الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَبِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ هُوَ وَأَصْحَابُهُ رضي الله عنهم صِيَامًا فِي رَمَضَانَ، وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ سَأَل النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم عَنِ اعْتِكَافٍ عَلَيْهِ فَأَمَرَهُ أَنْ يَعْتَكِفَ وَيَصُومَ (1) وَاَلَّذِي ذُكِرَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ عَنْهُ فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ مُطْلَقًا مَعَ الاِعْتِكَافِ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُعْتَمَدُ فِي الْمَذْهَبِ كَمَا فِي الدُّرِّ الْمُخْتَارِ وَحَاشِيَةِ ابْنِ عَابِدِينَ وَالْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ وَغَيْرِهَا، فَإِنَّهُمْ قَالُوا: إِنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الاِعْتِكَافِ الْمَنْدُوبِ، كَمَا فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ وَمُحَمَّدٍ (2) .
ب - الْقَوْل الثَّانِي: أَفْضَلِيَّةُ الصَّوْمِ مَعَ الاِعْتِكَافِ.
ذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ إِلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الصَّوْمُ لِلاِعْتِكَافِ مُطْلَقًا، سَوَاءٌ أَكَانَ وَاجِبًا أَمْ مَنْدُوبًا، فَالصَّوْمُ لَيْسَ شَرْطًا لِلاِعْتِكَافِ عِنْدَهُمْ وَلَا
(1) حديث عمر رضي الله عنه: " أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن اعتكاف عليه. . . " أخرجه أبو داود والدارقطني واللفظ له. وقال الدارقطني: تفرد به ابن بديل عن عمرو. وهو ضعيف الحديث، كما ضعفه ابن حجر في الفتح. (عون المعبود 2 / 311 ط الهند، وسنن الدارقطني 2 / 200 ط شركة الطباعة الفنية المتحدة، وفتح الباري 4 / 274 ط السلفية) .
(2)
ابن عابدين 2 / 442 - 443، وبدائع الصنائع 3 / 1057، الفتاوى الهندية 1 / 211، والمجموع 6 / 485، والشرح الكبير مع حاشية الدسوقي 1 / 542.
رُكْنًا فِيهِ.
وَبِهِ قَال الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ وَأَبُو ثَوْرٍ وَدَاوُدُ وَابْنُ الْمُنْذِرِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ. إِلَاّ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الاِعْتِكَافَ مَعَ الصَّوْمِ أَفْضَل مِنَ الاِعْتِكَافِ بِدُونِهِ، فَلَوِ اعْتَكَفَ صَائِمًا ثُمَّ أَفْطَرَ عَامِدًا بِغَيْرِ عُذْرٍ لَا يَبْطُل اعْتِكَافُهُ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، لِصِحَّةِ اعْتِكَافِهِ بِغَيْرِ صَوْمٍ، وَاحْتَجُّوا لِمَا ذَهَبُوا إِلَيْهِ بِحَدِيثِ عَائِشَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَكَفَ الْعَشْرَ الأُْوَل مِنْ شَوَّالٍ (1) رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَهَذَا يَتَنَاوَل اعْتِكَافَ يَوْمِ الْعِيدِ، وَيَلْزَمُ مِنْ صِحَّتِهِ أَنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ بِشَرْطٍ، وَاحْتَجُّوا أَيْضًا بِحَدِيثِ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ نَذَرَ أَنْ يَعْتَكِفَ لَيْلَةً، فَقَال لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: أَوْفِ بِنَذْرِكَ (2) .
نِيَّةُ الصَّوْمِ لِلاِعْتِكَافِ الْمَنْذُورِ:
18 -
اخْتَلَفَ الْحَنَفِيَّةُ وَالْمَالِكِيَّةُ فِي الصَّوْمِ الْوَاجِبِ مَعَ الاِعْتِكَافِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّ الاِعْتِكَافَ الْوَاجِبَ لَا يَصِحُّ إِلَاّ بِصَوْمٍ وَاجِبٍ، وَلَا يَصِحُّ مَعَ صَوْمِ التَّطَوُّعِ، فَلَوْ نَذَرَ اعْتِكَافَ شَهْرِ رَمَضَانَ لَزِمَهُ وَأَجْزَأَهُ صَوْمُ رَمَضَانَ عَنْ صَوْمِ الاِعْتِكَافِ، فَإِنْ لَمْ يَعْتَكِفْهُ قَضَى شَهْرًا مُتَتَابِعًا غَيْرَهُ، لأَِنَّهُ الْتَزَمَ الاِعْتِكَافَ فِي شَهْرٍ بِعَيْنِهِ. وَقَدْ فَاتَهُ، فَيَقْضِيهِ مُتَتَابِعًا بِصَوْمٍ مَقْصُودٍ، فَلَمْ يَجُزْ فِي رَمَضَانَ آخَرَ، وَلَا فِي وَاجِبٍ آخَرَ، سِوَى قَضَاءِ رَمَضَانَ الأَْوَّل، لأَِنَّهُ خُلْفٌ عَنْهُ.
وَعَلَى هَذَا فَلَوْ صَامَ تَطَوُّعًا، ثُمَّ نَذَرَ اعْتِكَافَ
(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول. . . " أخرجه مسلم (صحيح مسلم 2 / 831 ط عيسى الحلبي) .
(2)
حديث " أوف بنذرك ". سبق تخريجه (ف / 6) .