الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَشَيْئًا. وَأَيًّا مَا كَانَ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ عَظِيمًا بِحَيْثُ لَوْ خُلِطَ بِالثَّنَايَا لَاشْتَبَهَ عَلَى النَّاظِرِينَ مِنْ بَعِيدٍ. وَالثَّنِيُّ
مِنَ الضَّأْنِ وَالْمَعْزِ ابْنُ سَنَةٍ، وَمِنَ الْبَقَرِ ابْنُ سَنَتَيْنِ، وَمِنَ الإِْبِل ابْنُ خَمْسِ سِنِينَ (1) .
وَذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ مِنْ الضَّأْنِ مَا بَلَغَ سَنَةً (قَمَرِيَّةً) وَدَخَل فِي الثَّانِيَةِ وَلَوْ مُجَرَّدَ دُخُولٍ، وَفَسَّرُوا الثَّنِيَّ مِنْ الْمَعْزِ بِمَا بَلَغَ سَنَةً، وَدَخَل فِي الثَّانِيَةِ دُخُولاً بَيِّنًا، كَمُضِيِّ شَهْرٍ بَعْدَ السَّنَةِ، وَفَسَّرُوا الثَّنِيَّ مِنَ الْبَقَرِ بِمَا بَلَغَ ثَلَاثَ سِنِينَ، وَدَخَل فِي الرَّابِعَةِ وَلَوْ دُخُولاً غَيْرَ بَيِّنٍ، وَالثَّنِيَّ مِنْ الإِْبِل بِمَا بَلَغَ خَمْسًا وَدَخَل فِي السَّادِسَةِ وَلَوْ دُخُولاً غَيْرَ بَيِّنٍ. (2)
وَذَهَبَ الشَّافِعِيَّةُ إِلَى أَنَّ الْجَذَعَ مَا بَلَغَ سَنَةً، وَقَالُوا: لَوْ أَجْذَعَ بِأَنْ أَسْقَطَ مُقَدَّمَ أَسْنَانِهِ قَبْل السَّنَةِ وَبَعْدَ تَمَامِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ يَكْفِي، وَفَسَّرُوا الثَّنِيَّ مِنْ الْمَعْزِ بِمَا بَلَغَ سَنَتَيْنِ، وَكَذَلِكَ الْبَقَرُ (3) .
26 -
(الشَّرْطُ الثَّالِثُ) : سَلَامَتُهَا مِنَ الْعُيُوبِ الْفَاحِشَةِ
، وَهِيَ الْعُيُوبُ الَّتِي مِنْ شَأْنِهَا أَنْ تُنْقِصَ الشَّحْمَ أَوِ اللَّحْمَ إِلَاّ مَا اسْتُثْنِيَ.
وَبِنَاءً عَلَى هَذَا الشَّرْطِ لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِمَا يَأْتِي:
(1)
الْعَمْيَاءُ.
(2)
الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَهِيَ الَّتِي ذَهَبَ بَصَرُ إِحْدَى عَيْنَيْهَا، وَفَسَّرَهَا الْحَنَابِلَةُ بِأَنَّهَا الَّتِي انْخَسَفَتْ عَيْنُهَا وَذَهَبَتْ، لأَِنَّهَا عُضْوٌ مُسْتَطَابٌ، فَلَوْ لَمْ تَذْهَبِ
(1) الهداية بأعلى تكملة فتح القدير 8 / 76، البدائع 5 / 69، وابن عابدين 5 / 211، والمغني 11 / 99، 100.
(2)
حاشية الدسوقي على الشرح الكبير 2 / 119.
(3)
المجموع للنووي 8 / 394، وحاشية البجيرمي على المنهج 4 / 295.
الْعَيْنُ أَجْزَأَتْ عِنْدَهُمْ، وَإِنْ كَانَ عَلَى عَيْنِهَا بَيَاضٌ يَمْنَعُ الإِْبْصَارَ.
(3)
مَقْطُوعَةُ اللِّسَانِ بِالْكُلِّيَّةِ.
(4)
مَا ذَهَبَ مِنْ لِسَانِهَا مِقْدَارٌ كَثِيرٌ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِ اللِّسَانِ وَلَوْ قَلِيلاً.
(5)
الْجَدْعَاءُ وَهِيَ مَقْطُوعَةُ الأَْنْفِ.
(6)
مَقْطُوعَةُ الأُْذُنَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا، وَكَذَا السَّكَّاءُ وَهِيَ: فَاقِدَةُ الأُْذُنَيْنِ أَوْ إِحْدَاهُمَا خِلْقَةً وَخَالَفَ الْحَنَابِلَةُ فِي السَّكَّاءِ.
(7)
مَا ذَهَبَ مِنْ إِحْدَى أُذُنَيْهَا مِقْدَارٌ كَثِيرٌ، وَاخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِي تَفْسِيرِ الْكَثِيرِ، فَذَهَبَ الْحَنَفِيَّةُ إِلَى أَنَّهُ مَا زَادَ عَنِ الثُّلُثِ فِي رِوَايَةٍ، وَالثُّلُثُ فَأَكْثَرُ فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى، وَالنِّصْفُ أَوْ أَكْثَرُ، وَهُوَ قَوْل أَبِي يُوسُفَ، وَالرُّبْعُ أَوْ أَكْثَرُ فِي رِوَايَةٍ رَابِعَةٍ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا يَضُرُّ ذَهَابُ ثُلُثِ الأُْذُنِ أَوْ أَقَل.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَضُرُّ ذَهَابُ بَعْضِ الأُْذُنِ مُطْلَقًا.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: يَضُرُّ ذَهَابُ أَكْثَرِ الأُْذُنِ.
وَالأَْصْل فِي ذَلِكَ كُلِّهِ حَدِيثُ: إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى أَنْ يُضَحِّيَ بِعَضْبَاءِ الأُْذُنِ. (1)
(8)
الْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَهِيَ الَّتِي لَا تَقْدِرُ أَنْ تَمْشِيَ بِرِجْلِهَا إِلَى الْمَنْسَكِ - أَيِ الْمَذْبَحِ - وَفَسَّرَهَا الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ بِاَلَّتِي لَا تَسِيرُ بِسَيْرِ صَوَاحِبِهَا.
(1) حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضحى بعضباء الأذن " أخرجه أبو داود (3 / 238 - ط عزت عبيد دعاس) وأحمد (1 / 84 ط الميمنية) والترمذي (4 / 90 - ط الحلبي) وصححه، وقال المنذري: " في تصحيح الترمذي لهذا الحديث نظر. كذا في مختصره (4 / 108 - نشر دار المعرفة) .
(9)
الْجَذْمَاءُ وَهِيَ: مَقْطُوعَةُ الْيَدِ أَوِ الرِّجْل، وَكَذَا فَاقِدَةُ إِحْدَاهُمَا خِلْقَةً.
(10)
الْجَذَّاءُ وَهِيَ: الَّتِي قُطِعَتْ رُءُوسُ ضُرُوعِهَا أَوْ يَبِسَتْ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِ الضَّرْعِ، وَلَوْ قَلِيلاً.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنَّ الَّتِي لَا تُجْزِئُ هِيَ يَابِسَةُ الضَّرْعِ جَمِيعِهِ، فَإِنْ أَرْضَعَتْ بِبَعْضِهِ أَجْزَأَتْ.
(11)
مَقْطُوعَةُ الأَْلْيَةِ، وَكَذَا فَاقِدَتُهَا خِلْقَةً، وَخَالَفَ الشَّافِعِيَّةُ فَقَالُوا بِإِجْزَاءِ فَاقِدَةِ الأَْلْيَةِ خِلْقَةً، بِخِلَافِ مَقْطُوعَتِهَا.
(12)
مَا ذَهَبَ مِنْ أَلْيَتِهَا مِقْدَارٌ كَثِيرٌ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَضُرُّ ذَهَابُ بَعْضِ الأَْلْيَةِ وَلَوْ قَلِيلاً.
(13)
مَقْطُوعَةُ الذَّنَبِ، وَكَذَا فَاقِدَتُهُ خِلْقَةً، وَهِيَ الْمُسَمَّاةُ بِالْبَتْرَاءِ، وَخَالَفَ الْحَنَابِلَةُ فِيهِمَا فَقَالُوا: إِنَّهُمَا يُجْزِئَانِ. وَخَالَفَ الشَّافِعِيَّةُ فِي الثَّانِيَةِ دُونَ الأُْولَى.
(14)
مَا ذَهَبَ مِنْ ذَنَبِهَا مِقْدَارٌ كَثِيرٌ. وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا تُجْزِئُ ذَاهِبَةُ ثُلُثِهِ فَصَاعِدًا.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: يَضُرُّ قَطْعُ بَعْضِهِ وَلَوْ قَلِيلاً.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا يَضُرُّ قَطْعُ الذَّنَبِ كُلًّا أَوْ بَعْضًا.
(15)
الْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، أَيِ الَّتِي يَظْهَرُ مَرَضُهَا لِمَنْ يَرَاهَا.
(16)
الْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي، وَهِيَ الْمَهْزُولَةُ الَّتِي ذَهَبَ نَقْيُهَا، وَهُوَ الْمُخُّ الَّذِي فِي دَاخِل الْعِظَامِ، فَإِنَّهَا لَا تُجْزِئُ، لأَِنَّ تَمَامَ الْخِلْقَةِ أَمْرٌ ظَاهِرٌ، فَإِذَا تَبَيَّنَ خِلَافُهُ كَانَ تَقْصِيرًا.
(17)
مُصَرَّمَةُ الأَْطِبَّاءِ، وَهِيَ الَّتِي عُولِجَتْ حَتَّى انْقَطَعَ لَبَنُهَا.
(18)
الْجَلَاّلَةُ، وَهِيَ الَّتِي تَأْكُل الْعَذِرَةَ وَلَا تَأْكُل غَيْرَهَا، مِمَّا لَمْ تُسْتَبْرَأْ بِأَنْ تُحْبَسَ أَرْبَعِينَ يَوْمًا إِنْ كَانَتْ مِنَ الإِْبِل، أَوْ عِشْرِينَ يَوْمًا إِنْ كَانَتْ مِنْ الْبَقَرِ، أَوْ عَشْرَةً إِنْ كَانَتْ مِنَ الْغَنَمِ.
27 -
هَذِهِ الأَْمْثِلَةُ ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ الْحَنَفِيَّةِ. وَهُنَاكَ أَمْثِلَةٌ أُخْرَى لِلأَْنْعَامِ الَّتِي لَا تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِهَا ذُكِرَتْ فِي كُتُبِ الْمَذَاهِبِ الأُْخْرَى.
(مِنْهَا) مَا ذَكَرَهُ الْمَالِكِيَّةُ حَيْثُ قَالُوا: لَا تُجْزِئُ (الْبَكْمَاءُ) وَهِيَ فَاقِدَةُ الصَّوْتِ وَلَا (الْبَخْرَاءُ) وَهِيَ مُنْتِنَةُ رَائِحَةِ الْفَمِ، وَلَمْ يُقَيِّدُوا ذَلِكَ بِكَوْنِهَا جَلَاّلَةً وَلَا بَيِّنَةَ الْبَشَمِ، وَهُوَ التُّخَمَةُ. وَلَا (الصَّمَّاءُ) وَهِيَ الَّتِي لَا تَسْمَعُ (1) .
(وَمِنْهَا) مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّ (الْهَيْمَاءَ) لَا تُجْزِئُ، وَهِيَ الْمُصَابَةُ بِالْهُيَامِ وَهُوَ عَطَشٌ شَدِيدٌ لَا تَرْتَوِي مَعَهُ بِالْمَاءِ، فَتَهِيمُ فِي الأَْرْضِ وَلَا تَرْعَى.
وَكَذَا (الْحَامِل) عَلَى الأَْصَحِّ، لأَِنَّ الْحَمْل يُفْسِدُ الْجَوْفَ وَيَصِيرُ اللَّحْمُ رَدِيئًا. (2)
(وَمِنْهَا) مَا ذَكَرَهُ الْحَنَابِلَةُ مِنْ عَدَمِ إِجْزَاءِ (الْعَصْمَاءِ)(3) وَهِيَ الَّتِي انْكَسَرَ غِلَافُ قَرْنِهَا (4)(وَالْخَصِيُّ الْمَجْبُوبُ) ، وَهُوَ مَا ذَهَبَ أُنْثَيَاهُ وَذَكَرُهُ مَعًا، بِخِلَافِ ذَاهِبِ أَحَدِهِمَا (5) .
(1) بلغة السالك 1 / 309.
(2)
المجموع للنووي 8 / 400.
(3)
كذا هي بالصاد في نسخة مطالب أولي النهى، لكن في حاشية ابن عابدين تسمية ما ذهب بعض قرنها بالعظماء بالظاء وهي مجزئة عند الحنفية.
(4)
مطالب أولي النهى 2 / 465.
(5)
انظر في جميع الأمثلة السابقة. البدائع 5 / 75 - 76، وابن عابدين 5 / 212 - 214، والدسوقي على الشرح الكبير 2 / 120، وبلغة السالك 1 / 309، والمجموع للنووي 8 / 400، وحاشية البجيرمي على المنهج 4 / 296، ومطالب أولي النهى 2 / 465، والمغني لابن قدامة 11 / 102.
وَالأَْصْل الَّذِي دَل عَلَى اشْتِرَاطِ السَّلَامَةِ مِنْ هَذِهِ الْعُيُوبِ كُلِّهَا مَا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَال: لَا تُجْزِئُ مِنَ الضَّحَايَا أَرْبَعٌ: الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا، وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ عَرَجُهَا، وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَا، وَالْعَجْفَاءُ الَّتِي لَا تُنْقِي. (1) وَمَا صَحَّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ قَال: اسْتَشْرِفُوا الْعَيْنَ وَالأُْذُنَ (2) أَيْ تَأَمَّلُوا سَلَامَتَهَا عَنِ الآْفَاتِ، وَمَا صَحَّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام أَنَّهُ نَهَى أَنْ يُضَحَّى بِعَضْبَاءِ الأُْذُنِ. (3)
وَأَلْحَقَ الْفُقَهَاءُ بِمَا فِي هَذِهِ الأَْحَادِيثِ كُل مَا فِيهِ عَيْبٌ فَاحِشٌ.
28 -
أَمَّا الأَْنْعَامُ الَّتِي تُجْزِئُ التَّضْحِيَةُ بِهَا لأَِنَّ عَيْبَهَا لَيْسَ بِفَاحِشٍ فَهِيَ كَالآْتِي:
(1)
الْجَمَّاءُ: وَتُسَمَّى الْجَلْحَاءُ، وَهِيَ الَّتِي لَا قَرْنَ لَهَا خِلْقَةً، وَمِثْلُهَا مَكْسُورَةُ الْقَرْنِ إِنْ لَمْ يَظْهَرْ عَظْمُ دِمَاغِهَا، لِمَا صَحَّ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ قَال لِمَنْ سَأَلَهُ عَنْ مَكْسُورَةِ الْقَرْنِ: لَا بَأْسَ، أُمِرْنَا أَنْ
(1) حديث: " لا تجزئ من الضحايا أربع. . . . " أخرجه أبو داود (3 / 235 - ط عزت عبيد دعاس) والنسائي (7 / 214 - ط المكتبة التجارية)، والترمذي (سنن الترمذي 4 / 86 ط استانبول) ولفظ الترمذي:" لا يضحى بالعرجاء بين ظلعها، ولا بالعوراء بين عورها، ولا بالمريضة بين مرضها، ولا بالعجفاء التي لا تنقي " وقال الترمذي: هذا الحديث حسن صحيح.
(2)
حديث: " استشرفوا العين والأذن " أخرجه أحمد (1 / 108، 149 ط الميمنية) وأبو داود (3 / 237 ط عزت عبيد دعاس) والترمذي بلفظ: " أمرنا أن نستشرف العين والأذن "(تحفة الأحوذي 5 / 82، 83 نشر السلفية) وقال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح.
(3)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن نضحي بعضباء الأذن " سبق تخريجه (ف / 26) .
نَسْتَشْرِفَ الْعَيْنَيْنِ وَالأُْذُنَيْنِ (1) .
وَقَدِ اتَّفَقَتِ الْمَذَاهِبُ عَلَى إِجْزَاءِ الْجَمَّاءِ، وَاخْتَلَفَتْ فِي مَكْسُورَةِ الْقَرْنِ، فَقَال الْمَالِكِيَّةُ: تُجْزِئُ مَا لَمْ يَكُنْ مَوْضِعُ الْكَسْرِ دَامِيًا، وَفَسَّرُوا الدَّامِيَ بِمَا لَمْ يَحْصُل الشِّفَاءُ مِنْهُ، وَإِنْ لَمْ يَظْهَرْ فِيهِ دَمٌ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُجْزِئُ وَإِنْ أَدْمَى مَوْضِعُ الْكَسْرِ، مَا لَمْ يُؤَثِّرْ أَلَمُ الاِنْكِسَارِ فِي اللَّحْمِ، فَيَكُونُ مَرَضًا مَانِعًا مِنَ الإِْجْزَاءِ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا تُجْزِئُ إِنْ كَانَ الذَّاهِبُ مِنَ الْقَرْنِ أَكْثَرُ مِنَ النِّصْفِ، وَتُسَمَّى عَضْبَاءَ الْقَرْنِ.
(2)
الْحَوْلَاءُ، وَهِيَ الَّتِي فِي عَيْنِهَا حَوَلٌ لَمْ يَمْنَعِ الْبَصَرَ.
(3)
الصَّمْعَاءُ، وَهِيَ الصَّغِيرَةُ إِحْدَى الأُْذُنَيْنِ أَوْ كِلَيْهِمَا.
وَخَالَفَ الْمَالِكِيَّةُ فَقَالُوا: لَا يُجْزِئُ الصَّمْعَاءُ، وَفَسَّرُوهَا بِالصَّغِيرَةِ الأُْذُنَيْنِ جِدًّا، كَأَنَّهَا خُلِقَتْ بِدُونِهِمَا.
(4)
الشَّرْقَاءُ وَهِيَ مَشْقُوقَةُ الأُْذُنِ، وَإِنْ زَادَ الشَّقُّ عَلَى الثُّلُثِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا تُجْزِئُ إِلَاّ إِنْ كَانَ الشَّقُّ ثُلُثًا فَأَقَل.
(5)
الْخَرْقَاءُ وَهِيَ مَثْقُوبَةُ الأُْذُنِ، وَيُشْتَرَطُ فِي إِجْزَائِهَا أَلَاّ يَذْهَبَ بِسَبَبِ الْخَرْقِ مِقْدَارٌ كَثِيرٌ.
(6)
الْمُدَابَرَةُ وَهِيَ الَّتِي قُطِعَ مِنْ مُؤَخَّرِ أُذُنِهَا شَيْءٌ وَلَمْ يُفَصَّل، بَل تُرِكَ مُعَلَّقًا، فَإِنْ فُصِّل فَهِيَ مَقْطُوعَةُ بَعْضِ الأُْذُنِ وَقَدْ سَبَقَ بَيَانُ حُكْمِهَا.
(1) حديث علي رضي الله عنه: " أمرنا أن نستشرف العينين. . . . " سبق تخريجه (ف / 27) .
(7)
الْهَتْمَاءُ وَهِيَ الَّتِي لَا أَسْنَانَ لَهَا، لَكِنْ يُشْتَرَطُ فِي إِجْزَائِهَا أَلَاّ يَمْنَعَهَا الْهُتْمُ عَنِ الرَّعْيِ وَالاِعْتِلَافِ، فَإِنْ مَنَعَهَا عَنْهُمَا لَمْ تُجْزِئْ. وَهُوَ مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: لَا تُجْزِئُ مَكْسُورُ سِنَّيْنِ فَأَكْثَرُ أَوْ مَقْلُوعَتُهُمَا، إِلَاّ إِذَا كَانَ ذَلِكَ لإِِثْغَارٍ أَوْ كِبَرٍ، أَمَّا لِهَذَيْنِ الأَْمْرَيْنِ فَتُجْزِئُ.
وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: تُجْزِئُ ذَاهِبَةُ بَعْضِ الأَْسْنَانِ إِنْ لَمْ يُؤَثِّرْ نَقْصًا فِي الاِعْتِلَافِ، وَلَا ذَاهِبَةُ جَمِيعِهَا وَلَا مَكْسُورَةُ جَمِيعِهَا، وَتُجْزِئُ الْمَخْلُوقَةُ بِلَا أَسْنَانٍ.
وَقَال الْحَنَابِلَةُ: لَا تُجْزِئُ مَا ذَهَبَ ثَنَايَاهَا مِنْ أَصْلِهَا، بِخِلَافِ مَا لَوْ بَقِيَ مِنَ الثَّنَايَا بَقِيَّةٌ.
(8)
الثَّوْلَاءُ وَهِيَ الْمَجْنُونَةُ، وَيُشْتَرَطُ فِي إِجْزَائِهَا أَلَاّ يَمْنَعَهَا الثَّوْل عَنِ الاِعْتِلَافِ، فَإِنْ مَنَعَهَا مِنْهُ لَمْ تُجْزِئْ، لأَِنَّ ذَلِكَ يُفْضِي إِلَى هَلَاكِهَا.
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ: لَا تُجْزِئُ الثَّوْلَاءُ، وَفَسَّرَهَا الْمَالِكِيَّةُ بِأَنَّهَا الدَّائِمَةُ الْجُنُونُ الَّتِي فَقَدَتِ التَّمْيِيزَ بِحَيْثُ لَا تَهْتَدِي لِمَا يَنْفَعُهَا وَلَا تُجَانِبُ مَا يَضُرُّهَا، وَقَالُوا: إِنْ كَانَ جُنُونُهَا غَيْرَ دَائِمٍ لَمْ يَضُرَّ.
وَفَسَّرَهَا الشَّافِعِيَّةُ بِأَنَّهَا الَّتِي تَسْتَدِيرُ فِي الْمَرْعَى، وَلَا تَرَى إِلَاّ قَلِيلاً، فَتَهْزَل.
(9)
الْجَرْبَاءُ السَّمِينَةُ، بِخِلَافِ الْمَهْزُولَةِ. وَقَال الشَّافِعِيَّةُ: لَا تُجْزِئُ الْجَرْبَاءُ مُطْلَقًا.
(10)
الْمَكْوِيَّةُ وَهِيَ الَّتِي كُوِيَتْ أُذُنُهَا أَوْ غَيْرُهَا مِنَ الأَْعْضَاءِ.
(11)
الْمَوْسُومَةُ وَهِيَ: الَّتِي فِي أُذُنِهَا سِمَةٌ.
(12)
الْعَاجِزَةُ عَنِ الْوِلَادَةِ لِكِبَرِ سِنِّهَا.
(13)
الْخَصِيُّ وَإِنَّمَا أَجْزَأَ، لأَِنَّ مَا ذَهَبَ بِخِصَائِهِ يُعَوَّضُ بِمَا يُؤَدِّي إِلَيْهِ مِنْ كَثْرَةِ لَحْمِهِ وَشَحْمِهِ، وَقَدْ صَحَّ وَأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم ضَحَّى بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ
مَوْجُوءَيْنِ (1) أَيْ مَرْضُوضَيِ الْخُصْيَتَيْنِ، وَيُلْحَقُ بِالْمَرَضِ الْخِصَاءُ، لأَِنَّ أَثَرَهُمَا وَاحِدٌ.
وَقَدِ اتَّفَقَتْ عَلَى إِجْزَائِهِ الْمَذَاهِبُ الأَْرْبَعَةُ.
وَحَكَى صَاحِبُ " الْمُغْنِي " الإِْجْزَاءَ عَنْ الْحَسَنِ وَعَطَاءٍ وَالشَّعْبِيِّ وَالنَّخَعِيِّ وَمَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَأَبِي ثَوْرٍ وَأَصْحَابِ الرَّأْيِ.
وَكَالْخَصِيِّ الْمَوْجُوءُ وَهُوَ الْمَرْضُوضُ الْخُصْيَةُ.
وَهَذَا مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ الْمَذَاهِبِ.
(14)
الْمَجْبُوبُ وَهُوَ مَا قُطِعَ ذَكَرُهُ وَسَبَقَ قَوْل الْحَنَابِلَةِ أَنَّ الْمَجْبُوبَ الْخَصِيُّ - وَهُوَ: مَا ذَهَبَ أُنْثَيَاهُ وَذَكَرُهُ مَعًا - لَا يُجْزِئُ، بِخِلَافِ ذَاهِبِ أَحَدِهِمَا فَقَطْ (ف: 26) .
(15)
الْمَجْزُوزَةُ وَهِيَ الَّتِي جُزَّ صُوفُهَا.
(16)
السَّاعِلَةُ وَهِيَ الَّتِي تَسْعُل - بِضَمِّ الْعَيْنِ - وَيَجِبُ تَقْيِيدُ ذَلِكَ بِمَا لَمْ يَصْحَبْهُ مَرَضٌ بَيِّنٌ.
29 -
هَذِهِ الأَْمْثِلَةُ ذَكَرَهَا الْحَنَفِيَّةُ وَجَاءَ فِي كُتُبِ غَيْرِهِمْ أَمْثِلَةٌ أُخْرَى لِمَا يُجْزِئُ.
(وَمِنْهَا) مَا صَرَّحَ بِهِ الْمَالِكِيَّةُ مِنْ أَنَّ الْمُقْعَدَةَ - وَهِيَ الْعَاجِزَةُ عَنِ الْقِيَامِ لِكَثْرَةِ الشَّحْمِ عَلَيْهَا - تُجْزِئُ.
(مِنْهَا) مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ أَنَّ الْعَشْوَاءَ تُجْزِئُ، وَهِيَ الَّتِي تُبْصِرُ بِالنَّهَارِ دُونَ اللَّيْل، وَكَذَا الْعَمْشَاءُ وَضَعِيفَةُ الْبَصَرِ.
وَكَذَا الَّتِي قُطِعَ مِنْهَا قِطْعَةٌ صَغِيرَةٌ مِنْ عُضْوٍ كَبِيرٍ، كَاَلَّتِي أَخَذَ الذِّئْبُ مِقْدَارًا قَلِيلاً مِنْ فَخِذِهَا، بِخِلَافِ الْمِقْدَارِ الْبَيِّنِ الَّذِي يُعَدُّ كَثِيرًا بِالنِّسْبَةِ لِجَمِيعِ الْفَخِذِ.
(1) حديث " ضحى النبي صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجوءين ". أخرجه أحمد (6 / 8 - ط الميمنية) وأورده الهيثمي في المجمع (4 / 21 - القدسي) وقال: إسناده حسن.