الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَلْيَشْرَبْهُ زَبِيبًا فَرْدًا، وَتَمْرًا فَرْدًا، وَبُسْرًا فَرْدًا} . (1) د - وَاسْتَدَلُّوا عَلَى إِبَاحَةِ الْخَلِيطَيْنِ بِمَا رَوَتْهُ عَائِشَةُ رضي الله عنها قَالَتْ:{كُنَّا نَنْتَبِذُ لِرَسُول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي سِقَاءٍ، فَنَأْخُذُ قَبْضَةً مِنْ تَمْرٍ، وَقَبْضَةً مِنْ زَبِيبٍ، فَنَطْرَحُهُمَا فِيهِ، ثُمَّ نَصُبُّ عَلَيْهِ الْمَاءَ فَنَنْتَبِذُهُ غَدْوَةً فَيَشْرَبُهُ عَشِيَّةً، وَنَنْتَبِذُهُ عَشِيَّةً فَيَشْرَبُهُ غَدْوَةً} (2) 14 - وَأَدِلَّتُهُمْ مِنَ الآْثَارِ: أ - مَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَمَّارِ بْنِ يَاسِرٍ رضي الله عنه: إِنِّي أُتِيتُ بِشَرَابٍ مِنَ الشَّامِ طُبِخَ حَتَّى ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، فَذَهَبَ مِنْهُ شَيْطَانُهُ وَرِيحُ جُنُونِهِ، وَبَقِيَ طِيبُهُ وَحَلَالُهُ، فَمُرِ الْمُسْلِمِينَ قِبَلَكَ، فَلْيَتَوَسَّعُوا بِهِ فِي أَشْرِبَتِهِمْ (3) . فَقَدْ نَصَّ عَلَى أَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الثُّلُثِ حَرَامٌ، وَأَشَارَ إِلَى أَنَّهُ مَا لَمْ يَذْهَبْ ثُلُثَاهُ فَالْقُوَّةُ الْمُسْكِرَةُ فِيهِ قَائِمَةٌ، وَرَخَّصَ فِي الشَّرَابِ الَّذِي ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ. ب - مَا رُوِيَ أَيْضًا عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه أَنَّهُ كَانَ يَشْرَبُ النَّبِيذَ الشَّدِيدَ، وَأَنَّهُ هُوَ وَعَلِيٌّ وَأَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ وَمُعَاذُ بْنِ جَبَلٍ وَأَبُو الدَّرْدَاءِ وَأَبُو مُوسَى الأَْشْعَرِيُّ أَحَلُّوا الطِّلَاءَ، وَكَانُوا يَشْرَبُونَهُ، وَهُوَ: مَا ذَهَبَ ثُلُثَاهُ وَبَقِيَ ثُلُثُهُ، وَقَال عُمَرُ: هَذَا الطِّلَاءُ
(1) حديث أبي سعيد رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن التمر. . . . " أخرجه مسلم (3 / 1574، 1575 - ط الحلبي) .
(2)
حديث عائشة: " كنا ننتبذ. . . . . " أخرجه ابن ماجه (2 / 1126 - ط الحلبي) ، وأعله الشوكاني في النيل بجهالة أحد رواته (8 / 193 ط الحلبي) .
(3)
نيل الأوطار 8 / 197، والبدائع 6 / 2944 وما بعدها، والمبسوط 24 / 5 وما بعدها.
مِثْل طِلَاءِ الإِْبِل، ثُمَّ أَمَرَ بِشُرْبِهِ، وَكَانَ عَلِيٌّ يَرْزُقُ النَّاسَ طِلَاءً يَقَعُ فِيهِ الذُّبَابُ، فَلَا يَسْتَطِيعُ الْخُرُوجُ مِنْهُ، أَيْ لِحَلَاوَتِهِ.
حُكْمُ الأَْشْرِبَةِ الأُْخْرَى:
15 -
تَقَدَّمَ أَنَّ مَذْهَبَ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ تَحْرِيمُ كُل شَرَابٍ مُسْكِرٍ قَلِيلُهُ وَكَثِيرُهُ، وَعَلَى هَذَا فَإِنَّ الأَْشْرِبَةَ الْمُتَّخَذَةَ مِنَ الْحُبُوبِ وَالْعَسَل وَاللَّبَنِ وَالتِّينِ وَنَحْوِهَا يَحْرُمُ شُرْبُ قَلِيلِهَا إِذَا أَسْكَرَ كَثِيرُهَا، وَبِهَذَا قَال مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَهُوَ الْمُفْتَى بِهِ عِنْدَهُمْ (1) . وَذَلِكَ لِلأَْدِلَّةِ الْمُتَقَدِّمَةِ مِنْ أَنَّ " كُل شَرَابٍ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُل خَمْرٍ حَرَامٌ " وَغَيْرُ ذَلِكَ. وَرَأْيُ الْجُمْهُورِ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ، وَعَلِيٍّ، وَابْنِ مَسْعُودٍ، وَابْنِ عُمَرَ، وَأَبِي هُرَيْرَةَ، وَسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، وَأَنَسٍ، وَعَائِشَةَ، وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، وَالنُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ، وَمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ، وَغَيْرِهِمْ مِنْ فُقَهَاءِ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم. وَبِذَلِكَ قَال ابْنُ الْمُسَيَّبِ، وَعَطَاءٌ، وَطَاوُسٌ وَمُجَاهِدٌ، وَالْقَاسِمُ، وَقَتَادَةُ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وَأَبُو ثَوْرٍ، وَأَبُو عُبَيْدٍ، وَإِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ، وَالأَْوْزَاعِيُّ، وَجُمْهُورُ فُقَهَاءِ الْحِجَازِ، وَجُمْهُورُ الْمُحَدِّثِينَ عَنْ فُقَهَاءِ التَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ (2) .
تَفْصِيلَاتٌ لِبَعْضِ الْمَذَاهِبِ فِي بَعْضِ الأَْشْرِبَةِ:
16 -
اخْتَلَفَ الْمَالِكِيَّةُ وَالشَّافِعِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ فِي حُكْمِ
(1) البدائع 5 / 2946، وتبيين الحقائق 6 / 46 - 47، وابن عابدين 5 / 292 - 293.
(2)
المغني 8 / 305 وما بعدها، والمواق 6 / 318، ومغني المحتاج 4 / 186، 187، والمنتقى على الموطأ 3 / 147، والروضة 10 / 168.