الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جَمْعًا بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ
(وَلَوْ ادَّعَى) قَتْلًا (عَمْدًا) مَثَلًا (بِلَوْثٍ عَلَى ثَلَاثَةٍ حَضَرَ أَحَدُهُمْ) وَأَنْكَرَ (حَلَفَ) الْمُسْتَحِقُّ (خَمْسِينَ وَأَخَذَ) مِنْهُ (ثُلُثَ دِيَةٍ فَإِنْ حَضَرَ آخَرُ فَكَذَا) .
أَيْ فَيَحْلِفُ خَمْسِينَ كَالْأَوَّلِ وَيَأْخُذُ ثُلُثَ دِيَةٍ (إنْ لَمْ يَكُنْ ذَكَرَهُ فِي الْأَيْمَانِ وَإِلَّا اكْتَفَى بِهَا) بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ الْقَسَامَةِ فِي غَيْبَةِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَإِقَامَةِ الْبَيِّنَةِ (وَالثَّالِثُ كَالثَّانِي) فِيمَا مَرَّ فِيهِ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي
(وَلَا قَسَامَةَ فِيمَنْ لَا وَارِثَ لَهُ) خَاصًّا؛ لِأَنَّ تَحْلِيفَ عَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ غَيْرُ مُمْكِنٍ لَكِنْ يَنْصِبُ الْقَاضِي مَنْ يَدَّعِي عَلَى مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَيُحَلِّفُهُ.
[دَرْس]
(فَصْلٌ) فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ
. (إنَّمَا يَثْبُتُ قَتْلٌ بِسِحْرٍ بِإِقْرَارٍ) بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا لَا بِبَيِّنَةٍ؛ لِأَنَّ الشَّاهِدَ لَا يَعْلَمُ قَصْدَ السَّاحِرِ وَلَا يُشَاهِدُ تَأْثِيرَ السِّحْرِ نَعَمْ، إنْ قَالَ قَتَلَهُ بِكَذَا فَشَهِدَ عَدْلَانِ بِأَنَّهُ يَقْتُلُ غَالِبًا أَوْ نَادِرًا فَيَثْبُتُ مَا شَهِدَا بِهِ، وَالْإِقْرَارُ أَنْ يَقُولَ قَتَلْتُهُ بِسِحْرِي فَإِنْ قَالَ وَسِحْرِي يَقْتُلُ غَالِبًا فَإِقْرَارٌ بِالْعَمْدِ فَفِيهِ الْقَوَدُ أَوْ يَقْتُلُ نَادِرًا فَإِقْرَارٌ بِشَبَهِ الْعَمْدِ، أَوْ قَالَ أَخْطَأْتُ مِنْ اسْمِ غَيْرِهِ إلَى اسْمِهِ فَإِقْرَارٌ بِالْخَطَأِ فَفِيهِمَا الدِّيَةُ عَلَى السَّاحِرِ لَا الْعَاقِلَةِ إلَّا أَنْ يُصَدِّقُوهُ (وَ) إنَّمَا يَثْبُتُ (مُوجِبُ قَوَدٍ) بِكَسْرِ الْجِيمِ مَنْ قُتِلَ بِغَيْرِ سِحْرٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ إزَالَةٍ (بِهِ) أَيْ بِإِقْرَارٍ بِهِ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا (أَوْ بِ) شَهَادَةِ (عَدْلَيْنِ) بِهِ (وَ) إنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ (مَالِ) مَنْ قُتِلَ بِغَيْرِ سِحْرٍ أَوْ جُرْحٍ أَوْ إزَالَةٍ (بِذَلِكَ) أَيْ بِإِقْرَارٍ بِهِ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ بِهِ (أَوْ بِرَجُلٍ وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ) بِرَجُلٍ (وَيَمِينٍ) وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ مِنْ جُمْلَةِ مَا يَأْتِي فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ ذُكِرَتْ هُنَا تَبَعًا لِلشَّافِعِيِّ رضي الله عنه وَيَأْتِي ثَمَّ الْكَلَامُ فِي صِفَاتِ الشُّهُودِ وَالْمَشْهُودِ بِهِ مُسْتَوْفًى وَفِي بَابِ الْقَضَاءِ بَيَانُ أَنَّ الْقَاضِيَ يَقْضِي بِعِلْمِهِ
(وَلَوْ عَفَا) الْمُسْتَحِقُّ (عَنْ قَوَدٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ عِنْدِهِ دَرْءًا لِلْفِتْنَةِ اهـ. رَشِيدِيٌّ مُلَخَّصًا وَهَذَا هُوَ خَبَرُ الصَّحِيحَيْنِ الَّذِي تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ حَيْثُ قَالَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ بَعْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ خَمْسِينَ يَمِينًا (قَوْلُهُ: بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ) أَيْ هَذَا وَخَبَرِ الْبُخَارِيِّ
(قَوْلُهُ: حَلَفَ الْمُسْتَحِقُّ) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا يُنَافِي قَوْلَهُ سَابِقًا وَلَوْ أَنْكَرَ مُدَّعًى عَلَيْهِ اللَّوْثَ حَلَفَ حَيْثُ حَلَفَ هُنَا الْمُسْتَحِقُّ وَهُنَاكَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَا تَقَدَّمَ فِي الْحَلِفِ عَلَى نَفْيِ اللَّوْثِ وَهَذَا فِي الْحَلِفِ عَلَى الْقَتْلِ
(قَوْلُهُ: وَيُحَلِّفُهُ) أَيْ يُحَلِّفُ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِ الْقَتْلُ وَلَوْ نَكَلَ لَا يَقْضِي عَلَيْهِ بَلْ يُحْبَسُ لِيُقِرَّ أَيَحْلِفُ؟ شَوْبَرِيٌّ وَإِنْ طَالَ الْحَبْسُ ع ش.
[فَصْلٌ فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوَدِ وَمُوجِبُ الْمَالِ بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ مِنْ إقْرَارٍ وَشَهَادَةٍ]
[دَرْسٌ](فَصْلٌ: فِيمَا يَثْبُتُ بِهِ مُوجِبُ الْقَوْدِ إلَخْ)
(قَوْلُهُ: بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِمُوجِبِ الْمَالِ شَوْبَرِيٌّ أَيْ؛ لِأَنَّ مُوجِبَ الْقَوْدِ لَا يَكُونُ إلَّا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ فَهُوَ قَيْدٌ فِي مُوجِبِ الْمَالِ لِيَخْرُجَ مُوجِبُ الْمَالِ لَا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ كَالْبَيْعِ مَثَلًا لَكِنَّهُ يُدْخِلُ الْمَالَ الْوَاجِبَ بِالْجِنَايَةِ عَلَى الْمَالِ كَالسَّرِقَةِ وَهُوَ غَيْرُ مُرَادٍ فَكَانَ يَنْبَغِي زِيَادَةٌ عَلَى الْبَدَنِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: مِنْ إقْرَارٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ فِيمَا يَثْبُتُ شَوْبَرِيٌّ أَيْ تَعَلُّقًا مَعْنَوِيًّا؛ لِأَنَّهُ بَيَانٌ لِمَا (قَوْلُهُ: بِسِحْرٍ) وَأَمَّا الْقَتْلُ بِالْحَالِ أَوْ بِالْعَيْنِ فَلَا قَوَدَ فِيهِ وَلَا دِيَةَ ح ل أَيْ وَلَا كَفَّارَةَ كَمَا فِي ق ل عَلَى الْجَلَالِ (قَوْلُهُ: أَوْ حُكْمًا) كَالْيَمِينِ الْمَرْدُودَةِ (قَوْلُهُ: تَأْثِيرَ السِّحْرِ) وَهُوَ لُغَةً صَرْفُ الشَّيْءِ عَنْ وَجْهِهِ يُقَالُ مَا سَحَرَك عَنْ كَذَا أَيْ مَا صَرَفَكَ عَنْهُ، وَاصْطِلَاحًا كَمَا فِي حَاشِيَةِ الْكَشَّافِ وَغَيْرِهَا: مُزَاوَلَةُ النُّفُوسِ الْخَبِيثَةِ لِأَفْعَالٍ وَأَقْوَالٍ يَتَرَتَّبُ عَلَيْهَا أُمُورٌ خَارِقَةٌ لِلْعَادَةِ ز ي وَلَا يَظْهَرُ إلَّا عَلَى يَدِ فَاسِقٍ إجْمَاعًا (قَوْلُهُ: فَشَهِدَ عَدْلَانِ) أَيْ بِأَنْ كَانَا سَاحِرَيْنِ وَتَابَا فَلَا يُقَالُ إنَّ تَعَلُّمَهُ حَرَامٌ مُفَسِّقٌ فَكَيْفَ تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا؟ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ مَالٍ) يَرِدُ عَلَى حَصْرِهِ الْقَسَامَةَ فِي مَحَلِّ اللَّوْثِ فَإِنَّ الْمَالَ يَثْبُتُ بِالْيَمِينِ فَقَطْ س ل وَيَرِدُ عَلَى الْحَصْرَيْنِ مَعًا عِلْمُ الْقَاضِي فَإِنَّهُ يَثْبُتُ بِهِ بَعْدَ قَضَائِهِ بِهِ كُلٌّ مِنْ الْقَوْدِ وَالْمَالِ؛ لِأَنَّ هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ مِمَّا يَقْضِي فِيهِ الْقَاضِي بِعِلْمِهِ وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ إلَى الْجَوَابِ عَنْ هَذَا بِقَوْلِهِ وَفِي بَابِ الْقَضَاءِ إلَخْ فَهُوَ مُرَادٌ أَيْضًا لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْهُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ سَيَأْتِي وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَإِنَّمَا يَثْبُتُ مُوجِبُ الْقِصَاصِ بِإِقْرَارٍ أَوْ شَهَادَةِ عَدْلَيْنِ أَوْ بِعِلْمِ الْحَاكِمِ أَوْ بِنُكُولِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَعَ حَلِفِ الْمُدَّعِي كَمَا يُعْلَمَانِ مِمَّا سَنَذْكُرُهُ عَلَى أَنَّ الْأَخِيرَ كَالْإِقْرَارِ وَمَا قَبْلَهُ كَالْبَيِّنَةِ (قَوْلُهُ: أَوْ جَرْحٍ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَتْلٍ وَهُوَ بِفَتْحِ الْجِيمِ الْمَصْدَرُ وَأَمَّا بِالضَّمِّ فَهُوَ الْأَثَرُ الْحَاصِلُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: أَوْ إزَالَةٍ) أَيْ إزَالَةِ الْمَنَافِعِ كَالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ (قَوْلُهُ: وَيَمِينٍ) أَيْ خَمْسِينَ يَمِينًا؛ لِأَنَّهَا يَمِينُ دَمٍ لَا يَمِينٌ وَاحِدَةٌ كَمَا قَدْ يُتَوَهَّمُ س ل وم ر فَالْمُرَادُ جِنْسُ الْيَمِينِ (قَوْلُهُ: وَهَذِهِ الْمَسَائِلُ) جَوَابٌ عَمَّا يُقَالُ لِأَيِّ شَيْءٍ ذُكِرَتْ هَذِهِ الْمَسَائِلُ هُنَا مَعَ أَنَّهَا تَأْتِي
؟ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَفَا الْمُسْتَحِقُّ إلَخْ) صُورَةُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ شَخْصًا ادَّعَى عَلَى آخَرَ أَنَّهُ قَتَلَ أَبَاهُ وَلَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَا يُثْبِتُ الْقَوْدَ ابْتِدَاءً وَإِنَّمَا مَعَهُ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ أَوْ رَجُلٌ وَيَمِينٌ فَأَرَادَ أَنْ يَعْفُوَ قَبْلَ الدَّعْوَى عَلَى مَالٍ وَيَدَّعِيَ بِالْمَالِ الَّذِي يَعْفُو عَلَيْهِ لِأَجْلِ قَبُولِ مَا مَعَهُ مِنْ الْبَيِّنَةِ الَّتِي يُعْتَدُّ بِهَا فِي الْمَالِ فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُثْبِتْ الْأَصْلَ الَّذِي هُوَ الْقَوْدُ ع ش بِأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّهُ يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ مِائَةً مِنْ الْإِبِلِ مَثَلًا وَلَمْ يَذْكُرْ قَوَدًا وَعِبَارَةُ شَرْحِ الرَّوْضِ لَوْ قَالَ الْمُدَّعِي فِي الْجِنَايَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْقِصَاصِ عَفَوْتُ عَنْهُ عَلَى مَالٍ فَاقْبَلُوا مِنِّي رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ لَمْ يُقْبَلْ بِأَنْ يَدَّعِيَ عَلَيْهِ مَالًا بِسَبَبِ الْجِنَايَةِ وَيُقِيمُ مَنْ ذُكِرَ
لَمْ يَثْبُتْ عَلَى مَالٍ (لَمْ يُقْبَلُ لِلْمَالِ الْأَخِيرَانِ) أَيْ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ وَرَجُلٌ وَيَمِينُ؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ إنَّمَا يُعْتَبَرُ بَعْدَ ثُبُوتِ مُوجِبِ الْقَوَدِ وَلَا يَثْبُتُ بِمِنْ ذُكِرَ.
(كَ) مَا لَا يَقْبَلَانِ (أَرْشَ هَشْمٍ بَعْدَ إيضَاحٍ) ؛ لِأَنَّ الْإِيضَاحَ قَبِلَهُ، الْمُوجِبُ لِلْقَوَدِ لَا يَثْبُتُ بِهِمَا نَعَمْ إنْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَانِبَيْنِ أَوْ مِنْ وَاحِدٍ فِي مَرَّتَيْنِ ثَبَتَ أَرْشُ الْهَشْمِ بِذَلِكَ وَهُوَ وَاضِحٌ وَالتَّصْرِيحُ فِي هَاتَيْنِ بِالرَّجُلِ وَبِالْيَمِينِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلِيُصَرِّحَ) وُجُوبًا (الشَّاهِدُ بِالْإِضَافَةِ) أَيْ بِإِضَافَةِ التَّلَفِ لِلْفِعْلِ (فَلَا يَكْفِي) فِي ثُبُوتِ الْقَتْلِ (جَرَحَهُ) بِسَيْفٍ (فَمَاتَ حَتَّى يَقُولَ) فَمَاتَ (مِنْهُ أَوْ فَقَتَلَهُ) لِاحْتِمَالِ مَوْتِهِ إنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ بِسَبَبٍ غَيْرِ الْجُرْحِ
(وَتَثْبُتُ دَامِيَةٌ بِ) قَوْلِهِ (ضَرَبَهُ فَأَدْمَاهُ أَوْ فَأَسَالَ دَمَهُ) لَا بِقَوْلِهِ فَسَالَ دَمُهُ لِاحْتِمَالِ سَيَلَانِهِ بِغَيْرِ الضَّرْبِ (وَ) تَثْبُتُ (مُوضِحَةٌ بِ) قَوْلِهِ (أَوْضَحَ رَأْسَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمَفْهُومَ مِنْهُ أَوْضَحَ عَظْمَ رَأْسِهِ فَلَا حَاجَةَ إلَى التَّصْرِيحِ بِهِ.
وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ وَالْمُخْتَصَرِ وَرَجَّحَهُ الْبُلْقِينِيُّ وَغَيْرُهُ وَجَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا ثُمَّ ذَكَرَ عَدَمَ الِاكْتِفَاءِ بِهِ الَّذِي صَحَّحَهُ الْأَصْلُ عَنْ حِكَايَةِ الْإِمَامِ وَالْغَزَالِيِّ وَوُجِّهَ بِأَنَّ الْمُوضِحَةَ مِنْ الْإِيضَاحِ وَلَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ بِعَظْمٍ (وَيَجِبُ لِقَوَدٍ) أَيْ لِوُجُوبِهِ فِي الْمُوضِحَةِ (بَيَانُهَا) مَحَلًّا وَمِسَاحَةً وَإِنْ كَانَ بِرَأْسِهِ مُوضِحَةٌ وَاحِدَةٌ لِجَوَازِ أَنَّهَا كَانَتْ صَغِيرَةً فَوَسَّعَهَا غَيْرُ الْجَانِي وَخَرَجَ بِالْقَوَدِ الدِّيَةُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الْمُوضِحَةِ وَمِسَاحَتِهَا
(وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ) أَيْ الْوَارِثِ ظَاهِرًا عِنْدَ الْقَضَاءِ (لِمُوَرِّثِهِ) غَيْرِ أَصْلِهِ وَفَرْعِهِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ بَابِهَا (بِجُرْحٍ انْدَمَلَ وَبِمَالٍ) وَلَوْ (فِي مَرَضٍ) لِانْتِفَاءِ التُّهْمَةِ بِخِلَافِهَا قَبْلَ انْدِمَالِ جُرْحِهِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ مُوَرِّثُهُ كَانَ الْأَرْشُ لَهُ فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ وَفَارَقَ قَبُولَهَا بِمَالٍ فِي الْمَرَضِ بِأَنَّ الْجُرْحَ سَبَبُ الْمَوْتِ النَّاقِلِ لِلْحَقِّ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْمَالِ وَبِأَنَّهُ إذَا شَهِدَ لَهُ بِالْمَالِ لَا يَنْتَفِعُ بِهِ حَالَ وُجُوبِهِ بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ لَهُ بِالْجُرْحِ (لَا شَهَادَةَ عَاقِلَةٍ بِفِسْقِ بَيِّنَةِ جِنَايَةِ) قَتْلٍ أَوْ غَيْرِهِ (يَحْمِلُونَهَا) بِأَنْ تَكُونَ خَطَأً أَوْ شَبَهَ عَمْدٍ وَيَكُونُوا أَهْلًا لِتَحَمُّلِهَا وَقْتَ الشَّهَادَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: لَمْ يَثْبُتْ) صِفَةٌ لِقَوَدٍ وَقَوْلُهُ: عَلَى مَالٍ مُتَعَلِّقٌ بِعَفَا سم (قَوْلُهُ: لَمْ يُقْبَلْ لِلْمَالِ الْأَخِيرَانِ) وَكَذَا الرَّجُلَانِ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِهِ فَقَوْلُهُ الْأَخِيرَانِ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَلَوْ أَقَامَهُمَا عَلَى الْقَوَدِ بَعْدَ الْعَفْوِ عَلَى مَالٍ قُبِلَا وَثَبَتَ الْقَوَدُ لِكَوْنِ الْعَفْوِ بَاطِلًا كَمَا اسْتَظْهَرَهُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْعَفْوَ) أَيْ عَلَى مَالٍ (قَوْلُهُ: لِأَرْشِ هَشْمٍ) أَيْ وَكَانَا مِنْ جَانِبٍ وَاحِدٍ فِي زَمَانٍ وَاحِدٍ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ الِاسْتِدْرَاكُ الْآتِي كَأَنْ يَدَّعِيَ أَنَّ فُلَانًا أَوْضَحَهُ وَيُقِيمَ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ أَوْ يَقُولَ أَحْلِفُ مَعَ الشَّاهِدِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا الْقَاضِي فَيَتْرُكُ الدَّعْوَى بِالْمُوضِحَةِ وَيَدَّعِي بِأَرْشِ الْهَاشِمَةِ الَّتِي تَسَبَّبَتْ عَنْهَا وَيُقِيمُ الْبَيِّنَةَ الْمَذْكُورَةَ عَلَيْهَا فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّ السَّبَبَ لَمْ يَثْبُتْ بِهَذِهِ الْبَيِّنَةِ فَكَذَا الْمُسَبَّبُ عَنْهُ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ.
(قَوْلُهُ: ذَلِكَ) أَيْ الْهَشْمُ بَعْدَ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ: ثَبَتَ أَرْشُ الْهَشْمِ بِذَلِكَ) وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدَةٍ مِنْ الْجِنَايَتَيْنِ مُنْفَصِلَةٌ عَنْ الْأُخْرَى فَالشَّهَادَةُ بِالْهَاشِمَةِ شَهَادَةٌ بِالْمَالِ وَحْدَهُ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: أَوْ فَأَسَالَ دَمَهُ) فِيهِ أَنَّهُ إذَا أَسَالَ دَمَهُ تَكُونُ دَامِعَةً لَا دَامِيَةً فَلَعَلَّ مُرَادُهُ بِالدَّامِيَةِ مَا يَشْمَلُ الدَّامِعَةَ؛ لِأَنَّهَا تَنْشَأُ عَنْهَا (قَوْلُهُ: وَهَذَا مَا نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُمِّ) مُعْتَمَدٌ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ ذَكَرَ) أَيْ النَّوَوِيُّ وَهُوَ ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: مِنْ الْإِيضَاحِ) وَهُوَ لُغَةً الْكَشْفُ وَالْبَيَانُ وَلَيْسَ فِيهِ تَخْصِيصٌ بِعَظْمٍ وَأَمَّا شَرْعًا فَفِيهِ تَخْصِيصٌ بِهِ فَهَذَا نَظَرَ لِلْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ، وَذَاكَ نَظَرَ لِلْمَعْنَى الشَّرْعِيِّ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: مَحَلًّا) أَيْ مِنْ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ أَوْ غَيْرِهِمَا وَهَذَا مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ فَقِيهٍ عَلِمَ الْقَاضِي فِقْهَهُ وَإِلَّا اكْتَفَى بِإِطْلَاقِهِ الْمُوضِحَةَ قَطْعًا ح ل (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهَا لَا تَخْتَلِفُ إلَخْ) وَصُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَقُولُوا أَوْضَحَهُ فِي رَأْسِهِ أَوْ وَجْهِهِ وَلَمْ يُبَيِّنُوا مَحَلَّهَا مِنْ الرَّأْسِ مَثَلًا هَلْ هُوَ الْمُقَدَّمُ أَوْ الْمُؤَخَّرُ؟ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالُوا أَوْضَحَهُ وَلَمْ يَقُولُوا فِي رَأْسِهِ أَوْ وَجْهِهِ فَإِنَّهَا لَا تُسْمَعُ لِصِدْقِهَا بِغَيْرِ الرَّأْسِ وَالْوَجْهِ مَعَ أَنَّ الْوَاجِبَ فِيهِ الْحُكُومَةُ هَكَذَا أَفْهَمَ نَبَّهَ عَلَيْهِ شَيْخُنَا الطَّنْدَتَائِيُّ اهـ. ز ي
(قَوْلُهُ: ظَاهِرًا عِنْدَ الْقَضَاءِ) مُتَعَلِّقَانِ بِوَارِثٍ وَقَيَّدَ بِالظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ عِنْدَ الْمَوْتِ قَدْ لَا يَكُونُ وَارِثًا كَأَنْ حَدَثَ بِهِ مَانِعٌ مِنْ رِدَّةٍ مَثَلًا أَوْ وُلِدَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنَّهُ يَحْجُبُ الْإِخْوَةَ وَالْأَعْمَامَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: عِنْدَ الْقَضَاءِ) أَيْ الْحُكْمِ (قَوْلُهُ: لِمُوَرِّثِهِ) وَالْعِبْرَةُ بِكَوْنِهِ مُوَرِّثَهُ أَيْ فِيمَا إذَا أَشْهَدَ قَبْلَ الِانْدِمَالِ حَالَ الشَّهَادَةِ فَإِنْ كَانَ عِنْدَهَا مَحْجُوبًا ثُمَّ زَالَ الْمَانِعُ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الْحُكْمِ بِالشَّهَادَةِ بَطَلَتْ أَوْ بَعْدَهَا فَلَا شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: بِخِلَافِهَا قَبْلَ الِانْدِمَالِ) أَيْ وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ لِتُهْمَتِهِ م ر أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَأْنِهِ أَنْ يَسْرِيَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَسْرِي سم وح ل وَقَيَّدَهُ م ر بِكَوْنِهِ يُمْكِنُ إفْضَاؤُهُ لِلْهَلَاكِ (قَوْلُهُ: كَانَ الْأَرْشُ لَهُ) صُورَتُهَا إذَا ادَّعَى الْمَجْرُوحُ الْقِصَاصَ أَوْ بِأَرْشِهِ إنْ لَمْ يُقْتَصَّ مِنْهُ إنْ قُلْنَا بِجَوَازِ طَلَبِ الْأَرْشِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ أَمَّا إذَا قُلْنَا لَا يَجُوزُ طَلَبُ أَرْشِهِ قَبْلَ الِانْدِمَالِ فَالشَّهَادَةُ غَيْرُ مَقْبُولَةٍ مِنْ غَيْرِ الْوَارِثِ لِعَدَمِ سَمَاعِ الدَّعْوَى فَمِنْ الْوَارِثِ أَوْلَى س ل
(قَوْلُهُ: فَكَأَنَّهُ شَهِدَ لِنَفْسِهِ) وَلَا نَظَرَ لِوُجُودِ الدَّيْنِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ وَقَدْ يُبْرِئُ الدَّائِنُ أَوْ يُصَالَحُ وَكَوْنُهُ لِمَنْ لَا يُتَصَوَّرُ إبْرَاؤُهُ كَزَكَاةِ نَادِرٌ لَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ م ر (قَوْلُهُ: إلَيْهِ) أَيْ الْوَارِثِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ لَهُ بِالْجَرْحِ) فَإِنَّهُ يَنْتَفِعُ بِأَرْشِهِ حَالَ وُجُوبِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجِبُ إلَّا بَعْدَ مَوْتِ الْمَجْرُوحِ فَيَكُونُ لِلْوَارِثِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَفِيهِ أَنَّهُ يَجِبُ الْأَرْشُ بِالِانْدِمَالِ أَيْضًا فَفِي الْحَصْرِ شَيْءٌ وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ:
وَلَوْ فُقَرَاءَ فَلَا تُقْبَلُ؛ لِأَنَّهُمْ مُتَّهَمُونَ بِدَفْعِ التَّحَمُّلِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ بِخِلَافِ بَيِّنَةِ إقْرَارٍ بِذَلِكَ أَوْ بَيِّنَةِ عَمْدٍ وَفَارَقَ عَدَمُ قَبُولِهَا مِنْ الْفُقَرَاءِ قَبُولَهَا مِنْ الْأَبَاعِدِ
وَفِي الْأَقْرَبِينَ وَفَاءٌ بِالْوَاجِبِ بِأَنَّ الْمَالَ غَادٍ وَرَائِحٌ فَالْغَنِيُّ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ فَتَحْصُلُ التُّهْمَةُ وَمَوْتُ الْقَرِيبِ كَالْمُسْتَبْعَدِ فِي الِاعْتِقَادِ فَلَا تَتَحَقَّقُ فِيهِ تُهْمَةٌ، تَعْبِيرِي بِالْجِنَايَةِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقَتْلِ
(وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ عَلَى اثْنَيْنِ بِقَتْلِهِ فَشَهِدَا بِهِ) أَيْ بِقَتْلِهِ (عَلَى الْأَوَّلِينَ) فِي الْمَجْلِسِ مُبَادَرَةً (فَإِنْ صَدَّقَ الْوَلِيُّ) الْمُدَّعِي (الْأَوَّلِينَ) أَيْ اسْتَمَرَّ عَلَى تَصْدِيقِهِمَا (فَقَطْ حَكَمَ بِهِمَا) وَسَقَطَتْ شَهَادَةُ الْآخَرِينَ لِلتُّهْمَةِ؛ لِأَنَّ الْوَلِيَّ كَذَّبَهُمَا (وَإِلَّا) بِأَنْ صَدَّقَ الْآخَرِينَ أَوْ الْجَمِيعَ أَوْ كَذَّبَ الْجَمِيعَ (بَطَلَتَا) أَيْ الشَّهَادَتَانِ وَهُوَ ظَاهِرُ فِي الثَّالِثِ وَوَجْهُهُ فِي الْأَوَّلِ أَنَّ فِيهِ تَكْذِيبَ الْأَوَّلِينَ وَعَدَاوَةَ الْآخَرِينَ لَهُمَا وَفِي الثَّانِي أَنَّ فِي تَصْدِيقِ كُلِّ فَرِيقٍ تَكْذِيب الْآخَرِ
(وَلَوْ أَقَرَّ بَعْضُ وَرَثَةٍ بِعَفْوِ بَعْضٍ) مِنْهُمْ عَنْ الْقَوَدِ وَعَيَّنَهُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ (سَقَطَ الْقَوَدُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَبِالْإِقْرَارِ سَقَطَ حَقُّهُ مِنْهُ فَسَقَطَ حَقُّ الْبَاقِي وَلِلْجَمِيعِ الدِّيَةُ سَوَاءٌ عُيِّنَ الْعَافِي أَمْ لَا نَعَمْ إنْ أَطْلَقَ الْعَافِي الْعَفْوَ أَوْ عَفَا مَجَّانًا فَلَا حَقَّ لَهُ فِيهَا
(وَلَوْ اخْتَلَفَ شَاهِدَانِ فِي زَمَانِ فِعْلٍ) كَقَتْلٍ (أَوْ مَكَانَهُ أَوْ آلَتِهِ أَوْ هَيْئَتِهِ) كَأَنْ قَالَ أَحَدُهُمَا قَتَلَهُ بُكْرَةً وَالْآخَرُ عَشِيَّةً أَوْ قَتَلَهُ فِي الْبَيْتِ وَالْآخَرُ فِي السُّوقِ أَوْ قَتَلَهُ بِسَيْفٍ وَالْآخَرُ بِرُمْحٍ أَوْ قَتَلَهُ بِالْحَزِّ وَالْآخَرُ بِالْقَدِّ (لَغَتْ) شَهَادَتُهُمَا (وَلَا لَوْثَ) لِلتَّنَاقُضِ فِيهَا وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي فِعْلُ الْإِقْرَارِ فَلَوْ اخْتَلَفَا فِي زَمَنِهِ أَوْ غَيْرِهِ مِمَّا ذُكِرَ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ يَوْمَ السَّبْتِ وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِهِ يَوْمَ الْأَحَدِ لَمْ تُلْغَ الشَّهَادَةُ.
؛ لِأَنَّهُ لَا اخْتِلَافَ فِي الْفِعْلِ وَلَا فِي صِفَتِهِ بَلْ فِي الْإِقْرَارِ وَهُوَ غَيْرُ مُؤَثِّرٍ لِجَوَازِ أَنَّهُ أَقَرَّ فِيهِمَا، نَعَمْ إنْ عَيَّنَا زَمَنًا فِي مَكَانَيْنِ مُتَبَاعِدَيْنِ بِحَيْثُ لَا يَصِلُ الْمُسَافِرُ مِنْ أَحَدِهِمَا إلَى الْآخَرِ فِي ذَلِكَ الزَّمَنِ كَأَنْ شَهِدَ أَحَدُهُمَا بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِالْقَتْلِ بِمَكَّةَ يَوْمَ كَذَا وَالْآخَرُ بِأَنَّهُ أَقَرَّ بِقَتْلِهِ بِمِصْرَ ذَلِكَ الْيَوْمَ لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا.
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِخِلَافِ مَا إذَا شَهِدَ لَهُ بِالْجَرْحِ أَيْ فَإِنَّ النَّفْعَ حَالَ الْوُجُوبِ لَهُ؛ لِأَنَّ الدِّيَةَ قَبْلَ الْمَوْتِ لَمْ تَجِبْ وَبَعْدَهُ تَجِبُ لَهُ اهـ. فَحُمِلَ الْأَرْشُ عَلَى الدِّيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فُقَرَاءَ) ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْفَقْرِ وَعَدَمِهِ عِنْدَ الْأَدَاءِ (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ بَيِّنَةِ إقْرَارٍ) مَفْهُومُ جِنَايَةٍ وَقَوْلُهُ: أَوْ بَيِّنَةِ عَمْدٍ مَفْهُومُ يَحْمِلُونَهَا (قَوْلُهُ: غَادٍ وَرَائِحٌ) أَيْ يَأْتِي فِي الْغَدَاةِ وَيَرُوحُ فِي الْمَسَاءِ ح ل وَالْمُنَاسِبُ لِقَوْلِهِ فَالْغِنَى غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ أَنْ يُفَسَّرَ الْغَادِي بِالذَّاهِبِ فِي الْغَدَاةِ وَالرَّائِحُ بِالرَّاجِعِ فِي الْمَسَاءِ شَيْخُنَا وَيَدُلُّ لَهُ قَوْله تَعَالَى {غُدُوُّهَا شَهْرٌ وَرَوَاحُهَا شَهْرٌ} [سبأ: 12](قَوْلُهُ: فَلَا يَتَحَقَّقُ فِيهِ) أَيْ فِي مَوْتِ الْقَرِيبِ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ شَهِدَ اثْنَانِ إلَخْ) وَقَدْ اعْتَرَضَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَصْوِيرَ. الْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الشَّهَادَةَ إنَّمَا تُسْمَعُ بَعْدَ تَقَدُّمِ دَعْوَى عَلَى مُعَيِّنٍ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ صُورَتَهَا كَمَا قَالَ الْجُمْهُورُ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَلِيُّ الْقَتْلَ عَلَى رَجُلَيْنِ وَيَشْهَدَ لَهُ اثْنَانِ فَيُبَادِرُ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِمَا وَيَشْهَدَانِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ بِأَنَّهُمَا الْقَاتِلَانِ وَهَذَا يُورِثُ رِيبَةً لِلْحَاكِمِ فَيُرَاجِعُ الْوَلِيَّ وَيَسْأَلُهُ احْتِيَاطًا وَقَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ مُبَادَرَةً فِي الْمَجْلِسِ اهـ. ز ي قَالَ ح ل أَيْ مِنْ غَيْرِ سَبْقِ دَعْوَى عَلَيْهِمَا فَهَذِهِ لَيْسَتْ شَهَادَةً حَقِيقِيَّةً؛ لِأَنَّ شَرْطَ الشَّهَادَةِ تَقَدُّمُ دَعْوَى عَلَى مُعَيَّنٍ وَلَمْ يُوجَدْ ذَلِكَ وَإِنَّمَا رُوعِيَتْ تِلْكَ الشَّهَادَةُ؛ لِأَنَّهَا تُورِثُ رِيبَةً لِلْحَاكِمِ فَيُرَاجِعُ الْوَلِيَّ وَيَسْأَلُهُ احْتِيَاطًا كَمَا قَدْ أَشَارَ الشَّارِحُ لِذَلِكَ بِقَوْلِهِ مُبَادَرَةً فِي الْمَجْلِسِ.
(قَوْلُهُ: فِي الْمَجْلِسِ) قَالَ الْقَاضِي وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ؛ لِأَنَّهُمَا لَوْ عَادَا فِي مَجْلِسٍ آخَرَ فَشَهِدَا بِالْقَتْلِ عَلَى الشَّاهِدَيْنِ فَالْقَاضِي لَا يُصْغِي إلَى قَوْلِهِمَا بِخِلَافِ مَا لَوْ شَهِدَا فِي ذَلِكَ الْمَجْلِسِ؛ لِأَنَّهُ فِي فَصْلِ خُصُومَتِهِمَا فَيَحْصُلُ لَهُ رِيبَةٌ (قَوْلُهُ: فَإِنْ صَدَقَ إلَخْ) الشَّرْطُ عَدَمُ تَكْذِيبِهِمَا لَا تَصْدِيقُهُمَا خِلَافًا لِمَا يُوهِمُ مِنْ الْمَتْنِ س ل (قَوْلُهُ: بَطَلَتَا) وَبَقِيَ حَقُّهُ فِي الدَّعْوَى وَقَوْلُ الْجُمْهُورِ يَسْقُطُ حَقُّهُ أَيْ مِنْ الشَّهَادَةِ ح ل وَقَالَ ع ش جَزَمَ م ر بِبُطْلَانِ حَقِّهِ مِنْ الدَّعْوَى وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا قَرَّرَ بِهِ الشَّارِحُ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ السَّابِقَ: وَأَنْ لَا تُنَاقِضَهَا إلَخْ اهـ. وَقَدْ يُقَالُ لَيْسَ هُنَا دَعْوَى ثَانِيَةً إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا صَدَّقَ الْآخَرِينَ كَأَنَّهُ ادَّعَى عَلَى الْأَوَّلِينَ لَكِنْ التَّصْدِيقُ لَيْسَ مَوْجُودًا فِي الثَّالِثَةِ.
(قَوْلُهُ: وَعَدَاوَةَ الْآخَرِينَ) فِيهِ أَنَّ الشَّهَادَةَ لَيْسَتْ عَدَاوَةً دُنْيَوِيَّةً فَالْعِلَّةُ الصَّحِيحَةُ التُّهْمَةُ ح ل وَعِبَارَةُ س ل إنَّمَا حَصَلَتْ الْعَدَاوَةُ لَهُمَا بِسَبَبِ مُبَادَرَتِهِمَا بِهَا لَا مِنْ حَيْثُ الشَّهَادَةُ بِشَرْطِهَا إذْ حُصُولُهَا لَا يُثْبِتُ الْعَدَاوَةَ بَيْنَ الشَّاهِدِ وَالْمَشْهُودِ عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ: سَوَاءٌ أَعَيَّنَ الْعَافِيَ أَمْ لَا) لَا يُقَالُ لَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي قَوْلِهِ وَعَيَّنَهُ أَوْ لَمْ يُعَيِّنْهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ ذَاكَ بِالنِّسْبَةِ لِلْقَوَدِ وَذَا بِالنِّسْبَةِ لِلدِّيَةِ. وَأُجِيبَ أَيْضًا بِأَنَّهُ ذَكَرَهُ وَإِنْ عُلِمَ. تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ
(قَوْلُهُ: لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا) ظَاهِرُهُ وَإِنْ كَانَا وَلِيَّيْنِ يُمْكِنُهُمَا قَطْعُ الْمَسَافَةِ الْبَعِيدَةِ فِي زَمَنٍ يَسِيرٍ وَالْمُقِرُّ وَلِيًّا أَيْضًا وَيُوَجَّهُ بِأَنَّ الْأُمُورَ الْخَارِقَةَ لِلْعَادَةِ لَا يُعَوَّلُ عَلَيْهَا فِي الشَّرْعِ ع ش عَلَى م ر وَعِبَارَتُهُ عَلَى الشَّارِحِ قَوْلُهُ: لَغَتْ شَهَادَتُهُمَا وَقَدْ يُقَالُ لِمَ لَا يَحْلِفُ مَعَ مَنْ وَافَقَهُ مِنْهُمَا وَيَأْخُذُ الْبَدَلَ كَنَظِيرِهِ مِنْ السَّرِقَةِ الْآتِي بَيَانُهَا آخِرَ الْبَابِ. وَقَدْ يُجَابُ بِأَنَّ بَابَ الْقَسَامَةِ أَمْرٌ عَظِيمٌ وَلِهَذَا غَلَّظَ فِيهِ بِتَكْرِيرِ الْأَيْمَانِ اهـ. ز ي.