المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌مع نابولى فوقع لهم بعد الخروج مثل ما وقع لهم أولا - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٣

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌124 - الحسن بن عثمان بن عَطِيَّة التجانى المكناسى المعروف بالوَنْشَرِيسى أبو على

- ‌126 - الحسن أبو الطيب بن محمد السهلى الشهير بآمكراز

- ‌127 - الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن حرزوز المكناسى أبو على

- ‌128 - حسن نور الدين بن أحمد بن العباس بن أبي سعيد المكناسى

- ‌129 - الحسن بن رحال بن أحمد بن على التدلاوى ثم المعدانى -كذا قرأته فيما كتبه بخطه منه نقلت- الإمام الكبير أبو على

- ‌130 - حمادى أبو المواهب بن عبد الواحد الحمادى نسبة لفخذ من قبيلة برابرة بنى مطير الشهيرة الشهير بالمكناسى

- ‌131 - الحسن بن مبارك السوسى المكناسى الوفاة الولى الصالح المجذوب المكاشف

- ‌132 - الحارث بن المفضل الحسناوى السهلى أصلا المكناسى دارا

- ‌133 - الحسن بن مولاى المهدى بن مولاى أحمد بن مولاى المهدى

- ‌134 - الحسين بن الحسن بن حفيد بن محمد -فتحا- بن زين العابدين بن فخر الملوك مولانا إسماعيل الحسنى

- ‌حرف الخاء

- ‌135 - الخياط الزرهونى

- ‌136 - الخياط الخياطى من عقب الولى الصالح سيدى عبد الله الخياط، دفين جبل زرهون

- ‌137 - خناثة بنت الشيخ الأكبر الأشهر بكار بن على بن عبد الله المغافرى السيدة المباركة زوج سيدنا الجد الأعظم مولانا إسماعيل سلطان المغرب

- ‌138 - خليل بن الخالدى

- ‌حرف الدال

- ‌139 - الدبيز: المجذوب المطلسم

- ‌حرف الراء

- ‌140 - الرشيد: بن الشريف بن على الشريف دفين مراكش

- ‌علائقه السياسية

- ‌بناءاته وآثاره

- ‌141 - راشد بن منصة الأوربى خديم آل بين الرسول المخلص مولى الإمام الأكبر رحمه الله ورضى عنه

- ‌142 - رحمة بنت الجنان زوجة أبي عبد الله محمد بن عزوز الصنهاجى

- ‌143 - روان المدعو أبا الروائن ابن محمد بو مدين بن عبد السلام بن على

- ‌حرف الزاي

- ‌144 - زيدان أبو المعالى ابن السلطان أبي العباس أحمد المنصور الذهبي فخر الملوك السعديين

- ‌145 - زين العابدين السلطان بن السلطان مولانا إسماعيل الجد الأعظم

- ‌146 - زكرياء الفران أبو يحيى:

- ‌147 - زيدان أبو محمد سيدنا الجد ابن فخر الملوك العظام، مولاة إسماعيلابن الشريف بن على الحسنى السجلماسى

- ‌حرف الطاء

- ‌148 - الطيب بن الشيخ سيدى الشاذلى بن العارف سيدى محمد - فتحا

- ‌149 - الطيب بن عبد الرحمن بن أبي القاسم بن القاضي

- ‌150 - الطيب بن محمد بصرى المكناسى قاضيها

- ‌151 - الطيب بصرى المكناسى الدار والقرار

- ‌152 - الطيب بن الشريف النقيب مولاى على الشريف القادرى

- ‌153 - الطيب بن إبراهيم بسير -بسين مهملة مشددة- الأندلسى الأصل الرباطى الدار والإقبار قاضيها

- ‌154 - الطيب أبو محمد بن الفقيه العدل السيد أحمد غازى المكناسى

- ‌155 - الطبب البيجرى

- ‌156 - الطيب الزكارى

- ‌157 - الطيب الفيلالى

- ‌158 - الطيب ابن الفقيه الكاتب السيد عبد الرحمن كدران -بالقاف المعقودة- المكناسى

- ‌159 - الطيب الحناش

- ‌160 - الطيب بن عبد السلام الواسترى

- ‌161 - الطيب أبو الإجلال ابن العدل الثقة أبي زيد عبد الرحمن بن محمد

- ‌162 - الطيب بن العلامة السيد محمد -فتحا- بن العلامة السيد الطيب بصرى الولهاصى

- ‌163 - الطيب بن اليمانى بن أحمد بوعشرين الأنصاري الخزرجى

- ‌164 - الطيب بن إدريس بن الفضيل بن محمد دعى حم بن هاشم بن حم آل سيدى على منون

- ‌165 - قاضيها: الطالب بن العلامة القاضي السيد عبد الواحد بن العلامة المحدث الشهير محمد -فتحا- البوعنانى الفاسى ثم المكناسى

- ‌166 - الطاهر بن عثمان المكناسى

- ‌167 - الطاهر بن محمد بن المكي بن حساين المكناسى

- ‌168 - الطاهر بن الحاج الهادي بن العناية بن محمد بن أحمد

- ‌169 - الطاهر بن الهادي بن أحمد بن المجذوب الفقيه

- ‌170 - الطيب بن العناية بَنُّونَة الضرير

- ‌171 - الطيب بن عبد الله محمد بن الطاهر بن عبد القادر بن عبد الله بن فخر الملوك مولانا إسماعيل

- ‌حرف الكاف

- ‌172 - الكمال أبو البركات بن أبى زيد المكناسى

- ‌173 - الكامل بن عبد الله بن الطاهر بن محمد

- ‌حرف الميم

- ‌174 - مبارك أبو النور بن العالم العلم أبو التوفيق سالم الشيظمى المكناسى الدار والوفاة

- ‌175 - مبارك بن عبد الله بن محمد السجلماسى أصلا، الفيضى منشأ المكناسى دارا ووفاة

- ‌176 - محمد فتحا السلطان أبو البشائر بن أبي الأملاك والسلاطين المولى الشريف بن على الحسنى الينبوعى السجلماسى

- ‌177 - محمد المدعو الكبير أبو عبد الله بن السلطان الأعظم أبى النصر إسماعيل. المعروف بولد عريبة

- ‌178 - محمد بن عبد الله بن إسماعيل المالكى

- ‌مولده وشيوخه وحجته:

- ‌صفته وحاله:

- ‌خلافته بمراكش:

- ‌بيعته، وبعض حوادث أيامه:

- ‌محبته للعلم واعتناؤه بأهله

- ‌اختياراته المذهبية وما رأى من المصلحة حمل القضاة والمدرسين عليه

- ‌نصيحته للأمة

- ‌عطاياه وأحباسه:

- ‌التراتيب والمداخيل المالية في عهده

- ‌اهتمامه بالأساطيل البحرية واعتنناؤه برياسها

- ‌السفينة الأولى:

- ‌السفينة الثانية:

- ‌السفينة الثالثة:

- ‌السفينة الرابعة:

- ‌السفينة الخامسة:

- ‌السفينة السادسة:

- ‌السفينة السابعة:

- ‌السفينة الثامنة:

- ‌السفينة التاسعة:

- ‌السفينة العاشرة:

- ‌علائقه السياسية

- ‌مع فرنسا

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط العشرون:

- ‌مع السويد

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرين:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌الشرط الثالث والعشرون:

- ‌مع الدنمرك

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌السادس عشر:

- ‌السابع عشر:

- ‌الثامن عشر:

- ‌التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌مع البرتغال

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌مع الدولة العثمانية

- ‌علائقه مع إسبانيا

- ‌مع مالطة

- ‌مع نابولى

- ‌فتوحاته

- ‌آثاره

- ‌سككه

- ‌قضاته:

- ‌وزراؤه

- ‌كتابة

- ‌شعراؤه

- ‌سفراؤه

- ‌عماله

- ‌نقباؤه على الأشراف

- ‌نظاره

- ‌أولاده

- ‌مؤلفاته

- ‌وفاته

- ‌179 - محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان

- ‌بعض ما قام به من الأعمال ذات البال بعد جلوسه على العرش

- ‌حرب تطوان

- ‌علائقه السياسية

- ‌مع الدولة الإصبانية

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط العشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌الشرط الثالث والعشرون:

- ‌الشرط الرابع والعشرون:

- ‌الشرط الخامس والعشرون:

- ‌الشرط السادس والعشرون:

- ‌الشرط السابع والعشرون:

- ‌الشرط الثامن والعشرون:

- ‌الشرط التاسع والعشرون:

- ‌الشرط الثلاثون:

- ‌الشرط الحادى والثلاثون:

- ‌الشرط الثانى والثلاثون:

- ‌الشرط الثالث والثلاثون:

- ‌الشرط الرابع والثلاثون:

- ‌الشرط الخامس والثلاثون:

- ‌الشرط السادس والثلاثون:

- ‌الشرط السابع والثلاثون:

- ‌الشرط الثامن والثلاثون:

- ‌الشرط التاسع والثلاثون:

- ‌الشرط الأربعون:

- ‌الشرط الحادى والأربعون:

- ‌الشرط الثانى والأربعون:

- ‌الشرط الثالث والأربعون:

- ‌الشرط الرابع والأربعون:

- ‌الشرط الخامس والأربعون:

- ‌الشرط السادس والأربعون:

- ‌الشرط السابع والأربعون:

- ‌الشرط الثامن والأربعون:

- ‌الشرط التاسع والأربعون:

- ‌الشرط الخمسون:

- ‌الشرط الحادى والخمسون:

- ‌الشرط الثانى والخمسون:

- ‌الشرط الثالث والخمسون:

- ‌الشرط الرابع والخمسون:

- ‌الشرط الخامس والخمسون:

- ‌الشرط السادس والخمسون:

- ‌الشرط السابع والخمسون:

- ‌الشرط الثامن والخمسون:

- ‌الشرط التاسع والخمسون:

- ‌الشرط الستون:

- ‌الشرط الحادى والستون:

- ‌الشرط الثانى والستون:

- ‌الشرط الثالث والستون:

- ‌الفصل الرابع والستون:

- ‌مع الدولة الفرنسية

- ‌مع الدولة الأمريكية

- ‌حساب الموازنة والدفاتر المالية في عصره

- ‌آثاره

- ‌كيف كان نهوض ركابه

- ‌وزراؤه

- ‌حاجبه وقائد ومشوره

- ‌كتابه

- ‌سفراؤه

- ‌خلفاؤه

- ‌نوابه بطنجة

- ‌قضاته

- ‌نظاره

- ‌محتسبوه

- ‌نقباؤه

- ‌عماله

- ‌قواده

- ‌أمناؤه

- ‌أولاده

- ‌بعض ما قيل فيه من المديح

- ‌وفاته

- ‌180 - محمد بن عيسى بن القاسم الصدفى من أهل طليطلة يكنى أبا عبد الله

- ‌181 - محمد بن حماد بن محمد زغبوش المكناسى

- ‌182 - محمد بن عبدون بن قاسم الخزرجى نسبة المكناسى دارًا ووفاة

- ‌183 - محمد بن قاضى مكناسة أحمد بن أبى العافية المكناسى يعرف بالأحول

- ‌184 - محمد بن قاسم بن محمد الأنصارى المالقى الشهير بابن قاسم الضرير

- ‌185 - محمد بن ورياش -بفتح الواو وسكون الراء وفتح الياء مشبعة- قاضيها أبو عبد الله

- ‌186 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الصنهاجى عرف بابن الحداد المكناسى

- ‌187 - محمد بن أبى الفضل بن الصباغ الخزرجى المكناسى

- ‌188 - محمد بن أحمد بن أبى عفيف المكناسى

- ‌189 - محمد بن الشيخ الشريف أبى حامد أحمد بن إبراهيم الحسنى المكناسى

- ‌190 - محمد بن موسى بن محمد بن معطى العبدوسى -بفتح العين وسكون الباء وضم الدال

- ‌191 - محمد بن عمر بن الفتوح التلمسانى أصلا المكناسى المقام والوفاة

- ‌192 - محمد أبو عبد الله بن سعيد بن محمد المكلانى المكناسى

- ‌193 - محمد المكناسى

- ‌194 - محمد بن أبي طالب بن أحمد بن على بن أحمد المكناسى نسبة للقبيلة ثم العياضى عرف بابن السكاك من أبناء أبي العافية

- ‌195 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن اليفرنى الشهير بالمكناسى الفاسى بكنى أبا عبد الله

- ‌196 - محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن جابر الغسانى المكناسى

- ‌197 - محمد بن أحمد بن أبى يحيى التلمسانى شهر بالحباك

- ‌198 - محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القورى اللخمى

- ‌199 - محمد القطرانى أبو عبد الله

- ‌200 - محمد بن أبي البركات الحسنى الحاج المجاور

- ‌201 - محمد بن سعيد الحباك القيجميسى المكناسى أخو أحمد بن سعيد المتقدم الترجمة

- ‌202 - محمد بن عيسى بن عبد الله بن حرزوز

- ‌203 - محمد بن عبد العزيز المعروف بالحاج عزوز الصنهاجى المكناسى

- ‌204 - محمد بن على بن أبى رمانة المكناسى قاضيها أبو عبد الله

- ‌205 - محمد بن عبد الله بن محمد

الفصل: ‌ ‌مع نابولى فوقع لهم بعد الخروج مثل ما وقع لهم أولا

‌مع نابولى

فوقع لهم بعد الخروج مثل ما وقع لهم أولا عند الخروج من قادس، واضطروا للرجوع لمرسى مالطة، وبقوا هناك ثلاثة أيام كان يتردد عليهم فيها كبار المدينة يهنئونهم بالسلامة ويدعونهم للعودة لمحلهم، ثم ساعدت الرياح فسار بهم المركب إلى نابولى، فلما وصلها أرسل صاحبها (الملك فرناند الرابع) أحد الأعيان عنده للسلام على السفارة وإبلاغها اشتياقه لرؤيتها، وأن الحجر الصحى ساقط عنها، ودعاها للنزول من يومها، ولكنها تأخرت للغد، وفيه جاءت الزوارق تحمل الأعيان ونواب الملك لإنزال السفارة، ولما نزلت من مركبها أخرج مدافعه تحية لها، ووجدوا على ساحل المدينة أفواج الخلائق مصطفة فركبوا في الكدش الخاص بهم وتقدمت أمامهم طائفة من خيل الخاص بالمير مصلتة السيوف تفسح لهم الطريق الممتلئة بسكان المدينة.

فما وصلوا لمحل النزول حتى كادت الشمس تزول، وكانت هذه الدار قد أعدت لهم قبل وصولهم بنحو ستة أشهر لما سمعوا بقدومهم، فلما وصلوها وجدوا العسكر مصفوفا ببابها لأداء التعظيم، وتلقاهم فيها أحد أرباب الدولة بعثه الأمير لينوب عنه في إعادة سلامه على السفارة والترحيب بها، ثم طاف بها على الدار يريها ما احتوت عليه، وقدم لهم ثلاثة أطباق كبار فيها فاكهة وحلويات يحملها ستة من الأسارى المسلمين الذين هناك هدية من الأمير، فتقبلوها شاكرين، وأشاروا إلى رغبتهم في إلحاق الحامل بالمحمول، فأجيبوا لذلك فكان فاتحة عملهم هناك.

ثم ترادف للسلام عليهم الأعيان والأكابر وأرسل لهم الأمير خمسة أكداش لتكون مركوبهم، وعدة من الخيل العتاق المذهبة السروج المهداة إليه من الملوك،

ص: 376

وبعث لهم طبيبا خاصا لملازمتهم، وبعد ستة أيام استدعاهم الوزير لمقابلته، فذهبوا إليه وأعطوه نسخة الكتاب ليترجمه.

ثم أعلمهم الأمير بوقت الاقتبال قبل زوال الغد، ومن الغد جاءتهم الخيل التي سترافقهم، وجاء بعدها صاحب ملاقاة مع السفراء مع الملك، فأخبرهم أن الملك مستعد للملاقاة وكذلك الملكة زوجه الألمانية الأصل في الانتظار بعد لقاء زوجها، وذلك وإن لم يكن عادة لكنها جعلتها فرحا وسرورا بالسفير ومرسله.

ثم ساروا في جمع حاشد للقصر الملوكى، وجعلوا كلما دخلوا قبة من قبابها وقف من فيها ونزع ما على رأسه إلى أن وصلوا قاعة الاقتبال، فاستأذن المرافق المذكور ثم أدخلهم إليها فوجدوا الملك واقفا والقاعة مملوءة بالوزراء وأرباب الدولة، فلما قابلوه أزال ما على رأسه مسلما فأشاروا إليه باليد ثم دنوا منه ففعل كذلك، وفعلوا هم كذلك حتى الثالثة.

فلما التقوا أخرج ابن عثمان الكتاب المولوى وقبله ودفعه إليه فتلقاه بكلتا يديه، ثم سأل ابن عثمان عن السلطان وذكر محبته فيه ورغبته في مخاطبته وقضاء مآربه وعقد الصلح معه كما فعل أبوه (ملك إسبانيا)، فأجابه ابن عثمان بأنه ملحوظ ومقدم عند السلطان، وعن الصلح بأنه لذلك الغرض كان قدومه لما طلب له ذلك والده عاما أولا لما كان عنده المجيب بإصبانية، فأجابه الملك بالكلام مع وزيره، ثم خرجوا من حضرته وهو واقف ودعوا لمقابلة الملكة فأدخلهم حاجبها عليها فوجدوها واقفة والقبة ممتلئة بنساء الأكابر والأعيان فسلمت عليهم بالانحدار، حتى كادت تجثى على ركبتيها على عادة نسائهم، فأشاروا لها باليد ثم فعلت ذلك ثلاثا مثل زوجها وفعلوا مثله، فلما دنوا منها رحبت بهم وذكرت طول انتظارهم ووعدت بالوقوف في الأمور الصعبة مع الملك، فشكروها على ذلك

ص: 377

وخرجوا مسلمين على الصفة المتقدمة، ثم امتطوا أكداشهم لمحلهم، فلما بلغوه أخذ الأعيان يفدون عليهم مهنئين بحسن اللقاء مع الملك.

ولما قرأ الملك الكتاب السلطانى وعلم ما اشتمل عليه من توجيه السفارة إليه بقصد عقد الصلح معه حيث طلب والده ذلك واشترطه في عقد الصلح الذى عقده معه ابن عثمان ثم فداء أسارى المسلمين الذين في بلده وتحت حكمه أجاب عن ذلك ببعث ثلاثين أسيرًا مسرحين على سبيل الهدية للسفارة إكراما لها قائلا: وأما فداء الأسارى المشار إليه فالأسارى الذين في إيالتنا كلهم من تونس والجزائر وطرابلس وغير ذلك من البلاد المشرقية، وليس بيننا وبينهم إلا الحرب، وكذلك إخواننا عندهم أسارى بأيديهم ولو لم يكن إخواننا الذين عندهم لسرحنا جميع من عندنا من المسلمين ابتغاء خاطر مولانا أمير المؤمنين ورضاه، وحيث كان إخواننا في الأسر نحبكم أن تسعوا في فداء الجميع، فشكرته السفارة على ذلك وكتبت للحضرة السلطانية بذلك.

وأما عقد الصلح فشرعت فيه مع الوزير حسبما تقدم من تقديم الملك له لذلك، واشترط كل جانب ما فيه مصلحته، ثم استنسخت تلك الشروط وأمضيت.

ثم تيسر للسفارة افتداء مائة أسير أعدوا للبيع فضمتهم إلى إخوانهم، وكذلك استرجعت ما وجد في أحد المراكب السلطانية كان السلطان قد بعثه لأمير طرابلس حاملا القمح بسبب المسغبة التي كانت في بلاده، فتلقته مراكب نابلية وأخذته، ومع أن ذلك كان زمن الحرب فقد تمكن ابن عثمان من إقناعهم برد ما وجد فيه.

وقد رأت السفارة أثناء إقامتها بنابل بعض الأبناك ومأوى الأيتام ودار الآثار ونادى الأعيان بدعوة من أهله، والبركان القاذف للنيران، وآثار مدينة بومبى، ولما

ص: 378

رجعت منها لبلدة أخرى أنزلت فيها بالدار التي نزل فيها إمبراطور الألمان لما كان هناك، ورأت في هذه البلدة معامل السلاح والبارود والكاغد.

وكان الملك يستدعيها مرارا لمشاهدة التمثيل بالأوبرا كلما ذهب، وكذلك استدعاها تكرارا لزيارة الحديقة الصيفية، وذهبت بدعوته لمشاهدة تعويم مركب في البحر، فأعد لابن عثمان مقعد بإزاء مقعد الملك واستدعاها لزيارة قصره في بلدة (برطج) مقره في الخريف، فرأته يسوق الكدش بنفسه، ولعب بمحضرها كرة "التنس" كما استدعاها لزيارة قصره في مشتاه ببلده (كزرته) وغير ذلك.

ولما انتهت أعمالها أعلمت الملك بعزمها على السفر، وكان إذ ذاك بمشتاه فأجابها بأنه سيأتى لنابل بقصد وداعها، ولما جاء إليها أعلمها باللقاء بين العشاءين فوقع ذلك على الوصف المتقدم في لقائه ولقاء الملكة، وبعد ذلك بعث الملك للسفارة جوابه عن الكتاب السلطانى مع هدية من صنائع بلاده وتحفها وبعث لها هديتها الخاصة بها.

وركبت السفارة ومن معها ممن فك من الأسرى البحر رابع المحرم فاتح سنة 1197 في مركب رئيسه من جنس (الراكوزة) تطوع به لحمل السفارة حيث تشاء دون عوض، فحياها بمدافعه وسار بها إلى أن أداه اضطراب البحر إلى صقلية، فخرجت زوارق أعيانها ونائب حاكمها للسلام على السفير، وعرض النزول عليه للمدينة للاستراحة فنزلوا من الغد نظرا لازدحام المركب بالأسارى في احتفال مثل ما جرى لهم في غيرها من البلاد التي كان ذهابهم إليها رسميا.

وأعدت لهم دار خاصة، ثم طلب منهم حاكم الجزيرة أن يعينوا له وقتا للمقابلة، فعينوه له وقابلوه كما قابلوا أعيان المدينة (بلرم) ونوابها فكان الجميع يرحب بهم ويظهر لهم السرور بقدومهم، ودعوا لمشاهدة التمثيل بدار الأوبرا، وبعد أن أقاموا ستة وعشرين يوما عادوا لمركبهم، فلما سار بهم ثلاثين ميلا وجد

ص: 379

البحر مضطربا فبقى هناك خمسة أيام اضطر بعدها للرجوع إلى صقلية مرة أخرى فتلقاهم أهلها، وأخبروهم أن الدار التي كانوا بها لا زالت بصددهم فنزلوا إليها، وكانت الليلة ليلة ميلاد الملك فاستدعيت السفارة لحضور الاحتفال الليلى بذلك كما دعيت لنادى أعيان المدينة، وفيه طلب بعضهم من ابن عثمان أن يلعب معه بالشطرنج فأجابه بعد إلحاح وغلبه فيه على مشهد من القوم، ورأت السفارة في أثناء مقامها كنيسة (سان مرتيل) وأدخلوا خزانتها فوجدوا فيها عدة من كتب المسلمين كسيرة ابن سيد الناس وبعض كتب الطب، كما زاروا غيرها من المعاهد والمدارس، وبعد إقامتهم بها ثلاثة أشهر وثلاثة أيام في انتظار سكون البحر، ركبوا سفينتهم في سادس عشر ربيع الثانى راجعين للمغرب، فوصلوا طنجة بعد اثنى عشر يوما، ونزلت السفارة في احتفال بحضور الحاكم ووجوه العسكر للمدينة، كما تلقى الأسارى بسرور وحبور وأنزلوا بديار بالمدينة بقصد الإرفاق على النفقة السلطانية، ووجه الكتاب للحضرة السلطانية بالإعلام بالوصول، وأقاموا بطنجة إلى أن ورد عليهم الجواب الشريف بالتهنئة بالسلامة وإعداد البهائم لحمل الأسارى وأمرهم بالقدوم عليه.

قال ابن عثمان: فتوجهنا إليه أيده الله وهو بحضرة مكناسة، فبتنا آخر ليلة من السفر بوادى فرى بقرب المدينة بنحو ساعتين، ومن الغد بعث مولانا أعزه الله عساكر الخليل لملاقاتنا ووجوه العسكر والقواد، ومن حضر من العمال وبالغ في التنويه والفرح بهؤلاء المسلمين جعل الله ذلك بمنه من خالص الأعمال، وبلغه من حسن نيته، وصفاء سريرته وطويته جميع الآمال، ومن هناك والخيل تلعب وتخرج البارود إلى أن دخلنا المدينة فبعث إلينا سيدنا أيده الله أحدا من خدامه بأن ندخل الأسارى المذكورين إلى ضريح جده المقدس المنعم المرحوم سيدنا إسماعيل برد الله ضريحه، وأسكنه من الجنان فسيحه، وأحضر لذلك الفقهاء والأشراف والطلبة

ص: 380

وأعيان البلد، فقرأنا هنالك ما تيسر من القرآن ودعونا لسيدنا بما نرجوا من الله قبوله.

وبعث سيدنا الطعام للأسارى، فأكلوا، وأمرنا بإنزالهم بدور أعدها بالمدينة وأمرنا أن نستريح ونطلع لملاقاته عند العصر، فلما صلينا العصر توجهنا إلى بابه، ورحب جنابه، وأصحبنا إليه الهدية التي أصحبنا إليه الطاغية صاحب نابل فوجدناه داخل باب السوانى ففرح بنا وانشرح لقدومنا ودعا لنا بخير، تقبل الله منه.

ثم ناولناه كتاب الطاغية مع عقد الصلح الذى أبرمنا ووقع عليه الاتفاق، وهدية الطاغية التي بعثها من الخوف والاشفاق، وناولناه أيضا أزمة ما دفع في الفداء وخطوط أيدى النصارى المفدى منهم مع قيمة المركب الذى غرموا وقد تقدم خبره.

ومن الغد أطلعنا إليه أسرى المسلمين وهو بالدار البيضاء، فسألهم عن قبائلهم وعشائرهم وعن مدة أسرهم، أطال معهم الكلام جبرا لخاطرهم، وقال لهم: الحمد لله الذى عجل سراحكم، وكمل بجمع شملكم مع المسلمين أفراحكم.

ثم هيأ لهم البهائم لحملهم إلى فاس في الحين، وتوجهوا من عنده أيده الله فرحين، وارتفعت بالدعاء لسيدنا أيده الله الأصوات، حتى كادت أن تسمع الأموات، وكتب لعامل فاس أن يحسن للقوم القرى ويفيض عليهم من مطايب ما يشترى، ويزيل عنهم درن الأسر، ومذلة القهر والقسر، ثم يكترى لهم البهائم إلى الجزائر، ومنها يتفرقون في البلاد كالمثل السائر.

قال المولى عبد السلام نجل المترجم في درة السلوك في مآثر أبيه: ومنها أنه لم يترك ببلاد النصارى أسيرا، ولا بالمغرب فقيرا، بفيض أياديه العظام، ومكارمه

ص: 381