الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 -
باب
حكم الأسارى
من الصحاح:
990 -
3010 - عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين وهو في سفر، فجلس عند أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"اطلبوه واقتلوه"، فقتلته، فنفلني سلبه.
(باب حكم الأسرى)
(من الصحاح):
"عن سلمة بن الأكوع قال: أتى النبي صلى الله عليه وسلم عين من المشركين، فجلس عند أصحابه يتحدث، ثم انفتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: اطلبوه وقتلوه، فقتلته، فنفلني سلبه".
(العين): الجاسوس، سمي به لأنه عمله بالعين، أو لشدة اهتمامه بالرؤية واستغراقه فيها، كأن جميع بدنه صار عينا.
"ثم انفتل" أي: انصرف، يقال: فتلته فانفتل.
"فنفلني" أي: أعطاني نفلا، وهو ما يخص به الرجل من الغنيمة، ويزاد على سهمه، ويريد بـ"سلبه": ما كان عليه من الثياب والسلاح، سمي به لأنه سلب.
وفيه: دليل على من دخل الإسلام بغير أمان حل قتله،
وأن من قتل محاربا جهارا فله سلبه.
…
991 -
3009 - عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل".
وفي رواية:"يقادون إلى الجنة بالسلاسل"
"عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: عجب الله من قوم يدخلون الجنة في السلاسل".
قد سبق غير مرة أن صفات العباد إذا أطلقت على الله تعالى أريد بها غاياتها، فغاية التعجب والاستبشار بالشيء: الرضا به واستعظام شأنه.
والمعنى: عظم الله شأن قوم يؤخذون عنوة في السلاسل، فيدخلون في الإسلام، فيصيرون من أهل الجنة، ورضي عنهم وأحلهم محل ما يتعجب منه، وقيل: أراد بـ"السلاسل": ما يرادون به من قتل الأنفس وسبي الأزواج والأولاد وتخريب الديار، وسائر ما يلجئهم إلى الدخول في الإسلام، الذي هو سبب دخول الجنة، فأقام المسبب مقام السبب.
ويحتمل أن يكون المراد بها: جذبات الحق التي يجذب بها خالصة عباده من الضلالة إلى الهدى، ومن الهبوط في مهاوي الطبيعة
إلى العروج بالدرجات العلى، إلى جنة المأوى.
…
992 -
3011 - وعن سلمة بن الأكوع قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن: فبينا نحن نتضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل على جمل أحمر فأناخه، وجعل ينظر، وفينا ضعفة ورقة من الظهر، وبعضنا مشاة، إذ خرج يشتد فأتى جمله فأثاره، فاشتد به الجمل، وخرجت أشتد حتى أخذت بخطام الجمل فأنخته، فلما وضع ركبته في الأرض اخترطت سيفي فضربت رأس الرجل، ثم جئت بالجمل أقوده وعليه رحله وسلاحه، فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس فقال:"من قتل الرجل؟ " قالوا: ابن الأكوع، قال:" له سلبه أجمع".
"وفي الحديث الثاني لسلمة: فاشتد به الجمل"
أي: عدا وأسرع به، "ثم اخترطت سيفي" أي: سللته، وأصل هذا التركيب لانسلال الشيء ومضيه.
…
993 -
3012 - عن أبي سعيد الخدري قال: لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بن عبادة، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء على حمار فلما دنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"قوموا على سيدكم" فجاء فجلس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن هؤلاء نزلوا على حكمك" قال: فإني أحدكم أن
تقتل المقاتلة وأن تسبي الذرية، قال:"لقد حكمت فيهم بحكم الملك"
ويروى: "بحكم الله"
"وفي حديث أبي سعيد: لما نزلت بنو قريظة على حكم سعد بن معاذ".
إنما نزلوا بحكمه بعد ما حاصرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة وعشرين يوما وجهدهم الحصاد وتمكن الرعب في قلوبهم، لأنهم كانوا حلفاء الأوس، فحسبوا أنه يراقبهم ويتعصب لهم، فأبى إسلامه وقوة دينه أن يحكم فيهم بغير ما حكم الله فيهم، وكان ذلك في السنة الخامسة من الهجرة في شوالها حين نقضوا عهد الرسول - صلوات الله وسلامه عليه- ووافقوا الأحزاب.
روي: أنهم لما انكشفوا عن المدينة وكفى الله المؤمنين شرهم أتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم في ظهر اليوم الذي تفرقوا في ليلته فقال: وضعتم السلاح، والملائكة لم يضعوه، وإن الله تعالى أمركم بالسير إلى بني قريظة، فائتهم عصره.
…
994 -
3013 - وعن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة يقال له: ثمامة بن أثال سيد أهل اليمامة، فربطوه بسارية من سواري المسجد فخرج إليه
رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "ماذا عندك يا ثمامة؟ " قال: عندي يا محمد! خير، إن تقتل تقتل ذا دم، وإن تنعم تنعم على شاكر، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان الغد فقال له:" ما عندك يا ثمامة؟ " قال: عندي ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فتركه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى كان بعد الغد فقال:" ما عندك يا ثمامة؟ " قال: عندي ما قلت لك: إن تنعم تنعم على شاكر، وإن تقتل تقتل ذا دم، وإن كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أطلقوا ثمامة" فانطلق إلى نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، يا محمد! والله ما كان على الأرض وجه أبغض إلي من وجهك، فقد أصبح وجهك أحب إلى الوجوه كلها إلي، والله ما كان من دين أبغض إلي من دينك فأصبح دينك أحب الدين كله إلي، والله ما كان من بلد أبغض إلي من بلدك، فأصبح بلدك أحب البلاد كلها إلي، وإن خيلك أخذتني وأنا أريد العمرة فماذا ترى؟ فبشره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمره أن يعتمر، فلما قدم مكة قال له قائل: صبأت؟! فقال: لا، ولكني أسلمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
"وفي حديث أبي هريرة: وإن تقتل تقتل ذا دم".
أي: ذا دم يطلب ثأره ولا يطل دمه، لشرفه في قومه أو: ذا دم أراقه وتوجه عليه القتل بما أصابه من الدم.
…
995 -
3014 - عن جبير بن مطعم رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أسارى بدر: "لوكان المطعم بن عدي حيا ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له"
"وعن جبير بن مطعم: أنه- عليه الصلاة والسلام قال في أسارى بدر: لو كان المطعم بن عدي حيا، ثم كلمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له".
هو المطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف ابن عم جد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان له يد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذ أجاره حين رجع عن الطائف وذب المشركين عنه، فأحب أنه كان حيا فكافأه عليها بذلك.
ويحتمل أنه أراد به تطييب قلب ابنه جبير وتأليفه على الإسلام.
وفيه تعريض بالتعظيم لشأن الرسول صلوات الله عليه، وتحقير حال هؤلاء الكفرة من حيث إنه لا يبالي بهم ويتركهم لمشرك كانت له عنده يد.
و (نتنى) جمع: نتن بالتحريك، بمعنى منتن، كـ (هرمى) و (زمنى)، وإنما سماهم:(نتنى) ، إما لرجسهم الحاصل من كفرهم على التمثيل، أو لأن المشار إليه أبدانهم وجيفهم الملقاة في قليب بدر.
***
996 -
3015 - عن أنس: أن ثمانين رجلا من أهل مكة هبطوا على سول الله صلى الله عليه وسلم من جبل التنعيم متسلحين، يريدون غرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فأخذهم سلما فاستحياهم - ويروى: فأعتقهم - فأنزل الله تعالى: {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة} .
"وفي حديث أنس: فأخذهم سلما فاستحياهم"
أي: أخذهم أسرى فاستبقاهم ولم يقنلهم.
يقالك (رجل سلم) و (رجال سلم) بالتحريك، وهو في الأصل مصدر بمعنى: الاستسلام.
…
997 -
3016 - عن أبي طلحة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش، فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث، وكان ذا ظهر على قوم أقام بالعرصة ثلاث ليال، فلما كان ببدر اليوم الثالث أمر براحلته فشد عليها رحلها ثم مشى، واتبعه أصحابه، حتى قام على شفة الركي، فجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم:" يا فلان بن فلان، ويا فلان بن فلان، أيسركم أنكم أطعتم الله ورسوله! فإنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا، فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ "قال عمر: يا رسول الله! ما تكلم من أجساد لا أرواح لها؟ قال
النبي صلى الله عليه وسلم: والذي نفس بيده، ما أنتم بأسمع لما أقول منهم"
وفي رواية:"ما أنتم بأسمع منهم، ولكن لا يجيبون"
"وعن أبي طلحة: أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من أطواء بدر خبيث مخبث".
(الصناديد) جمع: صنديد، وهو السيد الشجاع، وقد يقال للداهية والغيث العظيم القطر.
و (الطوي): البئر المطوية، (فعيل) بمعنى (مفعول) ، وإنما وصفها بـ (الخبيث المخبث) ، للجيف الملقاة فيها، أو لأنها كانت تلقى فيها الجيف والنجاسات، و (المخبث): ذو الخبث، وفي الحديث:"أعوذ بك من الخبث المخبث" أي: الذي أعوانه خبثاء.
ولا ينافيه ما روي: "فألقوا في قليب" لأن أبا عبيد فسر القليب بالبئر العادية، وهي أعم من أن تكون مطوية أو غيرها، مع احتمال أن يكون هؤلاء غيرهم، فإن المسلمين قتلوا يومئذ سبعين منهم، فقذف بعضهم في الطوي، وبعضهم في القليب.
ويؤيده قوله: "حتى قام على شفة الركي" وهو جمع: ركبة، وهي البئر.
…
998 -
3018 - عن عمران بن حصين قال: كان ثقيف حليفا لبني عقيل، فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسر
أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عقيل، فأوثقوه فطرحوا في الحرة، فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فناداه: يا محمد! يا محمد! فيم أخذت؟ قال: " بجريرة حلفائكم ثقيف" فتركه ومضى، فناداه: يا محمد! يا محمد! فرحمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع فقال: "ما شأنك؟ " فقال: إني مسلم، فقال:" لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح"، فقال: ففداه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالرجلين اللذين أسرتهما ثقيف.
"وفي حديث عمران بن حصين: وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من عقيل وأوثقوه وطرحوه في الحرة، فمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فناداه: يا محمد! فيم أخذت؟ قال: بجريرة حلفائكم ثقيف.
"عقيل" على صيغة المصغر: قبيلة كانوا حلفاء ثقيف.
و"الحرة": يريد بها حرة المدينة، وهي أرض ذات حجارة سود، وكل أرض تكون كذلك تسمى: حرة، لشدة حرها.
و (الجريرة): الجناية، فإنها تجر العقوبة.
وقوله: "بجريرة حلفائكم"أي: أخذت بسبب جنايتهم لندفعك إليهم فداء من أسروه من المسلمين، أو بسبب جريرتهم التي نقضوا عهدكم على أنهم كانوا عاهدوا ألا يتعرضوا للمسلمين ولا أحد من حلفائهم.
"وفيه: فقال: إني مسلم، فقال: لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح": وهو يدل على أن الأسير إن ادعى أنه كان قد
أسلم قبل الأسر لم يقبل إلا ببينة، وأنه إن أسلم بعد الأسر لم يوجب إطلاقه.
…
من الحسان:
999 -
3019 - عن عائشة قالت: لما بعث أهل مكة في فداء أسرائهم، بعثت زينب في فداء أبي العاص بمال، وبعثت فيه بقلادة لها كانت عند خديجة أدخلتها بها على أبي العاص، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال:"إن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها، وتردوا عليها الذي لها؟ "، فقالوا: نعم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ عليه أن يخلي سبيل زينب إليه، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار فقال:" كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها"
(من الحسان):
"في حديث عائشة: وكان النبي صلى الله عليه وسلم أخذ عليه أن يخلي سبيل زينب إليه، وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلا من الأنصار، فقال: كونا ببطن يأجج حتى تمر بكما زينب فتصحباها حتى تأتيا بها".
"أخذ عليه": يريد به العهد بتخلية سبيلها أن يرسلها إليه، و"زينب" هذه ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من خديجة، وكانت تحت أبي العاص زوجها منه قبل المبعث.
و"بطن يأجج": من بطون الأودية التي حول الحرم، والبطن: المنخفض من الأرض.
…
1000 -
3024 - عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: خرج عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني يوم الحديبية قبل الصلح، فكتب مواليهم قالوا: يا محمد! والله ما خرجوا إليك رغبة في دينك، وإنما خرجوا هربا من الرق، فقال ناس: صدقوا يا رسول الله! ردهم إليهم، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال:"ما أراكم تنتهون يا معشر قريش! حتى يبعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا، وأبى أن يردهم وقال: هم عتقاء الله"
"وفي حديث علي رضي الله عنه: خرج عبدان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبة"
"عبدان": - بكسر العين وضمها بسكون الباء وبكسرهما مع تشديد الدال- جمع: عبد، كـ (جحش وجحشان) و (تمر وتمران).
وقد روي في الحديث بالصفتين الأوليين.