الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَرْس] (فَصْلٌ)
فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ، وَمَنْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ قَتْلُهُ مِنْ الْكُفَّارِ وَمَا يَجُوزُ أَوْ يُسَنُّ فِعْلُهُ بِهِمْ (كُرِهَ غَزْوٌ بِلَا إذْنِ إمَامٍ) بِنَفْسِهِ أَوْ نَائِبِهِ؛ لِأَنَّهُ أَعْرَفُ بِمَا فِيهِ الْمَصْلَحَةُ نَعَمْ إنْ عَطَّلَ الْغَزْوَ وَأَقْبَلَ هُوَ وَجُنْدُهُ عَلَى الدُّنْيَا، أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُ إذَا اُسْتُؤْذِنَ لَمْ يَأْذَنْ أَوْ كَانَ الذَّهَابُ لِلِاسْتِئْذَانِ يُفَوِّتُ الْمَقْصُودَ لَمْ يُكْرَهْ، وَالْغَزْوُ لُغَةً: الطَّلَبُ لِأَنَّ الْغَازِيَ يَطْلُبُ إعْلَاءَ كَلِمَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَسُنَّ) لَهُ (أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَى سَرِيَّةٍ) وَهِيَ طَائِفَةٌ مِنْ الْجَيْشِ يَبْلُغُ أَقْصَاهَا أَرْبَعَمِائَةٍ (بَعَثَهَا وَ) أَنْ (يَأْخُذَ الْبَيْعَةَ عَلَيْهِمْ بِالثَّبَاتِ) عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ وَيَأْمُرَهُمْ بِطَاعَةِ الْأَمِيرِ، وَيُوصِيَهُ بِهِمْ لِلِاتِّبَاعِ.
(وَلَهُ) لَا لِغَيْرِهِ (اكْتِرَاءُ كُفَّارٍ) لِجِهَادٍ مِنْ خُمُسِ الْخُمُسِ بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ فَأَشْبَهُوا الدَّوَابَّ وَاغْتُفِرَ جَهْلُ الْعَمَلِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ الْقِتَالُ عَلَى مَا يُتَّفَقُ وَلِأَنَّ مُعَاقَدَةَ الْكُفَّارِ يُحْتَمَلُ فِيهَا مَا لَا يُحْتَمَلُ فِي مُعَاقَدَةِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنَّمَا لَمْ يَجُزْ لِغَيْرِ الْإِمَامِ اكْتِرَاؤُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ لِكَوْنِ الْجِهَادِ مِنْ
الْمَصَالِحِ
الْعَامَّةِ وَيُفَارِقُ اكْتِرَاءَهُ فِي الْأَذَانِ بِأَنَّ الْأَجِيرَ ثَمَّ مُسْلِمٌ، وَهُنَا كَافِرٌ لَا يُؤْتَمَنُ، وَخَرَجَ بِالْكُفَّارِ الْمُسْلِمُونَ فَلَا يَجُوزُ اكْتِرَاؤُهُمْ لِلْجِهَادِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِجَارَةِ وَتَعْبِيرِي بِكُفَّارٍ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِذِمِّيٍّ (وَ) لَهُ (اسْتِعَانَةٌ بِهِمْ) عَلَى كُفَّارٍ عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا (إنْ أَمِنَّاهُمْ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَالَ لِكَافِرٍ: أَطْلِقْ هَذَا الْأَسِيرَ وَعَلَيَّ كَذَا فَأَطْلَقَهُ لَزِمَهُ، وَلَا رُجُوعَ لَهُ بِهِ عَلَى الْأَسِيرِ مَا لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي إفْدَائِهِ، فَيَرْجِعُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ لَهُ الرُّجُوعَ، كَمَا عُلِمَ مِنْ آخِرِ بَابِ الضَّمَانِ شَرْحُ م ر
[فَصْلٌ فِي أَحْكَام تَتَعَلَّق بِالْغَزْوِ]
(فَصْلٌ: فِيمَا يُكْرَهُ مِنْ الْغَزْوِ إلَخْ) أَيْ: وَمَا يَتْبَعُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِ: وَسُنَّ أَنْ يُؤَمِّرَ عَلَى سَرِيَّةٍ إلَخْ وَمِنْ قَوْلِهِ: وَحَرُمَ انْصِرَافٌ إلَى آخِرِ الْفَصْلِ.
(قَوْلُهُ: كُرِهَ غَزْوٌ إلَخْ) أَيْ: لِلْمُتَطَوِّعَةِ وَأَمَّا الْمُرْتَزِقَةُ فَيَحْرُمُ بِغَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ شَرْحُ م ر وَز ي؛ لِأَنَّهُمْ مُرْصَدُونَ لِمُهِمَّاتٍ تَعْرِضُ لِلْإِسْلَامِ يَصْرِفُهُمْ الْإِمَامُ فِيهَا، فَهُمْ بِمَنْزِلَةِ الْأُجَرَاءِ شَرْحُ الرَّوْضِ. وَسَوَاءٌ فِي الْحُرْمَةِ عَطَّلَ الْإِمَامُ الْغَزْوَ أَمْ لَا، فَيَخُصُّ مَا يَأْتِي مِنْ عَدَمِ كَرَاهَةِ الْغَزْوِ بِغَيْرِ إذْنِهِ حِينَئِذٍ بِالْغُزَاةِ الْمُتَطَوِّعَةِ بِهِ. اهـ. ع ش عَلَى م ر وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ الْمُرْتَزِقَةُ كَغَيْرِهِمْ (قَوْلُهُ: إنْ عَطَّلَ الْغَزْوَ إلَخْ) ، وَيَنْبَغِي الْوُجُوبُ فِي هَذِهِ. اهـ. طب سم.
(قَوْلُهُ: لُغَةً: الطَّلَبُ) وَشَرْعًا: الْخُرُوجُ لِقِتَالِ الْكُفَّارِ ح ل (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْغَازِيَ) أَيْ: وَسُمِّيَ الْمُقَاتِلُ مُغَازِيًا؛ لِأَنَّ إلَخْ ع ش فَهُوَ عِلَّةٌ لِمَحْذُوفٍ أَوْ تَقْدِيرُهُ: وَسُمِّيَ الطَّلَبُ غَزْوًا؛ لِأَنَّ الْغَازِيَ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَسُنَّ لَهُ أَنْ يُؤَمِّرَ)، وَيَنْبَغِي وِفَاقًا لِطَلَبِ الْوُجُوبِ إذَا أَدَّى تَرْكُهُ إلَى التَّغْرِيرِ الظَّاهِرِيِّ الْمُؤَدِّي إلَى الضَّرَرِ الَّذِي يُخِلُّ بِالْحَرْبِ سم. قَالَ م ر فِي شَرْحِهِ: وَيُسَنُّ التَّأْمِيرُ لِجَمْعٍ قَصَدُوا سَفَرًا وَلَوْ قَصِيرًا وَتَجِبُ طَاعَةُ الْأَمِيرِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِمَا هُمْ فِيهِ قَالَ ع ش: أَيْ: بِأَنْ يُؤَمِّرُوا وَاحِدًا مِنْهُمْ عَلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: طَائِفَةٌ مِنْ الْجَيْشِ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهَا تَسْرِي بِاللَّيْلِ ز ي فَهِيَ فَعَيْلَةٌ بِمَعْنَى فَاعِلَةٍ يُقَالُ أَسْرَى وَسَرَى إذَا ذَهَبَ لَيْلًا قَالَهُ النَّوَوِيُّ.
(قَوْلُهُ: يَبْلُغُ أَقْصَاهَا) وَمَبْدَؤُهَا مِائَةٌ بَابِلِيٌّ وَقَالَ حَجّ: هِيَ مِنْ مِائَةٍ إلَى خَمْسِمِائَةٍ، فَمَا زَادَ مُنْسَرٍ إلَى ثَمَانِمِائَةٍ وَقَوْلُهُ: إلَى ثَمَانِمِائَةٍ هَذَا فِي اصْطِلَاحِ الْفُقَهَاءِ فَلَا يُنَافِي مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْمِصْبَاحِ أَنَّهُ مِنْ الْمِائَةِ إلَى الْمِائَتَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ اصْطِلَاحٌ لُغَوِيٌّ. اهـ.، فَمَا زَادَ " جَيْشٌ " إلَى أَرْبَعَةِ آلَافٍ، فَمَا زَادَ " جَحْفَلٌ " وَأَمَّا الْخَمِيسُ فَهُوَ الْجَيْشُ الْعَظِيمُ وَسُمِّيَ خَمِيسًا؛ لِأَنَّ لَهُ مَيْمَنَةٌ وَمَيْسَرَةٌ وَقَلْبًا وَأَمَامًا وَخَلْفًا وَقَوْلُهُ: إلَى خَمْسِمِائَةٍ، الْغَايَةُ فِي كَلَامِ حَجّ خَارِجَةٌ فَلَا يُنَافِي كَلَامَ الشَّارِحِ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَأْخُذَ الْبَيْعَةَ) بِفَتْحِ الْبَاءِ أَيْ: الْحَلِفَ بِاَللَّهِ فَيُحَلِّفُهُمْ الْإِمَامُ عَلَى أَنَّهُمْ يَثْبُتُونَ عَلَى الْجِهَادِ وَعَدَمِ الْفِرَارِ وَعَلَى أَنَّهُمْ يُطِيعُونَ الْأَمِيرَ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِشُرُوطِهِ الْآتِيَةِ) أَيْ: إنْ أَمِنَّاهُمْ وَقَاوَمْنَا الْفَرِيقَيْنِ فَأَطْلَقَ الْجَمْعَ عَلَى مَا فَوْقَ الْوَاحِدِ فَقَوْلُ الْمَتْنِ: إنْ أَمِنَّاهُمْ إلَخْ رَاجِعٌ لِكُلٍّ مِنْ الْأَكْثَرِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِالشُّرُوطِ مَا يَأْتِي فِي الْمَتْنِ وَالشَّارِحِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ ذَكَرَ شَرْطًا آخَرَ وَهُوَ قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ فَيَكُونُ الْجَمْعُ عَلَى حَقِيقَتِهِ.
(قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ عَنْهُمْ) هَلَّا وَقَعَ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّهُمْ مُخَاطَبُونَ بِالْفُرُوعِ. وَأَجَابَ سم بِأَنَّ الْفُرُوعَ الْمُخَاطَبِينَ بِهَا غَيْرُ الْجِهَادِ (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَقْصُودَ إلَخْ) جَوَابٌ بِالتَّسْلِيمِ وَعِبَارَةُ م ر لِلضَّرُورَةِ إذْ يُحْتَمَلُ فِي مُعَاقَدَةِ الْكُفَّارِ مَا لَا يُحْتَمَلُ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: اكْتِرَاءَهُ) أَيْ: غَيْرِ الْإِمَامِ مَعَ أَنَّ الْأَذَانَ مِنْ الْمَصَالِحِ الْعَامَّةِ. (قَوْلُهُ: الْمُسْلِمُونَ) وَلَوْ صِبْيَانًا وَعَبِيدًا وَنِسَاءً وَخَنَاثَى وَمَرْضَى وَتَعْلِيلُهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْهِمْ الْجِهَادُ بِحُضُورِ الصَّفِّ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ فِيهِ قُصُورًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْجِهَادُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ الِانْصِرَافُ كَمَا سَيَأْتِي ح ل (قَوْلُهُ: وَلَهُ اسْتِعَانَةٌ) أَيْ: فِي الْقِتَالِ وَغَيْرِهِ كَمَسْكِ الدَّوَابِّ بِأُجْرَةٍ أَوْ بِدُونِهَا فَهَذَا مِنْ عَطْفِ الْعَامِّ عَلَى الْخَاصِّ وَهَلْ لَنَا أَنْ نُمَكِّنَهُمْ مِنْ رُكُوبِ الْخَيْلِ عِنْدَ الِاسْتِعَانَةِ بِهِمْ لِلْقِتَالِ وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ تَمْكِينُهُمْ مِنْ رُكُوبِهَا لِلضَّرُورَةِ، كَمَا اسْتَظْهَرَهُ الْأَذْرَعِيُّ.
(قَوْلُهُ: عِنْدَ الْحَاجَةِ إلَيْهَا) أَيْ: إلَى الِاسْتِعَانَةِ قَالَ س ل أَيْ: مِنْ حَيْثُ كَثْرَةُ الْعَدَدِ لَا مِنْ حَيْثُ الْمُقَاوَمَةُ وَعَدَمُهَا اهـ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ فِي جَوَازِ الِاسْتِعَانَةِ احْتِيَاجُنَا لَهُمْ وَلَوْ لِنَحْوِ خِدْمَةٍ أَوْ قِتَالٍ لِقِلَّتِنَا، وَلَا يُنَافِي هَذَا اشْتِرَاطَ مُقَاوَمَتِنَا لِلْفَرِيقَيْنِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: لِأَنَّ الْمُرَادَ بِاشْتِرَاطِ الْمُقَاوَمَةِ لِلْفَرِيقَيْنِ قِلَّةُ الْمُسْتَعَانِ بِهِمْ حَتَّى لَا تَظْهَرَ كَثْرَةُ الْعَدُوِّ بِهِمْ لَوْ انْقَلَبُوا مَعَهُمْ. وَأَجَابَ الْبُلْقِينِيُّ بِأَنَّ الْعَدُوَّ إذَا كَانَ مِائَتَيْنِ وَنَحْنُ مِائَةٌ وَخَمْسُونَ فَفِينَا قِلَّةٌ بِالنِّسْبَةِ لِاسْتِوَاءِ الْعَدَدَيْنِ أَيْ: عَدَدِ الْمُسْلِمِينَ وَالْكُفَّارِ فَإِذَا اسْتَعَنَّا بِخَمْسِينَ، فَقَدْ اسْتَوَى الْعَدَدَانِ وَلَوْ انْحَازَ الْخَمْسُونَ إلَيْهِمْ أَمْكَنَنَا مُقَاوَمَتُهُمْ
بِأَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ بِحُسْنِ رَأْيِهِمْ فِينَا (وَقَاوَمْنَا الْفَرِيقَيْنِ) وَيَفْعَلُ بِالْمُسْتَعَانِ بِهِمْ مَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً مِنْ إفْرَادِهِمْ بِجَانِبِ الْجَيْشِ أَوْ اخْتِلَاطِهِمْ بِهِ بِأَنْ يُفَرِّقَهُمْ بَيْنَنَا.
(وَ) لَهُ اسْتِعَانَةٌ (بِعَبِيدٍ وَمُرَاهِقِينَ أَقْوِيَاءَ بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِمَا) مِنْ السَّادَةِ وَالْأَوْلِيَاءِ، نَعَمْ إنْ كَانَ الْعَبِيدُ مُوصًى بِمَنْفَعَتِهِمْ لِبَيْتِ الْمَالِ أَوْ مُكَاتَبِينَ كِتَابَةً صَحِيحَةً، لَمْ يُحْتَجْ إلَى إذْنِ السَّادَةِ وَفِي مَعْنَى الْعَبِيدِ الْمَدِينُ بِإِذْنِ الْغَرِيمِ وَالْوَلَدُ بِإِذْنِ الْأَصْلِ، وَفِي مَعْنَى الْمُرَاهِقِينَ النِّسَاءُ الْأَقْوِيَاءُ بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِنَّ.
(وَلِكُلٍّ) مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ (بَذْلُ أُهْبَةٍ) مِنْ سِلَاحٍ وَغَيْرِهِ مِنْ مَالِهِ أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ فِي حَقِّ الْإِمَامِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «مَنْ جَهَّزَ غَازِيًا فَقَدْ غَزَا» وَذِكْرُ الْأَمْنِ وَالْمُقَاوَمَةِ فِي الِاكْتِرَاءِ وَمَالِكِ الْأَمْرِ فِي الْمُرَاهِقِينَ وَغَيْرِ الْإِمَامِ فِي بَذْلِ الْأُهْبَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَكُرِهَ) لِغَازٍ (قَتْلُ قَرِيبٍ) لَهُ مِنْ الْكُفَّارِ لِمَا فِيهِ مِنْ قَطْعِ الرَّحِمِ (وَ) قَتْلُ قَرِيبٍ (مَحْرَمٍ أَشَدُّ) كَرَاهَةً مِنْ قَتْلِ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمَحْرَمَ أَعْظَمُ مِنْ غَيْرِهِ (إلَّا أَنْ يَسُبَّ اللَّهَ) تَعَالَى (أَوْ نَبِيَّهُ) صلى الله عليه وسلم بِأَنْ يَذْكُرَهُ بِسُوءٍ فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ تَقْدِيمًا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى وَحَقِّ نَبِيِّهِ. وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: إلَّا أَنْ يَسْمَعَهُ يَسُبَّ اللَّهَ أَوْ رَسُولَهُ.
(وَجَازَ قَتْلُ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى وَخُنْثَى قَاتَلُوا) فَإِنْ لَمْ يُقَاتِلُوا حَرُمَ قَتْلُهُمْ لِلنَّهْيِ فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ عَنْ قَتْلِ النِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَأُلْحِقَ الْمَجْنُونُ وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَالْخُنْثَى بِهِمَا وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ إطْلَاقُ الْأَصْلِ حُرْمَةَ قَتْلِهِمْ وَكَالْقِتَالِ السَّبُّ لِلْإِسْلَامِ أَوْ الْمُسْلِمِينَ، وَذِكْرُ مَنْ بِهِ رِقٌّ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) جَازَ قَتْلُ (غَيْرِهِمْ) وَلَوْ رَاهِبًا وَأَجِيرًا وَشَيْخًا وَأَعْمَى وَزَمِنًا، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِمْ قِتَالٌ وَلَا رَأْيٌ لِعُمُومِ قَوْله تَعَالَى {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 5] (لَا الرُّسُلِ) فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ لِجَرَيَانِ السُّنَّةِ بِذَلِكَ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) جَازَ (حِصَارُ كُفَّارٍ) فِي بِلَادٍ وَقِلَاعٍ وَغَيْرِهِمَا (وَقَتْلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ لَا بِحَرَمِ مَكَّةَ) كَإِرْسَالِ مَاءٍ عَلَيْهِمْ وَرَمْيِهِمْ بِنَارٍ وَمَنْجَنِيقٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِعَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى الضِّعْفِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُخَالِفُوا إلَخْ) لَيْسَ بِقَيْدٍ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُخَالِفُوا مُعْتَقَدَ الْعَدُوِّ كَالْيَهُودِ مَعَ النَّصَارَى، كَمَا قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: إنَّ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ يَدُلُّ عَلَى عَدَمِ اعْتِبَارِهِ. (قَوْلُهُ: وَقَاوَمْنَا الْفَرِيقَيْنِ) كَأَنْ كَانَ الْمُسْلِمُونَ مِائَةً وَخَمْسِينَ وَالْكُفَّارُ مِائَتَيْنِ فَإِذَا اسْتَعَانَ الْمُسْلِمُونَ بِخَمْسِينَ مِنْ الْكُفَّارِ جَازَ؛ لِأَنَّ الْخَمْسِينَ لَوْ انْضَمُّوا إلَى الْكُفَّارِ قَاوَمَهُمْ الْمُسْلِمُونَ لِعَدَمِ زِيَادَتِهِمْ عَلَى الضِّعْفِ وَحِينَئِذٍ يَنْدَفِعُ مَا يُقَالُ: كَيْفَ تَجْتَمِعُ الْحَاجَةُ مَعَ الْمُقَاوَمَةِ ح ل؟ أَيْ: لِأَنَّهُمْ إذَا قَلُّوا حَتَّى احْتَاجُوا لِمُعَاوَنَةِ إحْدَى الْفِرْقَتَيْنِ وَهِيَ الْخَمْسُونَ فَكَيْفَ يَقْدِرُونَ عَلَى مُقَاوَمَتِهِمَا لَوْ انْضَمَّتَا؟ وَحَاصِلُ الدَّفْعِ أَنَّ احْتِيَاجَنَا إلَى الْخَمْسِينَ لِأَجْلِ اسْتِوَاءِ الْعَدَدَيْنِ لَا لِأَجْلِ الْمُقَاوَمَةِ. وَأُجِيبُ أَيْضًا بِأَنَّ الشَّارِحَ يَعْتَبِرُ الْحَاجَةَ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ الْقِلَّةِ، وَالْحَاجَةُ قَدْ تَكُونُ لِلْخِدْمَةِ فَلَا يَتَنَافَى الشَّرْطَانِ كَمَا ذَكَرَهُ الْعِرَاقِيُّ ز ي مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ:، وَيَفْعَلُ) أَيْ وُجُوبًا ع ش.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَحْتَجْ إلَخْ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إذْنِهِمْ ز ي؛ لِأَنَّ رِقَابَهُمْ مَمْلُوكَةٌ لَهُمْ وَلِمَالِكِهَا غَرَضٌ فِي إبْقَائِهَا، وَلَهُ الِانْتِفَاعُ بِهَا بِنَحْوِ الثَّوَابِ بِعِتْقِهَا، وَفِي الِاسْتِعَانَةِ بِهَا فِي هَذَا الْأَمْرِ الْخَطِرِ تَعْرِيضٌ لِتَلَفِهَا سم (قَوْلُهُ: وَفِي مَعْنَى الْعَبِيدِ إلَخْ) فِي هَذَا الصَّنِيعِ غَايَةُ اللُّطْفِ وَالْحُسْنِ حَيْثُ جَعَلَ الْمَدِينَ وَالْوَلَدَ مَعَ الْغَرِيمِ وَالْوَالِدِ فِي مَعْنَى الْعَبْدِ مَعَ سَيِّدِهِ، وَجَعَلَ الزَّوْجَةَ مَعَ زَوْجِهَا فِي مَعْنَى الْمُرَاهِقِ مَعَ وَلِيِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْوَلَدُ) أَيْ الْبَالِغُ لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ: وَمُرَاهِقِينَ. (قَوْلُهُ: بِإِذْنِ مَالِكِ أَمْرِهِنَّ) وَهْم الْأَزْوَاجُ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَقَالَ ع ش: وَهُوَ الزَّوْجُ وَالْوَلِيُّ
(قَوْلُهُ: مِنْ الْإِمَامِ وَغَيْرِهِ) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: وَمَحَلُّهُ فِي الْغَيْرِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا أَمَّا الْكَافِرُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ بَذْلٌ، بَلْ يَرْجِعُ فِيهِ إلَى رَأْيِ الْإِمَامِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الِاجْتِهَادِ؛ لِأَنَّ الْكَافِرَ قَدْ يَخُونُ سم عَلَى حَجّ ع ش عَلَى م ر وَانْظُرْ مَعْنَى خِيَانَتِهِ مَعَ أَنَّهُ غَيْرُ مُقَاتِلٍ وَقَدْ يُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَأْمُرَ الْمَبْذُولَ لَهُ بِالتَّخْذِيلِ أَوْ الْفِرَارِ، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِمَا إذَا كَانَ الْبَذْلُ لِكَافِرٍ.
(قَوْلُهُ: بَذْلُ أُهْبَةٍ) نَعَمْ إنْ بَذَلَ لِيَكُونَ الْغَزْوُ لِلْبَاذِلِ لَمْ يَجُزْ س ل وَقَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ أَيْ: الشَّرْطُ (قَوْلُهُ: فَقَدْ غَزَا) أَيْ: كُتِبَ لَهُ مِثْلُ ثَوَابِ غَازٍ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يَسُبَّ اللَّهَ أَوْ نَبِيَّهُ) أَوْ الْإِسْلَامَ أَوْ الْمُسْلِمِينَ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي شَرْحُ حَجّ وَالْمُرَادُ مَا دَامُوا يَسُبُّونَ عَلَى قِيَاسِ قَتْلِ الصِّبْيَانِ إذَا قَاتَلُوا كَمَا قَالَهُ الْبِرْمَاوِيُّ وَإِنْ تَوَقَّفَ فِيهِ سم وَقَوْلُهُ: أَوْ نَبِيَّهُ وَإِنْ اُخْتُلِفَ فِي نُبُوَّتِهِ كَلُقْمَانَ الْحَكِيمِ وَمَرْيَمَ بِنْتِ عِمْرَانَ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ يَذْكُرَهُ) أَيْ: الْأَحَدُ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُكْرَهُ قَتْلُهُ) بَلْ يَكُونُ مُبَاحًا ع ش أَيْ: قَتْلُ قَرِيبِهِ لَهُ مُبَاحٌ وَإِنْ كَانَ قَتْلُهُ وَاجِبًا عَلَى غَيْرِ قَرِيبِهِ. (قَوْلُهُ: أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ) أَيْ: لِأَنَّ السَّمَاعَ لَيْسَ بِشَرْطٍ.
(قَوْلُهُ: وَجَازَ قَتْلُ صَبِيٍّ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ، فَيَصْدُقُ بِالْوُجُوبِ؛ لِأَنَّ قَتْلَهُمْ حِينَ قِتَالِهِمْ وَاجِبٌ، وَكَذَا يُقَالُ فِي قَوْلِهِ: وَجَازَ قَتْلُ غَيْرِهِمْ.
(قَوْلُهُ: قَاتَلُوا) أَيْ: مَا دَامُوا يُقَاتِلُونَ فَإِنْ تَرَكُوا الْقِتَالَ تُرِكُوا، كَمَا فِي س ل (قَوْلُهُ: وَعَلَى هَذَا) أَيْ: عَدَمِ قِتَالِهِمْ. (قَوْلُهُ: وَكَالْقِتَالِ السَّبُّ) أَيْ: مِنْ الْمَرْأَةِ وَالْخُنْثَى دُونَ الصَّبِيِّ وَالْمَجْنُونِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُهُ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ ح ل، فَالْمُرَادُ سَبُّ مَنْ يُعْتَبَرُ سَبُّهُ وَقَوْلُهُ: لِلْإِسْلَامِ أَوْ لِلَّهِ أَوْ رَسُولِهِ بِالْأَوْلَى (قَوْلُهُ: وَلَوْ رَاهِبًا) لِلرَّدِّ وَالرَّاهِبُ هُوَ الْعَابِدُ مِنْ النَّصَارَى م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ قَتْلُهُمْ) أَيْ: حَيْثُ اقْتَصَرُوا عَلَى مُجَرَّدِ تَبْلِيغِ
وَتَبْيِيتُهُمْ فِي غَفْلَةٍ) أَيْ: الْإِغَارَةُ عَلَيْهِمْ لَيْلًا (وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ) أَوْ ذَرَارِيُّهُمْ قَالَ تَعَالَى {وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ} [التوبة: 5]«وَحَاصَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَهْلَ الطَّائِفِ» رَوَاهُ الشَّيْخَانِ «وَنَصَبَ عَلَيْهِمْ الْمَنْجَنِيقَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَقِيسَ بِهِ مَا فِي مَعْنَاهُ، مِمَّا يَعُمُّ الْإِهْلَاكُ بِهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي لَا بِحَرَمِ مَكَّةَ مَا لَوْ كَانُوا بِهِ فَلَا يَجُوزُ حِصَارُهُمْ وَلَا قَتْلُهُمْ بِمَا يَعُمُّ.
(وَ) جَازَ (رَمْيُ كُفَّارٍ مُتَتَرِّسِينَ) فِي قِتَالٍ (بِذَرَارِيِّهِمْ) بِتَشْدِيدِ الْيَاءِ وَتَخْفِيفِهَا أَيْ: نِسَائِهِمْ وَصِبْيَانِهِمْ وَمَجَانِينِهِمْ وَكَذَا بِخَنَاثَاهُمْ وَعَبِيدِهِمْ (أَوْ بِآدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ) كَمُسْلِمٍ وَذِمِّيٍّ (إنْ دَعَتْ إلَيْهِ) فِيهِمَا (ضَرُورَةٌ) بِأَنْ كَانُوا بِحَيْثُ لَوْ تُرِكُوا غَلَبُونَا كَمَا يَجُوزُ نَصْبُ الْمَنْجَنِيقِ عَلَى الْقَلْعَةِ، وَإِنْ كَانَ يُصِيبُهُمْ وَلِئَلَّا يَتَّخِذُوا ذَلِكَ ذَرِيعَةً إلَى تَعْطِيلِ الْجِهَادِ أَوْ حِيلَةً عَلَى اسْتِبْقَاءِ الْقِلَاعِ لَهُمْ وَفِي ذَلِكَ فَسَادٌ عَظِيمٌ وَلِأَنَّ مَفْسَدَةَ الْإِعْرَاضِ أَكْثَرُ مِنْ مَفْسَدَةِ الْإِقْدَامِ، وَلَا يَبْعُدُ احْتِمَالُ قَتْلِ طَائِفَةٍ لِلدَّفْعِ عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ وَمُرَاعَاةِ الْكُلِّيَّاتِ وَتَقْصِدُ قَتْلَ الْمُشْرِكِينَ وَتَتَوَقَّى الْمُحْتَرَمِينَ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ، فَإِنْ لَمْ تَدْعُ إلَيْهِ فِيهِمَا ضَرُورَةٌ لَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى قَتْلِهِمْ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَقَدْ نُهِينَا عَنْ قَتْلِهِمْ وَرَجَحَ فِي الرَّوْضَةِ فِي الْأُولَى جَوَازُ رَمْيِهِمْ، وَعَلَيْهِ يُفَرَّقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الثَّانِيَةِ بِأَنَّ الْآدَمِيَّ الْمُحْتَرَمَ مَحْقُونُ الدَّمِ لِحُرْمَةِ الدِّينِ وَالْعَهْدِ، فَلَمْ يَجُزْ رَمْيُهُمْ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَالذَّرَارِيُّ حُقِنُوا لِحَقِّ الْغَانِمِينَ فَجَازَ رَمْيُهُمْ بِلَا ضَرُورَةٍ. وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالنِّسَاءِ وَالصِّبْيَانِ وَالْمُسْلِمِينَ.
(وَحَرُمَ انْصِرَافُ مَنْ لَزِمَهُ جِهَادٌ عَنْ صَفٍّ إنْ قَاوَمْنَاهُمْ وَإِنْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْنَا) كَمِائَةٍ أَقْوِيَاءَ عَنْ مِائَتَيْنِ وَوَاحِدٍ ضُعَفَاءَ لِآيَةِ {فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ} [الأنفال: 66] مَعَ النَّظَرِ لِلْمَعْنَى، وَالْآيَةُ خَبَرٌ بِمَعْنَى الْأَمْرِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
الْخَبَرِ فَإِنْ حَصَلَ مِنْهُمْ تَجْسِيسٌ أَوْ خِيَانَةٌ أَوْ سَبُّ الْمُسْلِمِينَ جَازَ قَتْلُهُمْ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: وَتَبْيِيتُهُمْ) أَيْ: وَلَوْ فِي حَرَمِ مَكَّةَ كَمَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُهُ (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ) وَإِنْ عُلِمَ قَتْلُهُ بِذَلِكَ، لَكِنْ يَجِبُ تَوَقِّيهِ مَا أَمْكَنَ وَيُكْرَهُ ذَلِكَ حَيْثُ لَمْ يُضْطَرَّ إلَيْهِ تَحَرُّزًا مِنْ إيذَاءِ الْمُسْلِمِ وَمِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الذِّمِّيُّ، وَلَا ضَمَانَ فِي قَتْلِهِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ عَيْنَهُ س ل وَهُوَ أَيْ: قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ إلَخْ تَعْمِيمٌ فِي كُلٍّ مِنْ الْمَسَائِلِ الثَّلَاثَةِ أَيْ: قَوْلُهُ: وَجَازَ حِصَارٌ إلَخْ، كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر فِي شَرْحِهِ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَدْعُوَ إلَى الْحِصَارِ وَالْقَتْلِ بِمَا يَعُمُّ، وَالتَّبْيِيتُ ضَرُورَةٌ أَوْ لَا، كَمَا صَرَّحَ بِهِ م ر أَيْضًا وَهَذَا التَّعْمِيمُ مَعَ قَوْلِهِ: وَإِنْ كَانَ فِيهِمْ مُسْلِمٌ أَوْ ذَرَارِيُّهُمْ لَا يُخَالِفُ قَوْلَهُ الْآتِي إنْ دَعَتْ إلَيْهِ ضَرُورَةٌ؛ لِأَنَّ مَا هُنَا مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَتَتَرَّسُوا بِالْمُسْلِمِ، وَلَا بِالذَّرَارِيِّ فَلَمْ يَتَحَقَّقْ إصَابَتُهُ، وَلَا إصَابَتُهُمْ وَمَا سَيَأْتِي مَفْرُوضٌ فِيمَا إذَا تَتَرَّسُوا بِهِمْ أَوْ بِهِ، فَإِصَابَتُهُ مَظْنُونَةٌ فَاشْتُرِطَ أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ ضَرُورَةٌ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَنَصَبَ عَلَيْهِمْ الْمَنْجَنِيقَ) أَيْ: وَرَمَاهُمْ بِهِ حَجّ وَبِهِ يَتِمُّ الدَّلِيلُ عَلَى الْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: فَلَا يَجُوزُ حِصَارُهُمْ إلَخْ) مَا لَمْ يَضْطَرَّ لِذَلِكَ س ل، وَإِلَّا جَازَ شَرْحُ م ر.
. (قَوْلُهُ: وَكَذَا بِخَنَاثَاهُمْ) يُفِيدُ أَنَّ الْخَنَاثَى أَيْ: الْبَالِغِينَ لَيْسُوا مِنْ الذَّرَارِيِّ أَيْ: كَالْعَبِيدِ وَيُوَافِقُهُ قَوْلُهُ: الْآتِي تَرِقُّ ذَرَارِيُّ كُفَّارٍ وَخَنَاثَاهُمْ وَعَبِيدُهُمْ ح ل (قَوْلُهُ: أَوْ بِآدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ) ، وَيَضْمَنُ بِالدِّيَةِ وَالْكَفَّارَةِ إنْ عَلِمَ وَأَمْكَنَ تَوَقِّيهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إنْ دَعَتْ إلَخْ) قَيْدٌ بِالنِّسْبَةِ لِلْآدَمِيِّ فَقَطْ وَلَيْسَ بِقَيْدٍ بِالنِّسْبَةِ لِلذَّرَارِيِّ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا سَيَأْتِي (قَوْلُهُ: عَنْ بَيْضَةِ الْإِسْلَامِ) أَيْ جَمَاعَتِهِ وَسُمُّوا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ عَقِيدَتَهُمْ بَيْضَاءُ وَقَوْلُهُ: وَمُرَاعَاةِ الْكُلِّيَّاتِ عَطْفُ تَفْسِيرٍ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. وَمُرَادُهُ بِالْكُلِّيَّاتِ الدِّينُ وَمُرَاعَاتِهِ حِفْظُهُ وَأَطْلَقَ عَلَى الدِّينِ كُلِّيَّاتٍ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ كَمَا قَالَهُ ع ش (قَوْلُهُ: وَتَقْصِدُ) أَيْ: وُجُوبًا ع ش (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) وَهِيَ قَوْلُهُ: بِذَرَارِيِّهِمْ وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: أَوْ بِآدَمِيٍّ مُحْتَرَمٍ.
(قَوْلُهُ: جَوَازُ رَمْيِهِمْ) أَيْ: مَعَ الْكَرَاهَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لِحُرْمَةِ الدِّينِ) أَيْ: فِي الْمُسْلِمِ وَقَوْلُهُ: وَالْعَهْدِ أَيْ: فِي الذِّمِّيِّ.
. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ انْصِرَافُ إلَخْ) أَيْ: بَعْدَ مُلَاقَاتِهِ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ قَتْلُهُ لَوْ ثَبَتَ، فَيَجُوزُ لِأَهْلِ بَلْدَةٍ قَصَدَهُمْ الْكُفَّارُ التَّحْصِينُ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ الْإِثْمَ مَنُوطٌ بِمَنْ فَرَّ بَعْدَ لِقَائِهِمْ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَالْمَعْنَى فِي وُجُوبِ الثَّبَاتِ مَعَ الْمُقَاوَمَةِ أَنَّ الْمُسْلِمَ عَلَى إحْدَى الْحُسْنَيَيْنِ إمَّا أَنْ يُقْتَلَ فَيَدْخُلَ الْجَنَّةَ أَوْ يَسْلَمَ فَيَفُوزَ بِالْأَجْرِ وَالْغَنِيمَةِ وَالْكَافِرُ يُقَاتِلُ عَلَى الْفَوْزِ بِالدُّنْيَا ز ي وَم ر، وَلَوْ ذَهَبَ سِلَاحُهُ وَأَمْكَنَهُ الرَّمْيُ بِالْحِجَارَةِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِانْصِرَافُ، وَكَذَا مَنْ مَاتَ فَرَسُهُ وَأَمْكَنَهُ الْقِتَالُ رَاجِلًا وَجَزَمَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ إذَا غَلَبَ ظَنُّ الْهَلَاكِ بِالثَّبَاتِ مِنْ غَيْرِ نِكَايَةٍ لَهُمْ وَجَبَ الْفِرَارُ س ل (قَوْلُهُ: مَنْ لَزِمَهُ جِهَادٌ) أَيْ: دَائِمًا فَلَا يُرَدُّ مَا لَوْ دَخَلُوا بَلْدَةً لَنَا حَيْثُ يَتَعَيَّنُ عَلَى مَنْ بِهَا وَلَوْ عَبْدًا أَوْ امْرَأَةً ح ل أَيْ: مَعَ جَوَازِ الِانْصِرَافِ إنْ حَصَلَتْ الْكِفَايَةُ بِغَيْرِهِمَا.
(قَوْلُهُ: عَنْ مِائَتَيْنِ) أَيْ: فَيَحْرُمُ انْصِرَافُهُمْ عَنْ مِائَتَيْنِ إلَخْ فَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَوَاحِدٍ) مِثْلُ الْوَاحِدِ الِاثْنَانِ وَالثَّلَاثَةُ لَا الْأَكْثَرُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ق ل عَلَى الْجَلَالِ قَالَ م ر: إنَّمَا يُرَاعَى الْعَدَدُ عِنْدَ تَقَارُبِ الْأَوْصَافِ. وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَخْتَصَّ الْخِلَافُ بِزِيَادَةِ الْوَاحِدِ وَنَقْصِهِ، وَلَا بِرَاكِبٍ وَمَاشٍ بَلْ الضَّابِطُ، كَمَا قَالَهُ الزَّرْكَشِيُّ كَالْبُلْقِينِيِّ أَنْ يَكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْقُوَّةِ مَا يَغْلِبُ عَلَى الظَّنِّ أَنَّهُمْ يُقَاوِمُونَ الزَّائِدَ عَلَى مِثْلَيْهِمْ، وَيَرْجُونَ الظَّفَرَ بِهِمْ أَوْ مِنْ الضَّعْفِ مَا لَا يُقَاوِمُونَهُمْ اهـ بِحُرُوفِهِ.
(قَوْلُهُ: وَالْآيَةُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ عِلَّةٌ لِمَا قَبْلَهُ وَأَنَّ الْآيَةَ دَلِيلٌ عَلَى مَا قَبْلَ الْغَايَةِ وَهِيَ قَوْلُهُ: وَلَوْ زَادُوا عَلَى مِثْلَيْنَا وَدَلِيلُ الْغَايَةِ قَوْلُهُ: مَعَ النَّظَرِ لِلْمَعْنَى وَهُوَ الْمُقَاوَمَةُ الْمَأْخُوذَةُ مِنْ قَوْلِهِ: صَابِرَةٌ (قَوْلُهُ: بِمَعْنَى الْأَمْرِ) ، وَإِلَّا لَزِمَ الْخُلْفُ فِي خَبَرِهِ
أَيْ: لِتَصْبِرْ مِائَةٌ لِمِائَتَيْنِ، وَعَلَيْهَا يُحْمَلُ قَوْله تَعَالَى {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45] ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مَنْ لَزِمَهُ جِهَادُ مَنْ لَمْ يَلْزَمْهُ كَمَرِيضٍ وَامْرَأَةٍ وَبِالصَّفِّ مَا لَوْ لَقِيَ مُسْلِمٌ مُشْرِكِينَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ انْصِرَافُهُ عَنْهُمَا، وَإِنْ طَلَبَهُمَا وَلَمْ يَطْلُبَاهُ وَبِمَا بَعْدَهُ مَا إذَا لَمْ نُقَاوِمْهُمْ وَإِنْ لَمْ يَزِيدُوا عَلَى مِثْلَيْنَا، فَيَجُوزُ الِانْصِرَافُ كَمِائَةٍ ضُعَفَاءَ عَلَى مِائَتَيْنِ إلَّا وَاحِدًا أَقْوِيَاءَ، فَتَعْبِيرِي بِالْمُقَاوَمَةِ وَعَدَمِهَا أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِزِيَادَتِهِمْ عَلَى مِثْلَيْنَا وَعَدَمِهَا (إلَّا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ) كَمَنْ يَنْصَرِفُ لِيَكْمُنَ فِي مَوْضِعٍ وَيَهْجُمَ أَوْ يَنْصَرِفَ مِنْ مَضِيقٍ لِيَتْبَعَهُ الْعَدُوُّ إلَى مُتَّسَعٍ سَهْلٍ لِلْقِتَالِ (أَوْ مُتَحَيِّزًا إلَى فِئَةٍ يَسْتَنْجِدُ بِهَا وَلَوْ بَعِيدَةً) قَلِيلَةً أَوْ كَثِيرَةً فَيَجُوزُ انْصِرَافُهُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِلا مُتَحَرِّفًا} [الأنفال: 16] إلَى آخِرِهِ (وَشَارَكَا) أَيْ: الْمُتَحَرِّفُ وَالْمُتَحَيِّزُ (مَا لَمْ يَبْعُدْ الْجَيْشُ فِيمَا غَنِمَ بَعْدَ مُفَارَقَتِهِ) كَمَا يُشَارِكَانِهِ فِيمَا غَنِمَهُ قَبْلَهَا بِجَامِعِ بَقَاءِ نُصْرَتِهِمَا وَنَجْدَتِهِمَا فَهُمَا كَسَرِيَّةٍ قَرِيبَةٍ تُشَارِكُ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَهُ بِخِلَافِهِمَا إذَا بَعُدَا لِفَوَاتِ النُّصْرَةِ، وَمِنْهُمْ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّ الْمُتَحَرِّفَ يُشَارِكُ وَحُمِلَ عَلَى مَنْ لَمْ يَبْعُدْ، وَلَمْ يَغِبْ وَالْجَاسُوسُ إذَا بَعَثَهُ الْإِمَامُ لِيَنْظُرَ عَدَدَ الْمُشْرِكِينَ وَيَنْقُلَ أَخْبَارَهُمْ يُشَارِكُ الْجَيْشَ فِيمَا غَنِمَ فِي غَيْبَتِهِ؛ لِأَنَّهُ كَانَ فِي مَصْلَحَتِنَا وَخَاطَرَ بِنَفْسِهِ أَكْثَرَ مِنْ الثَّبَاتِ فِي الصَّفِّ. وَذِكْرُ مُشَارَكَةِ الْمُتَحَرِّفِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي. وَإِطْلَاقُ النَّصِّ عَدَمَ الْمُشَارَكَةِ مَحْمُولٌ عَلَى مَنْ بَعُدَ أَوْ غَابَ.
(وَيَجُوزُ بِلَا كُرْهٍ) وَنُدِبَ (لِقَوِيٍّ) بِأَنْ عَرَفَ قُوَّتَهُ مِنْ نَفْسِهِ (أَذِنَ لَهُ إمَامٌ) وَلَوْ بِنَائِبِهِ (مُبَارَزَةٌ) لِكَافِرٍ لَمْ يَطْلُبْهَا لِإِقْرَارِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا وَهِيَ: ظُهُورُ اثْنَيْنِ مِنْ الصَّفَّيْنِ لِلْقِتَالِ مِنْ الْبُرُوزِ وَهُوَ الظُّهُورُ (فَإِنْ طَلَبَهَا كَافِرٌ سُنَّتْ لَهُ) أَيْ: لِلْقَوِيِّ الْمَأْذُونِ لَهُ لِلْأَمْرِ بِهَا فِي خَبَرِ أَبِي دَاوُد؛ لِأَنَّ فِي تَرْكِهَا حِينَئِذٍ إضْعَافًا لَنَا وَتَقْوِيَةً لَهُمْ، (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَطْلُبْهَا أَوْ طَلَبَهَا وَكَانَ الْمُبَارِزُ مِنَّا ضَعِيفًا فِيهِمَا، وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ كَانَ قَوِيًّا فِيهِمَا وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْإِمَامُ (كُرِهَتْ) ، أَمَّا فِي الْأَوَّلَيْنِ؛ فَلِأَنَّ الضَّعِيفَ قَدْ يَحْصُلُ لَنَا بِهِ ضَعْفٌ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَيْنِ؛ فَلِأَنَّ لِلْإِمَامِ نَظَرًا فِي تَعْيِينِ الْأَبْطَالِ وَذِكْرُ الْكَرَاهَةِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَجَازَ) لَنَا (إتْلَافٌ لِغَيْرِ حَيَوَانٍ مِنْ أَمْوَالِهِمْ) كَبِنَاءٍ وَشَجَرٍ وَإِنْ ظُنَّ حُصُولُهُ لَنَا مُغَايَظَةً لَهُمْ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا يَغِيظُ الْكُفَّارَ} [التوبة: 120] الْآيَةَ وَلِقَوْلِهِ {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ} [الحشر: 2] ، وَلِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قَطَعَ نَخْلَ بَنِي النَّضِيرِ وَحَرَّقَ عَلَيْهِمْ بُيُوتَهُمْ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَلَيْهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
تَعَالَى م ر (قَوْلُهُ: وَعَلَيْهَا) أَيْ: عَلَى هَذِهِ الْآيَةِ أَيْ: عَلَى مَا دَلَّتْ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوبِ صَبْرِ مِائَةٍ لِمِائَتَيْنِ، اللَّازِمُ مِنْهُ وُجُوبُ صَبْرِ وَاحِدٍ لِاثْنَيْنِ فَقَوْلُهُ: فَاثْبُتُوا أَيْ: إنْ كَانُوا مِثْلَيْكُمْ.
(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ يَجُوزُ انْصِرَافُهُ عَنْهُمَا) ؛ لِأَنَّ فَرْضَ الثَّبَاتِ إنَّمَا هُوَ فِي الْجَمَاعَةِ وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ لَقِيَ مُسْلِمَانِ أَرْبَعَةً جَازَ لَهُمَا الْفِرَارُ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ جَمَاعَةٍ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُرَادَ بِالْجَمَاعَةِ مَا مَرَّ فِي صَلَاتِهَا فَيَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْمُسْلِمَانِ شَرْح م ر وَقَوْلُهُ: جَازَ لَهُمَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ. قَوْلُهُ: {إِلا مُتَحَرِّفًا لِقِتَالٍ} [الأنفال: 16] أَيْ: مُنْتَقِلًا عَنْ مَحَلِّهِ لِأَرْفَعَ مِنْهُ أَوْ أَصْوَبَ شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: لِيَكْمُنَ أَيْ: يَخْتَفِيَ وَبَابُهُ دَخَلَ قَالَ فِي الْمُخْتَارِ: يُقَالُ انْحَرَفَ عَنْهُ وَتَحَرَّفَ عَدَلَ وَمَالَ، وَفِيهِ أَيْضًا انْحَازَ عَنْهُ انْعَزَلَ وَانْحَازَ الْقَوْمُ تَرَكُوا مَرْكَزَهُمْ إلَى آخِرِ. اهـ.
(قَوْلُهُ:، وَيَهْجُمُ) بَابُهُ دَخَلَ أَيْضًا. اهـ. مُخْتَارٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُتَحَيِّزًا) أَيْ: ذَاهِبًا إلَى فِئَةٍ، وَلَا يَلْزَمُهُ الْعَوْدُ لِيُقَاتِلَ مَعَ الْفِئَةِ؛ لِأَنَّ عَزْمَهُ عَلَى الْعَوْدِ لِذَلِكَ رَخَّصَ لَهُ الِانْصِرَافَ، فَلَا حَجْرَ عَلَيْهِ بَعْدُ، وَالْجِهَادُ لَا يَجِبُ قَضَاؤُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ أَيْ: فَيَلْزَمُهُ الْعَزْمُ عَلَى الْقِتَالِ، وَلَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَعُودَ إلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ وَلَيْسَ لَنَا عِبَادَةٌ يَجِبُ الْعَزْمُ عَلَيْهَا، وَلَا يَجِبُ فِعْلُهَا إلَّا هَذِهِ. اهـ. ع ب وَالْكَلَامُ فِيمَنْ تَحَرَّفَ أَوْ تَحَيَّزَ بِقَصْدِ ذَلِكَ، ثُمَّ طَرَأَ لَهُ عَدَمُ الْعَوْدِ أَمَّا جَعْلُهُ وَسِيلَةً لِذَلِكَ فَشَدِيدُ الْإِثْمِ إذْ لَا تُمْكِنُ مُخَادَعَةُ اللَّهِ تَعَالَى فِي الْعَزَائِمِ. اهـ. م ر.
(قَوْلُهُ: إلَى فِئَةٍ) أَيْ: مِنْ الْمُسْلِمِينَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: يَسْتَنْجِدُ بِهَا) أَيْ: يَسْتَنْصِرُ بِهَا عَلَى الْعَدُوِّ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ بَعِيدَةً) وَالْأَوْجَهُ ضَبْطُ الْبَعِيدَةِ بِأَنْ تَكُونَ فِي حَدِّ الْقُرْبِ الْمَارِّ فِي التَّيَمُّمِ أَخْذًا مِنْ ضَبْطِ الْقَرِيبَةِ بِحَدِّ الْغَوْثِ وَلَوْ حَصَلَ بِتَحَيُّزِهِ كَسْرُ قُلُوبِ الْجَيْشِ امْتَنَعَ، وَلَا يُشْتَرَطُ لِحِلِّهِ أَنْ يَسْتَشْعِرَ عَجْزًا يُحْوِجُهُ إلَى الِاسْتِنْجَادِ وَإِنْ ذَهَبَ جَمْعٌ إلَى اشْتِرَاطِهِ وَاعْتَمَدَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مَا لَمْ يَبْعُدَا) الْمُرَادُ بِالْبُعْدِ أَنْ يَكُونَا بِحَيْثُ لَا يُدْرِكُهُمَا الْغَوْثُ عِنْدَ الِاسْتِغَاثَةِ، وَبِالْقُرْبِ أَنْ يَكُونَا بِحَيْثُ يُدْرِكُهُمَا الْغَوْثُ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ ز ي، وَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي قَصْدِ التَّحَرُّفِ أَوْ التَّحَيُّزِ وَإِنْ لَمْ يَعُدْ إلَّا بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: مُفَارَقَتِهِ) مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ. (قَوْلُهُ: عَدَمَ الْمُشَارَكَةِ) أَيْ: مُشَارَكَةِ الْمُتَحَرَّفِ.
. (قَوْلُهُ: بِلَا كُرْهٍ وَنَدْبٍ) أَيْ: فَهُوَ جَوَازُ مُسْتَوِي الطَّرَفَيْنِ وَتَمْتَنِعُ عَلَى مَدِينٍ وَفَرَّعَ مَأْذُونٌ لَهُمَا فِي الْجِهَادِ مِنْ غَيْرِ تَصْرِيحٍ بِالْإِذْنِ فِي الْمُبَارَزَةِ وَقِنٍّ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي خُصُوصِهَا م ر وَفِي سم الْكَرَاهَةُ وَمِثْلُهُ ز ي (قَوْلُهُ: فَإِنْ طَلَبَهَا إلَخْ) وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْكَافِرَ إمَّا أَنْ يَطْلُبَهَا أَوْ لَا وَالْمُسْلِمُ إمَّا قَوِيٌّ أَوْ لَا، وَالْإِمَامُ إمَّا أَنْ يَأْذَنَ أَوْ لَا، فَالصُّوَرُ ثَمَانِيَةٌ حَاصِلَةٌ مِنْ ضَرْبِ اثْنَيْنِ فِي أَرْبَعَةٍ تُبَاحُ فِي صُورَةٍ وَتُنْدَبُ فِي صُورَةٍ وَتُكْرَهُ فِي سِتَّةٍ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِهِ (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ) أَيْ: أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ أَوْ لَا وَقَوْلُهُ: أَوْ كَانَ إلَخْ فِيهِ صُورَتَانِ فُتِحَتْ، إلَّا سِتَّ صُوَرٍ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ ظَنَّ إلَخْ) أَيْ: فَيَجُوزُ مَعَ الْكَرَاهَةِ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ الْآتِي فَإِنْ ظَنَّ إلَخْ. (قَوْلُهُ: مُغَايَظَةً لَهُمْ) هَذَا الدَّلِيلُ مَعَ الْآيَةِ يُفِيدُ نَدْبَ الْإِتْلَافِ لَا إبَاحَتَهُ، وَالْآيَةُ دَلِيلٌ لِلْمُعَلِّلِ مَعَ عِلَّتِهِ. قَوْلُهُ:{وَلا يَطَئُونَ مَوْطِئًا} [التوبة: 120] أَيْ: وَلَا