الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منهم رءوس، وأُتلفت مهج ونفوس، وشفى الله منهم داء، وأخذهم أشد ما كانوا اعتدادا واعتداء، سنة الله في كل من طغى وبغى وحاد، عن سبيل الهدى والرشاد، وكل ذلك بقوة الله وحوله، وفضله السابغ وطوله، فلله الحمد حق حمده، ولا نعمة إلا من عنده.
وأعلمناكم لتأخذوا حظكم من الفرح بما منح الله سبحانه من النصر العزيز، والظفر الذى له في الأقطار دوى وأزيز، ليعتبر بما وتع بهم المعتبرون، ويتذكر به المتذكرون، والسلام في متم محرم الحرام 1287".
وفى سنة تسعين كانت جائحة النار بكثير من بلاد المغرب اجتاح فيها خلق وضاعت أموال.
هذا وكانت أيام المترجم في أولها أيام شدة وأهوال، ثم تبدل عسرها باليسر واتسع الحال، وكثر البذخ وعمت الخيرات وانتشرت العلوم والمعارف بين طبقات رعيته، بسبب ما اختص به من الشغف بذلك حتى صارت أيامه مثلا مضروبا بين الناس.
علائقه السياسية
من الضرورى أن العلائق السياسية هى أصل الدفاع الحبى ومركزه الأساسى، وقد وقفت للمترجم من ذلك على ظهائر ووثائق مهمة تنبئ عما وراءها فمن علائقه:
مع الدولة الإصبانية
معاهدة حدود مليلية المنعقدة بين النائب السلطانى السيد محمد فتحا الخطيب التطوانى والدون "خوان بلنكودى الباليا" في تطوان يوم 24 غشت سنة 1859 الموافق 24 محرم سنة 1276 (أى قبيل بيعة المترجم بأيام) حسبما وقفت على ذلك
بخط ترجمان سفارة إصبانية بطنجة، وسيأتي ذكرها في المعاهدات الآتية بعد كما أنه تقدم ذکرها في معاهد سنة 1308 المذکورة في الترجمة الحسنية.
ومن ذلك عقد المهادنة الواقعة عقب الوقائع الحربية المتقدمة الذكر وتعرف عند الإصبان بمعاهدة 26 إبريل سنة 1860 على ما يأتي في الاتفاقيات الأخرى الموافق رابع شوال سنة 1276 کما بخط الترجمان المذکور، وتشتمل عن مواد وشروط هذا مضمنها على ما عند صاحب الحلل البهية، في ذكر ملوك الدولة العلوية:
الأول: خروج الإصبان من تطوان وتسليمها مع ما والاها من الأرض ويدفع لهم السلطان عشرين مليونا من الريال.
الثاني: يزاد للإصبان شيء يسير في المحدة على سبيل التوسعة.
الثالث: تعيين جمعية من الجانبين للوقوف على الحدود عند الاحتياج لإصلاحها.
الرابع: أن يعين السلطان عاملا بمليلية وسبتة لمداومة المهادنة.
الخامس: أن يبنى الإصبان تحصينات على الحدود كيف شاءوا.
السادس: أن يلتزم السلطان بالإنعام على الإصبان بأرض تكفى للصيد والقنص بها على ساحل البحر المحيط (سنط كروز الصغرى) ليصطادوا بها وتعيّنها جماعة من الجانبين بحدها المتفق عليه (1).
(1) في هامش المطبوع: «تأخر البت في أمر هذه الأرض إلى عهد مولاي الحسن وكانت إسبانيا تطالب بتنفيذ هذه المادة فيطلب منها التأخير إلى أن كتب للنائب بركاش بأن كويدر الرجيلة هو المراد بسانط کروز وليس هو يفني ونظرا لاتصال الدولتين ومحبتهما من قديم حتى أن جده مولاي عبد الرحمن آثر بالحجرة ووالده المترجم أنعم بكويدر الرجيلة فإن لها أن تبنى محلا لصيادة الحوت بيفنى على وجه الخير والإحسان لا على وجه الشرط =
السابع: المساعدة على تأسيس بناء دار للفرايلية (القسيسين) بفاس وغيرها من البلاد التي يريدونها.
الثامن: إعطاء قطعة من الأرض بساحة القنصلية بتطوان لبناء (1) كنيسة بها قرب القنصلية.
التاسع: التزام توقير وتعظيم سكان ديار الرهبان والقسيسين في المصارفة.
العاشر: عقد وفق تجارى وإجراء رعية إصبانية على القواعد التي يجرى عليها غيرهم من الدول الحائزين لتصرف الامتياز.
الحادى عشر: إذا تحرر الوفق التجارى فإنه لا ينتقض مبرم الشروط المذكورة.
= لأن "محالنا محالها ومحالها محالنا" فحينئذ وجه النائب المذكور كتابا بذلك لسفير الإصبان هذه نسخته:
"وبعد فقد أخبر المعينون من قبل سيدنا أعزه الله للبحث عن السنط كروز ادرماريكييا المتوجهون مع المعينين من قبل دولة إصبانيا الفخيمة أنهم بحثوا في تلك المحال وذكر المعينون من قبل إصبانيا أن أفنى هو اللائق لهم مع كونه ليس هو بالسنط كروز حقيقة والسنط كروز المحققة هى كويدر الرحيلة من غير شك ولا احتمال، وأما أفنى فليس هو السنط كروز من غير شك ولا احتمال كما كان قرره السيد عبد السلام السويسى، حيث كان توجه سفيرا لدولة إصبانيا في شأن ذلك ولم تقع معارضة فيه لكن من حيث مراد حضرة السلطان مولاى الحسن إظهار شهيته في حفظ المخالطة الحسنة الحبية وازديادها مع حضرة السلطان سنن الفنس فلا يقع تردد في تحقيق السنط كروز ويساعد أيده الله لأن يجعل في أفنى المحل لصيادة الحوت المذكور في الشرط الثامن من شروط الصلح على مقتضى ما هو مذكور في الفصل المذكور فلا شك عندنا أن دولة إصبانيا ستقدر هذا السلوك الحسن الحبى المصادر من الحضرة الشريفة لنحوها حق قدره والسلام في 18 حجة 1300".
(1)
في هامش المطبوع: "وقد بنيت بالفدان منها".
الثانى عشر: لا يمنع الإصبان من وسق الخشب من مراسى المغرب.
الثالث عشر: تسريح الأسارى من الجانبين.
الرابع عشر: القيام بأمر المهادنة.
الخامس عشر: إصلاح الحدود من جهة إصبانية (1).
السادس عشر: تعرض هذه الشروط على دول أوربا ليروا رأيهم فيها بالتسليم وعدمه وتنفذ بعد عشرين يوما من وقوعها.
وذكر أن الذى وافق عليها وأمضاها من الجانبين السيد محمد الخطيب، والسيد محمد بن عبد الملك الجبلى المفوض إليهما في ذلك (ولويس غرشية)(وطماس لخليس بردجى) المفوض إليهما كذلك من دولتهما، إلا أن ترتيب المواد على هذه الكيفية وقع له فيه خلط وغلط حسبما ستفهمه من الإحالة على هذا الاتفاق في المعاهدات الآتية بعد.
وبعد ذلك انعقدت المعاهدة التجارية المشار إليها بين الخليفة مولاى العباس والدون كلدرون عضو مجلس الشيوخ وأحد الوزراء السالفين بإصبانية، وهى تشتمل على أربعة وستين شرطا ونص عقدها بلفظه على ما فيه نقلا عن كناشة مولاى العباس:
"بسم الله القادر على كل شئ
إن جناب الأميرين العظيمين حضرة سلطان المغرب الشريف وحضرة سلطانة إصبانية الفخيمة أرادوا تسهيل مخالطة التجارة بين رعيتهما بغاية الاجتهاد على قدر احتياج الرعية المذكورة ومنافع بعضها ببعض، والملكين المعظمين المذكورين ظهر لهم موافقة ثابتة على ما يجب للقناصل الإصبنيول من الخصوصية في أحكامهم
(1) في هامش المطبوع: "وقد أصلح من جهة آنجرة حد سبتة وجانب البحر".