الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى الْمَوْطُوءِ فِي دُبُرِهِ بَلْ حَدُّهُ كَحَدِّ الْبِكْرِ وَإِنْ أُحْصِنَ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ الْإِيلَاجُ فِي دُبُرِهِ عَلَى وَجْهٍ مُبَاحٍ حَتَّى يَصِيرَ بِهِ مُحْصَنًا وَالرَّجْمُ (بِمَدَرٍ) أَيْ طِينٍ مُسْتَحْجَرٍ (وَحِجَارَةٍ مُعْتَدِلَةٍ) لَا بِحَصَيَاتٍ خَفِيفَةٍ لِئَلَّا يَطُولَ تَعْذِيبُهُ وَلَا بِصَخَرَاتٍ لِئَلَّا يُذَفِّفَهُ فَيَفُوتُ التَّنْكِيلُ الْمَقْصُودُ قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ وَالِاخْتِيَارُ أَنْ يَكُونَ مَا يُرْمَى بِهِ مِلْءُ الْكَفِّ وَأَنْ يُتَوَقَّى الْوَجْهُ وَلَا يُرْبَطُ وَلَا يُقَيَّدُ (وَلَوْ) كَانَ الرَّجْمُ (فِي مَرَضٍ، وَحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ مُسْتَوْفَاةٌ بِهِ
(وَسُنَّ حَفْرٌ لِامْرَأَةٍ) عِنْدَ رَجْمِهَا إلَى صَدْرِهَا إنْ (لَمْ يَثْبُتْ زِنَاهَا بِإِقْرَارٍ) بِأَنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَوْ لِعَانٍ لِئَلَّا تَنْكَشِفَ بِخِلَافِ مَا إذَا ثَبَتَ بِالْإِقْرَارِ لِيُمْكِنَهَا الْهَرَبُ إنْ رَجَعَتْ وَبِخِلَافِ الرَّجُلِ لَا يُحْفَرُ لَهُ وَإِنْ ثَبَتَ زِنَاهُ بِالْبَيِّنَةِ وَأَمَّا ثُبُوتُ الْحَفْرِ فِي قِصَّةِ الْغَامِدِيَّةِ مَعَ أَنَّهَا كَانَتْ مُقِرَّةً فَبَيَانٌ لِلْجَوَازِ وَذِكْرُ حُكْمِ اللِّعَانِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ) وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ (حُرٌّ وَلَوْ كَافِرًا وَطِئَ أَوْ وُطِئَتْ) بِذَكَرٍ أَصْلِيٍّ عَامِلٍ (بِقُبُلٍ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ وَلَوْ) فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ أَوْ حَيْضٍ أَوْ نَحْوِهِ أَوْ (بِنَاقِصٍ) كَأَنْ وَطِئَ كَامِلٌ بِتَكْلِيفٍ وَحُرِّيَّةٍ نَاقِصَةً أَوْ عَكْسُهُ فَالْكَامِلُ مُحْصَنٌ نَظَرًا إلَى حَالِهِ.
وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ الْوَطْءُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ بِهِ قَضَى الْوَاطِئُ أَوْ الْمَوْطُوءَةُ شَهْوَتَهُ فَحَقُّهُ أَنْ يَمْتَنِعَ عَنْ الْحَرَامِ وَاعْتُبِرَ وُقُوعُهُ حَالَ الْكَمَالِ؛ لِأَنَّهُ مُخْتَصٌّ بِأَكْمَلِ الْجِهَاتِ وَهُوَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ فَاعْتُبِرَ حُصُولُهُ مِنْ كَامِلٍ حَتَّى لَا يُرْجَمَ مَنْ وَطِئَ وَهُوَ نَاقِصٌ ثُمَّ زَنَى وَهُوَ كَامِلٌ وَيُرْجَمُ مَنْ كَانَ كَامِلًا فِي الْحَالَيْنِ وَإِنْ تَخَلَّلَهُمَا نَقْصٌ كَجُنُونٍ وَرِقٍّ فَالْعِبْرَةُ بِالْكَمَالِ فِي الْحَالَيْنِ، وَبِمَا تَقَرَّرَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا إحْصَانَ بِوَطْءٍ فِي مِلْكِ يَمِينٍ وَلَا بِوَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ نِكَاحٍ فَاسِدٍ كَمَا فِي التَّحْلِيلِ وَأَنَّهُ لَا إحْصَانَ لِصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ؛ لِأَنَّهُ صِفَةُ كَمَالٍ فَلَا يَحْصُلُ إلَّا مِنْ كَامِلٍ وَأَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ الْوَطْءُ فِي حَالِ عِصْمَةٍ حَتَّى لَوْ وَطِئَ وَهُوَ حَرْبِيٌّ ثُمَّ زَنَى بَعْدَ أَنْ عُقِدَتْ لَهُ ذِمَّةٌ رُجِمَ وَقَوْلِي أَوْ وُطِئَتْ مِنْ زِيَادَتِي
(وَ) الْحَدُّ (لِبِكْرٍ حُرٍّ) مِنْ مُكَلَّفٍ وَلَوْ ذِمِّيًّا وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ رَجُلًا كَانَ أَوْ امْرَأَةً (مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا شَرْحُ م ر قَوْلُهُ: (عَلَى الْمَوْطُوءِ فِي دُبُرِهِ) رَجُلًا أَوْ امْرَأَةً اهـ ز ي (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُتَوَقَّى الْوَجْهُ) كَلَامُهُ كَشَيْخِنَا يَقْتَضِي أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ وَالْمُعْتَمَدُ وُجُوبُ ذَلِكَ ح ل وَقَالَ ع ش عَلَى م ر إنَّهُ مَنْدُوبٌ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَالْأَوْلَى أَنَّهُ لَا يَبْعُدُ عَنْهُ أَيْ الْمَرْجُومِ فَيُخْطِئُهُ وَلَا يَدْنُو مِنْهُ فَيُؤْلِمُهُ أَيْ إيلَامًا يُؤَدِّي إلَى سُرْعَةِ التَّذْفِيفِ وَأَنْ يَتَوَقَّى الْوَجْهَ إذْ جَمِيعُ الْبَدَنِ مَحَلٌّ لِلرَّجْمِ، وَتُعْرَضُ عَلَيْهِ التَّوْبَةُ؛ لِأَنَّهَا خَاتِمَةُ أَمْرِهِ، وَمَعَ ذَلِكَ إذَا تَابَ لَا يَسْقُطُ عَنْهُ الْحَدُّ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُقَيَّدُ) وَيُجَابُ إنْ طَلَبَ شُرْبًا لَا أَكْلًا وَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُ بِنَحْوِ سَيْفٍ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ بِهِ التَّنْكِيلُ بِالرَّجْمِ ز ي (قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي مَرَضٍ) نَعَمْ تُؤَخَّرُ لِوَضْعِ الْحَمْلِ أَوْ الْفِطَامِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْجِرَاحِ س ل فَلَوْ أُقِيمَ عَلَيْهَا الْحَدُّ حَرُمَ وَاعْتُدَّ بِهِ وَلَا شَيْءَ فِي الْحَمْلِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ حَيَاتُهُ وَهُوَ إنَّمَا يَضْمَنُ بِالْغُرَّةِ إذَا انْفَصَلَ فِي حَيَاةِ أُمِّهِ وَأَمَّا وَلَدُهَا إذَا مَاتَ لِعَدَمِ مَنْ يُرْضِعُهُ فَيَنْبَغِي ضَمَانُهُ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ أُمِّهِ أَتْلَفَ مَا هُوَ غِذَاءٌ لَهُ أَخْذًا مِمَّا قَالُوهُ فِيمَا لَوْ ذَبَحَ شَاةً فَمَاتَ وَلَدُهَا ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: لَا يُحْفَرُ لَهُ) ظَاهِرُ كَلَامِهِ امْتِنَاعُ الْحَفْرِ لَهُ لَكِنْ جَرَى فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَلَى التَّخْيِيرِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: الْغَامِدِيَّةِ) بَالِغِينَ الْمُعْجَمَةِ نِسْبَةً إلَى قَبِيلَةٍ يُقَالُ لَهَا بَنُو غَامِدٍ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ قَالَ خ ط: اسْمُهَا سُبَيْعَةُ وَقِيلَ أُمَيَّةُ
[تَعْرِيفُ الْمُحْصَنُ]
(قَوْلُهُ: مُكَلَّفٌ) أَيْ وَإِنْ طَرَأَ تَكْلِيفُهُ أَثْنَاءَ الْوَطْءِ فَاسْتَدَامَهُ وَمَعْنَى اشْتِرَاطِ التَّكْلِيفِ فِي الْإِحْصَانِ بَعْدَ اشْتِرَاطِهِ فِي مُطْلَقِ وُجُوبِ الْحَدِّ أَنَّ حَذْفَهُ يُوجِبُ اشْتِرَاطَهُ لِوُجُوبِ الْحَدِّ لَا لِتَسْمِيَتِهِ مُحْصَنًا فَبَيَّنَ بِتَكْرِيرِهِ أَنَّهُ شَرْطٌ فِيهِمَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِقُبُلٍ) مُتَعَلِّقٌ بِالْعَامِلَيْنِ قَبْلَهُ وَالْبَاءُ مُسْتَعْمَلَةٌ فِي التَّعَدِّيَةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْأَوَّلِ وَفِي الظَّرْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلثَّانِي شَيْخُنَا وَهَذَا غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ قَدَّرَ الْمُتَعَلِّقَ لَهُمَا بِقَوْلِهِ بِذَكَرٍ وَالْبَاءُ فِيهِ لِلتَّعَدِّيَةِ فَالَأَوْلَى أَنْ تَكُونَ الْبَاءُ فِي الْمَتْنِ لِلظَّرْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِكُلٍّ مِنْ الْعَامِلَيْنِ أَيْ وَطِئَ فِي قُبُلٍ أَوْ وُطِئَتْ فِي قُبُلٍ وَيَكُونُ مُحْتَرَزُ الظَّرْفِيَّةِ بِالنِّسْبَةِ لِلْعَامِلَيْنِ مَا لَوْ وَطِئَ أَوْ وُطِئَتْ فِي دُبُرٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِنَاقِصٍ) الْبَاءُ لِلظَّرْفِيَّةِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَطِئَ وَلِلْآلَةِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وُطِئَتْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ بِهِ) أَيْ بِالْوَطْءِ وَهَذَا التَّعْلِيلُ يَأْتِي فِي وَطْءِ أَمَتِهِ الْأَجْنَبِيَّةِ مَعَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ بِهِ مُحْصَنًا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى قَضَى شَهْوَتَهُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ (قَوْلُهُ: وَبِمَا تَقَرَّرَ) هَلَّا قَالَ وَخَرَجَ بِمَا ذُكِرَ الْوَطْءُ بِمِلْكِ الْيَمِينِ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَالْحَدُّ لِبِكْرٍ إلَخْ) وَإِنَّمَا جُعِلَتْ عُقُوبَةُ الزِّنَا بِمَا ذُكِرَ وَلَمْ تُجْعَلْ بِقَطْعِ آلَةِ الزِّنَا كَالسَّارِقِ تُقْطَعُ يَدُهُ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَطْعِ النَّسْلِ؛ وَلِأَنَّ قَطْعَ آلَةِ السَّرِقَةِ يَعُمُّ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى وَقَطْعَ الذَّكَرِ يَخُصُّ الرَّجُلَ؛ وَلِأَنَّ الذَّكَرَ لَا ثَانِيَ لَهُ بِخِلَافِ الْيَدِ س ل.
[فَرْعٌ]
لَوْ زَنَى بِكْرٌ وَلَمْ يُحَدَّ ثُمَّ زَنَى وَهُوَ مُحْصَنٌ هَلْ يُحَدُّ ثُمَّ يُرْجَمُ أَوْ يُرْجَمُ فَقَطْ؟ الرَّاجِحُ أَنَّهُ يُحَدُّ ثُمَّ يُرْجَمُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ التَّغْرِيبُ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مِائَةُ جَلْدَةٍ) وَالْعِبْرَةُ فِي قَدْرِ الْجَلْدِ بِوَقْتِ الْوُجُوبِ حَتَّى لَوْ زَنَى وَهُوَ حُرٌّ ثُمَّ رُقَّ حُدَّ مِائَةَ جَلْدَةٍ وَكَذَا لَوْ زَنَى وَهُوَ رَقِيقٌ ثُمَّ عَتَقَ حُدَّ خَمْسِينَ لَا مِائَةً ز ي وَسَيَأْتِي لِلشَّارِحِ التَّنْبِيهُ عَلَى هَذَا فِي حَدِّ الْقَذْفِ حَيْثُ قَالَ هُنَاكَ وَالنَّظَرُ فِي الْحُرِّيَّةِ وَالرِّقِّ إلَى حَالَةِ الْقَذْفِ إلَخْ فَلَوْ ذَكَرَهُ هُنَا وَأَحَالَ عَلَيْهِ مَا يَأْتِي كَانَ أَفْيَدَ وَسُمِّيَ الْجَلْدُ جَلْدًا لِوُصُولِهِ لِلْجِلْدِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَتَغْرِيبُ عَامٍ) عَبَّرَ بِالتَّغْرِيبِ لِيُفِيدَ بِهِ اعْتِبَارَ فِعْلِ
وَلَاءً لِآيَةِ {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي} [النور: 2] مَعَ أَخْبَارِ الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا الْمَزِيدِ فِيهِمَا التَّغْرِيبُ عَلَى الْآيَةِ (لِمَسَافَةِ قَصْرٍ) ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إيحَاشُهُ بِالْبُعْدِ عَنْ الْأَهْلِ وَالْوَطَنِ.
(فَأَكْثَرَ) إنْ رَآهُ الْإِمَامُ؛ لِأَنَّ عُمَرَ غَرَّبَ إلَى الشَّامِ وَعُثْمَانَ إلَى مِصْرَ وَعَلِيًّا إلَى الْبَصْرَةِ فَلَا يَكْفِي تَغْرِيبُهُ إلَى مَا دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ إذْ لَا يَتِمُّ الْإِيحَاشُ الْمَذْكُورُ بِهِ؛ لِأَنَّ الْأَخْبَارَ تَتَوَاصَلُ حِينَئِذٍ وَلَا تَرْتِيبَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَلْدِ لَكِنَّ تَأْخِيرَهُ عَنْ الْجَلْدِ أَوْلَى
(وَيَجِبُ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ)(لِحَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ) إلَى اعْتِدَالِ الْوَقْتِ (وَمَرَضٍ إنْ رُجِيَ بُرْؤُهُ وَإِلَّا جُلِدَ بِعِثْكَالٍ) بِكَسْرِ الْعَيْنِ أَشْهُرُ مِنْ فَتْحِهَا وَبِالْمُثَلَّثَةِ أَيْ عُرْجُونٍ (عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنٍ وَنَحْوُهُ) كَأَطْرَافِ ثِيَابٍ (مَرَّةً فَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ خَمْسُونَ) غُصْنًا (فَمَرَّتَيْنِ) يُجْلَدُ بِهِ (مَعَ مَسِّ الْأَغْصَانِ لَهُ أَوْ انْكِبَاسٍ) لِبَعْضِهَا عَلَى بَعْضٍ لِيَنَالَهُ بَعْضُ الْأَلَمِ فَإِنْ انْتَفَى ذَلِكَ أَوْ شَكَّ فِيهِ لَمْ يَسْقُطْ الْحَدُّ وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ حَيْثُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَلَمٌ بِأَنَّهَا مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْعُرْفِ وَالضَّرْبُ غَيْرُ الْمُؤْلِمِ يُسَمَّى ضَرْبًا وَالْحُدُودُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الزَّجْرِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِالْإِيلَامِ (فَإِنْ بَرَأَ) بِفَتْحِ الرَّاءِ وَكَسْرِهَا بَعْدَ ضَرْبِهِ بِذَلِكَ (أَجْزَأَهُ) الضَّرْبُ بِهِ وَقَوْلِي وَنَحْوُهُ مِنْ زِيَادَتِي وَسَيَأْتِي فِي الصِّيَالِ أَنَّ الْإِمَامَ لَوْ جَلَدَ فِي حَرٍّ وَبَرْدٍ مُفْرِطَيْنِ وَمَرَضٍ يُرْجَى بُرْؤُهُ لَا ضَمَانَ عَلَيْهِ وَإِنْ وَجَبَ تَأْخِيرُ الْجَلْدِ عَنْهَا؛ لِأَنَّهُ تَلَفٌ بِوَاجِبٍ أُقِيمَ عَلَيْهِ وَفَارَقَ مَا لَوْ خَتَنَ الْإِمَامُ أَقْلَفَ فِيهَا فَمَاتَ بِأَنَّ الْجَلْدَ ثَبَتَ أَصْلًا وَقَدْرًا بِالنَّصِّ وَالْخِتَانُ قَدْرًا بِالِاجْتِهَادِ وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ وُجُوبِ التَّأْخِيرِ هُوَ الْمَذْهَبُ فِي الرَّوْضَةِ.
وَكَلَامُ الْأَصْلِ يَقْتَضِي أَنَّهُ سُنَّةٌ وَبِهِ جَزَمَ فِي الْوَجِيزِ (وَتَعْيِينُ الْجِهَةِ لِلْإِمَامِ) فَلَوْ عَيَّنَ لَهُ جِهَةً لَمْ يَعْدِلْ إلَى غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ اللَّائِقُ بِالزَّجْرِ
(وَيُغَرَّبُ غَرِيبٌ مِنْ بَلَدِ زِنَاهُ لَا لِبَلَدِهِ لَا لِدُونِ الْمَسَافَةِ مِنْهُ) أَيْ مِنْ بَلَدِهِ (وَ) يُغَرَّبُ (مُسَافِرٌ لِغَيْرِ مَقْصِدِهِ) وَيُؤَخَّرُ تَغْرِيبُ غَيْرِ الْمُتَوَطِّنِ حَتَّى يَتَوَطَّنَ وَقَوْلِي وَلَا لِدُونِ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ عَادَ) الْمُغَرَّبُ (لِمَحَلِّهِ) الْأَصْلِيِّ أَوْ الَّذِي غُرِّبَ مِنْهُ (أَوْ لِدُونِ الْمَسَافَةِ مِنْهُ جُدِّدَ) التَّغْرِيبُ مُعَامَلَةً لَهُ بِنَقِيضِ قَصْدِهِ وَقَوْلِي أَوْ لِدُونِ الْمَسَافَةِ مِنْهُ مِنْ زِيَادَتِي (فَرْعٌ)
زَنَى فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ غُرِّبَ إلَى غَيْرِهِ قَالَ ابْنُ كَجٍّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَيَدْخُلُ فِيهِ بَقِيَّةُ الْعَامِ الْأَوَّلِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْحَاكِمِ فِيهِ فَلَوْ غَرَّبَ نَفْسَهُ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ لِانْتِفَاءِ التَّنْكِيلِ، وَابْتِدَاءُ الْعَامِ مِنْ أَوَّلِ السَّفَرِ وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي مُضِيِّ عَامٍ عَلَيْهِ حَيْثُ لَا بَيِّنَةَ وَيَحْلِفُ نَدْبًا إنْ اُتُّهِمَ لِبِنَاءِ حَقِّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُسَامَحَةِ، وَتُغَرَّبُ الْمُعْتَدَّةُ شَرْحُ م ر وَالْأَوْجَهُ أَنَّ أَجِيرَ الْعَيْنِ وَلَوْ حُرًّا لَا يُغَرَّبُ إنْ تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْغُرْبَةِ كَمَا لَا يُحْبَسُ لِغَرِيمِهِ إذَا تَعَذَّرَ عَمَلُهُ فِي الْحَبْسِ بَلْ أَوْلَى اهـ. حَجّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ أَيْ الْحَبْسَ حَقُّ آدَمِيٍّ وَهَذَا أَيْ التَّغْرِيبُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى س ل فَإِذَا سَقَطَ حَقُّ الْآدَمِيِّ سَقَطَ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: عَامٍ) أَيْ سَنَةٍ هِلَالِيَّةٍ شَرْحُ م ر.
وَيُشْتَرَطُ كَوْنُ الطَّرِيقِ وَالْمَقْصِدِ آمِنًا كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ فِي نَظَائِرِهِ وَأَنْ لَا يَكُونَ بِالْبَلَدِ طَاعُونٌ لِحُرْمَةِ دُخُولِهِ شَرْحُ م ر. وَمِثْلُ الدُّخُولِ الْخُرُوجُ حَيْثُ كَانَ وَاقِعًا فِي نَوْعِهِ ع ش (قَوْلُهُ: وَلَاءً) رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ قَوْلِهِ مِائَةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ (قَوْلُهُ: لِمَسَافَةِ قَصْرٍ) وَيَلْزَمُهُ الْإِقَامَةُ فِيمَا غُرِّبَ إلَيْهِ لِيَكُونَ لَهُ كَالْحَبْسِ وَلَهُ اسْتِصْحَابُ أَمَةٍ يَتَسَرَّى بِهَا دُونَ أَهْلِهِ وَعَشِيرَتِهِ إلَّا مَنْ خُشِيَ ضَيَاعُهُ مِنْهُمْ وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمَا عَدَمُ تَمْكِينِهِ مِنْ حَمْلِ مَا زَادَ عَلَى نَفَقَتِهِ وَهُوَ مُتَّجَهٌ خِلَافًا لِلْمَاوَرْدِيِّ وَلَا يُقَيَّدُ إلَّا إنْ خِيفَ مِنْ رُجُوعِهِ وَلَمْ تُفِدْ فِيهِ الْمُرَاقَبَةُ أَوْ مِنْ تَعَرُّضِهِ لِإِفْسَادِهِ النِّسَاءَ مَثَلًا أَوْ الْغِلْمَانَ، وَأَخَذَ مِنْهُ بَعْضُ الْمُتَأَخِّرِينَ أَنَّ كُلَّ مَنْ تَعَرَّضَ لِإِفْسَادِ النِّسَاءِ أَوْ الْغِلْمَانِ أَيْ وَلَمْ يَنْزَجِرْ إلَّا بِحَبْسِهِ يُحْبَسُ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ نَفِيسَةٌ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَالَ ز ي لَهُ أَخْذُ زَوْجَتِهِ فَهِيَ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ الْأَهْلِ وَلَهُ أَخْذُ مَالٍ يَتَّجِرُ فِيهِ انْتَهَى
. (قَوْلُهُ: لِحَرٍّ وَبَرْدٍ) وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ وَالرُّويَانِيُّ مَنْ بِبَلَدٍ لَا يَنْفَكُّ حَرُّهُ أَوْ بَرْدُهُ فَلَا يُؤَخَّرُ وَلَا يُنْقَلُ لِمُعْتَدِلِهِ لِتَأْخِيرِ الْحَدِّ وَالْمَشَقَّةِ اهـ. م ر (قَوْلُهُ: بِعِثْكَالٍ) وَلَا يُطْلَقُ إلَّا عَلَى شَمَارِيخِ النَّخْلِ مَا دَامَ رَطْبًا فَإِذَا يَبِسَ فَهُوَ عُرْجُونٌ كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ فَتَفْسِيرُ الشَّارِحِ لَهُ بِالْعُرْجُونِ فِيهِ مُسَامَحَةٌ أَوْ تَفْسِيرٌ مَجَازِيٌّ؛ لِأَنَّهُ يَئُولُ إلَى كَوْنِهِ عُرْجُونًا (قَوْلُهُ: أَشْهَرُ مِنْ فَتْحِهَا) وَيُقَالُ لَهُ عُثْكُولٌ بِضَمِّ الْعَيْنِ (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ الْأَيْمَانَ إلَخْ) عِبَارَتُهُ هُنَاكَ مَتْنًا أَوْ شَرْحًا أَوْ لَيَضْرِبَنَّهُ مِائَةَ سَوْطٍ أَوْ خَشَبَةٍ فَضَرَبَهُ ضَرْبَةً بِمِائَةٍ مَشْدُودَةٍ مِنْ السِّيَاطِ فِي الْأُولَى أَوْ مِنْ الْخَشَبِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ ضَرَبَهُ ضَرْبَةً فِي الثَّانِيَةِ بِعِثْكَالٍ عَلَيْهِ مِائَةُ غُصْنِ بَرَّ، وَإِنْ شَكَّ فِي إصَابَةِ الْكُلِّ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ وَهُوَ إصَابَةُ الْكُلِّ، وَخَالَفَ نَظِيرَهُ فِي حَدِّ الزِّنَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ الْإِيلَامِ بِالْكُلِّ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ وَهُنَا الِاسْمُ وَقَدْ وُجِدَا هـ.
(قَوْلُهُ: أَجْزَأَهُ الضَّرْبُ بِهِ) وَفَارَقَ مَعْضُوبًا حُجَّ عَنْهُ ثُمَّ شُفِيَ بِأَنَّ الْحُدُودَ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الدَّرْءِ وَقِيَاسُهُ أَنَّهُ لَوْ بَرِئَ فِي أَثْنَاءِ ذَلِكَ كَمَّلَ حَدَّ الْأَصِحَّاءِ وَاعْتَدَّ بِمَا مَضَى شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَالْخِتَانُ قَدْرًا بِالِاجْتِهَادِ) أَيْ فَإِذَا فَعَلَهُ فِي شِدَّةِ الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ ضَمِنَهُ وَيَضْمَنُ النِّصْفَ لَا الْجَمِيعَ عَلَى الْأَصَحِّ كَذَا فِي شَرْحِ الْبَهْجَةِ لِلشَّارِحِ أَيْ: لِأَنَّ أَصْلَ الْخِتَانِ وَاجِبٌ وَالْهَلَاكُ حَصَلَ مِنْ مُسْتَحِقٍّ وَمِنْ غَيْرِهِ وَهُوَ وُقُوعُهُ فِي الْحَرِّ أَوْ الْبَرْدِ س ل (قَوْلُهُ: وَتَعْيِينُ الْجِهَةِ لِلْإِمَامِ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عَقِبَ قَوْلِهِ وَتَغْرِيبُ عَامٍ لِمَسَافَةِ قَصْرٍ فَأَكْثَرَ كَمَا صَنَعَ الْأَصْلُ
(قَوْلُهُ: جُدِّدَ) وَلَا يَتَعَيَّنُ التَّغْرِيبُ لِلْبَلَدِ الَّذِي غُرِّبَ إلَيْهِ س ل