الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أَوْ ارْتَدَّ حُدَّ) قَاذِفُهُ وَالْفَرْقُ أَنَّ الزِّنَا مَثَلًا يُكْتَمُ مَا أَمْكَنَ فَظُهُورُهُ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ غَالِبًا وَالرِّدَّةُ عَقِيدَةٌ وَالْعَقِيدَةُ لَا تَخْفَى غَالِبًا فَإِظْهَارُهَا لَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ الْإِخْفَاءِ غَالِبًا وَتَعْبِيرِي بِفَعَلَ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِزَنَى.
(وَيَرِثُ مُوجَبَ قَذْفٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ مِنْ حَدٍّ وَتَعْزِيرٍ (كُلُّ الْوَرَثَةِ) حَتَّى الزَّوْجَانِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقُّ آدَمِيٍّ لِتَوَقُّفِ اسْتِيفَائِهِ عَلَى مُطَالَبَةِ الْآدَمِيِّ بِهِ، وَحَقُّ الْآدَمِيِّ شَأْنُهُ ذَلِكَ وَلَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ رَقِيقًا وَمَاتَ قَبْلَ اسْتِيفَاءِ التَّعْزِيرِ اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُهُ (وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ) عَنْهُ مِنْهُمْ أَوْ مِنْ الْمَقْذُوفِ بِأَنْ قَذَفَ حَيًّا ثُمَّ عَفَا قَبْلَ مَوْتِهِ، وَبِإِرْثِ الْقَاذِفِ لَهُ (وَلَوْ عَفَا بَعْضُهُمْ) عَنْهُ أَوْ عَنْ بَعْضِهِ (فَلِلْبَاقِي كُلُّهُ) أَيْ: اسْتِيفَاءُ كُلِّهِ؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ كَوِلَايَةِ التَّزْوِيجِ وَحَقِّ الشُّفْعَةِ، وَفَارَقَ الْقَوَدُ حَيْثُ يَسْقُطُ كُلُّهُ بِعَفْوِ بَعْضِهِمْ بِأَنَّ لِلْقَوَدِ بَدَلًا يُعْدَلُ إلَيْهِ وَهُوَ الدِّيَةُ بِخِلَافِ مُوجَبِ الْقَذْفِ وَلِأَنَّ مُوجَبَهُ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ بَدَلًا، وَالْقَوَدَ ثَبَتَ لِكُلٍّ مِنْهُمْ مُبَعَّضًا وَلِذَلِكَ صَرَّحَ الْمَاوَرْدِيُّ بِأَنَّ لِبَعْضِهِمْ أَنْ يَنْفَرِدَ بِطَلَبِهِ الْكُلَّ وَاسْتِيفَائِهِ سَوَاءٌ أَحَضَرَ الْبَاقُونَ وَكَمَّلُوا أَمْ لَا، وَتَعْبِيرِي بِالْمُوجَبِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحَدِّ.
(فَصْلٌ) فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ
(لَهُ قَذْفُ زَوْجَةٍ) لَهُ (عَلِمَ زِنَاهَا) بِأَنْ رَآهُ بِعَيْنِهِ (أَوْ ظَنَّهُ) ظَنًّا (مُؤَكَّدًا كَشِيَاعِ زِنَاهَا بِزَيْدٍ مَعَ قَرِينَةٍ كَأَنْ رَآهُمَا بِخَلْوَةٍ) أَوْ رَآهَا تَخْرُجُ مِنْ عِنْدِهِ، فَلَا يَكْفِي مُجَرَّدُ الشِّيَاعِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يُشِيعُهُ عَدُوٌّ لَهَا أَوْ لَهُ أَوْ مَنْ طَمِعَ فِيهَا فَلَمْ يَظْفَرْ بِشَيْءٍ وَلَا مُجَرَّدُ الْقَرِينَةِ كَالْقَرِينَةِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا دَخَلَ بَيْتَهَا لِخَوْفٍ أَوْ سَرِقَةٍ أَوْ طَمَعٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالنِّسْبَةِ لِلْعُقُوبَاتِ الْأُخْرَوِيَّةِ وَكَلَامُنَا فِي الْخَلَلِ الدُّنْيَوِيِّ م ر وَع ش مُلَخَّصًا.
. (قَوْلُهُ: أَوْ ارْتَدَّ) أَيْ: بَعْدَ الْقَذْفِ وَقَوْلُهُ: وَالْفَرْقُ أَيْ: بَيْنَ مَا إذَا قَذَفَهُ ثُمَّ زَنَى مَثَلًا فَلَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ وَبَيْنَ مَا إذَا قَذَفَهُ ثُمَّ ارْتَدَّ الْمَقْذُوفُ فَيُحَدُّ قَاذِفُهُ وَقَوْلُهُ: مَثَلًا أَيْ: أَوْ وَطِئَ الْمَحْرَمُ لِلْمَمْلُوكَةِ أَوْ دُبُرِ حَلِيلَتِهِ. (قَوْلُهُ: فَإِظْهَارُهَا لَا يَدُلُّ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ دَلَّ عَلَى ذَلِكَ لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُرْتَدًّا حَالَ الْقَذْفِ فَلَا يَكُونُ مُحْصَنًا.
. (قَوْلُهُ: كُلُّ الْوَرَثَةِ) أَيْ: عَلَى سَبِيلِ الْبَدَلِ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يَرِثُهُ وَإِلَّا لَتَعَدَّدَ الْحَدُّ بِتَعَدُّدِ الْوَرَثَةِ ز ي قَالَ م ر: وَمِنْ الْوَرَثَةِ بَيْتُ الْمَالِ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ خَاصٌّ. (قَوْلُهُ: حَتَّى الزَّوْجَانِ) الْغَايَةُ لِلرَّدِّ قَالَ الشَّوْبَرِيُّ نَقْلًا عَنْ م ر: نَعَمْ قَذْفُ الْمَيِّتِ لَا يَرِثُهُ الزَّوْجُ أَوْ الزَّوْجَةُ عَلَى الْأَوْجَهِ لِانْقِطَاعِ الْوَصْلَةِ بَيْنَهُمَا وَلَا يُنَافِيهِ تَصْرِيحُهُمْ بِبَقَاءِ آثَارِ النِّكَاحِ بَعْدَ الْمَوْتِ لِضَعْفِهَا عَنْ شُمُولِ سَائِرِ مَا كَانَ قَبْلَهُ شَرْحُ شَيْخِنَا وحج كَالشَّارِحِ وَانْظُرْ مَا مَعْنَى إرْثِ غَيْرِ الزَّوْجِ أَوْ الزَّوْجَةِ لِحَدِّ قَذْفِ الْمَيِّتِ هَلْ يُقَدَّرُ ثُبُوتُهُ لِلْمَيِّتِ ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِلْوَارِثِ الْآنَ أَوْ كَيْفَ الْحَالُ؟ شَوْبَرِيٌّ وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يُقَدَّرُ ثُبُوتُهُ لِلْمَيِّتِ أَوَّلًا ثُمَّ انْتِقَالُهُ لِلْوَرَثَةِ وَعَلَيْهِ يَنْبَغِي أَنَّهُ لَوْ تَجَدَّدَ لِلْمَيِّتِ قَرَابَةٌ بَعْدَ الْمَوْتِ وَفُرِضَ أَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْآنَ وَرِثُوهُ لَا يَثْبُتُ لَهُمْ شَيْءٌ فِي الْحَدِّ؛ لِأَنَّهُ حَيْثُ قُدِّرَ انْتِقَالُهُ لِلْوَرَثَةِ تَعَيَّنَ حَصْرُ الْإِرْثِ فِيمَنْ كَانَ مَوْجُودًا وَقْتَ الْمَوْتِ اهـ. ع ش. (قَوْلُهُ: شَأْنُهُ ذَلِكَ) أَيْ: يَرِثُهُ كُلُّ الْوَرَثَةِ. (قَوْلُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَقْذُوفُ رَقِيقًا) هُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا لَوْ كَانَ رَقِيقًا كُلَّهُ فَلَوْ كَانَ مُبَعَّضًا فَلَا حَدَّ لِقَاذِفِهِ لِانْتِفَاءِ الْحُرِّيَّةِ الْكَامِلَةِ وَلَكِنْ يُعَزَّرُ وَهَلْ تَعْزِيرُهُ لِلْوَرَثَةِ مَعَ السَّيِّدِ أَوْ لِلْحَاكِمِ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي الثَّانِي فَيَكُونُ الْحَاكِمُ نَائِبًا فِي الِاسْتِيفَاءِ عَنْ الْوَرَثَةِ وَالسَّيِّدِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: اسْتَوْفَاهُ سَيِّدُهُ) وَلَوْ قَذَفَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ فَلِلْعَبْدِ أَنْ يُطَالِبَهُ بِالتَّعْزِيرِ فَإِنْ مَاتَ الْعَبْدُ سَقَطَ عَنْ السَّيِّدِ لِإِرْثِهِ لَهُ وَهُوَ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَى نَفْسِهِ اهـ. بِرْمَاوِيٌّ وَقَوْلُهُ: لِإِرْثِهِ الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ لِانْتِقَالِهِ لَهُ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُورَثُ.
(قَوْلُهُ: وَيَسْقُطُ) أَيْ بِالنِّسْبَةِ لِحَقِّهِمْ لَا لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَسْقُطُ فَلِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ ح ل وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَسْقُطُ بِعَفْوٍ أَيْ: عَنْ كُلِّهِ فَلَوْ عَفَا عَنْ بَعْضِ الْحَدِّ لَمْ يَسْقُطْ شَيْءٌ مِنْهُ وَلَا يُخَالِفُ سُقُوطُ التَّعْزِيرِ بِالْعَفْوِ مَا فِي بَابِهِ أَنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ؛ لِأَنَّ السَّاقِطَ حَقُّ الْآدَمِيِّ وَاَلَّذِي يَسْتَوْفِيهِ الْإِمَامُ حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى لِلْمَصْلَحَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ عَنْ بَعْضِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْعَفْوَ عَنْ الْبَعْضِ يُسْقِطُ حَقَّ الْعَافِي وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ وَعِبَارَةُ ع ش قَوْلُهُ: فَلِلْمُعَافَى كُلُّهُ أَيْ: كَمَا أَنَّ لِلْعَافِي إذَا عَفَا عَنْ الْبَعْضِ الْعَوْدَ وَاسْتِيفَاءَ حَقِّهِ بِكَمَالِهِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَفَا عَنْ الْبَعْضِ لَا يَسْقُطُ شَيْءٌ مِنْهُ وَعِبَارَةُ الْبِرْمَاوِيِّ قَوْلُهُ: فَلِلْعَافِي أَيْ: وَلَوْ وَاحِدًا وَلَوْ أَقَلَّهُمْ نَصِيبًا. (قَوْلُهُ: وَلِأَنَّ مُوجَبَهُ) أَيْ: الْقَذْفِ وَقَوْلُهُ: بَدَلًا أَيْ: عَنْ الْآخَرِ بِمَعْنَى أَنَّ لِكُلٍّ أَنْ يَسْتَوْفِيَهُ، وَقَوْلُهُ مُبَعَّضًا أَيْ: مُجَزَّأً كَثُلُثٍ وَرُبُعٍ مَثَلًا وَقَوْلُهُ: بِأَنَّ لِبَعْضِهِمْ أَيْ: فِي الْقَذْفِ. .
[فَصْلٌ فِي قَذْفِ الزَّوْجِ زَوْجَتَهُ]
أَيْ: فِي حُكْمِهِ مِنْ الْجَوَازِ وَالْوُجُوبِ وَالِامْتِنَاعِ شَيْخُنَا وَالْوُجُوبُ عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ صَرِيحًا إنْ جُعِلَ قَوْلُهُ: مَعَ قَذْفٍ وَلِعَانِ رَاجِعًا لِلُّزُومِ وَالنَّفْيِ أَيْضًا، وَضِمْنًا إنْ جُعِلَ رَاجِعًا لِحُرْمَةِ النَّفْيِ فَقَطْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ فَيَحْرُمَانِ وَلَمْ يَقُلْ فَيَلْزَمَانِ وَيَحْرُمَانِ إلَّا أَنْ يُقَالَ اسْتَغْنَى عَنْ ذِكْرِ اللُّزُومِ بِذِكْرِهِ سَابِقًا بِقَوْلِهِ فَيَلْزَمَانِهِ أَيْضًا فَيَكُونُ أَخْذُهُ مِنْ هَذَا كَمَا هُوَ عَادَتُهُ. (قَوْلُهُ: قَذْفُ زَوْجَةٍ) لَمْ يَقُلْ زَوْجَتِهِ لِأَنَّهَا حِينَئِذٍ مَعْرِفَةٌ، وَالْمَعَارِفَ لَا تُوصَفُ بِالْجُمَلِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ع ن قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
وَنَعَتُوا بِجُمْلَةٍ مُنَكَّرَا
إلَخْ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ رَآهُ) أَيْ: رَأَى مَا يُحَصِّلُهُ وَهُوَ الذَّكَرُ فِي الْفَرْجِ لِأَنَّ الزِّنَا مَعْنًى لَا يُرَى وَلَيْسَتْ الْبَاءُ لِلْحَصْرِ بَلْ بِمَعْنَى الْكَافِ لِأَنَّ مِثْلَ الرُّؤْيَةِ إخْبَارُ عَدَدِ التَّوَاتُرِ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ الْعِلْمَ أَيْضًا شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: كَشِيَاعِ زِنَاهَا) أَيْ: كَالظَّنِّ الْمُسْتَفَادِ مِنْ الشِّيَاعِ فَالشِّيَاعُ مِثَالٌ لِمَا يُسْتَفَادُ مِنْهُ الظَّنُّ لَا لِلظَّنِّ شَيْخُنَا.
وَإِنَّمَا جَازَ لَهُ الْقَذْفُ حِينَئِذٍ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ اللِّعَانُ الَّذِي يَخْلُصُ بِهِ مِنْ الْحَدِّ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى الِانْتِقَامِ مِنْهَا لِتَلْطِيخِهَا فِرَاشَهُ وَلَا يَكَادُ يُسَاعِدُهُ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةٌ أَوْ إقْرَارٌ وَالْأَوْلَى أَنْ يَسْتُرَ عَلَيْهَا وَيُطَلِّقَهَا إنْ كَرِهَهَا هَذَا كُلُّهُ حَيْثُ لَا وَلَدَ.
(فَإِنْ أَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ) ظَنًّا مُؤَكَّدًا (أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ) مَعَ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ ظَاهِرًا (بِأَنْ لَمْ يَطَأْهَا، أَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ وَطْءِ الَّتِي هِيَ أَقَلُّ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ الْعَقْدِ (أَوْ لِفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْ وَطْءٍ) الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مُدَّةِ الْحَمْلِ وَفِي مَعْنَى الْوَطْءِ اسْتِدْخَالُ الْمَنِيِّ (أَوْ لِمَا بَيْنَهُمَا) أَيْ بَيْنَ دُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَفَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ (مِنْهُ وَمَنْ زِنًا بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ بِحَيْضَةٍ لَزِمَهُ نَفْيُهُ) ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ يَتَضَمَّنُ اسْتِلْحَاقَهُ، وَاسْتِلْحَاقَ مَنْ لَيْسَ مِنْهُ حَرَامٌ كَمَا يَحْرُمُ نَفْيُ مَنْ هُوَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ مَا صَحَّحَهُ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ وَاَلَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْلُ كَالشَّرْحِ الصَّغِيرِ فِيهَا: حِلُّ النَّفْيِ لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ لَا يَنْفِيَهُ؛ لِأَنَّ الْحَامِلَ قَدْ تَحِيضُ، وَطَرِيقُ نَفْيِهِ اللِّعَانُ الْمَسْبُوقُ بِالْقَذْفِ فَيَلْزَمَانِ أَيْضًا وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَذْفُهَا إذَا عَلِمَ زِنَاهَا أَوْ ظَنَّهُ كَمَا مَرَّ فِي جَوَازِهِ وَإِلَّا فَلَا يَقْذِفُهَا لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ الْوَلَدُ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ أَوْ زَوْجٍ قَبْلَهُ.
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ بِأَنْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الزِّنَا أَوْ لِفَوْقِهِ وَدُونَ فَوْقِ أَرْبَعِ سِنِينَ مِنْهُ وَمِنْ الْوَطْءِ بِلَا اسْتِبْرَاءٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ وَإِنَّمَا جَازَ إلَخْ) هَذَا وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ لَهُ قَذْفُ زَوْجَتِهِ إلَخْ يَعْنِي أَنَّهُ كَيْفَ جَازَ لَهُ الْأَمْرُ الْحَرَامُ وَهُوَ الْقَذْفُ مَعَ أَنَّ الزِّنَا إنَّمَا يَثْبُتُ بِإِقْرَارٍ أَوْ بِبَيِّنَةٍ لَا بِعِلْمِهِ وَظَنِّهِ؟ فَكَانَ مُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ الْقَذْفُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ زِنَاهَا بِإِحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ الْمَذْكُورَتَيْنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّهُ وَارِدٌ عَلَى الظَّنِّ لَا عَلَى الْعِلْمِ وَهُوَ ظَاهِرٌ. وَأَجَابَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَخْ، وَأَمَّا قَوْلُهُ الْمُرَتَّبُ عَلَيْهِ إلَخْ فَبَيَانٌ لِلْوَاقِعِ لَا دَخْلَ لَهُ فِي الْإِيرَادِ فَقَوْلُهُ: حِينَئِذٍ أَيْ: حِينَ إذْ ظَنَّهُ ظَنًّا مُؤَكَّدًا. (قَوْلُهُ: عَلَى ذَلِكَ) أَيْ جَوَازِ الْقَذْفِ. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى إلَخْ) فِيهِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّ لَهُ إمْسَاكَهَا مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهَا تَأْتِي بِالْفَاحِشَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: هَذَا) أَيْ: جَوَازُ الْقَذْفِ وَالْأَوْلَى حَذْفُ قَوْلِهِ: كُلُّهُ لِأَنَّ الْمُتَقَدِّمَ حُكْمٌ وَاحِدٌ. (قَوْلُهُ فَإِنْ أَتَتْ) أَيْ: الزَّوْجَةُ لَا بِقَيْدِ أَنَّهُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ زِنَاهَا؛ لِيَدْخُلَ مَا لَوْ أَتَتْ وَلَمْ يَعْلَمْ وَلَمْ يَظُنَّ زِنَاهَا الْآتِيَ فِي قَوْلِهِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَذْفُهَا فَلَا تَكْرَارَ ح ل أَيْ: لِأَنَّا لَوْ قُلْنَا الضَّمِيرُ فِي أَتَتْ لِلزَّوْجَةِ الَّتِي عَلِمَ أَوْ ظَنَّ زِنَاهَا يَكُونُ قَوْلُهُ الْآتِي: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ قَذْفُهَا إذَا عَلِمَ إلَخْ مُكَرَّرًا مَعَ هَذَا لِأَنَّ الْفَرْضَ حِينَئِذٍ أَنَّهُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ زِنَاهَا فَيَكُونُ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ وَيَلْزَمُ عَلَيْهِ أَيْضًا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ النَّفْيُ إلَّا إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ زِنَاهَا مَعَ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا كَأَنْ يَكُونَ مِنْ شُبْهَةٍ، وَأَمَّا الْقَذْفُ فَلَا يَلْزَمُهُ إلَّا إنْ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ زِنَاهَا كَمَا يَأْتِي.
(قَوْلُهُ: وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا إلَخْ) أَيْ: حَتَّى يُمْكِنَ كَوْنُهُ مِنْهُ ظَاهِرًا وَإِلَّا فَلَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ وَالْعَقْدِ كَانَ مَنْفِيًّا عَنْهُ قَطْعًا فَلَا حَاجَةَ لِنَفْيِهِ وَهُوَ رَاجِعٌ لِلْمَسْأَلَتَيْنِ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَالْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ: وَلِأَكْثَرَ مِنْهُ أَيْ: مِنْ الدُّونِ لِيَصْدُقَ بِالسِّتَّةِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمُرَادَ وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا وَلَوْ بِلَحْظَةٍ فَيَصْدُقَ بِهَا وَلَكِنْ يُنَافِيهِ قَوْلُ ز ي وَق ل: إنَّ السِّتَّةَ مُلْحَقَةٌ بِمَا فَوْقَهَا وَالْأَرْبَعَ سِنِينَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا قَالَ حَجّ وَكَأَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا هُنَا لَحْظَةَ الْوَضْعِ وَالْوَطْءِ احْتِيَاطًا لِلنَّسَبِ. اهـ. إلَّا أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمَا عَلَى السِّتَّةِ مِنْ الْوَطْءِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْمُصَنِّفِ أَوْ وَلَدَتْهُ لِدُونِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ فَإِنَّ مَفْهُومَهُ أَنَّهُ إذَا وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ لَحِقَهُ، وَأَمَّا السِّتَّةُ مِنْ الْعَقْدِ فَهِيَ مُلْحَقَةٌ بِمَا دُونَهَا كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الشَّارِحِ هُنَا: وَلِأَكْثَرَ مِنْهَا مِنْ الْعَقْدِ وَقَوْلُهُ بَعْدُ: وَإِنَّمَا يَنْفِي بِهِ مُمْكِنًا مِنْهُ وَإِلَّا كَأَنْ وَلَدَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْعَقْدِ فَلَا يُلَاعِنُ لِنَفْيِهِ لِانْتِفَاءِ إمْكَانِ كَوْنِهِ مِنْهُ فَهُوَ مَنْفِيٌّ عَنْهُ بِلَا لِعَانٍ وَقَوْلُهُ مِنْ الْعَقْدِ الْمُنَاسِبُ لِمَا مَرَّ أَنْ يَقُولَ مِنْ إمْكَانِ الِاجْتِمَاعِ بَعْدَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ اُعْتُرِضَ عَلَى الْأَصْلِ فِي تَعْبِيرِهِ بِذَلِكَ فِي الرَّجْعَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِمَا بَيْنَهُمَا) مِثَالٌ لِظَنِّ زِنَاهَا وَمَا قَبْلَهُ أَيْ الثَّلَاثِ الصُّوَرِ مِثَالٌ لِعِلْمِهِ ح ل.
(قَوْلُهُ: مِنْهُ) حَالٌ مِنْ مَا إذْ مَعْنَاهُ لِزَمَنٍ وَاقِعٍ بَيْنَهُمَا حَالَ كَوْنِهِ مَحْسُوبًا مِنْهُ أَيْ: مِنْ وَطْئِهِ وَمِنْ زِنًا أَيْ: عَلِمَهُ أَوْ ظَنَّهُ فَيُلَاحَظُ هَذَا لِأَجْلِ قَوْلِهِ فِي الْمَفْهُومِ وَكَذَا مِنْ الْوَطْءِ إلَخْ، وَقَوْلُهُ: بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ أَيْ: وَاقِعٍ بَعْدَ اسْتِبْرَاءٍ فَهُوَ صِفَةٌ لِزِنًا يَعْنِي أَنَّ الِاسْتِبْرَاءَ مِنْ الْوَطْءِ لَا مِنْ الزِّنَا فَالزِّنَا بَعْدَ الْوَطْءِ وَبَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْهُ كَأَنْ وَطِئَهَا ثُمَّ حَاضَتْ ثُمَّ زَنَتْ ثُمَّ أَتَتْ بِوَلَدٍ لِثَمَانِيَةِ أَشْهُرٍ مِنْ الْوَطْءِ وَلِسَبْعَةٍ مِنْ الزِّنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ: لُزُومُ النَّفْيِ وَقَوْلُهُ: فِي الْأَخِيرَةِ هِيَ قَوْلُهُ: أَوْ لِمَا بَيْنَهُمَا إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَطَرِيقُ نَفْيِهِ إلَخْ) مُرَادُهُ بِهَذَا تَكْمِيلُ الْمُقَابَلَةِ إذْ كَانَ مُقْتَضَاهَا أَنْ يَقُولَ لَزِمَهُ الْقَذْفُ لِأَنَّ قَوْلَهُ فَإِنْ أَتَتْ إلَخْ مُقَابِلٌ لِقَوْلِهِ: قَذْفُ زَوْجَتِهِ إلَخْ وَتَرَكَ الْمُصَنِّفُ الْمُقَابَلَةَ؛ لِيَشْمَلَ كَلَامُهُ لُزُومَ نَفْيِ الْوَلَدِ مِنْ وَطْءِ الشُّبْهَةِ، وَعُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ وَطَرِيقُ نَفْيِهِ إلَخْ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِمَا اشْتَهَرَ بَيْنَ الْعَوَّامِ مِنْ نَفْيِ وَلَدِهِ عَنْهُ عِنْدَ عُقُوقِهِ لَهُ وَلَوْ كَتَبَ بِذَلِكَ حُجَّةً مِنْ غَيْرِ لِعَانٍ فَيَرِثُهُ عِنْدَ مَوْتِهِ قَطْعًا لِعَدَمِ انْتِفَاءِ نَسَبِهِ عَنْهُ حِينَئِذٍ.
(قَوْلُهُ إنَّمَا يَلْزَمُهُ إلَخْ) هَذَا غَيْرُ مُحْتَاجٍ إلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمُقْسَمَ أَنَّهُ عَلِمَ أَوْ ظَنَّ زِنَاهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ لِلزَّوْجَةِ لَا بِالْقَيْدِ الْمَذْكُورِ كَمَا تَقَدَّمَ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ وَلَدَتْهُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا أَرْبَعُ صُوَرٍ هِيَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ: أَوْ لِمَا بَيْنَهُمَا إلَخْ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَمَّنُ قَيْدَيْنِ لِأَنَّ مَعْنَاهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ دُونَ سِتَّةِ أَشْهُرٍ وَلَا فَوْقَ