الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) فِي الِاسْتِثْنَاءِ (يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ) فِي الطَّلَاقِ كَغَيْرِهِ (بِشَرْطِهِ السَّابِقِ) فِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَهُوَ أَنْ يَنْوِيَهُ قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَأَنْ لَا يَفْصِلَ بِفَوْقٍ نَحْوَ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ، وَأَنَّ لَا يَسْتَغْرِقَ، وَأَنْ لَا يَجْمَعَ الْمُفَرَّقَ فِي الِاسْتِغْرَاقِ (فَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ، وَوَاحِدَةً فَوَاحِدَةٌ) تَقَعُ لَا ثَلَاثٌ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَجْمَعُ الْمُفَرَّقَ فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ، وَلَا فِي الْمُسْتَثْنَى وَلَا فِيهِمَا كَمَا مَرَّ فِي الْإِقْرَارِ، فَيَلْغُو قَوْلُهُ: وَوَاحِدَةٌ لِحُصُولِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهَا
(أَوْ) قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (ثِنْتَيْنِ وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً فَثَلَاثٌ) لَا ثِنْتَانِ بِنَاءً عَلَى مَا ذُكِرَ، فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَاحِدَةِ، فَيَلْغُو الِاسْتِثْنَاءُ، وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقْرَارِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ وَعَكْسُهُ، (وَ) لِهَذَا (لَوْ قَالَ:) أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا
ــ
[حاشية البجيرمي]
طَلُقَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ ثَلَاثًا، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ بِصِفَةٍ لِإِحْدَى زَوْجَاتِهِ وَوُجِدَتْ الصِّفَةُ ثُمَّ مَاتَتْ إحْدَاهُنَّ، أَوْ أَبَانَهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ فِي الْمَيِّتَةِ، أَوْ الْمُبَانَةِ بِخِلَافِ مَا لَوْ مَاتَتْ أَوْ أَبَانَهَا قَبْلَ وُجُودِ الثِّقَةِ فَلَهُ تَعْيِينُ ذَلِكَ فِيهَا، وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ الثَّلَاثَ ثُمَّ عَيَّنَهُ فِي وَاحِدَةٍ صَحَّ التَّعْيِينُ حَتَّى لَوْ مَاتَ قَبْلَ وُجُودِ الصِّفَةِ لَغَا التَّعْلِيقُ ح ل
[فَصْلٌ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ]
. (فَصْلٌ: فِي الِاسْتِثْنَاءِ) وَهُوَ الْإِخْرَاجُ بِإِلَّا أَوْ إحْدَى أَخَوَاتِهَا أَوْ أُخْرِجُ أَوْ أَحُطُّ ح ل أَيْ: تَحْقِيقًا أَوْ تَقْدِيرًا كَالِاسْتِثْنَاءِ الْمُنْقَطِعِ وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الثَّنْيِ، وَهُوَ الصَّرْفُ لِصَرْفِ الْمُسْتَثْنَى عَنْ حُكْمِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ
(قَوْلُهُ: يَصِحُّ اسْتِثْنَاءٌ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِعْيَارُ الْعُمُومِ، وَلَا عُمُومَ فِي نَحْوِ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا إلَّا أَنْ يُقَالَ: اصْطِلَاحُ الْفُقَهَاءِ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ. (قَوْلُهُ: كَغَيْرِهِ) أَيْ: قِيَاسًا عَلَى صِحَّتِهِ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ فِي صِحَّةِ الِاسْتِثْنَاءِ فِي الطَّلَاقِ نَصٌّ فَقِيسَ عَلَى مَا وَرَدَ فِيهِ الِاسْتِثْنَاءُ فَمَا قِيلَ: إنَّهُ لَا حَاجَةَ لِلْقِيَاسِ مَعَ وُجُودِ النَّصِّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْقُرْآنِ، وَغَيْرِهِ غَيْرُ ظَاهِرٍ؛ لِأَنَّ النَّصَّ الْمَوْجُودَ فِي غَيْرِ الطَّلَاقِ، تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: قَبْلَ الْفَرَاغِ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ) أَيْ: فَيَكْتَفِي بِاقْتِرَانِ النِّيَّةِ بِأَيِّ جُزْءٍ مِنْ ذَلِكَ هَذَا إنْ أَخَّرَهُ فَإِنْ قَدَّمَهُ كَأَنْتِ إلَّا وَاحِدَةً طَالِقٌ ثَلَاثًا نَوَاهُ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهِ، أَوْ يَقْصِدُ حَالَ الْإِتْيَانِ بِهِ إخْرَاجَهُ مِمَّا بَعْدَهُ لِيَرْتَبِطَ بِهِ، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يُسْمِعَ بِهِ نَفْسَهُ إنْ اعْتَدَلَ سَمْعُهُ وَلَا عَارِضَ وَأَنْ يَعْرِفَ مَعْنَاهُ وَلَوْ بِوَجْهٍ ح ل، فَالشُّرُوطُ سِتَّةٌ وَتَزِيدُ الْمَشِيئَةُ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الِاسْتِغْرَاقَ وَمَا بَعْدَهُ لَا يَجْرِيَانِ فِي الْمَشِيئَةِ.
(قَوْلُهُ: بِفَوْقِ نَحْوِ سَكْتَةِ تَنَفُّسٍ) عِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحِ م ر وَلَا يَضُرُّ فِي الِاتِّصَالِ سَكْتَةُ تَنَفُّسٍ وَعِيٍّ، وَنَحْوِهِمَا كَعُرُوضِ عُطَاسٍ، أَوْ سُعَالٍ خَفِيفٍ عُرْفًا، وَالسُّكُوتِ لِلتَّذَكُّرِ كَمَا قَالَاهُ فِي الْأَيْمَانِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ مَا ذَكَرَ يَسِيرٌ لَا يُعَدُّ فَاصِلًا عُرْفًا بِخِلَافِ الْكَلَامِ الْأَجْنَبِيِّ، وَإِنْ قَلَّ، وَقَدْ أُخِذَ مِنْ قَوْلِهِمْ: لَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا زَانِيَةُ إنْ شَاءَ اللَّهُ صَحَّ الِاسْتِثْنَاءُ أَنَّ الْكَلَامَ الْيَسِيرَ الْمُتَعَلِّقَ بِالزَّوْجَيْنِ لَا يَضُرُّ، وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ بَعْدَ أَنْتِ طَالِقٌ ثَلَاثًا يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، فَإِنَّ يَا طَالِقُ فَاصِلٌ وَلَا يَضُرُّ لِتَعَلُّقِهِ بِالزَّوْجَيْنِ وَلَا يَضُرُّ أَسْتَغْفِرُ اللَّهَ كَمَا فِي الْقَلْيُوبِيِّ عَلَى الْجَلَالِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَضُرُّ الِاسْتِغْفَارُ هُنَا بِخِلَافِهِ فِي الْإِقْرَارِ؛ لِأَنَّهُ إخْبَارٌ يَحْتَمِلُ الْكَذِبَ وَهَذَا إنْشَاءٌ لَا يَحْتَمِلُهُ وَهُوَ وَجِيهٌ.
(قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَجْمَعَ الْمُفَرَّقَ فِي الِاسْتِغْرَاقِ) أَيْ: لِتَحْصِيلِ الِاسْتِغْرَاقِ أَوْ لِدَفْعِهِ وَقَدْ مَثَّلَ لَهُمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ: فَلَوْ قَالَ إلَى قَوْلِهِ: فَثَلَاثٌ، قَالَ ع ش: قَوْلُهُ: وَأَنْ لَا يَجْمَعَ هَذَا مِنْ أَحْكَامِهِ لَا مِنْ شُرُوطِهِ، وَيُجَابُ بِأَنَّهُ قَدْ يَئُولُ لِلشَّرْطِ. (قَوْلُهُ: وَلَا فِيهِمَا) كَقَوْلِهِ: أَنْتِ طَالِقٌ طَلْقَتَيْنِ، وَوَاحِدَةً إلَّا وَاحِدَةً، وَوَاحِدَةً فَيَقَعُ ثَلَاثٌ لِاسْتِغْرَاقِهِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْوَاحِدَةِ فَلَوْ جَمَعَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَقَعَتْ وَاحِدَةً ق ل عَلَى الْجَلَالِ
. (قَوْلُهُ: فَتَكُونُ الْوَاحِدَةُ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الْوَاحِدَةِ) قَدْ يُقَالُ: قَضِيَّةُ قَاعِدَةِ رُجُوعِ الْمُسْتَثْنَى لِجَمِيعِ مَا تَقَدَّمَهُ مِنْ الْمُتَعَاطِفَاتِ كَوْنُ الْوَاحِدَةِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ الثِّنْتَيْنِ أَيْضًا، وَقَضِيَّةُ ذَلِكَ أَنَّ الْوَاقِعَ ثِنْتَانِ لَا ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّ اسْتِثْنَاءَهَا مِنْ الثِّنْتَيْنِ صَحِيحٌ مُخْرِجٌ لِوَاحِدَةٍ، فَتَبْقَى وَاحِدَةٌ تُضَمُّ إلَى الْوَاحِدَةِ الَّتِي أُلْغِيَ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّسْبَةِ لَهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ وَكَذَا يُقَالُ فِي نَظَائِرِ ذَلِكَ. اهـ سم، وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ عَمِيرَةُ فِي الْحَاشِيَةِ عَنْ الْإِسْنَوِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ: مَنَعَ مِنْ رُجُوعِهِ إلَى الثِّنْتَيْنِ الْفَصْلُ حِينَئِذٍ بَيْنَ الْمُسْتَثْنَى وَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ بِأَجْنَبِيٍّ عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ، وَهُوَ الْوَاحِدَةُ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَصِحَّ الِاسْتِثْنَاءُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهَا كَانَتْ كَالْأَجْنَبِيِّ بِخِلَافِ مَا لَوْ رَجَعَ لِلْجَمِيعِ مِنْ الصِّحَّةِ مِنْ كُلٍّ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَتَقَدَّمَ إلَخْ) تَمْهِيدٌ لِمَا بَعْدَهُ، وَإِشَارَةٌ إلَى أَنَّ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ مُفَرَّعٌ عَلَى هَذِهِ الْقَاعِدَةِ فَكَانَ الْأَنْسَبُ ذِكْرَهَا هُنَا لِيَظْهَرَ التَّفْرِيعُ. اهـ ح ل وَح ف. (قَوْلُهُ: أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ) أَيْ: الْمُسْتَثْنَى، وَقَوْلُهُ: مِنْ إثْبَاتٍ أَيْ: مُثْبِتٍ أَوْ ذِي إثْبَاتٍ، وَقَوْلُهُ: نَفْيٌ أَيْ: مَنْفِيٌّ أَوْ ذُو نَفْيٍ. اهـ، قَالَ الْعِرَاقِيُّ سُئِلْتُ عَمَّنْ طُلِبَ مِنْهُ الْمَبِيتُ عِنْدَ شَخْصٍ فَحَلَفَ لَا يَبِيتُ سِوَى اللَّيْلَةَ الْفُلَانِيَّةَ الْمُسْتَقْبَلَةَ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ مَبِيتِهَا؟ ، فَأَجَبْت بِأَنَّ مُقْتَضَى قَاعِدَةِ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ الْحِنْثُ، لَكِنْ أَفْتَى شَيْخُنَا الْبُلْقِينِيُّ بِحُضُورِي فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَشْكُو غَرِيمَهُ إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ هَلْ يَحْنَثُ بِتَرْكِ الشَّكْوَى مُطْلَقًا؟ ، فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ، وَيُوَافِقُهُ تَصْحِيحُ النَّوَوِيِّ فِي الرَّوْضَةِ فِيمَنْ حَلَفَ لَا يَطَأُ
إلَّا ثِنْتَيْنِ إلَّا وَاحِدَةً، أَوْ ثَلَاثًا إلَّا ثَلَاثًا إلَّا ثِنْتَيْنِ، أَوْ خَمْسًا إلَّا ثَلَاثًا فَثِنْتَانِ) وَالْمَعْنَى فِي الْأَوَّلِ مَثَلًا ثَلَاثًا تَقَعُ إلَّا ثِنْتَيْنِ لَا تَقَعَانِ إلَّا وَاحِدَةً تَقَعُ، فَالْمُسْتَثْنَى الثَّانِي مُسْتَثْنَى مِنْ الْأَوَّلِ فَيَكُونُ الْمُسْتَثْنَى فِي الْحَقِيقَةِ وَاحِدَةً
. (أَوْ) قَالَ: أَنْت طَالِقٌ (ثَلَاثًا إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ فَثَلَاثٌ) تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ
(وَلَوْ)(عَقَّبَ طَلَاقَهُ) الْمُنَجَّزَ، أَوْ الْمُعَلَّقَ كَأَنْتِ طَالِقٌ، أَوْ أَنْت طَالِقٌ إنْ دَخَلْت الدَّارَ (بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) أَيْ: طَلَاقَك، (أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ) أَيْ: طَلَاقَك (أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) أَيْ: طَلَاقَك (وَقَصَدَ تَعْلِيقَهُ) بِالْمَشِيئَةِ أَوْ بِعَدَمِهَا (مُنِعَ انْعِقَادُهُ) لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ، أَوْ عَدَمِهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ؛ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ مُحَالٌ وَلَوْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللَّهُ، أَوْ إنْ لَمْ يَشَأْ اللَّهُ طَلُقَتْ قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ.
وَخَرَجَ بِقَصْدِ التَّعْلِيقِ مَا لَوْ سَبَقَ ذَلِكَ إلَى لِسَانِهِ لِتَعَوُّدِهِ بِهِ، أَوْ قَصَدَ بِهِ التَّبَرُّكَ، أَوْ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ هَلْ قَصَدَ التَّعْلِيقَ أَوْ لَا؟ ، أَوْ أَطْلَقَ فَإِنَّهَا تَطْلُقُ، وَإِنْ كَانَ وَضَعَ ذَلِكَ لِلتَّعْلِيقِ لِانْتِفَاءِ قَصْدِهِ كَمَا أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مَوْضُوعٌ لِلْإِخْرَاجِ، وَلَا بُدَّ مِنْ قَصْدِهِ (كَ) مَا يَمْنَعُ التَّعْقِيبَ بِذَلِكَ انْعِقَادُ (كُلِّ عَقْدٍ وَحَلٍّ) كَعِتْقٍ مُنَجَّزٍ، أَوْ مُعَلَّقٍ أَوْ يَمِينٍ وَنَذْرٍ وَبَيْعٍ وَفَسْخٍ وَصَلَاةٍ
. (وَلَوْ قَالَ: يَا طَالِقُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَقَعَ) نَظَرًا لِصُورَةِ النِّدَاءِ الْمُشْعِرِ بِحُصُولِ الطَّلَاقِ حَالَتَهُ، وَالْحَاصِلُ لَا يُعَلَّقُ بِخِلَافِ أَنْتِ طَالِقٌ فَإِنَّهُ كَمَا قَالَ الرَّافِعِيُّ قَدْ يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ الْقُرْبِ مِنْهُ، وَتَوَقُّعِ الْحُصُولِ كَمَا يُقَالُ لِلْقَرِيبِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فِي السَّنَةِ إلَّا مَرَّةً أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِتَرْكِ الْوَطْءِ مُطْلَقًا، وَهُوَ نَاظِرٌ لِلْمَعْنَى مُخَالِفٌ لِلْقَاعِدَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ. اهـ بُرُلُّسِيٌّ سم.
وَفِي شَرْحِ م ر مَا نَصُّهُ، وَسَيَأْتِي فِي الْإِيلَاءِ قَاعِدَةٌ مُهِمَّةٌ فِي نَحْوِ لَا أَطَؤُك سَنَةً إلَّا مَرَّةً، وَلَا أَشْكُو إلَّا مِنْ حَاكِمٍ شَرْعِيٍّ، وَلَا أَبِيتُ إلَّا لَيْلَةً حَاصِلُهَا عَدَمُ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْمَنْعِ الْمُقَدَّرِ فَكَأَنَّهُ قَالَ: أَمْنَعُ نَفْسِي مِنْ وَطْئِك سَنَةً إلَّا مَرَّةً فَلَا أَمْنَعُ نَفْسِي فِيهَا بَلْ أَكُونُ عَلَى الْخِيَارِ، وَهَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ فَيَكُونُ النَّفْيُ مُؤَوَّلًا بِالْإِثْبَاتِ، فَيَكُونُ جَارِيًا عَلَى الْقَاعِدَةِ، وَهُوَ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ النَّفْيِ إثْبَاتٌ، وَعَكْسُهُ وَلَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ الثَّلَاثِ لَا يُكَلِّمُهُ إلَّا فِي شَرٍّ ثُمَّ تَخَاصَمَا، وَكَلَّمَهُ فِي شَرٍّ، ثُمَّ كَلَّمَهُ بَعْدَ ذَلِكَ فِي خَيْرٍ لَا حِنْثَ لِانْحِلَالِ الْيَمِينِ بِكَلَامِهِ لَهُ فِي شَرٍّ إذْ لَيْسَ فِي صِيغَتِهِ مَا يَقْتَضِي التَّكْرَارَ وَلِأَنَّ هَذِهِ الْيَمِينَ جِهَةُ بِرٍّ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي شَرٍّ وَجِهَةِ حِنْثٍ وَهِيَ كَلَامُهُ فِي خَيْرٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا ثَلَاثًا) فِيهِ أَنَّ هَذَا مُسْتَغْرِقٌ فَقِيَاسُ مَا تَقَدَّمَ وُقُوعُ الثَّلَاثِ، وَيُجَابُ بِأَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يُتْبِعْهُ بِشَيْءٍ لَمْ يُسْتَغْرَقْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مِنْ الْأَوَّلِ) أَيْ: الْمُسْتَثْنَى الْأَوَّلِ
. (قَوْلُهُ: إلَّا نِصْفَ طَلْقَةٍ) فَلَوْ قَالَ: إلَّا نِصْفًا رُوجِعَ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت نِصْفَ الثَّلَاثِ فَثِنْتَانِ أَوْ نِصْفَ طَلْقَةٍ، فَثَلَاثٌ، وَإِنْ أَطْلَقَ حُمِلَ عَلَى نِصْفِ الثَّلَاثِ ح ل.
(قَوْلُهُ: تَكْمِيلًا لِلنِّصْفِ الْبَاقِي) ؛ لِأَنَّ التَّكْمِيلَ إنَّمَا يَكُونُ لِلْوَاقِعِ لَا لِلْمُرْتَفِعِ
. (قَوْلُهُ: وَلَوْ عَقِبَ طَلَاقِهِ) التَّعْقِيبُ لَيْسَ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهُ التَّقْدِيمُ كَقَوْلِهِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ أَنْت طَالِقٌ وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ. وَمِثْلُ تَأْخِيرِ الْمَشِيئَةِ تَقْدِيمُهَا. اهـ، وَحِينَئِذٍ يَأْتِي فِيهِ مَا مَرَّ فِي الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَقَدَّمِ مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ الْمَشِيئَةَ قَبْلَ التَّلَفُّظِ بِهَا، أَوْ يَقْصِدَ التَّعْلِيقَ عِنْدَ التَّلَفُّظِ بِهَا شَيْخُنَا، قَالَ ح ل: وَهَذَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الشَّرْعِيِّ الرَّافِعِ لِأَصْلِ الطَّلَاقِ، وَلَا بُدَّ أَنْ يَنْوِيَ الْإِتْيَانُ بِهِ قَبْلَ فَرَاغِ الْيَمِينِ، وَأَنْ لَا يَفْصِلَ بِفَوْقِ سَكْتَةِ التَّنَفُّسِ. وَلَا بُدَّ زِيَادَةً عَلَى ذَلِكَ مِنْ أَنْ يَقْصِدَ التَّعْلِيقَ بِهِ ح ل، وَسُمِّيَتْ كَلِمَةُ الْمَشِيئَةِ اسْتِثْنَاءً لِصَرْفِهَا الْكَلَامَ عَنْ الْجَزْمِ وَالثُّبُوتِ حَالًا مِنْ حَيْثُ التَّعْلِيقُ بِمَا لَا يَعْلَمُهُ إلَّا اللَّهُ تَعَالَى. اهـ زي، وَمِثْلُ إنْ غَيْرُهَا كَمَتَى، وَمِثْلُ التَّعْلِيقِ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ التَّعْلِيقُ بِمَشِيئَةِ الْمَلَائِكَةِ كَأَنْ قَالَ: أَنْت طَالِقٌ إنْ شَاءَ جِبْرِيلُ أَوْ مِيكَائِيلُ.
(قَوْلُهُ: بِإِنْ شَاءَ اللَّهُ) أَوْ أَرَادَ أَوْ أَحَبَّ أَوْ رَضِيَ. اهـ ح ل، فَلَا يَنْفَعُ إنْشَاءُ الْغَيْرِ لَهُ إلَّا إنْ أَفْتَاهُ شَخْصٌ عَلَى جَهْلٍ وَاعْتَقَدَ صِدْقَهُ، فَيَنْفَعُهُ إلَى أَنْ يَعْلَمَ أَنَّ إنْشَاءَ الْغَيْرِ لَا يَنْفَعُ كَمَا قَالَهُ ع ش، وَقَرَّرَهُ ح ف. (قَوْلُهُ: أَوْ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ) قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: هُوَ إمَّا تَعْلِيقٌ بِعَدَمِ الْمَشِيئَةِ، وَالْوُقُوعُ مَعَ عَدَمِهَا مُسْتَحِيلٌ أَوْ بِالْمَشِيئَةِ، وَهُوَ يَرْفَعُ الْوُقُوعَ سم. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ) أَيْ: فِي الْأُولَى، وَالثَّالِثَةِ أَوْ عَدَمِهَا فِي الثَّانِيَةِ، وَقَوْلُهُ؛ وَلِأَنَّ الْوُقُوعَ بِخِلَافِ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَيْ: فِي الثَّانِيَةِ مُحَالٌ حَتَّى لَوْ قَالَ بَعْدَ التَّعْلِيقِ بِالْأُولَى: أَنْتِ طَالِقٌ لَمْ يَقَعْ الطَّلَاقُ الْمُعَلَّقُ بِالْمَشِيئَةِ وَلَا يُقَالُ: هُوَ بِطَلَاقِهِ لَهَا عَلِمَ مَشِيئَةَ اللَّهِ لِطَلَاقِهَا لِأَنَّا نَقُولُ: لَمْ يَقْصِدْ بِهِ الطَّلَاقَ الْمُعَلَّقَ عَلَيْهِ كَمَا لَا يُقَالُ: يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الْوُقُوعِ تَحَقُّقُ عَدَمِ الْمَشِيئَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: لَوْ وَقَعَ لَكَانَ بِالْمَشِيئَةِ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ وُقُوعَهُ لَانْتَفَى عَدَمُ الْمَشِيئَةِ، فَلَا يَقَعُ الِانْتِفَاءُ الْمُعَلَّقُ عَلَيْهِ، فَيَلْزَمُ مِنْ وُقُوعِهِ عَدَمُ وُقُوعِهِ. ح ل، وَقَوْلُهُ: وَالثَّالِثَةُ؛ لِأَنَّ الْمَعْنَى إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ عَدَمَ طَلَاقِك فَلَا تَطْلُقِينَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ، وَيَلْزَمُ مِنْهُ أَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِمَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى، فَقَوْلُهُ: مِنْ مَشِيئَةِ اللَّهِ أَيْ: نَصًّا فِي الْأَوَّلِ، وَلُزُومًا فِي الثَّالِثِ، وَأَمَّا قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ التَّقْدِيرَ إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ طَلَاقَك، فَمُخَالِفٌ لِقَاعِدَةِ أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ مِنْ الْإِثْبَاتِ نَفْيٌ.
(قَوْلُهُ: قَالَهُ الْعَبَّادِيُّ) مُعْتَمَدٌ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَطْلَقَ) فَالصُّوَرُ الْخَارِجَةُ خَمْسَةٌ، وَأُلْحِقَ الْإِطْلَاقُ هُنَا بِالتَّرْكِ وَفِي الْوُضُوءِ بِالتَّعْلِيقِ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ جَزْمٌ فَتَبْطُلُ بِصِيغَةِ التَّعْلِيقِ بِخِلَافِ مَا هُنَا؛ وَأَيْضًا فَقَدْ أَتَى بِصَرِيحِ الطَّلَاقِ، وَلَمْ يَأْتِ بِمَا يُنَافِيهِ بَلْ بِمَا يُلَائِمُهُ. اهـ ع ن. (قَوْلُهُ: وَيَمِينٍ) كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ لَأَفْعَلَنَّ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ م ر وَأَفْتَى الْبَارِزِيُّ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ شَيْئًا فِي الْمَاضِي، ثُمَّ حَلَفَ بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ مَا فَعَلْته إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ ذَاكَ تَعْلِيقٌ لِلْيَمِينِ