الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
"وفي حديث أبي سعيد المختتم به الباب: وحتى تكلم الرجل وعذبة سوطه"
أي: القد الذي في طرفه، وعذبة كل شيء طرفه.
…
4 -
باب
العلامات بين يدي الساعة
وذكر الدجال
من الصحاح:
1367 -
4219 - وقال: "بادروا بالأعمال ستا: الدخان، والدجال، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة أحدكم"
(باب العلامات بين يدي الساعة)
"قال النبي صلى الله عليه وسلم: بادروا الأعمال ستا: الدخان، والدجال، ودابة الأرض، وطلوع الشمس من مغربها، وأمر العامة، وخويصة أحدكم"
أمرهم أن يبادروا بالأعمال قبل نزول هذه الآيات، فإنها إذا نزلت
دهشتهم وأشغلتهم عن الأعمال، أو سدت عليهم باب التوبة، وقبول العمل، "وأمر العامة": يريد به الفتنة التي تعم الناس، أو الأمر الذي يستبد به العوام ويكون من قبلهم.
و"خويصة": تصغير خاصة، أي: الوقعة التي تخص أحدكم، يريد الموت، أو ما يقلق الإنسان في نفسه وأهله وماله فيشغله عن غيره، والله أعلم.
…
1368 – 4226 – وقال: "إن الله لا يخفى عليكم، إن الله ليس بأعور، وإن المسيح الدجال أعورعين اليمنى، كأن عينه عنبة طافية"
"وفي حديث ابن عمر: وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافية"
سمي مسيحا، لأنه ممسوح العين، أو لأن الخير مسح عنه، أو لأنه يمسح الأرض في أيام نعدودة، ودجالا، لأنه خداع ملبس [أو] لأنه يغطي الأرض بأتباعه، من الدجل: وهو الخلط والتغطية، ومنه قولهم: مدجل، أي: مهنوء بالقطران، ودجلة النهر ببغداد فإنها
غطت الأرض بمائها، أو لأنه مطموس العين، من قولهم: دجل الأثر: إذا عفا ودرس، أو لأنه كذاب فيكون أيضا من الدجل بمعنى الخلط، فإن الكذاب ملبس مخلط"
و (العنبة الطافية): هي الناتئة عن حد أخواتها، من الطفو: وهو أن يعلو الماء ما وقع فيه، وهذا لا يناقض ما روي في صفة عينه:"إنها ليست بناتئة ولا حجراء" أي: [لا] طافية مرتفعة، ولا غائرة متحجرة –لإمكان اجتماع الوصفين بحسب اختلاف العينين"
…
1369 – 4229 – عن حذيفة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إن الدجال يخرج وإن معه ماء ونار، فأما الذي يراه الناس ماء فنار تحرق، وأما الذي يراه الناس نارا فماء بارد عذب، فمن أدرك ذلك منكم فليقع في الذي يراه نارا، فإنه ماء عذب طيب، وإن الدجال ممسوح العين، عليها ظفرة غليظة، مكتوب بين عينيه: كافر، يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب"
"وفي حديث حذيفة: وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة غليظة"
أي: ممسوح إحدى عينيه، للحديث السابق ونظائره، و"الظفرة"
بالتحريك: لحمة تنبت عند المآقي من كثرة البكاء أو الماء.
وقيل: جلدة تخرج في العين من الجانب الذي يلي الأنف، وهي يحتمل أن تكون في العين الممسوحة، وأن تكون في العين الأخرى.
ولا تواري الحدقة بأسرها لتعميها.
…
1370 – 4230 – وعن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الدجال أعور العين اليسرى، جفال الشعر، معه جنته وناره، فناره جنة، وجنته نار"
"وفي حديثه الآخر: الدجال أعور العين اليسرى جفال الشعر"
لو لم يكن الاختلاف بين هذا الحديث وحديث ابن عمر من سهو الراوي، فلعله –عليه الصلاة والسلام أراد بالعور في إحدى العينين: ذهابها، وفي الأخرى: تعيبها.
و"جفال الشعر": كثيره.
…
1371 – 4231 – عن النواس بن سمعان قال: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: "إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم، وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه، والله خليفتي على كل مسلم، إنه شاب قطط عينه طافئة، كأني أشبهه بعبد العزى بن قطن، فمن أدركه منكم
فليقرأ عليه فواتح سورة الطهف"
وفي رواية: "فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف فإنها جوازكم من فتنته –إنه خارج من خلة بين الشام والعراق- فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله فاثبتوا" قلنا: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال: "أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم" قلنا: يا رسول الله! فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: "لا، اقدروا له قدره" قلنا: يا رسول الله! وما إسراعه في الأرض؟ قال: "كالغيث استدبرته الريح، فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به، فيأمر السماء فتمطر، ولأرض فتنبت، فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعا،، وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله، فينصرف عنهم، فيصبحون ممحلين ليس بأيديهم شيء من أموالهم، ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النخل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كفيه على أجنحة ملكين، إذا طأطأ رأسه قطر، وإذا رفعه تحدر منه مثل جمان كاللؤلؤ، فلا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات، ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه، فيطلبه حتى يدركه بباب لد فيقتله، ثم يأتي عيس قوم قد
عصمهم الله منه، فيمسح عن وجوههم ويحدثهم بدرجاتهم في الجنة، فبينما هو كذلك إذ أوحى الله إلى عيسى: إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور، ويبعث الله يأجوج ومأجوج {وهم من كل حدب ينسلون} فيمر أوائلهم على بحيرة طبرية، فيشربون ما فيها، ويمر آخرهم فيقول: لقد كان بهذه مرة ماء، ثم يسيرون حتى ينتهوا إلى جبل الخمر، وهو جبل بيت المقدس، فيقولون: لقد قتلما من في الأرض، هلم فلنقتل من في السماء، فيرمون بنشابهم إلى السماء، فيرد الله عليهم نشابهم مخضوبة دما، ويحصر نبي الله وأصحابه حتى يكون رأس الثور لأحدهم خيرا من مئة دينار لأحدكم اليوم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة، ثم يهبط نبي الله عيسى وأصحابه إلى الأرض، فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم، فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه إلى الله، فيرسل الله طيرا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله –ويروى: فتطرحهم بالمهبل، ويستوقد المسلمون من قسيهم ونشابهم وجعابهم سبع سنين –ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة، ثم يقال للأرض: أنبتي ثمرتك وردي بركتك، فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من
الناس، واللقحة من البقر لتكفي القبيلة من الناس، واللقحة من الغنم لتكفي الفخذ من الناس، فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبة فتأخذهم تحت آباطهم، فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم، ويبقى شرار الناس يتهارجون فيها تهارج الحمر، فعليهم تقوم الساعة"
"وفي حديث النواس بن سمعان الكلابي الأنصاري: ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال فقال: إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم"
يريد بذلك تخويفهم من فتنته، وحثهم على الاستعاذة إلى الله تعالى من شره، لينالوا ثواب شحهم ومحافظتهم على الدين، وتحرزهم واتقائهم عن المضلين، لا تجويز خروجه في عهده، إذ صح عنه ما ينافي ذلك من أنه يخرج بعد خروج المهدي، وأن عيسى –عليه الصلاة والسلام يقتله، وغير ذلك مما يدل على أنه لا يخرج في عهده.
و (الحجيج): المخاصم بالحجة، يقال: حججته حجا فهو حجيج.
"وفيه: إنه شاب قطط"
أي: شديد الجعودة.
"وفيه: إنه خارج [من] خلة بين الشام والعراق"
أي: من سبيل بينهما، والخل: الطريق في الرمل، تذكر وتؤنث
"وفيه: يا رسول الله! وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما، يوم كسنة، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم"
لعل تفاوت هذه الأيام لا يكون تفاوتا حقيقا راجعا إلى أمر داخل فيها، وإنما يكون شيئا يتخيله الناس:
إما بسبب ما يكابدون فيها من صنوف الشدائد وأنواع البلايا على اختلاف أحوالها.
وإما بسبب شعبذة الدجال وتمويه عليهم، فيضرب بأبصارهم حتى يغفلوا عن تعاقب الظلمة والضياء، واختلاف الليل والنهار، فيخيل إليهم أن الزمان مستمر على حاله، وأن اليوم الذي كانوا فيه باق على قراره.
وهذا التأويل أقرب إلى قوله عقيب ذلك: "قلنا: يا نبي الله! فذلك اليوم الذي كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم، قال: لا، اقدروا له قدره" أي: قدروا لوقت الصلاة قدره الذي كان له في سائر الأيام كمحبوس اشتبه عليه الوقت.
"وفيه: فتروح عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرى، وأسبغه ضروعا، وأمده خواصر"
(السارحة): السائمة، من: سرحت الشاة بنفسها سروحا، و (الذرى): جمع ذروة، وهو أعلى شيء، و (الخواصر): جمع خاصرة، ومدها كناية عن الامتلاء، وكثرة الأكل.
"وفيه: فينصرف عنهم فيصبحون ممحلين"
أي: أصحاب قحط، من: أمحل، أي: صار ذا محل، وهو الجدب.
"وفيه: فيمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك، فتنبعه كنوزها كيعاسيب النحل، ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا، فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض، ثم يدعوه فيقبل ويتهلل وجهه يضحك"
(النبوع) حقيقة في خروج الماء من تحت الأرض، واستعير هاهنا لخروج الكنوز من جوفها.
و (اليعاسيب): جمع يعسوب، وهو فحل النحل ورئيسه، شبه الكنوز في نبوغها باليعاسيب، لأنها تعلو مسرعة صاعدة لا تميل إلى جانب، أو لأنها إذا خرجت من كنوزها تبعها النحل بأجمعها فلم يبق فيه شيء"
و (الممتلئ شبابا): وهو الذي يكون في غاية الشباب ونضرة مائه.
و (الجزلة): القطعة، أي: يقطعه قطعتين قطعا كرمية الغرض في السرعة والنفوذ، أوالبعد بأن يكون بين القطعتين ما يكون بين الرامي والهدف.
"وفيه: إذ بعث الله المسيح بن مريم، فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين"
(المهرودة) بالدال والذال: الشقة المصبوغة بالورس والزعفران،
من هردت الثوب: إذا شققته.
وقيل: من الهرد –بالضم- وهو صبغ يقال له: العروق.
"وفيه: فيطلبه حتى يدركه بباب لد"
"لد"بضم اللام: جبل الشام، أي: يدرك المسيح –عليه الصلاة والسلام الدجال ثمة فيقتله.
"وفيه: إني قد أخرجت عبادا لي لا يدان لأحد بقتالهم فحرز عبادي إلى الطور"
(اليد) مجاز عن القوة والطاقة، أي: لا يقوى أحد على مقاتلتهم، يعني: ياجوج ومأجوج، والتحريز: التحصين، أي: اجعل عبادي محرزين عن بأسهم بالضم إلى الطور واللجأ إليه.
"وفيه: ويبعث الله يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون"
أي: من كل مرتفع من الأرض يسرعون.
"وفيه: فيرغب نبي الله عيسى وأصحابه، فيرسل الله عليهم النغف في رقابهم، فيصبحون فرسى كموت نفس واحدة"
أي: يرغبون إلى الله تعالى في هلاكهم وإنجائهم عن مكابدة بلائهم، ويتضرعون إليه، فيستجيب الله لهم، فيهلكهم بالنغف وهو دود يكون في أنوف الإبل والغنم.
و (الفرسى): جمع فريس، كقتلى وقتيل، من فرس الذئب الشاة: إذا قتلها، أي: فيهلكهم دفعة واحدة، فيموتون في آن واحد موت نفس واحدة، بأدنى سبب.
"وفيه: فلا يجدون في الأرض موضع شبر إلا ملأه زهمهم ونتنهم "
(الزهم) بالتحريك: مصدر زهمت يدي –بالكسر- فهي زهمة: إذا دسمت، والزهزمة: نتن يكون من الدسومة واللحوم المتغيرة.
وروي: "زهمهم"بالضم الزاي وفتح الهاء: وهو جمع زهمة، وهي الريح المنتنة.
"وفيه: فتطرحهم بالنهبل"
النهبل: اسم موضع من أرضي بيت المقدس.
"وفيه: ثم يرسل الله مطرا لا يكن منه بيت مدر ولا وبر، فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة"
أي: لا يحول بينه وبين مكان ما حائل، بل يعم الأماكن كلها فيغسلها، و"الزلفة"روي بالفاء والقاف، بتحريك اللام وضم الزاي فيهما، وفسرها ابن عباس بالمرآة، وبه قال ثعلب وأبو زيد.
وقال آخرون: هو بالفاء المحازة، وهي المصانع الممتلئة ماء،
وقيل: الإجانة البيضاء، وقيل: الخضراء، وقيل: الصحفة.
"وفيه: فيومئذ تأكل العصابة من الرمانة، ويستظلون بقحفها، ويبارك في الرسل حتى إن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس"
(القحف) في الأصل: العظم المستدير فوق الدماغ، يسمى: قصعة الدماغ، شبه به النصف الأعلى من قشرة الرمان.
و"الرسل" اللبن، و"اللقحة"الناقة الحلوبة، وقد تطلق لحلوبة الأنعام ناقة أو غيرها.
و"الفئام": الجماعات والقبائل، لا واحد له من لفظه، وهو مهموز من أفأمت الرحل: إذا أوسعته، والعامة يقلبونها ياء، والمراد به هاهنا: أكثر من القبيلة، كما أن القبيلة أكثر من الفخذ.
"وفيه: ويبقى شرار الناس يتهارجون"
أي: يتخالطون ويتفاسدون، من الهرج: وهو الفتنه والاختلاط.
…
1372 – 4232 – عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يخرج الدجال فيتوجه قبله رجل من المؤمنين، فتلقاه المسالح، مسالح الدجال، فيقولون له: أين تعمد؟ فيقول: أعمد إلى هذا الذي خرج، قال فيقولون له: أو ما تؤمن بربنا؟ فيقول: ما بربنا خفاء، فيقولون:
اقتلوه، فيقول بعضهم لبعض: أليس قد نهاكم ربكم أن تقتلوا أحدا دونه، فينطلقون به إلى الدجال، فإذا رآه المؤمن قال: يا أيها الناس هذا الدجال الذي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فيأمر الدجال الناس به فيشبح، فيقول: خذوه وشجوه، فيوسع ظهره وبطنه ضربا، قال فيقول: أما تؤمن بي؟ قال فيقول: أنت المسيح الدجال الكذاب، قال: فيؤمر به فيؤشر بالمئشار من مفرقه حتى يفرق بين رجليه، قال: ثم يمشي الدجال بين القطعتين، ثم يقول له: قم، فيستوي قائما، ثم يقول: يا أيها الناس إنه لا يفعل هذا بعدي بأحد من الناس، قال: فيأخذه الدجال ليذبحه فيجعل ما بين رقبته إلى ترقوته نحاسا، فلا يستطيع إليه سبيلا، قال: فيأخذ بيديه ورجليه فيقذف به، فيحسب الناس أنما قذفه إلى النار، وإنما ألقي في الجنة". فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هذا أعظم الناس شهادة عند رب العالمين".
"وفي حديث أبي سعيد: يخرج الدجال، فيتوجه قبله رجل من المؤمنين، فتلقاه المسالح مسالح الدجال"
"المسالح": جمع مسلحة: وهي قوم ذو سلاح، ولعل المراد به هاهنا مقدمة جيشه، وأصلها: موضع السلاح، ثم استعمل للثغر، فإنه تعد فيه الأسلحة، ثم للجند المترصدين، ثم لمقدمة الجيش، فإنهم من الجيش كأصحاب الثغور ممن وراءهم من المسلمين.
"وفيه: فيؤمر به فيوشر بالميشار"
أي: كشق الخشبة بالميشار –من غير همز- إذا نشرتها بالمنشار.
…
1373 – 4235 – وقال: "يأتي الدجال، وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة، فينزل بعض السباخ التي تلي المدينة، فيخرج إليه رجل، وهو خير الناس، أو من خيار الناس، فيقول: أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته هل تشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول: والله ما كنت فيك أشد بصيرة مني اليوم، فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه"
"وفي حديث أنس: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة"
(النقاب): جمع نقب، وهو الطريق بين الجبلين"
…
1374 – 4238 – عن فاطمة بنت قيس قالت: سمعت منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم ينادي: الصلاة جامعة، فخرجت إلى المسجد فصليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضى صلاته جلس على المنبر وهو يضحك فقال:"ليلزم كل إنسان مصلاه" ثم قال: "هل تدرون لم جمعتكم؟ " قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: "إني والله ما جمعتكم لرغبة ولا لرهبة
ولكن جمعتكم لأن تميما الداري كان رجلا نصرانيا، فجاء وأسلم، وحدثني حديثا وافق الذي كنت أحدثكم به عن المسيح الدجال، حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر، فأرفؤوا إلى جزيرة حين تغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة فدخلوا الجزيرة، فلقيتهم دابة أهلب كثير الشعر، لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر، قالوا: ويلك ما أنت؟ قالت: أنا الجساسة، انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق، قال: لما سمت لنا رجلا فرقنا منها أن تكون شيطانة، قال: فانطلقنا سراعا حتى دخلنا الدير، فإذا فيه أعظم إنسان ما رأيناه قط خلقا، وأشده وثاقا، مجموعة يداه إلى عنقه ما بين ركبته إلى كعبه بالحديد، قلنا: ويلك ما أنت؟ قال: قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم؟ قالوا: نحن أناس من العرب ركبنا في سفينة بحرية فلعب بنا البحر شهرا فدخلنا الجزيرة، فلقيتنا دابة أهلب فقالت: أنا الجساسة، اعمدوا إلى هذا الرجل في الدير، فأقبلنا إليك سراعا، فقال: أخبروني عن نخل بيسان هل تثمر؟ قلنا: نعم، ثم قال: أما إنها يوشك أن لا تثمر، قال: أخبروني عن بحيرة الطبرية هل فيها ماء؟ قلنا: هي كثيرة الماء، قال: أما إن ماءها يوشك أن يذهب، قال: أخبروني عن عين زغر هل في العين ماء؟ وهل يزرع أهلها بماء العين؟ قلنا: نعم، هي كثيرة الماء، وأهلها يزرعون من مائها، قال: أخبروني عن نبي الأميين ما فعل؟ قالوا: قد خرج من مكة ونزل يثرب، قال: أقاتله العرب؟ قلنا
نعم، قال: كيف صنع بهم؟ فأخبرناه أنه قد ظهر على من يليه من العرب وأطاعوه، قال: أما إن ذلك خير لهم أن يطيعوه، وإني مخبركم عني، إني أنا المسيح، وإني أوشك أن يؤذن لي في الخروج فأخرج فأسير في الأرض فلا أدع قرية إلا هبطتها في أربعين ليلة غير مكة وطيبة، هما محرمتان على كلتاهما، كلما أردت أن أدخل واحدة منهما استقبلني ملك بيده السيف صلتا يصدني عنها، وإن علي كل نقب منها ملائكة يحرسونها"، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وطعن بمحضرته في المنبر: "هذه طيبة، هذه طيبة، هذه طيبة"، يعني: المدينة، "ألا هل كنت حدثتكم؟ "فقال الناس: نعم، قال: "ألا إنه في بحر الشام أو بحر اليمن، لا بل من قبل المشرق ما هو"، وأومأ بيده إلى المشرق.
"وفي حديث فاطمة بنت قيس القرشية: حدثني أنه ركب في سفينة بحرية مع ثلاثين رجلا من لخم وجذام، فلعب بهم الموج شهرا في البحر، فأرؤوا إلى جزيرة حين مغرب الشمس، فجلسوا في أقرب السفينة، فدخلوا الجزيرة فلقيتهم دابة أهلب، كثير الشعر"
المحدث هو تميم الداري، والمحدث له هو الرسول صلوات الله عليه، و"لخم"بالخاء المعجمة و"جذام"بالجيم: قبيلتان.
واللعب في الأصل: ما لا فائدة فيه من فعل أو قول، فاستعير لصد الأمواج السفن عن صوب المقصد، وتحويلها يمينا وشمالا.
وإرفاء السفينة تقريبها من الشط، والمرفأ –بالهمز-: الموضع الذي تقرب إليه السفينة لتوقف عنده.
و"أقرب"بضم الراء: جمع قارب –بفتح الراء وكسرها- وهو السفينة الصغيرة التي يستصحبها أصحاب البحر لحوائجهم، فيتحولون إليها إذا قربوا من الساحل.
والأهلب: غليظ شعر الذنب والأطراف، من الهلبة: وهي ما غلظ، من شعرها.
وقوله: "كثير الشعر لا يدرون ما قبله من دبره من كثرة الشعر": كالتفسير والتأكيد له.
"وفيه: أنا الجساسة"
أي: المتجسسة المتفحصة للأحوال.
"انطلقوا إلى هذا الرجل في الدير فإنه إلى خبركم بالأشواق"
أي: شديد الشغف بما عندكم من الخبر، وكأن له أشواقا إليه يهيم بها.
"وفيه: قال: قد قدرتم على خبري فأخبروني ما أنتم"
أي: تمكنتم من خبري، فإني لا أحبسه عنكم، فأحدث لكم عن حالي، فأخبروني عن حالكم وما أسأله عنكم أولا.
"وفيه: أخبروني عن نخل بيسان هل يثمر"
"بيسان"بفتح الباء: قرية بالشام.
"وفيه: أخبروني عن عين زغر"
على وزن: زفر، وهو أيضا موضع بالشام.
"وفيه: استقبلني ملك بيده بالسيف صلتا.
أي: مصلتا مسلولا من غمده.
"وفيه: وطعن بمخصرته في المنبر"
أي: طعن الرسول صلى الله عليه وسلم عصاه في المنبر، والمخصرةك ما يمسكه الرجل من عصا ونحوها، فيضع تحت خاصرته ويتكئ عليها.
"وفيه: ألا إنه في بحر الشام، أو بحر اليمن، لا، بل من [قبل] المشرق ما هو"
لما قص عليهم حديث الداري لم ير أن يبين لهم موضعه، فردد ولم يعين، ويحتمل أن يكون المراد بالبحرين ما يلي جانب الشام واليمن، من البحر الممتد على ساحل العرب.
ثم أضرب عن القولين وقال: "لا بل من قبل المشرق ما هو" أي: من قبل المشرق هو، و"ما" صلة، ويجوز أن يكون بمعنى الذي، أي: من قبل المشرق ما هو فيه.
من الحسان:
1375 – 4241 - عن عبادة بن الصامت، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إني حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا، إن المسيح الدجال رجل قصير، أفحج، جعد، أعور، مطموس العين، ليست بناتئة ولا حجراء، فإن ألبس عليكم فاعلموا أن ربكم ليس بأعور"
"في حديث عبادة بن الصامت: رجل قصير أفحج"
أي: متدان صدور قدميه، متباعد العقبين والساقين، خلاف الأروح.
…
1376 -
4246 – عن أبي سعيد الخدري قالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يتبع الدجال من أمتي سبعون ألفا عليهم السيجان"
"وفي حديث أبي سعيد: يتبع الدجال من أمتي سبعون ألفا عليهم السيجان"
"السيجان": جمع ساج، وهو الطيلسان الأخضر.
…
1377 – 4247 – عن أسماء بنت يزيد قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي، فذكر الدجال فقال: "إن بين يديه ثلاث سنين، سنة تمسك
السماء فيها ثلث قطرها والأرض ثلث نباتها، والثانية تمسك السماء ثلثي قطرها والأرض ثلثي بناتها، والثالثة تمسك السماء قطرها كله والأرض بناتها كله، فلا يبقى ذات ظلف ولا ذات ضرس من البهائم إلا هلك، وإن أشد أنه يأتي الأعرابي فيقول: أرأيت إن أحييت لك إبلك ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى، فيمثل له نحو إبله كأحسن ما يكون ضروعا وأعظمه أسنمة" قال:"ويأتي الرجل قد مات أخوه، مات أبوه، فيقول: أرأيت إن أحييت لك أباك وأخاك ألست تعلم أني ربك؟ فيقول: بلى، فيمثل له الشياطين نحو أبيه ونحو أخيه، قالت: ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته، ثم رجع والقوم في اهتمام وغم مما حدثهم، قالت: فأخذ بلجمتي الباب فقال: "مهيم أسماء؟ "قلت: يا رسول الله! لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال، قال: "إن يخرج وأنا حي فأنا حجيجه، وإلا فإن ربي خليفتي على كل مؤمن"فقلت: يا رسول الله! والله إنا لنعجن عجيننا، فما نخبزه حتى نجوع، فكيف بالمؤمنين يومئذ؟ قال:"يجزيهم ما يجزي أهل السماء من التسبيح والتقديس"
"وفي حديث أسماء بنت يزيد بن السكن الأنصارية: فأخذ بلحمتي الباب فقال: مهيم أسماء"؟
(لحمنا الباب): جانباه، يريد بها عضادتيه، وقد قيل: الصحيح: "بلجفتي الباب" من قولهم: ألجاف البئر، لجوانبها.