الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حرف الدال
* * *
139 - الدبيز: المجذوب المطلسم
.
حاله: من أهل الفضل والصلاح، له كرامات ظاهرة ومتواترة، أخبرنى بعض العدول المبرزين أنَّه كان مريضا مرضا شديدا فأتاه بعض أصدقائه منهم قاضى مكناسة شيخنا أبو عبد الله محمد بن عبد السلام الطاهرى واقترح عليه التوجه لزيارة البضعة الطرية مولانا إدريس الأكبر وتبديل الهواء وترويح النفس به، فلم يسعه غير مساعدته ولما وصلوا للمحل المعروف بخيبر هنالك، ورد عليهم المترجم وأقبل على المريض المذكور وقال له: إذا وصلت إلى والدتك فلتأخذ عصا وتجعلها على مائدة ظهرك وتدلكه بها هكذا وباشر الدلك بيده فنشأت بالمريض حرارة عظيمة بمجرد مباشرة يد المترجم لظهره، ثم أخذ رداءه وخنقه به وعقد أصابعه وصار يضربه ضربا وجيعا والحاضرون يقاومون المترجم في فك المريض منه فلم يقدروا.
وبعد أن خلى سبيله أصابه عرق شديد، ثم قام كأنما نشط من عقال في الحين، وأن جماعة من المحترفين بعصر حب الزيتون توافقوا على ليمونة حامضة فخرج المترجم وأتى لهم بها حينا منقوشة، فلما أصبح الصباح ورد عليهم لزرهون بعض شركائهم من أهل مكناس، فوجدوا قشر الليمونة عندهم فسألوهم عمن أتاهم بها فأخبروهم الخبر فكشف الغيب أن الليمونة لأحد الشركاء المكناسيين نقشها بيده، وأنه فقدها ليلا.
أصل المترجم من أولاد عيسى إحدى فرق قبائل الغرب، يقال: إنه كان في أول أمره يسرح البقر ثم ورد على الزاوية الإدريسية وعمره نحو اثنتى عشرة سنة،
فاستخدمه بعض الأشراف لسقى الماء لداره، وإذا جن الليل اشتغل بتنظيف الأزقة، ثم وقع له جذب وفشا فيه حتَّى صار لا يضبط أحواله، وظهرت عليه خوارق عادات فقد كان يضرب الحجرة العظيمة برجله وهو حاف فتطير كأنها رميت بمقلاع من غير أن يصيب رجليه أدنى أذى.
وكان الرجل يذهب لفاس ويتركه بالزاوية الزرهونية، فإذا وصل فاسا وجده أمامه وربما رآه بعض الناس بمقره بزرهون بعد العشاء وقد سدت أبواب المدينة، فيجده آخر قرب الفجر بمكناس وهكذا، ولم يزل على هذه الحال معتقدا منظورا إليه بعين الإجلال إلى أن قتل شهيدا بالبارود خطأ في الفتنة البربرية التي كانت آخر الدولة الحفيظية على أبواب فاس رحمه الله.
* * *