الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فِيهِ حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً كَأَنْ رَمَاهُ فَقَدَّهُ نِصْفَيْنِ أَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا بِجُرْحٍ مُذَفَّفٍ أَوْ بِغَيْرِ مُذَفَّفٍ، وَلَمْ يُثَبِّتْهُ بِهِ ثُمَّ جَرَحَهُ ثَانِيًا فَمَاتَ حَالًا أَوْ أَدْرَكَهَا، وَذَبَحَهُ وَلَوْ بَعْدَ أَنْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا بِجُرْحٍ غَيْرِ مُذَفَّفٍ أَوْ تَرَكَ ذَبْحَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ كَأَنْ اشْتَغَلَ بِتَوْجِيهِهِ لِلْقِبْلَةِ أَوْ سَلَّ السِّكِّينَ فَمَاتَ قَبْلَ الْإِمْكَانِ، (حَلَّ) إجْمَاعًا فِي الصَّيْدِ وَلِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ فِي «الْبَعِيرِ بِالسَّهْمِ» وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ، وَرَوَيَا فِي خَبَرِ «أَبِي ثَعْلَبَةَ مَا أَصَبْتَ بِقَوْسِكَ فَاذْكُرْ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهِ وَكُلْ» (إلَّا عُضْوًا أَبَانَهُ) مِنْهُ (بِجُرْحٍ غَيْرِ مُذَفَّفٍ) أَيْ: غَيْرِ مُسْرِعٍ لِلْقَتْلِ فَلَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ أُبِينَ مِنْ حَيٍّ سَوَاءٌ أَذَبَحَهُ بَعْدَ الْإِبَانَةِ أَمْ جَرَحَهُ ثَانِيًا أَمْ تَرَكَ ذَبْحَهُ بِلَا تَقْصِيرٍ وَمَاتَ بِالْجُرْحِ وَمَا ذَكَرْتُهُ فِي صُورَةِ التَّرْكِ هُوَ مَا صَحَّحَهُ فِي الشَّرْحَيْنِ وَالرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ، الْأَصْلُ فِيهَا حِلُّ الْعُضْوِ أَيْضًا كَمَا لَوْ كَانَ الْجُرْحُ مُذَفَّفًا، أَمَّا لَوْ تَرَكَ ذَبْحَهُ بِتَقْصِيرٍ كَأَنْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ سِكِّينٌ أَوْ غُصِبَ مِنْهُ أَوْ عَلِقَ فِي الْغِمْدِ بِحَيْثُ يَعْسُرُ إخْرَاجُهُ أَوْ أَبَانَ مِنْهُ عُضْوًا بِجُرْحٍ غَيْرِ مُذَفَّفٍ، وَأَثْبَتَهُ بِهِ، ثُمَّ جَرَحَهُ وَمَاتَ فَلَا يَحِلُّ لِتَقْصِيرِهِ بِتَرْكِ حَمْلِ السِّكِّينِ، وَدَفْعِ غَاصِبِهِ وَبِعَدَمِ اسْتِصْحَابِ غِمْدٍ يُوَافِقُهُ وَبِتَرْكِ ذَبْحِهِ بَعْدَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ نَعَمْ رَجَّحَ الْبُلْقِينِيُّ الْحِلَّ فِيمَا لَوْ غُصِبَ بَعْدَ الرَّمْيِ أَوْ كَانَ الْغِمْدُ مُعْتَادًا غَيْرَ ضَيِّقٍ فَعَلِقَ لِعَارِضٍ.
(وَمَا تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ لِوُقُوعِهِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ حَلَّ بِجُرْحٍ مُزْهِقٍ، وَلَوْ بِسَهْمٍ) ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي مَعْنَى الْبَعِيرِ النَّادِّ (لَا بِجَارِحَةٍ) أَيْ: بِإِرْسَالِهَا فَلَا يَحِلُّ. [دَرْس] وَالْفَرْقُ أَنَّ الْحَدِيدَ يُسْتَبَاحُ بِهِ الذَّبْحُ مَعَ الْقُدْرَةِ بِخِلَافِ فِعْلِ الْجَارِحَةِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) شُرِطَ (فِي الْآلَةِ كَوْنُهَا مُحَدَّدَةً) بِفَتْحِ الدَّالِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ: ذَاتَ حَدٍّ (تَجْرَحُ كَحَدِيدٍ) أَيْ: كَمُحَدَّدٍ حَدِيدٍ (وَقَصَبٍ وَحَجَرٍ) وَرَصَاصٍ وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ (إلَّا عَظْمًا) كَسِنٍّ وَظُفُرٍ لِخَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «مَا أَنْهَرَ الدَّمَ وَذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
حَيْثُ إنَّهُمَا مُفَادَتَانِ بِتَسْلِيطِ النَّفْيِ عَلَى الْقَيْدِ فَقَطْ، وَالثَّانِيَةُ مُفَادَةٌ بِجِهَةِ أُخْرَى وَهِيَ تَسَلُّطُهُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَالْقَيْدِ. وَمَثَّلَ الشَّارِحُ لِلْأُولَى بِأَمْثِلَةٍ ثَلَاثَةٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ) اعْلَمْ أَنَّ الْحَيَاةَ الْمُسْتَقِرَّةَ، وَالْمُسْتَمِرَّةَ وَعَيْشَ الْمَذْبُوحِ عِبَارَاتٌ ثَلَاثٌ، تَقَعُ فِي كَلَامِهِمْ، وَيُحْتَاجُ لِلْفَرْقِ بَيْنَهَا فَأَمَّا الْمُسْتَمِرَّةُ فَهِيَ الْبَاقِيَةُ إلَى انْقِضَاءِ الْأَجَلِ إمَّا بِمَوْتٍ أَوْ قَتْلٍ، وَالْحَيَاةُ الْمُسْتَقِرَّةُ هِيَ أَنْ تَكُونَ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ وَمَعَهَا الْحَرَكَةُ الِاخْتِيَارِيَّةُ دُونَ الِاضْطِرَارِيَّةِ، كَالشَّاةِ إذَا أَخْرَجَ الذِّئْبُ حَشْوَتَهَا وَأَبَانَهَا. وَأَمَّا حَيَاةُ عَيْشِ الْمَذْبُوحِ فَهِيَ الَّتِي لَا يَبْقَى مَعَهَا إبْصَارٌ، وَلَا نُطْقٌ، وَلَا حَرَكَةٌ اخْتِيَارِيَّةٌ. اهـ. م ر شَوْبَرِيٌّ قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَمِنْ أَمَارَاتِ الْحَيَاةِ الْمُسْتَقِرَّةِ انْفِجَارُ الدَّمِ بَعْدَ قَطْعِ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ، وَالْأَصَحُّ الِاكْتِفَاءُ بِالْحَرَكَةِ الشَّدِيدَةِ أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَنْفَجِرْ دَمٌ فَالْجَمْعُ بَيْنَهُمَا لَيْسَ بِشَرْطٍ ع ش، فَإِنْ شَكَّ فِي حُصُولِهَا وَلَمْ يَتَرَجَّحْ ظَنٌّ حَرُمَ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يُثْبِتْهُ) أَيْ: لَمْ يُعْجِزْهُ. (قَوْلُهُ: بِالسَّهْمِ) أَيْ: الْمَقْتُولِ بِالسَّهْمِ.
(قَوْلُهُ: وَقِيسَ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ) لَا حَاجَةَ لِلْقِيَاسِ مَعَ الْخَبَرِ الَّذِي بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ عَامٌّ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: الْأَوْلَى تَأْخِيرُ هَذَا الْقِيَاسِ عَنْ الْخَبَرِ الْآتِي، وَيَقُولُ: وَقِيسَ بِمَا فِيهِمَا غَيْرُهُ فَيُقَاسُ بِمَا فِي الْأَوَّلِ غَيْرُ الْبَعِيرِ وَغَيْرُ السَّهْمِ وَيُقَاسُ بِمَا فِي الثَّانِي غَيْرُ الْقَوْسِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: إلَّا عُضْوًا) اسْتِثْنَاءً مِنْ الضَّمِيرِ فِي حِلٍّ أَيْ: حِلِّ جَمِيعِ أَجْزَائِهِ إلَّا عُضْوًا إلَخْ أَيْ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ (قَوْلُهُ: وَمَا ذَكَرْتُهُ إلَخْ) هُوَ الْمُعْتَمَدُ (قَوْلُهُ: أَمَّا لَوْ تَرَكَ ذَبْحَهُ إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ:، وَلَمْ يَتْرُكْ ذَبْحَهُ بِتَقْصِيرٍ وَمَثَّلَهُ بِأَرْبَعَةٍ أَمْثِلَةٍ لَكِنَّ الْمِثَالَ الرَّابِعَ وَإِنْ كَانَ مِنْ أَمْثِلَةِ مَفْهُومِ النَّفْيِ أَيْ: قَوْلُهُ: وَلَمْ يَتْرُكْ إلَخْ هُوَ أَيْضًا مَفْهُومُ الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْمِثَالِ الثَّالِثِ مِنْ أَمْثِلَةِ الصُّورَةِ الْأُولَى مِنْ صُوَرِ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَلَمْ يُثْبِتْهُ بِهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: أَوْ غُصِبَ مِنْهُ) أَيْ: قَبْلَ الرَّمْيِ م ر وَيُؤْخَذُ مِنْ الِاسْتِدْرَاكِ الْآتِي. (قَوْلُهُ: وَأَثْبَتَهُ بِهِ ثُمَّ جَرَحَهُ إلَخْ) أَيْ: لِأَنَّهُ إذَا أَثْبَتَهُ أَيْ: عَجَّزَهُ صَارَ قَادِرًا عَلَيْهِ فَيَكُونُ تَرْكُ ذَبْحِهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ بِتَقْصِيرٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ الرَّمْيِ)، وَالْمَعِيَّةُ مُلْحَقَةٌ بِالْبَعْدِيَّةِ م ر ع ش. (قَوْلُهُ: لِعَارِضٍ) أَيْ: بَعْدَ الرَّمْيِ حَجّ.
. (قَوْلُهُ: وَمَا تَعَذَّرَ ذَبْحُهُ) أَيْ: بِأَنْ لَمْ يُمْكِنْهُ قَطْعُ حُلْقُومِهِ أَمَّا إذَا أَمْكَنَهُ ذَلِكَ بِأَنْ كَانَ مَوْضِعُ الذَّبْحِ ظَاهِرًا فَلَا تَصِحُّ ذَكَاتُهُ إلَّا فِي حَلْقٍ أَوْ لَبَّةٍ س ل. (قَوْلُهُ: لِوُقُوعِهِ فِي نَحْوِ بِئْرٍ) وَلَوْ تَرَدَّى بَعِيرٌ فَوْقَ بَعِيرٍ فَغَرَزَ رُمْحًا فِي الْأَوَّلِ حَتَّى نَفَذَ مِنْهُ إلَى الثَّانِي حَلَّا وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالثَّانِي، قَالَهُ الْقَاضِي، فَإِنْ مَاتَ الْأَسْفَلُ بِثِقَلِ الْأَعْلَى لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ دَخَلَتْ الطَّعْنَةُ إلَيْهِ وَشَكَّ هَلْ مَاتَ بِهَا أَوْ بِالثِّقَلِ لَمْ يَحِلَّ؟ خ ط س ل. (قَوْلُهُ: مَعَ الْقُدْرَةِ) أَيْ: فَيُسْتَبَاحُ بِهِ مَعَ الْعَجْزِ بِخِلَافِ الْجَارِحَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَبَاحُ بِهَا إلَّا مَعَ الْعَجْزِ ز ي.
[شُرُوط ألة الذَّبْح]
. (قَوْلُهُ: وَشُرِطَ فِي الْآلَةِ) شُرُوعٌ فِي آلَةِ الذَّبْحِ، وَالصَّيْدِ ز ي. (قَوْلُهُ: وَذَهَبٍ وَفِضَّةٍ) أَيْ: وَخُبْزٍ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا مِنْ جِهَةِ تَنْجِيسِهِ بِالدَّمِ ز ي، وَح ل وَقَوْلُهُ: وَخُبْزٍ أَيْ: إذَا كَانَ مُحَدَّدًا، كَمَا هُوَ الْفَرْضُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مِنْ الْمُحَدَّدِ مَا لَوْ ذُبِحَ بِخَيْطٍ يُؤَثِّرُ مُرُورُهُ عَلَى حَلْقِ نَحْوِ الْعُصْفُورِ وَقَطْعِهِ كَتَأْثِيرِ السِّكِّينِ فِيهِ فَيَحِلُّ الْمَذْبُوحُ بِهِ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِالْمِنْشَارِ الْمَعْرُوفِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا عَظْمًا) نَهْيُهُ صلى الله عليه وسلم عَنْ التَّذْكِيَةِ بِالْعَظْمِ إمَّا لِلتَّعَبُّدِ وَمَالَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَإِمَّا؛ لِأَنَّ الْعَظْمَ يَنْجُسُ بِالدَّمِ وَقَدْ نَهَى عَنْ تَنْجِيسِهِ بِالِاسْتِنْجَاءِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ زَادُ مُؤْمِنِي الْجِنِّ سم وز ي. (قَوْلُهُ: وَظُفُرٍ) مُقْتَضَاهُ أَنَّ الظُّفُرَ مِنْ الْعَظْمِ مَعَ أَنَّهُ قِيلَ: إنَّهُ مِنْ الْعَصَبِ.
(قَوْلُهُ: مَا أَنْهَرَ الدَّمَ) أَيْ: أَسَالَهُ
عَلَيْهِ فَكُلُوهُ لَيْسَ السِّنَّ وَالظُّفُرَ» وَأُلْحِقَ بِهِمَا بَاقِي الْعِظَامِ، وَمَعْلُومٌ مِمَّا يَأْتِي أَنَّ مَا قَتَلَتْهُ الْجَارِحَةُ بِظُفُرِهَا أَوْ نَابِهَا حَلَالٌ، فَلَا حَاجَةَ لِاسْتِثْنَائِهِ.
(فَلَوْ قَتَلَ بِثِقَلِ غَيْرِ جَارِحَةٍ) مِنْ مُثَقَّلٍ (كَبُنْدُقَةٍ) وَسَوْطٍ وَأُحْبُولَةٍ خَنَقَتْهُ وَهِيَ مَا تُعْمَلُ مِنْ الْحِبَالِ لِلِاصْطِيَادِ (وَ) مِنْ مُحَدَّدٍ مِثْلِ (مُدْيَةٍ كَآلَةٍ أَوْ) قَتَلَ (بِمُثَقَّلٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ الْمُشَدَّدَةِ (وَمُحَدَّدٍ كَبُنْدُقَةٍ وَسَهْمٍ) وَكَسَهْمٍ جَرَحَ صَيْدًا فَوَقَعَ بِجَبَلٍ أَوْ نَحْوِهِ، ثُمَّ سَقَطَ مِنْهُ وَمَاتَ (حَرُمَ) فِيهِمَا تَغْلِيبًا لِلْمُحَرَّمِ فِي الثَّانِيَةِ وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ} [المائدة: 3] أَيْ: الْمَقْتُولَةُ ضَرْبًا فِي الْأُولَى بِنَوْعَيْهَا، أَمَّا الْمَقْتُولُ بِثِقْلِ الْجَارِحَةِ فَكَالْمَقْتُولِ بِجُرْحِهَا كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي أَيْضًا.
(لَا إنْ جَرَحَهُ سَهْمٌ فِي هَوَاءٍ وَأَثَّرَ) فِيهِ (فَسَقَطَ بِأَرْضٍ وَمَاتَ أَوْ قُتِلَ بِإِعَانَةِ رِيحٍ لِلسَّهْمِ) فَلَا يَحْرُمُ؛ لِأَنَّ السُّقُوطَ عَلَى الْأَرْضِ وَهُبُوبَ الرِّيحِ لَا يُمْكِنُ التَّحَرُّزُ مِنْهُمَا، وَخَرَجَ بِجُرْحِهِ وَأَثَّرَ مَا لَوْ أَصَابَهُ السَّهْمُ فِي الْهَوَاءِ بِلَا جُرْحٍ كَكَسْرِ جَنَاحٍ أَوْ جَرَحَهُ وَلَمْ يُؤَثِّرْ فِيهِ فَيَحْرُمُ، فَتَعْبِيرِي بِجَرَحَهُ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَصَابَهُ وَقَوْلِي: وَأَثَّرَ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ كَوْنُهَا) أَيْ: الْآلَةِ (فِي غَيْرِ مَقْدُورٍ) عَلَيْهِ (جَارِحَةَ سِبَاعٍ أَوْ طَيْرٍ كَكَلْبٍ وَفَهْدٍ وَصَقْرٍ مُعَلَّمَةٍ) قَالَ تَعَالَى {أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ} [المائدة: 4] أَيْ: صَيْدُهُ وَتَعَلُّمُهَا (بِأَنْ تَنْزَجِرَ بِزَجْرِهِ) فِي ابْتِدَاءِ الْأَمْرِ وَبَعْدَهُ (وَتَسْتَرْسِلَ بِإِرْسَالٍ) أَيْ: تَهِيجُ بِإِغْرَاءٍ (وَتَمْسِكَ) مَا أُرْسِلَتْ عَلَيْهِ بِأَنْ لَا تُخَلِّيهِ يَذْهَبُ لِيَأْخُذَهُ الْمُرْسِلُ (وَلَا تَأْكُلَ مِنْهُ) أَيْ: مِنْ لَحْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ كَجِلْدِهِ وَحُشْوَتِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ، وَمَا ذَكَرْتُهُ مِنْ اشْتِرَاطِ جَمِيعِ هَذِهِ الْأُمُورِ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ وَجَارِحَةِ السِّبَاعِ هُوَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ كَمَا نَقَلَهُ الْبُلْقِينِيُّ كَغَيْرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَلَمْ يُخَالِفْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَصْحَابِ: وَكَلَامُ الْأَصْلِ كَالرَّوْضَةِ وَأَصْلُهَا، يُخَالِفُ ذَلِكَ حَيْثُ خَصَّهَا بِجَارِحَةِ السِّبَاعِ وَشَرَطَ فِي جَارِحَةِ الطَّيْرِ تَرْكَ الْأَكْلِ فَقَطْ (مَعَ تَكَرُّرٍ) لِذَلِكَ (يَظُنُّ بِهِ تَأَدُّبَهَا) وَمَرْجِعُهُ أَهْلُ الْخِبْرَةِ بِالْجَوَارِحِ وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّهُ لَا يَضُرُّ تَنَاوُلُهَا الدَّمَ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَتَنَاوَلْ مَا هُوَ مَقْصُودُ الْمُرْسِلِ.
(وَلَوْ تَعَلَّمَتْ، ثُمَّ أَكَلَتْ مِنْ صَيْدٍ) أَيْ: مِنْ لَحْمِهِ أَوْ نَحْوِهِ قَبْلَ قَتْلِهِ أَوْ عَقِبَهُ، فَقَوْلِي: مِنْ صَيْدٍ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ: مِنْ لَحْمِ صَيْدٍ (حَرُمَ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم فِي خَبَرِ الشَّيْخَيْنِ «عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ فَإِنْ أَكَلَ فَلَا تَأْكُلْ» ، وَأَمَّا قَوْلُهُ: فِي خَبَرٍ أَبِي دَاوُد عَنْ «أَبِي ثَعْلَبَةَ كُلْ وَإِنْ أَكَلَ مِنْهُ» فَأُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ فِي رِجَالِهِ مَنْ تُكُلِّمَ فِيهِ وَإِنْ صَحَّ حُمِلَ عَلَى مَا إذَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: عَلَيْهِ) أَيْ: عَلَى مَذْبُوحِهِ أَوْ الْمُنْهَرِ الْمَأْخُوذِ مِنْ أَنْهَرَ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَكُلُوهُ أَيْ الْمُنْهَرَ بِفَتْحِ الْهَاءِ. (قَوْلُهُ: لَيْسَ السِّنَّ) أَيْ: لَيْسَ الْمُنْهَرَ الْمَفْهُومَ مِنْ أَنْهَرَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ فَاعِلِ " أَنْهَرَ " الْمُسْتَتِرِ فِيهِ، وَالْإِنْهَارُ الْإِسَالَةُ فَشَبَّهَ سَيَلَانَ الدَّمِ بِجَرْيِ الْمَاءِ فِي النَّهْرِ، كَمَا فِي ع ش قَالَ م ر: أَمَّا السِّنُّ فَعَظْمٌ وَأَمَّا الظُّفُرُ فَمُدَى الْحَبَشَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ: بَاقِي الْعِظَامِ) وَهَلْ مِنْهَا الْمَحَارُ. اهـ. ح ل قَالَ ع ش عَلَى م ر: وَظَاهِرُ كَلَامِهِ دُخُولُ الصَّدَفِ فِي الْعِظَامِ وَهُوَ الْمَحَارُ الْمَعْرُوفُ، وَيَنْبَغِي الِاكْتِفَاءُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى عَظْمًا.
. (قَوْلُهُ: كَبُنْدُقَةٍ) وَأَفْتَى ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِحُرْمَةِ الرَّمْيِ بِالْبُنْدُقِ وَبِهِ صَرَّحَ فِي الذَّخَائِرِ وَلَكِنْ أَفْتَى النَّوَوِيُّ بِجَوَازِهِ وَقَيَّدَهُ بَعْضُهُمْ بِمَا إذَا كَانَ الصَّيْدُ لَا يَمُوتُ مِنْهُ غَالِبًا كَالْإِوَزِّ، فَإِنْ مَاتَ كَالْعَصَافِيرِ فَيَحْرُمُ، فَلَوْ أَصَابَتْهُ الْبُنْدُقَةُ فَذَبَحَتْهُ بِقُوَّتِهَا أَوْ قَطَعَتْ رَقَبَتَهُ حَرُمَ. اهـ. وَهَذَا التَّفْصِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي، قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّيْخُ س ل: فَإِنْ اُحْتُمِلَ وَاحْتُمِلَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْرُمَ، وَالْكَلَامُ فِي الْبُنْدُقِ الْمَصْنُوعِ مِنْ الطِّينِ وَمُثُلُهُ الرَّصَاصُ مِنْ غَيْرِ نَارٍ، أَمَّا مَا يُصْنَعُ مِنْ الْحَدِيدِ وَيُرْمَى بِالنَّارِ فَحَرَامٌ مُطْلَقًا. اهـ. أَيْ: مَا لَمْ يَكُنْ الرَّامِي بِهِ حَاذِقًا وَقَصَدَ جَنَاحَهُ لِإِزْمَانِهِ وَأَصَابَهُ.
(قَوْلُهُ: وَأُحْبُولَةٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَالَّةٍ) عِبَارَةُ الزَّرْكَشِيّ إذَا ذُبِحَتْ بِالتَّحَامُلِ الْخَارِجِ عَنْ الْمُعْتَادِ لَمْ تَحِلَّ؛ لِأَنَّ الْقَطْعَ حَصَلَ بِقُوَّتِهِ لَا بِهَا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ سَقَطَ) أَيْ: وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ فَإِنْ أَنْهَاهُ السَّهْمُ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ حَلَّ، وَإِنْ سَقَطَ إلَى الْأَرْضِ، وَلَا أَثَرَ لِصَدْمَةِ الْجَبَلِ مَثَلًا وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ: ثُمَّ سَقَطَ، عَمَّا إذَا تَحَوَّلَ مِنْ جَنْبٍ إلَى جَنْبٍ فَإِنَّهُ يَحِلُّ بِلَا خِلَافٍ خ ط س ل.
(قَوْلُهُ:، وَالْمُنْخَنِقَةُ) دَلِيلٌ لِقَوْلِهِ: وَأُحْبُولَةٍ، وَقَوْلُهُ:، وَالْمَوْقُوذَةُ دَلِيلٌ لِلْبُنْدُقَةِ، وَالسَّوْطِ. (قَوْلُهُ:، كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي) أَيْ: مِنْ عُمُومِ مَا يَأْتِي وَهُوَ قَوْلُهُ: وَكَوْنُهَا جَارِحَةً إلَخْ وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ وَلَوْ تَحَامَلَتْ عَلَيْهِ فَقَتَلَتْهُ بِثِقَلِهَا حَلَّ فِي الْأَظْهَرِ.
(قَوْلُهُ: فَسَقَطَ بِأَرْضٍ) خَرَجَ " بِأَرْضٍ " سُقُوطُهُ بِمَاءٍ وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَ غَيْرَ طَيْرِ الْمَاءِ بِأَنْ وَقَعَ فِي بِئْرٍ فِيهَا مَاءٌ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا مَاءٌ، حَلَّ إنْ لَمْ يَصْدِمْ جُدْرَانَهَا، وَإِنْ كَانَ طَيْرَ الْمَاءِ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ فَإِنَّهُ يَحِلُّ سَوَاءٌ كَانَ الرَّامِي فِي الْمَاءِ أَوْ فِي الْبَرِّ سم، إذْ الْمَاءُ لَهُ كَالْأَرْضِ أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَغْمِسْهُ السَّهْمُ فِي الْمَاءِ أَوْ يَنْغَمِسُ بِثِقَلِهِ أَيْ: ثِقَلِ جُثَّتِهِ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ هُنَا، وَإِلَّا لَمْ يَحِلَّ وَلَوْ كَانَ خَارِجَهُ، ثُمَّ وَقَعَ فِيهِ فَوَجْهَانِ بِلَا تَرْجِيحٍ لِلشَّيْخَيْنِ أَقْوَاهُمَا التَّحْرِيمُ وَلَوْ كَانَ فِي هَوَاءِ الْبَحْرِ فَفِي التَّهْذِيبِ إنْ كَانَ الرَّامِي فِي سَفِينَةٍ، أَوْ فِي الْمَاءِ حَلَّ أَوْ فِي الْبَرِّ فَلَا، وَانْظُرْ الْفَرْقَ وَجَمِيعَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَنْتَهِ إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ، وَإِلَّا فَقَدْ تَمَّتْ ذَكَاتُهُ، وَلَا أَثَرَ لِمَا يَعْرِضُ بَعْدَهُ انْتَهَى تَصْحِيحُ ز ي وَنَقَلَ سم عَنْ م ر أَنَّ الْمُرَادَ بِطَيْرِ الْمَاءِ مَا يَكُونُ فِيهِ أَوْ فِي هَوَائِهِ حَالَةَ الرَّمْيِ بِجَعْلِ الْإِضَافَةِ عَلَى مَعْنَى " فِي ".
(قَوْلُهُ: أَيْ: تَهِيجُ بِإِغْرَاءٍ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {مُكَلِّبِينَ} [المائدة: 4] أَيْ: مُؤْتَمِرِينَ بِالْأَمْرِ مُنْتَهِينَ بِالنَّهْيِ، وَمِنْ لَازِمِ هَذَا أَنْ يَنْطَلِقَ بِانْطِلَاقِهِ حَجّ (قَوْلُهُ: وَحُشْوَتِهِ) بِالضَّمِّ، وَالْكَسْرِ أَمْعَاؤُهُ صِحَاحٌ.
(قَوْلُهُ: تَرَكَ الْأَكْلَ فَقَطْ) أَيْ: وَكَوْنُهَا تُسْتَرْسَلُ بِإِرْسَالٍ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي وَم ر.
. (قَوْلُهُ: ثُمَّ أَكَلَتْ مِنْ صَيْدٍ) أَيْ: وَقَدْ أَرْسَلَهَا مُعَلِّمُهَا فَلَوْ