الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
153 - الطيب بن إبراهيم بسير -بسين مهملة مشددة- الأندلسى الأصل الرباطى الدار والإقبار قاضيها
.
حاله: فقيه علامة مشارك، متضلع نقاد ورع ناسك، له يد طولى في جميع الفنون عقليها ونقليها، أديب ماهر، ناظم ناثر، مناظر ظريف المنزع، مفاكه منبسط، مليح العشرة، جيد الخط، له نظم رائق، ونثر فائق، لو جمع ماله من المنظوم والنثور لجاء في مجلد، وقد رويت له في مجموعتى في الأمداح النبوية من سهل النظم الممتنع ما يسحر الألباب. وينشط أولى الألباب.
تصدر للإفتاء والتدريس، وتولى عدالة مرسى الرباط وإمامة جامع السويقة به أيضًا كما نص على ذلك الضعيف، ورشح لقضاء بلده رباط الفتح عام تسعة عشر ومائتين وألف، ثم عزله عامل الرباط الغازى السكيرى، وذلك في رجب عام عشرين ومائتين وألف ثم أعد لقضاء الرباط أيضًا على سبيل النيابة، ثم استقل في حدود الأربعين، ثم نقل بعد عام تسعة وثلاثين من قضاء الرباط لقضاء مكناسة الزيتون، وكان يتداول قضاء الرباط ومكناسة الزيتون مع القاضي الحكمى نحو ستة أشهر أو العام، لكل واحد وذلك في الدولة السليمانية.
وبالجملة فقد كانت تعد مزاولة المترجم لخطة القضاء بنحو الخمسين سنة، وقفت على عدة من خطاباته والتسجيل عليه على فيها بقاضى الجماعة بالحضرة الإمامية وخطيب جامع قصبتها السعيدة، العالم العلامة الأمثل. المدرس النفاع الأكمل، من ذلك عقد بتاريخ ثانى عشر جمادى الثانية عام اثنين وأربعين ومائتين وألف، وآخر بعام ثلاثة وأربعين.
ولا زال له عند أهل بلده ذكر طيب، حيث قام بوظيفه أحسن قيام إلى أن أعفى من الخطة لكبر سنة أواسط عام ستة وستين ومائتين وألف، ثم رحل لوزان وأقام لدى سيدى على بن أحمد مدة هـ.
كذا قيل، والصواب أن إقامته بوزان كانت في حال بدايته، وفى مدة إقامته بها كانت قراءته على الشيخ الرهونى، وذلك قبل ولايته القضاء بأزمان هـ من خط حفيده الثبت علامة الرباط وبركته سيدى المكي بن محمد بن على البطاورى حفظه الله.
وقد ترجمه مؤرخ سلا السيد محمد بن على الدكالى في نظمه المسمى إتحاف الملا ببعض أخبار الرباط وسلا. بما لفظه:
ومنهم القاضي أبو المسك التقى
…
محمد الطيب نعم المرتقى
وهو ابن إبراهيم بسير الَّذي
…
يعرف بالشيخ الأديب الأحوذى
نادرة العصر وفرد وقته
…
وحامل الآداب قل في نعته
كان فقيها عالمًا مدرسا
…
أخا بلاغة خطيبا ندسا (1)
قاضى رباط الفتح قل وعينها (2)
…
ركن فحرها وحائز الدها
له أياد في المعالى والعلا
…
وجمع العرفان طرا فاعتلى
وكان ذا فكاهة وبسط
…
ونخوة تزيل كل قنط
كان ينوب في القضا
…
قديما
…
ثم استقل حائزا تكريما
في عام (يط) بعد عزل الحكمى
…
ودام خير ماجد محكم
ولى دولة القضاء مرتين
…
إحداهما بعيد خمسين تبين
له النوادر التي تستملح
…
ولم يحاك مثلها ممازح (3)
(1) في هامش المطبوع: "الندس المراد به هنا الفهم الفطن الكبير كما في القاموس وشرحه".
(2)
في هامش المطبوع: "فيه عيب من عيوب القافية وهو جعل الضمير راويا كما لا يخفى".
(3)
في هامش المطبوع: "تستملح غير مؤسس وممازح مؤسس وذلك مما لا يجوز عند علماء الفن لان القافية إن كانت مؤسسة يجب أن يكون التأسيس في جميع القصيدة هـ".
عجبا ولطفا وغريب منزع
…
وغور أصل وجميل موقع
فكم موشح يزيل حزنا
…
وكم مربع يقر الأعينا
وكم نسيب يستفز الأريحى
…
وكم غزال يصطفى بالفرح
وسل عيون الشعر عن مقاله
…
تعرف جمالا بَان في أقواله
فهو الأديب الشاعر المعتبر
…
أو البليغ في النظام الناثر (1)
وكان في الفقه نسيج وحده
…
وفى المعالى حكما في جنده
وكم ترسل يحل العقدا
…
وكم ضراعة تنيل مددا
وكم مديح للرسول المجتبى
…
أقر بالقصور عنه النجبا
وكان في الفتاوى لا يجارى
…
وفى القضا والحكم لا يمارى
وكان يختم القوافى بالملح
…
مما يثير ضحكا للانشراح (2)
كبيتى الطيب الَّذي يشم
…
سلبا وإيجابا وذاك يسمو
وغيرها وهو كثير تعرف
…
من شأنه وهو بها متصف
مثل ندائه كذى السكربوو
…
وبألا لدامجئ مارجوا
ضمن ذا الأشعار والتوشيحا
…
فجاء في انبساطه مليحا،
وقد اعتراه جذب في آخر عمره وقيل افتعل ذلك للانسلاخ من وظيف القضاء، وقد شوهدت له في ذلك الإبان مكاشفات، من ذلك ما أخبرنى به بلديه قاضى الرباط الحالى العلامة السيد محمد بن عبد السلام الرندة أنَّه أخبره الأشيب
(1) في هامش المطبوع: "فيه من العيوب ما في البيت السادس ترقيا هـ".
(2)
في هامش المطبوع: "فيه من عيوب القافية الردف وليس في البيت الأول وذلك مما لا يجوز".
الحاج محمد فتحا الرجراجى الرباطى، أنَّه أخبره المسن المنتسب سيدى بنعاشر الحداد الرباطى، أنَّه كان جالسا بدكان مع بعض بسوق السبيطريين برباط الفتح، فرأيا المترجم وقد اعتراه الجذب وهو برأس باب الخزازين فتذاكرا فيما حصل له بعد ما كان في رتبة القضاء، فقال أحدهما للآخر: إنه يقال إنه في رتبة سيدى أبي العباس السبتى، ثم خاضا في حديثهما الأول ونسيا حديثهما الاستطرادى في شأنه، والحال أن بينهما وبينه مسافة بعيدة يستحيل عادة سماعه كلاهما، ثم بعد مدة طويلة وصل إليهما وحياهما، وأعقب التحية بقوله: ومن هو أبو العباس السبتى؟ يبول ويتغوط كالناس، قال الرجراجى: قال الحداد: فتيقنا أنَّه كاشفنا فيما قلنا عنه هـ.
وقول ذلك القائل: إنه في رتبة سيدى أبي العباس السبتى، لعل سبب هذا القيل ما كان يشاهد منه في حال جذبه من كثرة بذل الدراهم للمساكين وللصبيان، فكان يحمل العدد من الدراهم في وعاء ويمر في طريق الرباط، فإذا رأى جماعة من صبيان المكاتب يبدد لهم ذلك فيتخاطفون على ذلك وهو ينظر إليهم ويتبسم، وحال أبي العباس السبتى في مثل ذلك شهير، وترجمته في نفح الطيب وغيره وقد أفردت بالتأليف.
مشيخته: أخذ عن الشيخ الرهونى، وهو من أحذق تلامذته وأعلمهم، وهو أحد من قرض حاشيته على الزرقانى والشيخ بنانى، كما قرضها بلديه ابن التهامى ابن عمرو، وكما أخذ أيضًا عن العلامة الغربى الرباطى، والقاضى ابن العروسى، وعن السيد أحمد الحكمى قاضى العدوتين وغيرهم.
الآخذون عنه: أخذ عنه العلامة الخطيب السيد المكي بوجندار، والعلامة السيد الطاهر بريطل وغيرهما.
شعره: من ذلك قوله من موشح سمعته من حفيده العلامة النقاد بقية
السلف في الخلف أبي حامد المكي البطاورى قاضى الرباط سابقا وحامل لواء
التحقيق به أطال الله بقاءه ومن خطه نقلت:
ما أحسن اللين في القدود
…
والسحر في العين والفتور
وأعذب الوصل عن صدود
…
ورشفة الخمر في الثغور
في ذاك يحلو الغرام جهرا
…
وعاذل الصب ما عدل
لو ذقت كاس الرحيق عذرا
…
مشمولة والدجى نسدل
أبديت للشاربين عذرا .... ولمت من مال للعذل
فارتح لراح براح غيد
…
حور قصرن على القصور
يبسمن عن لؤلؤ نضيد
…
غنين عن جوهر النحور
إن مسن يوما هززن رمحا
…
فوقه شمس على كثيب
يسدلن من شعرهن جنحا
…
يكاد أن يستر الكثيب
وإن رنا لحظهن لمحا
…
أتين بالسحر العجيب
يا طالب العز والسعود
…
مبتغيا ربة الخدود
اجمع على الشرب نقر عود
…
واسدل على سرك الستور
وقوله:
سلا بسلا قلبى فشد ارتباطه
…
ولولا سلاما جاء قلبى رباطه
على التزامات الرباط بثغره
…
ولو شق عن قلب المشوق نياطه
وقوله:
محياك شمس الضحى المشرقة
…
به حدقات الورى محدقه
وأسهم لحظك ترمى الحشما
…
تخالها شهب السما المحرقه
وقوله:
يا من إذا الصبح أقبل
…
حكى ضياء جبينه
ومن إذا الليل أسبل
…
حكى سواد جفونه
وقوله:
ليت شعرى بعد بعد ونوى
…
هل ترى يجمعنا ذاك الوطن
فنقضى من سليمى مأربا
…
ونرى من وسط قلبى قد سكن
وقوله:
حرك الوجد في هواكم سكونى
…
وعليكم عواذلى عنفونى
خلفونى في الحى ميتا طريحا
…
وعلى النوم بعدهم حلفونى
إن أنا مت في هواهم شهيدا
…
بدموعى بحقكم غسلونى
ولروض العشاق سيروا بنعشى
…
فهم جيرتى بهم أنعشونى
ثم نادوا الصلاة هذا محب
…
مات ما بين لوعة وشجون
واشرحوا للورى قضية حال
…
علهم عند ذكرها يرحمونى
وقوله:
لله در إمام مفرد علم
…
أتى بنظم بديع مظهر الحكم
يهدى ويرشد من ضلت مذاهبه
…
كأنه البدر في داج من الظلم
إن شئت تحصيل ما ترجموه مغتنما
…
بمجلس المرتضى اللحلاح فالتزم
شيخ الأساتيذ والقراء فاعن بما
…
يسدى إليك من العلوم واغتنم
يا حاملى الذكر أهل الله عبدكم
…
بباب فضلكم مستمطر الكرم
قد أثقلت ظهره الزلات وارتكمت
…
فهل شفاء يداويه من الألم
وقوله:
ولما بدا الورد الجنى كأنه خدود
…
عذارى قد حمتها السوالف
أتى باسما ثغر الأقاح مقاوما
…
فقالت خدود الورد هل لك سالف
فلم يحيى إلا أن تناثر عقده
…
يقبل ساق الورد والعقد تالف
وقوله:
كأنما الزهر إذ بدت محاسنه
…
لعين ناظره في ناضر القضب
أنامل صاغها الرحمن من درر
…
تضم كفاعلى كاس من الذهب
وقوله في الأحماض والفكاهة:
أتانى أتانى بحمل أتاى
…
شربته صيفى وردت شتاى
قوالب سكره عظمت
…
إذا ما رأيتها قلت: الاى
وقوله وقد مر بعطار يخلط أنواعا من الطيب:
مررت بعطار يدق قرنفلا
…
ومسكا وكافورا فقلت له:
(وأشار بأنفه مستنشقا)
فقال لى العطار رد قرنفلى
…
ومسكى وكافورى فقلت له:
(وأشار بأنفه مستنثرا)