الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
187 - محمد بن أبى الفضل بن الصباغ الخزرجى المكناسى
.
حاله: علامة حافظ مشارك، ناقد مطلع متضلع بصير، نزيه فاضل، مبرز في المنقول والمعقول، عارف بالحديث ورجاله إمام في معرفة كتاب الموطأ وإقرائه، أملى في مجلس درسه بمكناسة على حديث: أبى عُمَيْر، ما فعل النُّغَير؟ أربعمائة فائدة، زاد ابن غازى في بعض كتبه كبغية الطلاب؛ في شرح منية الحساب؛ إذ قال فيه: وقد مر بنا أن بعض العلماء استنبط من هذا الحديث ثلاثمائة فائدة، وحدثنى بعض من لقيته أن بليدينا أبا عبد الله ابن الصباغ الخزرجى المكناسى تكلم في مجلسه بمكناسة الزيتون على هذا الحديث فأملى فيه أربعمائة فائدة، أظنه قال: وكان آخر ما قرأ بها أو آخر ما أقرأ بها، فلم ينشب أن استدعاه السلطان أبو الحسن المرينى أن يصحبه في وجهته إلى إفريقية فلم يجد عن ذلك مندوحة، فكان أحد من غرق من العلماء ببحر الأندلس جدد الله تعالى عليهم رحمته بمنه ووددنا لو وقفنا على الفوائد مسطورة في كتاب هـ ونقله في نيل الابتهاج.
وقد انتقد على ابن عبد السلام التونسى أربع عشرة مسألة أقر في جميعها بالخطأ وقوفا مع الإنصاف، الذى هو من شيم الأشراف، قال الإمام القورى: لم نزل نسمع من شيخنا ابن جابر حكاية ظريفة وقعت لابن عبد السلام التونسى مع ابن الصباغ، وذلك أن ابن الصباغ اعترض عليه في أربع عشرة مسألة لم ينفصل عن واحدة منها بل أقر فيها بالخطأ إذ ليس ينبغى اتصاف بالكمال، إلا لربى الكبير المتعال (1)، هـ وكم له من تحارير تبهر العقول.
ذكره أبو عبد الله بن مرزوق الجد في مؤلفه في مناقب أبى الحسن المرينى وابن خلدون في كتاب العبر وابن الخطيب السلمانى في بعض فهارسه.
187 - من مصادر ترجمته: التعريف بابن خلدون - ص 46، كفاية المحتاج 2/ 51، نيل الابتهاج 2/ 64.
(1)
نيل الابتهاج 2/ 65.
اختاره السلطان أبو الحسن المرينى وكان من كبار جلة العلماء الذين استصحبهم معه في حركته إلى إفريقية، ولم يزل معه حتى هلك غريقا في جملة من غرق من الأئمة الأعلام بأساطيل المرينى المذكور على ساحل تونس في الواقعة الشنيعة التي هى من أعظم الدواهى التي أصيب بها المغرب الأقصى.
غرق فيها نحو أربعمائة عالم من أكابر علماء المغرب الأقصى كالإمام محمد ابن سليمان السطى شارح الحوفى، والأستاذ الزواوى أبى العباس، وكان عدد الأساطيل نحو الستمائة أسطول، لم ينج منها غير السلطان أبى الحسن على لوح، وكانت هذه الواقعة بعد عيد الفطر سنة خمسين وسبعمائة.
قال أبو عبد الله الأبى لدى الكلام على أحاديث العين من صحيح مسلم ما معناه أن رجلا كان بتلك الديار معروفا بإصابة العين، فسأل منه بعض القالين لأبى الحسن أن يصيب أساطيله بالعين، وكانت كثيرة نحو الستمائة، فنظر إليها الرجل العائن فكان غرقها بقدرة الله الذى يفعل ما يشاء، ونجا السلطان بنفسه، وجرت عليه محن.
قال في الروض وحدثنى بعض الأعيان الأصحاب، أنه بلغه أن الفقيه ابن الصباغ المذكور سمع بمقصورة تلمسان المحروسة ينشد كالمعاتب لنفسه:
يا قلب كيف وقعت في أشراكهم
…
ولقد عهدتك تحذر الأشراكا
أرضىً بذل في هوى وصبابة
…
هذا لعمر الله قد أشقاكا
انتهى من أصله بخط مؤلفه، والذى صدر به في الجذوة أن المترجم كان ينشد البيتين على لوح من ألواح السفينة والأمواج تلعب به (1).
مشيخته: أخذ عن فطاحل أعلام مكناسة بلده ومشيخة فاس، وباحث ابن
(1) نقله التنبكتى في نيل الابتهاج 2/ 65.
عبد السلام وابنى الإمام التلمسانيين، وابن هارون، ولقى أبا عبد الله الآبلى ولازمه، وأخذ عنه العلوم فاستفاد بقية طلبه عليه.
الآخذون عنه منهم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عفيف المكناسى.
شعره: من نظمه قوله جامعا علاقات المجاز:
يا سائلا حصر العلاقات التي
…
وضع المجاز بها يسوغ ويحمل
خذها مرتبة وكل مقابل
…
حكم المقابل فيه حقا يحصل
عن ذكر ملزوم يعوض لازم
…
وكذا بعلته يعاض معلل
وعن المعمم يستعاض مخصص
…
وكذاك عن جزء ينوب المكمل
وعن المحل ينوب ما قد حله
…
والحذف للتخفيف مما يجمل
وعن المضاف إليه ناب مضافه
…
والضد عن أضداده يستعمل
والشبه في صفة تبين وصورة
…
ومن القيد مطلق قد يبدل
والشئ يسمى باسم ما قد كأنه
…
وكذاك يسمى بالبديل المبدل
وضع المجاور في مكانة جاره
…
وبهذه حكم التعاكس يكمل
واجعل مكان الشئ آلته وجئنى
…
بمنكر قصد العموم فيحصل
ومعرف عن مطلق وبه انتهت
…
ولجلها حكم التداخل يشمل
وبكثرة وبلاغة ولزومه
…
لحقيقة رجحانه يتحصل
وقد وضع الشيخ المنجور السابق الترجمة شرحا لطيفا على هذه الأبيات بطلب من بعضهم لذلك.
ومن شعره قوله على ما أفادنيه بعض الأعلام من الأصحاب بأنه وقف عليه منسوبا له في بعض الكنانيش الموثوق بصحة ما فيها: