الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِأَنَّهَا عَايَنَتْهُ حَيًّا بَعْدَ الْإِسْلَامِ تَعَارَضَتَا قَالَهُ الشَّيْخَانِ أَيْ فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ، وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ هُنَا مِنْ زِيَادَتِي أَيْضًا فَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فَالْمُصَدَّقُ الْمُسْلِمُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاؤُهُ عَلَى دِينِهِ وَتُقَدَّمُ بَيِّنَةُ النَّصْرَانِيِّ عَلَى بَيِّنَتِهِ نَعَمْ إنْ شَهِدَتْ بَيِّنَتُهُ أَنَّهَا عَايَنَتْهُ مَيِّتًا قَبْلَ الْإِسْلَامِ تَعَارَضَتَا فَيَحْلِفُ الْمُسْلِمُ
(وَلَوْ مَاتَ عَنْ أَبَوَيْنِ كَافِرَيْنِ وَابْنَيْنِ مُسْلِمَيْنِ فَقَالَ كُلٌّ) مِنْ الْفَرِيقَيْنِ (مَاتَ عَلَى دِينِنَا حَلَفَ الْأَبَوَانِ) فَهُمَا الْمُصَدَّقَانِ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَحْكُومٌ بِكُفْرِهِ فِي الِابْتِدَاءِ تَبَعًا لَهُمَا فَيُسْتَصْحَبُ حَتَّى يُعْلَمَ خِلَافُهُ، وَلَوْ انْعَكَسَ الْحَالُ فَكَانَ الْأَبَوَانِ مُسْلِمَيْنِ وَالِابْنَانِ كَافِرَيْنِ، وَقَالَ كُلُّ مَا ذُكِرَ فَإِنْ عُرِفَا لِلْأَبَوَيْنِ كُفْرٌ سَابِقٌ وَقَالَا أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ أَوْ أَسْلَمَ هُوَ أَوْ بَلَغَ بَعْدَ إسْلَامِنَا وَقَالَ الِابْنَانِ لَا وَلَمْ يَتَّفِقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ فَالْمُصَدَّقُ الِابْنَانِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْبَقَاءُ عَلَى الْكُفْرِ وَإِنْ لَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا كُفْرٌ سَابِقٌ. أَوْ اتَّفَقُوا عَلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ فِي الثَّالِثَةِ فَالْمُصَدَّقُ الْأَبَوَانِ عَمَلًا بِالظَّاهِرِ فِي الْأَوْلَى وَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ الصِّبَا فِي الثَّانِيَةِ
(وَلَوْ شَهِدَتْ) بَيِّنَةٌ (أَنَّهُ أَعْتَقَ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ سَالِمًا وَ) شَهِدَتْ (أُخْرَى) أَنَّهُ أَعْتَقَ فِيهِ (غَانِمًا وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ثُلُثُ مَالِهِ) وَلَمْ تُجِزْ الْوَرَثَةُ مَا زَادَ عَلَيْهِ (فَإِنْ اخْتَلَفَ تَارِيخٌ) لِلْبَيِّنَتَيْنِ (قُدِّمَ الْأَسْبَقُ) تَارِيخًا كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنَجَّزَةِ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ؛ وَلِأَنَّ مَعَ بَيِّنَتِهِ زِيَادَةَ عِلْمٍ (أَوْ اتَّحَدَ) التَّارِيخُ (أَقُرِعَ) بَيْنَهُمَا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ تَذْكُرَا تَارِيخًا بِأَنْ أَطْلَقَتَا أَوْ إحْدَاهُمَا (عَتَقَ مِنْ كُلٍّ) مِنْ سَالِمٍ وَغَانِمٍ (نِصْفُهُ) جَمْعًا بَيْنَ الْبَيِّنَتَيْنِ وَإِنَّمَا لَمْ يُقْرَعْ بَيْنَهُمَا؛ لِأَنَّا لَوْ أَقْرَعْنَا لَمْ نَأْمَنْ أَنْ يَخْرُجَ سَهْمُ الرِّقِّ عَلَى الْأَسْبَقِ فَيَلْزَمُ إرْقَاقُ حُرٍّ وَتَحْرِيرُ رَقِيقٍ، وَقَوْلِي وَالْأَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَإِنْ أَطْلَقَتَا
(أَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ أَنَّهُ أَوْصَى بِعِتْقِ سَالِمٍ وَ) شَهِدَ (وَارِثَانِ) عَدْلَانِ (أَنَّهُ رَجَعَ) عَنْ ذَلِكَ (وَوَصَّى بِعِتْقِ غَانِمٍ وَكُلٌّ) مِنْهُمَا (ثُلُثُهُ) أَيْ ثُلُثِ مَالِهِ (تَعَيَّنَ) لِلْإِعْتَاقِ (غَانِمٌ) دُونَ سَالِمٍ وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ فِي الشَّهَادَةِ بِالرُّجُوعِ عَنْهُ بِذِكْرِ بَدَلٍ يُسَاوِيهِ وَخَرَجَ بِثُلُثِهِ مَا لَوْ كَانَ غَانِمٌ دُونَهُ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَةُ الْوَارِثَيْنِ فِي الْقَدْرِ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا وَفِي الْبَاقِي خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ (فَإِنْ كَانَا) أَيْ الْوَارِثَانِ (حَائِزَيْنِ فَاسِقَيْنِ فَ) يَتَعَيَّنُ لِلْإِعْتَاقِ (سَالِمٌ) بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ لِاحْتِمَالِ الثُّلُثِ لَهُ (وَثُلُثَا غَانِمٍ) بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ الَّذِي تَضَمَّنَتْهُ شَهَادَتُهُمَا لَهُ وَكَأَنَّ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ وَلَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ بِشَهَادَتِهِمَا لِفِسْقِهِمَا وَلَوْ كَانَا غَيْرَ جَائِزَيْنِ عَتَقَ مِنْ غَانِمٍ قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا.
(فَصْلٌ) فِي الْقَائِفِ
وَهُوَ الْمُلْحِقُ لِلنَّسَبِ عِنْدَ الِاشْتِبَاهِ بِمَا خَصَّهُ اللَّهُ تَعَالَى بِهِ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ
،
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُسْتَصْحِبَةٌ لِلْحَيَاةِ أَيْ لِحَيَاةِ الْأَبِ بَعْدَ إسْلَامِ الِابْنِ (قَوْلُهُ: فَيَحْلِفُ النَّصْرَانِيُّ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ بَقَاءُ حَيَاةِ الْأَبِ إلَى إسْلَامِ ابْنِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: بَقَاؤُهُ) أَيْ بَقَاءِ الْوَلَدِ عَلَى دِينِهِ إلَى مَوْتِ أَبِيهِ
(قَوْلُهُ: أَوْ بَلَغَ) هَذِهِ اللَّفْظَةُ ثَابِتَةٌ فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ بَعْدُ فِي الثَّالِثَةِ وَفِي نُسْخَةٍ إسْقَاطُهَا وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِلنُّسَخِ الَّتِي فِيهَا الثَّانِيَةُ بَدَلُ الثَّالِثَةِ عَبْدُ الْبَرِّ مُلَخَّصًا وَإِسْقَاطُهَا أَوْلَى؛ لِأَنَّهَا عَيْنُ قَوْلِهِ أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ تَأَمَّلْ وَعِبَارَةُ ح ل. قَوْله: بَعْدَ إسْلَامِنَا أَيْ فَهُوَ مُسْلِمٌ تَبَعًا وَفِيهِ أَنَّ هَذِهِ هِيَ قَوْلُهُ: أَسْلَمْنَا قَبْلَ بُلُوغِهِ إلَّا أَنْ يُقَالَ الْأُولَى الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ الْإِسْلَامِ، وَالثَّانِيَةُ الِاخْتِلَافُ فِي وَقْتِ الْبُلُوغِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقُوا) أَيْ أَوْ عُرِفَ لَهُمَا كُفْرٌ وَاتَّفَقُوا إلَخْ (قَوْلُهُ: عَمَلًا بِالظَّاهِرِ) وَهُوَ إسْلَامُ الْأَبَوَيْنِ أَصَالَةً بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: فِي الْأُولَى) وَهِيَ إذَا لَمْ يُعْرَفْ لَهُمَا كُفْرٌ سَابِقٌ وَالثَّانِيَةُ قَوْلُهُ: أَوْ اتَّفَقُوا (قَوْلُهُ: بَقَاءُ الصِّبَا) أَيْ إلَى وَقْتِ الْإِسْلَامِ كَيْ يَتْبَعَهُمَا فِيهِ بِرْمَاوِيٌّ
(قَوْلُهُ: كَمَا فِي سَائِرِ التَّصَرُّفَاتِ الْمُنَجَّزَةِ إلَخْ) أَيْ فَإِنَّهُ إذَا لَمْ يَسَعْهَا الثَّالِثُ يُقَدَّمُ الْأَسْبَقُ فَالْأَسْبَقُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ: زِيَادَةَ عِلْمٍ) أَيْ بِتَقْدِيمِ تَارِيخِ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: فَيَلْزَمُ إلَخْ) وَلَا نَظَرَ لِلُزُومِ ذَلِكَ فِي النِّصْفِ؛ لِأَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ الْكُلِّ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: أَوْ شَهِدَ أَجْنَبِيَّانِ) أَيْ عَدْلَانِ ع ش فَفِيهِ حَذْفٌ مِنْ الْأَوَّلِ لِدَلَالَةِ الثَّانِي (قَوْلُهُ: وَكُلٌّ مِنْهُمَا ثُلُثُهُ) بِأَنْ كَانَتْ قِيمَةُ كُلٍّ مِنْهُمَا مِائَةٌ وَكَانَ عِنْدَهُ مِائَةٌ غَيْرُهُمَا. (قَوْلُهُ: تَعَيَّنَ لِلْإِعْتَاقِ غَانِمٌ) ؛ لِأَنَّ الْوَرَثَةَ أَعْلَمُ بِحَالِ الْمُوَرِّثِ (قَوْلُهُ: وَارْتَفَعَتْ التُّهْمَةُ) وَكَوْنُ الثَّانِي أَهْدَى لِجَمْعِ الْمَالِ الَّذِي يَرِثُونَهُ بِالْوَلَاءِ بَعِيدٌ فَلَمْ يَقْدَحْ تُهْمَةً سم (قَوْلُهُ: دُونَهُ) كَأَنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ خَمْسِينَ (قَوْلُهُ: الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا) وَهُوَ النِّصْفُ الْآخَرُ فِي مِثَالِنَا.
(قَوْلُهُ: خِلَافُ تَبْعِيضِ الشَّهَادَةِ) وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا لَا تَتَبَعَّضُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ الشَّافِعِيُّ فَيُعْتَقُ الْعَبْدَانِ: الْأَوَّلُ بِالشَّهَادَةِ وَالثَّانِي بِإِقْرَارِ الْوَارِثَيْنِ إذَا كَانَا حَائِزَيْنِ وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ قَدْرُ نَصِيبِهِمَا سم بِالْمَعْنَى ح ل وَإِذَا قُلْنَا بِالتَّبْعِيضِ عَتَقَ غَانِمٌ كُلُّهُ وَبَعْضُ سَالِمٍ الَّذِي لَمْ يُثْبِتَا لَهُ بَدَلًا شَرْحُ الْبَهْجَةِ (قَوْلُهُ: وَثُلُثَا غَانِمٍ) بِأَنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ سَالِمٍ وَغَانِمٍ يُسَاوِي مِائَةً وَهُنَاكَ مِائَةٌ فَإِذَا هَلَكَ سَالِمٌ كَانَتْ التَّرِكَةُ غَانِمًا وَالْمِائَةَ فَيُعْتَقُ مِنْ غَانِمٍ ثُلُثَاهُ لِأَنَّهُمَا ثُلُثُ التَّرِكَةِ (قَوْلُهُ: وَكَأَنَّ سَالِمًا هَلَكَ أَوْ غُصِبَ مِنْ التَّرِكَةِ) عَمَلًا بِشَهَادَةِ الْوَارِثَيْنِ الْحَائِزَيْنِ بِأَنَّهُ رَجَعَ عَنْ الْوَصِيَّةِ بِهِ فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ إنَّ الْوَصِيَّةَ بِهِ ثَبَتَتْ بِشَهَادَةِ الْأَجْنَبِيَّيْنِ وَهُوَ ثُلُثُ مَالِهِ فَمُقْتَضَى شَهَادَتِهِمَا أَنَّهُ يُحْسَبُ مِنْ التَّرِكَةِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَثْبُتُ الرُّجُوعُ) أَيْ عَنْ عِتْقِ سَالِمٍ (قَوْلُهُ: قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ وَهُوَ ثُلُثُ غَانِمٍ إنْ كَانَ لَهُمَا أَخَوَانِ؛ لِأَنَّ التَّرِكَةَ مِائَتَانِ وَنَصِيبُهُمَا مِنْهَا مِائَةٌ وَثُلُثُهَا يُسَاوِي ثُلُثَ قِيمَةِ غَانِمٍ قَالَهُ ب ر. (قَوْلُهُ: قَدْرُ ثُلُثِ حِصَّتِهِمَا) أَيْ مِنْ التَّرِكَةِ أَيْ مَعَ عِتْقِ سَالِمٍ كُلِّهِ.
[فَصْلٌ فِي الْقَائِفِ]
[شُرُوطُ الْقَائِفِ]
(فَصْلٌ: فِي الْقَائِفِ) وَهُوَ لُغَةً مُتَتَبِّعُ الْأَثَرِ وَالشَّبَهِ م ر مِنْ قَوْلِهِمْ قَفَوْتُهُ إذَا اتَّبَعْت أَثَرَهُ وَالْجَمْعُ قَافَةٌ
(شَرْطُ الْقَائِفِ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَاتِ) هَذَا أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ عَلَى الْإِسْلَامِ وَالْعَدَالَةِ وَالْحُرِّيَّةِ وَالذُّكُورَةِ (وَتَجْرِبَةٌ) فِي مَعْرِفَةِ النَّسَبِ بِأَنْ يُعْرَضَ عَلَيْهِ وَلَدٌ فِي نِسْوَةٍ لَيْسَ فِيهِنَّ أُمُّهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ ثُمَّ فِي نِسْوَةٍ فِيهِنَّ أُمُّهُ فَإِنْ أَصَابَ فِي الْمَرَّاتِ جَمِيعًا اُعْتُمِدَ قَوْلُهُ: وَذِكْرُ الْأُمِّ مَعَ النِّسْوَةِ لَيْسَ لِلتَّقْيِيدِ بَلْ لِلْأَوْلَوِيَّةِ إذْ الْأَبُ مِنْ الرِّجَالِ كَذَلِكَ عَلَى الْأَصَحِّ فَيُعْرَضُ عَلَيْهِ الْوَلَدُ فِي رِجَالٍ كَذَلِكَ بَلْ سَائِرُ الْعَصَبَةِ وَالْأَقَارِبِ كَذَلِكَ وَبِمَا ذُكِرَ عُلِمَ مَا صَرَّحَ بِهِ الْأَصْلُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ عَدَدٌ كَالْقَاضِي وَلَا كَوْنُهُ مِنْ بَنِي مُدْلِجٍ نَظَرًا لِلْمَعْنَى خِلَافًا لِمَنْ شَرَطَهُ وُقُوفًا مَعَ مَا وَرَدَ فِي الْخَبَرِ.
وَهُوَ مَا رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مَسْرُورًا فَقَالَ أَلَمْ تَرَيْ أَنَّ مُجَزِّزًا الْمُدْلِجِيَّ دَخَلَ عَلَيَّ فَرَأَى أُسَامَةَ وَزَيْدًا عَلَيْهِمَا قَطِيفَةٌ قَدْ غَطَّيَا رُءُوسَهُمَا وَقَدْ بَدَتْ أَقْدَامُهُمَا فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ»
(فَإِذَا تَدَاعَيَا) أَيْ اثْنَانِ (وَإِنْ لَمْ يَتَّفِقَا إسْلَامًا وَحُرِّيَّةً مَجْهُولًا) لَقِيطًا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ وَلَدَ مَوْطُوءَتِهِمَا وَأَمْكَنَ كَوْنُهُ مِنْ كُلٍّ) مِنْهُمَا (كَأَنْ وَطِئَا امْرَأَةً بِشُبْهَةٍ) كَأَمَةٍ لَهُمَا (أَوْ) وَطِئَ (أَحَدُهُمَا زَوْجَةَ الْآخَرِ بِشُبْهَةٍ وَوَلَدَتْهُ لِمَا بَيْنَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَأَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْئِهِمَا عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْقَائِفِ فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ مِنْهُمَا.
(فَإِنْ تَخَلَّلَ) وَطْأَهُمَا (حَيْضَةٌ فَلِلثَّانِي) الْوَلَدُ؛ لِأَنَّ فِرَاشَهُ بَاقٍ وَفِرَاشَ الْأَوَّلِ قَدْ انْقَطَعَ بِالْحَيْضَةِ (إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ) وَالثَّانِي وَاطِئًا بِشُبْهَةٍ فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْوَطْءِ مَعَ فِرَاشِ النِّكَاحِ الصَّحِيحِ قَائِمٌ مَقَامَ نَفْسِ الْوَطْءِ وَالْإِمْكَانُ حَاصِلٌ بَعْدَ الْحَيْضَةِ فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ زَوْجًا فِي نِكَاحٍ فَاسِدٍ انْقَطَعَ تَعَلُّقُهُ؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَصِيرُ فِرَاشًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَبَائِعٍ وَبَاعَةٍ عَبْدُ الْبَرِّ وز ي وَعِبَارَةُ الرَّشِيدِيِّ يُقَالُ قَافَ أَثَرَهُ مِنْ بَابِ قَالَ إذَا تَتَبَّعَهُ مِثْلُ قَفَا أَثَرَهُ وَيُجْمَعُ الْقَائِفُ عَلَى قَافَةٍ اهـ وَأَصْلُهُ قِيفَةٌ قُلِبَتْ الْيَاءُ أَلْفًا لِتَحَرُّكِهَا وَانْفِتَاحِ مَا قَبْلِهَا فَهُوَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ:
وَشَاعَ نَحْوُ كَامِلٍ وَكَمَلَهُ
بِالنَّظَرِ لِلتَّقْدِيرِ
(قَوْلُهُ: هَذَا أَوْلَى مِنْ اقْتِصَارِهِ إلَخْ) ؛ لِأَنَّ كَلَامَ الْأَصْلِ لَا يَشْمَلُ بَقِيَّةَ شُرُوطِ الشَّاهِدِ كَكَوْنِهِ نَاطِقًا بَصِيرًا غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ وَغَيْرَ عَدُوٍّ لِمَنْ يَنْفِي عَنْهُ وَلَا بَعْضٍ لِمَنْ يَلْحَقُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ أَوْ حَاكِمٌ وَالْأَوْجَهُ كَمَا قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ عَدَمُ اعْتِبَارِ سَمْعِهِ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ الْأَصْحَابِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَتَجْرِبَةٌ) وَإِذَا حَصَلَتْ التَّجْرِبَةُ اعْتَمَدْنَا إلْحَاقَهُ وَلَا تُجَدَّدُ التَّجْرِبَةُ لِكُلِّ إلْحَاقٍ شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ) هُوَ صَرِيحٌ فِي اشْتِرَاطِ الثَّلَاثِ وَاعْتَمَدَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا لَكِنْ قَالَ الْإِمَامُ الْعِبْرَةُ بِغَلَبَةِ الظَّنِّ وَقَدْ تَحْصُلُ بِدُونِ ثَلَاثٍ وَاسْتَشْكَلَ الْبَارِزِيُّ خُلُوَّ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْأُوَلِ بِأَنَّهُ قَدْ يُعْلَمُ ذَلِكَ فَلَا يَبْقَى فِيهِنَّ فَائِدَةٌ وَقَدْ يُصِيبُ فِي الرَّابِعَةِ اتِّفَاقًا.
فَالْأَوْلَى أَنْ يُعْرَضَ مَعَ كُلِّ صِنْفٍ وَلَدٌ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ أَوْ فِي بَعْضِ الْأَصْنَافِ وَلَا تَخْتَصُّ بِهِ الرَّابِعَةُ فَإِذَا أَصَابَ فِي الْكُلِّ عُلِمَتْ تَجْرِبَتِهِ حِينَئِذٍ ذِ. اهـ. وَكَوْنُ ذَلِكَ أَوْلَى ظَاهِرًا فَهُوَ غَيْرُ مُنَافٍ لِكَلَامِهِمْ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي نِسْوَةٍ) وَيَجُوزُ لَهُ النَّظَرُ لِلنِّسَاءِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ لِلْحَاجَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: نَظَرًا لِلْمَعْنَى) وَهُوَ شِدَّةُ إدْرَاكِهِ لُحُوقَ الْأَنْسَابِ لِمَا خَصَّهُ اللَّهُ مِنْ عِلْمِ ذَلِكَ وَعِبَارَةُ م ر؛ لِأَنَّ الْقِيَافَةَ نَوْعُ عِلْمٍ فَمَنْ عَلِمَهُ عَمِلَ بِهِ (قَوْلُهُ: مَعَ مَا وَرَدَ) أَيْ عَلَى مَاوَرْدَ (قَوْلُهُ: إنَّ مُجَزِّزًا) بِزَاءَيْنِ مُعْجَمَتَيْنِ كَمَا فِي ع ش وَالْأُولَى مِنْهُمَا مُشَدَّدَةٌ مَكْسُورَةٌ وَسُمِّيَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ كُلَّمَا أَخَذَا أَسِيرًا جَزَّ رَأْسَهُ أَيْقَطَعَهُ (قَوْلُهُ: فَرَأَى أُسَامَةَ) هُوَ ابْنُ زَيْدٍ قَالَ أَبُو دَاوُد كَانَ أُسَامَةُ أَسْوَدَ وَزَيْدٌ أَبْيَضَ م ر (قَوْلُهُ: فَقَالَ إنَّ هَذِهِ الْأَقْدَامَ إلَخْ) فَلَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ قَوْلَهُ لَمَنَعَهُ مِنْ الْمُجَازَفَةِ؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَا يُقِرُّ عَلَى خَطَأٍ وَلَا يُسَرُّ إلَّا بِالْحَقِّ شَرْحُ م ر وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى الْمُنَافِقِينَ حَيْثُ طَعَنُوا فِي نَسَبِ أُسَامَةَ وَقَالُوا لَيْسَ ابْنُ زَيْدٍ؛ لِأَنَّ زَيْدًا كَانَ أَبْيَضَ وَأُسَامَةُ كَانَ أَسْوَدَ وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَتَشَوَّشُ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُمَا - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا - كَانَا حِبِّيهِ صلى الله عليه وسلم فَإِقْرَارُهُ صلى الله عليه وسلم وَسُرُورُهُ بِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْقِيَافَةَ حَقٌّ، وَوَجْهُ الرَّدِّ عَلَى الْمُنَافِقِينَ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَلِّمُونَ الْحُكْمَ بِالْقَائِفِ لِأَنَّهُ كَانَ أَمْرًا مَعْرُوفًا عِنْدَهُمْ شَيْخُنَا.
قَالَ ع ش عَلَى م ر وَعَلَى هَذَا فَيَجِبُ الْعَمَلُ بِقَوْلِهِ وَيُثَابُ عَلَى ذَلِكَ وَهَلْ تَجِبُ الْأُجْرَةُ لَهُ عَلَى ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ
(قَوْلُهُ: عُرِضَ عَلَيْهِ) أَيْ مَعَ الْمُتَدَاعِيَيْنِ إنْ كَانَ صَغِيرًا إذْ الْكَبِيرُ لَا بُدَّ مِنْ تَصْدِيقِهِ كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ وَالْمَجْنُونُ كَالصَّغِيرِ وَأَلْحَقَ بِهِ الْبُلْقِينِيُّ مُغْمًى عَلَيْهِ وَنَائِمًا وَسَكْرَانَ غَيْرَ مُتَعَدٍّ وَمَا ذَكَرَهُ فِي النَّائِمِ بَعِيدٌ جِدًّا فَإِنْ لَمْ يَكُنْ قَائِفٌ أَوْ تَحَيَّرَا اُعْتُبِرَ انْتِسَابُ الْوَلَدِ بَعْدَ كَمَالِهِ قَالَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَلَوْ كَانَ الِاشْتِبَاهُ لِلِاشْتِرَاكِ فِي الْفِرَاشِ لَمْ يُقْبَلْ إلْحَاقُ الْقَائِفِ إلَّا أَنْ يَحْكُمَ حَاكِمٌ ذَكَرَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَحَكَاهُ فِي الْمَطْلَبِ عَنْ مُلَخَّصِ كَلَامِ الْأَصْحَابِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَيَلْحَقُ مَنْ أَلْحَقَهُ بِهِ) وَلَا يُنْقَضُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ فَلَوْ بَلَغَ وَانْتَسَبَ لَمْ يُؤَثِّرْ بِخِلَافِ عَكْسِهِ شَرْحُ م ر وَمُحَصِّلُ مَا فِي الزَّرْكَشِيّ أَنَّهُ إذَا أَلْحَقَهُ بِأَحَدِهِمَا فَإِنْ رَضِيَا بِذَلِكَ بَعْدَ الْإِلْحَاقِ ثَبَتَ نَسَبُهُ وَإِلَّا فَإِنْ كَانَ الْقَاضِي اسْتَخْلَفَهُ وَجَعَلَهُ حَاكِمًا بَيْنَهُمَا جَازَ وَنَفَذَ حُكْمُهُ بِمَا رَآهُ وَإِلَّا فَلَا يَثْبُتُ النَّسَبُ بِقَوْلِهِ وَإِلْحَاقُهُ حَتَّى يَحْكُمُ الْحَاكِمُ. اهـ. وَقَضِيَّتُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ قَائِفَيْنِ فِي الشِّقِّ الْأَخِيرِ يَشْهَدَانِ عِنْدَ الْقَاضِي سم.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْقَطِعُ تَعَلُّقُ الْأَوَّلِ) بَلْ يُعْرَضُ الْوَلَدُ عَلَى الْقَائِفِ كَمَا فِي الْإِسْعَادِ ز ي.