المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ بابقسمة الغنائم والغلول فيها - تحفة الأبرار شرح مصابيح السنة - جـ ٣

[ناصر الدين البيضاوي]

فهرس الكتاب

- ‌ بابآداب السفر

- ‌ بابالكتاب إلى الكفارودعائهم إلى الإسلام

- ‌ بابالقتال في الجهاد

- ‌ بابحكم الأسارى

- ‌ بابالأمان

- ‌ بابقسمة الغنائم والغلول فيها

- ‌ بابالجزية

- ‌ بابالصلح

- ‌ بابالجلاء: إخراج اليهودمن جزيرة العرب

- ‌ بابالفيء

- ‌كتاب الصيد والذبائح

- ‌ باب

- ‌ باب

- ‌ بابما يحل أكله وما يحرم

- ‌ بابالعقيقة

- ‌كتاب الأطعمة

- ‌ باب

- ‌ بابالضيافة

- ‌فصل

- ‌ بابالأشربة

- ‌ بابالنقيع والأنبذة

- ‌ بابتغطية الأواني وغيرها

- ‌كتاب اللباس

- ‌ باب

- ‌ بابالخاتم

- ‌ بابالنعال

- ‌ بابالترجيل

- ‌ بابالتصاوير

- ‌كتاب الطب والرقى

- ‌ باب

- ‌ بابالفأل والطيرة

- ‌ بابالكهانة

- ‌كتاب الرؤيا

- ‌كتاب الأدب

- ‌ بابالاستئذان

- ‌ بابالمصافحة والمعانقة

- ‌ بابالقيام

- ‌ بابالجلوس والنوم والمشي

- ‌ بابالعطاس والتثاؤب

- ‌ بابالضحك

- ‌ بابالأسامي

- ‌ بابالبيان والشعر

- ‌ بابحفظ اللسان والغيبة والشتم

- ‌ بابالوعد

- ‌ بابالمزاح

- ‌ بابالمفاخرة والعصبية

- ‌ بابالبر والصلة

- ‌ بابالشفقة والرحمة على الخلق

- ‌ بابالحب في الله والبغض في الله

- ‌ بابما ينهى من التهاجر والتقاطعواتباع العورات

- ‌ بابالحذر والتأني في الأمور

- ‌ بابالرفق والحياء وحسن الخلق

- ‌ بابالغضب والكبر

- ‌ بابالظلم

- ‌ بابالأمر بالمعروف

- ‌كتاب الرقاق

- ‌ بابفضل الفقراء وما كانمن عيش النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ بابالأمل والحرص

- ‌ بابالتوكل والصبر

- ‌ بابالرياء والسمعة

- ‌ بابالبكاء والخوف

- ‌ بابتغير الناس

- ‌باب

- ‌كتاب الفتن

- ‌ بابالملاحم

- ‌ بابأشراط الساعة

- ‌ بابالعلامات بين يدي الساعةوذكر الدجال

- ‌ بابقصة ابن الصياد

- ‌ بابنزول عيسى عليه السلام

- ‌ بابقرب الساعة وأن من ماتفقد قامت قيامته

- ‌ بابلا تقوم الساعة إلا على الشرار

- ‌ بابالنفخ في الصور

- ‌ بابالحشر

- ‌ بابالحساب والقصاص والميزان

- ‌ بابالحوض والشفاعة

- ‌ بابصفة الجنة وأهلها

- ‌ بابرؤية الله تعالى

- ‌ بابصفة النار وأهلها

- ‌ بابخلق الجنة والنار

- ‌ باببدء الخلق، وذكر الأنبياءعليهم السلام

- ‌ بابفضائل سيد المرسلين صلوات الله عليه

- ‌ بابأسماء النبي صلى الله عليه وسلم وصفاته

- ‌ بابفي أخلاقه وشمائله صلى الله عليه وسلم

- ‌ بابالمبعث وبدء الوحي

- ‌ بابعلامات النبوة

- ‌فصلفي المعراج

- ‌فصلفي المعجزات

- ‌ بابالكرامات

- ‌ باب

- ‌ بابفي مناقب قريش وذكر القبائل

- ‌ بابمناقب الصحابة رضي الله عنهم

- ‌ بابمناقب أبي بكر الصديق رضي الله عنه

- ‌ بابمناقب عمر بن الخطاب رضي الله عنه

- ‌ بابمناقب أبي بكر وعمر رضي الله عنهما

- ‌ بابمناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه

- ‌ بابمناقب علي بن أبي طالب رضي الله عنه

- ‌ بابمناقب العشرة رضي الله عنهم

- ‌ بابمناقب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌ بابمناقب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌ بابجامع المناقب

- ‌ بابذكر اليمن والشام، وذكر أويس القرني رضي الله عنه

- ‌ بابثواب هذه الأمة

الفصل: ‌ بابقسمة الغنائم والغلول فيها

8 -

‌ باب

قسمة الغنائم والغلول فيها

من الصحاح:

1004 -

3034 - عن أبي قتادة قال: خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم عام حنين، فلما التقينا كانت للمسلمين جولة، فرأيت رجلا من المشركين قد علا رجلا من المسلمين، فضربت من ورائه على حبل عاتقه بالسيف، فقطعت الذرع، وأقبل على فضمني ضمة وجدت منها ريح الموت، ثم أدركه الموت فأرسلني، فلحقت عمر فقلت: ما بال الناس؟ قال: أمر الله، ثم رجعوا وجلس النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"من قتل قتيلا له عليه بينة فله سلبه" فقلت: من يشهد لي؟ ثم جلست، فقال النبي مثله، فقمت فقال:"ما لك يا أبا قتادة؟ " فأخبرته، فقال رجل: صدق، وسلبه عندي فأرضه مني، فقال أبو بكر: لا ها الله، إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه! فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" صدق فأعطه " فأعطانيه، فابتعث به مخرفا في بني سلمة، فإنه لأول مال تأثلته في الإسلام.

(باب قسمة الغنائم والغلول فيها)

(من الصحاح):

"في حديث قتادة: فلما التقينا كانت للمسلمين جولة"

ص: 39

أي: هزيمة، عبر عنها بـ (الجولة) تنبيها على الاضطراب وعدم الاستقرار، وإيماء بأنه كان لهم بعدها كرة.

"وفيه: فضربت من ورائه على حبل عاتقه بالسيف فقطعت الدرع"

(حبل العاتق): عصب به يتصل العنق بالكاهل متصل بحبل الوريد، وهو عرق في باطن العنق.

"وفيه: فقال أبو بكر: لاها الله! إذا لا يعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله ورسوله فيعطيك سلبه.

المقول له والمخاطب بهذا الكلام: الرجل الذي صدقه واعترف بأن سلبه عنده وسأل الرسول أن يرضيه عنه، وما قاله الصديق رد له فيما سأله.

وقوله: "لاها الله إذا": قال الخطابي: صوابه: لا ها الله إذا، ومعناه: لا، والله لا يكون ذا، وحرف التنبيه بدل من واو القسم، والأصل فيه: والله لا والأمر هذا أو يكون هذا، فحذفت واو القسم وقدمت (ها) فصارت عوضا من الواو، وحذف الأمر الذي هو المبتدأ والفعل لكثرة الاستعمال، وصدر حرف النفي، ليؤذن في أول أمره بأن المقصود هو النفي.

وقال الخليل: أصله: لا والله لا الأمر ذا، فحذف الأمر لكثرة الاستعمال.

وقال الأخفش: (ذا): مبتدأ، خبره محذوف، والجملة تأكيد القسم، وتقدير الكلام: لا والله ذا قسمي، والجواب محذوف إن لم

ص: 40

يذكر بعده ما يليق به، ويدل عليه أنهم يقولون (لاها الله ذا لقد كان كذا) وكلاهما ضعيف، لأنهم لا يستعملون هذا التركيب إلا إذا كان المقسم عليه منفيا على ما شهد به الاستقرار، وما ذكره الأخفش عنهم إن صح فبتقدير قسم آخر، وكأنه قال: والله لا الأمر كذلك، ولكن والله لقد كان كذا، لئلا يلزم حذف الجواب في أكثر استعمالاتها، والضمير المستكن في "يعمد" و"يعطيك" للرسول صلى الله عليه وسلم.

والمراد بـ (الأسد): أبو قتادة، أي: لا يقصد إليه فيعطيك سلبه ويأمره بالإعراض عنه.

"وفيه: فابتعث به مخرفا في بني سلمة"

أي: بستانا في ديارهم، من: اخترفت الثمرة: إذا اجتنيتها، فإن البستان يخترف الثمار منه، ومنه:(المخرف) – بالكسر-: للوعاء الذي يخترف فيه، و (الخريف): للفصل الذي هو أوان اختراف الثمار.

"فإنه لأول ما [ل] تأثلته في الإسلام"أي: جمعته واقتنيته.

1005 – 3037 – وعن سلمة بن الأكوع قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا معه، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري قد أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقمت على أكمة فاستقبلت المدينة فناديت ثلاثا: يا صباحاه، ثم خرجت في آثار القوم أرميهم بالنبل، وأرتجز أقول:

ص: 41

أنا ابن الأكوع

واليوم يوم الرضع

فما زالت أرميهم وأعقر بهم، حتى ما خلق الله من بعير من الظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته وراء ظهري، ثم اتبعتهم أرميهم، حتى ألقوا أكثر من ثلاثين بردة وثلاثين رمحا يستخفون، ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة يعرفها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه، حتى رأيت فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحق أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبد الرحمن فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خير فرساننا اليوم أبو قتادة، وخير رجالتنا سلمة"، قال: ثم أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهمين، سهم الفارس وسهم الراجل، فجمعهما لي جميعا، ثم أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم وراءه على العضباء، راجعين إلى المدينة.

"وعن سلمة بن الأكوع قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره مع رباح – غلام رسول الله صلى الله عليه وسلم – وأنا معه، فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن الفزاري أغار على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قمت على أكمة فاستقبلت المدينة، فناديت ثلاثا: يا صباحاه.

أراد بـ (الظهر): سرج الإبل، يقال: لفلان ظهر، أي: إبل جياد الظهر تصلح للحمل والركوب، و (الأكمة): التل، و"يا صباحاه" كلمة استعانة عند الغارة، ويوم الصباح: يوم الغارة.

ص: 42

"وفيه: اليوم يوم الرضع" أي: اليوم يوم قتل اللئام، من قولهم:(لئيم راضع): إذا كان في غاية الخسة والبخل، ويقال: أصله: أن رجلا كان يرضع إبله وغنمه، ولا يحلبها حذرا من أن يسمع صوت حلبه، فيسأل منه، فاتصف به، ثم اتسع فيه فاستعمل لكل لئيم متجاوز في البخل.

"وفيه: ولا يطرحون شيئا إلا جعلت عليه آراما من الحجارة"

(الآرام) جمع: إرم، وهي الحجارة تنصب علما في المفاوز، وتجمع أيضا على: أرؤم وأروم، مثل ضلع وأضلاع وأضلع وضلوع.

1006 -

3045 – عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول، فعظمه وعظم أمره ثم قال: "لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء، يقول: يا رسول الله أغثني! فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول: يا رسول الله أغثني! فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء يقول: يا رسول الله أغثني! فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول: يا رسول الله أغثني! فأقول: لا أملك لك شيئا

ص: 43

قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق فيقول: يا رسول الله! فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته صامت فيقول: يا رسول الله أغثني! فأقول: لا أملك لك شيئا قد أبلغتك".

"وفي حديث أبي هريرة: لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته نفس له صياح"

أراد به المملوك الذي يغله من السبي، نهى نفسه عن لقائهم على هذه الحالة، وأراد به نهيهم عما يؤدي إلى أن يلقاهم كذلك.

وفيه: "رقاع تخفق" أي: أبواب تضطرب، من: خفقت الراية تخفق –بالضم والكسر- خفقا وخفقانا.

1007 – 3046 – عن أبي هريرة قال: أهدى رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما يقال له: مدعم، فبينما مدعم يحط رحلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سهم عائر فقتله، فقال الناس: هنيئا له الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"كلا! والذي نفسي بيده إن الشملة التي أخذها يوم خيبر من المغانم لم تصبها المقاسم لتشتعل عليه نارا" فلما سمع ذلك الناس جاء رجل بشراك أو شراكين إلى النبي صلى الله عليه وسلم ’ فقال: "شراك من نار، أو شراكان من نار".

ص: 44

"وفي حديثه الآخر: بينما مدعم يحط رحلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سهم عائر، فقتله"

أي: إذا سهم لا يدري راميه أصابه فقتله.

من قولهم: تمرة عائرة، أي: ساقطة لا يعرف مالكها ومسقطها، وأصل التركيب للتردد وعدم الانضباط.

1008 – 3047 – عن عبد الله بن عمرو قال: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركرة، فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"هو في النار" فذهبوا ينظرون، فوجدوا عباءة قد غلها"

"وفي حديث ابن عمرو: كان على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال له: كركرة.

(الثقل) بفتحتين: متاع المسافر، و (الكركرة): بكسر الكافين، وهي في اللغة: الجماعة من الناس، ورحى زور البعير، وهو ما يقع على الأرض من أعلى صدره إذا استناخ.

و (الكركرة) بفتحها: تصريف الريح السحاب، وجمعها إياه بعد تفريق.

ص: 45

من الحسان:

1009 – 3054 – عن عمير مولى آبي اللحم قال: شهدت خيبر مع سادتي، فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلموه أني مملوك، فأمرني فقلدت سيفا فإذا أنا أجره، فأمر لي بشيء من خرثي المتاع، وعرضت عليه رقية كنت أرقي بها المجانين، فأمرني بطرح بعضها وحبس بعضها.

(من الحسان):

"وفي حديث عمير: فأمر لي بشيء من خرثي"

(الخرثي): أثاث البيت وأسقاطه.

1010 – 3055 - عن مجمع بن جارية قال: قسمت خيبر على أهل الحديبية، قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما، وكان الجيش ألفا وخمس مئة، قال الشيخ رضي الله عنه: فيهم ثلاث مئة فارس! وهذا وهم، إنما كانوا مئتي فارس.

"وعن مجمع بن جارية قال: قسمت خيبر على أهل الحديبية، قسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سهما، ألفا وخمس

ص: 46

مئة، فيهم ثلاث مئة فارس.

هذا الحديث مشعر بأنه قسمها ثمانية عشر سهما، فأعطى ستة أسهم منها الفرسان، على أن يكون لكل مئة منهم سهمان، وأعطى الباقي وهو اثنا عشر سهما لرجاله، وهم كانوا ألفا ومئتين، فيكون لكل مئة، فيكون للراجل سهم، وللفارس سهمان.

وإليه ذهب أبو حنيفة ولم يساعده في ذلك أحد من مشاهير الأئمة حتى القاضي أبو يوسف ومحمد، لأنه صح عن ابن عمر: أنه عليه الصلاة والسلام أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهما له، وسهمين لفرسه، فإنه حديث متفق على صحته مصرح بأنه أسهم للفارس ثلاثة أسهم، وليس في هذا الحديث ما يدل صريحا، بل ظاهر على أن للفارس سهمين، فإن ما ذكرناه شيء يقتضيه الحساب والتخمين، مع أن أبا داود السجستاني هو الذي أورده في كتابه وأثبته في ديوانه، وهو قال: وهذا وهم، إنما كانوا مئتي فارس، فعلى هذا يكون مجموع الغانمين ألفا وأربع مئة نفر.

ويؤيد ذلك قوله: (قسمت خيبر على أهل الحديبية) ، وهم كانوا ألفا وأربع مئة على ما صح عن جابر والبراء بن عازب وسلمة بن الأكوع وغيرهم، فيكون للراجل سهم، وللفارس ثلاثة أسهم على ما يقتضيه الحساب.

وأما ما روي عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر ابن الخطاب، عن نافع، عن ابن عمر: أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

ص: 47

"للفارس سهمان، وللراجل سهم" لا يعارض ما رويناه،، فإنه يرويه أخوه عبيد الله بن عمر بن حفص عن نافع، عن ابن عمر، وهو أحفظ وأثبت باتفاق أهل الحديث كلهم، ولذلك أثبته الشيخان في "جامعيهما" ورويا عنه، ولم يلتفتا إلى رواية عبد الله.

1011 – 3057 – وعن حبيب بن مسلمة الفهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس إذا قفل"

"وعن حبيب بن مسلمة الفهري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينفل الربع بعد الخمس، والثلث بعد الخمس إذا قفل"

(النفل): اسم لزيادة يخص بها الإمام بعض الجيش على ما يعانيه من المشقة لمزيد سعي واقتحام خطر، والتنفيل: إعطاء النفل.

"وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفل الربع"أي: في البداءة، كما صرح به في حديثه الآخر، وهي ابتداء سفر الغزو، وكان إذا نهضت سرية من جملة العسكر وابتدروا إلى العدو وأوقعوا بطائفة منهم فما غنموا كان يعطيهم منها الربع، ويشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباعه، وكان ينفل الثلث في الرجعة، وهي قفول الجيش من الغزو، فإذا قفلوا رجعت طائفة منهم فأوقعوا بالعدو مرة ثانية كان يعطيهم مما غنموا الثلث، لأن نهوضهم بعد القفل أشق والخطر فيه أعظم.

ص: 48

وحكي عن مالك: أنه كان يكره التنفيل.

وقوله: "بعد الخمس" يدل على أنه يعطي من الأخماس الأربعة التي هي للغانمين، وإليه ذهب أحمد وإسحاق.

وقال سعيد بن المسيب والشافعي وأبو عبيد: إنما يعطي النفل من خمس الخمس سهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقالوا: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم من ذلك، وعلى هذا فقوله:(بعد الخمس) وهم من الراوي، أو زيادة من بعض الرواة، ويؤيد ذلك عدمها في حديثه الآخر المساوي له في المعنى.

وقال أبو ثور: يعطي النفل من أصل الغنيمة كالسلب.

1012 – 3058 – عن أبي الجويرية الجرمي قال: أصبت بأرض الروم جرة حمراء فيها دنانير في إمرة معاوية، وعلينا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقال له: معن بن يزيد، فأتيته بها فقسمها بين المسلمين وأعطاني منها مثل ما أعطى رجلا منهم، ثم قال: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا نفل إلا بعد الخمس" لأعطيك.

"وفي حديث أبي جويرية الجرمي: ثم قال- يعني معن بن يزيد ابن الأخنس السلمي -: لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا نفل إلا بعد الخمس لأعطيك".

ص: 49

ظاهر هذا الكلام يدل على أنه إنما لم ينفل أبا جويرية من الدنانير التي وجدها لسماعه قوله عليه الصلاة والسلام: "لا نفل إلا بعد الخمس" وأنه المانع لتنفيله، ووجهه: أن ذلك يدل على أن النفل إنما يكون من الأخماس الأربعة التي هي للغانمين كما دل عليه الحديث السابق، ولعل التي وجدها كانت من عداد الفيء فلذلك لم يعط النفل منه.

1013 – 3059 – عن أبي موسى الأشعري قال: قدمنا فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر فأسهم لنا- أو قال: فأعطانا منها – وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئا إلا لمن شهد معه إلا أصحاب سفينتنا جعفرا وأصحابه أسهم لهم معهم.

"عن أبي موسى الأشعري قال: قدمنا فوافقنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فأسهم لنا"

"وافقنا"أي\: صادفنا، وإنما أسهم لهم، لأنهم وردوا عليه قبل حيازة الغنيمة، ولذلك قال الشافعي في أحد قوليه: من حضر بعد انقضاء القتال وحيازة الغنيمة شارك فيها الغانمين، ومن لم يرد ذلك حمله على أنه أسهم لهم بعد استئذان أهل الحديبية ورضائهم.

ص: 50

1014 – 3065 – عن أبي أمامة، عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه نهى أن تباع السهام حتى تقسم"

"وعن أبي أمامة: أنه – عليه الصلاة والسلام – نهى عن أن تباع السهام حتى تقسم".

المقتضي للنهي عدم استقرار الملك عند من يرى أن الملك يحصل بالقسمة، والجهل بعين المبيع وصفته إذا كان في المغنم أجناس مختلفة.

1015 – 3067 – عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيها الرؤيا يوم أحد.

"وعن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم تنفل سيفه ذا الفقار يوم بدر، وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد"

أي: أخذه زيادة لنفسه وجعله صفية المغنم، وإنما سمي ذا الفقار، لأنه كان فيه حفر متساوية، و (الرؤيا التي رأى فيه): أنه رأى في منامه يوم أحد أنه هز ذا الفقار فانقطع من وسطه، ثم هز هزة أخرى فعاد أحسن ما كان.

1016 – 3071 – عن القاسم مولى عبد الرحمن عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: كنا نأكل الجزور في الغزو ولا نقسمه، حتى

ص: 51