الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأَْشْيَاءِ. وَمَا عَدَاهَا مَقِيسٌ عَلَيْهَا إِذَا كَانَ فِي مَعْنَاهَا. وَلأَِنَّ مَا جَازَ لِلْمَالِكِ اسْتِيفَاؤُهُ مِنَ الْمَنَافِعِ مَلَكَ إِعَارَتَهُ إِذَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ، وَلأَِنَّهَا أَعْيَانٌ تَجُوزُ إِجَارَتُهَا فَجَازَتْ إِعَارَتُهَا. وَيَجُوزُ اسْتِعَارَةُ الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ لِيَزِنَ بِهَا أَوْ لِلتَّزَيُّنِ، فَإِنِ اسْتَعَارَهَا لِيُنْفِقَهَا فَهَذَا قَرْضٌ، وَقِيل: لَيْسَ هَذَا جَائِزًا وَلَا تَكُونُ الْعَارِيَّةُ فِي الدَّنَانِيرِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ: إِنَّهُ تَجُوزُ أَيْضًا إِعَارَةُ الْمُشَاعِ سَوَاءٌ أَكَانَ قَابِلاً لِلْقِسْمَةِ أَمْ لَا. وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْجُزْءُ الْمُشَاعُ مَعَ شَرِيكٍ أَمْ مَعَ أَجْنَبِيٍّ، وَسَوَاءٌ أَكَانَتِ الْعَارِيَّةُ مِنْ وَاحِدٍ أَمْ مِنْ أَكْثَرَ، لأَِنَّ جَهَالَةَ الْمَنْفَعَةِ لَا تُفْسِدُ الإِْعَارَةَ. وَلَمْ نَعْثُرْ عَلَى حُكْمِ ذَلِكَ عِنْدَ غَيْرِ الْحَنَفِيَّةِ. (1)
طَبِيعَتُهَا مِنْ حَيْثُ اللُّزُومُ وَعَدَمُهُ:
9 -
إِذَا تَمَّتِ الإِْعَارَةُ بِتَحَقُّقِ أَرْكَانِهَا وَشُرُوطِهَا، فَهَل تَلْزَمُ بِحَيْثُ لَا يَصِحُّ الرُّجُوعُ فِيهَا مِنَ الْمُعِيرِ أَوْ لَا تَلْزَمُ؟ ذَهَبَ جُمْهُورُ الْفُقَهَاءِ (الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ) إِلَى أَنَّ الأَْصْل أَنَّ لِلْمُعِيرِ أَنْ يَرْجِعَ فِي إِعَارَتِهِ مَتَى شَاءَ، سَوَاءٌ أَكَانَتِ الإِْعَارَةُ مُطْلَقَةً أَمْ مُقَيَّدَةً بِعَمَلٍ أَوْ وَقْتٍ، إِلَاّ أَنَّ الْحَنَابِلَةَ قَالُوا: إِنْ أَعَارَهُ شَيْئًا لِيَنْتَفِعَ بِهِ انْتِفَاعًا يَلْزَمُ مِنَ الرُّجُوعِ فِي الْعَارِيَّةِ فِي أَثْنَائِهِ ضَرَرٌ بِالْمُسْتَعِيرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ، لأَِنَّ الرُّجُوعَ يَضُرُّ بِالْمُسْتَعِيرِ، فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الإِْضْرَارُ بِهِ، مِثْل أَنْ يُعِيرَهُ لَوْحًا يُرَقِّعُ بِهِ سَفِينَتَهُ، فَرَقَّعَهَا بِهِ وَلَجَّجَ بِهَا فِي الْبَحْرِ، لَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ مَا دَامَتْ فِي
(1) ابن عابدين 4 / 767، والمغني 5 / 224 - 225، والشرح الصغير 3 / 572، ونهاية المحتاج 5 / 120.
الْبَحْرِ، وَلَهُ الرُّجُوعُ قَبْل دُخُولِهَا فِي الْبَحْرِ وَبَعْدَ الْخُرُوجِ مِنْهُ، لِعَدَمِ الضَّرَرِ فِيهِ.
وَقَال الْحَنَفِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ: إِذَا رَجَعَ الْمُعِيرُ فِي إِعَارَتِهِ بَطَلَتْ، وَتَبْقَى الْعَيْنُ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ بِأَجْرِ الْمِثْل إِذَا حَصَل ضَرَرٌ، كَمَنِ اسْتَعَارَ جِدَارَ غَيْرِهِ لِوَضْعِ جُذُوعِهِ فَوَضَعَهَا، ثُمَّ بَاعَ الْمُعِيرُ الْجِدَارَ، لَيْسَ لِلْمُشْتَرِي رَفْعُهَا، وَقِيل: لَهُ رَفْعُهَا إِلَاّ إِذَا شَرَطَ الْبَائِعُ وَقْتَ الْبَيْعِ بَقَاءَ الْجُذُوعِ. وَقَدِ ارْتَضَى الْقَوْل بِالرَّفْعِ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا، وَاعْتَمَدَهُ فِي تَنْوِيرِ الْبَصَائِرِ، وَقَالُوا أَيْضًا: إِنَّ لِلْوَارِثِ أَنْ يَأْمُرَ الْجَارَ بِرَفْعِ الْجُذُوعِ عَلَى أَيِّ حَالٍ. (1)
وَقَال الْمَالِكِيَّةُ: إِنْ أَعَارَ الْمُعِيرُ أَرْضًا لِلْبِنَاءِ أَوِ الْغِرَاسِ إِعَارَةً مُطْلَقَةً، وَلَمْ يَحْصُل غَرْسٌ وَلَا بِنَاءٌ فَلِلْمُعِيرِ الرُّجُوعُ فِي الإِْعَارَةِ وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَعَلَى غَيْرِ الْمُعْتَمَدِ يَلْزَمُهُ بَقَاءُ الأَْرْضِ فِي يَدِ الْمُسْتَعِيرِ الْمُدَّةَ الْمُعْتَادَةَ، وَإِنْ رَجَعَ الْمُعِيرُ بَعْدَ حُصُول الْغِرَاسِ وَالْبِنَاءِ فَلَهُ ذَلِكَ أَيْضًا، وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ إِخْرَاجُ الْمُسْتَعِيرِ مِنَ الأَْرْضِ وَلَوْ كَانَتِ الإِْعَارَةُ قَرِيبَةً، لِتَفْرِيطِ الْمُسْتَعِيرِ بِتَرْكِهِ اشْتِرَاطَ الأَْجَل، لَكِنْ مَاذَا يَلْزَمُ الْمُعِيرَ حِينَئِذٍ؟ فِي قَوْلٍ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ مَا أَنْفَقَ الْمُسْتَعِيرُ مِنْ ثَمَنِ الأَْعْيَانِ الَّتِي بَنَى بِهَا أَوْ غَرَسَهَا مِنْ أُجْرَةِ النَّقْلَةِ. وَفِي قَوْلٍ إِنَّ عَلَيْهِ دَفْعَ الْقِيمَةِ إِنْ طَال زَمَنُ الْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ لِتَغَيُّرِ الْغَرْسِ وَالْبِنَاءِ بِطُول الزَّمَانِ. وَفِي قَوْلٍ إِنَّ مَحَل دَفْعِ الْقِيمَةِ إِذَا كَانَتِ الأَْعْيَانُ الَّتِي بَنَى بِهَا الْمُسْتَعِيرُ هِيَ فِي مِلْكِهِ وَلَمْ يَشْتَرِهَا أَوْ كَانَتْ مِنَ الْمُبَاحَاتِ. وَمَحَل دَفْعِ
(1) ابن عابدين 4 / 768، وتحفة المحتاج 5 / 428، ونهاية المحتاج 5 / 130، والمغني 5 / 232 ط الرياض.