الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فانصبيه فإنه ينصر عليه وعلى يده ترد لك دارك، فامتثلت الأمر، ووكلت أخاها من حينها.
وكان من عجيب الاتفاق أنَّه لما رفع المشترى لمجلس الشرع وجد عدلين من أعيان العدول المبرزين بمجلس القاضي بقصد الأداء على شهادة لهما، فكانا أول من تقدم للأداء ليتفرغ القاضي لفصل الخصوم، فلما جلسا بين يديه أخبراه أن تلك المرأة لا تحسن معرفة بيع خبزة فضلا عن الدار، فطلب منهما الإشهاد بذلك فشهدا في مجلسه وأديا شهادتهما قبل أداء العقد الَّذي أتيا لأجله، فحكم من حينه بفسخ البيع، وقام المشترى بخفى حنين، وبأثر ذلك مرضت عينا المترجم مدة، ثم برئت إحداهما، وتمادى بل ازداد مرض الأخرى، فأتى بمتطبب فكانت باكورة نتيجة علاجه إخراج عينه من محلها حتَّى وقعت في كف صاحبها، نسأل الله السلامة والعافية، من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، إن البلاء موكل بالمنطق.
مشيخته: أخذ عن والده العلامة السيد محمد حامل لواء التدريس في وقته وعن غيره.
وفاته: توفى عام سبعة وسبعين بالحضرة المكناسية ودفن بضريح سيدى الحارثي آل الشيخ الكامل من حومة براكة.
163 - الطيب بن اليمانى بن أحمد بوعشرين الأنصاري الخزرجى
.
على ما صرح به غير واحد، وجزم به سيدى محمد بن عبد القادر الفاسى في تقييده في مشاهر أهل فاس في القديم.
حاله: فقيه أستاذ علامة مفوه، مشارك نقاد، سياسى محنك، ذو خط بارع وإنشاء بديع. قال اللجائى في دوحة المجد والتمكين: نشأ حرس الله علاه،
163 - من مصادر ترجمته: إتحاف المطالع في موسوعة أعلام المغرب 7/ 2640.
وحفظ عليه ما أولاه، بمكناسة الزيتون صدر صدورها، وواسطة شذورها، ووالده رحمه الله قطب مدارها، ومقام حجها واعتمارها فقرأ في صباه القرآن، وتغذى بحفظه بأعذب لبان، ثم قرأ على والده جملة من المتون، في غير واحد من الفنون، ثم أخذ عن جماعة من الأعيان من كابر مشايخ هذا الشان، واعتكف على طلب العلم، فنبغ فيه بالحفظ والفهم، واستمر على نعته المذكور إلى أن صار يتيمة عقد أولى الصدور. هـ.
وبالجملة فقد تربى في حجر العفاف والصيانة والسعادة، وتغذى بلبان النباهة والسيادة بين أولى المجادة، انتقاه مولانا الجد السلطان مولاى عبد الرحمن بن هشام لتأديب أولاده الكرام، الجلة الفخام، فكان لهم خير مرشد وإمام.
ولما قدم نجله السلطان من بعده سيدى محمد من سجلماسة مراهقا أضافه إلى تربيته ونظره، فكان له خدنا موافقا، وخصه بكفالته لما تيقنه من كفاءته، فلم يأل جهده في تأديبه وتربيته وتهذيبه حتَّى جمع عليه القرآن العظيم حفظا ورسما، وأدرك غاية الكمال مسمى واسما.
وقرأ مقدمات العلوم وأمهاتها وأحاط بصورة النجابة من جميع جهاتها، فلازمه بعد ذلك حتَّى تجلت شمس الخلافة عن والده في مشرقه، ولاح بدر السعود على مفرقه، فعند ذلك استقل لديه بالحجابة، واختص بقصب السبق بين أولى النجابة وذلك عام خمسة وخمسين ومائتين وألف.
ولما عقد الخليفة سيدى محمد على جبينه للإمامة العظمى فاتح سنة ست وسبعين بتقدم السين على الموحدة ومائتين وألف استوزر شيخه المترجم، فكان قطب دولته ومرجع آرائه وإصداراته إلى محاسن جليلة، وأخلاق كاملة جميلة.
وقد ترجمه في الجيش وأطال. فيما له من أوصاف الكمال، والامتياز بين سراة الرجال، وما كان من الجاه والوجاهة، والمكانة القعساء في الدهاء والنباهة.
وقد وقفت على تقييد بخط يد المترجم موقع عليه بخط السلطان سيدى محمد ولفظه:
"الحمد لله خدمت أعتاب سيدنا أول وقت الشباب وأفنيت عمرى في الخدمة إلى أن صرت معدودا من الشياب، وقد ظهر على هذا العبد من فضل الله تعالى ثم من فضل المقام الأنفع، والجناب الأرفع، من الخبر الدنيوى والأخروى ما هو أظهر من شمس الظهيرة حتَّى ملك بوجودكم ما لم يملكه أبوه ولا جده، وتزوج وتسرى وولد أولادًا في أيامكم السعيدة فقرءوا ونجبوا، وبلغوا في النباهة مبلغا استحقوا به الجلوس على منصة التدريس من فضل الله ولا فضل إلا فضل الله ثم فضلكم، وقد عرف جنابكم العزيز بمراعاة من خدم سنة أو شهرا، فكيف بمن خدم دهرا، فإن لى الآن في الخدمة أربعا وأربعين سنة ما قصرت فيها في الخدمة، بل قمت ولا زالت قائمًا بما أقدرنى الله عليه مما أرجو أن ينيلنى الله به أرفع الدرجات، والصفح عن الزلات، وأن يسدل سيدى على أولادى رداء التوقير والاحترام، فإنه لا عز لهم إلا بالله ثم بسيادتكم ومطلوبى أن يظهر عليهم أثر العناية بكتب ظهير يكون متضمنا لتوقيرهم رعيا لما سلف من خدمة والدهم ووالده ومن قبلهم من أسلافه الذين كانوا شيعة لأول سلاطين هذه الدولة العلوية، السلطان مولاى محمد، قدس الله روحه، فإنى رأيته أيده الله علامته بخط يده الشريفة الَّذي كتب لهم ونوه بهم، وما أظن سيدنا أيده الله إلا عقل عليها يكون الظهير الشريف، عزًّا لأولادى من بعدى وينبه سيدنا فيه على إقرار من أسكنته منهم بمراكش على السكنى، خشية العين باجتماعهم بمكناسة، لأن فيهم من لا يعرف أصلا ولكونهم نشئوا بمراكش وما رأوا الغرب رأسا، وعلى من داوم على السكنى منهم بفاس، لأنى أهلت بعضهم للسكنى بفاس وأسكنته بها ليبقى متعاطيا للعلم تعلما بها وتعليما، وحاصله أردت ظهيرًا يعم الساكنين من أولادى بمكناسة
وفاس ومراكش بوجود سيدنا أيده الله" هـ من خطه بلفظه وبعده التوقيع الشريف بقلم أزرق ونصه: "اكتب الظهير على نحو ما ذكرت ويطبع".
ووقفت على ظهير السلطان المقدس مولانا الحسن بإقرار أولاده على محل سكناهم حيثما كانوا ولفظه بعد الحمدلة والصلاة والطابع الشريف:
"يعلم من كتابنا هذا الطالعة في سماء الهداية أقماره، المتوالية بتوالى المدى أنواره، أننا بحول الله وقوته، وعناية توفيقه ومنته، أقررنا حملته المنحاشين لشريف أعتابنا، الصادقة محبتهم في على جنابنا، وهم أولاد كاتب شريف أوامر مولانا المقدس بالله الطالب الطيب بن اليمانى بوعشرين رحمه الله حيثما كانوا، ساكنين مجتمعين أو متفرقين على ما ألفوه من جانبنا العالى بالله، وجانب أسلافنا الكرام، قدسهم الله من التوقير والاحترام، والرعى الجميل المستدام، بحيث لا يسامون بمكروه، ولا تنتهك لهم حرمة بوجه من الوجوه، ولا يعطل ما أصدره سيدنا الوالد في فردهم وجمعهم من البرور والاستيصاء بهم وإخراجهم من غمار العامة حتَّى لا يسامون بوظيف، ولا يكلفون أدنى تكليف، وزكواتهم وأعشارهم يدفعونها للضعفاء من أقاربهم، فإن المقصود فيمن نكسبه عزنا إظهار الملاحظة ومزيد الاعتناء، ومن عكس فيهم قصدنا الحميد، فقد تعرض لعقوبة الله وعقوبتنا بالنكال الشديد، فنأمر عمالنا وولاة أمرنا أن يعلموا بحكم فحواه، ويجروهم على سواء سنن هداه، فلا سبيل لمن يخرق عليهم عادة، أو يحدث في أمرهم نقصا أو زيادة، تقريرا تام الرسم، نافذ الحكم، المرضى العزم، يعلمه الواقف عليه ولا يحيد عن كريم مذهبه صدر به أمرنا المعتز بالله في خامس عشر رجب عام عشرة وثلاثمائة وألف".
وإلى الحين الحالى لا زال عقب أولاده بمحال استقرار آبائهم.