الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
زينته وأراد أن يركب فرسًا لم يركب قط ورديا في لونه وحضر من حضر من أصحابه فنهاه عن ركوبه قائلا له: إنه فرخ شرير لم يركب قط وما تعلم ما يصدر منه فأبى، وقال ما عسى أن يصدر منه! كم ركبت من فرس جموح فغلبته وأذعن تحتى، وأمر به فأسرج وركبه داخل الرياض فما استوى على ظهره حتَّى شرد به وجمح فمر به على عود من ليمونة به أثر قطع الحديد محرفا فدخل العود في عنقه ما بين الودج والترقوة من الظهر فتركه معلقا به وزاد الفرس في جموحه وشروده، وكان أمر الله قدرا مقدورا، وأنشأ الشعراء في موته على الحالة المذكورة قطعًا وقصائد مضمنها أن عود الليمون غار عليه فقبضه ولم يفلته وقد رمز لوفاته صاحب الدر السنى بقوله (فشب) 1082 من قصيدة فقال:
وأما الرشيد بن الشريف إمامهم
…
(فشب) له نصر بملك مكمل
1082
141 - راشد بن منصة الأوربى خديم آل بين الرسول المخلص مولى الإمام الأكبر رحمه الله ورضى عنه
.
حاله: صرح غير واحد من ثقات المؤرخين ومحققيهم بأنه كان له إلمام بالعلوم ومعرفة تامة بالسياسة والأخبار وأيام العرب ووقائعها والفروسية والرماية ومكايد الحرب، ذا قوة وحزم ونجدة وإقدام ودهاء ونباهة ودين متين، وثبات ورسوخ وأمانة، وصلاح وورع وزهد وتقى وإخلاص حب ونصيحة في آل بيت الرسول، يوالى بموالاتهم ويعادى بمعاداتهم، وكفاه فخرا وشرفا أنَّه من أهل القرون الثلاثة المشهود لهم بالفضل على لسان من لا ينطق عن الهوى، وما أبداه من صدق الولاء والقيام بسائر الشئون والخدمات اللازمة لجناب بضعة الرسول الغضة الطرية شمس اليمن والفلاح المشرقة بالديار المغربية، مولانا إدريس بن عبد الله الكامل، وبذل نفسه النفيسة ابتغاء مرضاته، خرج معه خديما ودليلا وحارسا
ومعززا ونديما، ولم يزل تحت أوامره يصافيه ويصطفيه ظعنا وإقامة إلى أن نقله الله إليه شهيدا.
وبالغ جهده وطاقته في الأخذ بثأره من المارق الممقوت اللعين سليمان بن جرير المعروف بالشماخ، فاقتفى أثره إلى أن لحقه بوادى ملوية فضربه بسيفه ضربات قطع بإحداهن يده وأثخنه بالباقى جراحا، ومع ذلك عبر الوادى فأعجز المترجم لحاقه فرجع وجهز مولانا إدريس ودفنه، ثم ألح القوم عليه بالقيام بأمرهم كما كان مولاه من قبله إلى أن تضع جاريته كنزة حملها، فإن وضعت ذكرا بايعوه، وإن وضعت أنثى لم يعدلوا عنه، لأنه أحقّ بالإمامة من غيره لعلمه وفضله ودينه وشهامته ونصحه لملة الإسلام.
فقام بالأمر أحسن قيام، وجعل في حكمه بينهم الكتاب والسنة إمام، وحفظ حرمة مولانا إدريس في أهله وولده من بعده حملا ورضيعا إلى أن شب على هدى سلفه في صيانة وعفاف، وتحلى بأشرف الأوصاف، وتجلى على منصة الجلال والكمال، حفظ القرآن وهو ابن ثمانية أعوام وتفهمه وتعلم السنة والسياسة وحفظ أشعار العرب واستطلع على سياستها وأمثالها وحكمها ووقائعها وحروبها ودربه على الرماية بالسهام وركوب الخيل وخدع الحرب والمكر والفر، ولما بلغ من السن إحدى عشرة سنة أخذ له البيعة العامة على المنشط والمكره من سائر القبائل.
وأصل راشد هذا قيل من المغرب وبه نشأ أوربى من القبيلة الشهيرة وهو ابن منصة، سبى مع أبيه في غزوة موسى بن نصير، وقفل معه إلى المشرق، وقيل: من المولدين، وقيل: من العرب من موالى العلويين، وقيل: غير ذلك والله أعلم بحقيقة الأمر، وأيا كان فله يد بيضاء في الإسلام وفضل لا ينكر، وأثيل مجد يجب أن يذكر به ما طلع نجم ويشكر.