الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
191 - محمد بن عمر بن الفتوح التلمسانى أصلا المكناسى المقام والوفاة
.
حاله: علامة ورع ناسك زاهد منقطع للعبادة، يأوى إلى المساجد الخالية ويعمرها بتلاوة القرآن العظيم، حسن المنظر، نظيف الثياب، وهو أول من أدخل مختصر خليل لهذه البلاد عام خمسة وثمانمائة، انتقل من تلسمان إلى فاس، وكان يدرس ألفية ابن مالك بالمدرسة المتكولية، ويقيم أوده بالجامكية المترتبة عليها، ثم عرضت عليه رياسة التدريس للفقه بمدرسة العطارين، وكان يسكن ببيت على بابها يشرف على السوق.
فاستخار الله تعالى فرأى في المنام عجوزا شمطاء سيقت له في عمارية بأنواع الملاهى، فعلم أنها الدنيا فلم يقبلها، وكان يقول سبب ارتحالى لفاس في طلب الفقه مسألتان سئلنا عنهما فلم يحضرنا جواب مع شهرتهما، مسألة المكثر من النذور وهى في كتاب الأيمان والنذور من المدونة، ومسألة من اشترى جارية فشرط أنها ثيب فألفاها بكرا، ما حضر أصحابنا فيها شئ غير أنهم قالوا هذا كمن تلف له قب ووجد حماما، وهى منصوصة في نوازل ابن سهل، أنه إن شرط ذلك لغرض كما إذا كان شيخا كبيرا لا يطيق الافتراع، أو كان حلف أن لا يطأ بكرًا وأن لا يملكها فله ردها وإلا فلا.
قال ابن غازى: حدثنى شيخنا أبو زيد القرمونى وكان ارتحل إليه من فاس والى رفيقه عبد الله بن حمد فخدمهما تسعة أعوام، وأن سبب انتقاله من تلمسان أنه كان من نجباء طلبتها وكان شابا حسن الصورة مليح الشارة، فمرت به امرأة جميلة فجعل ينظر لمحاسنها من طرف خفى، فقالت: اتق الله يا بن الفتوح يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور، فانتفع بكلامها، فزهد في الدنيا فخرج من وطنه ولحق بفاس هـ.
وكان يضيق ذرعه من مخالطة من لا يحفظ لسانه عن الغيبة وغيرها من كلام الهجر، ويتمنى أن لو وجد رفقاء يعينونه على الخير، فدله بعض الناصحين على الشيخ الصالح أبى محمد عبد الله بن حمد وأصحابه، فارتحل إليه بمدينة مكناسة فظفر ببغيته، وصار كما قيل وافق شن طبقة، وافقه فاعتنقه.
وقرأ البخارى بمكناسة عند خزانة الكتب من مسجدها الأعظم، وكان بينه وبين شيخ الجماعة أبى محمد عبد الله العبدوسى وُدّ وَإخاء، وكل منهما يفيد صاحبه.
قال ابن غازى: حدثنى شيخنا القورى أنه -يعنى المترجم- مرضت إحدى يديه فلم يتمكن له مسح أذنيه إلا باليد الصحيحة، فمسح اليمنى وأراد مسح اليسري فأشكل عليه الأمر في استئناف الماء، ولم يذكر فيه نصا وجدد فكتب لصاحبه العبدوسى يخبره بما فعل، وهل عنده فيها نص فأجابه لا أذكر فيها نصا، ولو نزل بى مثله لفعلت فعلك.
مشيخته: أخذ عن فحول علماء بلده تلمسان، وعن شيخ الجماعة بفاس أبى موسى عيسى بن علال المصمودى، وعن الولى الصالح المتبرك به حيا وميتا عبد الله بن محمد بمكناس.
الآخذون عنه: منهم العلامة أبو زيد القرمونى وجماعة.
مؤلفاته: منها الوثائق المجموعة في جزءين.
وفاته: توفى مطعونا عام ثمانية عشر وثمانمائة طعن وهو يقرأ البخارى بالمسجد الأعظم، فحمل لبيته في المدرسة فلقن عند الموت، فقال لمن لقنه: الشغل بالذكر عن المذكور غفلة.