الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْعَذَابِ.
وَوَجْهُ الاِسْتِدْلَال بِالثَّانِيَةِ: أَنَّ فِيهَا دَلِيلاً عَلَى أَنَّ الإِْمَامَ يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَقْبَل عُذْرَ رَعِيَّتِهِ، وَيَدْرَأَ الْعُقُوبَةَ عَنْهُمْ فِي ظَاهِرِ أَحْوَالِهِمْ بِبَاطِنِ أَعْذَارِهِمْ، لأَِنَّ سُلَيْمَانَ لَمْ يُعَاقِبِ الْهُدْهُدَ حِينَ اعْتَذَرَ إِلَيْهِ. (1)
الإِْعْذَارُ فِي الرِّدَّةِ (الاِسْتِتَابَةُ) :
10 -
(الرِّدَّةُ) : الرُّجُوعُ عَنِ الإِْسْلَامِ قَوْلاً أَوْ فِعْلاً عَلَى خِلَافٍ وَتَفْصِيلٍ فِيمَا يَكُونُ رِدَّةً أَوْ لَا يَكُونُ، يُنْظَرُ تَحْتَ عِنْوَانَيْ:(إِسْلَامٌ، رِدَّةٌ) .
حُكْمُ الإِْعْذَارِ إِلَى الْمُرْتَدِّ:
11 -
مَذْهَبُ الْحَنَفِيَّةِ، وَقَوْلٌ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَرِوَايَةٌ عَنِ الإِْمَامِ أَحْمَدَ أَنَّ اسْتِتَابَةَ الْمُرْتَدِّ مُسْتَحَبَّةٌ وَلَيْسَتْ وَاجِبَةً، فَقَدْ قَال الْحَنَفِيَّةُ: مَنِ ارْتَدَّ عُرِضَ عَلَيْهِ الإِْسْلَامُ اسْتِحْبَابًا عَلَى الْمَذْهَبِ، وَتُكْشَفُ شُبْهَتُهُ وَيُحْبَسُ وُجُوبًا، وَقِيل: نَدْبًا ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ يُعْرَضُ عَلَيْهِ الإِْسْلَامُ فِي كُل يَوْمٍ مِنْهَا إِنْ طَلَبَ الْمُهْلَةَ لِيَتَفَكَّرَ، فَإِنْ لَمْ يَطْلُبْ مُهْلَةً بَعْدَ عَرْضِ الإِْسْلَامِ عَلَيْهِ وَكَشْفِ شُبْهَتِهِ قُتِل مِنْ سَاعَتِهِ، إِلَاّ إِذَا رُجِيَ إِسْلَامُهُ فَإِنَّهُ يُمْهَل، قِيل: وُجُوبًا، وَقِيل: اسْتِحْبَابًا، وَهُوَ الظَّاهِرُ.
وَإِذَا ارْتَدَّ ثَانِيًا ثُمَّ تَابَ ضَرَبَهُ الإِْمَامُ وَخَلَّى سَبِيلَهُ، وَإِنِ ارْتَدَّ ثَالِثًا ضَرَبَهُ الإِْمَامُ ضَرْبًا وَجِيعًا وَحَبَسَهُ حَتَّى تَظْهَرَ عَلَيْهِ آثَارُ التَّوْبَةِ، وَيَرَى أَنَّهُ مُخْلِصٌ ثُمَّ يُخَلِّي سَبِيلَهُ، فَإِنْ عَادَ فُعِل بِهِ هَكَذَا.
لَكِنْ نَقَل ابْنُ عَابِدِينَ عَنْ آخَرِ حُدُودِ الْخَانِيَّةِ
(1) تفسير القرطبي 10 / 231 - 232، 13 / 189، وتهذيب الفروق 4 / 129.
مَعْزِيًّا لِلْبَلْخِيِّ مَا يُفِيدُ قَتْلَهُ بِلَا اسْتِتَابَةٍ، لِحَدِيثِ: مَنْ بَدَّل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ (1) ، وَكُرِهَ تَنْزِيهًا قَتْلُهُ قَبْل الْعَرْضِ عَلَيْهِ، فَإِنْ قَتَلَهُ قَبْل الْعَرْضِ فَلَا ضَمَانَ، لأَِنَّ الْكُفْرَ مُبِيحٌ لِلدَّمِ.
وَاسْتَدَل الْقَائِلُونَ بِعَدَمِ وُجُوبِ الاِسْتِتَابَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَال: مَنْ بَدَّل دِينَهُ فَاقْتُلُوهُ وَلَمْ يَذْكُرِ اسْتِتَابَتَهُ.
وَمَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ، وَالْمُعْتَمَدُ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ، وَالْمَذْهَبُ عِنْدَ الْحَنَابِلَةِ. أَنَّ الْمُرْتَدَّ لَا يُقْتَل حَتَّى يُسْتَتَابَ وُجُوبًا، وَمُدَّةُ الاِسْتِتَابَةِ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ، وَفِي قَوْلٍ لِلشَّافِعِيَّةِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا، وَفِي قَوْل ابْنِ الْقَاسِمِ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ، أَنَّهُ يُسْتَتَابُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ، قَال الْمَالِكِيَّةُ: وَالأَْيَّامُ الثَّلَاثَةُ، هِيَ مِنْ يَوْمِ الثُّبُوتِ لَا مِنْ يَوْمِ الْكُفْرِ، وَلَا يُحْسَبُ يَوْمُ الرَّفْعِ إِلَى الْحَاكِمِ، وَلَا يَوْمُ الثُّبُوتِ إِنْ كَانَ الثُّبُوتُ بَعْدَ طُلُوعِ الْفَجْرِ، وَلَا يُعَاقَبُ بِجُوعٍ وَلَا عَطَشٍ وَلَا بِأَيِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْعِقَابِ، وَإِنْ لَمْ يَعُدْ بِالتَّوْبَةِ فَإِنْ تَابَ تُرِكَ، وَإِنْ لَمْ يَتُبْ قُتِل، وَفِي قَوْلٍ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ: أَنَّ الْمُرْتَدَّ يُقْتَل فِي الْحَال بِلَا اسْتِتَابَةٍ.
دَلِيل الْقَائِلِينَ بِالْوُجُوبِ:
12 -
احْتَجَّ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ الاِسْتِتَابَةِ بِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ أَنْ يُسْتَتَابَ (2) الْمُرْتَدُّ، وَبِمَا رَوَى الإِْمَامُ
(1) حديث: " من بدل دينه فاقتلوه ". أخرجه البخاري (فتح الباري 6 / 149 ط السلفية) .
(2)
حديث: " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أن يستتاب المرتد ". أخرجه الدارقطني (3 / 119 - ط دار المحاسن) عن جابر بلفظ: " ارتدت امرأة عن الإسلام: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعرضوا عليها الإسلام " وضعفه ابن حجر في التلخيص (4 / 49 - ط دار المحاسن) .