المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إنما هو بالشريعة المحمدية كما هو مصرح به في الشروط، - إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس - جـ ٣

[ابن زيدان السجلماسي]

فهرس الكتاب

- ‌124 - الحسن بن عثمان بن عَطِيَّة التجانى المكناسى المعروف بالوَنْشَرِيسى أبو على

- ‌126 - الحسن أبو الطيب بن محمد السهلى الشهير بآمكراز

- ‌127 - الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن حرزوز المكناسى أبو على

- ‌128 - حسن نور الدين بن أحمد بن العباس بن أبي سعيد المكناسى

- ‌129 - الحسن بن رحال بن أحمد بن على التدلاوى ثم المعدانى -كذا قرأته فيما كتبه بخطه منه نقلت- الإمام الكبير أبو على

- ‌130 - حمادى أبو المواهب بن عبد الواحد الحمادى نسبة لفخذ من قبيلة برابرة بنى مطير الشهيرة الشهير بالمكناسى

- ‌131 - الحسن بن مبارك السوسى المكناسى الوفاة الولى الصالح المجذوب المكاشف

- ‌132 - الحارث بن المفضل الحسناوى السهلى أصلا المكناسى دارا

- ‌133 - الحسن بن مولاى المهدى بن مولاى أحمد بن مولاى المهدى

- ‌134 - الحسين بن الحسن بن حفيد بن محمد -فتحا- بن زين العابدين بن فخر الملوك مولانا إسماعيل الحسنى

- ‌حرف الخاء

- ‌135 - الخياط الزرهونى

- ‌136 - الخياط الخياطى من عقب الولى الصالح سيدى عبد الله الخياط، دفين جبل زرهون

- ‌137 - خناثة بنت الشيخ الأكبر الأشهر بكار بن على بن عبد الله المغافرى السيدة المباركة زوج سيدنا الجد الأعظم مولانا إسماعيل سلطان المغرب

- ‌138 - خليل بن الخالدى

- ‌حرف الدال

- ‌139 - الدبيز: المجذوب المطلسم

- ‌حرف الراء

- ‌140 - الرشيد: بن الشريف بن على الشريف دفين مراكش

- ‌علائقه السياسية

- ‌بناءاته وآثاره

- ‌141 - راشد بن منصة الأوربى خديم آل بين الرسول المخلص مولى الإمام الأكبر رحمه الله ورضى عنه

- ‌142 - رحمة بنت الجنان زوجة أبي عبد الله محمد بن عزوز الصنهاجى

- ‌143 - روان المدعو أبا الروائن ابن محمد بو مدين بن عبد السلام بن على

- ‌حرف الزاي

- ‌144 - زيدان أبو المعالى ابن السلطان أبي العباس أحمد المنصور الذهبي فخر الملوك السعديين

- ‌145 - زين العابدين السلطان بن السلطان مولانا إسماعيل الجد الأعظم

- ‌146 - زكرياء الفران أبو يحيى:

- ‌147 - زيدان أبو محمد سيدنا الجد ابن فخر الملوك العظام، مولاة إسماعيلابن الشريف بن على الحسنى السجلماسى

- ‌حرف الطاء

- ‌148 - الطيب بن الشيخ سيدى الشاذلى بن العارف سيدى محمد - فتحا

- ‌149 - الطيب بن عبد الرحمن بن أبي القاسم بن القاضي

- ‌150 - الطيب بن محمد بصرى المكناسى قاضيها

- ‌151 - الطيب بصرى المكناسى الدار والقرار

- ‌152 - الطيب بن الشريف النقيب مولاى على الشريف القادرى

- ‌153 - الطيب بن إبراهيم بسير -بسين مهملة مشددة- الأندلسى الأصل الرباطى الدار والإقبار قاضيها

- ‌154 - الطيب أبو محمد بن الفقيه العدل السيد أحمد غازى المكناسى

- ‌155 - الطبب البيجرى

- ‌156 - الطيب الزكارى

- ‌157 - الطيب الفيلالى

- ‌158 - الطيب ابن الفقيه الكاتب السيد عبد الرحمن كدران -بالقاف المعقودة- المكناسى

- ‌159 - الطيب الحناش

- ‌160 - الطيب بن عبد السلام الواسترى

- ‌161 - الطيب أبو الإجلال ابن العدل الثقة أبي زيد عبد الرحمن بن محمد

- ‌162 - الطيب بن العلامة السيد محمد -فتحا- بن العلامة السيد الطيب بصرى الولهاصى

- ‌163 - الطيب بن اليمانى بن أحمد بوعشرين الأنصاري الخزرجى

- ‌164 - الطيب بن إدريس بن الفضيل بن محمد دعى حم بن هاشم بن حم آل سيدى على منون

- ‌165 - قاضيها: الطالب بن العلامة القاضي السيد عبد الواحد بن العلامة المحدث الشهير محمد -فتحا- البوعنانى الفاسى ثم المكناسى

- ‌166 - الطاهر بن عثمان المكناسى

- ‌167 - الطاهر بن محمد بن المكي بن حساين المكناسى

- ‌168 - الطاهر بن الحاج الهادي بن العناية بن محمد بن أحمد

- ‌169 - الطاهر بن الهادي بن أحمد بن المجذوب الفقيه

- ‌170 - الطيب بن العناية بَنُّونَة الضرير

- ‌171 - الطيب بن عبد الله محمد بن الطاهر بن عبد القادر بن عبد الله بن فخر الملوك مولانا إسماعيل

- ‌حرف الكاف

- ‌172 - الكمال أبو البركات بن أبى زيد المكناسى

- ‌173 - الكامل بن عبد الله بن الطاهر بن محمد

- ‌حرف الميم

- ‌174 - مبارك أبو النور بن العالم العلم أبو التوفيق سالم الشيظمى المكناسى الدار والوفاة

- ‌175 - مبارك بن عبد الله بن محمد السجلماسى أصلا، الفيضى منشأ المكناسى دارا ووفاة

- ‌176 - محمد فتحا السلطان أبو البشائر بن أبي الأملاك والسلاطين المولى الشريف بن على الحسنى الينبوعى السجلماسى

- ‌177 - محمد المدعو الكبير أبو عبد الله بن السلطان الأعظم أبى النصر إسماعيل. المعروف بولد عريبة

- ‌178 - محمد بن عبد الله بن إسماعيل المالكى

- ‌مولده وشيوخه وحجته:

- ‌صفته وحاله:

- ‌خلافته بمراكش:

- ‌بيعته، وبعض حوادث أيامه:

- ‌محبته للعلم واعتناؤه بأهله

- ‌اختياراته المذهبية وما رأى من المصلحة حمل القضاة والمدرسين عليه

- ‌نصيحته للأمة

- ‌عطاياه وأحباسه:

- ‌التراتيب والمداخيل المالية في عهده

- ‌اهتمامه بالأساطيل البحرية واعتنناؤه برياسها

- ‌السفينة الأولى:

- ‌السفينة الثانية:

- ‌السفينة الثالثة:

- ‌السفينة الرابعة:

- ‌السفينة الخامسة:

- ‌السفينة السادسة:

- ‌السفينة السابعة:

- ‌السفينة الثامنة:

- ‌السفينة التاسعة:

- ‌السفينة العاشرة:

- ‌علائقه السياسية

- ‌مع فرنسا

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط العشرون:

- ‌مع السويد

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرين:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌الشرط الثالث والعشرون:

- ‌مع الدنمرك

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌السادس عشر:

- ‌السابع عشر:

- ‌الثامن عشر:

- ‌التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌مع البرتغال

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط الرابع عشر:

- ‌الشرط الخامس عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط الموفى عشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌مع الدولة العثمانية

- ‌علائقه مع إسبانيا

- ‌مع مالطة

- ‌مع نابولى

- ‌فتوحاته

- ‌آثاره

- ‌سككه

- ‌قضاته:

- ‌وزراؤه

- ‌كتابة

- ‌شعراؤه

- ‌سفراؤه

- ‌عماله

- ‌نقباؤه على الأشراف

- ‌نظاره

- ‌أولاده

- ‌مؤلفاته

- ‌وفاته

- ‌179 - محمد بن عبد الرحمن بن هشام بن محمد بن عبد الله بن إسماعيل السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان ابن السلطان

- ‌بعض ما قام به من الأعمال ذات البال بعد جلوسه على العرش

- ‌حرب تطوان

- ‌علائقه السياسية

- ‌مع الدولة الإصبانية

- ‌الشرط الأول:

- ‌الشرط الثانى:

- ‌الشرط الثالث:

- ‌الشرط الرابع:

- ‌الشرط الخامس:

- ‌الشرط السادس:

- ‌الشرط السابع:

- ‌الشرط الثامن:

- ‌الشرط التاسع:

- ‌الشرط العاشر:

- ‌الشرط الحادى عشر:

- ‌الشرط الثانى عشر:

- ‌الشرط الثالث عشر:

- ‌الشرط السادس عشر:

- ‌الشرط السابع عشر:

- ‌الشرط الثامن عشر:

- ‌الشرط التاسع عشر:

- ‌الشرط العشرون:

- ‌الشرط الحادى والعشرون:

- ‌الشرط الثانى والعشرون:

- ‌الشرط الثالث والعشرون:

- ‌الشرط الرابع والعشرون:

- ‌الشرط الخامس والعشرون:

- ‌الشرط السادس والعشرون:

- ‌الشرط السابع والعشرون:

- ‌الشرط الثامن والعشرون:

- ‌الشرط التاسع والعشرون:

- ‌الشرط الثلاثون:

- ‌الشرط الحادى والثلاثون:

- ‌الشرط الثانى والثلاثون:

- ‌الشرط الثالث والثلاثون:

- ‌الشرط الرابع والثلاثون:

- ‌الشرط الخامس والثلاثون:

- ‌الشرط السادس والثلاثون:

- ‌الشرط السابع والثلاثون:

- ‌الشرط الثامن والثلاثون:

- ‌الشرط التاسع والثلاثون:

- ‌الشرط الأربعون:

- ‌الشرط الحادى والأربعون:

- ‌الشرط الثانى والأربعون:

- ‌الشرط الثالث والأربعون:

- ‌الشرط الرابع والأربعون:

- ‌الشرط الخامس والأربعون:

- ‌الشرط السادس والأربعون:

- ‌الشرط السابع والأربعون:

- ‌الشرط الثامن والأربعون:

- ‌الشرط التاسع والأربعون:

- ‌الشرط الخمسون:

- ‌الشرط الحادى والخمسون:

- ‌الشرط الثانى والخمسون:

- ‌الشرط الثالث والخمسون:

- ‌الشرط الرابع والخمسون:

- ‌الشرط الخامس والخمسون:

- ‌الشرط السادس والخمسون:

- ‌الشرط السابع والخمسون:

- ‌الشرط الثامن والخمسون:

- ‌الشرط التاسع والخمسون:

- ‌الشرط الستون:

- ‌الشرط الحادى والستون:

- ‌الشرط الثانى والستون:

- ‌الشرط الثالث والستون:

- ‌الفصل الرابع والستون:

- ‌مع الدولة الفرنسية

- ‌مع الدولة الأمريكية

- ‌حساب الموازنة والدفاتر المالية في عصره

- ‌آثاره

- ‌كيف كان نهوض ركابه

- ‌وزراؤه

- ‌حاجبه وقائد ومشوره

- ‌كتابه

- ‌سفراؤه

- ‌خلفاؤه

- ‌نوابه بطنجة

- ‌قضاته

- ‌نظاره

- ‌محتسبوه

- ‌نقباؤه

- ‌عماله

- ‌قواده

- ‌أمناؤه

- ‌أولاده

- ‌بعض ما قيل فيه من المديح

- ‌وفاته

- ‌180 - محمد بن عيسى بن القاسم الصدفى من أهل طليطلة يكنى أبا عبد الله

- ‌181 - محمد بن حماد بن محمد زغبوش المكناسى

- ‌182 - محمد بن عبدون بن قاسم الخزرجى نسبة المكناسى دارًا ووفاة

- ‌183 - محمد بن قاضى مكناسة أحمد بن أبى العافية المكناسى يعرف بالأحول

- ‌184 - محمد بن قاسم بن محمد الأنصارى المالقى الشهير بابن قاسم الضرير

- ‌185 - محمد بن ورياش -بفتح الواو وسكون الراء وفتح الياء مشبعة- قاضيها أبو عبد الله

- ‌186 - محمد بن عبد الرحمن بن أحمد الصنهاجى عرف بابن الحداد المكناسى

- ‌187 - محمد بن أبى الفضل بن الصباغ الخزرجى المكناسى

- ‌188 - محمد بن أحمد بن أبى عفيف المكناسى

- ‌189 - محمد بن الشيخ الشريف أبى حامد أحمد بن إبراهيم الحسنى المكناسى

- ‌190 - محمد بن موسى بن محمد بن معطى العبدوسى -بفتح العين وسكون الباء وضم الدال

- ‌191 - محمد بن عمر بن الفتوح التلمسانى أصلا المكناسى المقام والوفاة

- ‌192 - محمد أبو عبد الله بن سعيد بن محمد المكلانى المكناسى

- ‌193 - محمد المكناسى

- ‌194 - محمد بن أبي طالب بن أحمد بن على بن أحمد المكناسى نسبة للقبيلة ثم العياضى عرف بابن السكاك من أبناء أبي العافية

- ‌195 - محمد بن أحمد بن عبد الرحمن اليفرنى الشهير بالمكناسى الفاسى بكنى أبا عبد الله

- ‌196 - محمد بن يحيى بن محمد بن يحيى بن جابر الغسانى المكناسى

- ‌197 - محمد بن أحمد بن أبى يحيى التلمسانى شهر بالحباك

- ‌198 - محمد بن قاسم بن محمد بن أحمد بن محمد القورى اللخمى

- ‌199 - محمد القطرانى أبو عبد الله

- ‌200 - محمد بن أبي البركات الحسنى الحاج المجاور

- ‌201 - محمد بن سعيد الحباك القيجميسى المكناسى أخو أحمد بن سعيد المتقدم الترجمة

- ‌202 - محمد بن عيسى بن عبد الله بن حرزوز

- ‌203 - محمد بن عبد العزيز المعروف بالحاج عزوز الصنهاجى المكناسى

- ‌204 - محمد بن على بن أبى رمانة المكناسى قاضيها أبو عبد الله

- ‌205 - محمد بن عبد الله بن محمد

الفصل: إنما هو بالشريعة المحمدية كما هو مصرح به في الشروط،

إنما هو بالشريعة المحمدية كما هو مصرح به في الشروط، ولا علينا في الطول الذى ذكرت نعم حين ينصرم الأجل وتتمحض المصلحة في السداد الذى أشرت به أعلمنا لنجيبك بما يشرح الله له صدرنا فإن الله سمى الصلح خيرا والسلام في 10 صفر الخير عام 1289".

‌حرب تطوان

وإن أعظم النضال والدفاع ما قام به حين فاجأ جلوسه على العرش تشغيب جنس الإصبان وتكالبه على قلب عزة الإسلام طالبا الإتيان باثنى عشر مسلما من قبيلة الأنجرة وقتلهم صبراً بين أظهر المسلمين أمام الأجانب بثغر طنجة عقوبة على هدم بعض القبيلة المذكورة بيت العسة الذى بناه الإصبان في الحدود -مخالفين ما جرت به العادة من اتخاذه من لوح- هناك مصمما على أحد أمرين، إما إجابة مطلبه وإما المناجزة وإشهار الحرب.

والحال أنه لا جيش وقتئذ منظم، ولا قوة حربية كافية فقابل المترجم ذلك بالثبات، ووازن بين المطلبين فتحقق أن الوبال على الإسلام والمسلمين بالمساعدة على أولهما، فصمم على رفضه لذلك وبعث خديمه الحاج محمد الزبيدى الرباطى لطنجة مندوبا عاليا مفوضا للنظر في تلك المطالب، واستشارة الدول واستنابتهم فيها فكان آخر أمره معهم الانفصال على الحرب.

قال مولاى العباس بن السلطان مولاى عبد الرحمن أخ المترجم فيما كتبه بخطه: إن مقدمة هذا الأمر ومبدأه فيما بلغنا عمن كان يباشره أن آل آنجرة ذهبوا إلى محدة الرومى وكسروا له حجرا كان عنده هنالك فيه رسم طابعهم الذى يعبرون عنه بالرومية اكرونه، فمن حيث وقع ذلك جاء الرومى إلى محدته واشتغل يبنى برجا ليدفع به عن نفسه، فجاء المسلمون وكسروه وتربوه، فجاء الرومى إلى المكلف من قبل السلطان الوالد رحمه الله وشكا له بجرأة آنجرة عليه وإن لم يقع

ص: 461

عليهم الأحكام يكون ذلك سبب الفتن، فكتب لهم ذلك المكلف وهو محمد الخطيب التطوانى، ووجه لهم بعض السادات ينهاهم ويأمرهم بالكف عن العتو والفساد، فأجابوه بأقبح ما يسمع وقالوا له: إنه على نفس النصارى وعادوا لعتوهم وفسادهم، ووجه لهم عاملهم بعد ذلك من طنجة ينهاهم فما رفعوا له رأسا.

ثم رفعت القضية إلى سيدى محمد، فلما اطلع على مكاتب النائب الخطيب ببيان الواقع وطلب الإصبان قتل أناس من أهل الآنجرة بباب سبتة، وإعطاء طرف من بلادهم توسعة، استنكر ذلك وعرضه على غيره فكبر ذلك على الجميع لما فيه من إهانة المسلمين المستلزمة لإهانة الدين.

فحينئذ استنفر من الرعية للذب عن بيضة الإسلام من سارع لإجابته فيه، ووجه القائد المأمون الزرارى إلى تطوان في نحو مائة فارس وخمسمائة رامٍ فرابطوا خارج تطوان من ناحية سبتة، ولزم هو عاصمة ملكه لتدبير النجدة وإرسال الأموال والعدة والعدد، ولئلا يختل ضبط الداخلية أو يحدث فيها منتهز فرصة تشويشا فيكون عونا باطنيا للعدو، فبرز الإصبان في حدود سبتة في جيش محكم النظام يحتوى على عشرين ألف مقاتل وذلك في ثالث ربيع الأول عام 1276 سلك بذلك الجيش مسلك إظهار القوة مع المطاولة وعدم المبادرة للمناجزة وقصد به جهة تطوان يتقدم مرة ويتأخر أخرى دام على ذلك مدة أربعة أشهر، وقبائل الناحية من الانجرة تقابله وتعترضه في المضايق وتناوشه القتال.

وفى أثناء ذلك جهز المترجم طائفة أخرى من الجيش بها خمسة آلاف من المتطوعة أكثرهم من عرب سفيان وبنى مالك والحياينة وخمسمائة من الودايا والعبيد بقيادة صنوه عم والدتنا المولى العباس، ونزل بضواحى تطوان وقبائل آنجرة ومن ساعدهم من أهل الجبال الهبطية في مناوشة مستمرة مع جيوش الإصبان التي تكاثرت بالتدريج وصارت تعد بخمسين ألفا.

ص: 462

وقد وقفت في كناشة عالم البيت السودى في عصره سيدى المهدى ابن سودة، على أن المترجم لما بلغه ما يقصده الإصبان من الاستيلاء على تطوان بعث لحفظه جماعة من ذوى النجدة والثبات برياسة أخيه المولى العباس، فلما كان الإصبان بجموعهم الكثيرة التي لا يفى بعدها ديوان على نحو الساعة من تطوان، تلقتهم البعثة المذكورة في ألفين ومائتى فارس فانهزم الإصبان وقتل منهم نحو خمسة آلاف، ولم يفقد المسلمون في الوقعة إلا خمسة وأربعين من رجالهم.

ثم وقع القتال ثانيا حسبما وقفت عليه بخط المولى العباس، وكان من الثامن والعشرين من جمادى الأولى، فتكبد الإصبان فيها ما استعظموه وأقلق راحتهم، وكان الفرار نتيجته، ولم يقتل من المسلمين إلا نحو الخمسة، ثم أعادوا الكرة في يوم الخميس ثالث جمادى الثانية فكان المآل عليهم أدهى وأمر ومات من المسلمين نحو الثلاثة.

ثم اتقدت نيران الحرب أيضا يوم الأحد سادس جمادى الثانية فقتل منهم نحو الثلاثة آلاف، ومات من المسلمين نحو الستة، وتمادى القتال بين الفريقين واشتدت الحرب، وأظهر المسلمون من البسالة ما أبهر أروبا وقضت منه بالعجب، حتى ذكروا في بعض مكاتبهم أنهم كانوا يظنون أنهم يلقون رجالا كالرجال الذين يعرفون، فإذا بقوم مثل الجبال لا يضجرون من الحرب ولا يهابون الموت تحملهم شجاعتهم على مصادمة المدافع والقبض على رؤسائها باليد، حتى إن رجلاً من أولاد البقال قتل أربعمائة من الإصبان كما حكى ذلك عنه من شاهد الوقعة، وكذلك استمرت الحرب متوالية والإصبان في انكسار إلى أن وقع ما سيذكر.

ثم بعث المترجم في تلك الأثناء صنوه جدنا للأم المولى أحمد في جيش من مكناس ونزل في خامس رجب في موضع يسمى فم الحبيرة -بالتصغير- وتواردت على المسلمين زرافات المتطوعة من سائر أنحاء المغرب وعواصمه وبواديه،

ص: 463

فما أفادت كثرتهم مع النظام الذى ظهر به الإصبان لذلك العهد، وكان أهل المغرب لا يعرفون إلا المناجزة إن أمكنت وطريقة الكر والفر.

ولما أحس جيش الإصبان القوة من نفسه، ورأى أن حالة أهل المغرب لا تتغير لا ماديا ولا أدبيا زحف على تطوان في ستين ألف مقاتل على طريق الساحل يعضدها الأسطول ويسايرها في حالة سيرها، إلى أن حل الجيش بساحة قلعة مرتيل بين تطوان والبحر بعد ما هلك من الجانبين خلق كثير.

ولما نزل الإصبان هناك واختلط الحابل بالنابل والمخلص بضده وكثر نهب القبائل بعضها بعضا وارتبكت الأمور واختل النظام، ورأى الجبليون وكانوا عمدة أعيان جيش المسلمين أن لا مطمع في حفظ مدينة تطوان من العدو، وقل زادهم، دخل السفهاء منهم عامة ضواحيها ومدوا أيديهم للسلب والنهب حتى اضطر التطوانيون للخروج إلى قائد جيش الإصبان النازل بمرتيل وتخابروا معه في الدخول للمدينة دخولا سلميا خوفا من هتك الأستار ومس الحريم، فلبى قائد الجيش طلبهم ودخل المدينة ضحوة الاثنين الثالث عشر من رجب السنة في كبار الجيش وأركان حربه ورغما عن كمال استعداده ووافر قوته لم ينل ذلك اليوم من احتلال تطوان المتصلة بحدوده إلا بعد أن تزود ممن حضر لقتاله من المسلمين على غير تعبية ولا انتظام الخسائر الفادحة في الرقاب والأموال، وبذلك صار أشد رغبة في الصلح والسلم، عكس ما كان عليه ابتداء من الرغبة في الحرب حين كان يظن الغلبة، حتى إن جيشه بمجرد إبرام الصلح كاد يطير فرحا وصار يهنئ بعضهم بعضا، وكذا للمسلمين بقبولهم الصلح، وكبر شاهد على ما ذكر من ابتهاج الإصبان بالصلح وشدة فرحهم به ما شوهد مما أظهره القائد الحربى اردنيل لدى مقابلته للمولى العباس للمفاوضة في إبرام الصلح من الخضوع والإجلال والاحترام.

ص: 464

هذا مجمل أخبار تلك الوقائع والحوادث، وقد عثرت على تفصيل كثير منها في الوثائق الرسمية السلطانية الصادرة في شانها فرأيت إدراجها هنا بنصوصها على حسب تواريخها، ونص أولها في التفويض للحاج محمد الزبيدى في مفاوضة الإصبان في مطالبهم بعد الحمدلة والصلاة والطابع بداخله "محمد بن أمير المؤمنين وفقه الله":

"يعلم من كتابنا هذا أسماه الله، أننا وجهنا من حضرتنا العالية بالله تعالى خديمنا الأنجد الحاج محمد الزبيدى للكلام مع نائب جنس الصبنيول في المطالب المسطرة في كتابه، وإجرائها على القوانين المقررة، والطرق المبسطة، وفوضنا له في ذلك والسلام في 14 من ربيع النبوى عام 1276".

ونص الثانى في الإذن للمذكور باستشارة سفير الإنجليز في القضية بعد ما ذكر:

"يعلم من كتابنا هذا أسماه الله أننا أذنا لخديمنا الأنجد الحاج محمد الزبدى في المشاورة مع نائب جنس النجليز والمفاوضة معه فيما يرجع لنازلة جنس الصبنيول لمحبته في جانب أسلافنا الكرام، قدس الله أرواحهم، ونعم أشباحهم، والسلام في 14 من ربيع النبوى عام 1276".

ونص الثالث في الإذن له باستنابة من أراد استنابته من السفراء في القضية:

"يعلم من هذا أننا أذنا لخديمنا الحاج محمد الزبدى في استنابة من أراد استنابته من نواب الأجناس مع نائب الصبنيول في المطالب التي سطرها في كتابه والسلام في منتصف ربيع النبوى الأنور عام 1276".

ونص الرابع في جواب الزبدى عن بعض ما دار بينه وبين الإسبان من الكلام:

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الزبدى أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

ص: 465

وبعد: فقد وصلنا كتابك أخبرت فيه أنك وجدت الطالب محمد الخطيب تعين عليه من جهة مراعاة المصلحة والسداد، أن يسلم لنائب جنس الصبنيول المطالب الأربعة التي وجهناك لأجلها، وأن دولة الصبنيول أهلكها الله لما بلغها ذلك لم تقنع به وطلبت أن تعطاها جبل موسى الذى ذكرت أن مساعدتها عليه لا تمكن، ولو وقفت عند مطلبها، وأن تكون عقوبة أهل لنجرة بالقتل أمام عسكرهم، وأن يكون الجواب عن هذين المطلبين يوم التاسع عشر من شهر تاريخه وإلا يكسر سنجقه ويتوجه هو وجميع تعلقاته.

وذكرت أن ما طلبه من تعجيل الجواب عنهما ليس من قانون البحر، وأنك استرعيت عليه بكتبك بما دار بيننا وبينه كُتُبًا لجميع نواب الأجناس لتوجهها إليهم إن لم يقف عند القانون المذكور، وأنه ساع في الفتنة مستعد لها.

وطلبت لأجل ذلك توجيه محلة تنزل في تبهدارت والكتب على اثنى عشر من معلمى الطبجية بالعدوتين وتوجيههم لثغر طنجة لافتقاره إليهم، وصار الكل بالبال.

أما ما طلب من قتل أهل لنجرة فلا يحل في شرعنا قتل مسلم إلا بموجب شرعى، نعم العقوبة التامة تكون لهم فيعاقبون عقوبة تامة إن شاء الله، وأما ما طلب من الجبل فلا نعطيهم بلاد المسلمين من غير قانون، نعم ما ادعاه من لحوق المضرة له من الأماكن التي أراد، فنحن نتكفل له بعدم لحوق مضرة له منها، وأما ما أشرت به من توجيه محلة للنزول بالمحل الذى ذكرت فإنا نوجهها إن شاء الله كما نوجه الطبجية لذلك الثغر المحروس بعناية الله ورب البيت يحميه والله المستعان ولا حول ولا قوة إلا به فنعم المولى ونعم النصير.

وقد كتبنا لسائر المراسى بأخذ الأهبة والاستعداد أولا، وأكدنا عليهم ثانيا، ولا تغيبوا عنا خبرا والله يعينك والسلام في 24 من ربيع النبوى عام 1276".

ص: 466

ونص الخامس من الوزير بوعشرين للزبدى في الجبل الذى يطلبه الإصبان والشروع في أخذ الأهبة بعد الحمدلة والصلاة:

"محبنا الأعز الأمين الأرضى الأمين الحازم الضابط الأحظى السيد الحاج محمد الزبدى، أمنك الله ورعاك، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: وصلنا كتابك بينت فيه اسم الجبل المذكور في مطالب الكافر الصبنيولى خذله الله، وذكرت أنه لا يمكن إسعافه عليه لما عزم عليه من الخروج، وأشرت بالتعجيل بالمحلة والخفيف المفروغ، وذكرت أنك تفقدت جميع الأبراج وحرضت على عمارة أهلها، وأن ذلك الثغر السعيد في غاية الخصاصة، وطلبت صدور الأمر الشريف للسيد محمد الخطيب بجعل المئونة للملازمين للأبراج ليتفرغوا لحراستها، فها سيدنا أيده الله كتب له بذلك وعلى المحبة والسلام 27 ربيع النبوى عام 1276.

الطيب بن اليمانى أمنه الله".

ونص السادس في استعداد طنجة للحرب:

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الزبيدى، أعانك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته. وبعد: فقد وصل كتابك أخبرت فيه أنك لما حققت بأن الكافر الصبنيولى دمره الله لا رجوع له عما أراده من الكرة، قمت على ساق ووجهت على العامل وتكلمت معه في شأن الأبراج وتعاهد الآلات الجهادية، ففهمت من كلامه التراخى، وقويته بما لا ينفعه معه إلا القيام على ساق في ذلك، وتكلمت مع الطالب محمد الخطيب في شان مئونة الطبجية والبحرية الذين يعمرون الأبراج

ص: 467

فنفذ لهم ثمان موزونات للواحد لضعف حالهم، وفرقت العدة على الجيش السعيد وأهل البلاد، وظهرت مخايل الخير والسعادة وسر جميع الناس بذلك.

وإن العدو المذكور لما رأى ما عليه الناس من الحزم والتيقظ لمحاربته، ظهرت فيه مخايل الفشل، وصار يقتصر على طلب الميلين فدون بعد ما كان يطلب العشرة أميال فأكثر، وفهمتم منه أنه يتعلق ببعض نواب الأجناس كالنجليز والنبلطان والماركان في جعل سداد بيننا وبينه، وأن نائب الثالث منهم أشار عليكم بعدم مساعدته اليوم حتى يظهر صدقه، لأنه لا عهد له، وطلبت تعجيل توجيه مجلة للرباط بها في حد الغربية وصار كل ذلك بالبال، وقد أصبت الصواب فيما فعلت من الإشارة بإعطاء المؤنة لمن ذكرت إعانة لهم على ما هم بصدده إذ ذلك واجب لابد منه، وكيف يقابل الإنسان الخدمة مع فراغ اليد من

كما أحسنت في التنبيه على أهل ذلك الثغر أحسن الله لك وقد نفذنا لفرسانهم عشرة مثاقيل لكل واحد ولرجالتهم خمسة مثاقيل لكل واحد، ولنجباء الطبجية والبحرية عشرة مثاقيل، ولمن دونهم ستين أوقية لكل واحد، ولكبرائهم مقدمين وقواد على نسبة ذلك، وقد كتبنا بهذا كله للطالب محمد الخطيب وبينا له ما يفعل في ذلك والسلام في 28 من ربيع النبوى عام 1276".

ونص السابع من الوزير بوعشرين للزبدى صحبة الظهير السلطانى:

"محبنا الأعز الأرضى، الخير الأبر المرتضى، السيد الحاج محمد الزبدى أمنك الله وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا المنصور بالله.

وبعد: فقد وصلنا كتابك وعرفنا ما فيه وها جواب سيدنا أيده الله يوافيك ففيه كفاية وعلى المحبة والسلام في 29 ربيع النبوى عام 1296.

الطيب بن اليمانى أمنه الله".

ص: 468

ونص الثامن من مولاى العباس كبير المحلة السلطانية للزبدى في الإعلام بالوصول للقصر، وطلب تعيين محل الرباط بعد الحمدلة والصلاة:

"محبنا الأرضى وأمين مولانا الصديق الأرشد الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد حصلنا مدينة القصر وخيمنا بها بمحلة مولانا السعيدة ونحن على نية النهوض يوم الاثنين لنواحى طنجة، ولابد تلاقى مع الخطب على المحل الذى نربط فيه هل بالحد أو نزيد عليه، قدموا لنا ذلك لما في المشاورة من المصلحة أعانك الله، وقمنا بالمحل المذكور لقضاء بعض المآرب ولا تغيب علينا خبرا والسلام في 1 ربيع الثانى عام 1276.

العباس لطف الله به".

ونص التاسع في الاستعدادات:

"محبنا وأمين سيدنا الأنجب الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: وصلنا كتابك وعلمنا ما ذكرت فيه من شأن الصلة الباقية موقفة، فها نحن نكتب لماسكها يسرحها وكذلك ما ذكر في شأن حمل الشعير لتطوان ينزل على يد عاملهم من القصر وغيره، فها نحن إن شاء الله نكتب لمولانا يأمر بذلك، وأما قبائل الجبال فها نحن جادون في جمعهم وعند كل منهم كتاب نأمره بالقدوم علينا وعلى من بقرب تطوان لتطوان، ومن في إيالة العرائش للعرائش، وحين يحلوا ننفذ لهم المئونة لنثبتهم، وفهمنا ما ذكرت في شأن البابور الانجليزى الذى رده صبنيول دمرهم الله وخروج الآخر له، وأن الله خلص المسلمين والحمد لله على سلامتهم وعافيتهم، وكتاب الخطيب نوجهه للحضرة العالة والكتاب الآخر

ص: 469

قرأته وها هو يرد عليك، وقد شافهنى بهذا الكلام رجل صبيحة هذا اليوم فحملته على التحامل.

لكن تحققت الآن وأن البعض واقع لا محالة ووصلونا الخزائن عدة 22 بركائزهم والعشرون الألف ذكر السيد عبد السلام بن عبد الكريم أنه ورد عليه الأمر بدفعها لابن عبد السلام لكن لما وصلت للخطيب وجه جوابه لسيدنا فصفا مرها وسلمت، لأن الكل في المصلحة والله يعينك والسلام في 6 ربيع عام 1276.

العباس لطف الله به".

ونص العاشر في استنفار الناس للحرب:

"محبنا وأمين سيدنا الأنجب الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد وصلنا كتاب من السيد محمد الخطيب وفهمنا منه شدة خوفه وضجره، فلا مهول إن شاء الله، ونجبك أن تثبته وتقول له فلانا لا يهمل كلامه ولا يضيعه، وقد كتبنا لجميع قبائل الجبال ولقبائل غمارة واستنفرنا الناس وبرحنا بالجهاد، ومرت طائفة من أهل تطوان على الفندق ذاهبة لناحية مولانا نصره الله ولا تغيب علينا خبرا، وكلم ولد السعيدى على القبائل يوجهها أعنى الذين بالمدينة وكل ما تتوقف علينا فيه اكتب لنا فيه فإنك والحمد لله ثابت مثبت والله يعينك والسلام في 6 ربيع الثانى عام 1276.

العباس لطف الله به"

ونص الحادى عشر من بو عشرين للزبدى صحبة الظهير السلطانى:

"ومحبنا الأعز الأرضى السيد الحاج محمد الزبدى حفظك الله، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

ص: 470

وبعد: وصلنا كتابك أخبرت فيه أن الكافر الصبنيولى دمره الله كسر سنجقه علامة على الكرة، وركب البحر بعد أن استناب نائب جنس الفرنصيص، وأنكم دفعتم نسخا من الكتب التي دارت بينكم وبينه للعلة التي بينت، وأنكم قائمون على ساق في ترتيب العسة في الأبراج والمرسى وتفريق العدة والبارود على أهل ذلك الثغر السعيد، وأنهم في غاية الثبات والنشاط لملاقة الكافر دمره الله، إلى غير ذلك مما شرحته وبينته وصار كل ذلك.

وها جواب سيدنا يوافيك ففيه الكفاية، وما ذكرته مما أشير به عليكم من جمع قبائل الجبال للرباط بمحدة سبتة مع أهل لنجرة، وخروج معلمين طبجيين من تطوان بمهرازين بقصد التضييق على الكافر بسبتة وإرهابه فها سيدنا أجابك عن ذلك وعلى المحبة والسلام في 5 من ربيع الثانى عام 1276.

الطيب بن اليمانى أمنه الله".

ونص الثانى عشر في قطع العلائق بين الدولتين، ومبارحة السفير الإسبانى أرض المغرب وما يجرى من الاستعداد على الحدود وتوزيع الزبدى كتب المفاوضات على سفراء الدول بعد الحمدلة والصلاة والطابع بداخله "محمد بن عبد الرحمن الله وليه":

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الزبدى أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: وصلنا كتابك أخبرت فيه أن الكافر الصبنيولى خذله الله كسر سنجقه علامة على الكرة وركب البحر بعد أن استناب نائب جنس الفرنصيص، وأنكم دفعتم لنواب الأجناس نسخا من الكتب التي دارت بينكم وبينه ليعلموا منها كذبه وعدم صدقه فيما يظهره لهم من التظلم وعدم التوصل ببعض حقه، فطالعوها

ص: 471

واستحسنوها ووجهوها لدولهم وذكرت أنكلم قائمون على ساق في ترتيب العسة في الأبراج والمرسى بعد أن سردتم الجيش السعيد وفرقتم عليهم ما فيه الكفاية من العدة والبارود والخفيف، وزدتم لهم -أى للعساسة- درهما واحدا على ما يقبضونه لضعف حالهم، وأن الجميع في غاية الثبات والنشاط والاستعداد لمبارزة الكافر، وأنه خذله الله لا يهول ولا يهتم به لما سلط الله على عسكره من الوباء والجوع.

وذكرت أن المدافع الجديدة التي جلب مولانا قدس الله روحه مفتقرة لمعلمين طبجية نجباء عارفين بنيشان فرمتها، وأنكم كتبتم للطالب التهامى بن محمد بن عبد السلام في شأن المعلم عبد النبى الشديد الرباطى ورفيقه لنجابتهما ولقربهما بالعرائش، فاستبطأتموهما.

وذكرت أن بعض أعيان قبيلة لنجرة قدموا عليك عازمين على الوفود على حضرتنا العالية بالله فغضضت عنهم الطرف، ووعدتهم بذلك، فأما ما ذكرتم من وقوفكم على ساق الجد في ترتيب العسة إلى آخر ما ذكرتم من القيام فذلك الواجب أصلحكم الله ورضى عنكم، وأما ما ذكرته في شان الكافر فنسأل الله أن يعجل بالانتقام منهم آمين، وأما ما ذكرته في شأن الطبجيين اللذين بالعرائش فها نحن أمرنا الطالب التهامى بن عبد السلام بالتعجيل بتوجيههما إليكم وأكدنا عليه في ذلك غاية غاية، وأما ما ذكرته في شأن أهل لنجرة فقد وردت على حضرتنا العالية بالله تعالى جماعة منهم على يد سيدى عبد السلام ولد سيدى الحاج العربي الوزانى وليتهم تأخروا لكن حيث وفدوا علينا لا يسعنا إلا معاملتهم بما ينبغى أن يعاملوا به، والطبجيان المشار إليهما أعلاه متوقف توجيههما إليكم على استغناء عامل العرائش عنهما، وإلا بأن توقف عليهما فإنه يبقيهما عنده، وفى الطبجيين اللذين وجهنا لكم من حضرتنا العالية بالله تعالى كفاية لنجابتهما وفطنتهما بهذا أمرنا العامل المذكور.

ص: 472

وما أشرت به من توجيه معلمين من الطبجية بمهارس المرمى بها على سبتة وبالكتب لقبائل حوز تطوان بحصارها هو حسن لو تيسر، فإن عامل تطوان كتب يطلب توجيه المحلة من هنا لتطوان وألفين من العدة والكتب لأهل تطوان وحوزها بضرب الكافر، وذكر من ضعف أهل البلاد وعجزهم ما يقضى بقلة فائدته وعدم نجدته، وأين هذا مما أشرت به أصلحك الله: والذى ظهر لنا واقتضاه نظرنا هو أن نوجه عشرة فرسان بكتابنا لأهل لنجرة وجيرانهم من القبائل بالكون عينا وأذنا على الكافر بحيث إن رأوه خرج من خربته قاصدا جهة من الجهات يجتمعون عليه ويضربونه، فإنه لا يعجزهم بحول الله، ثم إن رد على عقبه وظهر المسلمون عليه فيحسن حينئذ أن يقصد بالرمى المشار إليه بعد الاستعداد له إذ له شروط، وإلا ففى قصده ابتداء بالرمى ما لا يخفى.

وها نحن وجهنا العشرة المذكورين بكتابنا لمن ذكر، وأعلمناك لتكون على بصيرة والسلام في 5 ربيع الثانى عام 1276".

ونص الثالث عشر من بوعشرين صحبة الظهير:

"محبنا الأعز الأرضى السيد الحاج محمد الزبدى أمنك الله وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: وصلنا كتابك وعرفنا ما فيه، وها جواب سيدنا يوافيك بما فيه الكفاية، وقد نشط أيده الله ونصره بما أخبرت به من أن المسلمين رموا الكافر فأصابوا، ورمى هو فأخطأ، لله الحمد وله المئة والسلام 8 ربيع الثانى عام 1276

الطيب بن اليمانى عن عجل".

ونص الرابع عشر في مرابطة مولاى العباس والقائد عبد السلام بن عبد الكريم وغير ذلك:

ص: 473

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الزبدى، أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد وصلنا كتابك أخبرت فيه بأن أخانا مولاى العباس كتب لكم من القصر يستفهمكم عن تعيين محل رباط المحلة هل بعد الغربية كما قدمتم أو بغيره، فظهر لكم أن تربط بموضع يقال له ابن قلى قرب الوادى للمصلحة التي بينت، وأن يربط الطالب عبد السلام بن عبد الكريم بالحد المذكور حتى يظهر لكم ما تقتضيه المصلحة من إبقائه به أو انتقاله لغيره، لما ثبت لديكم من أن الكافر دمره الله يحمل عسكره المخذول بسبتة قاصدا تطوان حسبما جدد لكم الإعلام به نائب النجليز الذى تأخر عن السفر مع نواب الأجناس، وطلب أن يبقى بمدشر من المداشر التي بحوز المدينة فساعدتموه وكلفتم بحراسته بعض أصحاب العامل لكونه طلبهم أيضا، وأن القمح كان وصل إلى واحد وعشرين أوقية للمد هنا كلم فساقت الأقدار مركبا منه وتعين نزوله هنا كم. وصار يباع قمحه بإحدى عشرة أوقية للمد، وأن الطالب التهامى بن عبد السلام وجه لكم المعلمين الطبجيين الرباطيين اللذين قدمت إعلامنا بهما.

أما ما ذكرته في شأن الرباط فقد كتبنا لأخينا مولاى العباس حفظه الله بأن ما اقتضته المصلحة في ذلك يفعله، وأما ما ذكرته في شأن القمح فذاك من الألطاف الخفية، وأما ما فعلتموه مع نائب النجليز فذاك المراد وقد أحسنتم فيه، وأما ما ذكرتموه من وصول الطبجيين إليكم من العرائش صار بالبال، ولم تخبرونا هل وصلكم الطبجية الذين كتبنا عليهم للعدوتين ولا الذين وجهنا لكم من حضرتنا العالية بالله؟ فلا بد أخبرونا إن وصلوكم، فإن الأمناء أخبرونا أنهم زودوهم ووجهوهم إليكم، وبقى المخاطر متشوقا لخبرهم.

ص: 474

هذا وقد أمرنا عامل العرائش أن يوجه لأخينا الأرضى مولاى العباس حفظه الله خمسين ألف مثقال ليصيرها في مئونة الجيش وغيره من المجاهدين، وإن قرب نفادها يزيده مثلها إن شاء الله، وسنوجه له ما تيسر من الدقيق والبجماط شيئا فشيئا إن شاء الله، وأعلمناكم لتكونوا على بصيرة كما أمرنا الطالب عبد السلام بالرباط بالمحل الذى أشرتم إليه والسلام في ثامن ربيع الثانى عام 1276".

ونص الخامس عشر من مولاى العباس في مسائل:

"خديم مولانا الأرضى، الحاج محمد الزبيدى، السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد وصلنا كتابك وعلمنا ما ذكرت فيه في شأن القبائل، وأنهم بلا أشياخ، وإن قدم علينا أحد منهم نعين له شيخا ضابطا حازما ولا نتراخى في ذلك، وطالعنا كتاب سعيد جسوس وعلمنا ما ذكر في شأن المعلمين، فإن رأيتم أنكم في الحاجة فيهم فلا بأس، فإن الشارع أباح لنا الاستعانة بالمشرك في الخدمة، وكذلك كتاب الفاسى وعلمنا ما ذكر لك وما طلب منك من الشيخ لقبيلة آنجرة فذلك عين الصواب إذ لا يصلح الناس فوضى لا سراة لهم ولا حكام، وبالحكام تنظم الأحكام وتؤمن السبيل، وهأنا في انتظار ما يرد علينا من تطوان بأخبار من وفد عليهم من القبائل التي كتبنا لها ترد عليهم، فعند ذلك يظهر لى هل نقدم بنفسى نرتبهم ونجمعهم على من يكون كبيرا في وسطهم يظهر ذلك إن شاء الله، وأما ما ذكر في شأن أحوار آصيلا فإن الطالب عبد السلام بن عبد الكريم هو الذى يكون هنالك، ولعله اليوم ينزل الحد أو نزل به وأهل العرائش جميع قبائل إيالتها وجهناهم لها، والإعانة بالله وحده، والقبائل الجبلية لا تمر ثلاثة أيام حتى تجتمع كلها عندنا إن شاء الله، وأما الخزائن فما وجهتم بها هو عندى وكتبت للعرائش على ما عندهم وساعتئذ نكتب لتطوان على ما عندهم ونأمرهم بإنشائهم ولا

ص: 475

نقصر، ولا نروا إن شاء الله إلا المسرات بفضل الله ورضاء مولانا الوالد رحمه الله وسعادة سيدنا المنصور بالله والسلام في 8 ربيع الثانى عام 1276.

العباس لطف الله به".

وبطرته:

"وساعة كتبنا هذا سمعنا أربعة مدافع ما علمنا سبب ذلك ولا بد بين لنا أعانك الله".

ونص السادس عشر:

"خديم مولانا الأرضى الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: يرد عليك الطبجيان الذى ذكرت، وذكر لك مولانا في كتابه الذى طالعنا، وقد وصل المعلم وها هو عندى إلى غد إن شاء الله يصلح ويروح، وقد وجه لنا مولانا خمسين قنطارا فاروك وأشبار ومثلها خفيفا إن احتجنا إليها أو احتاجت القبائل.

فها هى عندنا وما ذكره سيدنا من أن الرأى أن لا تبدأ سبتة بالضرب هو الذى يظهر لى لأن أمر القبائل لا ثبات فيه بدون مخزن، ورباطها ليس بالسهل فيؤثر عمن تقدم أن مولاى اليزيد كان بعد وعدد ومع ذلك رأيت ونحن نرجو من الله خرابها إن شاء الله، وأن يبقى بقدر الله يبقى مذلولا لا شوكة له، وكتاب بوهلال تركناه عندنا لحاجة لا تخفاك والله يعينك والسلام.

ومنه أنه علمنا ما وجه لك الطالب التهامى وما وجهتم له من البنب فرمة 50 الكل في سبيل الله وفى الجهاد والحمد لله، وبمثل ما كتب لك سيدنا جاءنا كتاب

ص: 476

من عنده، وأحواز مكناسة سالمة هانية والحمد لله، وكذلك غيرها من النواحى لله الحمد والسلام ثانيا في 10 ربيع عام 1276.

العباس لطف الله به".

وبطرته:

"وقد جاء ناس من بلاد أحمر بقصد الجهاد في سبيل الله ساعتئذ صح به، وكذلك العشرة الموجهون لآنجرة باتوا اليوم عندنا وغدا يتوجهون والبهائم الواصلون عليها الطبجيان وجههما لنا غدا إن شاء الله.

والحاج عبد الكريم إن لم تكن عليه مشقة وجهه وأنت تعرف المناسب من حاله".

ونص السابع عشر في وفود أعيان تطوان على مولاى العباس واجتماعه مع الزبدى والخطيب:

"خديم مولانا ومحبنا الأمين اللبيب، الحاج محمد الزبيدى، السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد وردوا حضرتنا آل تطوان كبراؤهم وتلاقوا بما أتوا به في يدهم وولد عاملهم من جملتهم الحاج محمد الرزينى الكبير، والحاج عبد المجيد يعلا وكلمونا بأمور ولابد من الاجتماع معك ومعهم والطالب محمد الخطيب، والآن إن كان لكم أن تقدموا عندنا تجدهم هنا فلا باس، وإن كان إبقاؤكم في البلاد أولى وأردتم أن أركب مثل يوم دخلت هناك إلى محل قريب كأنى وردت أطوف بأحواز البلاد وتلتقى، فما هو الصواب أشِر به أو افعله أعانك الله والسلام في 12 ربيع عام 1276.

العباس لطف الله به".

ص: 477

ونص الثامن عشر للخطيب والزبدى:

"خديمينا الأرضيين الطالب محمد الخطيب، والحاج محمد الزبدى، سلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد بلغنا أن الكرة إذا أريد عقدها لابد من اتفاق المتنازعين في وقتها، بأن يجعل أجل لها وفى محل الخروج للقتال بأن يقال مثلا المحل الذى يخرج به الكافر هو المحل الفلانى لا غيره، فإن كان هذا الذى بلغنا صحيحا وقانونا فنحب أن يجعل مع الكافر أجل ريثما يأخذ الناس أهبتهم على الوجه الأكمل، وأن يعين هو المحل الذى يخرج فيه ليقابل بما يجب أن يقابل به، وإن كان ذلك غير صحيح فلا علينا فيه والاستعانة بالله، وما هذا إلا كلام بلغنا فأخبرناكم به والسلام في 13 ربيع الثانى عام 1276".

ونص التاسع عشر من بوعشرين جوابا للزبدى عن الاستعداد والاستنفار وحصار الإسبان للمراسى الثلاث بحرا:

"محبنا الأعز الأرضى، الأمين الحارم الضابط المرتضى، السيد الحاج محمد الزبدى، أمنك الله وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: وصلنا كتابك واستفدنا منه وصول سيدى مولاى العباس حفظه الله ورباطه برمل ابن قلى، وما أشرتم به عليه من الكتابة لتلك القبائل للرباط بناحية تطوان وطنجة، وأن يرتب لهم ما يكفيهم من المئونة.

وذكرت أنه لابد لهم من الخزائن وطلبت توجيه محلة تربط بناحية تطوان، والأمر بجلب الشعير لها ولطنجة على بغال مولانا أيده الله لفقده هناك، وأشرت بحراسة ما بين طنجة وآصيلا، وأخبرت بالأجل الذى أخبرتم به أنه بقى لخروج العدو الكافر دمره الله، وأنه اخذ في الاستعداد وما أخرج من المراكب لمنع دخول المراكب للمراسى الثلاث.

ص: 478

أما ما ذكرته من وصول سيدى مولاى العباس لطنجة، فقد أخبر أنه دخلها حفظه الله ووجدك في غاية الحزم والضبط وترتيب أمور أبراجها وعستها، وأنهى لسيدنا جميع ما رأى من حزمك وضبطك، ودعا لك أيده الله بخير غاية.

وأما ما ذكرته في شأن استنفار القبائل للجهاد، فقد كتب مولانا نصره الله لجميع القبائل الجبلية حتى أحواز فاس كإيالة ابن الطالب، والصنهاجى، وابن عوده ولم يقصر أيده الله في وعظهم وتحريضهم على الجهاد، وتوجهت إليهم كتبه الشريفة صحبة القائد المأمون الرازى وغيره.

وأما ما ذكرته في شأن المئونة للمرابطين، فقد كتب سيدنا أيده الله لسيدى مولاى العباس ولعامل تطوان في شأن، وأمر أيده الله بجعل مائة خزانة، وفى الإثر إن شاء الله تصل ليد سيدى مولاى العباس.

وأما ما طلبته من المحلة لتطوان فقد وجه لهم سيدنا مددا معتبرا صحبة القائد المأمون المذكور، ووجه لهم نصره الله مددا آخر مع أهل تطوان الوافدين على حضرته السعيدة.

وأما ما ذكرته من فقد الشعير بتلك الناحية وأشرت بجلبه، فقد أمر مولانا قواد الشراردة بجلبه لتطوان وطنجة بقصد بيعه، وأكد عليهم في ذلك غاية.

وأما ما ذكرته في شأن الكافر وحصره الداخل للمراسى الثلاث، فقد أعلمنا به سيدنا وصار بباله، ونسأل الله أن ينتقم منه وينصر جيش الإسلام عليه آمين، كما أعلمناه بوصول الطبجية إليكم من العدوتين وبقدر ما يخرج في الصائر اليومى هناك وعلى محبتك والسلام في 14 من ربيع الثانى عام 1276 الطيب بن اليمانى".

"والله يجزيك خيرا على الاهتمام بأمور المسلمين آمين".

ص: 479

ونص العشرين في توجيه البارود لآصيلا:

"خديمينا الأرضين الطالب محمد الخطيب والحاج محمد الزبدى وفقكم الله وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فإنا وجهنا خمسة عشر قنطارا من البارود الرومى لأخينا مولاى العباس أصلحه الله، بقصد ثغر آصيلا، وأعلمناكم لتكونوا على بصيرة والسلام في 15 من ربيع الثانى عام 1276".

ونص الحادى والعشرين:

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الزبدى أعانك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته. وبعد: وصلنا كتابك أخبرت فيه بما عليه أهل ذلك الثغر السعيد من الحزم والضبط والاستعداد، وأن أهل تطوان لما سمعوا بوصول مولاى العباس حفظه الله لتلك الناحية، وورد عليهم بعض القبائل الجبلية فرحوا وزال عنهم ما كان بهم من الخوف والجزع وحصل لهم من الحزم والتيقظ ما وصفته، وأن الطالب عبد السلام ابن عبد الكريم ربط بعد الغربية، وأن بذلك الثغر السعيد من المهاريس الجيدة والبونية المعتبرة ما يرغم أنف العدو ويكبته، وأنك وجدت بخزينه من طاكوس البونية عدداً فاسدًا بالسوس فوجهت لتطوان مثالا منه ليخرطوا عليه عدد 100 ويوجهوه لكم، وأن المعلمين الطبجيين الواردين عليكم من ثغر العرائش مشتغلان بصنع التخليطة لتعمير الطواكيس المذكورة، وأنه ليس هناك من يحسنها ويتقن معرفة المهراس مثلهما، لافتقار ذلك الثغر لمن يحسن هذا الفن، وأن نجابة اللذين وجهنا لكم من حضرتنا العالية بالله مخصوصة بعلم المدفع فقط، ولم يبلغا مرتبة الأولين، وأنك لما ورد عليك أمرنا بإبقاء الطبجيين المشار إليهما بمحلهما بالعرائش

ص: 480

تحيرت في امتثال الأمر وارتكاب المصلحة، ثم ظهر لك فوجهت أحدهما للعرائش ووجهت معه من ارتضاه من نجباء طبجية العدوتين، وأبقيت الآخر عندكم مع الباقين.

وذكرت أن الأخبار تواترت عليكم من جبل طارق بما حصل للكافر الصبنيولى دمره الله من الرعب والفشل لما رأى عليه المسلمون من الضبط والاستعداد، والقيام بأمور الجهاد، وتبين كذبه وفجوره، فيما كان زعمه من أن جنس الفرنصيص وعده بالأخذ بيده فيما يحتاجه، وأن نائب الفرنصيص ورد عليه الكتب من دولتهم بتكذيب الكافر الصبنيولى والتبرى من إعانته وإمداده، وظهرت ثمرة ما دفعته من نسخ ما دار بينكم وبينه لنواب الأجناس، وأنه دمره الله وخيب سعيه لما رأى ما عليه الثغور من التحصين طمع في الإتيان لآصيلا لما علم من تفريطها فوجهتم من ينظر في أمرها بما أشار به عليكم نائب النجليز، وأن طبجية الرباط أخبروك أن بها برجا صائنا وفيه عدد من المدافع بلا كراريط.

وأما ما ذكرته في شأن ثغر طنجة وتطوان صار بالبال، وقد بلغنا عنك من الضبط والحزم ما كنا توسمناه فيك أصلحك الله ورضى عنك.

وأما ما ذكرته من توجيه أحد الطبجيين للعرائش مع الذى اختاره من طبجية الرباط وإبقاء الآخر عندكم لنجابته، فقد أحسنت في ذلك وأصبت الصواب فيه.

وأما ما ذكرته مما حصل للكافر دمره الله فقد عرفناه راده الله رعبا وهوانا، وهلاكا وخسرانا، آمين وصار بالبال ما كتب به دولة الفرنصيص لنائبهم.

وأما ما ذكرته في شأن آصيلا عرفناه، وقد أحسنتم في التنبيه عليه وها نحن وجهنا خمسة عشر قنطارا من البارود الرومى بقصده واصلة لأخينا الأرضى مولاى العباس حفظه الله والسلام 15 ربيع الثانى عام 1276".

ص: 481

ونص الثانى والعشرين من بوعشرين صحبة الظهير:

"محبنا الأعز الأرضى الأمين الضابط الأحظى السيد الحاج محمد الزبدى أمنك الله، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد وصلنا كتابك ذكرت فيه افتقار آصيلا لعامل مستقل يضبط أمرها لعدم نجدة الخليفة الذى بها، وذكرت ما وقع بين الكافر خذله الله وبين أهل مرسى وادى التان وبين عسة المسلمين التي بقرب سبتة، كما وصلت نفولة الخطيب في شأن ما أخبر به نائب النجليز مما يتعلق بآصيلة وزمام تسراد الجيش السعيد، وطالع سيدنا ذلك وصار بباله، وها جوابه الشريف يصلك بما فيه الكفاية وعلى المحبة والسلام 18 من ربيع الثانى عام 1276.

الطيب بن اليمانى".

ونص الثالث والعشرين:

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الزبدى أعانك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد وصلنا كتابك جوابا عما كتبنا لك به في شأن الثلاثين ألفا التي تحت يد خديمنا الطالب عبد السلام بن عبد الكريم، وذكرت أنك بعد ما كتب الطالب محمد الخطيب بطلب الصائر اختبرته فأجاب بأن تحت يده من الوفر ما ينيف على العشرة آلاف مثقال، وأن تحت يد القائد محمد بن العربي السعيدى ما يقرب للثلاثة عشر ألفا من واجب القبائل زيادة على ما ينيف على الخمسة آلاف مثقال الفاضلة من العشرين ألفا التي دفعت منها صلة الجيش والطبجية، وأن هذا وفر معتبر، والصائر اليومى إنما هو نحو المائتين مثقالا، فلا يحتاج للثلاثين ألفا المشار إليها، وأن كتابتك مع الخطيب في جل كتبه إنما هى مساعدة له لاقتضاء

ص: 482

الحال لها، وأنك في انتظار الجواب عن الذين توجهوا لآصيلا، وأن أمرها لا ينضبط إلا بعامل مستقل، وأن المدافع التي بها مفتقرة للكراريط، وطلبت أن نأمر عامل العرايش بتوجيهها إليها، وأنك وجهت بطاقة مشتملة على ما أخبره به نائب النجليز الذى كان بآصيلا.

أما ما ذكرت في شأن الوفر وعدم الاحتياج للصائر فقد بينته وكشفت عنه غطاءه، حتى صار كأنه بمرأى منا، وما قط سبقك أحد لبيانه أصلحك الله، وأما مساعدتك للخطيب في الكتابة معه فهى من تمام عقلك.

وأما افتقار أصيلا إلى عامل مستقل بهالى الكراريط فقد أمرنا أخانا مولاى العباس أن ينظر رجلا حازما ضابطا ويكلفه بها حتى يفوت أمر الكافر، ونتفرغ لها وننظر في أمرها ولا نتركها مهملة إن شاء الله، وقد أمرنا عامل العرايش أن ينظر كراريط يوجهها لها بما أمكن.

وأما البطاقة، المشار إليها فقد وصلت وعرفنا ما فيها والسلام في 17 من ربيع الثانى عام 1276""

ونص الرابع والعشرين من مولاى العباس للزبدى والخطيب في تغيير رباط المحلة وما يصنع بالأسرى وغير ذلك:

"خديمى مولانا الأنصحين الحاج محمد الزبيدى والطالب محمد الخطيب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد بلغنا كتابكما وعرفنا ما ذكرتما فيه من القرب بالمحلة إلى البلاد إلى المحل الذى يعين لنا القائد العباس امقشد وما ذكرتم من توجيه مائتى فارس لاشقار تزيد على السعة هنالك، ومن أن عدو الله صبنيول جد في تنزيل عسكره

ص: 483

المخذول بعناية الله بسبتة ومكاتب جبل طارق التي وردت عليكم بتفصيل أمر عسكره.

أما ما ذكرتم على المحلة فكذلك يكون إن شاء الله، وما ذكرتم على المائتى فارس فسنوجهها لاشقار، وما ذكرتم على عدو الله فنحن له إن شاء الله، والله أشد تنكيلا، وقد زدنا هذا اليوم بتطوان لأنهم كانوا في غاية الضيق التام حيث لم ترد عليهم جوارهم كبنى حسان وغمارة والأخماس وأرادوا خروج أولادهم، فهذا موجب قدومى عليهم، وأنا أثبطهم وأرسى بحلول الله أمره وبعد تاريخه نروح للمحلة بحول الله إن شاء الله، وقد أخبرنا قائد المحلة وأن بنى عروس وردوا للمحلة، فها نحن أمرناه بإبقائهم هنالك يقبضون مئونتهم حتى نقدم يوم الجمعة إن شاء الله، وقد فهمنا ما ذكرت من أنكم خرجتم لاشقار وانتظرتمونا جميعا فلم نقدم، لأنى قدمت لما هو أهم وهو أمر تطوان، وما ذكرتم من أنا إذا قبضنا الأسارى نبقوهم حيا بذلك نوصى جميع القبائل المجاهدين وهو السداد المعروف والله يعينكم والسلام في 20 ربيع الثانى عام 1276.

العباس لطف الله به".

ونص الخامس والعشرين من سفير إنكلترا للنائب الخطيب في شأن الأسرى بعد الحمدلة:

"خديم سلطان مراكش والنائب عنه أسماه الله في الأمور الفقيه المحب السيد محمد الخطيب سلام عليك ورحمة الله وبركاته.

وبعد: فقد كنا ذكرنا عن الأسرى إذا قبضوا فلا يضر ويجعلهم في محل يأكلون ويشربون إلى تمام القتال بين الجانبين، فبذلك يسهل الفصال ولا تزاد الفتنة، وإلى الآن لم نسمع بقبض الأسرى من الإسبنيول بسبتة، نعم بعض المساجين الذين هربوا من الاسبنيول وقتلهم لا كلام لنا عليهم.

ص: 484

وهذه الأيام سمعنا أن آل الريف بكلعية قبضوا في القتال مع اسبنيول قرب مليلية خمسة وثلاثين عسكر، وأخذوهم ووجهوا بهم للحضرة الشريفة وفرحنا حيث سمعنا ذلك، إذ حيث يكن الأسرى بيد السلطان يسهل الأمر في المستقبل.

ونحبك تكتب للحضرة الشريفة أنهم إذا كانوا ذلك الأسرى عسكر لا يجعلون في السجن ولا يضر بحيث يجعلون في محل يكون ويشربون إلى حين الفتح فيما يكون إن شاء الله، وكذلك إذا رضوا بالكتب لأهلهم وديارهم ويسموا جميعهم ففى ذلك الخير، وهو العادة في الجرة بين الأجناس نعم تكون المكاتب مفتوحين، والذى فيه الضرر لا يوجه.

ونحبك توجه هذا الكتاب بظله عن خطرنا، إذا الاسبنيول يذكرون أن المسلمين بعد ما ذكروا لنا على مطلوبنا من رحمة الأسارى فإنهم لا يرحمهم بل يقتلوهم ويقطعهم أطرافا، ومن ذلك الكلام يسمعون الأجناس ويظنون بالمسلمين كل ما قبضوا من الأسارى بسبتة قتلوهم ويعيبهم الأجناس على ذلك، وحتى الأجناس الذى يحب لكم الخير إذا يثق بهذا الكلام يقلب خاطرهم، ونحب بشهادة المكاتب واسوم الأسارى يظهر الحق ويبطل الباطل، إذ لا نحب القول الذى فيه الضرر لهذه الإيالة.

ونحبك لا تغفل في هذا الأمر وتخبرنا بالجواب عِن هذا الكتاب حيث يرد من الحضرة الشريفة، وأنت عارف بهذه الكرة لا تطول، إذا فيها الضرر الكثير بهذه الإيالة لا يخرج منها فائدة على كل حال، والسلطان أيده الله من فور عقله يحب الصلح أولى من الفتنة، والاسبنيول هم الذين بحثوا في ذلك لا المسلمين وعلي المحبة والسلام في 30 دجنبر سنة 1859 عن إذن النائب المفوض في أمور سلطانة اكريت ابرطن أيدها الله جان هى در منضو هى" وأسفله إمضاؤه الإفرنجى.

ص: 485

ونص السادس والعشرين من بوعشرين:

"محبنا الأعز الأرضى الأمين الضابط الأحظى السيد الحاج محمد الزبدى أمنك الله، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: وصلنا كتابك واستفدنا منه ما حصل لأذل الأجناس من الحزن والدهش والحيرة لما رأى ما عليه قبائل تلك الجهة من حراسة مراسيها والقيام على ساق الجد في الذب عنها، زيادة على ما حل بالفاجر قصمه الله من الجوع والوباء حسبما أخبر به الذين كان أسرهم وأنقذهم الله من يده راده الله الرعب والهوان، والهلاك والخسران، أضعافا مضاعفة وجعله غنيمة للمسلمين آمين.

وذكرت أن بتطوان من المقاتلة ما بينته 7000 ومن البارود ما ليس غيرها من الثغور، وأن ما حصل لهم الجزع من عدم نجدتهم، وبينت ما وجهه لكم السيد التهامى بن عبد السلام من إمداد الزرع 137 ودفعتموه للعامل ليزيده على ما تحت يده من زرع المخزن، وأعلمنا سيدنا بذلك كله وصار بباله، وما قط أطلعنا سيدنا على كتبك إلا ونشط بها ودعا لك غاية غاية، ونسأل الله أن يجازيك عن المسلمين خيرا آمين وعلى المحبة والسلام في 21 ربيع الثانى عام 1276 الطيب بن اليمانى أمنه الله".

ونص السابع والعشرين من بوعشرين أيضا:

"محبنا الأعز الأرضى الأمين الضابط الأحظى السيد الحاج محمد الزبدى أمنك الله، والسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: وصلنا كتابك واستفدنا منه أن الكافر خذله الله اشتغل بعمارة مراكبه بالعسكر وآلات الحرب وعزم على الخروج في اليوم الذى ذكرت حسبما في المكتب التي ورد بها البابور، ووجهتها لسيدى مولاى العباس حفظه الله، وأشرت عليه

ص: 486

بالانتقال لقرب البلد للمصلحة التي بينت ووجهتهم على عدد من رماة الجيش وغيره لعسة اشقار، وركبت إليه أنت والخطيب والقائد العباس فوجدتم ببعض مراكب العدو قصمه الله قريبة من البر، ولم تقصروا في التأهب والاستعداد وكتبتم لعامل العرائش وتطوان والسيد عبد السلام يأخذ الحذر، وصار كل ذلك بالبال فنسأل الله تعالى أن يعينك ويأخذ بيدك وينصر جيش الإسلام آمين وعلى المحبة والسلام في 24 من ربيع الثانى عام 1276.

الطيب بن اليمانى".

ونص الثامن والعشرين من مولاى العباس:

"خديم مولانا وأمينه الأرضى الحاج محمد الزبيدى، السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد وصلنا كتابك وعرفنا ما فيه وقرأنا مكاتب جبل طارق وما تحدث الكافر به نفسه خيب الله رجاه ومناه آمين، وها نحن كتبنا حذرنا الطالب عبد السلام بن عبد الكريم كما كتبنا لأهل تطوان ولأهل آنجرة وحذرناهم خروج هذا الفتان الكافر المهان، نسأل الله أن يبطل كيده وما ذلك على الله بعزيز.

وأما توجهنا لاشقار فلا يمكن غدا لأن الأشغال عندنا كثيرا وردت كمانية كثيرة من عند سيدنا ليلا، وغدا إن شاء الله ننظرها، ولابد تكلم مع القائد العباس امقشد على الدار التي أردنا بها الكمانية ولابد ولو بالكراء والله يعينك والسلام في 24 ربيع الثانى عام 1276.

العباس لطف الله به".

ص: 487

ونص التاسع والعشرين من بوعشرين:

"محبنا الأعز الأرضى السيد المجاهد المعتنى الخير الدين الأجل الحاج محمد الزبدى أمنك الله، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد وصلنا كتابك أخبرت فيه بما شرح الله صدوركم إليه من توجيه القائد العباس امقشد مع من ذكرت بما ذكرت للغرض الذى بينت بعد المفاوضة في ذلك مع مولانا العباس حفظه الله، واستحسانه ذلك على الكيفية التي شرحت، بعد أن عرفك نائب النجليز بأوصاف البلاد التي خرج به عدو الله قصمه الله، وبأن القبائل الجبلية ترادفت على أهل آنجرة لما بلغهم خروج الكافر لناحيتهم واشتغالهم بالقتال معه حسبما في كتبهم التي وجهت بطى كتابك بقصد إطلاع مولانا عليها، وأنهينا الكل لسيادته الشريفة فدعا لك بخير غاية تقبل الله منه كما دعا للمسلمين بالنصر والتأييد على أعداء الدين، وبالهلاك للكافرين نسأله جل وعلا أن يستجيب دعاءه آمين وعلى المحبة والسلام في 3 جمادى الأولى عام 1276.

الطيب بن اليمانى أمنه الله".

ونص الثلاثين من بوعشرين:

"محبنا الأعز الأرضى الأمين الضابط الأحظى السيد الحاج محمد الزبدى أمنك الله، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد وصلنا كتابك أخبرت فيه أنكم أشرتم على سيدى مولاى العباس حفظه الله بالانتقال لبيانة، وبالكتب للسيد عبد السلام بالانتقال لشرف العقاب، وأن الكافر قصمه الله نزل بالعدد الذى بينت بالمحل الذى سميت فأمددتم أهل لنجرة ببنى مصور، واستنفر سيدى مولاى العباس ودارس ومن عطفت عليهم من

ص: 488

القبائل لإعانة أهل لنجرة وأشرتم عليه بالكتب لأحد رؤساء المحتلين اللتين بتطوان للرباط بقبيلة آنجرة، وتجتمع عليه القبائل وبالكتب لمولانا نصره الله في شأن الشعير لتطوان وحمله على البغال لعجز الإبل عن السفر به من كثرة الوحل لتحصل للناس الكفاية، ويتقووا على العدو خذله الله، فقد كتب سيدى مولاى العباس بذلك لمولانا المنصور بالله وأجابه أيده الله بما فيه الكفاية، ودعا لكم سيدنا أيده الله غاية لوقوفكم واعتنائك بأمور المسلمين، فالله يجازيكم عنهم أحسن الجزاء ويأخذ بأيديكم لما فيه رضاه آمين وعلى المحبة والسلام 8 جمادى الأولى عام 1276.

الطيب بن اليمانى".

ونص الحادى والثلاثين من بوعشرين أيضا:

"محبنا الأعز الأرضى الأمين الحازم الضابط الأحظى السيد الحاج محمد الزبدى أمنك الله، وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: وصلنا كتابك أخبرت فيه أنك وجدت هناك عددا كثيرا من الكبريت وتخوفت أن تتولد منها الإذاية إن وقع ضرب من الكافر خذله الله، وظهر لك أن توجهها لفاس على الإبل الواردة عليكم بالكمانية، وأعلمت سيدى مولاى العباس والسيد محمد الخطيب بذلك، وشرعتم في توجيهها وطلبت إعلام سيدنا نصره الله بذلك، فقد أعلمت به سيادته فاستحسن أيده الله فعلك غاية، غاية، غاية، ودعا لك بخير وعلى المحبة والسلام في 10 من جمادى الأولى عام 1276.

الطيب بن اليمانى أمنه الله آمين".

ونص الثانى والثلاثين في بعض الوقائع:

"خديمنا الأرضى الحاج محمد الزبدى أعانك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

ص: 489

وبعد: وصلنا كتابك أخبرت فيه أن المبارزة وقعت بين المسلمين والكافر يوم الجمعة واستشهد من المسلمين مَن مَنَّ الله عليهم بالشهادة، ومات من الكفار عدد كثير، واستلبت أسلحتهم وآلة حربهم وأسر منهم، وشرحت ما صدر من أهل تطوان للبابور الفرنصيصى المار بهم بقصد تبديل الهوى وما قابلهم به المرابط من الضرب بالعدد 1000 الذى بينت من الكور، وأنك باشرت أمر ذلك بمن ورد نائبا في الكلام عنهم، واعتذرت عن أهل تطوان وتلطفت في الجواب عنهم رعيا للسداد وعدم الفتنة، وأن المدفع الذى سمع يوم السبت من ذلك وذكرت أن المجاهدين اتفقوا على الضرب على الكافر ليلة الثلاثاء، وأنه قصمه الله يركب ببعض خيله ليقطع على الكمانية الواردة من تطوان فأشرت على أخينا مولاى العباس حفظه الله بالكتب لمولاى إبراهيم ومن معه من العسكر بالرباط بالمحل الذى سميت ليحصروه، وأن الخبر ورد عليكم من جبل طارق أن الكافر حمل من بقالص من العسكر قاصدا به سبتة وأشرت بتوجيه عدد من رماة القبائل وغيرها والخزائن والكمانية والشعير للخيل التي بتطوان خوف ضياعها.

أما ما ذكرته في شأن الكافر فقد صار بالبال، وسنوجه إن شاء الله ما يسره الله من الخيل وفى الأثر يرد عليكم ما تيسر من البارود والخفيف والاشفار والكمانية، وأما الشعير فقد كتبنا لعاملى العرائش والغرب في شأنه وأكدنا عليهم في شأنه غاية.

وقد أحسنت فيما باشرت به أمر ما صدر من أهل تطوان للبابور الفرنصيصى أصلحك الله ورضى عنك، مع كونهم لا ينبغى لهم أن يرتكبوا ذلك، إذ ليسبوا بجاهلين بطرقة البحر وقانونه، كما أحسنت فيما أشرت به من رباط مولاى إبراهيم ومن معه بالمحل الذى يحصرون فيه الكافر عن التعويض لما يرد من تطوان، وكان من حقهم أن يركبوا هم للتعرض للكافر، لا أنه هو الذى يركب ويتعرض لهم، لأنا لم نوجههم للجلوس بتطوان، وإنما وجهناهم ليكونوا عينا

ص: 490

وأذنا على عدو الله ويقعدوا له كل مرصد والله يعينك والسلام في 10 من جمادى الأولى عام 1276".

ونص الثالث والثلاثين في الموضوع:

"خديمنا الأمين الأرضى الحاج محمد الزبدى، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد وصلنا كتابك مخبرا بما فتح الله به على المسلمين في جهاد الكافر المخذول عدو الدين حيث قاتلوه يوم الأربعاء الفارط، وأنهم مع قتلهم وكثرته قتلوا منه عددا كثيرا وغنموا من أسلحته كذلك، وهزموه إلى أشبار جامع بارباشن، وأخذوا له السنجق الذى عمل هناك بعد أن مات من المسلمين من ختم الله له بالسعادة، فما على ميتة عز من ندم.

والحمد لله على إعزاز دينه وإظهاره على دين الصليب زاد الله المسلمين عزا وظهورا وفتح عليهم في قريب، إنه سميع مجيب، وعلمنا ما ذكرت من تنبيهك على قدوم المجتمعين بتطوان بلا طائل من المخزن والعسكر والقبائل وكتابة أخينا مولاى العباس حفظه الله على قدومهم، فلم تطب نفوس أهل تطوان بقدومهم، مع أن العدو الكافر لازال يزيد العسكر، وطلبت توجيه المدد من رماة الجيش والقبائل مع الخفيف والبارود الجيد لا الفاسد كالموجه من مكناسة، كما طلبت توجيه الكمانية والبغال لحمل ما عندك منها مع المعلمين الجرارحية من فاس ومكناسة وغيرهما لمعالجة مجاريح المسلمين.

فأما ما أشرت به من توجيه المدد فقد وجهنا ما يسره الله، ولا زلنا نوجه إن شاء الله، وقد وجهنا عدداً معتبرا من البارود وتوابعه لأخينا مولاى العباس قبل التاريخ بأربعة أيام وكذا البغال، ووجهنا في يوم التاريخ الجرارحية وقد أحسنت في

ص: 491

الإشارة بقدوم من بتطوان من المخازنية والعسكر، ونسأل الله أن يعجل بهلاك الكفار آمين والسلام 13 جمادى الأولى عام 1276".

ونص الرابع والثلاثين كذلك:

"خديمنا الأرضى الحاج الزبدى أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد وصلنا كتابك وفى طيه كتاب خديمنا القائد العباس امقشد فطالعناه، واستفدنا منه ما من الله به من الظفر والتأييد للمسلمين وهزمهم أعداء الله الكافرين، فسرنا ذلك غاية، ووددنا أن لو كنا معهم لنفوز فوزا عظيما، فالحمد لله حق حمده، وما كل خير إلا من عنده، وهو المسئول سبحانه أن يشفع هذه الواقعة بأختها أو أكثر منها حتى لا تقوم قائمة لأهل الكفر آمين.

وعرفنا ما وجه أخونا مولاى العباس أصلحه الله من رماة المخازنية الذين وجهنا، ومن رماة الجيش لإعانة المسلمين المجاهدين، فالله يعينهم ويظفرهم، ويجعل الألطاف تحفهم، وما ذكرت من نزول مطر غزير ووصول ثمن المد من الشعير إلى خمس وعشرين أوقية وطلبت توجيه الخزائن من الشعير لاحتياج المجاهدين إليهما غاية، فأما الخزائن فقد وجهنا منها مائة وأمرنا بفصالة مئة أخرى وتوجيهها بمجرد الفراغ من خياطتها، وأما الشعير فقد وجهنا أمينا لاشترائه من أسواق أهل سوس أزغار، وعينَّا من جمالنا التي بالغرب مائة لحمله، ولا تغفل من توجيه غير ذلك مما يقوى جانب المسلمين، ونسأل الله أن يمنحهم تمام الظفر بأعداء الله الكافرين، والسلام في 19 من جمادى الأولى عام 1276".

ونص الخامس والثلاثين من النائب السلطانى طنجة الخطيب التطوانى في شأن مركب يريد الإتيان بالبنادق للمغرب ووصول النجدات من الداخل بعد الحمدلة والصلاة:

ص: 492

"حبنا وخلاصة ودنا الأبر الأرضى، خديم مولانا وأمينه المرتضى، سيدى الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله، وأدام لنا والمسلمين وجوده.

وبعد: البارحة قدم علينا فارس من الحضرة العالية بالله بكتاب من عند مولانا نصره الله لنا ولك، يذكر لنا فيه بأن قائد بلاد آسفى كتب لمولانا أيده الله أنه قدم مركب مزر كان لمرضتهم بقصد الوسق، ثم إن رائسه ذكر إلى عامل آسفى إذا خصتكم لمكاحل يأتي لهم بما تتوقفون عليه، وقد أمرنا أيده الله في كتابه الشريف لنا ولك إذا يتأتى قدومهم في هذه الساعة نوجهوا على عشرين ألفا من المكاحل، وإذا لم يتأت قدومهم في هذه الساعة قدومهم يعنى من أجل هذه الكرة فالله يختار منها، وهذا الذى ذكر عليهم إلى قائد آسفى هو الرومى الذى كنا ذكرنا قبل هذا بنحو خمسة عشر يوما، كان قدم من جبل طارق وتكلم معنا هنا لأنه كان ذكر لنا كان في بلاد آسفى وتكلم مع عامل البلاد جاوبه يشاور سيدنا نصره الله على ذلك، والآن خبرناك بهذا وترانى نجاوب سيدنا نصره الله، ونعلمه بأنك اليوم سفرت مع سيدنا الخليفة سيدنا ومولانا العباس حفظه الله، ونذكر له بأنه هذا النصرانى قدم أيضا لهنا وتكلم معنا وخبرنا أنه تلكم مع عامل آسفى، ونذكر إلى سيدنا أننا كتبنا إلى هذا النصرانى يصحب زوج مكاحل وإلا ثلاثة مشترى، ولما يوجه لنا المشتري تبقى تحت يدنا حتى تقدم علينا بالسلامة، ويكون الفصال معه إن شاء الله. وأيضًا البارحة قبضنا كتاب من عند القائد العباس مقشاد خبرنا أنها قدمت عليهم قيلة الأخماس بعدد 1100، وأيضا ذكر قدموا عليهم الزراهنة بعدد 600 وذكر تخبار قدموا لتطوان من أهل الريف مع صنهاجة عدد 2500، نطلب الله يكون ذلك صحيح، ودخلنا من ذلك سرور كثير، ربنا سبحانه يزيد في قوة المسلمين وينصرهم بجاه النبى وآله.

ص: 493

وقد ذكر لنا لقائد العباس مقشاد على حساب البارحة يضربوا على الكافر وذكر بحول الله ذلك تكون بهلاك الكافر إن شاء الله، ونحن نرتجوا في هذا اليوم يأتوا المكاتب من عندهم نطلب الله يأتي الذى يسر المخاطر، لأن البارحة كان سماع المدفع كثير من سبتة لاشك أن المجاهدين دخلوا في وسط محلته، وقد أكد على البارود يوم تاريخه متوجهة له برامل عدد 24 مع صناديق الذى كانوا قدموا من فاس عد 6 مع حمال خفيف، لأنه أكد غاية على البرود مع الخفيف وذلك حاجة لا يكون فيها تراخ، وسلم منا على سيدنا الخليفة سيدنا ومولانا العباس ونطلب منه صالح الدعا، وقد ترك علينا فيزة كبيرة والله يا سيدى ما بقينا من شوقكم إلا مثل الغريب الذى ليس له أحد من قرابته، ربنا سبحانه يكمل عليكم بخير وترجعوا على خواطركم، كما تريدوا بحول الله والسلام وفى 25 جمادى الأولى عام 1276.

محبكم محمد الخطيب وفقه الله" من تعبيره إلا أغلاطا خطية أصلحناها وكذا ما يأتى.

ونص السادس والثلاثين من الخطيب أيضا في الموضوع:

"حبنا وخلاصة ودنا الأبر الأرضى، خديم مولانا وأمينه المرتضى، سيدى الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمه الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله وأدام لنا وللمسلمين وجوده.

وبعد: وصلنا كتابك جواب ما كتبناه لك على كتاب سيدنا الشريف الذى بعثه لنا ولك يأمرنى على شرى عشرين ألفا من المكاحل، وذكرنا لك أننا جاوبنا مولانا عن ذلك وعرفناك بما جاوبنا سيدنا نصره الله بانك توجهت مع سيدنا الخليفة سيدنا ومولانا العباس حفظه الله، وأننا نكاتبوا على زوج من المكاحل، ولما يأتوا نعلمك ويكون فصال ذلك فيهم بمحضرك، هكذا جاوبنا سيدنا نصره الله

ص: 494

ونحن الجواب الذى جاوبنا سيدنا نيتنا لما كنت مسافر ذكرت لنا نكاتب مولانا ونعرفه بسفرك مع مولانا الخليفة.

وأما المكاحل فلا كانت نيتنا إذا قدموا زوج منهم حتى تنتظرهم أنت وتصفى أمرهم بنفسك، لأنك أعرف بذلك منا، والآن بعدما كنت كتبت كتاب للتاجر المذكور ثم به البابور هذه سبعة أيام من الذى سفر من هنا وإلى الآن لم قدم وجد الحال كتاب التاجر لم رسلته له ترانى عملت خيرة، فلا نرسله ولا نكاتبه حتى يأتى جوابك كيف يكون في ذلك، وذكرت نوجه له كتاب سيدنا نصره الله بظله يوصلك داخل هذا وما ذكرت من أمر اليهود ترانى نجاوب بالذى ذكرته لنا عن عدم قدومهم، نطلب الله سبحانه يجيبنا وإياكم في الصواب ويرزقكم الإعانة والنصر والظفر بعدو الله حتى لم يبق اسمه يذكر بجاه النبى وآله وهذا ما نعلمك به والسلام وفى 3 جماد الثانى عام 1276.

محبكم محمد الخطيب وفقه الله ".

ونص السابع والثلاثين منه في شأن البارود:

"حبنا وخلاصة ودنا الأبر الأرضى، خديم مولانا وأمينه المرتضى، سيدى الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله وأدام لنا وللمسلمين وجوده.

وبعد: اعلم حفظك الله يوم تاريخه قدمت لعند صهركم الفقيه الأجل سيدى محمد بن خضراء وذكرت له نقدموا إلى دار البارود ننتظر الذكره فيها من البارود قدمنا لها وجدنا خزين فيها عامر، لكن لا يصلح لشئ، كله تراب يعنى غبرة، ومن الملح الذى قدر لنا مشنين كبير الطبيجة ذكر نحو الستمائة برميل، فلما رأينا نحن مع الفقيه صهركم ذلك كتبنا لك على أن تعلم سيدنا الخليفة بذلك

ص: 495

ويكاتب عاجلا على سيدنا نصره الله على جميع البارود الذى عنده بفاس، والذى عنده بمكناس يأمر قائد الشرارضة وغيرهم من العرب الذى لهم جمال يحملوه جملة لهنا.

ويكاتب أيضا للرباط على البرود يأتى منها، لأن هذا الكافر ليس له قدرة للقدوم لمراسى الحوز، وإنما عدو الله قوته كلها جعلها في سبتة، ويكاتب إلى مراكش، يأمر على البرود الذى بها كله يصحبوه أهل دكالة، لأنه يا سيدى أنت عارف الذى يخرج كل يوم من البرود، فلا تكن تأتي عشرين حملا ولا أكثر منها على مرتان فمن الواجب تأتي الأربعمائة حمال وخمسمائة في رفقة وروج، ويكون العجال الذى بفاس يأتى من يومه كله، والذى بمكناس كذلك، والذى في الرباط يأتي عدد منه، ويكاتب مراكش كذلك فلا تكون المماطلة ولا تكون الكتابة لموضع واحد، وأنت تبارك الله عنك لا تقصار في ذلك، لأن البرود هو مثل المئونة فأكثر ونحن كتبنا إلى سيدنا الخليفة مثل ما ذكرناه لك هنا مع هذا، والسلام وفى 8 جماد الثانى عام 1276.

محبكم محمد الخطيب وفقه الله".

وبطرته:

"ويوصلك كتاب صهركم الفقيه البركة سيدى محمد بن خضراء على ما ذكر والسلام"

ونص الثامن والثلاثين منه في شأن البارود والخفيف والنجدات:

"حبنا وخلاصة ودنا خديم مولانا وأمينه الأرضى سيدى الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله وبركاته، عن خير مولانا نصره الله وأدام لنا وللمسلمين وجوده.

ص: 496

وبعد: وصلنا كتابك جواب ما كتبناه لك في أمر البرود، اعلم حفظك الله أنى جعلت البعض من معلمين في خدمة البرود بالقشلة التي تجاور رياض المخزن الذى أنت نازلا فيه هنا ودفعنا لهم نحو عشرة برامل من البرود الذى ذكرنا لك فاسداً فلما فتحناهم وجدوا وسط البرميل مليح غاية، وأطرافه رجع غبرة كاين البرميل الذى يجدوا نصفه مليح، وكاين البرميل الذى كان قرب الحائط ثلثه مليح، والثلثان غبرة، وصحبوا غرائل المليح نجعلوه في برامل ويشاد البرميل والذى هو غبرة يفتلوه والآن خدامين فيه يخرج بحول الله عدد مليح مثل الذى كان يأتى لكم، والغبرة تصلاح، وتكون مثله إن شاء الله.

وذكرت على فرغ الخفيف اعلم حفظك الله بأن العامل كل يوم يأخذ أجرة ستة أناس عنده ذكر يفرغوا الخفيف، وذكرت على عدو الله هو بحيدة ومحلة المجاهدين مقابلة له نطلب الله يأتى المدد الكثير من سيدنا نصره الله، ترانى يا سيدى من يوم خرجتم من هنا بالسلامة رسلت إلى سيدنا نصره الله ما يزيد على أربعة رقاصة، وكلهم في أجل المدد نؤكد على سيدنا نصره الله يوجه العدد الكثير.

وقد ذكرت له يوجه عدد كثير من البربر ويأتوا القواد متاع كل قبيلة لأنه العامل متاع القبيلة إذا قدم يأتوا معه كبراء القبيلة وإذا بعث عدد ولم يأت العامل متاعها بأمر أشياخه يفرضوا له العدد الذى طلبه فلم يأت سوى الخماسة والرعى بالكرى فلا تظهر منهم مزية، وإذا قدم عامل القبيلة فلا يأتى معه إلا كبراء القبيلة وأيضا لما يكونوا عمال القبائل بأنفسهم كل واحد يريد يورى مزيته فذلك هو الصلاح، وأنت يا سيدى تأكد في هذا الذى ذكرناه عاجلا عاجلا لأن هذا الكافر جمع عسكره من أرضه كلها وقدم به في البحر لأرض غيره، فلا يأتى إلا بالقوة الكبيرة يوجب علينا جميع القوة التي عندنا نقابلوه بها، ذلك الذى عندنا فيه الصلاح.

ص: 497

وأنت يا سيدى تأكد على سيدنا الخليفة سيدنا ومولانا العباس حفظه الله يكاتب مولانا نصره الله على المدد عاجلا عاجلا عاجلا، حتى إذا يأمر عليه سيدنا نصره الله يأتى بليل والنهار ويكون عدد كثير، ويكاتب مولانا نصره الله إلى عمال الحوز قبيلة الشاوية ودكلالة وقبيلة السراغنة وغير ذلك من القبائل كل قائد يوجه جمال زرع وشعير ولو يوصل بما كان، لأننا هذه الساعة لا نجعلوا حساب اللهم لا تتوقف الناس على شئ هو الفائدة وكـ

سيدنا الحمد لله فلا تكون حاجة بعيدة فإنها ترجع قريبة، والله سبحانه يكمل بخير وهذا الكافر فلا يتكسر إلا بالعدد الكثير من المسلمين، وهذا ما نعلمك به وربنا يكون لنا ولك معين والسلام وفى 12 جماد الثانى عام 1276.

محبكم محمد الخطيب وفقه الله".

ونص التاسع والثلاثين منه في نكبة الأسطول الإسبانى البحرية وما تكبده من البر وغير ذلك:

"حبنا الأرضى، وخلاصة ودنا المرتضى، خديم مولانا وأمينه، سيدى الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله، وأدام لنا وللمسلمين وجوده.

وبعد: لا زائد على ما كتبنا لك به قبل هذا وخبرتاكم بما وقع لعدو الله في مراكبه التي تكسرت له ما يزيد على عشرين مركب بين ببورات قراسيل ومزركان وفركاطة قرسان ولنشون بالمدافع ومراكب حاملين الكمانية، الحاصل أنزل الله عليه سخطه فالله يزيده ما هو أكثر، وذلك صحيح كأنك ترى ذلك فلو كانت لنا عمارة من المراكب في البحر وقاتلت مراكبه فلا يوقع مثل هذا حتى لو غلبوه كان يهرب، وهذه قدرة الله سبحانه نفدت فيه كما يكون مع الباقى من عسكره ومراكبه يهلكوا جميعا عن قريب إن شاء الله.

ص: 498

وبعد وصلنا كتابك خبرتنا على القتال الذى قتلوا المجاهدين عدو الله يوم الثلاثة وتفرقوا المسلمين على ثلاثة مواضع وررقهم الله سبحانه النصر، وقتلوا منه العدد الكثير الذى لم يحص فالله تبارك وتعالى يزيدهم من القوة والنصر على عدو الله حتى يفاصلوه، ولم يبق اسمه يذكر في الدنيا، وقد كتبوا من جبل طارق إذا رزق الله الصبر والثبات للمجاهدين وقاتلوه جميعا فإنه من يومه يهلك لأنه الكافر دخله الرعب الكبير، وهذا العسكر الذى يأتيه الآن فلا يصلح لحاجة الأول الذى كان عنده هو كان عنده عسكر من قبل، ومع ذلك ذليل حقير وهذا الذى يأتيه فلا يكون منه ما كان لا يصلح لشئ، والأول الذى كان عنده كثيره مات له.

وذكرت لنا سيدى على فرغ الخفيف، فقد زاد العامل ستة أناس آخرين، لأن الخفيف كله تحت يده البارحة بعث أجرة اثنى عشر واحد والآن يا سيدى يكاتب مولانا الخليفة على الخفيف من فاس وغيرها، لأن الذى كان هنا برت مائتين وخمسين تفرق منها برت صحاح للقبائل على يد العامل شيئا لما كان يعطى لهم البارود قبل، وأنت باقى هنا بعد ما تكون خرجت ذلك الساعة خمسين تبقى مائتين هى حاجة قريبة، يكاتب الآن مولانا الخليفة عليه إلى سيدنا ويذكر له يوجه منه مائة حمال فأكثر ليس يأتى القليل، فينى نعرف قبل فلا كان يشتريه أحد سوى المخزن بفاس، لا بد يكون هناك كثير، والإنسان يكاتب على تاسع في كل حاجة أفضل مما يتأنى حتى لم يبق منها شئ، لأن هذه الأمور هى الحجة وعليها العمدة اللهم تشيط ولا تخص، وأنت تبارك الله أعرف منا في ذلك، ونحن يا سيدى والله حالتنا فلا يعلم بها سوى الله يجوز النهار كله ونحن نرتجوا ما يأتى من الخبر من عندكم نطلب الله سبحانه يعجل بهلاك هذا الكافر في قريب، ولا شك في هلاكه إن شاء الله، لأن الله سبحانه سلط عليه جميع المصائب، وكمال ذلك

ص: 499

يكون بخرب ملكهم وتشتيت شملهم في قريب إن شاء الله، وربنا سبحانه يكون لنا ولك خير معين والسلام وفى 18 جماد الثانى عام 1276.

محبكم محمد الخطيب وفقه الله".

وبطرته:

"اعلم يا سيدى البجماط الذى كانوا يصنعوه قبل كان يوقع فيه الفساد من أجل يجعلوه قرصة صغيرة ولما يمشى للكوشة مرة واحدة لم يزيده الثانية، ثم ذكرت إلى مقشاد يجعله خبزا ولما يطيب يقصم الخبزة ويمشى مرة أخرى للفرن يتبجماط ذلك يبقى مليح".

ونص الأربعين منه في مسائل:

"حبنا وخلاصة ودنا الأبر الأرضى، وخديم مولانا وأمينه المرتضى، سيدى الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله وأدام لنا وللمسلمين وجوده.

وبعد: وصلنا كتابك ومعه كتاب سيدنا نصره الله الذى وجهه لنا ولك، وقد طالعته وجعلته في موضع عندى محفوظ، كما ذكر نصره الله وذلك حاجة التي ذكر أيده الله على ما كتب به لأهل وجدة الكافر فلا يكون ذلك، وإنما فعل ذلك من غير إذن من دولته ولا يوافقوا له على شئ من ذلك، وبحول الله لما تصفى هذه الدعوة متاع الصبنيول ونتكلموا نحن وأنت مع نائبهم فإن دولتهم تعاقب صاحب ذلك الكتاب لأنه كتب بحاجة خارجة على القوانين، ولا تكون أصلا ولم يقبلها أحد، والآن نتأخروا ويأتى بحول الله وقت الكلام في ذلك، ولا شك دولته يعاقبوه على ذلك الكتاب أشد العقوبة، وذكرت نعلمك عن أمر المكاحل إلى الآن لم قدم الببور ولما يأتى الجواب نعلمك بالذى يكون إن شاء الله.

ص: 500

وما ذكرت لنا بأنه مات واحد من كبراء عسكر الصبنيول وماتت عليه ستة خيالة لأجل يحملوه الله أعلم، هو ذلك الكافر الكبير الذى كتبوا عليه من جبل طارق إذا يموت ذلك كأنه مات له نصف عسكره، وخبرتنا على ما غنموا المجاهدين من بغال وخيل وحمير من محلة الكافر فقد دخل علينا سرور كثير بالأخبار الذى تكاتبوا بها لنا، والله يا سيدى ما كنا إلا من جملة الأموات ولما كتبتم لنا بجيوش المسلمين الحمد لله في زيادة كل يوم مع أنها الحمد لله عندكم عدد كثير بذلك يزاد لك الفرح الكثير لأنه يا سيدى هذا الملعون هلاكه هو بقوة جيوش المسلمين، فالله تبارك وتعالى يرزقهم القوة الكبيرة والنصر بجاه النبى وآله، ويذكروا بأنه عدو الله دخله الرعب الكبير وجميع كبراء عسكره ماتوا عن آخرهم، والباقين الآن فلا يصلحون لشئ، إذا سخر الله للمجاهدين فيه فإنهم يأكلوه عن آخره بحول الله وقوته.

وأنت فالله سبحانه يزيد في قوتك ويعينك، فإنك تجرى على هذا الدين الشريف بحول الله وقوته دائما يبقى الله ستره عليك وعلى أولادك إلى يوم القيامة، هنيئا لك بهذه الخدمة المباركة التي فيها خير الدنيا وخير الآخرة في الدنيا دائما جميع المسلمين تدعو لك بخير، وفى الآخرة النعيم المقيم، وهذا ما نعلمك به ورينا سبحانه يعجل بهلاك هذا الملعون إنه على ما يشاء قدير، وهذا ما نعلمك به والسلام وفى 21 جماد الثانى عام 1276 محبكم محمد الخطيب وفقه الله -وإذا ظهر خبر من جبل طارق نعلمك إن شاء الله لأنه يأتى خبر هذا الكافر الذى مات والسلام".

ونص الواحد والأربعين من بوعشرين في بعض الوقائع:

"محبنا الأعز الأرضى، الأمين الضابط المرتضى؛ الحاج محمد الزبدى أمنك الله وسلام عليك ورحمة الله عن خير مولانا نصره الله.

ص: 501

وبعد: وصلنا كتابك مخبرا بوقعتى يوم الاثنين 28 من جمادى الأخيرة ويوم الثلاثء 7 من رجب، وأن الله بفضله أظهر فيهما من قوة المسلمين وصبرهم وثباتهم ما أقر عيون أهل الدين، ونكس أعلام أهل الشرك المتعدين، حتى هزموا العدو الكافر وأوصلوه الى داخل اشباراته وقتلوا منه وسلبوا عدداً كثيرا، فلله الحمد وله المنة، نسأله سبحانه كمال المراد.

ولقد شفيت بكتابك الغليل، واستوعب الخبر فيه، وبينته بيانا شافيا على عادتك، وأدخلت علينا بذلك غاية الفرح والسرور، فلا شلّت يدك ولا فض فوك، وقد أطلعنا سيدنا على كتابك ونشط بما أخبرت به ودعا لك أيده الله بخير، وصار بباله ما ذكرته من اتفاق الناس هناك على روجان الريال 29 والدرهم 4/ 1 2 الثمانى بما بينته، وأشرت بأن الأولى أن يكون نفع ذلك لبيت الله وفره الله فادفعوه -أى الريال- هناك عن أمر سيدنا أيده الله بما يروج به، ولا بُدّ ولا بُدَّ وهو تسع وعشرون أوقية وكذا الدرهم، وأما القبض فلا يقبض إلا بما كان يروج به سابقا، وقد أحسنت في التنبيه على ذلك وعلى المحبة والسلام في 15 من رجب عام 1276.

الطيب بن اليمانى أمنه الله"

ونص الثانى والأربعين وفيه كلام على بعض ما تقدم في كتاب الخطيب الأخير ووصول مولاى أحمد بن عبد الرحمن بمحلته وبعض الوقائع:

"خديمنا الأمين الأرضى الحاج محمد الزبدى، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: وصلنا كتابك مخبرا بوصول كتابنا إليك وبطيه الكتاب الذى وجه المتنصر حاكم البيض لبنى كيل وأولاد فارس وذكر لهم فيه من أمر بنى يزناسن

ص: 502

وغيرهم مع الفرنصيص ما ذكر، وذكرت أنك وجهت الكتابين معا للأمين الطالب محمد الخطيب، وكتبت له بأن يحتفظ بكتاب المتنصر المذكور ويبقى ما كان على ما كان حتى يريح الله الإسلام وأهله بسيف قهره من عدو الدين الاصبنيول، ويقع الكلام في تجديد الشروط معه ومع غيره فيما هو خارج عن القوانين، فقد أحسنت فيما فعلت أصلحك الله والحاضر بصيرة يرى ما لا يراه الغائب وعلمنا ما ذكرت من توافر جيوش المسلمين وأنها مؤيدة محفوظة بعناية الله، وأن أخانا مولاى أحمد حفظه الله قدم عليكم بمحلته في خامس شهر تاريخه وربط بها بفم الجزيرة مع محلة كانت هناك.

وفى سابع الشهر زحفتم لعدو الدين، وقاتله المسلمون قتالا يرضى الله ورسوله تسع ساعات، وكانت الدائرة عليه، وقتل منه المسلمون وغنموا كثيرا من خيله وأسلحته، وفلوا حد شوكته، فالحمد لله الذى أعز دين الإسلام، وأظهره على دين الكفرة اللئام، قاتلوهم يعذبهم الله بأيديكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين، إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون.

وذكرت أنك اليوم بالمحلة مع أخينا مولاى العباس لا يمكن لك أن تفارقه حتى يحكم الله بينه وبين عدو الدين، وأنكم غضضتم الطرف عن أهل لنجرة وصحبتم منهم طائفة لتطوان، وظهر منهم بعض النصيحة، فذلك الذى ينبغى تأنيسا لهم وتأمينا وإزالة لما عسى أن يختلج في صدورهم والسلام 15 رجب عام 1276"

ونص الثالث والأربعين من مولاى العباس:

"محبنا الأرضى الأجل السيد الحاج محمد الزبيدى السلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا نصره الله.

ص: 503

[صورة]

وثيقة تاريخية بتوقيع الجنرال أردنيل قائد الإصبان في حرب تطوان

(ترجمة الكتابة الإصبانية)

"إن القواعد الأساسية لمعاهدة السلم الواقعة بين إصبانيا والمغرب قد اتفق عليها وأمضاها كل من (دون ليوبول دوق)

تطوان القائد العام ورئيس الجيش الإصبانى بأفريقيا ومولاى العباس خليفة دولة المغرب وأمير الغرب. وابتداء من

يوم تاريخه تحسم مادة المشاحنات بين الجيشين وتكون قنطرة أبي صخرة هي الخط الفاصل بين الجيشين على أن

الموقعين يعطى كل واحد منهما الأوامر اللازمة القاطعة بحيث يعاقب المخالفون لها عقابا صارما. هذا وإن مولاى

العباس ملتزم بحسم مادة المشاجرات بين القبائل وإذا وقع ذلك رغم إرادته فإنه يسمح للجيش الإصبانى بمعاقبة

القبائل المذكورة من غير أن يكون ذلك محلا بشروط الصلح والسلام".

ص: 504

وبعد: فعند توجهك من عندنا كنا أوصيناك بإعمال سرج جيد أخضر تام، والآن ولا بد ادفعه لأخينا مولاى أحمد، وإن كنت جعلت له شكارة المهماز والمهاميز فوجه الشكار والمهاميز لحضرتنا، والله يعينك وبين لنا صائره والسلام في 6 ذى قعدة عام 1276.

العباس لطف الله به".

ثم بعد ما تقدم كله من الحرب والاختلال والاحتلال فتحت أبواب المخابرة بين قائد الإصبان والمولى العباس في شأن الهدنة والصلح وشروطه، وبعد مراجعات انعقدت الهدنة والصلح بين الدولتين على أن ترجع إصبانيا على حدودها وتدفع لها دولة المغرب في الغرامة الحربية مائة مليون من البسيطة، وهى عشرون مليونا من الريال، فقبضت نصفها معجلا بحيث لم تبرح من تطوان حتى حازته، وذلك بعد مرور سنة من عقد الصلح، والنصف الباقى مؤجلا من شطر مستفادات المعشرات بمراسى المغرب، وعين الإصبان القبضة والمراقبين بالمراسى المفتوحة لقبض نصف محصولها فدام الأمر على ذلك خمسة وعشرين عاما بحيث استوفت إصبانيا الخمسين مليونا المؤجلة، وزادت عليها خمسة وعشرين مليونا في مقابلة الربا وأجور القبضة والمراقبين وأمور أخرى.

غير أنه ما التزم المترجم لهم بهذه الغرامة الحربية إلا بعد أن تحقق أنها لا تفى بخسائرهم وبما ناله المسلمون فيهم وبما بنوه وشيدوه وقت الاحتلال في تطوان، وبأنه لا نسبة بين تلك العدة وبين استخلاص مدينة من علية المدن الإسلامية وأعظم ثغوره، جمعت بيوتا بذكر الله وتلاوة كتابه عامرة وشيوخا ركعا، وصبيانا رضعا، وعائلات كثيرة نشأت وشبت وشابت في الإسلام، لم تعرف غير التوحيد وإقامة شعائر الدين، والعاقل البصير لا يذهب عنه أن ذلك يضمحل في شأنه ما يتراءى في ظاهر القضية من ربح الإصبان لتلك الغرامة، وإن

ص: 505

كان قاصر النظر يرى فيها نقمة وملامة وتقصيرا من ولاتها فهى في الحقيقة منقبة لما تقدم عن أنها فاجأت على غير استعداد ولا إعذار لميعاد، لا سيما والعدو كان بمرأى منه ومسمع ما عليه مَن برز لقتاله مِن قلة العدد والعُدّة وعدم النظام، وكون قوتهم لا نسبة لها بالنسبة لقوته، ومع ذلك فقد تأبط منهم خسائر فادحة في جيشه وعدته وماله، وما قال الصلح إلا بعد أن مسته منهم من الرزايا ما ادخره ذكرى.

والظن أن المترجم صار بذلك عند الله وعند رعيته وجيها حيث لم يعط يدا في ذلة الإسلام، ولم يدخر في نصرته والذب عنه ما في وسعه مع القيام والثبات فيما يحفظ جمع الكلمة وضبط مصالح الداخلية، وجعله ذلك عظة وذكرى للانتهاض لتنظيم الجيوش والعساكر الحربية والاستعداد بها وبما يتبعها من القوة لمثل ذلك اليوم، فنظم العسكر وجلب المعلمين الماهرين لتعليمه وتدريبه على الأساليب المستعملة عند الدول الراقية، فكان أول من نظم العسكر المغربى على الطرز الأوروبى.

وإليك نصوص الوثائق الصادرة في أثناء الصلح ودفع التعويضات، أما المعاهدات والاتفاقات فستأتى في باب العلائق السياسية.

فمن ذلك كتاب مولاى العباس لأخيه السلطان المترجم ونصه من خطه وإنشائه بعد الحمدلة والصلاة:

"أدام الله عز مولانا وعلاه، ومتعنا بحياته ورضاه، آمين، هذا وأنهى لعلم مولانا أسماه الله أنى لما عقدت الصلح مع عدو الله صبنيول على ما وجهنا به لمولانا من الشروط لم يكن لعدو الله توكيد إلا في المطلب المالى، وأما غيرها فكلها تساهل فيها، ولما ذكر العدد المذكور وصمم على ذلك وما وصلناه إلى العدد المذكور إلا بعد لأى وشدة؛ لأن عدو الله كان قصده المدينة وقال لنا إن القبائل أحبوا ولايته عليهم واشتغل عدو الله بفسادها وهدم دورها وأسواقها ليفصلها على شاهيته مثل بلدانهم يصل الطرق بجر الكراريس، وإذا وليه جامع أو زاوية أو دار

ص: 506

أو سوق هدمه حتى أفسد منها حومات، وحيث قال إن القبائل أحبته رأينا مصداق ذلك، فليس أحد من هؤلاء القبائل جوار المدينة إلا ويريد البيع والشراء مع عدو الله لكونه يبذل لهم ويظهر لهم الأموال، وأهل الجبال هم أطمع خلق الله، واتخذ منهم جواسيس بعد أن حرسنا جهدنا.

ولما تزحزح عدو الله من تطوان لم تكن لهم شاهية في ضربه ولا في الدفاع عن البلاد، إنما تسابقوا لحمل أولادهم وتركوا له الطريق حتى كاد يصل إلى المحلة، وقام الروع في الجبال كلها بسبب رحيل هؤلاء الناس، وكل قبيلة تقول أنا لا أفعل معه العيب لئلا يفعل بى كذا.

والقبائل غير المجاورة التي لم تحضر يوم دخول تطوان إنما كانت شاهيتهم كسر المحلة وتفريق الأمر بالتريتيل، وإذا رأينا القبائل والمحال نقول إذا خرج الرومى لا يبقى له عسكر ولا فرس، وربما أخذناه بما معه، فإذا انتشب البارود لم يجد الإنسان النصف ولا العشر مما كان يرى ومن حضر مع هذا لا يقاتل كله، ومن قاتل صباحا بقى تجاه العدو حتى يفنى ما معه من البارود والخفيف ولم يجد من يشد معه ولا يشد عليه، ومن ذهب لينهض الناس أتعبوه إن وجدهم، وإنما شأن الناس أخذ شواهق الجبال بقدر رؤية العين، وليس هذا شأن المقاتلة، والعدو آخذ في البلاد كثيرا، وحيث يزيد العدو شبرا يكتفى به ويظهر له في حاله أكثر مما كان قبله، وقد عاينت كل الناس هذا الأمر وعايناه من جميع الناس حتى إن اليوم الذى ذهبت لمحلة الرومى دمره الله لم يكن أحد يصل معى إلا بمشقة عظيمة، وحين أشرفنا عليه ورأيناه حاملا على بهائمه وإبله وكراريسه قاصدا ناحيتنا، وجهنا للمحلة تأتى خيولها ورماتها لربما يصدر من هذا العدو أمر منكر، فلما بلغهم خبرنا هرب من هرب ومن بقى كان على أُهبة للفرار، فحملنا هذا على الصلح ما أمكن، وكل ما كان من مال أو غيره الله يخلفه لمولانا ومن أعناق البغاة يخرج.

ص: 507

ومولانا يستعد إن شاء الله وعلى الله البلاغ، واليوم سيدنا هذا العدو التزم بالخروج من هذه المدينة ولا ضرر علينا أكثر من بقائه ولو ساعة فيها، وحين طلب المال قال لى لا أخرج إلا بعد تمام اللزمة، قلت له: هذا أمر منكر، لأنه ربما يصدر أمر ونعود للعيب ونحن قصدنا قطع العيب والإصلاح. فقال لى: لا بد من ذلك، ثم بعد أن لاطفته النصف (1)، وعلى كم تقدرون على أدائه من الأيام واليوم سيدنا هذا العدو أخذ في تفريق عساكره، وحمل أثاثه في مراكبه، ونقص من محاله ولا يتسنى إلا الجواب عن المال وعن الحال منه، فإذا توصل به ولو في مدة قليلة يخرج من حينه، وسيدنا وإن كان هذا العدد كثيرا ضربنا مثل من يعطى مخ عظمه، والله أظن هو أشد على من ذلك، لأنه لا يمكن إلا بعد كسر العظم، لكن بقاؤه هناك أشد وأفظع وأضر بالإيالة وبجانب المملكة.

وحين يخرج يتفرغ سيدنا لأمور عظام كالاشتغال بالعسكر، والنظر في أمر هذه القبائل الذى هو آكد من ضرب العدو وغيره لعدم غيرتهم على الدين، وإنما كان يأتى بالناس أخذ الدراهم فقط فلا يأتى عدد من قبيلة إلا ناقص، ومع ذلك لا نية له إلا في سلب الرومى يظنه سهلا، هذا ما رأينا في أواخر الأمر.

وقبل هذا طلب منا نائب الإنجليز الملاقاة معنا، فقلنا له: لا بأس، فجاء هو والخطيب وتكلم معى وقال لى: ما فعلت مع عدو الله اصبنيول؟ لأنه يكرهه، فقلت له: صفيت معه بكذا وكذا وشرط ويخرج من المدينة قريبا ويحمل عساكره قريبا، ولا يتعدى المدينة.

فقال لى: كاتب مولانا أمير المؤمنين بهذا، وأخبره أن بقاء هذا العدو هو المضرة، لأن القبائل طماعة، وقل له يبادر بما أمكن حتى يخرج هذا العدو، فإن

(1) في هامش المطبوع: "كذا بالأصل ولعل المراد لاطفته في إسقاط النصف فقال وعلى

هـ. مؤلف".

ص: 508

بمجرد خروجه يستريح من كل كلفة ويستريح المغرب كله، وتفصيل الدفع أن يكتب مولانا للسيد محمد الخطيب يكترى مركبا بابورا كبيرا من مراكب الكرة موثق من جبل طارق، ويأمر مولانا بحمل المال من الصويرة ومن آسفى بشرط أن يذهب معه أمناء إلى القنصو لجانب مولانا بجبل طارق، وينزل في داره ويعد وتدفع لكبير اصبنيول اطرة يأخذه من هنالك، ويكون في ذلك تموه أن مولانا لم يخرجه من عنده، وإنما ذلك من ذمم التجار، ويبادر مولانا بذلك، هذا تمام لفظه، لأنى واجب على أن أُخبر مولانا بالشاذة والفاذة وكل ما أسمع.

ولما تم هذا الكلام قال لى: أزيدك مسألة أخرى، إنى لما كنت أنا مع كبير اصبنيول والمترجم بينى وبينه مسلم ورومى قال للترجمان كبير اصبنيول: قل لفلان يكون على بال من كرة أخرى مع جنس آخر في الربيع، ثم إن هذا الترجمان كتم عنى وأنا كنت فهمت من وجهه أنه قال له شئ ولم يقله لى، وقال ذلك لنائب الإنجليز هو يكتب لدولتهم لعلهم يخبروه بما كان إن وقر ذلك سماعهم لربما يكون هذا العدو اصبنيول قصد بذلك شغل بالنا بهذه الكلمة.

ثم قال لى: كاتب مولانا أمير المؤمنين وأخبره بهذا، وقل له: لا بأس أن يكتب لحاكم وجدة ويقول له: إن المال الذى كان يعطون للفرانصيص في هذه المدة يصفون حسابهم معه لئلا يكون هو سبب هذا العيب من هذا العدو، على تقدير أنه هو المقصود، ثم ذكر لى أن مولانا لا يقطع مسألة من الموسوقات مثل الذرة. والقمح وغير ذلك، فإن ذلك ليس فيه إلا دخول المال والزيادة وتكثير التجارة وغير هذا من الكلام لا يكتب، إنما نشافه به، ثم إن مولانا لا يعد هذا منى فضولا ولا شطنا للبال، لأنى لا ينبغى لى أن أكتم عنك ولو لفظة واحدة لأنه شأن الخدمة والنصيحة، وعلى خدمة مولانا والجواب عزما، واعلم أنى ما سمع منى أحد مما كان عليه الفصال إلا بعض من حضر، وأعلم مولانا أنا أمرنا عامل طنجة بالخروج

ص: 509

إلى محدة سبتة وتحديد الأمر على ما يرضى مولانا، ووجهنا معه غيره، وعينَّا أناسا من أهل البلد لذلك، وعينَّا من يجلس هنالك، وفرح الرومى بذلك غاية، وعين هو لعنه الله من يقف من جانبهم كذلك، وحمل كثيرا من عسكره وأموره وعلى خدمة مولانا والسلام في 8 رمضان عام 1276 العباس لطف الله به" بلفظه بلا زيادة ولا نقصان.

ومن ذلك التفويض السلطانى لمولاى العباس والنائب الخطيب التطوانى في المفاصلة مع الإصبان على الجلاء عن تطوان ونصه:

"يعلم من هذا أننا بحول الله وقوته فوضنا لأخينا الأرضى مولاى العباس حفظه الله ولخديمنا الأنصح الطالب محمد الخطيب في المفاصلة مع نائب دولة الصبنيول فيما سطرته دولتهم من الشروط الخمسة التي علقوا عليها الخروج من تطوان بما فيه مصلحة لكونهما مطلعين على أحوال الرعية، وحريصين على السعى فيما يديم المحبة بين الدولتين والوقوف في الأمور المرعية، والسلام في 6 ربيع النبوى عام 1277".

ونص ظهير المترجم لأخيه المولى العباس في شأن دفع التعويضات:

"أخانا الأعز الأرضى، مولاى العباس حفظك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد وصلنا كتابك أخبرت فيه أنك لما ورد عليك كتابنا بالإعلام بتوجيه ابريشة لحمل مليونين من مراكشة للصويرة وجدك في مشقة فادحة، مع نائب الصبنيول، فأخبرته بأننا يسرنا ما كان بقى عندنا وما بقى سنيسره بالسلف، ثم طلب منك توجيه مراكبه لحمل المال المذكور فأخرته إلى خمسة وعشرين يوما من الشهر، وبأنك لم تجد سبيلا لأكثر من ذلك، وطلبت أن لا تجعل كل سكة

ص: 510

على حدتها لتطول مدة الحساب ريثما يظهر الخبر من الذين ذهبوا للسلف، وبأن نكتب لك بأن الإذن توجه للصويرة ليدفعوا لهم المال بها لا للجديدة، وذكرت أن عامل آزمور منع من تعليق سنجقهم إلا بإذن.

أما تعليق سنجقهم فها نحن أمرنا عامل آزمور بمساعدتهم فيه، وأما المال فقد قدمنا لك أن ابريشة توجه لأجل حمله للصويرة، وليس بخاف عليك أن التثبت في أمره مطلوب، وأن لابد من تحقق عدم إعمال حيلة في أمره، وإلا فنكون قد زدناه على الخمسة الملايين الأولى التي دفعت وأفرغنا يدنا من المال، ونرجع معه للكلام الأول، لأنا إن دفعنا له هذين المليونين ولم يتيسر دفع الباقى الذى يطلب التعجيل به يقول: إنه ينزل سنجقه ويتوجه لبلاده ويذهب جميع المال في غير شئ.

وهم أهل حيل ومكايد وتلونات، ويكفى ما رأيت من ذلك النائب، فالدفع حينئذ يكون على وجه لا يخشى معه ذهاب المال في غير طائل، وبقاؤنا فارغى اليد على أن المال له بال، ففى حمله مشقة وفى السفر به في وسط القبائل الذين حالهم كما علمت مشقة، فلا بد من توجيهه في رفقات على كيفية تطمئن النفس بها وتأمن معها، ولا بد في ذلك من الطول، وفى توجيه المراكب لحمله قبل وصوله للصويرة عجلة، وفتح لباب الكلام، لأنها إن وصلت ولم تجده ميسراً بها يقولون: إنكم قلتم لنا إن المال ميسر، وقد ذهبت مراكبنا فلم تجد شيئا، وفى ذلك ما لا يخفى، نعم لو طلب النائب أن يوجه من قبله للصويرة من يرى هل لما قلته له من توجيه المال إليها أصل لتسكن نفسه إن وجد ذلك صحيحا لكان له وجه، وهو وإن كان لا يجده تاما بها لكن يجد أوله وصل أو كاد أن يصل.

وأما توجيه المراكب لحمله فذاك فرع عن وصوله للصويرة، والفرض أن في وصوله إليها ما ذكرناه من المشاق التي لا بد فيها من طول ولو في الجملة،

ص: 511

والحاصل أنه لا بد من دفع المال في الثابت، وإلا ذهب هدرا ورجعنا للكلام الأول ووجدنا أنفسنا لا نحن بالمال ولا نحن بحصول المراد، فتثبت ولابد وأمعن النظر في هذا الأمر، فإن الكفرة لا يوثق بهم.

وقد صرحت في غير ما كتاب بما رأيت منهم من الخروج عن العهود والمواثيق، وبما رأيت منهم من التلونات والمكايد والروغان، ونحن على يقين من نباهتك، لكن الباعث الذى في القلب لا يتركنا نسكت عن التنبيه ونتكل على نباهتك، والتذكار صيقل للأفكار، ومطلق الإشارة يكفى لمثلك لاسيما التصريح لا سيما التأكيد.

ونسأل الله أن يرزقك تأييدا وتسديدا بجاه رسوله صلى الله عليه وسلم، واستعجالهم للمال مجرد تضييق وروغان ليتوصلوا لمرادهم الذى أشرنا إليه، لأنهم حيث علموا أنا وجهنا الأمناء للسلف من الأجناس يحققون أنا مصممون على دفعه وعدم الرضا بتأخيره المؤدى للكلام، مع أنا لم نستعجل خروجهم من تطوان، فهم فيها حتى يقبضوا المال ويخرجوا إن شاء الله، والله أسأل أن ييسر أمر السلف لنستريح من تعبهم ونتفرغ لغيرهم إن شاء الله.

وأما إن لم يتيسر فلا محالة يرجعون للكلام الأول ويجدهم الحال توصلوا لمرادهم من استخراج المال من يدنا وفورهم به، وما يقال للرعية حينئذ إن قالت أعطيت مالنا للنصارى فلا هو بقى عندنا نستعين به عليهم ولا الغرض الذى دفع فيه قضى فنكون كأنا خناهم والسلام في 27 ربيع النبوى عام 1277".

ومن ذلك ظهير آخر لبركاش في الموضوع:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

ص: 512

وبعد: وصلنا كتابك، وعرفنا محصل ما تضمنه خطابك، وما ذكرت من أن المصلحة اقتضت توجيه طرف من المال يشتغل به الصبنيول ريثما يتيسر ما يوجه له، فاعلم أنا أحرص الناس على ما ينقطع به كلامه ولو تيسر ما أخرناه ساعة واحدة، وفى علمكم أنا دفعنا ما كان عندنا ببيت المال هنا بفاس، وما كان ببيت مال مراكشة حتى لم يبق تحت يدنا إلا ما نقضى به حاجة مع الجيش، إذ لا يمكن صبرهم على الخدمة بالجوع والعرى، ومع ذلك فهو قليل لا يقنعون به، وما تحصل بالمراسى في ثمن الزرع وغيره بعد ما وجه أمناؤها ما كان فيها للصويرة فدفع لهم من جملة المال الأول الذى كملنا به الملاين الخمسة، إن كانوا يقنعون به ننفذه لهم.

وقد شرعنا في الكلام مع الرعية في شأن الإعانة، ولو كنا عرفنا أن أمر السلف يتعذر لخاطبناهم من قبل، ولكن لما كنا طامعين فيه أخرنا الكلام معهم إلى أن نفرغ إلى الكلام مع الصبنيول ونتصدى حينئذ للكلام مع الرعية لنرد به المال المسلف، وأعلمناك بالواقع لتأخذ في الكلام مع قونصو الفرنصيص الذى كنت أخبرت أنه لا يقصر في الوقوف إن دعت الحاجة إليه، فتكلم معه ليعين على ما ينفع، ولابد ولا تقصر فإن الاهتمام بأمور المسلمين متعين، والله يعينك والسلام في 11 رجب الفرد عام 1277"

ومن ذلك آخر لمولاى العباس نصه:

"أخانا الأعز الأرضى، مولاى العباس حفظك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: وصلنا كتابك وعرفنا ما أجبت به عن الإعانة التي خاطبنا بها خدامنا أهل فاس، وموجب البداية بهم وما تمنيته في ذلك، وعلمنا ما دار بينك وبين نائب الصبنيول لما تكلم معك في انتهاء الأجل المضروب لدفع المال، وأنك لما

ص: 513

خيرته في دفع الميسر من مستفاد المراسى على نحو ما كتبنا به، ذكر لك أنه لازال باقيا على الشروط، وأنه يقدر أن يسقط طرفا من الملاين 2/ 121 المذكورة فيها، وطلب منك بيان عدد المال الموجود بالمراسى والإذن في حيازته، ودخول تطوان في القبض من مرساها، وضرب أجل للمال المشار إليه، فأجبته عن ذلك كله بما سطرته وبينته، وأعلمته أنك إنما تتكلم معه على سبيل الإخبار لا غير، وذكر لك أن من هذا الكلام ما تقبله دولته وما لا وأنه بصدد إخبارهم به، وأن شاهيتهم في تمام الأمر بيننا ليكون الخير بين الجانبين.

وظهر لك أن هذا المال فرض الإعانة على تلك الإيالة لوجود المحلة هناك ليحصل منها نصيب إن شاء الله.

وأشرت بالكتب لكل مدينة وقبيلة بما يناسب من المواعظ المبكية التي ينفعل لها الناس، ويذهب عنهم بحول الله الباس، وصار الكل بالبال.

وأما الإعانة التي أشرت بفرضها على تلك الإيالة فلابد من المفاوضة مع أهل الدين من أهلها في القدر الذى يليق أن يفرض على كل قبيلة، فتفاوض مع من تعرفه دينا عارفا بأحوال قبائل تلك الجهة وأعلمنا بما أشار به على سبيل التفصيل، لنكتب لهم به ولابد ممن يباشر القبض منهم أن يكون فقيها إما من تلك الجهة أو من هنا ليصل الشئ محله، ولا يكون عرضة للأكل والنهب، والله يرعاك والسلام في 28 رجب الفرد الحرام عام 1277".

ومن ذلك كتاب مولاى العباس لسفير الإصبان ونصه من خطه:

"نطلب الله أن تكون بخير بدوام المحبة والموافقة السالمة بين الجانبين.

أما بعد: فقد ثبت عندكم بالمشاهدة والأدلة الواضحة أن سيدنا ومولانا أمير المؤمنين نصره الله جد وبالغ في تمام الأمور المشروطة، وهو أعانه الله ونصره

ص: 514

لازال جادا في وفاء ما استلزم به من الأمور التي تضمنتها الشروط المختومة بمدينة مدريد قاعدة ملك إصبانية مضمن مفاد الشرط الثانى والثالث والخامس المذكورة، وها نحن دفعنا لكم نسخة شروط التجارة المصححة بخط مولانا نصره الله، ودفعنا لكم أوامر مولانا على أخذ نصف مستفاد مراسيه المحروسة لدولة إصبانيا و

مضمن الفصل الأول من الشروط المذكورة أمرنا لكم بتمكين المليونين المسلفين من ريال من نكلاطرة باطرة على التاجر لويز فورط ومكن دولتكم من ذلك، كما أخبر الوكيل المذكور أمس تاريخه وهو 8 عيد الفطر والمليون الثالث الوارد من حضرة مولانا تسرعون في حسابه وحيازته غدا، وهو 10 من الشهر المذكور لأنه كامل عندنا بطنجة هذا.

وأما تسليم حدود مليلية، فإن مولانا نصره الله ما قصر مع عتاة أهل قلعية وراودهم بما يذعن له صم الحجر، وإلى الآن ما أيسنا من إجابتهم وإذعانهم، ولكن بها نحن نفعل معهم ما هو الواجب من تعويض بلادهم لهم بالمال كما أشرتم علينا، ووجهنا ذلك في مركبكم مع أناس تخيرناهم لذلك لصدقهم وعقلهم السالم، ولتطيب خواطر أهل ذلك البقعة، ويعين إراءة المال. على انقيادهم وإجابتهم لأمر مولانا والدخول في طاعته، بامتثال أوامره الشريفة، كما وجهنا لكم مكاتيب مولانا الشريفة يزيدهم أمرا ويواعدهم بالنكال على الامتناع.

وحاصله ما قصرنا كما في علمكم، والمعوض به هو ثلاثون ألف 30000 ريال كبيرة، فإن حضر لهؤلاء الناس عقول وحضرت عقلاؤهم وأجابوا فذلك غاية ما يزيد منهم، وان هم استمروا على امتناعهم فمولانا نصره الله يوجه لهم عساكره تقودهم لمطلبه وتدفع المحادة لكم رغما على أنوفهم، لأن مولانا نصره الله سلمها تسليما كليا، وإنما أهلها أنفوا ولابد من انقيادهم أحبوا أم كرهوا حتى

ص: 515

تمكنوا منها وتكون في حيازة إصبانية في تصرف سلطانتها أعانها الله وأكرمها إذ لها الحق في ذلك

ما شرط في حياة سيدنا الوالد قدس الله روحه آمين.

وما خاطب عليه مولانا نصره الله ولا يخافكم ولا يغب عنكم ما هو حال المغرب من أمور صارت فيه يشيب لها الرضيع، وهجوم السفلة على الشريف والوضيع، وتواعد الباغية على حصون المملكة وقصدها بالجموع مثل مراكش ومكناسة، ولولا عناية الله وإعانته التي هى قوتنا لما عاد الشئ إلى مقتضاه ولا زالت الفتن تروج والناس في فق حال بعد حال، ولما طغت البغاة في الأرضين كان ذلك سبب خروج مولانا أمير المؤمنين بنفسه ولم يتكل على أحد، وهو نصره الله بقبيلة بنى حسن يسدد أمرها ويردهم عن هواهم المضر بهم وعن حولهم من البرابر، وقد سررنا والحمد لله لتمام الصلح والوفاء بما هو مشروط، إذ به تحصل المحبة بين الدولتين، وتكون المزية للواسطتين.

ولم تبق إلا حدادة مليلة، وهى إن شاء الله تكون كما بمضمن الشرط الرابع وحضرة سلطانة إصبانية حيث علمت وتحققت ببذل مجهود مولانا المنصور بالله على الوفاء بما شرط، يزيد منها أن تعيننا على حصول المهادنة في الرعية وبقاء العافية في الملكة فإنها تسير على المنهج القويم، وقد بلغنا هذا المطلوب على يد نائبها المفوض النبيه الأمثل الساعى في الخير المشير به القنصو فرانسيسكورى وكلوم الذى هو المخاطب بهذا الكتاب في 11 مارس الموافق 9 رمضان عام 1278، وإذا بلغ هذا فنحن ننظر الجواب عزما بدوام محبتنا وتم في 8

عام 1278" بلفظه من خطه.

ومن ذلك الظهير السلطانى الذى وجه لعمال المراسى وأمنائها بتمكين نواب الإصبان من نصف مستفاد أعشارها ونصه بعد الخطاب:

ص: 516

"أما بعد: فإنا أذنا لدولة الإصبنيول في حيازة النصف من مستفاد مراسينا السعيدة، فإن ورد عليكم الذى عينوه من قبلهم للكون بمرساكم فاقبله واجعله مع أمنائنا، وأول مركب يأتي بعد وصوله إليكم يأخذ النصف من مستفاده والسلام في 13 رمضان عام 1278".

وقد وجهت نظائر هذا الظهير للصويرة وآسفى والجديدة والدار البيضاء والعدوتين والعرائش وطنجة وتطوان التي كانت لا تزال محتلة، وسيأتى بيان بعض ما حازه من كل واحدة من تلك المراسى الثمان، وقد استمر أمناء الإصبان بالمراسى إلى دولة السلطان مولاى الحسن كما تقدم في ترجمته.

ومن ذلك أيضا ظهير شريف لبركاش ونصه:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فإنا وجهنا من المليون الثالث الذى تقدم لكم الكلام في شأنه خمسمائة ألف ريال فرنك وخمسة وعشرين ألف ريال ذهبيا، وبهذه الخمسة والعشرين تكمل خمسمائة ألف ريال من الذهب، فنأمرك أن تدفع لحملته الواردين بالمال مئونتهم حتى يسافروا وزادهم عند سفرهم وعلف البغال مدة إقامتها هناك، وأعط للمكلف بها ما يصيره عليها في الطريق وليقيموا هناك يوما واحدا ولا يزيدوا عليه والسلام 17 رمضان عام 1278".

ومن ذلك كتاب مولاى العباس لسفير الإصبان في شأن خرق نصوص المعاهدة التجارية الآتى ذكرها في باب العلائق من خطه بلفظه:

"هذا وقد أخبرنا الباشا أنك أمرت أحد أصحابك بصيادة العلق وأمرته ألا يتعرض له أحد وما علمنا موجب ذلك ولا سببه ولابد بيّنه لنا لأنى حيث جعلت

ص: 517

الشروط مع الوزير بمادريد لم يتعرض لكندرة العلق ولا لكنطرة الدباغ، ولا هى مذكورة في المعشرات، وهى محوزة لجانب السلطان نصره الله، وأنت حيث أمرت الناس بالصيادة لابد أن يكون لذلك سبب، مع أن مولانا نصره الله أعطاكم نصف الكمرك من غير حدوث شئ في مراسيه ولا وفى إيالته، وإذا كان هذا الأمر كذلك إنا لا نوافق، لأن الشروط ليس فيها خروج كنطردة العلق من يد مولانا نصره الله، ويشهد لذلك عدم ذكره في المعشرات، والذى تكلم فيها الوزير هى كنطردة المرجان فقط، ومن المعلوم أن هذا الأمر حدث لسبب، وإن كانت كنطردة كل ما يوسق في المستقبل لك فيه النصف وفى شروط الإنجليز استثناء الكطردتين لجانب مولانا وأنتم عملتهم مثلهم، واعلم أن هذا الأمر لا نوافق عليه ولا نقدر على سماعه، وإن أردت أن تحدث لنا مضرة من جانب مولانا لكونه غير موافق ولا دولتك ذكرت لنا ذلك فأنت الظن بك أن لا تجلب لنا مضرة مثل هذا، والجواب ولابد وختم في 7 شوال عام 1278".

ومن ذلك كتابه إليه في شأن دفع التعويضات من خطه بلفظه:

أما بعد: فإن المال الذى ورد من عند مولانا نصره الله هو مليون من الريال تام، ورأينا مركبكم ورد في هذا اليوم وظننا أن الحسابين وردوا فيه، وأنا أخبركم أنكم إذا أردتم أن تشرعوا في الحساب والقبض ولو من الآن فنحن ميسرون موجودون لذلك.

واعلم أن البابور متاع الإنجليز الذى ورد البارحة أتانا بخبر السلك من عند التاجر لويز فورط على يد باشدور الإنجليز الذى بمادريد، يذكر لنا فيه أنه تلاقى مع أرباب الدولة الإصبنيولية على سبيل الكنبى وتفاصل معهم فيه في الكنبى على 494 إذا كان يدفع لهم في الحين هناك، وإذا لم يدفعه لهم في الحين يكون بالزيادة، وحين أخذنا هذا الجواب أجبناه بأنا كنا ذكرنا لنائب الإصبنيول أن ندفعوا

ص: 518

له الاطرة هاهنا وهو يوجهها لدولته على يده، حين نعرف كيف تكون الاطرة موافقة للجميع.

وحين ذكر لنا فورط في جوابه هذا الكلام، وأنه بأمر دولتكم أى الدولة الإصبانيلية كتبنا له وأجبناه، فإن كانت دولة الإصبنيول يقول لابد يكون الدفع في مادريد في الحين ساعدهم في ذلك، والدولة الإصبانيلية تخبر نائبهم بطنجة أنهم طلبوا دفع ذلك عندهم، وإذا أرادوا الدفع لنائبهم هاهنا بطنجة، بيّن أنت لنا كيف كتبت الأطرة حرفا حرفا على موافقة خاطر دولة الإصبنيول وموافقة أهل البنك حيث لا يكون منع قيدت في 8 شوال عام 1278".

ومن ذلك كتاب مولاى العباس أيضا للنائب بركاش في المشكلة الناشئة عن امتناع قبيلة قلعية من تسليم الحد الواقع عندهم للإصبان، وقد تقدمت الإشارة إليه في كتاب مولاى العباس للسفير، وأن المخزن قد عوض القبيلة عنه بالمال وسيأتى ذكر الاتفاق الخاص بها:

"نائب مولانا الأرضى الطالب محمد بركاش، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته عن خير مولانا نصره الله.

وبعد: فقد ورد علينا الحاج أحمد اليعقوبى وشفانا بخبر أهل قلعية في شأن الحدادة، وذكر لنا أنهم عالجوا أمرهم بكل ما يمكن فما رأوا الامتناع من الكل ولا أجابوا بالقبول، تارة يظهرون أنهم سامعون مطيعون، فإذا طالبوهم بالوفاء بما سمعوا منهم تمردوا كل التمرد، وبسبب هذا لم يظهر منهم انقياد ولا مفيد يعول عليه.

وحيث رأينا الأمر قد طال من غير فائدة ظهر لنا أن نوجه على من هناك من المهندسين والطبجية مما كنا وجهناه للفصال، لأن نهاية المدفع حضر عليها كل من

ص: 519

أصحابنا ومن الإصبنيول، وعلموا نهاية الحدادة وعلمها الإصبنيول، وعليه فإن المحل الذى وصلته رماية المدفع بمحضر أصحابنا وأصحابهم أعطاه سيدنا لهم كما هو مشروط وكما في كتب مولانا التي أعطيناهم النسخ منها، وكما هو في الفصال الأخير الذى تفاصلنا به مع الإصبنيول عن إذن وزيرهم الذى وجهنا منه نسخة لحضرة سيدنا نصره الله، فإن نائب الأصبنيول يعرفه فيأخون القدر المشترط عليه فقط، لأنه هو الذى وقع الاتفاق عليه من السلطان ومنا، ومن تعرض له من أهل الريف فبينه وبينهم.

وأما ما ذكرت من أن نائب الإصبنيول طلب توجيه نحو المائة أو المائتين من الخيل لتقف على الحد، فاعلم أن الحاج أحمد اليعقوبى ذكر لنا وأن نهاية الحدادة علمت نهايتها، وحينئذ لا يحتاج إلى من يقف عليها وقد كان كتب لنا سيدنا نصره الله قبل هذا حيث كنا بطنجة، أنه كان عازما على توجيه محلة معتبرة للريف لتخليص الحدادة، لكن لما ظهر ما ظهر من الثائر الفاسد حتى تزعزع الغرب بسبب ذلك، لم يتأت لسيدنا أن يوجهها حينئذ في ذلك الوقت، وكنا شافهنا بهذا الأمر نائب الإصبنيول وبسببه وقع الاتفاق الأخير أنه إذا فرغ تطوان وامتنع أهل قلعية من إعطاء الحدادة يأخذونها والآن بنفس ما فرغ سيدنا نصره الله من أمر المغرب وقع ما وقع بمراكش، فبسبب ذلك ذهب سيدنا نصره الله مستعجلا بجميع من معه من الجيش والعسكر، ولم يبق بفاس ومكناس إلا من هو ملازم للبلادين ولا سبيل إلى خروجه خوفا من وقوع مثل ما وقع، ولا يمكن توجيه طرف منه إلا على تقدير لو كان السلطان بفاس أو مكناس أو لازال بالرباط أو كان خليفته بفاس أو مكناس.

والآن لما طلع سيدنا مستعجلا لم يعين خليفة إنما ترك العمال كل واحد يحكم في إيالته وما توقفوا فيه، يرفعون الأمر فيه إليه نصره الله، وعليه فلا نقدر على توجيه لا ما قل ولا ما جل، لأن سيدنا لم يفوض لنا في شئ إلا في الفصل مع الإصبنيول وأتممنا فيه العمل.

ص: 520

وإنما كتبنا لك هذا لتعلم أنا حيث كنا هناك بطنجة وكنا نتكلم في أمر الإصبنيول، كنا مأذونا لنا في ذلك، وأما الآن فإنما أنا كأحد الناس ليس عندى إذن في الدخول في شئ أصلا حتى منذ سافر مولانا أيده الله من الرباط، ولم يأتنى كتاب من عنده أصلا في أمر من الأمور إلا الكتاب الذى فيه إذا تم أمر الريف اذهب لدارى، وقل لنائب الإصبنيول: إن الفصال الذى وقع بينى وبينه وهو في كتاب سيدنا نصره الله عليه العمل، ولم يتبدل الأمر فيه، وقوفا من الشرط.

وأما أمر الريف فلا دخل لى فيه، كان وقف لك أمر من الأمور فاكتب فيه لسيدنا، وإنما أحلناه على الفصال الواقع في الشروط المعلومة فالأمر لازال عليه، لأن النظر في إصلاح أمور عامة المسلمين خير من النظر في مصالح قلعية بخصوصهم، وتطهير لجانب سيدنا نصره الله فيما هو مشروط لأنهم أجابوا بحضرته، وحيث بلغوا بلادهم امتنعوا كما في الكتاب الذى وجهنا لك في هذه الساعة لتطالعه، وتعلم منه أنهم أجابوا بالقبول، ثم حصل منهم الامتناع بعد ذلك.

واعلم أنا وجهنا للطالب محمد بن العربي السعيدى، والحاج عبد القادر احرضان ومن معهما من المهندسين والطبجية ليأتوا ويصبحوا معهم المال الذى كنا وجهناه لينزل ببيت المال بطنجة على يدك ويد الأمناء، وأمرناهم أن يقولوا لأهل قلعية استرعاء عليهم أنهم إن كانوا طائعين للسلطان يمكنون الإصبنيول من الحدود، وإن كانوا لازالوا في طغيانهم فإنى لا أدخل لهم في أمر وينظرون لأنفسهم وبينهم وبين الإصبنيول.

ومن هداه الله وأراد أن يبيع أرضه يكتب له العامل كتابا ليأتى إليك وإلى الأمناء ويأخذ الثمن الذى في رسمه، وها نحن إن شاء الله نكتب لك وللأمناء

ص: 521

كتابا مستقلا في هذا الأمر، وأعلم نائب الإصبنيول بهذا ليوجه هذه المكاتب التي تصلك لمن هو بالمليلية ليأتون ويصحبون المال الذى في أيديهم هناك.

وأما بقاؤهم هنالك فلا طائل تحته، وقد كنت عارفا قبل هذا أننى إن وجهت لهم المال إلى بلادهم لا يستقيم أمر، لأن كبراءهم يستقلون بالمال ويأخذونه ولا عليهم في أحد من أصحاب الأرض، لكن إنما ساعفنا في ذلك الأغراض ويصلك نسخا مما كتبنا لأصحابنا وللقائد عبد الصادق فطالعه واردده لنا، ولو قدرنا على فعل شئ آخر لفعلناه لكن هذا الذى قدرنا عليه، والله يعينك والسلام وفى 24 حجة الحرام متم عام 1278 العباس بن أمير المؤمنين رحمه الله.

لطف الله به"

ثم بعد هذا بمدة أراد الإصبان التوسع في ذلك الحد فأجيبوا عن ذلك بما يتضمنه كتاب المترجم للنائب بركاش ونصه:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فلما كتب باشدور الصبنيول ما كتب في شأن إحداث تحويل الوادى ظنننا أن ذلك لا بأس به، فوجهنا من قبلنا من يتكلم مع أهل كلعية في ذلك، فبمجرد ما وصلهم قاموا وقعدوا واحتجوا بأنهم ما سلموا تلك الأرض حتى شرطوا على الصبنيول لا يحدثوا بها شيئا وذلك على عين أخينا مولاى العباس وكبير مدينة امليلية، فكتبنا بذلك لأخينا مولاى العباس فصدقهم ومن المعلوم أن أصل هذه التوسعة التي أنعم بها عليهم مولانا قدسه الله إنما كان لما كان يلحقهم من أهل كلعية من التضييق بهم بسبب وصول الرصاص إليهم، حتى لا يكاد أحدهم يخرج من باب المدينة، ولما ألحوا على سيدنا رحمه الله وقدس روحه في طلب ما يرفع عنهم ضرر كلعية حيث كانوا لا يقدرون على الخروج من امليلة

ص: 522

وطلبوا من سيادته التوسعة عليهم، من أجل ذلك ساعدهم بعد مشقة ثم إن الله تعالى لما استأثر به وتكلموا معنا في الوفاء بما أنعم به قدسه الله لهم بقصد التوسعة فقط ساعدناهم في التوسعة، فوقع الفصال فيها بمحضر أخينا مولاى العباس وكبراء كلعية وكبير امليلية على أن لا يحدثون فيه ما يشوش على أهل كلعية وقوفا مع الفصال الذى حضر له أخونا وكبراء كلعية وكبير امليلية، فبوصول هذا إليك قرر لباشدورهم هذا المعنى وبينه له بيانا شافيا ليستحضر القضية وسببها وامتناع كلعية من المساعدة في إعطاء الأرض إلا بعد وقوع الفصال على عدم إحداث شئ فيها والسلام في 18 ربيع الأول عام 1286".

ونص آخر في الموضوع:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد وصلنا كتابك جوابا عما كتبنا لك به في شأن وادى امليلية، من أن العمل على ما كنا كتبنا لك به قبل من أن أهل كلعية لم تطب أنفسهم بإعطاء البلاد إلا على أن لا يحدث فيها شئ كما وقع الاتفاق عليه بذلك بين كبرائهم وكبراء الصبنيول بمحضر أخينا مولاى العباس، وذكرت أنك لما وصلت طنجة وتكلم معك باشدور الصبنيول في النازلة أجبته بمضمن كتابنا الشريف فلم يقبل منك، وطلب توجيه كتابه، وحين ورد الجواب عليك به بإحالته عليك في الجواب أعدت له الجواب بعينه فلم يقبله معتمدا على ما في الشروط، قائلا: إنه لا يمكنه قبول ما يصادمها بحال، ثم أخبرك بأنه كتب لحضرتنا الشريفة في القضية، وطلبت أن يكون الجواب لينا متضمنا للإحالة عليك إن اقتضاه نظرنا، ويبقى التردد ومراجعة الكلام بينك وبينه في النازلة حتى يظهر لجانبنا العالى بالله ما يكون فيها.

فقد كتب لجانبنا العالى بالله ذلك ولم نجب عنه، إذ ليس بقانون أن نجيب النواب بما يكتبون له، وقد وجهنا لك كتابه على حاله لتجيب عنه أنت، وقد بينا

ص: 523

لك ما تجيبه به بيانًا شافيًا وشرحنا لك القضية لتكون على بصيرة فيما تجيبه به والسلام في 29 جمادى الأولى عام 1286".

ومما يتعلق بدفع التعويضات تقييد وقفت عليه يتضمن بيان ما حازته اصبانيا من المال لآخر سنة 1280 ونصه:

وقع الفصل مع جنس الإصبنيول في قضية تطوان بعشرين مليونا من ريال الذهب هكذا: ................. 20000000

دفع منها سيدنا أيده الله ثمانية ملايين أولا: ....... 8000000

خمسة من فاس واثنان من السويرة، وواحد مع الحاج محمد بن المدنى بنيس ودفع له بواسطة النجليز أى من سلفه اثنان 2000000 فصار جميع ما حازه أولا عشرة ملايين هكذا 10000000 والباقى لإكمال العشرين المذكورة، وهى عشرة خرج يقبضها من مستفاد المراسى الثمانية فحصل له في حظه من مستفاد المراسى عن سنتين تامتين مليون واحد من الريال الذهبى وثمانية وعشرون ألف ريال وأربعمائة ريال وريال واحد وثلاثة بليون ونصف وثمن هكذا 8/ 21/ 1، 3، 1028401:

1 فمن تطوان في عامين آخرهما 22 قعدة عام 1280 هكذا ريال 18554

2 ومن طنجة عن مدة خمسة وعشرين شهرا واثنين وعشرين يوما آخرها 23 قعدة عام 1280 ريال ............... 1/ 24/ 2/ 1 154365

3 ومن العرائش عن أشهر 24 وأيام 23 آخرها 23 قعدة عام 1280

42618

4 ومن العدوتين عن أشهر 24 وأيام 14 آخرها 15 قعدة عام 80 - 81844

5 ومن الدار البيضاء عن أشهر 25 وأيام 12 آخرها 22 قعدة عام 1280 ............. 5/ 1 134231

ص: 524

6 ومن الجديد عن أشهر 25 وأيام 12 أخرها 22 قعدة عام 780

206870

7 ومن آسفى عن أشهر 24 وأيام 20 وآخرها 23 قعدة عام 480/ 1 11

110577

8 ومن السويرة عن أشهر 25 وأيام 11 آخرها 23 قعدة عام 1880 279339

8/ 1 2/ 1 3، 1028401

وقيد في 19 غشت سنة ثلاث وستين وثمانمائة وألف 1863 الموافق 3 ربيع الأول عام 1280".

كما وفقت على التقييد الذى بعثه الحاج محمد الزبيدى من طنجة للنائب السلطانى السيد محمد بركاش بباريس لما ذهب لمداواة عينه هناك وقضاء بعض المآرب السياسية في شعبان سنة 1301، وهو يتضمن ما حازه نواب الإصبان في مدة عشرين سنة ونصه:

"تلخيص ما حازه نواب الصبنيول من المراسى الثمانية وذلك عن مدة أولها إبريل سنة 1862 وآخرها متم دجنبر 1883 عجمية، وتقسيط الباقى له من كل مرسى على نسبة المحرر منها في المدة المذكورة أعلاه.

فمما:

ص: 525

.......................... سنتيم بليون ريال كبير

حازه من مرسى الصويرة: ........ 54 12 2037581

ومن آسفى ........... 9 4 921143

ومن الجديدة .......... 52 0 1532029

ومن الدار البيضاء ........... 51 8 1666067

ومن مرسى الرباط ......... 26 4 486900

ومن العرائش ........... 4 8 620996

ومن طنجة. ............ 2/ 1 54 16 2036535

ومن تطوان ........... 82 158253

جملة المحوز في المدة: ......... 2/: 32 15 9459506

تقسيط الباقى له على نسبة ما حاز من كل مرسى:

سنتيم بليون ريال كبير

الباقى له من الصويرة على نسبة المحوز منها 27 9 116422

الباقى له من آسفى ................ 98 2 52632

الباقى له من الجديدة ............... 2/: 32 3 87536

الباقى له من الدار البيضاء .................. 2/: 99 95195

الباقى له من مرسى الرباط ....................... 90 5 27820

الباقى له من العرائش ........................ 51 4 35482

الباقى له من طنجة ...................... 18 14 116362

الباقى له من من تطوان ..................... 2/: 51 90423

جملة المحوز في المدة: 4/: 67 4 540493

ص: 526

التقسيط على نسبة ما حاز من كل مرسى هو المسطر أعلاه، لكن ينبغى أن يضم الكسر من البليون والسنتيم ودار العشرات لمرسى طنجة.

فمن الصويرة ريال كبير ................. 116400

ومن آسفى ريال كبير ................ 52600

ومن الجديدة ريال كبير ............. 87500

ومن الدار البيضاء ريال كبير ......... 95100

ومن مرسى الرباط ريال كبير ........... 27800

ومن العرائش ريال كبير .............. 35400

ومن طنجة ريال كبير .............. 2/: 67 4 116693

ومن تطوان ريال كبير ............... 9000000

................................. 2/: 67 4 540493"

من كناش مبيضات دار النيابة.

ومن ذلك كتاب الأمين ابن المدنى بنيس للوزير بوعشرين في مقدار الداخل على الإصبان من مال المراسى ونصه بعد الحمدلة والصلاة:

"سيدنا الفقيه الأجل، ومحل والدنا البركة المبجل، العلامة القدوة الخير أنْمل، سيدى الطيب بن اليمانى رعاك الله، وسلام عليك ورحمة الله، عن سيدنا أيده الله.

وبعد: فإنك كنت أعزك الله كتبت لنا عن أمر مولانا نصره الله بأن نطالع كنانيش المراسى لنستفيد منه القدر الداخل على الصبنيول من المال من أول شروعه في القبض إلى تاريخ الكتاب الذي كتبت لنا فيه ما ذكر وتاريخه 18 من رجب

ص: 527

عام تاريخه، وصادف الحال وقت ورود هذا الأمر علينا أن بعض المدة لم يصل حسابها من المراسى وعملنا لوجود منها تحت يدنا حسابه، ووجهناه لشريف الحضرة ومضمنه ريال ذهب 2/ 1، 901332 كما بورقة الحساب التي وجهنا، ثم بعده استدركنا الإعلام بما حازه من طنجة في 8 أيام أخيرة شهر شوال من عام 79 وقدره ريال ذهب/ 3، 546، كما قدمنا لسيادتكم أنه حين يرد علينا حساب المراسى نكمل ما بقى بتمام المدة التي هى شهر رجب تاريخ الكتاب الذى أمرنا فيه بهذا العمل، وقد وصل حسابهما فعملنا فيه مثل عملنا فيما قبله، فتجمل فيما حازه فيما ذكر على حسب ما فصلناه بورقة الحساب الواصلة إليك في طيه ما اجتمع فيه من المثاقيل 11/ 6، 4 87867 1 عنها ريال صغير 3/ 4، 57805 عنها بليون 4/ 63، 109830.

وقد وصلنا من الصويرة حساب عدد البليون الذى حازه الصبنيول في الثمانية أشهر الأخيرة من خدمة السيد عبد السلام جسوس، وهى التي كتبنا في شأنها لمولانا أيده الله ليأمرهم بتوجيهها لنا لنستخرج منها ما يجب في فرينسية الدرهم، وحيث وصلتنا ألفينا من فرينسيتها أربعة عشر ألف بليون وأربعمائة بليون وتسعة بليون، كما استخرجنا من السبعة أشهر بعدها في الفرينسية المذكورة اثنى عشر ألف بليون وستمائة بليون واثنين وثمانين بليونا، يزاد على ما في الورقة الواصلة صحبته فيجتمع من عدد البليون 3/ 4، 1125392 عنه ريال ذهب 4/ 123، 56269 تجمل فيما حازه الصبنيول من أول جلوسه بالمراسى إلى انتهاء تواريخ الورقة الواصلة صحبة هذا في شهر رجب عام تاريخه من ريال الذهب 17، 958147 تسعمائة ألف ريال وثمانية وخمسون ألف ريال ومائة وسبعة وأربعون ريالا وسبعة عشر بليونا، فطالع شريف العلم به بارك الله فيك وهذا ما وجب به الإعلام والسلام ختام في 29 رمضان المعظم عام 1280.

محمد بن المدنى بنيس لطف الله به"

ص: 528

ومن ذلك تقييد وقفت عليه بخط الشريف العلامة سيدى محمد بن الحسنى الرباطى الذى كان عدلا بمرسى الدار البيضاء في العهد الحسنى والعزيزى يتضمن بيان ما حازه الإصبان من أمناء تلك المرسى ونصه:

"الحمد لله هذا بيان ما حازه نائب الإصبنيول من مرسى الدار البيضاء من أمنائها في الشطر عن مدة أولها في شهر شوال عام 1278 فحاز في خدمة الأمينين ج محمد بن عبد المجيد بن جلون الفاسى، والسيد محمد بن ج الطاهر بوحدو، السلوى عن سنة وشهر، إلا أن الشهر الأخير منها الزائد على السنة دفعه ابن جلون المذكور مع ج محمد بن المكى الحارثى السلوى بدلا عن بوحدو السابق.

ففى مدة خدمتهما دفعا له:

208373064

وبعدهما ج المدنى الديورى والسيد محمد التازى ابتداء عام 79 وجها في شوال من السنة المذكورة ........................ 14 1598087

وج حفيظ برادة وج مصطفى جسوس عن سنة في قعدة عام 6280

1641098

ثم ج محمد الحلوى والسيد محمد بن ج العربي معنينو عن سنة 62

1742099

ثم ج عبد الكريم بن زاكور الفاسى وج أحمد الرجراجى": 182647530

ثم ج محمد مكوار الفأسى وج مصطفى جسوس عن خمسة عشر شهرا

.................................... /: 98 2078631

ثم ج عبد الرحمن أقصى وج العربي افرج في جمادى 1 عام 85 إلى جمادى 1 عام 86 .................................... 73 1593877

ص: 529

ثم الطيب بن كيران والأمين التازى عن ثلاثة عشر شهرا 112008115

ثم الطيب الغربيّ والطالب أحمد التازى الفاسى عن سنة/: 89

2569716

ثم ج محمد بن عبد الكبير التازى وج عبد السلام بلافريج سنة 2/ 120

4731018

ثم ج أحمد بنانى السميرس والأمين التازى عن مدة مبدؤها قعدة عام 89 وأخرها ربيع النبوى عام 91/: 36 6645891

ثم ج المدنى بن عبد الكريم بن جلول والسى محمد بن ج على مرسيل عن شهور 14 أخرها جمادى 1 عام 1292/: 99 4121549

ثم حفيظ برادة وعبد الله حصار عن شهور 10/: 55 2838070

ثم ج محمد بن عبد القادر ابن كيران الفاسى والسى محمد بوصوف الطنجوى عن ثمانية أشهر/: 95 2993794

ثم عبد السلام بنانى وج محمد بن العربي الطريس تسعة أشهر 41

37 39960

ثم ج محمد ابريشة وج محمد بن ج العربي القباج عن تسعة أشهر/: 5

13 33340

ثم السى محمد بن عبد القادر بنانى والسى العربي بن المهدى بنونة شهور

11/: 0 34 1318062

ثم الغنمية وبرادة عن عشرين شهرا آخرها صفر 98/: 0 35 2771879

ثم ابن المليح والرزينى عما بعد ذلك إلى متم رجب عام 1300 عن شهور

43 1 8713046

4/ 54720835190 "

ص: 530

ومن ذلك ما كتب به سفير الإصبان للقناصل ونواب إصبانيا الواقفين على قبض الأعشار بالمراسى بما يكون عليه عملهم في ذلك، ونصه نقلا عن النسخة التي وجهها من ذلك لمولاى العباس من كناشته بلفظه:

"القنصوات أو الخلفاء المكلفين أو الواقفين على القبض يستقرون في ديار الأعشار وفى كل وقت الذين يشتغلون فيهم في وسق المراكب، ويأخذون زمام مستويا مع زمام أمناء السلطان ويكون لهم كناش من الداخل والخارج من السلع ومن الأعشار المؤديان في كل عشية حيث تسد دار الأعشار والنائب الإصبنيولى يقابل كناشه مع كناش الأمير متاع مراكش إلى أن تحصل لهم الموافقة فيها.

في مراسى مراكش إذا كانت العادة في أداء الأعشار عاجلا على السلع الداخلة والخارجة في ذلك اليوم الذى يكون فيه القبض النائب الإصبنيولى، يحوز في كل عشية النصف في ذلك الأعشار المقبوض ويدفع خط يده مختوم ومطبوع بيد الأمين متاع مراكش.

في اليوم الأخير من كل شهر النائب الإصبنيولى يحوز خطوط يده المعطاة منه في كل يوم، ويمكن للأمين متاع السلطان مراكش خط لده من جميع العدد المقبوض في ذلك الشهر حسبما هم مذكورون في خطوط يده في مراسى مراكش التي هى عادتهم هى قبض الأعشار بعد أجل قريب، وذلك بالاطرة على المدن التي يتوجه لها السلع، فنواب الإصبنيول في كل عشية كما ذكرناه قبل في مقابلة كناشه مع كناش أمين مراكش إلى أن تحصل لهم الموافقة ويتمسكون نواب الإصبنيول برسم مختوم من أمين السلطان مراكش ذاكرًا فيه أن الأعشار الداخل اليوم هو كذا والنصف الواجب للاصبنيول هو كذا، وفى اليوم الأخير من كل شهرين يجمعون المحصل ونائب الإصبنيول في ذلك اليوم يحوز ما وجب له دراهم سكية النصف من جميع الأعشار من الشهرين، ويدفع خط يده مختوم ومطبوع

ص: 531

من ذلك العدد بيد الأمين المسلم، ويرد ذلك الأمين جميع خطوط اليد التي مكنهم منها.

حيث المنفعة متاع إصبانية ومراكش، هو أن يكون الوقوف والنظر في هذا الأمر مع استقام مباشرته حيث تعلم بفساد في الأعشار تعلم بذلك الأمين متاع السلطان ليكف ذلك وينقطع حتى يكون الاستقام في مراسى الإِيالة، ويحصل حينئذ المنفعة لصبانية وكذلك الخير للسلطان إذا بهذا يؤدى عاجلا ما عليه الإصبنيول وينتقل حينئذ النصف في الداخل في المراسى الذى هو اليوم للاصبنيول.

لا شك أنك وأمين السلطان تسيرون في هذا على الموافقة لتحصل المنفعة في خدمة سلطانتنا وفى خدمة سلطان مراكش.

دولة سلطانتنا لها الصدق في وقوفك وصدقك وعدلك في ولايتك في هذا الأمر المهم.

نسخة ثابتة النائب المفوض لجنس الاصبنيول مختوم.

افرنسيسكومرى وكلوم".

ومن الباب جواب السفير المذكور لمولاى العباس عن بعض المطالب ونصه:

"سعادة الشريف الأرضى مولاى العباس، لا زال السؤال عنك نطلب الله تكون بخير.

وبعد: فإنى قد حصل لنا غاية السرور بالبيان لديكم أن سعادة حضرة مولاتنا السلطانة أيد الله علاها قبلت ما طلبته منها بامليلية على اسم حضرة السلطان في خروج آل الريف من الثغر المذكور، نرغب منكم توجيه لمكاتب السيد محمد بركاش ليمكنهم وقت قدومهم بالدراهم الواجبة لهم وبالأرض لمعيشتهم،

ص: 532

كما طلبنا ذلك منكم بعد قبولنا المكاتب يذهب مركب قرصان لامليلية ويجلب لطنجة هؤلاء الريف كما تريد حضرة السلطان لتقوية الصلح والمهادنة والسلام في 18 اناير سنة 1864.

الوزير الوجيه لسعادة مولاتنا سلطانة إسبانيا قرب الحضرة الشريفة.

فرنسيسكومرى وكلوم".

ونص آخر:

"السيد الذى عظم قدرا الشريف الأرضى مولاى العباس، بعد إهداء السلام نطلب الله تكون بخير وقد أنهينا لحضرة مولاتنا السلطانة ما شافهتنا به بامليلية عن اسم الحضرة الشريفة في شأن مستفاد غياب هذه المملكة، ووافقت ما قصدته الحضرة العلية، وأمرتنا بالتأخر يحبى في هذا الأمر الصعيب وننبذوه إلى أن تقابلوا حضرة السلطان وتتفاوض معها، وحيث ذلك لم يعمل على ما وجهنا من الاسترعاء للسيد محمد بركاش، وهذا أقوى دليل على محبة سعادة مولاتنا السلطانة في الحضرة المنيفة وبحول الله لما يوجب تفاوضنا في هذه القضية مع حضرة السلطان ناولوا أمرها على وجه العدل والحق، وبما يناسب الجانبين، وهذا ما أمرتنا به سعادة مولاتنا السلطانة الحاصل لنا به غاية السرور في إنهائه لديكم والسلام في 26 اناير سنة 1864.

الوزير الوجيه لسعادة حضرة مولاتنا سلطانة إسبانيا قرب الحضرة الشريفة.

فرانسيسكومرى وكلوم".

ونص آخر:

"جناب الشريف العلوى الأعز المحترم الأرفع مولاى العباس خليفة سلطان مراكش وباقى المغرب، السلام على من لا حال له عن المحبة.

ص: 533

وبعد: فإن غدا حلول ميجال الثلاثين يوم الموسوم لتنفيذ المطالب الموضوحة من دولة حضرة السلطانة المفخمة لدولة الحضرة الشريفة سلطان مراكش، فالمطلوب من فضلكم أن تقولوا لنا إذا دولة حضرة سلطان مراكش لا زالت على ما وضحت لنا به في آخر مدة والأمر أدها في بلوغ ما أشرنا به في كتابنا المؤرخ بميو 19 المنصرم فورا والسلام في 23 يونيا سنة 1861.

حررها النائب المفوض والقنصل العام لحضرة سعادة سلطانة إسبانيا.

فرنسيسكومرى وكلوم".

ونص بطاقة وقفت عليها بخط ترجمان السفارة تتعلق بإخلاء تطوان:

"هذه نسخة من أمر موجه من الأمثل سيدى الوزير أمور البرنية للنائب المفوض لحضرة سلطانة اسبانية مضمنه:

فراغ تطوان سيقع من غير إمطال حتى كاد يكون حينا واحدا بعد وفاء المشروط في أمورنا السابقة، وحالة وقت التاريخ إذن ببدء خروج الأثاث وتأهيب جميع الأمور لتسليم الثغر في الوقت المذكور وهذا الكلام تحققه للخليفة والتمام.

مترجمة عن إذن النائب المذكور أعلاه.

فليب ريثو".

وقد أدت هذه الحوادث الحوالك بالمترجم إلى الاستقراض من الدول الأجنبية، فعقد مع الإنجليز قرضا يشتمل على مليونين اثنين من الريال الكبير الذهبى حسبما مرت بك الإشارة لذلك فيما تقدم من الوثائق، وإليك بيان ما يتعلق بذلك كما وجدته منصوصا:

"بيان كيفية السلف الذى أخذه سيدنا أيده الله من تجار النجليز فكان عدده مليونين اثنين من الريال الكبير المعروف بالريال الذهبى 2000000.

ص: 534

فوجب فيها أربعمائة وستة وعشرون ألف ليرة نجليزية هكذا 426000.

جعلت كلها كواغد وصار كل كاغد الذى فيه مائة ليرة يعطى فيه خمسة وثمانون ليرة فكسر العدد المذكور خمسة وسبعين ألفا ومائة وستة وسبعين ليرة ونصف ليرة هكذا 2/ 751761.

فتزاد على الأربعمائة وستة وعشرين ألف ليرة فيصير المجموع خمسمائة ألف ليرة ومائة وستة وسبعين ليرة ونصفا هكذا 2/ 5011761.

يجب فيها من عدد الريال الكبير مليونان وخمسمائة ألف وخمسة آلاف وثمانية واثنان وثمانون ريالا ونصف ريال هكذا 2/ 25058821.

فيجب عليها انطريس في مدة من عشرين سنة بحساب خمسة زيادة على المائة مائتان وستة وخمسون ألفا وثمانمائة واثنان وخمسون ليرة وسبعة عشر شيلين ونصف شيلين هكذا 2/ 1 17 256852.

فيجب فيها من الريال الكبير مليون ومائتان وأربعة وثمانون ألفا ومائتان وأربعة وستون ريالا وأربع بلاطات ونصف هكذا 0/ 4، 1284264.

فيزاد هذا العدد على المليونين والخمسمائة ألف وخمسة آلاف وثمانية واثنين وثمانين ريالا ونصف المذكورة أعلاه فيصير جميع ما يدفع سيدنا نصره الله في مدة من عشرين سنة من عدد الريال الكبير ثلاثة ملايين وسبعمائة ألف ريال وتسعين ألف ريال ومائة وستة وأربعين ريالا وعشر بلاطات ونصفا هكذا 8/ 10 3790146.

يجب فيها ليرات سبعمائة ألف وثمانية وخمسون ألفا وتسعة وعشرون ليرة وسبع شيلين ونصف هكذا 6، 7، 758029.

ص: 535

فهذا العدد هو الذى يكمل دفعه في مدة عشرين سنة حسبما هو مبين انتهى.

بيان ما يدفع في كل سنة:

....................................... بينيكى شيلين ليرات

ما يدفع في 6 الأشهر الأولى ليرات هكذا: 6 19 25058.

ما يدفع في 6 الثانية 10 11 24745.

ما يدفع في 6 الثالثة 10 7 24432.

ما يدفع في 6 الرابعة 4 2 24119.

ما يدفع في 6 الخامسة 8 17 23800.

ما يدفع في 6 السادسة 11 12 23492.

وهكذا كل ستة أشهر تنقص عن التي قبلها بيسير كما هو مبين فيما ذكر أعلاه إلى أن ينتهى العمل في الستة أشهر المكملة أربعين والسلام".

وكان المال المدفوع من هذا الدين يوجه أولا لطنجة من أمناء المراسى والحضرة الشريفة وبيوت الأموال بفاس ومراكش، ويجتمع هناك فإذا حل أجل دفعة من الدفعات دفع منه مقدار، وهكذا حسبما وقفت على قائمة ما كان يوجه من ذلك وما كان يدفع منه مشاهرة مؤرخا بالهجرى والمسيحى في بعض أوراق دار النيابة، وكانت الدفعة الأولى عن ستة أشهر حلت في أول صفر عام 79 موافق أول غشت العجمى سنة 1862 إلى سنة 97 موافق عام 1880 وجلب ذلك بنصه يؤدى إلى التطويل الممل وفى الإشارة كفاية.

وإليك نص الكتاب الذى أسند فيه مولاى العباس بالنيابة عن أخيه المترجم عقد السلف المشار إليه لريشار فلوبير والحاج عبد الكريم ابن جلون

ص: 536

[صورة]

كتاب مولاى العباس في التفويض لريشار فلوفير اسكير والحاج عبد الكريم بن جلون في عقد قرض مع الإنجليز وتحته تعريف سفير الإنجليز بخط مولاى العباس

ص: 537

"الحمد لله وحده، ولا يدوم إلا ملكه،

محبنا التاجر الكبير المعظم المركناطى ريكال اكلير أما بعد لازلنا نسأل عنك نطلب الله أن تكون كما تحب ويصلك كتاب مولانا الشريف أيده الله ونصره وهو أيده الله يفوض لك وللتاجر الحاج عبد الكريم في سلف المال الذي عدده ملايين ستة وأن تجعلوا الأجل الذي تعرفوا منه أنه لا يضر بهذه الإيالة لأنكم أعرف بمصاليحها وهو نصره الله يلتزم بأداء ما تحملتم عنه من المال يؤديه لأربابه في الأجل الذي يقع الاتفاق عليه وترضونه وبأداء فائدته (1) كما تجعلون له، وعند قضاء الغرض إن شاء الله تكون لك الرعاية والمكانة في هذه الدولة، لأن هذه فائدة ما وصلت على يد أحد من التجار مثلك، ولا تقصر أيها التاجر، واعمل جهدك وأخبرنا بخبر الخير إذا وصلت لبلاد الاندرة، فإن دولتكم تحبنا ونحن نحبها، وإذا لم يقض هذا الغرض من عندكم فلا يقضيه أحد بلا كلفة، واخترنا ملاقاتكم لأنكم أفضل من غيركم، والله ييسر الأسباب بمنه آمين والتمام في 28 ربيع الأبرك عام 1277".

خليفة سلطان مراكش ونواحيها العباس لطف الله به".

من خطه، وبعده تعريف سفير الانجليز بذلك الخط ونص تعريبه:

"يشهد الواضع شكله عقب تاريخه بأن الرسالة فوقه المكتوبة بالعربية هى ممضاة من سمو الخليفة السلطانى المولى العباس وهى موجبة للمسمى ريشار فلوفير اسكير وللحاج عبد الكريم ابن جلون.

طنجة -15 - اكتبر 1860.

دريموماى الوزير الإنجليزى المقيم ببلاد المغرب".

(1) في هامش المطبوع: "إنا لله وإنا إليه راجعون ولكن للضرورة أحكام والضرورات تبيح

المحظورات. هـ. مؤلف".

ص: 538

ونص ظهير شريف لمولاى العباس في ذلك:

"أخانا الأعز الأرضى مولاى العباس حفظك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد قدمنا لك كلام المليون الذى أرادت دولة النجليز أن تسلفه لجانبنا العالى بالله تعالى، فإن طلب نائبهم الفصال فيه بالفعل حيث يراد دفعه فتعاط معهم المخطوط فيه بأن تعطيهم خطك فيه على الكيفية التي طلبوا، وهى أن يدفعوه ويعينوا من يقبض أربعين في المائة من كمرك الصويرة حتى يستوفوه إن شاء الله، ويعطوك خطهم بذلك أيضا، والله يرعاك والسلام في 6 من صفر الخير عام 1287".

ونص ظهير آخر لبركاش في دفع ما حل من ذلك الدين:

خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، أعانك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فإنا نفذنا من وفر مرسى الصويرة أربعين ألف ريال لتدفع في مشاهرة سلف دولة النجليز الحالة إن شاء الله، وأمرنا الأمناء بها بتوجيهها واصلة لأمناء آسفى ليوجهوها بواسطة خليفة الطالب محمد بن بومهدى البوعريزى لأخينا الأرضى مولاى رشيد أصلحه الله، وهو يوجهها واصلة إليك فإذا وصلتك فادفعها على يدك على العادة والسلام في 15 صفر عام 1281".

كما أدت هذه الحوادث أيضا بالمترجم إلى طلب الإعانة من رعيته لما شدد الإصبان في طلب الاقتضاء، وأوشكت الحالة أن تعود لما كانت عليه، مما جعل المترجم يأمر بالتأهب والاستعداد مرة أخرى، فلذلك كتب إلى عمال المدن وقواد القبائل بذلك حسبما مرت بك الإشارة لذلك فيما تقدم ذكره من الوثائق، ومن ذلك ما كتب به لعامل سلا ونصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع:

ص: 539

"خديمنا الأرضى الطالب عبد العزيز محبوبة، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فإن أهل سَلا مِنْ خدامنا، الذين لهم كمال المحبة في جانبنا، وممن

نعتقد أنهم يهتمون بأمر الإسلام، غاية الاهتمام، وممن لا نشك أنهم يبذلون أنفسهم في مرضاة الله تعالى ويدخرونها ليوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا فضلا عن المال، الذى لا يلقى له عند أهل الإيثار والخصوصية بال، هذا وفى علمكم ما أصاب المسلمين من أمر الكافرين الذين أرادوا خراب الدين وما قاسيناه معهم من الشدائد التي تشيب الطفل قبل المشيب، حتى رأينا أن لابد من الصلح لأمور يطول شرحها وإيضاحها، وإن كنتم تعلمون بالسماع الفاشى جلها أو كلها معتمدين على ما أفتى به الأئمة في ذلك، سالكين فيه أحسن المسالك، وإلا استولوا على ثغور المسلمين، وأفسدوا الدين وصار الناس منقادين لهم ومسالمين، فصالحناهم على مال دفعنا لهم منه ما كان ببيت المال، ثم شددوا الآن في الاقتضاء، واستعجلوا، وراموا نقض ما عقدناه معهم ليتوصلوا لما فاتهم أولا من الاستيلاء، لا أبلغهم الله ما أملوا، فتعين حينئذ الكلام هنا مع خدامنا أهل فاس في هذا المعنى.

فسارعوا إلى بذل الإعانة، غيرة على الدين وحرصا على أن لا يصل لإخوانهم المؤمنين ذل ولا إهانة، وقد اقتضى ما نعلمه من غيرتكم وكمال محبتكم أن يذكر لكم ما أل إليه الأمر مع الكافرين، ليقوم خدامنا المذكورون بما قدروا عليه من إعانة المسلمين، وليسوا بدون هؤلاء الذين بذلوا مالهم في مرضاة الله دينا ومحبة وخدمة وإيثارا، والظن بهم جميل فليكونوا عند الظن بهم،، وليشتروا بذلك مرضاة ربهم.

ص: 540

[صورة]

كتاب السلطان سيدى محمد بن عبد الرحمن لعامل سلا محبوبة في شأن الإعانة

ص: 541

ولا شك أنه تعالى يخلف لهم ما يبذلونه، وينيلهم بإيثارهم وحسن قصدهم كل ما يأملونه، ولم نحد لهم في ذلك حدا لأن المراد أن يعطى كل واحد على قدر حاله من غير إدخال حرج عليهم في ذلك ولا مشقة ومن كان في خدمة، وظهر عليه أثر النعمة، فهو أولى بالصبر والقيام، وإظهار شكر المنعم سبحانه على الإنعام، والسلام في 25 شعبان الأبرك عام 1277".

ونص ما خاطب به أهل فاس:

"الحمد لله الذى لا يضيع عمل عامل، ولا يخيب في فضله العميم أمل آمل، وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد أصدق قائل، وقائد الخلق إلى ما فيه السعادة الأبدية في عاجل وآجل، وملجئهم المنيع الذى يأوون إليه عند كل أمر هائل، وعلى آله وصحبه، وعترته وحزبه.

أبناء عمنا الشرفاء، وخدامنا أهل فاس أخص منهم العلماء، والأعيان والعرفاء، أنجح الله في مرضاته أعمالكم، وبلغكم من فضله آمالكم، وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته، ومرضاته وتحياته.

أما بعد: فغير خاف عليكم أن الكافر جنح لمسلم المسلمين بسبب جهادهم، وتقلصت أطماعه بامتداد ظلال إمدادهم، فسالمناه، عملا بقوله تعالى:{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ........ (61)} [الأنفال: 61]، وللصلح فصالحناه، عملا بما نص عليه الأئمة، ومصابيح الأمة، من جواز الصلح لمصلحة وإن عن مال ريثما يستعد المسلمون ويرجعون لأحسن أحوالهم، ويسفر الحزم والعزم عن وجه جمالهم، ارتكابا لأخف الضرين، وأخذا بأيسر الأمرين.

وما برحنا من يومئذ مخالف الأسا، ونتدارس في جمل أمور الكافر باب لعل وعسى، فتارة نستفتح وجوه الصبر وهى جميلة، ونتعلل بما نرجوه من النصر

ص: 542

في مدة قريبة قليلة، وتارة نفوض الأمر إلى من بيده الألطاف العجائب، ونمد المسلمين من الدعاء بأعظم الكتائب، حتى رأيناه كاد أن يجمح في ميدان الجسارة هواه، ويعود إلى غدره وخداعه ومكره لينال من مراده ما كان نواه، فَتَلَوْنا عند ذلك: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ

} [الأنفال: 62] وتعين علينا أن نعلم المسلمين بأمره قبل أن تدب عقاربه، وتعم مصائبه، خصوصا من كان في الأقطار البعيدة ليأخذوا في الأهبة والاستعداد، للتقدم للجهاد، إن حققوا غدر الكافر من غير توقف على استنفار، وهذا الغرض لا يحصل على التمام إلا بمشاركة منكم في هذا الأمر تسوغه، وإعانة عليه بالأنفس من ذوى الفضل والدين تؤديه وتبلغه، وأخذكم فيه بالسهم الأكبر، والحظ الأوفر، لأنكم معشر أهل هذه البلاد التي لا يعد فضلها ولا يحصى، قدوة لأهل هذا المغرب الأقصى، فبكم يقتدون، وبهديكم يهتدون، ومثلكم لا تقرع له العصا، ولا ينبه بطرق الحصا، فقوموا لهذا الآمر قيام أمثالكم، واجعلوه من خير أعمالكم، وكونوا عند الظن بكم في هذا الأمر لأنه بكل خير كفيل، وظننا بكم جميل، وافرضوا له عددا معتبرا، وادخروه ليوم تجد فيه كل نفس ما عملت من خير محضرا، وأهل الدين والفضل منكم بهذا الأمر أولى، إذ هم لما خصهم الله به من مزيد الدين والغيرة على المسلمين أجل وأعلى، ونحن نحقق أنكم لم يلذ لكم شراب ولا طعام، منذ استولى عبدة الأصنام، على بلاد أهل الإسلام.

واعلموا أنا على نية النهوض لمكناسة إن شاء الله عن قريب، مستنصرين بالسميع المجيب، مستشفعين بالحبيب صلى الله عليه وسلم، ومجد وعظم، في كشف هذه الغمة، عن هذه الأمة، ومنتظرين ما يجيب به الكافر عما أمرنا أن يخاطب به من جانبنا العالى بالله عما شدد من الاقتضاء، فإن سالمنا سالمناه، وكان أجرنا وأجركم في الاستعداد على الله، كان أراد حربنا حاربناه بحول الله.

ص: 543

ولم نرد أن نستعجل المجاهدين منكم بالنهوض صحبة ركابنا، بل أردنا تأخيركم رفقا بكم لتستعدوا على سعة وتلحقوا بنا، كان طيرنا الخبر بنكث الكافر لكم، هذا وقد ندبنا القبائل كافة، للاستعداد للجهاد ليقاتلوا المشركين كافة، كما يقاتلون المسلمين كافة. وحذرناهم مما تقدم من التساهل في أمر الكفار، وأرشدناهم إلى سلوك طريق الجد التي سلكها في الجهاد من قبلهم من الأخيار، ليفوزوا من العز الدنيوى والأخروى بما فازوا به، ويحرزوا ما أحرزوه من اتباع ما نص عليه الشارع في ذلك ويتمسكوا بسببه، فنسأل الله العظيم، بجاه رسوله المصطفى الكريم، أن يوفقنا وإياهم، ويبيض يوم تبيض الوجوه محياكم ومحياهم، آمين والسلام في 24 شوال الأبرك عام 1277".

ونص ما خاطب به قبيلة بنى ليث:

"خدامنا الأمجاد قبيلة بنى ليث وفقكم الله وأعانكم وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد فإن جنس الصبنيول ضيق في اقتضاء المال المعقود عليه الصلح معه ولم يقصر في التضييق، وجعل للاقتضاء أجلا ضيقا لا يمكن فيه حتى دفع بعض البعض من المال، ولما رأينا منه ذلك وجوزنا أن يصدر منه نقض للصلح، أعلمنا المسلمين بهذه النواحى بما آل إليه الأمر معه ليكونوا على أهبة واستعداد لمقابلته بحول الله وقوته إن سبق منه نقض وحل لما أبرمناه معه، وتعين إعلامكم بذلك لتكونوا على أهبة واستعداد له إن حل عقد الصلح، وأما إن جعل مسلكه وبقى على ما عقدناه معه فإنا لا ننقضه فكونوا عند الظن بكم، واشتروا بمقابلته مرضاة ربكم، وقابلوه مقابلة يرضاها الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم ريثما ترد عليكم قبائل هذه الجهة، فإنها ميسرة موجودة، وإياكم أن تمدوا له يدًا أو تحركوا معه ساكنا ما دام باقيا على الصلح والسلام في 10 شوال عام 1277".

ص: 544

ومثله حرفيا لقبيلة بنى سعيد كافة.

هذا وفى أثناء ما تقدم ورد أبو زيد عبد الرحمن بن المولى أبى الربيع السلطان السابق سليمان من سجلماسة يريد الوثوب على الملك الذى كان لأبيه باستدعاء بعض أمراء البيت الملوكى بفاس ومكناس وبعض رؤساء الجيش البخارى وايت أدراسن له، ولما وصل لفاس هم بحصارها ولكنه لم يظفر بشئ بوقوف الوزير الصدر أبى عبد الله محمد العربي الجامعى -وكان يومئذ على شراقة- في وجهه برجال قبيله وأحلافهم من شراكة وغيرهم، فصدوه حتى رجع على عقبه رغما على من أجلب بهم من البربر أهل فازار الذين واعدوه النصرة والإعانة على شانه، وبقى يتردد بنواحى جبل العياشى إلى أن اضمحل أمره، وقد عثرت له على رسائل كان يبعثها لبعض كبار الدولة يدعوهم فيها للدخول في حزبه، والانضمام إلى سربه، فمن ذلك ما كتبه للوزير أبى عبد الله الصفار يدعوه لإقامة بيعته وقد ختم الكتاب بطابعه من أعلى، وألحق به إلحاقا بخطه من أسفل ونصه بعد الحمدلة والصلاة والطابع بداخله "عبد الرحمن بن سليمان غفر الله له":

"محبنا الفقيه السيد محمد الصفار السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فاعلم أننا سمعنا ما وقع بين محروسة فاس ومكناسة من النهب وأكل العزائب وسبى الأموال وشن الغارات وغير ذلك من الأمور العظام، فعلمنا أن ذلك يستحيل وقوعه بوجود الأمير، فتعين علينا القدوم لندرى ما سبب ذلك قبل تفاقم الواقع، واتساع الخرق على الراقع، ولما لم يتحقق فوته وجهنا ولدنا مولاى الكبير (1) أصلحه الله للفحص عن الأمور بتلك النواحى، ولم نكاتبك معه

(1) في هامش المطبوع: "اسمه سليمان وقد جرت العادة أخيرا في العائلة المالكة أن من كان اسمه من البيت السليمانى سليمان لا يقولون له إلا مولاى الكبير وفى البيت الهشامى لا يخاطبون من اسمه عبد الرحمن إلا بسيدى الكبير ومن اسمه محمد يطلقون عليه سمى سيدى ومن اسمه حسن يقولون له سمى سيدى سيدى حسن تعظيمًا وإجلال وإكبارا ومن ثم يشكل على من لا معرفة له بهذا الاصطلاح مخاطبة بعض الناس لى بعبد الرحمن والبعض بالكبير هـ. مؤلف.".

ص: 545

[صورة]

ص: 546

لعدم تحقق الأمر، فلما نعى به كاتبكم وبعده نقدموا بحول الله وقوته عليه تأهب لملاقاتنا، ولإقامة بيعتنا، وأعجل في ذلك، فالسابق يفوز، وعجلت إليك رب لترضى.

وكنا أمرنا ولدنا حفظه الله بدخول مكناسة إن حقق الأمر حرصا على جمع كلمة المسلمين، واستقصاء في الأعذار لقطع حجج الملحدين، وإنذارا لمن أراد الحق واتبعه، وإن وصلنا بلد صفرو، نأمركم بالقدوم علينا فيه فالحزم الحزم، فأنتم أولى بذلك والله يعين الجميع بمنه آمين والسلام في 6 من صفر الخير عام 76 عبد الرحمن بن سليمان لطف الله به آمين وبأتمه نسلم على ابن الفقيه السيد إدريس بن محبنا المرحوم السيد محمد بن إدريس".

ونص آخر كتبه لما وصل صفرو للعربى الجامعى المذكور وشراكة وأولاد جامع يدعوهم لطاعته بعد الحمدلة والهيللة والطابع:

"خالنا الأرضى الفقيه السيد العربي بن المختار وكافة أخوالنا اشركة وأولاد جامع خصوصا وعموما أصلحكم الله ورعاكم وسلام عليكم ورحمة الله.

وبعد: فقد حللنا بصفرو، بقصد درء المفاسد وإطفاء نار الفتنة وهذه نحو الثمانية أيام، ونحن مجدين في إصلاح هذه النواحى حتى أصلحنا بين البرابر واجتمعت كلمتهم على أن لا يقربوا ساحة الفساد ويكونوا عند الأمر والنهى.

والآن إن أردتم أن تتبعوا سبيلهم وتتعاونوا على البر والتقوى فذاك، وإلا فكل واحد لا يلوم إلا نفسه، وما حملنا على هذا إلا أننا رأينا الفساد شاع في الأرض، وكثر نهب المساكين وأكل أموال الناس بالباطل، ولا ذاب يذب عنهم، وحينئذ تعين علينا القيام، حسبة لله الملك العلام، وأنتم والحمد لله اختاركم الله وجعلكم جيش الإسلام، فنحبكم أن تكونوا في إعانتنا، وإن لم يظهر لكم الاتباع

ص: 547

فإننا نكف لساننا وأيدينا، وتروا الفساد الذى يقع من أهله، ويكفينا ثوابا وأجرا أننا أصلحنا هذه الطريق التي كانت شائعة الفساد من هنا إلى سجلماسة، فمن أراد اليوم بها المرور فليمر ولا يضيع له بحول الله وقوته قلامة ظفر، وقد حسمنا مادة الفساد قبل أن يتسع الخرق على الراقع، فكونوا في إعانتنا لأنكم أخوالنا وخدامنا بارك الله فيك والسلام في 12 صفر الخير عام 1276".

وقد أسلفنا في الترجمة الحسنية بعض أخباره وأخبار ولده المولى سليمان المدعو الكبير الذى خرج على مولاى الحسن لأول ولايته.

ثم في عام سبعة وسبعين كانت فتنة الدجال المارق الجلالى الغرباوى المعروف في لسان العامة بالروكى، وهو من عرب سفيان كان له رأى من الجن أو معرفة بضرب من السحر، فتن العامة بذلك فتنة عظيمة، اهتزت لها الأرض وربت، وكان المترجم يومئذ برباط الفتح، ثم لما أراد الله فضيحة هذا الفتان وإبطال سحره وشعوذته، هيأه للتوجه للزاوية الإدريسية من زرهون، فدخلها يوم الجمعة والناس في الصلاة وقصد الضريح الإدريسى وبقبته كان مكثه أولا ربما طلع لمناره للإشراف على البلد، وشاع عنه ادعاء النسبة الإدريسية، ولأجل ذلك مع احترامه بالضريح المذكور كان يتعصب له بعض مَنْ لَا يؤبه له من بلد الشرفاء الأدارسة.

وكان العلويون القاطنون هنالك على الضد من ذلك يريدون الإسراع بالفتك به ويتحينون الفرصة الموصلة لهم إليه خشية تفلته، وكانت تحدث بين الفريقين في ذلك خصومات ومنازعات أفضت إلى إخراج الفتان من قبة الضريح وإدخاله للقوس الذى كان بباب مدارج الضريح المذكور وإغلاقه عليه خشية الفتك به، ريثما ينظر السلطان في أمره، فاحتال الشريف أبو العباس أحمد بن المأمون العلوى الإسماعيليّ أحد سكان الزاوية المذكورة بأن أتى متجردا في قميص غير متمنطق ولا لابس لرداء إظهارا لكونه غير حامل لسلاح، وطلب أن ينظر حال المتدجل في

ص: 548

مجسه هناك وعضده إخوته وأهل عصبيته، فلم يسع حرسه إلا مساعدته، ففتح له فدخل وأسرع بالغلق عليه لئلا ينضاف إليه غيره، فلم تمض عليه هنيئة هنالك حتى شاهد الحرس وغيرهم الدم خارجا على باب القوس ففتحوه، فوجدوا الشريف المذكور فتك بالمتمرد أجهز عليه بمدية صغيرة كان خبأها في عمامته، فأسرع العامة إلى جثته فأخرجوها مجرورة إلى آخر أبواب الضريح وحزوا رأسه، وهيأوا وفدا للذهاب به للمترجم للرباط، وجرت جثته إلى باب الحجر أحد أبواب الزاوية وعلقت هنالك عظة وذكرى لكل باغ، وبقيت معلقة مدة، وإليك نص ما كتب به المترجم في ذلك بعد المقدمات:

"وبعد فإن فتانا من سفيان مرق من الدين، وفتن بأمور شيطنته من اغتر به من المسلمين، وجمع عليه أوباشا من أمثاله، وأضرابه وأشكاله، وتقدم بهم لدار خديمنا ابن عودة فقاتلوه، ثم تقدم بهم للشراردة فقاتلوه، ثم تقدم بهم لزاوية مولانا إدريس فقاتلوه قتالا يرضى الله ورسوله ولم يحصل لهم من قتاله ضجر، ثم قبضوا عليه وقتلوه وعلقوه بباب الزاوية المسمى بباب الحجر، وأغلقوا الأبواب بعد ذلك على من دخل معه من أتباعه، وأنصاره وأشياعه، فقبضوا عليهم وجعلوهم في السلاسل والأغلال.

ونحن على نية إقامة الحد عليهم إن شاء الله تعالى جزاء وفاقا على ما ارتكبوه من الفساد وقبيح الأعمال، وما كان منهم حينئذ خارجا عن الباب تختطفه الأيدى، وجنوا إنّما وما سعوا فيه من البغى والتعدى وقطع دابر جمعهم فالحمد لله حق حمده، وما كل نعمة إلا من عنده، وأعلمناكم لتكونوا على بصيرة، إذ ربما يبلغ المرجفون على عادتهم النازلة على غير وجهها والسلام في ثامن عشر شعبان المعظم عام ثمانية وسبعين ومائة وألف".

ص: 549

وفى مدة مقام المترجم بمكناس للنظر في شئون محاربة الإصبان ثار الرحامنة بالحوز، وتحزبوا على تفريق الكلمة وتوطيد عرى التهافت على أكل أموال الناس بالباطل، فشنوا الغارة على سوق مراكش ونهبوه وسلبوا المارة وعتوا في السابلة، ولم يتركوا بابا من أبواب التعدى والإفساد إلا وطرقوه، فاشتد الأمر وضاق النطاق، وارتفعت بسبب ذلك الأسعار والناس بين نارين بل نيران، نار فتنة الإصبان ونار فتنة الروكى وفتنة المفسدين من الرحامنة.

ولما أطفأ الله تلك النيران نهض المترجم لزجر المتمردين المذكورين، ولما علموا بذلك أجمعوا أمرهم بينهم وصمموا على محاربته، ولكن لم تغن عنهم تحزباتهم من سطوة الله شيئا، فأذاقهم أليم النكال جزاء على ما أجرموا ووجههم لسجون مراكش مقرنين في الأصفاد، وبعد أن أوقع بهم كتب لأخيه المولى الرشيد بما نصه:

"الحمد لله الذى تدارك الأمة باللطف الكفيل بتمهيد أقطارها، وتيسير أوطارها، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه الذين نصروا الدين بالصفاح والأسنة، وأوضحوا أحكام السنة، أخانا الأعز الأرضى مولاى الرشيد أصلحك الله وأعانك وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فإنه لما تواترت الأنباء المحققة بعد التباسها، وتواردت الأخبار التي يغنى نصها عن قياسها، بما ارتكبه ظالموا أنفسهم الرحامنة، من أنواع الفساد التي أذاعوها، وأظهروها وأشاعوها، وقد كانت في صدورهم كامنة، صرفنا الوجهة إليهم، وطوينا المراحل من أجلهم.

ولما حللنا ببلادهم أرسلنا عليهم سيل العرم من العساكر المنصورة، والجيوش الموفورة، فما كان غير بعيد حتى أتوا منهم برءوس كثيرة محمولة على أسنة الرماح، وأسارى من مقاتلتهم مجردين من الثياب والسلاح، ومن نجا منهم رجع

ص: 550

مجردا إلا من خيبة سعيه، وما سقى إلا بكأس بغيه، واستولت العساكر والأجناد، على جميع ما كان من أهل الفساد.

ومن المعلوم أن من سل سيف البغى يعود إلى نحره، ومن ركب متن

يغرق في بحره، وأن الفتنة نار تحرق من أوقدها، والمخالفة صفقة تعود بالخسارة على من عقدها.

ولما أردنا معاودتهم لقطع دابرهم. وتشتيت ما بقى من رماد أثرهم، تعلقوا بالمرابطين من ذوى الوجاهات، وأكثروا من الذبائح على المحال وتوجيه العارات، وقاموا بواجب السمع والطاعة، في كل ما أمرناهم به جهد الاستطاعة، فأبقينا عليهم وإن عادت العقرب عدنا بحول الله لها وكانت النعل لها حاضرة.

فالحمد لله الذى خيب آمالهم، وأبطل أعمالهم، وأركد إعصارهم، وخذل أنصارهم، لما أعمى أبصارهم، وردهم ناكصين على الأعقاب، بعد سلب الأموال وقطع الرقاب.

ذلك بأنهم شاقوا الله ورسوله ومن يشاقق الله ورسوله فإن الله شديد العقاب، ونعوذ بالله من الآراء المعكوسة، والحظوظ المنكوسة، وسوء الفعل الذى يورد المهالك، والحرمان الذى يجعل البصير كالأعمى في دجنة الليل الحالك.

هذا ويصلكم ما قطع من رءوس قتلاهم لتعلق بباب المدينة ويعتبر بها المعتبرون، ويتذكر بها المتذكرون، والله أسأل أن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا أقل من ذلك، وأن يكون لنا وللمسلمين بما كان لأوليائه، وأحبائه وأصفيائه، وأن يوفقنا وإياهم لما يحبه ويرضاه ويختم للجميع بخير والسلام في ذى الحجة الحرام عام ثمانية وسبعين ومائتين وألف".

ص: 551

وفى سنة ثمانين ومائتين وألف كانت هدة البارود بجامع الفنا من مراكش بسبب نار وقعت في خزين مملوء بارودا، فهدت بسبب ذلك دور وتلفت نفوس، وعظم البوس.

وفى سنة إحدى وثمانين ومائتين وألف كمل بناء القصر المحمدى الذى أنشأه بالثغر الرباطى، واستدعى لوكيرته علماء العدوتين سَلَا، والرباط خصص لكل يوما، فختموا فيه صحيح البخارى وشفاء القاضى عياض.

قال صاحب الاستقصا: فدخلنا من جملتهم وتقصينا منازلها ومقاعدها فرأينا ما ملأ أبصارنا حسنا وإتقانا وعجيب صنعة هـ وفيها ظهر بآنكاد الفتان بوعزى الهبرى المتقدم ذكره في الترجمة الحسنية.

وفى سنة اثنتين وثمانين ومائتين وألف كانت سفارة أبى عبد الله محمد بن عبد الكريم الشرقى والباشا أبى عبد الله محمد بن سعيد السلوى لباريس كما سيمر بك، وفى شوال منها اعترى السلطان مرض شديد حتى أشاع المرجفون في الأرض موته فشبت الأهوال، واضطربت الأحوال، ولكن الله سلم وفيها كتب لبعض خدامه بما نصه:

"خديمنا الأرضى الحاج قاسم حصار وفقك اله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته وبعد: فقد وصلنا كتابك مخبرا بوصول أبان بيع مستفادات الرباط، ونبهت على العربي بوعياد والعدلانى اللذين يكثران اللغط في أمر المبيعات ويدعيان الخسارة آخرا ولو ربحا، وأشرت بالكتب للأمناء بعدم قبول زيادتهما، فقد كتبنا لهم في ذلك وحذرناهم منهما والسلام 24 صفر عام 1282".

وفى سنة ثلاث وثمانين ومائتين وألف ظهر بالمغرب جراد منتشر أكل النجم والشجر وباض وأنتج.

ص: 552

وفى سنة أربع وثمانين ومائتين وألف وقع بالمغرب غلاء مفرط أرخ الناس به.

وفى سنة خمس وثمانين ومائتين وألف عم الوباء، وفيها صدر أمر المترجم بضرب الدرهم الشرعى وأن لا يذكر في عقد ولا معاملة غيره وشدد في ذلك وأوعد.

فمن ذلك ما كتب به في الإعلان بذلك ونصه:

"وبعد فإن أمر السكة من الأمور الواجبة المتعين رد البال إليها والاهتمام بشأنها، والنظر فيما يصدر سببها، من النفع والضرر للمسلمين وبيت ما لهم، وقد كان أسلافنا رحمهم الله اعتنوا كثيرا بشأنها وبضبط مصالحا ودفع مفاسدها وجعلوها على قدر شرعى معلوم لضبط أمرها والتبرك بتلك النسبة، إذ بذلك يعلم المسلم علم يقين كمال النصاب عنده، فتجب عليه فيه الزكاة التي هى من دعائم الإسلام أو عدم كماله، فلا يكون مخاطبا فيه بشئ.

ولما رأينا ما حدث فيها من التغير وعدم الضبط ونشأ عن ذلك من الضرر للمسلمين وبيت مالهم ما لم يخف على أحد، اقتضى نظرنا السديد ردها لأصلها الأصيل، الذى أسسه أسلافنا الكرام سنة ثمانين ومائة وألف، إذْ لَنَا فيهم أسوة حسنة على الإجمال والتفصيل، فرددنا الدرهم الكبير المسكوك على وزن الدرهم الشرعى، والمنهاج المرعى، كما كان على عهد جدنا سيدى الكبير قدسه الله، وجدد عليه وابل رحماه، بحيث تكون عشرة دراهم منه هى المثقال، كما هو معلوم أن عشرة دراهم من الدراهم التي كانت تروج قبل على عهد أسلافنا رحمهم الله هى المثقال، وبهذا العدد الذى هو عشرة منه في المثقال تكون جميع المعاملات والمخلطات في البيع والابتياع وغيرهما بين جميع رعيتنا السعيدة في كل البوادى والحواضر.

ص: 553

وبه أمرنا جميع العمال، ومن هو مكلف بعمل من الأعمال، وإشاعته ليبلغ الشاهد الغائب وبه يقبل لجانب بيت المال، وأمرناهم بالعمل بهذا الأمر الذى أصدرناه، وأبرمناه بحول الله وأمضيناه، وأن يعاقبوا كل من عثروا عليه ارتكب خلاف ذلك، وبأن يسلكوا به أضيق المسالك، جزاء وفاقا على مخالفته، وتعديه الحد وافتياته.

نعم ما سلف من المعاملات بجميع أنواعها فيما تقدم قبل تاريخ هذا الكتاب فحكمه حكم ما تقدم في السكة، فلا يكلف أحد بزيادة ومن كان بذمته شئ فيما سلف يؤديه بحساب ما كانت تروج به السكة في الريال والدرهم، والعمل بهذا الذى أمرنا به هو من الآن لما يستقبل إن شاء الله، وبهذا يزول الإشكال فيما تقدم بين الناس في المعاملات، ونسأل الله أن يخلص العمل في سبيله ومرضاته، ويجازى من فضله وكرمه على قصده وصالح نياته، والسلام في شوال عام 1285".

وفيها كتب للنائب بركاش بما نصه:

"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش أعانك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: وصلنا كتابك مجددا فيه الإعلام بنازلة الفاسد عيسى ورفيقه وما كتب به لأهل تطوان من التخويف والتهديد إن لم يخرجوا العامل منها، وما نشأ عن ذلك من الفتنة والهرج والترويع، حتى دار بينك وبين نواب الأجناس بسبب ذلك ما سطرته زيادة على ما قدمت الإعلام به، وأشاروا بتوجيه رجل عاقل حازم وعدد من الخيل بكتاب شريف لأهل تطوان وجيرانهم بما يحملهم على القيام على ساق الجد في حسم مادة فساد هذين الفاسدين، وأكدت في ذلك لما أشرت إليه ورأيته من حال نواب الأجناس، فها نحن نعين من يتوجه لحسم هذه المادة بحول الله وقوته وهو واصل في الإثر إن شاء الله، وهو الذى يباشر هذا الأمر أولا ويرجع للوقوف على نازلة جرش إن شاء الله والسلام في 28 محرم عام 1285".

ص: 554

وفيها كتب لبعض قواده على البربر بما نصه:

"خديمنا الأرضى القائد محمد بن محمد بن أحمد الشبلى وعزيز، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.

وبعد: فقد وصلنا كتابك مخبرا بما دار بينك وبين وصيفنا الطالب إدريس بن المكى وما آل إليه الأمر من الصلح والمهانة ورجوع كل لمحله، كما علمنا ما ذكرته من انحياش القبيلة إليك واجتماعها عليك بسبب ما وقع من البارود حتى من كان فارا منهم بالجبال أو نازلا بالقبائل، وأنهم لما رجعوا للقبيلة أعطوا مساجينهم كما فعل إخوانهم.

وذكرت أنك غير مقصر وتباشر الأمر برفق ولين مهما أمكنتك فرصة تنتهزها حتى لا يكون إلا ما تحمد عاقبته إن شاء الله.

وأخبرت أنك بصدد التهيؤ للعيد معنا وصار كل ذلك بالبال، إلا أن آيت ولال لا زالوا على فسادهم، فلا بدّ اشدد الوطأة عليهم حتى تقضى الغرض فيهم بحول الله وقوته والسلام في 24 قعدة عام 1285".

وفى سنة سبع وثمانين كتب لبعض قواده بما نصه:

"خديمنا الأرضى القائد الغزوانى الموسوى، وفقك الله وسلام عليك ورحمة الله وبركاته.

وبعد: فنأمرك بالتهيؤ للنهوض للحركة السعيدة بجميع خيل إخوانك الصحيحة كلها إن شاء الله، وعجل بها عزما ليجدكم العيد متأهبين، ويكون عيدا وحركة بحول الله وقوته، والعزم له بركة، وحين ننهض بحول الله تكون ملاقاتكم لنا بوادى أم الربيع، وسنعين لكم المشرع الذى يكون عليه عبورنا إن شاء الله تعالى والسلام في 13 من صفر الخير عام 1287".

ص: 555

وفى سنة ثمان وثمانين ومائتين وألف وقع بآكدير ما وقفت عليه في نسخة من كتاب لعله صدر من مولاى الحسن لبعض عمال أبيه المترجم ونصه:

"وبعد: فبعد ما كتبنا لك بما أخبر به وصيف سيدنا بوتيش من ورود الفاسد الحسن انكزرين مع مسكينة لآكدير وإرادتهم الدخول له والاستقرار فيه بقصد الفساد والإفساد، ومضاربة سكانه وجسمية معهم حتى منعوهم من الدخول له أعاد الفاسد المذكور غير مسكينة وأغراهم، وزين لهم ما يعود عليهم وباله في دنياهم وأخراهم، وصاروا معه إخوانا، وعلى الشر أعوانا، ونهبوا جميع مواشى أهل آكدير وزاوية أبى القناديل ونازلوهم وحاصروهم وشدوا عليهم الطرقات والمسالك، حتى إنهم لا يجدون ما يقتاتون به وعزموا على الرحيل منه لأجل ذلك.

وعليه فبوصوله إليك شمر عن ساعد الجد في ترويع سربهم، وتشتيت حزبهم، وحذرهم من شؤم عاقبة ما تصدوا لارتكابه ووخيم مآله، واسترع عليهم بأن آكدير إنما هو زاوية وسطهم فيها عدة المخزن وبيت ماله، وأهله لا يقدرون على الكر ولا الفر، وإن مخرم ما فيه أن نهب إليهم يئول وعليهم يقصر، ولا يسامحون منه في قلامة، ويلامون ويؤاخذون عليه أشد مؤاخذة وملامة، ومرهم برد ما أخذوه لسكانه ولأهل الزاوية المذكورة، إن أرادوا لنفسهم السلامة.

وقد وجهنا حامله ابن عمنا مولاى المهدى والطالب عبد المالك الردنى للوقوف مع من توجهه من قبلك على تشتيت عشهم وتفريق جموعهم ورد ما أخذوه لأربابه، والإشهاد على كل منهم بتوصله به، وإن حاز أحدهم شيئا مما نهب له ولم يشهد عليه فإنا لا نسلم رده إليه.

وقد كتبنا لخديم سيدنا الدوبلالى بمثل هذا في شأن حاحا، فامض على ما أمرناك به وأنذر كبراء مسكينة وأعيانهم وسلهم هل صدر ذلك من رعاتهم بموافقتهم وإشارتهم أم لا، وما موجب سكوتهم إن لم يكونوا موافقين عليه، وهل

ص: 556

أيقنوا السلامة من المؤاخذة به كلا والله إن المصيبة لتعم، وكم من قوم هلكوا بسفهائهم، فليستيقظوا ويتداركوا ويتلافوا هذا الخرق، ولقد أعذر من أنذر، اللهم هل بلغت، ألهمهم اللهم رشدهم والسلام في 27 ذى القعدة الحرام عام 1288".

وفى سنة تسع وثمانين أوقع ببنى موسى من تادلا لخروجهم عن طاعة عاملهم.

كما وقفت على نسخة من ظهبر تدل على أنه وجه في السنة محلة للتسول للقضاء على فتنتهم ونص ذلك:

"وبعد فإن قبيلة الدسول طالما جمحوا في ميدان الجسارة والطغيان، واتبعوا سبيل الشيطان، واشتغلوا عن أداء ما تعلق بذممهم من الواجبات والحقوق، والسلوك فيها مسلك العقوق، وارتكبوا من إذاية جيرانهم مركبا صعبا، وساموهم بأسا وحربا، وكثرت بهم الشكايات إلى على بابنا، وشرح مساويهم لشريف جنابنا، فأمرنا بإنذارهم وتذكيرهم، وتخويفهم من سطوة الله التي هى لكل ظالم بالمرصاد وتحذيرهم، وأعذرنا لهم رحمة بصبيانهم وضعفائهم وإشفاقا، وطلبا للهداية وإرفاقا.

فلما لم ينجح معهم عمل، وغيرهم الإمهال والأمل، ولم يرد الله بهم خيرا لفساد نيتهم، وخبث طويتهم، وتعين زجرهم وقمعهم، وحملهم على الواضحة وردعهم، أمرنا المحلة السعيدة النازلة عليهم بالأخذ بمخنقهم وحصرهم، والتنكيل بهم والتضييق، والزحف إليهم وضربهم والمبالغة في النهب والتحريق، فرجعت إليهم العساكر المنصورة، التي لم تزل ولا تزال بحول الله ألوية الفتح أمامها منشورة، وأحدقت بهم من كل جهة، وناوشتهم القتال من كل وجهة، واقتحموا عليهم الأوعار، والنجود والأغوار، ودخلوا عليهم في أعز أماكنهم، ولم يقصروا من تحريق مداشرهم، وبقوا في أيديهم بين قتيل وأسير، وجريح وكسير، وقطعت

ص: 557