الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الخاء
* * *
135 - الخياط الزرهونى
.
حاله: ولد بمدشر العامة من جبل زرهون، ثم رحل لفاس فقرأ القرآن بالروايات العشر وأتقن حفظها، وقرأ الخزرجية والقلصادى والمنية، ومهر في الحساب والفرائض والتاريخ وأيام الناس وسياسة الملوك، ثم اتخذ مكتبا لتعليم الصبيان بحومة زقاق الحجر من مدينة فاس، ثم رشحه جارى الحومة المذكورة لمباشرة زمام ما يقبضه من اللوازم، ثم صار يباشر زمامات سائر المكلفين بقبض الأداءات البلدية بسائر حومات فاس، وعددها إذ ذاك أربعة وعشرون حومة وبجميع حسابات ذلك.
فقريه واصطفاه إليه عامل فاس إذ ذاك من قبل السلطان سيدنا الجد مولانا إسماعيل وهو أبو على الروسى، فولاه على الجميع حتَّى لم يبق لأحد معه في تلك الجهة من الأمر شيء، حتَّى صار يضرب المغارم على من يستمع للوعاظ والقصاص بمسجد القرويين، ويوقع القبض على من لم يؤد ما وظف عليه من المغرم، فترك الناس لذلك الإتيان للمسجد والاستماع للوراقين.
ثم لما أراد الله أفول طالع ظلمه، وإراحة المسلمين من بغيه، اتفق أن قدم لفاس اسى المؤذن مسامر مولانا الجد السلطان مولانا إسماعيل لزيارة ابنته في مرض أصابها، فدخل لمسجد القرويين بقصد سماع كتاب الحلية من القلص، فوجد المسجد فارغا لا يسمع من الوعاظ إلا النزر القليل من الناس، فبحث عن السبب فأخبر بفعل المترجم فأسرها في نفسه.
ولما رجع لمكناس وجلس مع السلطان على عادته سأله عن أحوال الناس
وعن الأسعار والرخاء وتأمين البلاد والطرق وعمارة المساجد وقراءة العلم وأهل الدين والخير وسيرة عماله فيهم، فأخبره عن ذلك، إلى أن بلغ لخبر القرويين فأخبره بفعل الخياط المذكور مترجما فيها.
فاغتاظ لذلك الفعل السيئ الشنيع وأصدر أمره حالا لعامله أبي على الروسى مضمنه: وليتك أمر المسلمين لتنظر إليهم بعين الشفقة والرحمة وتسعى في المصالح فإذا بك أطلقت عليهم في كل حومة سفيها ابن زنا يكل لحومهم ويمص دماءهم ومن سلمه الله منه يتبعه للمسجد الأعظم ويقبض عليه فيه ويسجنه، فإن كان هذا في علمك فسترى إن شاء الله منى ما تكره، وان لم يكن عن إذنك فعلى بهؤلاء، فإن تركت منهم أحدا فإنك مكانه وكلكم راع والكل مسئول عن رعيته. فقبض القائد المذكور على جميعهم امتثالا للأمر العالى وجعل لهم الأغلال والسلاسل إلا المترجم تفلت واستجار بحرم مولانا إدريس رضي الله عنه، فكلف العسس بالقبض عليه عندما يخرج لقضاء حاجة الإنسان، فقبض عليه بالكنف، وفتحوا في أحد جدرانه نقبا أخرجوه منه فغل وقيد ولحق بإخوانه، وسار بالجميع العامل المذكور، فلما مثلوا بين يديه أمر بضرب أعناقهم ردعا لأمثالهم وإراحة للمسلمين منهم، وضمت أموالهم لبيت مال المسلمين، وأمر السلطان العامل أبا على بأن لا يزيد على جاريين أحدهما على اللمطيين والآخر على الأندلسيين، وأمر السلطان أن لا يعطى للجارى سوى موزونتين، ولجارى الحبس سوى موزونة، ولعون الشرع سوى نصف موزونة، فمن زاد على ذلك ضربت عنقه، وبسبب ذلك اطمأنت البلاد والعباد، وانطفأت نيران ذوى الجور والفساد.
وفاته: قتل بمكناس صبرا عام خمسة أو أربعة وعشرين ومائة وألف.