المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فروعه، وقال للشهود: اشهدوا على بهذا فبهت القاضى وخاف العلماء - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٣

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌124 - الحسن بن عثمان بن عَطِيَّة التجانى المكناسى المعروف بالوَنْشَرِيسى أبو على

- ‌126 - الحسن أبو الطيب بن محمد السهلى الشهير بآمكراز

- ‌127 - الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن حرزوز المكناسى أبو على

- ‌128 - حسن نور الدين بن أحمد بن العباس بن أبي سعيد المكناسى

- ‌129 - الحسن بن رحال بن أحمد بن على التدلاوى ثم المعدانى -كذا قرأته فيما كتبه بخطه منه نقلت- الإمام الكبير أبو على

- ‌130 - حمادى أبو المواهب بن عبد الواحد الحمادى نسبة لفخذ من قبيلة برابرة بنى مطير الشهيرة الشهير بالمكناسى

- ‌131 - الحسن بن مبارك السوسى المكناسى الوفاة الولى الصالح المجذوب المكاشف

- ‌132 - الحارث بن المفضل الحسناوى السهلى أصلا المكناسى دارا

- ‌133 - الحسن بن مولاى المهدى بن مولاى أحمد بن مولاى المهدى

- ‌134 - الحسين بن الحسن بن حفيد بن محمد -فتحا- بن زين العابدين بن فخر الملوك مولانا إسماعيل الحسنى

- ‌حرف الخاء

- ‌135 - الخياط الزرهونى

- ‌136 - الخياط الخياطى من عقب الولى الصالح سيدى عبد الله الخياط، دفين جبل زرهون

- ‌137 - خناثة بنت الشيخ الأكبر الأشهر بكار بن على بن عبد الله المغافرى السيدة المباركة زوج سيدنا الجد الأعظم مولانا إسماعيل سلطان المغرب

- ‌138 - خليل بن الخالدى

- ‌حرف الدال

- ‌139 - الدبيز: المجذوب المطلسم

- ‌حرف الراء

- ‌140 - الرشيد: بن الشريف بن على الشريف دفين مراكش

- ‌علائقه السياسية

- ‌بناءاته وآثاره

- ‌141 - راشد بن منصة الأوربى خديم آل بين الرسول المخلص مولى الإمام الأكبر رحمه الله ورضى عنه

- ‌142 - رحمة بنت الجنان زوجة أبي عبد الله محمد بن عزوز الصنهاجى

- ‌143 - روان المدعو أبا الروائن ابن محمد بو مدين بن عبد السلام بن على

- ‌حرف الزاي

- ‌144 - زيدان أبو المعالى ابن السلطان أبي العباس أحمد المنصور الذهبي فخر الملوك السعديين

- ‌145 - زين العابدين السلطان بن السلطان مولانا إسماعيل الجد الأعظم

- ‌146 - زكرياء الفران أبو يحيى:

- ‌147 - زيدان أبو محمد سيدنا الجد ابن فخر الملوك العظام، مولاة إسماعيلابن الشريف بن على الحسنى السجلماسى

- ‌حرف الطاء

- ‌148 - الطيب بن الشيخ سيدى الشاذلى بن العارف سيدى محمد - فتحا

- ‌149 - الطيب بن عبد الرحمن بن أبي القاسم بن القاضي

- ‌150 - الطيب بن محمد بصرى المكناسى قاضيها

- ‌151 - الطيب بصرى المكناسى الدار والقرار

- ‌152 - الطيب بن الشريف النقيب مولاى على الشريف القادرى

- ‌153 - الطيب بن إبراهيم بسير -بسين مهملة مشددة- الأندلسى الأصل الرباطى الدار والإقبار قاضيها

- ‌154 - الطيب أبو محمد بن الفقيه العدل السيد أحمد غازى المكناسى

- ‌155 - الطبب البيجرى

- ‌156 - الطيب الزكارى

- ‌157 - الطيب الفيلالى

- ‌158 - الطيب ابن الفقيه الكاتب السيد عبد الرحمن كدران -بالقاف المعقودة- المكناسى

- ‌159 - الطيب الحناش

- ‌160 - الطيب بن عبد السلام الواسترى

- ‌161 - الطيب أبو الإجلال ابن العدل الثقة أبي زيد عبد الرحمن بن محمد

- ‌162 - الطيب بن العلامة السيد محمد -فتحا- بن العلامة السيد الطيب بصرى الولهاصى

- ‌163 - الطيب بن اليمانى بن أحمد بوعشرين الأنصاري الخزرجى

- ‌164 - الطيب بن إدريس بن الفضيل بن محمد دعى حم بن هاشم بن حم آل سيدى على منون

- ‌165 - قاضيها: الطالب بن العلامة القاضي السيد عبد الواحد بن العلامة المحدث الشهير محمد -فتحا- البوعنانى الفاسى ثم المكناسى

- ‌166 - الطاهر بن عثمان المكناسى

- ‌167 - الطاهر بن محمد بن المكي بن حساين المكناسى

- ‌168 - الطاهر بن الحاج الهادي بن العناية بن محمد بن أحمد

- ‌169 - الطاهر بن الهادي بن أحمد بن المجذوب الفقيه

- ‌170 - الطيب بن العناية بَنُّونَة الضرير

- ‌171 - الطيب بن عبد الله محمد بن الطاهر بن عبد القادر بن عبد الله بن فخر الملوك مولانا إسماعيل

- ‌حرف الكاف

- ‌172 - الكمال أبو البركات بن أبى زيد المكناسى

- ‌173 - الكامل بن عبد الله بن الطاهر بن محمد

- ‌حرف الميم

- ‌174 - مبارك أبو النور بن العالم العلم أبو التوفيق سالم الشيظمى المكناسى الدار والوفاة

- ‌175 - مبارك بن عبد الله بن محمد السجلماسى أصلا، الفيضى منشأ المكناسى دارا ووفاة

- ‌176 - محمد فتحا السلطان أبو البشائر بن أبي الأملاك والسلاطين المولى الشريف بن على الحسنى الينبوعى السجلماسى

- ‌177 - محمد المدعو الكبير أبو عبد الله بن السلطان الأعظم أبى النصر إسماعيل. المعروف بولد عريبة

- ‌178 - محمد بن عبد الله بن إسماعيل المالكى

- ‌مولده وشيوخه وحجته:

- ‌صفته وحاله:

- ‌خلافته بمراكش:

- ‌بيعته، وبعض حوادث أيامه:

- ‌محبته للعلم واعتناؤه بأهله

- ‌اختياراته المذهبية وما رأى من المصلحة حمل القضاة والمدرسين عليه

- ‌نصيحته للأمة

- ‌عطاياه وأحباسه:

- ‌التراتيب والمداخيل المالية في عهده

- ‌اهتمامه بالأساطيل البحرية واعتنناؤه برياسها

- ‌السفينة الأولى:

- ‌السفينة الثانية:

- ‌السفينة الثالثة:

- ‌السفينة الرابعة:

- ‌السفينة الخامسة:

- ‌السفينة السادسة:

- ‌السفينة السابعة:

- ‌السفينة الثامنة:

- ‌السفينة التاسعة:

- ‌السفينة العاشرة:

- ‌علائقه السياسية

- ‌مع فرنسا

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط العشرون:

- ‌مع السويد

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرين:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌الشرط الثالث والعشرون:

- ‌مع الدنمرك

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌السادس عشر:

- ‌السابع عشر:

- ‌الثامن عشر:

- ‌التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌مع البرتغال

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌مع الدولة العثمانية

- ‌علائقه مع إسبانيا

- ‌مع مالطة

- ‌مع نابولى

- ‌فتوحاته

- ‌آثاره

- ‌سككه

- ‌قضاته:

- ‌وزراؤه

- ‌كتابة

- ‌شعراؤه

- ‌سفراؤه

- ‌عماله

- ‌نقباؤه على الأشراف

- ‌نظاره

- ‌أولاده

- ‌مؤلفاته

- ‌وفاته

- ‌179 - محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان

- ‌بعض ما قام به من الأعمال ذات البال بعد جلوسه على العرش

- ‌حرب تطوان

- ‌علائقه السياسية

- ‌مع الدولة الإصبانية

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط العشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌الشرط الثالث والعشرون:

- ‌الشرط الرابع والعشرون:

- ‌الشرط الخامس والعشرون:

- ‌الشرط السادس والعشرون:

- ‌الشرط السابع والعشرون:

- ‌الشرط الثامن والعشرون:

- ‌الشرط التاسع والعشرون:

- ‌الشرط الثلاثون:

- ‌الشرط الحادى والثلاثون:

- ‌الشرط الثانى والثلاثون:

- ‌الشرط الثالث والثلاثون:

- ‌الشرط الرابع والثلاثون:

- ‌الشرط الخامس والثلاثون:

- ‌الشرط السادس والثلاثون:

- ‌الشرط السابع والثلاثون:

- ‌الشرط الثامن والثلاثون:

- ‌الشرط التاسع والثلاثون:

- ‌الشرط الأربعون:

- ‌الشرط الحادى والأربعون:

- ‌الشرط الثانى والأربعون:

- ‌الشرط الثالث والأربعون:

- ‌الشرط الرابع والأربعون:

- ‌الشرط الخامس والأربعون:

- ‌الشرط السادس والأربعون:

- ‌الشرط السابع والأربعون:

- ‌الشرط الثامن والأربعون:

- ‌الشرط التاسع والأربعون:

- ‌الشرط الخمسون:

- ‌الشرط الحادى والخمسون:

- ‌الشرط الثانى والخمسون:

- ‌الشرط الثالث والخمسون:

- ‌الشرط الرابع والخمسون:

- ‌الشرط الخامس والخمسون:

- ‌الشرط السادس والخمسون:

- ‌الشرط السابع والخمسون:

- ‌الشرط الثامن والخمسون:

- ‌الشرط التاسع والخمسون:

- ‌الشرط الستون:

- ‌الشرط الحادى والستون:

- ‌الشرط الثانى والستون:

- ‌الشرط الثالث والستون:

- ‌الفصل الرابع والستون:

- ‌مع الدولة الفرنسية

- ‌مع الدولة الأمريكية

- ‌حساب الموازنة والدفاتر المالية في عصره

- ‌آثاره

- ‌كيف كان نهوض ركابه

- ‌وزراؤه

- ‌حاجبه وقائد ومشوره

- ‌كتابه

- ‌سفراؤه

- ‌خلفاؤه

- ‌نوابه بطنجة

- ‌قضاته

- ‌نظاره

- ‌محتسبوه

- ‌نقباؤه

- ‌عماله

- ‌قواده

- ‌أمناؤه

- ‌أولاده

- ‌بعض ما قيل فيه من المديح

- ‌وفاته

- ‌180 - محمد بن عيسى بن القاسم الصدفى من أهل طليطلة يكنى أبا عبد الله

- ‌181 - محمد بن حماد بن محمد زغبوش المكناسى

- ‌182 - محمد بن عبدون بن قاسم الخزرجى نسبة المكناسى دارًا ووفاة

- ‌183 - محمد بن قاضى مكناسة أحمد بن أبى العافية المكناسى يعرف بالأحول

- ‌184 - محمد بن قاسم بن محمد الأنصارى المالقى الشهير بابن قاسم الضرير

- ‌185 - محمد بن ورياش -بفتح الواو وسكون الراء وفتح الياء مشبعة- قاضيها أبو عبد الله

- ‌186 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الصنهاجى عرف بابن الحداد المكناسى

- ‌187 - محمد بن أبى الفضل بن الصباغ الخزرجى المكناسى

- ‌188 - محمد بن أحمد بن أبى عفيف المكناسى

- ‌189 - محمد بن الشيخ الشريف أبى حامد أحمد بن إبراهيم الحسنى المكناسى

- ‌190 - محمد بن موسى بن محمد بن معطى العبدوسى -بفتح العين وسكون الباء وضم الدال

- ‌191 - محمد بن عمر بن الفتوح التلمسانى أصلا المكناسى المقام والوفاة

- ‌192 - محمد أبو عبد الله بن سعيد بن محمد المكلانى المكناسى

- ‌193 - محمد المكناسى

- ‌194 - محمد بن أبي طالب بن أحمد بن على بن أحمد المكناسى نسبة للقبيلة ثم العياضى عرف بابن السكاك من أبناء أبي العافية

- ‌195 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن اليفرنى الشهير بالمكناسى الفاسى بكنى أبا عبد الله

- ‌196 - محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن جابر الغسانى المكناسى

- ‌197 - محمد بن أحمد بن أبى يحيى التلمسانى شهر بالحباك

- ‌198 - محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القورى اللخمى

- ‌199 - محمد القطرانى أبو عبد الله

- ‌200 - محمد بن أبي البركات الحسنى الحاج المجاور

- ‌201 - محمد بن سعيد الحباك القيجميسى المكناسى أخو أحمد بن سعيد المتقدم الترجمة

- ‌202 - محمد بن عيسى بن عبد الله بن حرزوز

- ‌203 - محمد بن عبد العزيز المعروف بالحاج عزوز الصنهاجى المكناسى

- ‌204 - محمد بن على بن أبى رمانة المكناسى قاضيها أبو عبد الله

- ‌205 - محمد بن عبد الله بن محمد

الفصل: فروعه، وقال للشهود: اشهدوا على بهذا فبهت القاضى وخاف العلماء

فروعه، وقال للشهود: اشهدوا على بهذا فبهت القاضى وخاف العلماء على الشريف المتكلم من حصول الإذاية له وانفض المجلس.

ولما بلغ المترجم تفصيل ما راج أمضى حكم الشريف وأكرمه، وعزل القاضى وفلسه وأعطى للمولى عبد الله المذكور جنانا من أملاك القاضى فلم يقبله وكتب للمترجم كتابا يقول فيه: أما ما فعله أمير المؤمنين من حيازة ماله فعين الصواب وحيازته لبيت المال فهو موافق لنصوص أهل العلم كما في ابن سلمون والحطاب وغيرهما، وأما الجنان فعبد الله غريب الدار يكفيه جامع المواسين، ثم بعد أن سرح القاضى استأذن المترجم في التوجه لأداء فريضة الحج فساعده ووصله بألف ريال خمسة آلاف فرنك، وبعد رجوعه من الحجار ولاه القضاء وشرك معه غيره، ولم يعد لحاله الأول إلى أن مات؛ وعزل القاضى أبا محمد عبد القادر بو خريص وولى يوسف بو عنان في قضية مثل هذه؛ وأما قضاة المدن والقبائل والقرى فكان في كل سنة يعزل واحدا منهم إلى أن اجتمع ببابه نحو العشرين هـ بتصرف.

* * *

‌نصيحته للأمة

ومن ذلك نصحه للعمال والعامة وتحذيره لهم من الخروج عن مناهج الشرع في دينهم ودنياهم، وقفت له في ذلك على رسالة فاخرة؛ وبإيراد نصوص الكتاب والسنة في كل مهم عاطرة؛ ودونك نصها:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه.

وبعد: فقد قال الله سبحانه: {إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)} [سورة النحل 90]

ص: 253

وقال تعالى: {الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ (41)} [سورة الحج 41] وقال عليه السلام: "كلكم راع ومسؤل عن رعيته".

وقد بلغنا ما حدث في العامة من عموم الجهل بالتوحيد وأصول الشريعة وفروعها حتى ارتكبوا أمورًا تقارب الكفر أو هى الكفر بعينه، وذلك من خلو القبائل من طلبة العلم العاملين وقلة المرشد المعين حتى لا تجد في القرية الكبيرة عالما يرجعون إليه في مسائل دينهم ونوازل أحكامهم ويأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر، وذلك من تفريط العمال وقلة اعتنائهم بالدين والعهدة عليهم في ذلك، لأنهم ينبغى لهم الغبطة في العلم والعلماء وتقريب أهل الخير والدين؛ والاقتداء بالأولياء والصالحين؛ وإعانة النجباء من قبيلتهم على طلب العلم من محله؛ وأخذه عن أهله؛ ففى الحديث: طلب العلم فريضة؛ وقال عليه السلام: "اطلبوا العلم ولو بالصين". وفى الحديث: "العالم في قومه كالنبى في أمته".

فإن العالم إذا كانت بطانته صالحة كانت أعماله جارية على الصلاح والسداد، وإذا كانت بطانته على غير هداية كانت أحكامه مخالفة للشريعة فضل وأضل، وقد قال عليه السلام:"ما من وال إلا له بطانتان بطانة تأمره بالمعروف وتنهاه عن المنكر وبطانة لا تألوه خبالا ومن وقى بطانة السوء فقد وقى". وقال عليه السلام: "إن الله لا يقبض العلم انتزاعا من صدور الرجال ولكن يقبضه بقبض العلماء حتى إذا لم يبق عالم اتخذ الناس رؤساء جهالا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا". وقال عليه السلام: "بدأ الدين غريبا وسيعود غريبا فطوبى للغرباء". وقال عليه السلام: "يأتى على الناس زمان القابض فيه على دينه كالقابض على الجمر".

ص: 254

وهذا آخر الزمن الذى أخبر الصادق المصدوق عليه السلام بفساده وعموم الفتن والأهواء والبدع الدالة على اقتراب الساعة، نسأل الله حسن الخاتمة، فينبغى للمؤمن المشفق على نفسه عموما وخصوصا العمال البحث عن دينهم ومعرفة أحكام ما دفعوا إليه وقلدوه من أمر رعاياهم ليسيروا على منهاج الشرع ويرتكبوا ما ينجيهم مع الله، ففى الحديث: لا يحل لامرئ مسلم أن يقدم على أمر حتى يعلم حكم الله فيه، وفى الحديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة أحيانا مخافة السآمة علينا.

"فأول ما ضيعت العامة أصول الدين وفروعه وتهاونت بالإسلام وقواعده فمنه التوحيد الذى هو أساس الدين والقطب الذى عليه المدار، وسلامة العقيدة هى أصل الخير والنجاة من النار؛ فينبغى العناية به أتم، والمؤمن بأصل دينه أهم".

"ومنه التهاون بالصلوات الخمس والجهل بوسائلها كالاستبراء والوضوء والطهارة والأذان، والصلاة هى عماد الدين وذروة سنامه قال الله سبحانه: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5)} [سورة البينة: 5]. وقد ذكرها الله سبحانه في آيات كثيرة من كتابه وحض على إقامتها والمحافظة عليها، قال سبحانه: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ (238)} [سورة البقرة: 238]. وقال سبحانه: {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ (9) أُولَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ (10) الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (11)} [سورة المؤمنون: 9 - 11] وقال عليه الصلاة والسلام: "الصلاة عماد الدين". وقال: "بين الرجل والشرك والكفر ترك الصلاة". وقال: "من ترك الصلاة متعمدا فقد كفر جهارا". وقال عليه السلام: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة فإن صلحت صلح سائر عمله وإن فسدت فسد سائر عمله".

ص: 255

وكتب سيدنا عمر رضى الله عنه إن أهم أمركم عندى الصلاة، فمن حافظ عليها فهو لما سواها أحفظ، ومن ضيعها فهو لما سواها أضيع، وقد جعلها الله سبحانه للمحافظين عليها واعظا وناهيا فقال: {

إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ

} [سورة العنكبوت: 45] وقال سيدى خليل: ومن ترك فرضا أخر لبقاء ركعة بسجدتيها من الضرورى وقتل بالسيف حدًّا، ولو قال أنا أفعل وصلى عليه غير فاضل".

"ومنه أمر الزكاة الواجبة في الأموال والأنعام والحبوب لمن حال عليه الحول وكمل عنده النصاب، وقد حدث فيها من الخيانة والتدليس وتقاعد الناس عليها والامتناع من إخراجها إلا بالقهر ما صيرها جباية، وثقلت على العامة، حتى صارت مغرما مع أنها زيادة في الأموال وبركة فيها وحفظ لها.

الزكاة أخت الصلاة، فكما أن الصلاة طهرة للأبدان، الزكاة طهرة للأموال قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ

(103)} [سورة التوبة: 103] وفى الحديث عنه عليه الصلاة والسلام: "ما مانع الزكاة بمسلم". وعنه صلى الله عليه وسلم: "حصنوا أموالكم بالزكاة. وعنه أيضًا ما ضاع مال في بر ولا في بحر إلا بترك الزكاة فيه".

وقال تعالى: {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (34) يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ (35)} [سورة التوبة: 34، 35].

وفى الأثر: كل مال لم تؤد زكاته فهو كنز، وعنه عليه السلام:"ما من صاحب مال لا يؤدى حق الله فيه إلا مثل له يوم القيامة شجاع أقرع له زبيبتان يأخذ بلهزمتيه أى شدقيه يقول أنا كنزك". وعنه صلى الله عليه وسلم: "ما من صاحب إبل ولا بقر

ص: 256

ولا غنم لا يؤدى زكاتها إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما كانت وأسمنه تنطحه بقرونها وتطؤه بأخفافها كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها حتى يقضي بين الناس".

ومنه صيام رمضان الذى أوجبه الله على كل عاقل بالغ صحيح حاضر قال سبحانه: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ

(185)} [سورة البقرة: 185]، وقد ضيعت العامة حقوقه وتهاونوا بصيامه حتى إنه بلغنا مجاهرة بعضهم بأكله من غير نكير، ومن صامه صامه من غير قيام بحقه ولا معرفة بما يصحح صومه أو يفسده، وأكثرهم يصومون ولا يصلون، وفى الحديث: الصيام جنة ما لم تخرقه، وعنه عليه السلام:"من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه"، وعنه عليه السلام:"من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه".

ومنه الحج للمستطيع قال تعالى: {

وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا

(97)} [سورة آل عمران: 97] والاستطاعة هى الزاد والراحلة والأمن على النفس والمال، وقال عليه السلام: من حج هذا البيت ولم يرفث ولم يفسق خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، وقال عليه السلام: العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة.

وقد سمعت العامة فضله وجحدوا حكمه وارتكبوا فيه من البدع والرياء والسمعة ما أفسدوه عليهم، فإن الحاج ينبغى له اختيار الحلال المحض لذلك، والمحافظة على الصلوات الخمس في أوقاتها، ومعرفة أحكامه وسننه، وترك المراء والجدال والرفث والفسوق وحفظ الجوارح من المعاصى، وخصوصا الفرج واللسان قال الله سبحانه: {

فَلَا رَفَثَ وَلَا فُسُوقَ وَلَا جِدَالَ فِي الْحَجِّ

(197)} [سورة البقرة: 197] وقد صار اليوم عند العامة لهوا ولعبا، وجل العامة لا يقصد به إلا

ص: 257

التسمية بالحاج فقط ولا يقصد به فرضا ولا غيره، فتجد الرجل يتوجه للحج ومن حين خروجه وهو متلبس بالمعاصى من أكمل الحرام وترك الصلوات والتهاون بأمور الدين، ولا يعرف ما يأتى وما يذر، ويرجع وقد توجه لفرض فعطل فروضًا. ولم يدر مسنونا ولا مفروضا. أولئك الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا".

"ومن أركان الدين الجهاد في سبيل الله وهو فرض كفاية ما لم يفجإ العدو، فإن فجأ العدو كان فرض عين، قال سيدى خليل: وتعين بفجإ العدو وإن على امرأة وصبى .. إلخ. وقال الله تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ

(216)} [سورة البقرة: 216]، وقال:{وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (244)} [سورة البقرة: 244]، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قَاتِلُوا الَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِنَ الْكُفَّارِ وَلْيَجِدُوا فِيكُمْ غِلْظَةً

(123)} [سورة التوبة: 123]، وقال سبحانه: {

وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (41)} [سورة التوبة: 41]، وقال:(الذين آمنوا جاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون)(1)، وقال: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ

(10)} [سورة الصف: 10]، وقال: {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ

(169)} [سورة آل عمران: 169].

وقال عليه السلام: "الجهاد رهبانية أمتى". وقال: "لكل نبى حرفة وحرفتى الجهاد في سبيل الله"، وقال:"جعل رزقى تحت ظل رمحى وجعلت الذلة والصغار على من خالف أمرى"، وقال:"من مات ولم يغز ولم ينو الغزو مات ميتة جاهلية"، وقال:"ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا".

ص: 258

فينبغى للمؤمن الموقن أن يسمع ويطيع لما أمر الله به من الجهاد، ويستعد بما قدر عليه من سلاح وفرس جواد، وتعلم رماية وفروسية ليأجره الله على نيته، ويثيبه على حكم قصده وطويته، قال تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ

(60)} [سورة الأنفال: 60]، وليتعلم ما يتعلق به من الأحكام من حسن النية والإخلاص وصدق العزيمة، لتكون كلمة الله هى العليا، ويشعر نفسه تصديق ما وعد الله به من نصر الإسلام وأهله، وخذلان الكفر وشيعته، ويعرف حرمة الفرار من الزحف وما أعد الله لمن مات شهيدا مقبلا، وما أعد الله لمن مات مدبرا ليكون على بصيرة فيما يأتى وما يذر".

"وهذا الجهل الواقع في قواعد الدين إنما هو من قلة العلم وعدم مخالطة العلماء وسؤالهم عن مسائل الشريعة المطهرة، فتجد أحدهم بصيرًا بأمور معاشه وبيعه وشرائه جاهلا بأمور دينه واعتقاده، غافلا عن معاده، لعدم اعتنائه بآخرته، وقلة نظره في أمور عاقبته، فإنا لله وإنا إليه راجعون.

وقد عم ذلك حتى صار المعروف منكرًا، والمنكر معروفا، والسنة بدعة، والبدعة سنة، وارتكبت العامة أمورًا قريبة من الكفر أو هى الكفر بعينها".

"فمنها فساد البيع والشراء والمعاملات وهو سلف الدراهم بالزيادة أو كراؤها بكذا في الشهر لكل مثقال وغير ذلك من أنواع الربا، وقد شدد الله في أمره وآذن المصرّ عليه بالحرب فقال سبحانه: {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ

(275)} [سورة البقرة: 275].

وقال عليه السلام: "من نبت لحمه من سحت فالنار أولى به"، وقال صلى الله عليه وسلم:"لعن الله آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده".

"ومنها فساد الأنكحة والتساهل فيها من خطبة أحدهم على خطبة أخيه والدخول على المطلقة قبل تمام العدة وغير ذلك من المنكرات، وأشنعها وأبشعها ما

ص: 259

يرتكبه الأشياخ الفجرة من بيع النساء على ما بلغنا، وصورة ذلك أن يقبض الرجل وتوظف عليه الذعيرة فلا يفي بها ماله وتكون عنده الزوجة المرغوب فيها فيتحمل الراغب فيها بما بقى من الذعيرة ويسلمها له، ويجعلها العدول الفجرة في صورة خلع، ويدخل بها الراغب قبل وفاء العدة، وهذا وشبهه من الإلحاد في الدين، والخروج عن شريعة سيد المرسلين".

"ومنها التساهل في أمر الزنا والاكتفاء فيمن ثبت عليه بالقبض والذعيرة، وذلك من المنكر الذى لا يرضاه الله ورسوله والمؤمنون؛ لأنه خرق الشريعة وإبطال لأحكام القرآن وقد قال تعالى:{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا (32)} [سورة الإسراء: 32]، وقال سبحانه: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ

(2)} [سورة النور: 2]، هذا في البكر وأما الثيب فالرجم، فقد قال عليه السلام:"لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن". وقال: "الزنا بريد الفقر ولا ظهر في قوم الزنا إلا فشا فيهم الموت".

"ومنها التساهل في أمر السرقة والاكتفاء برجوعها وزجر السارق، وهذا مخالف للشرع، مبطل لحكمه الذى هو القطع، قال الله سبحانه: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا

(38)} [سورة المائدة: 38]. وقال عليه السلام: "والله لو سرقت -وذكر عضوا شريفا من ذات شريفة حاشاها من ذلك- لقطعت".

"ومنها تسلط الأشياخ على نسوة رعاياهم بالاحتيال على من كان تحته زوجة حسناء بقبضه حتى يتوصل للفاسد في زوجته".

"ومنها التساهل في أمر الدماء التي شدد الله فيها وأمر بالقصاص فقال سبحانه: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى

(178)} [سورة البقرة: 178]، وقال: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ

(179)} [سورة البقرة: 179] وقال سبحانه: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا

ص: 260

بِالْحَقِّ وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلَا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ إِنَّهُ كَانَ مَنْصُورًا (33)} [سورة الإسراء: 33] فتجد القاتل يسبق إلى الشيخ أو العامل للإعلام والرشوة ليبطل حق المقتول ودعوى أوليائه إن رفعت إليه، ويسعى في إبعاد التهمة عنه، وربما يتجرأ على الله بقبض أولياء الدم ليدحض دعواهم. ويحسم شكواهم".

"إلى غير ذلك من المنكرات التي حدثت في الوقت نسأل الله السلامة، فإن الشَّرَّفى الزيادة كما أخبر صلى الله عليه وسلم، فيجب على من ولاه الله أمرا أن ينصح لنفسه ولرعيته جهد الاستطاعة، ويحملها على اتباع السنة والجماعة، ويزجر من قصر في دين الله وخالف أمره وارتكب ما نهى عنه بقدر معصيته، ويقوم بأمر الله فيهم وطاعته، ويبرأ بنفسه فيحملها على منهاج الحق والشريعة، فإن الرعية على دين رئيسها، فحينئذ ينفع تعليمه ويقبل ما يقول، ويلزم كل دوار وجماعة مشارطة طالب علم يرجعون إليهم في أمر دينهم، وتعليم صبيانهم وجهالهم، ويقوم بالأذان والصلوات الخمس في أوقاتها.

والجماعة التي لم تفعل ذلك يزجرهم ويعاقبهم، ويختار الأشياخ أهل الدين الذين يقومون بذلك، ويستعين عليه بالقضاة أهل العلم والعمل، الذين يتقون الله ويتحرون في أحكامهم، ومن ثبت عليه حد من حدود الله شرعا يطالعنا به لنأمر بإنفاذ حكم الله فيه.

ويشدد على أهل الجرائم والفساد، ويرفق بالضعفاء والمساكين، فما سمعنا عاملا قبض أحدا على ترك الصلاة أو ترك الوضوء أو عاقبه على قلة دينه أو أدبه على قول أو فعل خارج عن الشرع العزيز، وإنما يبلغنا قبض العمال على الذعيرة أو مخالفة الشيخ أو الغوغة عليه أو غير ذلك من الأغراض والشهوات الدنيوية التي لا تعلق لها بالدين، مع أن القيام بأمور الدين أولى، والاهتمام بالاستقامة فيه أهم.

ص: 261

ولو استقام دين العامة لاستقام أمر دنياهم فينبغى، للعاقل إيثار أهل الدين على الدنيا، ففى محض حق الله تجب المبادرة، وفى الشمائل: كان صلى الله عليه وسلم لا يغضب لنفسه إلا إذا انتهكت (1) محارم الله فلا يقوم لغضبه شئ.

فمن وفقه الله للاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رشد واهتدى، ومن حاد عن سبيله فقد غوى واعتدى، فإنه عليه السلام تركنا على المحجة البيضاء لا يزيغ عنها إلا شقى، وليجعل أموره كلها جارية على الكتاب والسنة ويسأل العلماء عما لم يعلم، ويرفع القضايا الشرعية للقضاة، ويأمرهم باختيار الشهود أهل العدالة والدين، ليتم له من ذلك ما أراد، ومن ظهرت عليه جرحة في شهادته ينكل به ويمنعه من الشهادة لينزجر به غيره، وتجرى أمور الشرع على مقتضاها، فإن بصلاح الشهود تستقيم أمور الشرع؛ لأن بهم عصمة الدماء والأموال والأنساب.

وصلاح الشهود بصلاح القاضى، وصلاح القاضي بالعلم والتقوى والورع ومعونة العامل على تنفيذ أحكامه، فمن قام بهذا من العمال فقد نال رضا الله ورسوله ورضانا، وفاز بخير الدارين، فإن بالعدل ثبات الولاية وملاك أمرها، ولا يتم ذلك إلا بمشاورة الصلحاء والاهتداء بهديهم، فإن مصاحبة الأخيار، ترفع الأقدار، وتبلغ منازل الأبرار، وقد قيل: والله ما أفلح من أفلح إلا بصحبة من أفلح ولا يقال فسد الزمان وقل أهل الدين، وفقد الناصر والمعين، فإن من قام بالله وجد في إقامة شريعة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعزمة صادقة رزقه الله المعونة على ذلك، والتوفيق لسلوك تلك المسالك، فإن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون، ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوى عزيز.

ومن حاد عن هذا السبيل من العمال وقصر في نصح رعيته ولم يحملها على أفضل الأخلاق والأعمال فقد تعرض لسخط الله ومقته، وحلول العقوبة المعجلة به ولا يلوم إلا نفسه، ولا يضر إلا رأسه.

(1) في المطبوع: "إلا إذا انتهت! ".

ص: 262