الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن ذلك دفتر آخر يشتمل على ما تعلق به الغرض من نسخ المكاتيب التي كانت توجه أصولها من باشا فاس عبد الله بن أحمد للحضرة الحسنية وغيرها من مكاتيب الوزير والحاجب وأجوبتهم عن ذلك.
وكذلك عثرت على بعض دفاتر دار النيابة السلطانية بطنجة في هذا العهد، وفيها نسخ ومبيضات ما كان يوجه من الرسائل للحضرة الشريفة والوزراء والأمناء والعمال وسفراء الدول، إلى غير ذلك مما يطول تعداده.
آثاره
منها معمل السكر الهائل الضخم البناء المحكم الوضع، الذى أحدثه بأخريات جنان أجدال بمراكش الحمراء، وأنفق في بنائه أموالا طائلة، وجلب إليه العملة وما يتوقف عليه صنع ذلك من الأوانى والآلات، وأمر بغرس القصب الحلو واستنباته وتهيئة المزارع الطيبة له، وأتى بمن يحسن عصره من أوربا بأجور عظيمة، ولما عجز أولئك الأوربيون المجلوبون لعصر قصب السكر وتصفيته وإخراجه من القوة إلى الفعل عن إتمام عمليتهم جلب الصناع المهرة من مصر القاهرة.
وقد وقفت على كثير من رسائل السلطان مولاى الحسن بإمضائه كان يكتبها لحاجب أبيه لما كان خليفة عنه بمراكش في موضوع هذا المعمل وإشغاله نص أولها: ما وجد نقصا عنده 000،348
الباقى الذى حازه الأمين ودان 313170
الداخل عليه 5914384 وكسور
صائره 5445255 وكسور
"محبنا الأعز الأرضى الفقيه السيد موسى بن أحمد سلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا نصره الله.
وبعد: فإن المعلم النصرانى قد أكمل عمل الكير الكبير الذى أمره سيدنا نصره الله باختراعه فجاء عجيب الصنعة غريب الشكل، وقد دفعناه لأمناء العتبة
الشريفة إلى أن يأمر سيدنا نصره الله فيه أمره المعتبر العالى بالله وعلى المحبة والسلام في 7 ربيع الأول النبوى الأنور عام 1285.
حسن بن أمير المؤمنين".
ونص الثانى:
محبنا الأعز الأرضى الفقيه السيد موسى بن أحمد، سلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا نصره الله.
وبعد: فإن القائد إبراهيم الأكراوى قد أخبر أن النصرانى معلم الفبريكات الذى كتبنا قبل بإلحاحه على السفر قد عيل صبره واستبطأ الجواب، وطلب الإذن له في التوجه لثغر الصويرة بقصد المقام بها حتى يرد الجواب الشريف بالاحتياج إليه أو الإذن في ركوبه، فأجبناه بتثبيطه إن أمكن أو مساعدته بعد حوز خط يده بالتزام المقام بالثغر المذكور إلى ورود الأمر المولوى في شأنه، فأجاب بأنه أبى إلا ما عزم عليه من التوجه فأذن له وحيز خطه بما ذكر، وها هو مع كتابى القائد إبراهيم بذلك طيه وعلى المحبة والسلام في 8 ربيع الأول النبوى الأنور عام 1285.
ومنه وقد كتبنا لأمناء الثغر المذكور بإجراء حكم مئونة مدة إقامته هناكم على العادة المقررة صح به وبتاريخه.
حسن بن أمير المؤمنين"
ونص الثالث:
"محبنا الأعز الأرضى الفقيه السيد موسى بن أحمد، سلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا نصره الله.
وبعد: وصلنا كتابك عن أمر سيدنا أعزه الله بإنزال حامله النصرانى معلم فبركة السكر، وتنفيذ ما يكفيه من المئونة مع ما لابد منه كالفراش والغطاء، وتكليفه
باختبار فبركة عصر السكر، ونظر ما تتوقف عليه فبركة تسحيره وخدمة المتيسر منه هنا، وأشرت بالإعلام بإشرافه على تمام خدمة ذلك حين يبقى له فيها القدر الذى يوجه فيه الكتاب ويرد الجواب عنه لتطالع به شريف علم مولانا أعزه الله.
فقد ورد مع ترجمانة وصاحبه وأنزلوا بالدار التي كان ينزل بها من تقدمه من المعلمين أمثاله، ونفذت لهم المئونة وفراش مثل ما ورد به من عند أمناء الجديدة على وجه العارية بعد رد المعار لهم، وذلك لحاف بتلميطة، ووسادة، وحائك صوف، وإزار كتان وهو آخذ في اختبار الفبركة ونظر ما تتوقف عليه، وكأنه أحاط علما بذلك، وإن أظهر خلافه لكونه طلب توجيه ترجمانه للجديدة لغرض له بها واستشعرنا منه أنه قصد تسبيق خبرها لمن وجه فأشرنا عليه بالتأنى على توجيه من ذكر حتى يترجم لنا عما يقيده من أمرها، فأخره وتمادى على عمله مجدا فيه من غير شعور له بإطلاعنا على قصده الأول، وبمجرد استيفائه الغرض من النظر فيها أطير الإعلام به لمولانا نصره الله ليأتى الجواب عنه قبل فراغه من خدمة السكر، فإنا كتبنا لحاحة على قصبه، وأما ما كان منه هنا فقد ألفاه الحال عصره القائد إبراهيم الأجراوى وكنا وجهنا شيئا من غبرته وعلى المحبة والسلام في 9 المحرم فاتح عام 1286".
حسن بن أمير المؤمنين"
ونص الرابع:
"محبنا الأعز الأرضى، الفقيه السيد موسى بن أحمد، سلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا نصره الله.
وبعد: فقد توجهت بنفسى لنفقد فابركة السكر لما سمعت بفرار عبد الله العلج الذى كان يباشر خدمتها فوجدتها مغبرة من عدم المباشرة، فكلمت وصيف
سيدنا القائد إبراهيم فأجاب بأن المكلفين بها لما قطعت عنهم المئونة تراخوا في خدمتها، فكلفته بتوجيه المعينين قبل لخدمتها من الوصفان وغيرهم ووجهتهم لمباشرتها، وتعاهد خدمتها، فوردوا بعد اختبارها مخبرين بأن كل مسألة منها يخصها حاجة قد أخفاها العلج المذكور لما تقاشح معه القائد إبراهيم على المئونة وعزم على الفرار.
فلم أصدقهم ظانا أن هذا محض اعتذار منهم عن الخدمة، وتوجهت مع عبد الرحمن العلج حتى طاف بها، فأخبر أن الحوائج المقيدة في الزمام طيه خاصة فيها حقا، وعليه فالعلج المذكور يحتاج للتحيل عليه حتى يرد المسائل، وبعد ذلك إن اقتضى نظر سيدنا زجره يزجر، وذلك بأن يقال له بلغنا أن الفابركة منذ فارقتها وقع فيها تفريط، وسيدنا نصره الله أمر برجوعك إليها على القائد إبراهيم إلى غير ذلك، ولا تظهر له سرقته لئلا يفر أو ينكر الأخذ، إذ من الجائز أنه لا يتوجه بتلك الآلات معه ويكون أخفاها هنا، ثم بعد ردها وتسريح خدمتها كما كانت يقبض عليه عقوبة وزجرًا له على جسارته وعلى المحبة والسلام في 3 المحرم فاتح عام 1288 ومنه والعلج المذكور بلغنا أنه بمكناسة
حسن بن أمير المؤمنين"
وقد زاد مولاى الحسن في هذا الكتاب بخطه ووقع والده المترجم عليه بخطه بما نصه:
"يحتال عليه حتى يظفر به ويؤمر برد ما أخفاه ولابد".
ونص الخامس:
"محبنا الأعز الأرضى، الفقيه السيد موسى بن أحمد، سلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا نصره الله.
وبعد: وافى كتابك جوابا عما كتبنا لك به في شأن ما ألفى خاصا من حوائج الفبركة المبين في الزمام الموجه لك، وعرفنا ما ذكرته من أنك أطلعت شريف علم سيدنا بذلك، فساعد أيده الله عليه وبحثت عن مختلسها وخاطبته بالرجوع لمحله وواعدته بالإحسان منا فقبل، ووجهته صحبة صاحب وصيف سيدنا القائد إبراهيم، وأوصيته عليه، وأشرت بأن يظهر له ما تطمئن به نفسه حتى يرد الحوائج لمحلها، فقد استخبر بعد قدومه بمدة واطمئنان نفسه حتى يرد الحوائج لمحلها، فقد استخبر بعد قدومه بمدة واطمئنان نفسه بها غاية الاطمئنان عن ذلك، فأخبر أن البريمة بآلتها مع المطرقة وأحد المرابيع المعدودة للقطيع وأحد الدابدين والزيار الصغير المعد لحل الأوشاك كانت وجهت على يده لفبركة السكر بإذن سيدنا نصره الله لقضاء غرض بها هناك، فكلف بالإتيان بالجميع ورده لمحله بفبركة السكر ففعل، وطلبة المخرطة والستة مرابيع المعدة للخرط وأحد الدابدين والمرشمان وجدت بفبركة السكر داخل صندوق بها، ولم يلف خاصا إلا غطاء بريمة العقيد مع تشطيبة البابور والقابضة للرحى، وقد صنعهما من الصفر. وليس فيهما من قبل تعطيل الفبركة كبير فائدة إلا من قبل الثمن، حيث كانوا من الصفر، فدل ذلك على أن الخائن لهما المتعلمون وبيان ما وجد بفبركة البارود وما وجد بالصندوق المذكور وما صنع جديدا من الصفر بتقييد طيه، وقد أقام بها العلج المذكور وبفبركة القطن أحسن قيام وعلى المحبة والسلام في 23 شوال الأبرك عام 1288.
حسن بن أمير المؤمنين"
كما عثرت على العقد الذى اتفق عليه السيد محمد الدكالى الرباطى مع بعض مهندسى الإنجليز الميكانيكيين على القدوم للمغرب لتركيب الآلات اللازمة
لصناعة السكر، وغير ذلك مما يطلب منه، ولعل هذا المهندس هو المراد فيما تقدم بالعلم النصرانى ونص تعريب العقد:
"مذكرة عقد محرر في 8 أكتوبر سنة 1862 بين السيد محمد الدكالى بالرباط المغرب (الفريق الأول) ومستر جوهن كلاركسون جى بلندن المهندس الميكانيكى (الفريق الآخر):
بناء على أن السيد محمد الدكالى التزم مع مسئوليته أمام الملك بتنمية مؤسسات الأشغال العمومية المختلفة ذات الأهمية بالمغرب، وبما أنه على استعداد ليوجه إلى هذه البلاد جميع أدوات الآلات اللازمة لصناعة وتصفية قصب السكر، ومن جملة تلك الآلات رحى بخارية من النوع ويلسن (من النوع المجاز عنه ماديا وأدبيا) لتصفية قصب السكر وكذلك الآلات الأخرى.
وبناء على أن جوهن كلاركسون جى مهندس ميكانيكى مدنى ذو مقدرة ومهارة وله معلومات تمرينية في فن صناعة وتصفية السكر تلقاها في ظرف سنين عديدة أثناء إقامته بالبرازيل، وله اطلاع كبير على خرائط وتركيب الآت السكر التي سيجلبها السيد محمد الدكالى.
وبناء على أن جوهن كلاركسون جى موافق على السفر للمغرب لتركيب تلك الآلات والشروع في استعمالها كما يجب، والقيام بمهمته بصفته مهندسا ومستشارًا نائبا عن أمين صوائر السيد محمد الدكالى على مقتضى الشروط والفصول التي ستقرر.
وعليه فعملا بما ذكر وبهذا العقد اتفق الفريقان وهما متضامنان على ما سيذكر:
المادة الأولى: يتوجه جوهن كلاركسون جى المذكور إلى المغرب حينما يأمر بذلك السيد محمد الدكالى، وبمجرد وصوله يشرع في القيام بمهمته حالا طبق هذا العقد.
المادة الثانية: أما الأشغال التي سيقوم بها جوهن كلاركسون جى المذكور فهى.
أولا: أن يعمل ما في وسعه وأن يبذل مقابلته بدون تراخى في تركيب الآت السكر المشار إليها أعلاه والشروع في استعمالها على أحسن ما يرام.
ثانيا: أن يقوم بصفته مهندسا مستشارا ومراقبا عاما وأن يبرهن عن ثمار تجاربه ونباهته الهندسية في وضع الخرائط وتأسيس المعامل وتركيب جميع الآلات كيفما كانت، وتتميم ذلك كله وفق ما يطلبه السيد محمد الدكالى، وبالجملة يصرف وقته ونظره في تنفيذ اقتراحات السيد محمد الدكالى المذكور التي لها مساس بالأشغال الموما إليها.
ثالثا: وعلى السيد محمد الدكالى أن يؤدى لجوهن كلاركسون جى المذكور اعتبارا من يوم مغادرته للندن أجرا سنويا قدره مائتان وعشرون ابرة دراهم سكة التاريخ الإنجليزية أو ما يماثلها من السكة المغربية حسب قيمة الصرف يوم الدفع، أما أداء الأجر فيقع شهريا أو على رأس كل ثلاثة أشهر باختيار جوهن كلاركسون جى المذكور، كما أنه يعفى من الصوائر التي يستوجبها سفره من لندن إلى محل مهمته بالمغرب، وكذلك من هنا إلى هنالك عند انصرام المدة المتفق عليها بهذا العقد أو حينما يقرر الإياب لوطنه.
المادة الرابعة: ولجوهن كلاركسون جى التصرف في دار للسكنى وفرس مهما طلبه ويعطى له مجانا خادم إن أراده.
[صورة]
(ب) تتمة العقد حوله
[صورة]
الاتفاق المنعقد بين السيد محمد الدكالى والمهندس جوهن كلاركسون الإنجليزى على القيام بشئون معمل السكر وهندسة أشغاله
المادة الخامسة: يقع العمل بهذا العقد مدة سنة واحدة وشهر واحد ابتداء من يوم مغادرة جوهن كلاركسون جى للندن.
تحريرا في 8 أكتوبر سنة 1826
الإمضاء: محمد الدكالى وجوهن كلاركسون جى
الشاهد بتوقيع السيد محمد الدكالى
ثم الشاهد بتوقيع جوهن كلاركسون جى".
ومنها قنطرة من الحديد باكورة ما اخترع في ذلك العصر كان رام نصبها على وادى أم الربيع، وكان المرشح للوقوف على اصطناعها وجلبها من أوريا هو التاجر ولد مصطفى الرباطى، وقد صرف في سبيل تحصيلها وجلبها أموالا عظيمة، ومع الأسى والأسف فإن هذه القنطرة لما وردت على حضرته السلطانية سعى بعض الحسدة ومن في قلبه مرض من أهل الوجاهة في إبطال العمل بها، وقالوا: إنها لا تصلح ولا تناسب، وأنها يختل نظامها في أقرب مدة. فحمل المترجم كلامهم على الحقيقة فألقاها في زوايا الإهمال وصمم على بناء قنطرة، وأمر من زعم أنه يحسن النظر في ذلك بالتوجه لاختبار المحل الصالح لما ذكر، وتهيئ ما تدعو إليه الحاجة من الأنقاض والمقومات، وتقدير ما تحصل به الكفاية وإعلام جنابه بذلك ليأمر بتنجيره، والحال أن ذلك الموجه كذوب خئون سيئ النظر فلم تنجح مساعيه وكان أمر الله قدرا مقدورا.
ومنها الرحى الذى جاء بها إلى ثغر طنجة فإن الأحاديث عنها من الأعاجيب، ويذكر أنها كانت تطحن عددا كثيرا من الأوسق في ليلة واحدة.
ونص الظهير الذى أصدره للنائب السلطانى في حيازتها لجانب المخزن:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فنأمرك أن تحوز الأرحا التي جلبها الطالب أحمد الدكالى من بر النصارى لطنجة، على أن يقتطع له ولولد أخيه ثمنها مما بذمتهم من الدين القديم لبيت المال، وكن تستعملها في طحن الزرع بقدر ما يتوقف عليه أهل البلاد، ولا بد ورد بالك للثمن الذى اشتروها به ليلا يدعوا أنهم اشتروها بأكثر منه والسلام في 29 من قعدة الحرام عام 1279".
ومنها مكينة القطن التي جلبها من أوربا حسبما جاء في الكتاب الذى أصدره لبركاش في جلب أخرى ونصه:
"خديمنا الأرضى الطالب محمد بركاش، وفقك الله، وسلام عليك ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فبوصول كتابنا إليك وجه على مكينة جيدة للقطن تأتى من البلاد التي أتت منه المكينة التي وجهتم لحضرتنا الشريفة، واكتب عليها تخرج برباط الفتح، فإنا أردناها للانتفاع بها هناك إن شاء الله، ووجه على معلم من بر النصارى ليبنى هذه التي وصلت لحضرتنا في محلها ويعلم غيره كيفية عملها وما تصلح به إن عرض فيها شئ في أثناء العمل إن شاء الله والسلام في 20 من ربيع الثانى عام 1279".
كما وقفت على كتاب من مولاى الحسن للحاجب السلطانى فيما يتعلق بإصلاح معمل القطن بمراكش ونصه:
"محبنا الأعز الأرضى الفقيه السيد موسى بن أحمد، سلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا نصره الله.
وبعد: فقد أخبر خديم سيدنا الحاج محمد بن عبد الوهاب بنيس بتوقف إصلاح فبركة القطن على اثنتين وعشرين قنطرة من الصفصاف طول كل منها اثنان
وعشرون شبرا وما يكفيها من يقى الغليظ، ذاكرا أنه بحث عنها بالسوق فلم يجدها، وأن جعل القناطر والجائزة والورقة لذلك من الصنوبر أولى وأفضل لطول مكثه أكثر من الصفصاف ويقى، وأن المعلمين قدروا لما يكفى لذلك من أفراد الصنوبر أربعين فردا فلابد طالع شريف علم سيدنا نصره الله بذلك والنظر لمولانا أيده الله فيه وعلى المحبة والسلام في 16 ذى القعدة عام 1288.
حسن بن أمير المؤمنين"
ومنها برج الفنار الذى بناه على ساحل البحر باشقار قرب طنجة يسرج فيه ضوء قوى ساطع يظهر للسيارة في البحر ليلا من مسافة بعيدة، وصار عليه مال له بال، وكانت المراكب تنشب بذلك الساحل كثيرا إذ لم يكن لها علامة تهتدى بها في البحر، ولما اتخذ المترجم هذا الفنار أمنت من تلك الآفة، ثم جلب لهذا الفنار مكينة للاستصباح بواسطة وزير خارجيته الطالب محمد بركاش.
واليك نص الظاهر الصادر بالأمر بصنع المكينة بعد الحمدلة والصلاة والطابع المحمدى بداخله محمد بن عبد الرحمن الله وليه:
"خديمينا الأرضيين الحاج بوجنان الباردى والحاج عبد الكريم احرضان، وفقكم الله وسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.
وبعد: فقد دعت الحاجة إلى صنع مكينة للفنار المبنى باشقار ولا بد منها، وقد أمرنا خديمنا الطالب محمد بركاش بالكتب عليها، وعليه فنأمركم أن تدفعوا ثمنها على يده والسلام في 28 ربيع النبوى عام 1279".
ومنها معمل تزديج البارود بالمحل المعروف بالسجينة من مراكش الحمراء، ولعله المراد بهذا الكتاب الصادر من مولاى الحسن الخليفة لحاجب أبيه ونصه:
"محبنا الأعز الأرضى الفقيه السيد موسى بن أحمد، سلام عليك ورحمة الله عن خير سيدنا نصره الله.
وبعد: فيرد عليك طيه تقييدا تجربة 10000 البارود الذى دفعه أهل صناعته بمراكش لخديم سيدنا الحاج محمد بن عبد الوهاب بنيس، على يد من ذكر فيهما كما عهد وعلى المحبة والسلام في 20 من جمادى الأولى عام 1288
حسن بن أمير المؤمنين"
ومنها داره الكبرى بأجدال رباط الفتح والسور الكبير المحيط ببسيطها وجلب الماء إليها بعد أن صير مالا له بال.
ومنها إحياء جامع السنة قرب داره المذكورة، وكان بائدا يعشش فيه الصدى والبوم، وأقام فيه الصلوات الخمس والخطبة كل جمعة.
ومنها إحياء المسجد الصغير هنالك المعروف بمسجد أهل فاس، واعتنى به وزخرف سقوفه، وفى هذا المسجد يقيم إمام عصرنا المؤيد صلاة الجمعة.
ومنها انتهاج الطريق من الدار المذكورة إلى الوادى أسفل من حسان تسهيلا على المارة وتقريبا عليهم.
ومنها المسجد الجامع بالسوق من الدار البيضاء.
ومنها الحمام القديم هنالك أيضا.
ومنها إصلاح أسوار الجديدة وأبراجها.
ومنها اعتناؤه بشأن الثغور وبعثه كل آونة من يتفقد أحوالها من نوابه.
ومنها في زمن خلافته تكملة غرس أجدال بحضرة مراكش، وكان في زمن الصيف يناله الجدب من قلة الماء لأن بركه التي كان يختزن بها الماء كانت معطلة لامتلائها بالتراب والطين الذى تجلبه السيول إليها، وأعظمها البركة الكبرى التي بدار الهناء، وكان يقال لها البحر الأصغر، فجاء من بنى في وسطها قرية بدورها
وأزقتها وأسواقها، فأمر المترجم بإخراج من في تلك البرك والصهاريج كلها وتنقيتها من الطين المتحجر، فاجتمع على ذلك عالم من الناس فكنسوها وعادت إلى حالها الذى بنيت لأجله، وهو اختزان الماء لوقت المصيف، وبذلك كمل المراد من أجدال وصار آمنا من الأمحال والعطش.
ومنها إحياء عين أبى عكاز خارج باب الطبول من مراكش، وكانت لها بركة بائدة على الوصف المذكور، فجر لها عينا ثرة وماء غدقا وأجراه إلى البركة المذكورة بعد أن أمر بتنقيتها وإصلاحها، فعاد البسيط الذى حولها مزارع نفاعة تغنى الزارعين وتبهج الناظرين، وبنى حولها قلعة يأوى إليها الأكرة والحراثون بأنعامهم ومواشيهم، واتخذ هنالك من إناث الخيل المعدة للنتاج عددا كثيرا.
ومنها إحياء عين المنارة وبركتها العظمى التي تقرب من البحر الأصغر بدار الهناء وكانت قد عطلت منذ زمان.
ومنها إجراء النهر المسمى بتاركى المستمد من وادى نفيس.
ومنها إجراء النهر الذى جلبه من تاستاوت إلى البسيط الذى بين بلاد زمران والرحامنة والسراغنة، وهو المسمى بفيطوط، وبنى فيها قصبة يأوى إليها الوكلاء والفلاحون فصارت آهلة عامرة.
ومنها تأسيسه مسجد ضريح جده المولى عبد الله بفاس وصومعته وذلك في جدود أربعة وسبعين ومائتين وألف.
ومنها بناؤه مسجد أبى العباس أحمد الشاوى، وجعله مسجدا جامعا تقام به الجمعة وذلك في حدود اثنين وثمانين.
ومنها بناء سوق المجادليين أمام ضريح الشيخ أبى العباس أحمد السبتى دفين حومة الزاوية من مراكش الحمراء، وكان بناؤه لذلك على عهد السلطان والده زمن خلافته عنه، وشاهد ذلك ما هو مرقوم أعلى الباب هنالك ولفظه:
هذا المقام هو المقام الأحمد
…
جادت به يمنى زمان يحمد
في عام (رشد 1166 ناجح) قد زانه
…
تاج الخلافة ذو الوفاء محمد
رمز للتاريخ المذكور في لفظتى رشد ناجح من مجموع مائتين للراء، وألف للشين، وأربعة للدال، وخمسين للنون، وواحد للألف، وثلاثة للجيم، وثمانية للحاء.
وصاحب الترجمة أول من نظم الجيش واتخذ العسكر على الطرق الحديثة بالمغرب، وكان ابتداء ذلك أيام خلافته عن أبيه عقب واقعة إيسلى، وذلك يدل على أصالة رأيه ورجحان عقله رحمه الله، ثم اجتهد في ذلك بعد موت أبيه عقب قضية تطوان لما علم أن السبب الأهم في الوقعتين هو اختلال أمر الجند، فجمع منه ما تيسر جمعه من القبائل ونظمه ورتبه ونقل أهل تولال الذين كانوا بفاس إلى نواحى مكناس، وأدرجهم في الجيش البخارى، كما جمع الخلط من البلاد التي كانوا فيها وأضافهم للجيش المذكور تقوية له.
وقد كان لباس عسكره من أعلى طراز من الملف وكسوة رؤسائه مزركشة ومرصعة بخيوط الذهب، ونعالهم من جلد أحمر، وسلاحهم من أعلى نوع في ذلك العهد، وكان ينقسم إلى قسمين: خيالة، ورماة. وكل طابور يشتمل على تسعمائة جندى، فيه عدد من حملة الشواقير.
وفى دولته أنشئت المطبعة الحجرية بفاس وذلك سنة 1284 وطبع فيها شرح الخرشى على المختصر، وكان تمام طبعه في ذى الحجة سنة 1287 في ستة أجزاء، وكذلك طبع ميارة الصغير، والأزهرى على الآجرومية طبعا متقنا بأرفع خط، وأجود ورق وأصقله لم يطبع مثل ذلك بعد، وله رحمه الله آثار أخر مما يطول تتبعه.