الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِلْمَالِكِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ فِي الإِْعَارَةِ الْمُطْلَقَةِ:
أَحَدُهَا: هَذَا.
وَالثَّانِي: أَنَّ الأَْرْضَ تَبْقَى فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ الْمُدَّةَ الَّتِي تُرَادُ الأَْرْضُ لِمِثْلِهَا عَادَةً.
وَالثَّالِثُ: لَا تَبْقَى، وَهُوَ قَوْل أَشْهَبَ.
أَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِعَمَلٍ أَوْ أَجَلٍ فَلَا يَرْجِعُ قَبْل انْقِضَاءِ الْعَمَل أَوِ الأَْجَل.
وَمُقَابِل الأَْصَحِّ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ أَلَاّ أُجْرَةَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ، بَل تَبْقَى الأَْرْضُ فِي يَدِهِ حَتَّى الْحَصَادِ بِلَا أَجْرٍ، لأَِنَّ مَنْفَعَةَ الأَْرْضِ إِلَى الْحَصَادِ. وَالثَّالِثُ أَنَّ لِلْمُعِيرِ الْقَلْعَ لاِنْقِطَاعِ الإِْبَاحَةِ.
وَمَذْهَبُ الْحَنَابِلَةِ كَمَذْهَبِ الْحَنَفِيَّةِ فِي عَدَمِ جَوَازِ الرُّجُوعِ، لَكِنَّهُمْ قَالُوا: إِنْ كَانَ الزَّرْعُ مِمَّا يُحْصَدُ قَصِيلاً فَلَهُ الرُّجُوعُ فِي وَقْتِ إِمْكَانِ حَصَادِهِ، وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْحَنَفِيَّةُ لِهَذَا النَّوْعِ مِنَ الزَّرْعِ، كَالْبِرْسِيمِ وَالشَّعِيرِ الأَْخْضَرِ. (1)
إِعَارَةُ الدَّوَابِّ وَمَا فِي مَعْنَاهَا:
12 -
قَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّ إِعَارَةَ الدَّوَابِّ إِمَّا أَنْ تَكُونَ مُطْلَقَةً أَوْ مُقَيَّدَةً، فَإِنْ كَانَتْ مُطْلَقَةً، بِأَنْ أَعَارَ دَابَّتَهُ مَثَلاً وَلَمْ يُسَمِّ مَكَانًا وَلَا زَمَانًا وَلَا رُكُوبًا وَلَا حَمْلاً مُعَيَّنًا فَلِلْمُسْتَعِيرِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهَا فِي أَيِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ شَاءَ، وَلَهُ أَنْ يَحْمِل أَوْ يَرْكَبَ، لأَِنَّ الأَْصْل فِي الْمُطْلَقِ أَنْ يَجْرِيَ عَلَى إِطْلَاقِهِ، وَقَدْ مَلَّكَهُ مَنَافِعَ الْعَارِيَّةِ مُطْلَقًا فَكَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَوْفِيَهَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي مَلَكَهَا. إِلَاّ أَنَّهُ لَا يَحْمِل عَلَيْهَا مَا يَضُرُّهَا،
(1) البدائع 8 / 3904، وابن عابدين 4 / 372، 5 / 772، والشرح الصغير 3 / 577 ط دار المعارف، والقوانين الفقهية ص 245، 246، ونهاية المحتاج 5 / 139، والمغني 5 / 229، 230.
وَلَا يَسْتَعْمِلُهَا أَكْثَرَ مِمَّا جَرَى بِهِ الْعُرْفُ، حَتَّى لَوْ فَعَل فَعَطِبَتْ ضَمِنَ، لأَِنَّ الْعَقْدَ وَإِنْ خَرَجَ مَخْرَجَ الإِْطْلَاقِ لَكِنَّ الْمُطْلَقَ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَالْعَادَةِ دَلَالَةً، كَمَا يَتَقَيَّدُ نَصًّا.
وَلَا يَمْلِكُ الْمُسْتَعِيرُ تَأْجِيرَ الْعَارِيَّةِ، فَإِنْ أَجَّرَهَا وَسَلَّمَهَا إِلَى الْمُسْتَأْجِرِ فَهَلَكَتْ عِنْدَهُ ضَمِنَ الْمُسْتَعِيرُ أَوِ الْمُسْتَأْجِرُ، لَكِنْ إِذَا ضَمِنَ الْمُسْتَأْجِرُ رَجَعَ عَلَى الْمُسْتَعِيرِ.
وَإِذَا قَيَّدَ الْمُعِيرُ الإِْعَارَةَ تَقَيَّدَتْ بِمَا قَيَّدَهَا بِهِ.
فَإِنْ خَالَفَ الْمُسْتَعِيرُ، وَعَطِبَتِ الدَّابَّةُ ضَمِنَ بِالاِتِّفَاقِ. وَإِنْ خَالَفَ وَسُلِّمَتْ فَهُنَاكَ اتِّجَاهَانِ: الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ يَرَوْنَ أَنَّ الْمُسْتَعِيرَ يَضْمَنُ أَجْرَ مَا زَادَ فِي الْمَسَافَةِ أَوِ الْحَمْل (1) وَتَقْدِيرُ ذَلِكَ يُرْجَعُ فِيهِ إِلَى أَهْل الْخِبْرَةِ.
وَلَمْ يَتَعَرَّضِ الْحَنَفِيَّةُ لِهَذَا الْفَرْعِ فِي كِتَابِ الإِْعَارَةِ وَلَكِنْ تَعَرَّضُوا لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الإِْجَارَةِ فَقَالُوا: " إِذَا زَادَ عَلَى الدَّابَّةِ شَيْئًا غَيْرَ مُتَّفَقٍ عَلَيْهِ وَسُلِّمَتْ يَجِبُ عَلَيْهِ الْمُسَمَّى فَقَطْ، وَإِنْ كَانَ لَا يَحِل لَهُ الزِّيَادَةُ إِلَاّ بِرِضَى الْمُكَارِي ". (2)
وَلَمَّا كَانَ كُلٌّ مِنَ الإِْعَارَةِ وَالإِْجَارَةِ فِيهِ تَمْلِيكُ الْمَنْفَعَةِ وَكَانَ أَخْذُ الأَْجْرِ فِي الإِْجَارَةِ مُسَلَّمًا وَفِي الإِْعَارَةِ غَيْرَ مُسَلَّمٍ، لأَِنَّهَا مِنْ بَابِ الإِْحْسَانِ وَالتَّبَرُّعِ، فَإِنَّ عَدَمَ وُجُوبِ أَجْرٍ فِي مُقَابَلَةِ الزِّيَادَةِ يَكُونُ فِي الإِْعَارَةِ مِنْ بَابٍ أَوْلَى.
فَإِذَا أَعَارَ إِنْسَانًا دَابَّةً عَلَى أَنْ يَرْكَبَهَا الْمُسْتَعِيرُ
(1) الزرقاني والبناني 6 / 132، ونهاية المحتاج 5 / 127، 128، والمغني 5 / 232.
(2)
ابن عابدين 4 / 770، والبدائع 8 / 3900 - 3901. واللجنة ترى أن هذه الأحكام بما فيها من تفصيلات يمكن أن تجري على السيارات وسائر وسائل النقل الحديثة.