الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 -
باب
ذكر اليمن والشام، وذكر أويس القرني رضي الله عنه
من الصحاح:
1594 -
4916 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوبا، الإيمان يمان، والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم"
(باب ذكر اليمن والشام)
"عن أبي هريرة: أتاكم أهل اليمن، هم أرق أفئدة وألين قلوبا، [الإيمان يمان] ، والحكمة يمانية، والفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم"
(الرقة): ضد الغلظ والصفاقة، و (اللبن) مقابل القساوة، فاستعيرت في أحوال القلب، فإذا نبا عن الحق، وأعرض عن قبوله، ولم يتأثر بالآيات والنذر، يوصف بالغلط، وكأن شغافه صفيق لا ينفذ فيه الحق، وجرمه صلب لا يؤثر فيه الوعظ، وإذا كان بعكس ذلك يوصف بالرقة واللين، وكأن حجابه رقيق لا يأبى نفوذ الحق، وجوهره [لين] يتأثر بالنصح.
ويحتمل أن يكون المراد بالرقة جودة الفهم، وباللين قبول الحق،
فإن رقة العوام تعد لقبول الأشكال بسهولة، واللين يقتضي عدم الممانعة والانفعال عن المؤثر بيسر، ولعله لذلك أضاف الرقة إلى الفؤاد، واللين إلى القلب، فإنه وإن كان الفؤاد والقلب واحدا، لكن الفؤاد فيه معنى التفؤد، وهو التوقد، يقال: فأدت اللحم، أي: شويته، والقلب فيه معنى التقلب، يتقلب حاله حالا فحالا بسبب ما يعتريه.
ثم لما وصفهم بذلك أتبعه ما هو كالنتيجة والغاية، فإن صفاء القلب ورقته ولين جوهره يؤدي به إلى عرفان الحق والتصديق به، وهو الإيمان والانقياد لما يوجبه ويقتضيه، والتيقظ والإتقان فيما يذره ويأتيه، وهو الحكمة، فتكون قلوبهم معادن الإيمان، وينابيع الحكمة، وهي قلوب منشؤها اليمن، نسب إليه الإيمان والحكمة تبعا لانتسابها إليه، تنويها بذكرها، وتعظيما لشأنها.
و"يمان": منسوب إلى اليمن، والألف منه معوضة عن ياء النسبة على غير قياس.
وقيل: معنى قوله: "الإيمان يمان"أنه مكي، لأنه بدأ من مكة ونشأ منها، وإنما أضاف إلى اليمن، لأن مكة يمانية، فإنها من تهامة، وتهامة من أرض اليمن.
وقيل: أراد به النسبة إلى مكة والمدينة، وهما كانا من ناحية اليمن حيث قال ذلك، فإنه عليه السلام إنما قاله وهو بتبوك من ناحية الشام.
وقيل: أراد به النسبة إلى الأنصار، فإنهم نصروا الحق وأظهروا الدين، وهم يمانية.
وتخصيص الخيلاء بأصحاب الإبل، والوقار بأهل الغنم، يدل على أن مخالطة الحيوان مما يؤثر في النفس، ويعدي إليها هيئات وأخلاقا تناسب طباعها، وتلائم أحوالها.
…
1595 -
4917 - وعنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رأس الكفر نحو المشرق، والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر، والسكينة في أهل الغنم"
ويؤيد ذلك: ما زاد عليه في الحديث الآخر: فقال: "والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل"
و"الفدادين"بالتخفيف، أي: البقور، جمع فدان-بالتشديد- كسراجين وسرحان، وروي بالتشديد على أنه جمع فداد، وهو الذي يعلو صوته ويشتد، فيكون عطفا على المضاف.
ولعل التخفيف هاهنا أولى، لأنه أقرب إلى ما قبله، والتشديد في حديث أبي مسعود في قوله:"والجفاء وغلظ القلوب في الفدادين أهل الوبر" لئلا يلزم إضمار.
…
من الحسان:
1596 -
4924 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إنها ستكون هجرة بعد هجرة، فخيار الناس هجرة إلى مهاجر إبراهيم عليه السلام"
"وفي حديث عبد الله بن عمر: وإنها ستكون هجرة بعد هجرة"
أي: ستكون هجرة واجبة بعد الهجرة التي كانت من مكة إلى المدينة، لاستيلاء الكفار على بلاد الإسلام، واختلال أمر الدين فيها.
"وفيه: خيار الناس هجرة إلى مهاجر وإبراهيم عليه السلام"
أي: من يهاجر إلى مهاجره وهو الشام، لبقائها في ولاية المسلمين تحميها جنودهم منصورين على من يحاربهم ويتخطى خططهم، كما هو في هذا العصر، ولعل الحديث إشارة إليه.
"وفيه: ويبقى في الأرض شرار أهلها تلفظهم أرضوهم، وتقذرهم نفس الله"
أي: ينتقل من الأراضي التي يستولي عليها الكفرة خيار أهلها، ويبقى خساس تخلفوا عن المهاجرين جبنا عن القتال، وحرصا وتهالكا على ما كان لهم فيها من ضياع ومواشي ونحوهما من متاع الدنيا، فهم لخسة نفوسهم وضعف دينهم كالشيء المسترذل المستقذر عنه، وكأن الأرض تستنكف عنهم فتقذفهم، والله سبحانه يكرههم فيبعدهم من مظان رحمته ومحل كرامته، إبعاد من يستقذر الشيء وينفر عنه طبعه، فلذلك منعهم من الخروج، وثبطهم قعودا مع أعداء الدين.
وقوله: "وتقذرهم نفس الله"من التمثيلات المركبة التي لا يطلب لمفرداته ممثلا وممثلا به، مثل: شابت لمة الليل، وقامت الحرب على ساق.
…
1597 -
4925 - عن ابن حوالة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "سيصير الأمر أن تكونوا جنودا مجندة، جند بالشام، وجند باليمن، وجند بالعراق، فقال ابن حوالة: خر لي يا رسول الله! إن أدركت ذلك، قال: "عليك بالشام، فإنها خيرة الله من أرضه، يجتبي إليها خيرته من عباده، فأما إن أبيتم فعليكم بيمينكم، واسقوا من غدركم، فإن الله عز وجل توكل بالشام وأهله"
"وفي حديث ابن حوالة: واسقوا من غدركم"
أي: ليسق كل من غديره، والمعنى: وليلازم كل حقه وما يخصه، ولا يزاحم غيره في حقه.
"وفيه: فإن الله عز وجل توكل بالشام وأهله"
أراد بالتوكل: التكفل، فإن من توكل في شيء تكفل القيام به