الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ
(فَصْلٌ)
فِي أَنْوَاعٍ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ
لَوْ (عَلَّقَهُ بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ أَوْ رَغِيفٍ) كَأَنْ قَالَ: إنْ أَكَلَتْ هَذِهِ الرُّمَّانَةَ، أَوْ هَذَا الرَّغِيفَ أَوْ رُمَّانَةً أَوْ رَغِيفًا فَأَنْت طَالِقٌ (فَبَقِيَ) مِنْ ذَلِكَ بَعْدَ أَكْلِهَا لَهُ (حَبَّةٌ أَوْ لُبَابَةٌ) لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ كَمَا سَيَأْتِي؛ لِأَنَّهُ يُصَدَّقُ أَنَّهَا لَمْ تَأْكُلْ الرُّمَّانَةَ، أَوْ الرَّغِيفَ نَعَمْ قَالَ الْإِمَامُ إنْ بَقِيَ فُتَاتٌ يَدِقُّ مُدْرَكَهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَوْقِعٌ فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ وَلَا حِنْثٍ نَظَرًا لِلْعُرْفِ
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِبَلْعِهَا ثَمَرَةً بِفِيهَا وَبِرَمْيِهَا ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) كَأَنْ قَالَ: إنْ بَلَعْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ رَمَيْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ، وَإِنْ أَمْسَكْتهَا فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَبَادَرَتْ) مَعَ فَرَاغِهِ مِنْ التَّعَالِيقِ (بِأَكْلِ بَعْضٍ) مِنْهَا (أَوْ رَمْيِهِ) لَمْ يَقَعْ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ يَمِينُ الْإِمْسَاكِ، أَوْ تَوَسَّطَتْ، أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ أَكْلَ الْبَعْضِ، أَوْ رَمْيَهُ فَلَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ لِحُصُولِ الْإِمْسَاكِ، وَقَوْلِي: وَبِرَمْيِهَا مَعَ قَوْلِي: أَوْ رَمْيِهِ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: ثُمَّ بِرَمْيِهَا مَعَ قَوْلِهِ: وَرَمْيِ بَعْضٍ إذْ لَا يُشْتَرَطُ تَأْخِيرُ التَّعْلِيقِ بِرَمْيِهَا عَنْ التَّعْلِيقِ بِابْتِلَاعِهَا وَلَا الْجَمْعُ بَيْنَ أَكْلِ بَعْضِهَا وَرَمْيِ بَعْضِهَا
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِعَدَمِ تَمْيِيزٍ نَوَاهُ عَنْ نَوَاهَا) الْمُخْتَلَطَيْنِ كَأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ تُمَيِّزِي نَوَايَ عَنْ نَوَاك فَأَنْت طَالِقٌ (فَفَرَّقَتْهُ) بِأَنْ جَعَلْت كُلَّ نَوَاةٍ وَحْدَهَا (أَوْ) بِعَدَمِ (صَدَّقَهَا فِي تُهْمَةِ سَرِقَةٍ) كَأَنْ قَالَ: وَقَدْ اتَّهَمَهَا بِهَا إنْ لَمْ تُصَدِّقِينِي فَأَنْتِ طَالِقٌ (فَقَالَتْ: سَرَقْت مَا سَرَقْت أَوْ) بِعَدَمِ (إخْبَارِهَا بِعَدَدِ حَبٍّ) كَأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِعَدَدِ حَبِّ هَذِهِ الرُّمَّانَةِ فَأَنْت طَالِقٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لَيْسَتْ مِنْ صَرَائِحِ الطَّلَاقِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ اسْتِخْبَارٌ) مُعْتَمَدٌ أَيْ: فَيُحْمَلُ عَلَى الْإِقْرَارِ دُونَ الْإِنْشَاءِ ع ش فَلَوْ اخْتَلَفَا فَالْعِبْرَةُ بِقَصْدِ السَّائِلِ ح ل.
[فَصْلٌ فِي أَنْوَاعٍ مِنْ تَعْلِيقِ الطَّلَاقِ]
(قَوْلُهُ: بِأَكْلِ رُمَّانَةٍ) أَيْ: مُعَيَّنَةٍ أَوْ مُبْهَمَةٍ أَخْذًا مِنْ تَمْثِيلِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ بَقِيَ فُتَاتٌ) وَبَعْضُ الْحَبَّةِ فِي الرُّمَّانَةِ كَالْفُتَاتِ كَمَا فِي ق ل وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: يَدُقُّ مُدْرِكُهُ) بِضَمِّ الْمِيمِ أَيْ: يَخْفَى إدْرَاكُهُ أَيْ: الْإِحْسَاسُ بِهِ وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالْمُدْرِكُ بِالضَّمِّ يَكُونُ مَصْدَرًا، وَاسْمَ زَمَانٍ وَمَكَانٍ تَقُولُ: أَدْرَكْته مُطْلَقًا أَيْ: إدْرَاكًا وَهَذَا مُدْرِكُهُ أَيْ: مَوْضِعُ إدْرَاكِهِ، أَوْ زَمَنُ إدْرَاكِهِ، وَمَدَارِكُ الشَّرْعِ مَوَاضِعُ طَلَبِ الْأَحْكَامِ، وَهِيَ حَيْثُ يُسْتَدَلُّ بِالنُّصُوصِ، وَالِاجْتِهَادِ مِنْ مَدَارِكِ الشَّرْعِ، وَالْفُقَهَاءُ يَقُولُونَ فِي الْوَاحِدِ: مَدْرَكٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ. وَلَيْسَ لِتَخْرِيجِهِ وَجْهٌ. اهـ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ لَا يَكُونَ لَهُ مَوْقِعٌ) بِأَنْ لَا يُسَمِّيَ قِطَعَ خُبْزٍ كَمَا فِي شَرْحِ م ر. قَالَ ق ل: وَلَوْ كَانَ الْفُتَاتُ لَوْ جُمِعَ صَارَ كَثِيرًا اُعْتُبِرَ قَالَهُ خ ط، وَخَالَفَهُ شَيْخُنَا كَوَالِدِ شَيْخِنَا م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا أَثَرَ لَهُ فِي بِرٍّ) كَأَنْ قَالَ: إنْ أَكَلْتِ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْت طَالِقٌ فَأَكَلَتْهُ، وَبَقِيَ الْفُتَاتُ الْمَذْكُورُ، فَيَحْنَثُ وَلَا أَثَرَ لَهُ فِي الْبِرِّ؛ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ، وَقَوْلُهُ: وَلَا حِنْثَ كَأَنْ قَالَ: إنْ لَمْ تَأْكُلِي هَذَا الرَّغِيفَ فَأَنْت طَالِقٌ، فَأَكَلَتْهُ، وَبَقِيَ الْفُتَاتُ الْمَذْكُورُ لَمْ يَحْنَثْ تَدَبَّرْ، وَالْمُرَادُ بِالرَّغِيفِ الْمُتَعَارَفُ بَيْنَ النَّاسِ لَا مَا يُجْعَلُ صَغِيرًا لِلْأَوْلِيَاءِ تَبَرُّكًا بِهِمْ كَنَحْوِ خُبْزِ سَيِّدِي أَحْمَدَ الْبَدْوِيِّ. اهـ بِرْمَاوِيٌّ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ يَكُنْ وَجْهُك أَحْسَنَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ كَانَتْ زِنْجِيَّةً لِقَوْلِهِ تَعَالَى {لَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ} [التين: 4] نَعَمْ إنْ أَرَادَ بِالْحُسْنِ الْجَمَالَ، وَكَانَتْ قَبِيحَةَ الشَّكْلِ حَنِثَ كَمَا قَالَهُ الْأَذْرَعِيُّ وَلَوْ قَالَ: إنْ لَمْ تَكُونِي أَضْوَأَ مِنْ الْقَمَرِ فَأَنْت طَالِقٌ حَنِثَ. اهـ شَرْحُ م ر وَشَيْخُنَا وَلَوْ عَلَّقَ طَلَاقَهَا بِخُرُوجِهَا إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ، فَقَالَ لَهَا: إنْ خَرَجْت إلَى غَيْرِ الْحَمَّامِ فَأَنْت طَالِقٌ، فَخَرَجَتْ إلَى الْحَمَّامِ، ثُمَّ عَدَلَتْ لِغَيْرِهِ لَمْ تَطْلُقْ، وَإِنْ خَرَجَتْ لِحَاجَةٍ أُخْرَى، ثُمَّ دَخَلَتْ الْحَمَّامَ طَلُقَتْ، وَلَوْ خَرَجَتْ لَهُمَا مَعًا طَلُقَتْ هَكَذَا فِي الرَّوْضَةِ هُنَا، وَقَالَ فِي الْمُهِمَّاتِ: لَا تَطْلُقُ، وَقَدْ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: الصَّوَابُ الْجَزْمُ بِهِ، وَالتَّصْوِيرُ مُخْتَلِفٌ فَمَا هُنَا بِإِلَى وَهِيَ لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ، وَمَا هُنَاكَ بِاللَّامِ وَهِيَ لِلتَّعْلِيلِ هَذَا مَا جَمَعَ بِهِ السَّيِّدُ السَّمْهُودِيُّ بَيْنَ مَا هُنَا. وَمَا فِي الْأَيْمَانِ زي
. (قَوْلُهُ: ثُمَّ بِإِمْسَاكِهَا) أَفَادَ بِثُمَّ تَأْخِيرَ يَمِينِ الْإِمْسَاكِ عَنْ مَجْمُوعِ اللَّتَيْنِ قَبْلَهَا، وَأَمَّا هُمَا فَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُمَا شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: بِأَكْلِ بَعْضٍ مِنْهَا) أَوْ بِبَلْعِهِ كَمَا عَلَّقَ وَفِي عُدُولِهِ إلَى الْأَكْلِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ اشْتِغَالَهَا بِالْمَضْغِ الْمُعْتَبَرِ فِي مُسَمَّى الْأَكْلِ لَا يَضُرُّ بَلْ لَوْ أَكَلَتْهَا كُلَّهَا بِمَضْغٍ لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ غَيْرُ الْبَلْعِ فِي الطَّلَاقِ بِخِلَافِهِ فِي الْيَمِينِ بِاَللَّهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ فِي الْيَمِينِ. اهـ ق ل أَيْ: وَأَمَّا الطَّلَاقُ فَمَبْنِيٌّ عَلَى اللُّغَةِ، وَالْأَكْلُ لَا يُسَمَّى بَلْعًا فِيهَا هَذَا وَقَدْ قَالَ زي بِالْحِنْثِ، وَكَذَا شَرْحُ م ر؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ الْأَكْلِ الْبَلْعُ؛ لِأَنَّ الْأَكْلَ هُنَا مَضْغٌ مَعَ بَلْعٍ لِلْمَمْضُوغِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ: إنْ أَكَلْتهَا فَأَنْت طَالِقٌ فَبَلَعَتْهَا مِنْ غَيْرِ مَضْغٍ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ الْبَلْعَ لَا يُسَمَّى أَكْلًا فِي اللُّغَةِ، وَيَحْنَثُ فِي الْحَلِفِ بِاَللَّهِ نَظَرًا لِلْعُرْفِ؛ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ مَبْنِيَّةٌ عَلَيْهِ، وَلِهَذَا يُقَالُ: فُلَانٌ يَأْكُلُ الْحَشِيشَ وَالْبَرَشَ، وَهُوَ إنَّمَا يَبْلَعُهُمَا زي مُلَخَّصًا وَشَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا لَوْ تَقَدَّمَتْ إلَخْ) مَفْهُومُ ثُمَّ، وَقَوْلُهُ: أَوْ أَخَّرَتْ الزَّوْجَةُ إلَخْ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: فَبَادَرَتْ
. (قَوْلُهُ: فَفَرَّقَتْهُ) الْأَوْلَى الْإِتْيَانُ بِالْوَاوِ؛ لِأَنَّ الْفَوْرِيَّةَ لَيْسَتْ شَرْطًا، وَكَذَا قَوْلُهُ: بَعْدَهُ فَقَالَتْ: سَرَقَتْ إلَخْ وَيُمْكِنُ أَنَّهُ أَتَى بِالْفَاءِ فِيهِمَا لِمُنَاسِبَةِ مَا قَبْلَهُمَا.
(قَوْلُهُ: إنْ لَمْ تَصْدُقِينِي) بِفَتْحِ التَّاءِ الْفَوْقِيَّةِ الْمُثَنَّاةِ، وَضَمِّ الدَّالِ وَكَسْرِ الْقَافِ مُخَفَّفَةً أَيْ: إنْ لَمْ تُخْبِرِينِي بِالصِّدْقِ. اهـ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: هَذِهِ لِرُمَّانَةٍ) أَيْ: قَبْلَ كَسْرِهَا حَجّ ع ش أَيْ:؛ لِأَنَّهُ بَعْدَ كَسْرِهَا يُمْكِنُ الْإِخْبَارُ بِعَدَدِ حَبِّهَا
(فَذَكَرْت مَا) أَيْ: عَدَدًا (لَا تَنْقُصُ عَنْهُ ثُمَّ وَاحِدًا وَاحِدًا إلَى مَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ) كَأَنْ تَذْكُرُ مِائَةً، ثُمَّ تَزِيدُ وَاحِدًا وَاحِدًا فَتَقُولُ: مِائَةٌ وَوَاحِدٍ مِائَةٌ وَاثْنَانِ وَهَكَذَا حَتَّى تَبْلُغَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ.
(أَوْ بِعَدَمِ إخْبَارِ كُلٍّ مِنْ ثَلَاثٍ) مِنْ زَوْجَاتِهِ (بِعَدَدِ رَكَعَاتِ الْفَرَائِضِ) كَأَنْ قَالَ لَهُنَّ: مَنْ لَمْ تُخْبِرْنِي مِنْكُنَّ بِعَدَدِ رَكَعَاتِ فَرَائِضِ الْيَوْمِ وَاللَّيْلَةِ فَهِيَ طَالِقٌ (فَقَالَتْ وَاحِدَةٌ: سَبْعَ عَشَرَةَ) أَيْ: فِي الْغَالِبِ (وَأُخْرَى خَمْسَ عَشَرَةَ) أَيْ: لِيَوْمِ الْجُمُعَةِ (وَثَالِثَةٌ إحْدَى عَشَرَةَ) أَيْ: لِمُسَافِرٍ (وَلَمْ يَقْصِدْ تَعْيِينًا فِي) هَذِهِ الْمَسَائِلِ (الْأَرْبَعِ لَمْ يَقَعْ) طَلَاقٌ اتِّبَاعًا لِلَّفْظِ فِي الْأُولَى؛ وَلِصِدْقِ الْمُخَاطَبَةِ فِي أَحَدِ الْإِخْبَارَيْنِ فِي الثَّانِيَةِ؛ وَلِإِخْبَارِهَا بِعَدَدِ الْحَبِّ فِي الثَّالِثَةِ؛ وَلِصِدْقِهِنَّ فِيمَا ذَكَرْنَ مِنْ الْعَدَدِ فِي الرَّابِعَةِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَصَدَ تَعْيِينًا فِي الْأَرْبَعِ فَلَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ، وَالتَّقْيِيدُ بِعَدَمِ قَصْدِ التَّعْيِينِ فِي الرَّابِعَةِ مِنْ زِيَادَتِي
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِنَحْوِ حِينٍ) كَزَمَانٍ كَأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إلَى حِينٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ بَعْدَ حِينٍ أَوْ زَمَانٍ (وَقَعَ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ) لِصِدْقِ الْحِينِ وَالزَّمَانِ بِهَا وَإِلَى بِمَعْنَى بَعْدَ، وَفَارَقَ ذَلِكَ وَاَللَّهِ لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَا يَحْنَثُ بِمُضِيِّ لَحْظَةٍ بِأَنَّ الطَّلَاقَ إنْشَاءٌ وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ، فَيَرْجِعُ فِيهِ إلَيْهِ
(أَوْ) عَلَّقَهُ (بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ أَوْ لَمْسِهِ أَوْ قَذْفِهِ تَنَاوَلَهُ) التَّعْلِيقُ (حَيًّا وَمَيِّتًا) أَمَّا فِي الرُّؤْيَةِ وَاللَّمْسِ، فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا فِي الْقَذْفِ؛ فَلِأَنَّ قَذْفَ الْمَيِّتِ كَقَذْفِ الْحَيِّ فِي الْإِثْمِ وَالْحُكْمِ وَيَكْفِي رُؤْيَةُ بَعْضِ الْبَدَنِ وَلَمْسِهِ وَلَا يَكْفِي رُؤْيَةُ الشَّعْرِ وَالظُّفْرِ وَالسِّنِّ، وَلَا لَمْسِهَا (لَا بِضَرْبِهِ) الْمُعَلَّقِ بِهِ الطَّلَاقُ فَلَا يَتَنَاوَلهُ التَّعْلِيقُ مَيِّتًا؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ فِي التَّعْلِيقِ بِالضَّرْبِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِدُونِ الْكَيْفِيَّةِ الْمَذْكُورَةِ. (قَوْلُهُ: فَذَكَرَتْ) أَيْ: فَلَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ ذَلِكَ فَوْرًا وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ أَنَّ الْوَجْهَ عَدَمُ اشْتِرَاطِ ذَلِكَ أَيْ: فِيمَا لَا يَقْتَضِي فَوْرًا كَمِثَالِ الْمُصَنِّفِ بِخِلَافِ مَا يَقْتَضِيهِ كَإِذَا لَمْ تُخْبِرِينِي ح ل. (قَوْلُهُ: لَا تَنْقُصُ عَنْهُ) أَيْ: لَا تَذْكُرُ عَدَدًا يَقْطَعُ بِزِيَادَتِهِ عَلَيْهَا بَلْ أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ أَوْ مُسَاوِيًا ح ل. (قَوْلُهُ: إلَى مَا لَا تَزِيدُ عَلَيْهِ) فِيهِ أَنَّ الْخَبَرَ يَصْدُقُ عَلَى الْأَعَمِّ مِنْ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ، وَحِينَئِذٍ كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَكْتَفِيَ بِأَيِّ عَدَدٍ تَأْتِي بِهِ كَمَا اكْتَفَى بِإِخْبَارِهَا كَاذِبَةً بِقُدُومِ زَيْدٍ، وَقَدْ قَالَ لَهَا: إنْ أَخْبَرْتنِي بِقُدُومِ زَيْدٍ فَأَنْت طَالِقٌ، وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْإِخْبَارَ إذَا كَانَ عَمَّا هُوَ مَوْجُودٌ فِي الْوَاقِعِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الصِّدْقِ، وَإِذَا كَانَ عَمَّا يَحْتَمِلُ الْوُقُوعَ وَعَدَمَهُ فَيُكْتَفَى فِيهِ بِالْإِخْبَارِ وَلَوْ كَذِبًا كَذَا قِيلَ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: الْأَرْبَعِ) أَيْ: الْأَخِيرَةِ، وَقَوْلُهُ فِي الْأُولَى: وَهِيَ قَوْلُهُ: أَوْ بِعَدَمِ تَمْيِيزِ نَوَاهُ عَنْ نَوَاهَا. (قَوْلُهُ: فَلَا يَخْلُصُ بِذَلِكَ) بَلْ إنْ أَمْكَنَ التَّعْيِينُ فِي الْأُولَى بِعَلَامَةٍ تُمَيِّزُ نَوَاهَا لَمْ يَقَعْ إلَّا بِالْيَأْسِ، وَإِلَّا وَقَعَ حَالًا لِأَنَّهُ مِنْ التَّعْلِيقِ بِالْمُسْتَحِيلِ فِي جَانِبِ النَّفْيِ كَمَا أَفَادَهُ ع ش أَيْ: فَمَحَلُّ كَوْنِ إنْ فِي جَانِبِ النَّفْيِ لِلتَّرَاخِي إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُمْكِنٍ أَمَّا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُسْتَحِيلٍ كَمَا هُنَا فَهِيَ لِلْفَوْرِ بِخِلَافِ التَّعْلِيقِ عَلَى الْمُسْتَحِيلِ فِي الْإِثْبَاتِ، فَلَا يَقَعُ بِهِ شَيْءٌ ع ش عَلَى م ر، وَلَوْ حَلَفَ لَوْ بَقِيَ لَك مَتَاعٌ فِي الْبَيْتِ، وَلَمْ أُكَسِّرْهُ عَلَى رَأْسِك فَأَنْت طَالِقٌ فَبَقِيَ هُونٌ وَقَعَ فِي الْحَالِ؛ لِأَنَّهُ تَعْلِيقٌ عَلَى مُسْتَحِيلٍ فِي النَّفْيِ، وَقِيلَ: لَا يَقَعُ وَقِيلَ: يَقَعُ قُبَيْلَ الْمَوْتِ وَاعْتَمَدَ ع ش عَلَى م ر الْأَوَّلَ
. (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ ذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر وحج، وَفَارَقَ قَوْلُهُمْ فِي الْأَيْمَانِ: لَأَقْضِيَنَّ حَقَّك إلَى حِينٍ حَيْثُ لَمْ يَحْنَثْ بِلَحْظَةٍ، فَأَكْثَرَ بَلْ قُبَيْلَ الْمَوْتِ بِأَنَّ الطَّلَاقَ تَعْلِيقٌ فَتَعَلَّقَ بِأَوَّلِ مَا يُسَمَّى حِينًا، إذْ الْمَدَارُ فِي التَّعَالِيقِ عَلَى وُجُودِ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ لَفْظُهَا، وَلَأَقْضِيَنَّ وَعْدٌ وَهُوَ لَا يَخْتَصُّ بِزَمَنٍ فَنَظَرَ فِيهِ إلَى الْيَأْسِ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ لَيَقْضِيَنَّ حَقَّ فُلَانٍ إلَى حِينٍ لَا يَحْنَثُ بَعْدَ لَحْظَةٍ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر شَوْبَرِيٌّ أَيْ: فَيَكُونُ الْحَلِفُ بِاَللَّهِ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ لَيْسَ قَيْدًا.
(قَوْلُهُ: فَيَرْجِعُ فِيهِ) أَيْ: فِي كُلٍّ مِنْ الطَّلَاقِ، وَالْقَضَاءِ إلَيْهِ أَيْ: الْإِنْشَاءُ وَالْوَعْدُ أَيْ: عَلَى التَّوْزِيعِ. اهـ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْشَاءَ يَقَعُ حَالًا، وَالْوَعْدُ لَا يَقَعُ إلَّا بِالْيَأْسِ. اهـ س ل
. (قَوْلُهُ: أَوْ عَلَّقَهُ بِرُؤْيَةِ زَيْدٍ) وَلَوْ حَلِف لَا يَأْكُلُ مِنْ مَالِ زَيْدٍ، وَقُدِّمَ لَهُ شَيْءٌ مِنْ مَالِهِ ضِيَافَةً لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ أَكَلَ مَالَ نَفْسِهِ شَرْحُ م ر أَيْ: لِأَنَّهُ يَمْلِكُهُ بِالِازْدِرَادِ. (قَوْلُهُ: تَنَاوَلَهُ حَيًّا وَمَيِّتًا) فَيَحْنَثُ بِرُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ مُتَّصِلٍ بِهِ غَيْرِ نَحْوِ شَعْرِهِ لَا مَعَ إكْرَاهٍ، وَلَوْ فِي مَاءٍ صَافٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ زُجَاجٍ شَفَّافٍ دُونَ خَيَالِهِ فِي نَحْوِ مِرْآةٍ. نَعَمْ لَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَتِهَا وَجْهَهَا فَرَأَتْهُ فِي الْمِرْآةِ حَنِثَ إذْ لَا تُمْكِنُهَا رُؤْيَتُهُ إلَّا كَذَلِكَ وَبِلَمْسِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ لَا مَعَ إكْرَاهٍ عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ سَوَاءٌ الرَّائِي، وَالْمَرْئِيُّ وَاللَّامِسُ، وَالْمَلْمُوسُ الْعَاقِلُ، وَغَيْرُهُ، وَلَوْ لَمَسَهَا الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ لَمْ يُؤَثِّرْ، وَإِنَّمَا اسْتَوَيَا فِي نَقْضِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ هُنَا عَلَى لَمْسِ شَيْءٍ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ، وَيُشْتَرَطُ مَعَ رُؤْيَةِ شَيْءٍ مِنْ بَدَنِهِ صِدْقُ رُؤْيَةِ كُلِّهِ عُرْفًا بِخِلَافِ مَا لَوْ أَخْرَجَ يَدَهُ مِنْ كُوَّةٍ مَثَلًا فَرَأَتْهَا، فَلَا حِنْثَ أَوْ عَلَّقَ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ أَوْ الْقَمَرِ حُمِلَ عَلَى الْعِلْمِ بِهِ وَلَوْ بِرُؤْيَةِ غَيْرِهَا لَهُ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ يَحْمِلُ عَلَى الْعِلْمِ بِخِلَافِ رُؤْيَةِ زَيْدٍ، فَقَدْ يَكُونُ الْغَرَضُ زَجْرُهَا عَنْ رُؤْيَتِهِ، وَعَلَى اعْتِبَارِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ الثُّبُوتُ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَوْ تَصْدِيقُ الزَّوْجِ شَرْحُ م ر، وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: إذَا رَأَتْ وَجْهَهُ مِنْ الْكُوَّةِ فَيَنْبَغِي وُقُوعُ الطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهَا رُؤْيَتُهُ اهـ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي الْإِثْمِ) أَيْ: بَلْ هُوَ أَشَدُّ؛ لِأَنَّ الْحَيَّ يُمْكِنُ الِاسْتِحْلَالُ مِنْهُ بِخِلَافِ الْمَيِّتِ ع ش. (قَوْلُهُ: وَالْحُكْمِ) أَيْ: الْحَدِّ