنَبِ أَدْنَى طَبْخٍ، بِحَيْثُ ذَهَبَ مِنْهُ أَقَل مِنَ الثُّلُثَيْنِ، وَكَانَ مُسْكِرًا
(1) دردي الخمر: ما يبقى أسفله (ترتيب القاموس المحيط) .
(2)
المراد بالكراهة هنا: كراهة التحريم، وهي ثبوت طلب الكف عن الفعل بدليل ظني. (مسلم الثبوت 1 / 85 ط بولاق) .
(3)
البدائع 6 / 936، ومغني المحتاج 4 / 188، والمحلى 1 / 579.
يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ عَامَّةً، لأَِنَّهُ إِذَا ذَهَبَ أَقَل مِنَ الثُّلُثَيْنِ بِالطَّبْخِ، فَالْحَرَامُ فِيهِ بَاقٍ، وَهُوَ مَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ. أَمَّا إِذَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ بِالطَّبْخِ، وَبَقِيَ ثُلُثُهُ فَهُوَ حَلَالٌ وَإِنِ اشْتَدَّ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ. وَقَال مُحَمَّدٌ: يَحْرُمُ. وَهَذَا الْخِلَافُ فِيمَا إِذَا قُصِدَ بِهِ التَّقَوِّي، أَمَّا إِذَا قُصِدَ بِهِ التَّلَهِّي فَإِنَّهُ لَا يَحِل بِالاِتِّفَاقِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ مِثْل قَوْلِهِمَا. وَعَنْهُ أَنَّهُ كَرِهَ ذَلِكَ، وَعَنْهُ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِيهِ. هَذَا إِذَا طُبِخَ عَصِيرُ الْعِنَبِ، فَأَمَّا إِذَا طُبِخَ الْعِنَبُ كَمَا هُوَ، فَقَدْ حَكَى أَبُو يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الْعَصِيرِ لَا يَحِل حَتَّى يَذْهَبَ ثُلُثَاهُ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ الزَّبِيبِ، حَتَّى لَوْ طُبِخَ أَدْنَى طَبْخَةٍ يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ الزَّبِيبِ، أَيْ يَحِل مِنْهُ مَا دُونَ الْمُسْكِرِ وَإِنْ لَمْ يَذْهَبْ ثُلُثَاهُ، لأَِنَّ طَبْخَهُ قَبْل عَصْرِهِ أَبْعَدُ عَنْ صِفَةِ الْخَمْرِ، فَلَمْ يُعْتَبَرْ ذَهَابُ الثُّلُثَيْنِ (1) .
حُكْمُ الْمَطْبُوخِ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ وَنَقِيعِ الزَّبِيبِ وَسَائِرِ الأَْنْبِذَةِ:
12 -
مَذْهَبُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ - كَمَا تَقَدَّمَ - أَنَّ مَا أَسْكَرَ مِنَ النِّيءِ وَالْمَطْبُوخِ، سَوَاءٌ اتُّخِذَ مِنْ الْعِنَبِ أَوِ التَّمْرِ أَوِ الزَّبِيبِ أَوْ غَيْرِهَا يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ، وَقَدْ سَبَقَ ذِكْرُ أَدِلَّتِهِمْ. أَمَّا عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ، فَقَدْ قَال أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ: إِنَّ الْمَطْبُوخَ مِنْ نَبِيذِ التَّمْرِ وَنَقِيعِ
(1) بدائع الصنائع 6 / 2941 - 2942. والهداية مع فتح القدير 9 / 35، والدر المختار 5 / 290.