الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَتُعْطَفُ إلَى حَالَةِ التَّحَمُّلِ فَلَوْ زَالَتْ هَذِهِ الْمَوَانِعُ اُحْتِيجَ إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ. .
(وَصَحَّ أَدَاءٌ كَامِلٍ تَحَمَّلَ) حَالَةَ كَوْنِهِ (نَاقِصًا) كَفَاسِقٍ وَعَبْدٍ وَصَبِيٍّ تَحَمَّلَ ثُمَّ أَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ فَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ كَالْأَصْلِ وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَيَكْفِي فَرْعَانِ لِأَصْلَيْنِ) أَيْ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَلَا يُشْتَرَطُ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَرْعَانِ كَمَا لَوْ شَهِدَا عَلَى مُقِرَّيْنِ وَلَا يَكْفِي وَاحِدٌ لِهَذَا وَوَاحِدٌ لِلْآخَرِ (وَشَرْطُ قَبُولِهَا) أَيْ: شَهَادَةِ الْفَرْعِ (مَوْتُ أَصْلٍ أَوْ عُذْرُهُ بِعُذْرِ جُمُعَةٍ) كَمَرَضٍ يَشُقُّ بِهِ حُضُورُهُ وَعَمًى وَجُنُونٍ وَخَوْفٍ مِنْ غَرِيمٍ فَتَعْبِيرِي بِعُذْرِ الْجُمُعَةِ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ نَعَمْ اسْتَثْنَى الْإِمَامُ الْإِغْمَاءَ حَضَرًا فَيُنْتَظَرُ لِقُرْبِ زَوَالِهِ وَأَقَرَّهُ الشَّيْخَانِ بَلْ جَزَمَ بِهِ فِي الشَّرْحِ الصَّغِيرِ (أَوْ غَيْبَتِهِ فَوْقَ) مَسَافَةِ (عَدْوَى) بِزِيَادَتِي فَوْقَ فَلَا تُقْبَلُ فِي غَيْرِ ذَلِكَ لِأَنَّهَا إنَّمَا قُبِلَتْ لِلضَّرُورَةِ وَلَا ضَرُورَةَ حِينَئِذٍ (وَأَنْ يُسَمِّيَهُ فَرْعٌ) وَإِنْ كَانَ الْأَصْلُ عَدْلًا لِتُعْرَفَ عَدَالَتُهُ فَإِنْ لَمْ يُسَمِّهِ لَمْ يَكْفِ؛ لِأَنَّ الْحَاكِمَ قَدْ يَعْرِفُ جَرْحَهُ لَوْ سَمَّاهُ وَلِأَنَّهُ يَنْسَدُّ بَابُ الْجَرْحِ عَلَى الْخَصْمِ (وَلَهُ) أَيْ: لِلْفَرْعِ (تَزْكِيَتُهُ) ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ فِيهَا وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَ اثْنَانِ فِي وَاقِعَةٍ وَزَكَّى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ؛ لِأَنَّ تَزْكِيَةَ الْفَرْعِ لِلْأَصْلِ مِنْ تَتِمَّةِ شَهَادَتِهِ وَلِذَلِكَ شَرَطَهَا بَعْضُهُمْ وَفِي تِلْكَ قَامَ الشَّاهِدُ الْمُزَكَّى بِأَحَدِ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ فَلَا يَصِحُّ قِيَامُهُ بِالثَّانِي وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي شَهَادَةِ الْفَرْعِ تَزْكِيَةُ الْأَصْلِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ بَلْ لَهُ إطْلَاقُهَا وَالْحَاكِمُ يَبْحَثُ عَنْ عَدَالَتِهِ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يَتَعَرَّضَ فِي شَهَادَتِهِ لِصِدْقِ أَصْلِهِ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُهُ بِخِلَافِ مَا إذَا حَلَفَ الْمُدَّعِي مَعَ شَاهِدٍ حَيْثُ يَتَعَرَّضُ لِصِدْقِهِ؛ لِأَنَّهُ يَعْرِفُهُ. .
(فَصْلٌ) فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ
.
لَوْ (رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ قَبْلَ الْحُكْمِ امْتَنَعَ) الْحُكْمُ بِهَا وَإِنْ أَعَادُوهَا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي أَصَدَقُوا فِي الْأَوَّلِ أَوْ فِي الثَّانِي فَلَا يَبْقَى ظَنُّ الصِّدْقِ فِيهَا (أَوْ بَعْدَهُ) أَيْ: الْحُكْمِ (لَمْ يُنْقَضْ وَ) لَكِنْ (لَا تُسْتَوْفَى عُقُوبَةٌ) ، وَلَوْ لِآدَمِيٍّ كَزِنًا وَشُرْبٍ وَقَوَدٍ وَحَدِّ قَذْفٍ؛ لِأَنَّهَا تَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ وَالرُّجُوعُ شُبْهَةٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَيْهِمْ يَعْتَدِي وَلَا يَتَعَدَّى ع ش يَعْنِي أَنَّهَا لَا تَظْهَرُ غَالِبًا إلَّا بَعْدَ تَكَرُّرِهَا؛ لِأَنَّ عَادَةَ اللَّهِ جَرَتْ أَنَّهُ إذَا أَظْهَرَ عَلَى شَخْصٍ مَعْصِيَةً لَا بُدَّ أَنْ تَكُونَ سَبَقَتْ مِنْهُ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ خِفْيَةً وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سِتِّيرٌ فَيَسْتُرُ أَوَّلًا وَثَانِيًا، ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ يَغْضَبُ فَيُظْهِرُهَا لَهُ لِيَنْتَقِمَ مِنْ الْفَاعِلِ بِسَبَبِهَا شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَتَنْعَطِفُ) الِانْعِطَافُ هُوَ السَّرَيَانُ مِنْ الْمُسْتَقْبَلِ لِلْمَاضِي، وَالِاسْتِصْحَابُ عَكْسُهُ فَإِنْ كَانَ التَّحَمُّلُ فِي شَهْرِ الْمُحَرَّمِ، ثُمَّ إنَّ الْأَصْلَ حَصَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَشْهُودِ عَلَيْهِ مَا يُؤَدِّي إلَى الْعَدَاوَةِ فِي رَبِيعٍ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْفَرْعِ حِينَئِذٍ لِأَنَّ حُصُولَ الْعَدَاوَةِ مِنْ الْأَصْلِ فِي رَبِيعٍ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ حَصَلَ مِنْهُ عَدَاوَةٌ سَابِقَةٌ وَيُصَدَّقُ ذَلِكَ بِحَالَةِ التَّحَمُّلِ، وَكَذَا يُقَالُ: فِي الْفِسْقِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ. (قَوْلُهُ: إلَى تَحَمُّلٍ جَدِيدٍ) أَيْ: بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةِ الِاسْتِبْرَاءِ الَّتِي هِيَ سُنَّةٌ لِتَحَقُّقِ زَوَالِهَا ع ش عَلَى م ر. .
(قَوْلُهُ كَالْأَصْلِ) أَيْ: إذَا تَحَمَّلَ نَاقِصًا وَأَدَّى بَعْدَ كَمَالِهِ شَرْحُ م ر وَمَعْنَى كَوْنِهِ أَصْلًا أَنَّهُ لَيْسَ فَرْعًا عَنْ غَيْرِهِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: لِكُلٍّ مِنْهُمَا) بِأَنْ يَقُولَا نَشْهَدُ أَنَّ زَيْدًا وَعَمْرًا شَهِدَا بِكَذَا وَأَشْهَدُ أَنَا عَلَى شَهَادَتِهِمَا. (قَوْلُهُ: بِعُذْرِ جُمُعَةٍ) لَمْ يُعَبِّرْ بِهِ فِي نَظِيرِهِ فِي الْفَصْلِ السَّابِقِ؛ لِأَنَّ الْعُذْرَ ثَمَّ أَعَمُّ لِشُمُولِهِ لِلتَّحْذِيرِ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَعْذَارِ الْجُمُعَةِ كَمَا لَا يَخْفَى شَوْبَرِيٌّ قَالَ م ر وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ كَالْمَرَضِ وَالْعَامَّةِ لَهُ وَالْفَرْعُ كَالْمَطَرِ، لَكِنْ قَالَ الشَّيْخَانِ، وَكَذَا سَائِرُ الْأَعْذَارِ الْخَاصَّةِ بِالْأَصْلِ فَإِنْ عَمَّتْ الْفَرْعَ أَيْضًا كَالْمَطَرِ وَالْوَحَلِ لَمْ تُقْبَلْ، لَكِنَّ الْأَوْجَهَ كَمَا قَالَهُ الْإِسْنَوِيُّ وَغَيْرُهُ خِلَافُهُ فَقَدْ يَتَحَمَّلُ الْفَرْعُ الْمَشَقَّةَ لِنَحْوِ صَدَاقَةٍ دُونَ الْأَصْلِ اهـ مُلَخَّصًا قَالَ س ل وَمِنْ الْأَعْذَارِ فِي الْجُمُعَةِ الرِّيحُ الْكَرِيهَةُ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ إنَّهُ عُذْرٌ هُنَا فَيَنْبَغِي أَنْ يَنْتَظِرَ هُنَا زَوَالَهُ؛ لِأَنَّ زَمَنَهُ يَسِيرٌ. (قَوْلُهُ: حَضَرًا) وَاحْتَرَزَ بِهِ عَنْ الْغَيْبَةِ؛ لِأَنَّ نَفْسَهَا عُذْرٌ لَا الْإِغْمَاءُ فِيهَا. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْبَتِهِ إلَخْ) يُسْتَثْنَى أَصْحَابُ الْمَسَائِلِ إذَا شَهِدُوا عَلَى الْمُزَكِّينَ كَمَا سَلَف عَلَى مَا فِيهِ عَمِيرَةُ سم، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَمَرَّ فِي التَّزْكِيَةِ قَبُولُ شَهَادَةِ أَصْحَابِ الْمَسَائِلِ بِهَا عَنْ آخَرِينَ فِي الْبَلَدِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهَا شَهَادَةٌ عَلَى شَهَادَةٍ فِي الْبَلَدِ لِمَزِيدِ الْحَاجَةِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: وَأَنْ يُسَمِّيَهُ فَرْعٌ) الْمُرَادُ تَسْمِيَةٌ تَحْصُلُ بِهَا الْمَعْرِفَةُ م ر (قَوْلُهُ يَنْسَدُّ بَابُ الْجَرْحِ) أَيْ: لَوْ لَمْ يُسَمِّهِ. (قَوْلُهُ: وَزَكَّى أَحَدُهُمَا الْآخَرَ) أَيْ: فَلَا يُقْبَلُ. (قَوْلُهُ وَبِذَلِكَ) أَيْ: بِقَوْلِهِ وَلَهُ تَزْكِيَتُهُ (قَوْلُهُ: عَنْ عَدَالَتِهِ) أَيْ: الْأَصْلِ (قَوْلُهُ وَأَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ عُلِمَ مِنْ سُكُوتِ الْمَتْنِ عَلَيْهِ. .
[فَصْلٌ فِي رُجُوعِ الشُّهُودِ عَنْ شَهَادَتِهِمْ]
(قَوْلُهُ امْتَنَعَ الْحُكْمُ بِهَا) وَيُفَسَّقُونَ وَيُعَزَّرُونَ إنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا وَيُحَدُّونَ لِلْقَذْفِ إنْ كَانَتْ بِزِنًا، وَإِنْ ادَّعَوْا الْغَلَطَ وَسَوَاءٌ صَرَّحَ الشَّاهِدُ بِالرُّجُوعِ أَمْ قَالَ شَهَادَتِي بَاطِلَةٌ أَمْ لَا شَهَادَةَ لِي عَلَى فُلَانٍ أَمْ هِيَ مَنْقُوضَةٌ أَمْ مَفْسُوخَةٌ وَفِي أَبْطَلْتُهَا أَوْ فَسَخْتُهَا أَوْ رَدَدْتُهَا وَجْهَانِ: أَرْجَحُهُمَا أَنَّهُ رُجُوعٌ وَلَوْ قَالَ لِلْحَاكِمِ: تَوَقَّفْ عَنْ الْحُكْمِ وَجَبَ تَوَقُّفُهُ فَإِنْ قَالَ لَهُ اقْضِ قَضَى لِعَدَمِ تَحَقُّقِ رُجُوعِهِ نَعَمْ إنْ كَانَ عَامِّيًّا وَجَبَ سُؤَالُهُ عَنْ سَبَبِ تَوَقُّفِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي) عِبَارَةُ م ر لِزَوَالِ سَبَبِهِ وَقَوْلُهُ فِي الثَّانِي أَيْ: الرُّجُوعِ. (قَوْلُهُ: لَمْ يُنْقَضْ) اسْتَشْكَلَهُ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ بَقَاءَ الْحُكْمِ بِلَا سَبَبٍ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ سم، وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر لَمْ يُنْقَضْ لِتَأَكُّدِ الْأَمْرِ وَجَوَازِ كَذِبِهِمْ فِي الرُّجُوعِ فَقَطْ.
بِخِلَافِ الْمَالِ فَيُسْتَوْفَى إنْ لَمْ يَكُنْ اُسْتُوْفِيَ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِمَّا يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ حَتَّى يَتَأَثَّرَ بِالرُّجُوعِ (فَإِنْ كَانَتْ) أَيْ: الْعُقُوبَةُ قَدْ (اُسْتُوْفِيَتْ بِقَطْعٍ) بِسَرِقَةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ قَتْلٍ) بِرِدَّةٍ أَوْ غَيْرِهَا (أَوْ جَلْدٍ) بِزِنًا أَوْ غَيْرِهِ (وَمَاتَ وَقَالُوا تَعَمَّدْنَا) شَهَادَةَ الزُّورِ أَوْ قَالَ كُلٌّ مِنْهُمْ تَعَمَّدْتُ وَلَا أَعْلَمُ حَالَ أَصْحَابِي (وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ بِقَوْلِنَا لَزِمَهُمْ قَوَدٌ إنْ جَهِلَ الْوَلِيُّ تَعَمُّدَهُمْ) وَإِلَّا فَالْقَوَدُ عَلَيْهِ فَقَطْ كَمَا أَفَادَهُ كَلَامُ الْأَصْلِ فِي الْجِنَايَاتِ فَإِنْ آلَ الْأَمْرُ إلَى الدِّيَةِ فِي الْحَالَيْنِ وَجَبَتْ مُغَلَّظَةً كَمَا هُوَ مَعْلُومٌ مِمَّا مَرَّ ثَمَّ.
وَصَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ هُنَا بِالنِّسْبَةِ لِلشُّهُودِ فَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا لَزِمَهُمْ دِيَةٌ مُخَفَّفَةٌ فِي مَالِهِمْ، وَلَوْ قَالَ أَحَدُ شَاهِدَيْنِ تَعَمَّدْت أَنَا وَصَاحِبِي وَقَالَ الْآخَرُ أَخْطَأْت أَوْ أَخْطَأْنَا أَوْ تَعَمَّدْت وَأَخْطَأَ صَاحِبِي فَالْقَوَدُ عَلَى الْأَوَّلِ وَتَعْبِيرِي بِقَطْعٍ وَتَالِيَيْهِ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي وَعَلِمْنَا أَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ بِقَوْلِنَا مَا لَوْ قَالُوا لَمْ نَعْلَمْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانُوا مِمَّنْ لَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ فَلَا اعْتِبَارَ بِقَوْلِهِمْ وَإِلَّا بِأَنْ قَرُبَ عَهْدُهُمْ بِالْإِسْلَامِ أَوْ نَشَئُوا بَعِيدًا عَنْ الْعُلَمَاءِ فَشِبْهُ عَمْدٍ، وَلَوْ قَالَ وَلِيُّ الْقَاتِلِ أَنَا أَعْلَمُ كَذِبَهُمْ فِي رُجُوعِهِمْ وَأَنَّ مُوَرِّثِي وَقَعَ مِنْهُ مَا شَهِدُوا بِهِ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِمْ (كَمُزَكٍّ وَقَاضٍ) رَجَعَا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ وَهِيَ فِي الْمُزَكِّي وَالْأَخِيرَانِ مِنْهَا فِي الْقَاضِي مِنْ زِيَادَتِي. (وَلَوْ رَجَعَ هُوَ) أَيْ: الْقَاضِي (وَهُمْ) أَيْ: الشُّهُودُ (فَالْقَوَدُ) عَلَيْهِمْ بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ (وَالدِّيَةُ) حَالَ الْخَطَأِ أَوْ التَّعَمُّدِ بِأَنْ آلَ الْأَمْرُ إلَيْهَا (مُنَاصَفَةٌ) عَلَيْهِ نِصْفٌ وَعَلَيْهِمْ نِصْفٌ وَشُمُولُ الْمُنَاصَفَةِ لِلْمُتَعَمِّدِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) رَجَعَ (وَلِيٌّ) لِلدَّمِ (وَلَوْ مَعَهُمْ) أَيْ: مَعَ الشُّهُودِ وَالْقَاضِي (فَعَلَيْهِ دُونَهُمْ) الْقَوَدُ أَوْ الدِّيَةُ لِأَنَّهُ الْمُبَاشِرُ وَهُمْ مَعَهُ كَالْمُمْسِكِ مَعَ الْقَاتِلِ.
وَقَوْلِي، وَلَوْ مَعَهُمْ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (وَلَوْ شَهِدُوا بِبَيْنُونَةٍ) كَطَلَاقٍ بَائِنٍ وَرَضَاعٍ مُحَرِّمٍ وَلِعَانٍ وَفَسْخٍ بِعَيْبٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: وَلَوْ شَهِدُوا بِطَلَاقٍ بَائِنٍ أَوْ رَضَاعٍ أَوْ لِعَانٍ (وَفَرَّقَ الْقَاضِي) فِي الْجَمِيعِ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ (فَرَجَعُوا) عَنْ شَهَادَتِهِمْ
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَلَيْسَ عَكْسُ هَذَا أَيْ: صِدْقِهِمْ فِي الرُّجُوعِ أَوْلَى مِنْهُ وَالثَّابِتُ لَا يُنْقَضُ بِأَمْرٍ مُحْتَمَلٍ وَبِذَلِكَ سَقَطَ الْقَوْلُ بِأَنَّ بَقَاءَ الْحُكْمِ بِغَيْرِ سَبَبٍ خِلَافُ الْإِجْمَاعِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ الْمَالِ) أَيْ: الَّذِي شَهِدُوا بِهِ وَمِنْهُ مَالُ السَّرِقَةِ وَأَمَّا بَدَلُ الْعُقُوبَةِ فَلَا يُسْتَوْفَى كَبَدَلِ الْقَوَدِ وَهُوَ الدِّيَةُ وَهُوَ مِثَالٌ لَا تَنْظِيرٌ، وَحِينَئِذٍ يُسْأَلُ مَا فَائِدَةُ بَقَاءِ الْحُكْمِ بِالنِّسْبَةِ لِذَلِكَ؟ ح ل فَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ الْمُصَنِّفُ إلَّا فِي الْعُقُوبَةِ فَلَا تُسْتَوْفَى بَعْدَ قَوْلِهِ لَمْ يُنْقَضْ. (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ قَوَدٌ) أَيْ: بِشَرْطِهِ وَمِنْ ذَلِكَ أَنْ يَكُونَ جَلْدُ الزِّنَا يَقْتُلُ غَالِبًا وَيُتَصَوَّرُ بِأَنْ يَشْهَدَ فِي زَمَنِ نَحْوِ حَرٍّ وَمَذْهَبُ الْقَاضِي يَقْتَضِي اسْتِيفَاءَهُ فَوْرًا وَإِنْ أَهْلَكَ غَالِبًا وَعَلِمَا ذَلِكَ وَبِذَلِكَ يُرَدُّ تَنْظِيرُ ابْنِ الرِّفْعَةِ وَالْبُلْقِينِيِّ فِي الْجَلْدِ شَرْحُ حَجّ وم ر أَيْ: تَنْظِيرُهُ بِأَنَّهُ شِبْهُ عَمْدٍ فَفِيهِ الدِّيَةُ لَا الْقَوَدُ وَأَفْهَمَ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ لَزِمَهُمْ قَوَدٌ وُجُوبَ رِعَايَةِ الْمُمَاثَلَةِ فَيُحَدُّونَ عَلَى شَهَادَةِ الزِّنَا حَدَّ الْقَذْفِ، ثُمَّ يُرْجَمُونَ شَرْحُ م ر س ل وَصَرَّحَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَعِبَارَةُ سم قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ قَوَدٌ قَالَ فِي ع ب وَتُحَدُّ شُهُودُ الزِّنَا لِلْقَذْفِ، ثُمَّ يُقْتَلُونَ قَوَدًا وَتُرَاعَى فِيهِ الْمُمَاثَلَةُ وَلَوْ بِرَجْمٍ إنْ رُجِمَ الزَّانِي اهـ وَلَا يَضُرُّ فِي اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ عَدَمُ مَعْرِفَةِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ مِنْ الْمَرْجُومِ وَلَا قَدْرُ الْحَجَرِ وَعَدَدِهِ قَالَ الْقَاضِي لِأَنَّ ذَلِكَ تَفَاوُتًا يَسِيرًا لَا عِبْرَةَ بِهِ وَخَالَفَ فِي الْمُهِمَّاتِ فَقَالَ يَتَعَيَّنُ السَّيْفُ لِتَعَذُّرِ الْمُمَاثَلَةِ كَذَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَأَظُنُّ م ر اعْتَمَدَ كَلَامَ الْقَاضِي اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ جَهِلَ الْوَلِيُّ) قَيْدٌ فِيمَا إذَا كَانَتْ الشَّهَادَةُ أَدَّتْ لِلْقَتْلِ وَأَرَادَ بِالْوَلِيِّ وَلِيَّ الْقَتِيلِ الَّذِي شَهِدَ الشُّهُودُ أَنَّهُ قَتَلَهُ فُلَانٌ، ثُمَّ رَجَعُوا عَنْ الشَّهَادَةِ بَعْدَمَا قَتَلَهُ وَلِيُّ الْقَتِيلِ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) بِأَنْ عَلِمَ الْوَلِيُّ تَعَمُّدَهُمْ شَهَادَةَ الزُّورِ فَالْقَوَدُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُبَاشَرَةَ مُقَدَّمَةٌ عَلَى السَّبَبِ (قَوْلُهُ فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ: حَالَتَيْ عِلْمِ الْوَلِيِّ وَجَهْلِهِ ع ش. (قَوْلُهُ: فِي مَالِهِمْ) مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ الْعَاقِلَةُ وَإِلَّا فَالدِّيَةُ عَلَيْهَا س ل. (قَوْلُهُ أَوْ تَعَمَّدْتُ وَأَخْطَأَ صَاحِبِي) وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ الْقَوَدُ؛ لِأَنَّهُ شَرِيكٌ مُخْطِئٌ قَالَ م ر وَعَلَى الْمُتَعَمِّدِ قِسْطٌ مِنْ دِيَةٍ مُغَلَّظَةٍ وَعَلَى الْمُخْطِئِ قِسْطٌ مِنْ دِيَةٍ مُخَفَّفَةٍ. (قَوْلُهُ: فَشِبْهُ عَمْدٍ) فَالدِّيَةُ فِي مَالِهِمْ مُؤَجَّلَةٌ بِثَلَاثِ سِنِينَ مَا لَمْ تُصَدِّقْهُمْ الْعَاقِلَةُ س ل.
(قَوْلُهُ: كَمُزَكٍّ) وَلَوْ رَجَعَ الْأَصْلُ وَالْفَرْعُ اخْتَصَّ الْغُرْمُ بِالْفَرْعِ لِأَنَّهُ الْمُلْجِئُ كَالْمُزَكِّي س ل. (قَوْلُهُ: وَقَاضٍ) وَيَمْتَنِعُ عَلَى الْحَاكِمِ الرُّجُوعُ عَنْ حُكْمِهِ كَمَا قَالَهُ السُّبْكِيُّ أَيْ: بِعِلْمِهِ أَوْ بِبَيِّنَةٍ كَمَا قَالَهُ غَيْرُهُ؛ لِأَنَّ حُكْمَهُ إنْ كَانَ بَاطِنُ الْأَمْرِ فِيهِ كَظَاهِرِهِ نَفَذَ فِيهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَتَبَيَّنْ الْحَالُ نَفَذَ ظَاهِرًا فَلَمْ يَجُزْ لَهُ الرُّجُوعُ فِيهِ إلَّا إنْ بَيَّنَ مُسْتَنَدَهُ فِيهِ كَمَا عُلِمَ مِمَّا مَرَّ فِي بَابِ الْقَضَاءِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: بِالشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ) أَيْ: إنْ قَالُوا تَعَمَّدْنَا ذَلِكَ وَجَهِلَ الْوَلِيُّ تَعَمُّدَهُمْ وَقَالُوا عَلِمْنَا أَنَّهُ يُسْتَوْفَى مِنْهُ بِقَوْلِنَا. (قَوْلُهُ: فَالْقَوَدُ عَلَيْهِمْ) أَيْ: عَلَى الْقَاضِي وَالشُّهُودِ ع ش (قَوْلُهُ مُنَاصَفَةً) تَوْزِيعًا عَلَى الْمُبَاشَرَةِ وَالسَّبَبِ اهـ تُحْفَةٌ وَمِثْلُهُ م ر وَمَحَلُّ تَقْدِيمِ الْمُبَاشَرَةِ عَلَى السَّبَبِ فِي الْمُبَاشَرَةِ الْحَقِيقِيَّةِ وَالْحُكْمُ هُنَا مُبَاشَرَةٌ حُكْمِيَّةٌ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ الْحَاكِمَ لَمْ يُبَاشِرْ الْقَتْلَ بِنَفْسِهِ وَإِنَّمَا تَرَتَّبَ الْقَتْلُ عَلَى حُكْمِهِ تَرَتُّبًا قَوِيًّا، وَصَارَ كَأَنَّهُ مُبَاشِرٌ وَإِلَّا فَفِي الْحَقِيقَةِ حُكْمُهُ سَبَبٌ كَالشَّهَادَةِ فَلِهَذَا اشْتَرَكَ مَعَ الشُّهُودِ. (قَوْلُهُ أَوْ رَجَعَ وَلِيٌّ لِلدَّمِ) بِأَنْ قَالَ أَنَا كَاذِبٌ فِي دَعْوَايَ أَنَّهُ قَتَلَهُ. (قَوْلُهُ فَعَلَيْهِ دُونَهُمْ) هَذَا مَا قَطَعَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا فِي الْجِنَايَاتِ وَصَحَّحَ الْبَغَوِيّ اشْتِرَاكَ الْجَمِيعِ وَقَالَ ابْنُ الرِّفْعَةِ إنَّهُ الْمَذْهَبُ كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْمُتَوَلِّي وَصَاحِبُ الْوَافِي ز ي.
(قَوْلُهُ: وَفَرَّقَ الْقَاضِي إلَخْ) وَمَا بَحَثَهُ الْبُلْقِينِيُّ مِنْ عَدَمِ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّفْرِيقِ بَلْ لَا بُدَّ مِنْ الْقَضَاءِ بِالتَّحْرِيمِ وَيَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ التَّفْرِيقُ؛ لِأَنَّهُ
(لَزِمَهُمْ مَهْرُ مِثْلٍ، وَلَوْ قَبْلَ وَطْءٍ) أَوْ بَعْدَ إبْرَاءِ الزَّوْجَةِ زَوْجَهَا عَنْ الْمَهْرِ نَظَرًا إلَى بَدَلِ الْبُضْعِ الْمُفَوَّتِ بِالشَّهَادَةِ إذْ النَّظَرُ فِي الْإِتْلَافِ إلَى الْمُتْلَفِ لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ عَلَى الْمُسْتَحِقِّ سَوَاءٌ أَدَفَعَ الزَّوْجُ إلَيْهَا الْمَهْرَ أَمْ لَا بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الدَّيْنِ لَا يَغْرَمُونَ قَبْلَ دَفْعِهِ لِأَنَّ الْحَيْلُولَةَ هُنَا قَدْ تَحَقَّقَتْ وَخَرَجَ بِالْبَائِنِ الرَّجْعِيُّ فَلَا غُرْمَ فِيهِ عَلَيْهِمْ إذَا لَمْ يُفَوِّتُوا شَيْئًا فَإِنْ لَمْ يُرَاجِعْ حَتَّى انْقَضَتْ الْعِدَّةُ غَرِمُوا كَمَا فِي الْبَائِنِ (إلَّا إنْ ثَبَتَ) بِحُجَّةٍ فِيمَا ذُكِرَ (أَنْ لَا نِكَاحَ) بَيْنَهُمَا كَرَضَاعٍ مُحَرِّمٍ أَوْ نَحْوِهِ فَلَا غُرْمَ إذْ لَمْ يُفَوِّتُوا شَيْئًا وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ. .
(وَلَوْ رَجَعَ شُهُودُ مَالٍ) مَعًا أَوْ مُرَتَّبًا (غَرِمُوا) وَإِنْ قَالُوا أَخْطَأْنَا (بَدَلَهُ) لِلْمَشْهُودِ عَلَيْهِ لِحُصُولِ الْحَيْلُولَةِ بِشَهَادَتِهِمْ (مُوَزَّعًا عَلَيْهِمْ) بِالسَّوِيَّةِ بَيْنَهُمْ عِنْدَ اتِّحَادِ نَوْعِهِمْ (أَوْ) رَجَعَ (بَعْضُهُمْ وَبَقِيَ) مِنْهُمْ (نِصَابٌ فَلَا) غُرْمَ عَلَى الرَّاجِعِ لِقِيَامِ الْحُجَّةِ بِمَنْ بَقِيَ (أَوْ) بَقِيَ (دُونَهُ) أَيْ: النِّصَابِ (فَقِسْطٌ مِنْهُ) يَغْرَمُهُ الرَّاجِعُ سَوَاءٌ زَادَ الشُّهُودُ عَلَيْهِ كَثَلَاثَةٍ رَجَعَ مِنْهُمْ اثْنَانِ أَمْ لَا كَاثْنَيْنِ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَيَغْرَمُ الرَّاجِعُ فِيهِمَا النِّصْفَ لِبَقَاءِ نِصْفِ الْحُجَّةِ (وَعَلَى امْرَأَتَيْنِ) رَجَعَتَا (مَعَ رَجُلٍ نِصْفٌ) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا رُبْعٌ؛ لِأَنَّهُمَا نِصْفُ الْحُجَّةِ وَعَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ الْبَاقِي (وَعَلَيْهِ) أَيْ: الرَّجُلِ إذَا رَجَعَ (مَعَ) نِسَاءٍ (أَرْبَعٍ فِي نَحْوِ رَضَاعٍ) مِمَّا يَثْبُتُ بِمَحْضِهِنَّ (ثُلُثٌ) وَعَلَيْهِنَّ ثُلُثَانِ إذْ كُلُّ ثِنْتَيْنِ بِمَنْزِلَةِ رَجُلٍ (فَإِنْ رَجَعَ هُوَ أَوْ ثِنْتَانِ فَلَا غُرْمَ) عَلَى الرَّاجِعِ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَنَحْوُ مِنْ زِيَادَتِي (وَ) عَلَيْهِ إذَا رَجَعَ مَعَ أَرْبَعٍ (فِي مَالٍ نِصْفٌ) وَعَلَيْهِنَّ نِصْفٌ (فَإِنْ رَجَعَ) مِنْهُنَّ (ثِنْتَانِ فَلَا غُرْمَ) عَلَيْهِمَا لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ (كَمَا لَوْ رَجَعَ شُهُودُ إحْصَانٍ أَوْ صِفَةٍ) ، وَلَوْ مَعَ شُهُودِ زِنًا أَوْ شُهُودِ تَعْلِيقِ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ فَإِنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ وَإِنْ تَأَخَّرَتْ شَهَادَتُهُمْ عَنْ شَهَادَةِ الزِّنَا وَالتَّعْلِيقِ إذْ لَمْ يَشْهَدُوا فِي الْإِحْصَانِ بِمَا يُوجِبُ عُقُوبَةً عَلَى الزَّانِي، وَإِنَّمَا وَصَفُوهُ بِصِفَةِ كَمَالٍ وَشَهَادَتُهُمْ فِي الصِّفَةِ شَرْطٌ لَا سَبَبٌ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَدْ يَقْضِي بِهِ مِنْ غَيْرِ حُكْمٍ كَمَا فِي النِّكَاحِ الْفَاسِدِ رُدَّ بِأَنَّ تَصَرُّفَ الْحَاكِمِ فِي أَمْرٍ رُفِعَ إلَيْهِ وَطُلِبَ مِنْهُ فَصْلُهُ حُكْمٌ مِنْهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَزِمَهُمْ مَهْرُ الْمِثْلِ) إنْ لَمْ يُصَدِّقْهُمْ الزَّوْجُ وَلَمْ يَمُتْ قَبْلَ الرُّجُوعِ لِانْتِفَاءِ الْحَيْلُولَةِ حِينَئِذٍ وَلَمْ يَكُنْ عَبْدًا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ حِينَئِذٍ وَلَا تَعَلُّقَ لِسَيِّدِهِ بِزَوْجَتِهِ وَإِنْ كَانَ مُبَعَّضًا غَرِمُوا لَهُ الْقِسْطَ خ ط عَلَى الْمِنْهَاجِ مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: لَا إلَى مَا قَامَ بِهِ) أَيْ: لَا إلَى عِوَضٍ قَامَ الْمُتْلِفُ بِهِ فَكَانَ الْمُنَاسِبُ الْإِبْرَازَ وَلَوْ نَظَرَ إلَى مَا قَامَ بِهِ لَغَرِمُوا قَبْلَ الدُّخُولِ نِصْفَ الْمَهْرِ وَلَمْ يَغْرَمُوا شَيْئًا إذَا بَرِئَ. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الدَّيْنِ) كَأَنْ شَهِدُوا بِأَنَّ لِزَيْدٍ عَلَى عَمْرٍو كَذَا، ثُمَّ رَجَعُوا فَإِنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ قَبْلَ دَفْعِ عَمْرٍو لِزَيْدٍ (قَوْلُهُ غَرِمُوا كَمَا فِي الْبَائِنِ) وَتَمَكُّنُهُ مِنْ الرَّجْعَةِ لَا يُسْقِطُ حَقَّهُ م ر؛ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ مِنْ تَدَارُكِ مَا يَعْرِضُ بِجِنَايَةِ الْغَيْرِ لَا يُسْقِطُ الضَّمَانَ كَمَا لَوْ جَرَحَ شَاةَ غَيْرِهِ فَلَمْ يَذْبَحْهَا مَالِكُهَا مَعَ التَّمَكُّنِ مِنْهُ حَتَّى مَاتَتْ ز ي أَيْ: فَإِنَّ الْجَارِحَ يَضْمَنُ جَمِيعَ قِيمَتِهَا وَبِهِ يُرَدُّ عَلَى الْبُلْقِينِيِّ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُمْ لَا يَغْرَمُونَ شَيْئًا إذَا أَمْكَنَ الزَّوْجَ الرَّجْعَةُ فَتَرَكَهَا بِاخْتِيَارِهِ وَالْجِنَايَةُ هُنَا شَهَادَتُهُمْ بِالْبَيْنُونَةِ قَالَ حَجّ وَلَا رُجُوعَ فِي الشَّهَادَةِ بِالِاسْتِيلَادِ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ السَّيِّدِ وَبِالتَّعْلِيقِ إلَّا بَعْدَ وُجُودِ الصِّفَةِ (قَوْلُهُ بِحُجَّةٍ) أَيْ أُخْرَى (قَوْلُهُ فَلَا غُرْمَ إذْ لَمْ يُفَوِّتُوا شَيْئًا) أَيْ فَلَوْ كَانُوا غَرِمُوا قَبْلَ إقَامَةِ الْبَيِّنَةِ الثَّانِيَةِ رَجَعُوا بِهِ [فَرْعٌ] .
لَوْ رَجَعَ شُهُودُ الرَّضَاعِ أَيْضًا فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ بَعْدَ الْحُكْمِ بِشَهَادَتِهِمْ فَالظَّاهِرُ اخْتِصَاصُ الْغُرْمِ بِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ فَوَّتُوا مَا لَزِمَ الْأَوَّلَيْنِ وَرُجُوعُهُمْ بَعْدَ الْحُكْمِ لَا يُفِيدُ كَذَا بِخَطِّ الْبُرُلُّسِيِّ سم. .
(قَوْلُهُ غَرِمُوا) أَيْ: بَعْدَ دَفْعِ الْمَالِ لِلْمُدَّعِي. (قَوْلُهُ: بَدَلَهُ) أَيْ: مِنْ مِثْلٍ فِي الْمِثْلِيِّ وَقِيمَةٍ فِي الْمُتَقَوِّمِ كَمَا اعْتَمَدَهُ م ر وحج وع ش قَالَ س ل وز ي وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَغْرُومَ إنَّمَا هُوَ لِلْحَيْلُولَةِ فَالْوَاجِبُ الْقِيمَةُ مُطْلَقًا، وَحِينَئِذٍ قِيلَ تُعْتَبَرُ وَقْتَ الْحُكْمِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ؛ لِأَنَّهُ الْمُفَوِّتُ حَقِيقَةً وَقِيلَ أَكْثَرُ مَا كَانَتْ مِنْ وَقْتِ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ الرُّجُوعِ، وَقِيلَ يَوْمَ شَهِدُوا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ إتْلَافٌ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: عِنْدَ اتِّحَادِ نَوْعِهِمْ) كَالذُّكُورَةِ وَالْأُنُوثَةِ فَإِنْ كَانُوا رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ كَانَ عَلَى الرَّجُلِ النِّصْفُ وَعَلَى كُلِّ امْرَأَةٍ رُبْعٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِنَّ نِصْفٌ) ؛ لِأَنَّهُمْ وَإِنْ كَثُرْنَ فِي شَهَادَةِ الْمَالِ كَرَجُلٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَثْبُتُ بِمَحْضِهِنَّ بَلْ لَا بُدَّ مَعَهُنَّ مِنْ رَجُلٍ فَهُنَّ نِصْفُ الْحُجَّةِ وَفِي شَهَادَةِ الرَّضَاعِ، وَكُلُّ مَا يَثْبُتُ بِمَحْضِ النِّسَاءِ كَوِلَادَةٍ وَحَيْضٍ كُلُّ امْرَأَتَيْنِ يُحْسَبَانِ بِرَجُلٍ فَلَوْ شَهِدَ رَجُلٌ وَعَشْرُ نِسْوَةٍ بِرَضَاعٍ، ثُمَّ رَجَعُوا غَرِمَ الرَّجُلُ سُدُسَ الْمَغْرُومِ وَكُلُّ امْرَأَتَيْنِ السُّدُسَ وَلَوْ رَجَعَ وَحْدَهُ أَوْ مَعَ وَاحِدَةٍ إلَى سِتٍّ أَوْ رَجَعَ ثَمَانِ نِسْوَةٍ فَلَا غُرْمَ لِبَقَاءِ الْحُجَّةِ وَإِنْ رَجَعَ مِنْهُنَّ ثَمَانٍ فَعَلَيْهِنَّ مَعَهُ نِصْفُ الْغُرْمِ أَوْ مَعَ تِسْعٍ فَعَلَيْهِنَّ مَعَهُ ثَلَاثَةُ أَرْبَاعِهِ شَرْحُ الرَّوْضِ سم (قَوْلُهُ وَلَوْ مَعَ شُهُودِ زِنًا) بِأَنْ شَهِدَ أَرْبَعَةٌ بِزِنَاهُ وَادَّعَى أَنَّهُ غَيْرُ مُحْصَنٍ فَشَهِدَ اثْنَانِ بِأَنَّهُ مُحْصَنٌ، ثُمَّ رَجَعَا بَعْدَ رَجْمِهِ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: أَوْ شُهُودِ تَعْلِيقٍ) صُورَتُهَا أَنْ يَشْهَدَ اثْنَانِ أَنَّهُ عَلَّقَ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ أَوْ عِتْقَ عَبْدِهِ عَلَى وُجُودِ صِفَةٍ وَيَشْهَدُ اثْنَانِ بِوُجُودِهَا فَالْغُرْمُ عِنْدَ الرُّجُوعِ عَلَى مَنْ شَهِدَ بِأَصْلِ التَّعْلِيقِ لَا عَلَى مَنْ شَهِدَ بِوُجُودِ الصِّفَةِ ع ن.
(قَوْلُهُ: لَا يَغْرَمُونَ) أَيْ: الْمَهْرَ وَقِيمَةَ الْعَبْدِ وَالدِّيَةَ بِالنِّسْبَةِ لِشُهُودِ الْإِحْصَانِ (قَوْلُهُ: إذْ لَمْ يَشْهَدُوا إلَخْ) قَدْ يُقَالُ: شَهَادَتُهُمْ الْإِحْصَانَ