الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فبارح البلاد ناجيا بنفسه، وكانت مدة دولته نحو الخمسة أشهر نظرًا لكون بيعته لم تتم إلا بعد حلوله مكناسة مستقر عرش مملكة أبيه.
بناءاته: لم يحفظ التاريخ منها غير الباب الواقع في جنوب بطحاء الهديم مشهور النسبة إليه لحد الآن، لا يعرف بغير باب رين العابدين اتصل بهذا الباب بين البطحاء المذكورة ومدينة الرياض العنبرى السالفة الذكر فيما قدمناه من البناءات الإسماعيلية تلك المدينة العظيمة الشأن التي كان أسسها والده لصدور دولته وعظماء مملكته التي أحدث فيها الآن بناء دور اليهود وأعطى اسم الملاح.
146 - زكرياء الفران أبو يحيى:
حاله: فقيه صابر، منور الظاهر والباطن، مواظب على تلاوة القرآن، من رجال مكناسة الزيتون، وفضلاء خيار عبادها، حسن اللقاء، كثير البشاشة، مسترسل الطلاقة والبشر، دائم القبول، متصل اللهجة، جميل التعطف، واسع الصدر على سجية أهل الفضل والدين أمثاله، يحدث عن سيره في عبادته واجتهاداته وتصرفه وورعه في كسبه وتحفظه على أمر دينه من باشره ما تقر به أعين الأولياء، ويعز وجوده في زمانه، وكذلك كثر التحدث على إيثاره غيره على نفسه بما يكون لديه، وعن اشتغاله بطهارة قلبه وعما ظهر على محله من علامة توفيقه، والله تعالى يمن على من يشاء من عباده بفضله ورحمته. قال الحضرمي في غالب الظن: إنه من أهل القرن الثامن من العشرة السابعة منه.
147 - زيدان أبو محمد سيدنا الجد ابن فخر الملوك العظام، مولاة إسماعيل
ابن الشريف بن على الحسنى السجلماسى
.
حاله: بطل شجاع مقدام قوى الجنان أعرف بنى أبيه بالكر والفر، وأمهرهم فروسة، ذو نجدة وجد وحزم وعزم وهمة أبية، ونفس علية، وأخلاق حميدة
مرضية، وشفقة وحنان، وميل لجانب الله، محب في الصالحين، موال لهم، منحاش لأهل الفضل والدين، صلب في دينه، مؤتمر بأوامر والده.
ولما بلغ أشده وظهرت نجابته استخلفه والده على مكناس كما في الترجمان المعرب، وقيل: إنه استخلفه بفاس، والأول أصح وذلك عام اثنين ومائة وألف، وعقد له على جيش أهل فاس، ووجهه إلى الترك حيث بلغه أنهم تعدوا الحدود وأضروا بالمجاورين لهم من إيالته المغربية، ثم بدا لوالده اللحوق به فلحق بأطراف المغرب الأوسط، وأبرم الصلح مع الأتراك ورجع لحضرته السلطانية.
وقيل: إن الَّذي تولى عقد الصلح مع الأتراك هو أبو عبد الله محمد بن الطيب الفاسى اختاره السلطان المولى إسماعيل لقضاء هذه المهمة لعلمه وحذقه ونباهته، وفى ربيع سنة ست ومائة وألف خرج المترجم في عسكر جرار تتلاطم أموجه إلى ناحية تلمسان، بعد أن قتل النائب بفاس أبا العباس أحمد السلاوى، فقاتل الترك ونال منهم، ورجع وفى سنة إحدى عشرة ومائة وألف نقل من ولاية مكناسة كما في الترجمان.
وولى على بلاد الشرك، فكان يغير على بلاد الترك إلى أن شردهم عن نواحى تلمسان أخذًا بالثأر منهم، وانتهى في بعض أيام غاراته إلى مدينة معسكر فاقتحمها واستولى على دار أميرها عثمان باى وأخذ جميع ما فيها من الذخائر والأمتعة، وعثمان إذ ذاك غائب فلم يرض ذلك والده للصلح الَّذي كان أبرمه مع السلطان مصطفى العثمانى، ولذلك عزله عن البلاد الشركية، وولى مكانه أخاه المولى حفيد.
وفى سنة ثلاث عشرة ومائة وألف عين من قبل والده خليفة على فاس، وبعث معه حمدون الروسى عاملا عليها.
وفى سنة أربع عشرة ومائة وألف وجهه والده لقتال أخيه الولى محمد العالم الَّذي ثار بالبلاد السوسية ودعا لنفسه واقتحم مراكش ودخلها عنوة، فسار في عساكر ذات بال، ولما وصل مراكش وجد المولى محمدًا بارحها وعاد لتارودانت، فاقتفى أثره إلى أن خيم على تارودانت وشبت الحرب بينهما ودامت وتسعرت نيرانها إلى أن كان الظفر للمترجم، فاستولى على تارودانت وقبض على أخيه المولى محمد ووجهه لوالده ومكث خليفة بتارودانت إلى أن وافته منيته فيها.
شعره: من ذلك قوله حسبما نسبه له العلامة الثبت مولاى عبد السلام بن سليمان بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل السلطان الجليل ومن خطه نقلت:
لم أنس يوما زارنى قمرى
…
فكمل الأنس به إذ جلس
قبلت منه الخد مختلسا
…
وإنما العيش الشهى خلس
وملت للثغر على غرة منه
…
فما أطيب ذاك اللعس
فجادلى بالريق حيث درى
…
أنى عليل لا أطيق النفس
وبت نشوانا بعافية
…
أغتنم الفرصة عند الغلس
وقوله:
أتتك على رغم الرقيب حمائلى
…
وهي بأسباب الوصال وسائلى
فدونك فاختر ما يزينك لونه
…
وزرنى ولا يشغلك عذل العواذل
على أن سيف اللحظ أمضى من الَّذي
…
أتاك فكن يا منيتى خير واصل
وفاته: توفى بتارودانت عام تسعة عشر ومائة وألف، وحمل في تابوت إلى مكناسة فدفن ليلا إلى جنب أخيه المولى محمد العالم، هكذا قال الزيانى ومن تبعه، وعندى أن ذلك وهم لا يكاد يصح إذ في سنة سبع وثلاثين كان لازال حيا يرزق قطعا في منتصف رمضان منه.
إذ في التاريخ المذكور أوقع والده السلطان مولانا إسماعيل محالفة بين المترجم وبين أخيه مولاى أحمد الذهبي، وعقد المحالفة والمؤاخاه عندى شهد عليه على إشهاد والدهما، وهو بكرسى ملكه، وعلى أبي العباس الذهبي المذكور بما فيه عنه العدول والفقهاء والقضاة فمنهم عبد الله تعالى الشريف بن أحمد بن محمد ابن عمر الحسنى، وأبو العباس أحمد بن سعيد العميرى، وأبو عبد الله محمد بن ذكرى وأبو القاسم بن سعيد العميرى، وأبو الحسن على بن سعيد العميرى، ومحمد بن الشرقى في آخرين.
* * *