الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَأَمَّا الْخَوَارِجُ وَهُمْ قَوْمٌ يُكَفِّرُونَ مُرْتَكِبَ كَبِيرَةٍ وَيَتْرُكُونَ الْجَمَاعَاتِ فَلَا يُقَاتَلُونَ) وَلَا يُفَسَّقُونَ (مَا لَمْ يُقَاتِلُوا) بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (وَهُمْ فِي قَبْضَتِنَا) نَعَمْ إنْ تَضَرَّرْنَا بِهِمْ تَعَرَّضْنَا لَهُمْ حَتَّى يَزُولَ الضَّرَرُ (وَإِلَّا) بِأَنْ قَاتَلُوا أَوْ لَمْ يَكُونُوا فِي قَبْضَتِنَا (قُوتِلُوا وَلَا يَجِبُ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ) وَإِنْ كَانُوا كَقُطَّاعِ الطَّرِيقِ فِي شَهْرِ السِّلَاحِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَقْصِدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ وَهَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَنْ الْجُمْهُورِ.
وَفِيهِمَا عَنْ الْبَغَوِيّ أَنَّ حُكْمَهُمْ حُكْمُ قُطَّاعِ الطَّرِيقِ وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ فَإِنْ قَيَّدَ بِمَا إذَا قَصَدُوا إخَافَةَ الطَّرِيقِ فَلَا خِلَافَ
(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ بُغَاةٍ) لِتَأْوِيلِهِمْ قَالَ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه إلَّا أَنْ يَكُونُوا مِمَّنْ يَشْهَدُونَ لِمُوَافِقِيهِمْ بِتَصْدِيقِهِمْ كَالْخَطَّابِيَّةِ وَلَا يَخْتَصُّ هَذَا بِالْبُغَاةِ كَمَا يُعْلَمُ مَعَ زِيَادَةٍ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ (وَ) يُقْبَلُ (قَضَاؤُهُمْ فِيمَا يُقْبَلُ) فِيهِ (قَضَاؤُنَا) لِذَلِكَ (إنْ عِلْمنَا أَنَّهُمْ لَا يَسْتَحِلُّونَ دِمَاءَنَا وَأَمْوَالَنَا) وَإِلَّا فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا قَضَاؤُهُمْ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ الْمُشْتَرَطَةِ فِي الشَّاهِدِ وَالْقَاضِي، وَتَقْيِيدُ الْقَبُولِ بِعِلْمِ مَا ذُكِرَ مَعَ قَوْلِي وَأَمْوَالَنَا مِنْ زِيَادَتِي وَخَرَجَ بِمَا يُقْبَلُ فِيهِ قَضَاؤُنَا غَيْرَهُ كَأَنْ حَكَمُوا بِمَا يُخَالِفُ النَّصَّ أَوْ الْإِجْمَاعَ أَوْ الْقِيَاسَ الْجَلِيَّ فَلَا يُقْبَلُ (وَلَوْ كَتَبُوا بِحُكْمٍ أَوْ سَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَلَنَا تَنْفِيذُهُ) أَيْ الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ أُمْضِيَ وَالْحَاكِمُ بِهِ مِنْ أَهْلِهِ (وَ) لَنَا (الْحُكْمُ بِهَا) أَيْ بِبَيِّنَتِهِمْ لِتَعَلُّقِهِ بِرَعَايَانَا نَعَمْ يُنْدَبُ لَنَا عَدَمُ التَّنْفِيذِ وَالْحُكْمِ اسْتِخْفَافًا بِهِمْ (وَيُعْتَدُّ بِمَا اسْتَوْفَوْهُ مِنْ عُقُوبَةِ) حَدٍّ أَوْ تَعْزِيرٍ (وَخَرَاجٍ وَزَكَاةٍ وَجِزْيَةٍ) لِمَا فِي عَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهِ مِنْ الْإِضْرَارِ بِالرَّعِيَّةِ (وَ) يُعْتَدُّ (بِمَا فَرَّقُوهُ مِنْ سَهْمِ الْمُرْتَزِقَةِ عَلَى جُنْدِهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ مِنْ جُنْدِ الْإِسْلَامِ وَرُعْبُ الْكُفَّارِ قَائِمٌ بِهِمْ (وَحَلَفَ) الشَّخْصُ نَدْبًا إنْ أُتْهِمَ كَمَا مَرَّ فِي الزَّكَاةِ لَا وُجُوبًا وَإِنْ صَحَّحَهُ النَّوَوِيُّ فِي تَصْحِيحِهِ هُنَا (فِي) دَعْوَى (دَفْعِ زَكَاةٍ لَهُمْ) فَيُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أَمِينٌ فِي أُمُورِ الدِّينِ (لَا) فِي دَعْوَى دَفْعِ (خَرَاجٍ) فَلَا يُصَدَّقُ؛ لِأَنَّهُ أُجْرَةٌ (أَوْ) دَفْعُ (جِزْيَةٍ) ؛ لِأَنَّ الذِّمِّيَّ غَيْرُ مُؤْتَمَنٍ فِيمَا يَدَّعِيهِ عَلَيْنَا لِلْعَدَاوَةِ الظَّاهِرَةِ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَأَمَّا الْخَوَارِجُ) وَهْم صِنْفٌ مِنْ الْمُبْتَدِعَةِ قَائِلُونَ بِأَنَّ مَنْ أَتَى كَبِيرَةً كَفَرَ وَحَبَطَ عَمَلُهُ وَخُلِّدَ فِي النَّارِ وَأَنَّ دَارَ الْإِسْلَامِ بِظُهُورِ الْكَبَائِرِ فِيهَا تَصِيرُ دَارَ كُفْرٍ وَإِبَاحَةٍ ز ي (قَوْلُهُ: وَيَتْرُكُونَ الْجَمَاعَاتِ) أَيْ لَا يُصَلُّونَ جَمَاعَةً عَزِيزِيٌّ وَقِيلَ الْمُرَادُ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيَتْرُكُونَ الْجَمَاعَاتِ؛ لِأَنَّ الْأَئِمَّةَ لَمَّا أَقَرُّوا عَلَى الْمَعَاصِي كَفَرُوا بِزَعْمِهِمْ فَلَمْ يُصَلُّوا خَلْفَهُمْ (قَوْلُهُ: فَلَا يُقَاتَلُونَ) فَإِنْ قُلْتَ تَرْكُ الْجَمَاعَاتِ يُوجِبُ الْقِتَالَ كَمَا تَقَرَّرَ فِي صَلَاةِ الْجَمَاعَاتِ. قُلْت يُجَابُ بِأَنَّ مَا هُنَا مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا ظَهَرَ الشِّعَارُ بِغَيْرِهِمْ أَوْ أَنَّهُمْ لَا يُقَاتَلُونَ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ وَإِنْ قُوتِلُوا مِنْ حَيْثُ تَرْكُ الْجَمَاعَاتِ اهـ. ز ي وَخَضِرٌ (قَوْلُهُ: وَلَا يُفَسَّقُونَ) بِدَلِيلِ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُرُودِ ذَمِّهِمْ وَوَعِيدِهِمْ الشَّدِيدِ كَكَوْنِهِمْ كِلَابَ أَهْلِ النَّارِ الْحُكْمُ بِفِسْقِهِمْ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا فِي اعْتِقَادِهِمْ وَإِنْ أَخْطَئُوا وَأَثِمُوا بِهِ وَلَا يُنَافِي ذَلِكَ اقْتِضَاءَ أَكْثَرِ تَعَارِيفِ الْكَبِيرَةِ فِسْقَهُمْ لِوَعِيدِهِمْ الشَّدِيدِ وَقِلَّةِ اكْتِرَاثِهِمْ أَيْ مُبَالَاتِهِمْ بِالدِّينِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ لِأَحْوَالِ الْآخِرَةِ لَا الدُّنْيَا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَفْعَلُوا مُحَرَّمًا عِنْدَهُمْ اهـ. شَرْحُ م ر بِاخْتِصَارٍ.
(قَوْلُهُ: مَا لَمْ يُقَاتِلُوا) أَيْ فَإِنْ قَاتَلُوا فُسِّقُوا وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُمْ لَا شُبْهَةَ لَهُمْ فِي الْقِتَالِ وَبِتَقْدِيرِهَا فَهِيَ بَاطِلَةٌ قَطْعًا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَهْم فِي قَبْضَتِنَا) قَالَ الْأَذْرَعِيُّ سَوَاءٌ كَانُوا بَيْنَنَا أَوْ امْتَازُوا بِمَوْضِعٍ عَنَّا لِكَوْنِهِمْ لَمْ يَخْرُجُوا عَنْ طَاعَتِهِ ز ي وَهُوَ قَيْدٌ ثَانٍ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُقَاتَلُونَ فَالَأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى مَا قَبْلَهُ فَنَفْيُ الْقِتَالِ مُقَيَّدٌ بِقَيْدَيْنِ (قَوْلُهُ: تَعَرَّضْنَا لَهُمْ) وَلَوْ بِالْقَتْلِ (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَكُونُوا) أَيْ أَوْ لَمْ يُقَاتِلُوا وَلَمْ يَكُونُوا فِي قَبْضَتِنَا قَالَ الشَّوْبَرِيُّ: وَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ قَوْلَهُ: وَهْم فِي قَبْضَتِنَا قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ فَلَا يُقَاتَلُونَ (قَوْلُهُ: وَلَا يَجِبُ قَتْلُ الْقَاتِلِ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْبُغَاةِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانُوا إلَخْ لَكِنْ سِيَاقُهُ يَدُلّ عَلَى رُجُوعِ الضَّمِيرِ لِلْخَوَارِجِ (قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الْأَصْلُ) ضَعِيفٌ (قَوْلُهُ: فَلَا خِلَافَ) أَيْ فِي وُجُوبِ قَتْلِهِمْ ع ش
[شَهَادَةُ الْبُغَاة]
(قَوْلُهُ: بِتَصْدِيقِهِمْ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ وَالْمَصْدَرُ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ وَالْمَفْعُولُ مَحْذُوفٌ أَيْ يَشْهَدُونَ لِمَنْ يُوَافِقُهُمْ فِي الْعَقِيدَةِ بِسَبَبِ تَصْدِيقِهِمْ لَهُ أَيْ اعْتِقَادِهِمْ صِدْقَهُ (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ لِتَأْوِيلِهِمْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا فَلَا) أَيْ وَإِنْ لَمْ نَعْلَمْ ذَلِكَ وَلَوْ عَلَى احْتِمَالٍ بِأَنْ لَمْ نَدْرِ أَنَّهُمْ مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ أَوْ لَا اهـ. تُحْفَةٌ شَوْبَرِيٌّ أَوْ عَلِمْنَا أَنَّهُمْ يَسْتَحِلُّونَهَا اهـ. قَالَ م ر وَمَحَلُّ ذَلِكَ أَيْ عَدَمُ قَبُولِ شَهَادَتِهِمْ إذَا اسْتَحَلُّوهُ بِالْبَاطِلِ عُدْوَانًا لِيَتَوَصَّلُوا بِهِ إلَى إرَاقَةِ دِمَائِنَا وَإِتْلَافِ أَمْوَالِنَا وَيُؤْخَذُ مِنْ الْعِلَّةِ أَنَّ الْمُرَادَ اسْتِحْلَالٌ خَارِجَ الْحَرْبِ وَإِلَّا فَكُلُّ الْبُغَاةِ يَسْتَحِلُّونَهَا حَالَةَ الْحَرْبِ وَمَا فِي الرَّوْضَةِ فِي الشَّهَادَاتِ مِنْ قَبُولِ شَهَادَةِ مُسْتَحِلِّ الدَّمِ وَالْمَالِ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَالْقَاضِي كَالشَّاهِدِ مَحْمُولٌ عَلَى الْمُؤَوِّلِ لِذَلِكَ تَأْوِيلًا مُحْتَمَلًا وَمَا هُنَا عَلَى خِلَافِهِ.
(قَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ) كَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهُمْ لَا يُكَفَّرُونَ بِاسْتِحْلَالِ دِمَائِنَا وَأَمْوَالِنَا حَيْثُ قَالَ لِانْتِفَاءِ الْعَدَالَةِ وَلَمْ يَقُلْ لِانْتِفَاءِ الْإِسْلَامِ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا قَالَهُ ح ل لِتَأْوِيلِهِمْ (قَوْلُهُ: وَلَنَا الْحُكْمُ بِهَا) أَيْ جَوَازًا لَكِنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى إلَّا إذَا كَانَ لِوَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعَدْلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْبَغْيِ فَيَجِبُ الْحُكْمُ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ كَمَا قَالَهُ ق ل وَهَذَا أَيْ قَوْلُهُ: وَلَنَا الْحُكْمُ بِهَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بِسَمَاعِ بَيِّنَةٍ (قَوْلُهُ: نَعَمْ يُنْدَبُ لَنَا عَدَمُ التَّنْفِيذِ) مَا لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ ضَرَرٌ لِلْغَيْرِ أَوْ ضَيَاعُ حَقٍّ لَهُ ز ي (قَوْلُهُ: وَيُعْتَدُّ بِمَا اسْتَوْفَوْهُ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُسْتَوْفِي
(وَ) حَلَفَ وُجُوبًا فَيُصَدَّقُ (فِي عُقُوبَةٍ) أَنَّهَا أُقِيمَتْ عَلَيْهِ (إلَّا إنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِبَيِّنَةٍ وَلَا أَثَرَ لَهَا بِبَدَنِهِ) فَلَا يُصَدَّقُ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ إقَامَتِهَا وَلَا قَرِينَةَ تَدْفَعُهُ فَعُلِمَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِيمَا أَثَرُهُ بِبَدَنِهِ لِلْقَرِينَةِ وَفِي غَيْرِهِ إنْ ثَبَتَ مُوجِبُهَا بِإِقْرَارٍ؛ لِأَنَّهُ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ فَيُجْعَلُ إنْكَارُهُ بَقَاءَ الْعُقُوبَةِ عَلَيْهِ كَالرُّجُوعِ وَتَعْبِيرِي بِالْعُقُوبَةِ فِي الْمَوْضِعَيْنِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْحُدُودِ وَذِكْرُ التَّحْلِيفِ فِيهَا مِنْ زِيَادَتِي
(وَمَا أَتْلَفُوهُ عَلَيْنَا أَوْ عَكْسُهُ) أَيْ أَتْلَفْنَاهُ عَلَيْهِمْ فِي حَرْبٍ أَوْ غَيْرِهَا (لِضَرُورَةِ حَرْبٍ هَدَرٌ) اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ وَتَرْغِيبًا فِي الطَّاعَةِ؛ وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ بِالْحَرْبِ فَلَا نَضْمَنُ مَا يَتَوَلَّدُ مِنْهَا.
وَهُمْ إنَّمَا أَتْلَفُوا بِتَأْوِيلٍ بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ أَوْ فِيهَا لَا لِضَرُورَتِهَا فَمَضْمُونٌ عَلَى الْأَصْلِ فِي الْإِتْلَافَاتِ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِمَّا عَبَّرَ بِهِ (كَذِي شَوْكَةِ) مُسْلِمٍ (بِلَا تَأْوِيلٍ) فَيُهْدَرُ مَا أَتْلَفَهُ لِضَرُورَةِ حَرْبٍ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الضَّمَانِ عَنْ الْبَاغِينَ لِقَطْعِ الْفِتْنَةِ وَاجْتِمَاعِ الْكَلِمَةِ وَهَذَا مَوْجُودٌ هُنَا بِخِلَافِ مَا يُتْلِفُهُ الْمُتَأَوِّلُ بِلَا شَوْكَةٍ وَبِهِ صَرَّحَ الْأَصْلُ؛ لِأَنَّهُ كَقَاطِعِ الطَّرِيقِ وَبِخِلَافِ مَا تُتْلِفُهُ طَائِفَةٌ ارْتَدَّتْ وَلَهُمْ شَوْكَةٌ وَإِنْ تَابُوا وَأَسْلَمُوا لِجِنَايَتِهِمْ عَلَى الْإِسْلَامِ
[دَرْس](وَلَا يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ حَتَّى يَبْعَثَ) إلَيْهِمْ (أَمِينًا فَطِنًا نَاصِحًا يَسْأَلُهُمْ مَا يَنْقِمُونَ) أَيْ يَكْرَهُونَ (فَإِنْ ذَكَرُوا مَظْلِمَةً) بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا (أَوْ شُبْهَةً أَزَالَهَا) عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ عَلِيًّا بَعَثَ ابْنَ عَبَّاسٍ رضي الله عنهم إلَى أَهْلِ النَّهْرَوَانِ فَرَجَعَ بَعْضُهُمْ إلَى الطَّاعَةِ (فَإِنْ أَصَرُّوا) بَعْدَ الْإِزَالَةِ (وَعَظَهُمْ) وَأَمَرَهُمْ بِالْعَوْدِ إلَى الطَّاعَةِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ أَهْلِ الدِّينِ وَاحِدَةً (ثُمَّ) إنْ لَمْ يَتَّعِظُوا (أَعْلَمَهُمْ بِالْمُنَاظَرَةِ) وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (ثُمَّ) إنْ أَصَرُّوا أَعْلَمَهُمْ (بِالْقِتَالِ) ؛ لِأَنَّهُ سبحانه وتعالى أَمَرَ بِالْإِصْلَاحِ ثُمَّ بِالْقِتَالِ (فَإِنْ اُسْتُمْهِلُوا) فِيهِ (فَعَلَ) بِاجْتِهَادِهِ (مَا رَآهُ مَصْلَحَةً) مِنْ الْإِمْهَالِ وَعَدَمِهِ فَإِنْ ظَهَرَ لَهُ إنْ اسْتِمْهَالَهُمْ لِلتَّأَمُّلِ فِي إزَالَةِ الشُّبْهَةِ أَمْهَلَهُمْ أَوْ لِاسْتِلْحَاقِ مَدَدٍ لَمْ يُمْهِلْهُمْ
. (وَلَا يَتْبَعُ) إذَا وَقَعَ قِتَالٌ (مُدْبِرَهُمْ) إنْ كَانَ غَيْرَ مُتَحَرِّفٍ لِقِتَالِ أَوْ مُتَحَيِّزٍ إلَى فِئَةٍ قَرِيبَةٍ (وَلَا يَقْتُلُ مُثْخَنَهُمْ) بِفَتْحِ الْخَاءِ مِنْ أَثْخَنَتْهُ الْجِرَاحَةُ أَضْعَفَتْهُ (وَأَسِيرَهُمْ) لِخَبَرِ الْحَاكِمِ وَالْبَيْهَقِيِّ بِذَلِكَ فَلَوْ قُتِلَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ فَلَا قَوَدَ لِشُبْهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَوْ وَلَّوْا
ــ
[حاشية البجيرمي]
لِذَلِكَ مِنْ وُلَاةِ أُمُورِهِمْ لَا مِنْ الْآحَادِ ز ي (قَوْلُهُ: وَفِي عُقُوبَةٍ) فِي إعَادَةِ كَلِمَةِ (فِي) إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى الْمُثْبَتِ وَهُوَ قَوْلُهُ: فِي دَفْعِ زَكَاةٍ لَا عَلَى الْمَنْفِيِّ أَيْ قَوْلُهُ: لَا فِي خَرَاجٍ فَدَفَعَ إيهَامَ ذَلِكَ بِذِكْرِ (فِي) تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَقْبَلُ رُجُوعَهُ) قَضِيَّةُ هَذَا التَّعْلِيلِ التَّصْدِيقُ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ وَعُمُومُ مَا سَلَفَ لَهُ يُخَالِفُهُ سم. اهـ. ع ش
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) وَيُصَوَّرُ الْإِتْلَافُ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ لِضَرُورَةِ الْحَرْبِ بِمَا إذَا تَتَرَّسُوا بِشَيْءٍ فَيَجُوزُ إتْلَافُهُ قَبْلَ الْحَرْبِ (قَوْلُهُ: لِضَرُورَةِ حَرْبٍ) قَالَ الشَّيْخُ عِزُّ الدِّينِ وَلَا يَتَّصِفُ إتْلَافُهُمْ بِإِبَاحَةٍ وَلَا تَحْرِيمٍ؛ لِأَنَّهُ خَطَأٌ مَعْفُوٌّ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا يُتْلِفُهُ الْكَافِرُ حَالَ الْحَرْبِ فَإِنَّهُ حَرَامٌ غَيْرُ مَضْمُونٍ ز ي وَشَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: اقْتِدَاءً بِالسَّلَفِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَمَا أَتْلَفُوهُ وَعَكْسُهُ وَقَوْلُهُ: وَتَرْغِيبًا فِي الطَّاعَةِ رَاجِعٌ لِلْأَوَّلِ فَقَطْ وَقَوْلُهُ:؛ وَلِأَنَّا مَأْمُورُونَ إلَخْ رَاجِعٌ إلَيْهِمَا جَمِيعًا عَلَى التَّوْزِيعِ فَتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ ذَلِكَ فِي غَيْرِ الْحَرْبِ إلَخْ) قَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِمَا إذَا قَصَدَ أَهْلُ الْعَدْلِ التَّشَفِّيَ وَالِانْتِقَامَ لَا إضْعَافَهُمْ وَهَزِيمَتَهُمْ وَبِهِ يُعْلَمُ جَوَازُ عَقْرِ دَوَابِّهِمْ إذَا قَاتَلُوا عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَوَّزْنَا إتْلَافَ أَمْوَالِهِمْ خَارِجَ الْحَرْبِ لِإِضْعَافِهِمْ فَهَذَا أَوْلَى شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: كَذِي شَوْكَةٍ مُسْلِمٍ) ظَاهِرُ صَنِيعِهِ فِي الْمَتْنِ أَنَّهُ لَا يَضْمَنُ مَا أَتْلَفَهُ وَلَا نَضْمَنُ مَا أَتْلَفْنَاهُ عَلَيْهِ وَقَدْ قَصَرَهُ فِي الشَّرْحِ عَلَى نَفْيِ ضَمَانِهِ هُوَ وَالظَّاهِرُ عَدَمُ ضَمَانِنَا أَيْضًا بِالْأَوْلَى تَأَمَّلْ وَلَيْسَ مِنْ ذَلِكَ مَا يَقَعُ فِي زَمَانِنَا مِنْ خُرُوجِ بَعْضِ الْعَرَبِ وَاجْتِمَاعِهِمْ لِنَهْبِ مَا يَقْدِرُونَ عَلَيْهِ بَلْ هُمْ قُطَّاعُ طَرِيقٍ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: فَيُهْدَرُ مَا أَتْلَفَهُ لِضَرُورَةِ حَرْبٍ) وَأَمَّا فِي تَنْفِيذِ قَضَاءِ قَاضِيهِمْ وَاسْتِيفَائِهِمْ حَقًّا أَوْ حَدًّا فَلَا كَمَا فِي عَكْسِهِ ز ي أَيْ فَالتَّشْبِيهُ فِي شَيْءٍ خَاصٍّ وَهُوَ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: وَبِخِلَافِ مَا تُتْلِفُهُ طَائِفَةٌ ارْتَدَّتْ) أَفْتَى الشِّهَابُ م ر فِي مُرْتَدِّينَ لَهُمْ شَوْكَةٌ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُمْ كَالْبُغَاةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ائْتِلَافُهُمْ عَلَى الْعَوْدِ إلَى الْإِسْلَامِ س ل أَيْ وَتَضْمِينُهُمْ يُنَفِّرُهُمْ عَنْ ذَلِكَ فَالْمُعْتَمَدُ عَدَمُ الضَّمَانِ كَمَا فِي م ر
. (قَوْلُهُ: وَلَا يُقَاتِلُهُمْ الْإِمَامُ) أَشَارَ إلَى أَنَّ قِتَالَ الْبُغَاةِ يُخَالِفُ قِتَالَ الْكُفَّارِ مِنْ وُجُوهٍ ز ي أَيْ لَا يَجُوزُ قِتَالُهُمْ حَتَّى يَبْعَثَ فَيَجُوزُ أَيْ يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ جَوَازٌ بَعْدَ امْتِنَاعٍ كَمَا أَفَادَهُ ق ل (قَوْلُهُ: حَتَّى يَبْعَثَ) أَيْ وُجُوبًا وَقَوْلُهُ: أَمِينًا إلَخْ أَيْ عَدْلًا أَيْ نَدْبًا مَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُنَاظَرَةِ وَإِلَّا وَجَبَ ز ي وح ل (قَوْلُهُ: فَطِنًا) أَيْ عَارِفًا بِالْعُلُومِ وَالْحُرُوبِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَةُ ز ي قَوْلُهُ: أَمِينًا فَطِنًا أَيْ نَدْبًا إنْ بَعَثَ لِمُجَرَّدِ السُّؤَالِ فَإِنْ كَانَ لِلْمُنَاظَرَةِ وَإِزَالَةِ الشُّبْهَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ تَأَهُّلِهِ لِذَلِكَ (قَوْلُهُ: مَا يَنْقِمُونَ) بِكَسْرِ الْقَافِ مِنْ بَابِ ضَرَبَ قَالَ تَعَالَى {وَمَا تَنْقِمُ مِنَّا} [الأعراف: 126](قَوْلُهُ: بِكَسْرِ اللَّامِ وَفَتْحِهَا) أَيْ إنْ كَانَ مَصْدَرًا مِيمِيًّا فَإِنْ كَانَ اسْمًا لِمَا يَظْلِمُ بِهِ فَبِالْكَسْرِ فَقَطْ ز ي (قَوْلُهُ: النَّهْرَوَانِ) قَرْيَةٌ قَرِيبَةٌ مِنْ بَغْدَادَ خَرَجَتْ عَلَى عَلِيٍّ كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ ع ش (قَوْلُهُ: أَعْلَمَهُمْ) أَيْ وُجُوبًا شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: ثُمَّ إنْ أَصَرُّوا) بِأَنْ امْتَنَعُوا مِنْ الْمُنَاظَرَةِ أَوْ انْقَطَعُوا كَمَا فِي شَرْحِ م ر (قَوْلُهُ أَمْهَلَهُمْ) أَيْ وُجُوبًا (قَوْلُهُ: مَدَدٌ) أَيْ جَمَاعَةٌ يَسْتَعِينُونَ بِهِمْ عَلَى قِتَالِنَا (قَوْلُهُ: لَمْ يُمْهِلْهُمْ) وَإِنْ بَذَلُوا مَالًا وَتَرَكُوا ذَرَارِيَّهُمْ اهـ. ز ي وَتَجِبُ مُصَابَرَةُ وَاحِدِ لِاثْنَيْنِ كَالْكُفَّارِ شَرْحُ م ر
(قَوْلُهُ: وَلَا يَتْبَعُ مُدْبِرَهُمْ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ رَدُّهُمْ لِلطَّاعَةِ (قَوْلُهُ: فَلَا قَوَدَ) أَيْ بَلْ فِيهِ دِيَةُ عَمْدٍ كَمَا فِي ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لِشُبْهَةِ أَبِي حَنِيفَةَ)
مُجْتَمَعِينَ تَحْتَ رَايَةِ زَعِيمِهِمْ اُتُّبِعُوا (وَلَا يُطْلَقُ) أَسِيرُهُمْ (وَلَوْ) كَانَ (صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً) أَوْ عَبْدًا (حَتَّى يَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ) وَلَا يَتَوَقَّعُ عَوْدُهُمْ (إلَّا أَنْ يُطِيعَ) أَيْ الْأَسِيرُ (بِاخْتِيَارِهِ) فَيُطْلَقُ قَبْلَ ذَلِكَ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ وَكَذَا فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ إنْ كَانُوا مُقَاتِلِينَ وَإِلَّا أُطْلِقُوا بِمُجَرَّدِ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ (وَيُرَدُّ لَهُمْ بَعْدَ أَمْنِ غَائِلَتِهِمْ) أَيْ شَرِّهِمْ بِعَوْدِهِمْ إلَى الطَّاعَةِ أَوْ تَفَرُّقِهِمْ وَعَدَمِ تَوَقُّعِ عَوْدِهِمْ (مَا أُخِذَ) مِنْهُمْ (وَلَا يُسْتَعْمَلُ) مَا أُخِذَ مِنْهُمْ فِي حَرْبٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا لِضَرُورَةٍ كَأَنْ لَمْ نَجِدْ مَا نَدْفَعُ بِهِ عَنَّا إلَّا سِلَاحَهُمْ أَوْ مَا نَرْكَبُهُ عِنْدَ الْهَزِيمَةِ إلَّا خَيْلَهُمْ (وَلَا يُقَاتَلُونَ بِمَا يَعُمُّ كَنَارٍ وَمِنْجَنِيقٍ) وَهُوَ آلَةُ رَمْيِ الْحِجَارَةِ إلَّا لِضَرُورَةٍ بِأَنَّ قَاتَلُوا بِهِ فَاحْتِيجَ إلَى الْمُقَاتَلَةِ بِمِثْلِهِ دَفْعًا أَوْ أَحَاطُوا بِنَا وَاحْتَجْنَا فِي دَفْعِهِمْ إلَى ذَلِكَ (وَلَا يُسْتَعَانُ عَلَيْهِمْ بِكَافِرٍ) ؛ لِأَنَّهُ يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ عَلَى الْمُسْلِمِ (إلَّا لِضَرُورَةٍ) بِأَنْ كَثُرُوا وَأَحَاطُوا بِنَا فَقَوْلِي إلَّا لِضَرُورَةٍ رَاجِعٌ إلَى الصُّوَرِ الثَّلَاثِ كَمَا تَقَرَّرَ.
وَهُوَ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْ زِيَادَتِي (وَلَا بِمَنْ يَرَى قَتْلَهُمْ مُدْبِرِينَ) لِعَدَاوَةٍ أَوْ اعْتِقَادٍ كَالْحَنَفِيِّ، وَالْإِمَامُ لَا يَرَى ذَلِكَ إبْقَاءً عَلَيْهِمْ فَلَوْ احْتَجْنَا لِلِاسْتِعَانَةِ بِهِ جَازَ إنْ كَانَ فِيهِ جَرَاءَةٌ وَحُسْنُ إقْدَامٍ وَتَمَكُّنًا مِنْ مَنْعِهِ لَوْ اتَّبَعَ مُنْهَزِمًا
(وَلَوْ آمَنُوا حَرْبِيِّينَ) بِالْمَدِّ أَيْ عَقَدُوا لَهُمْ أَمَانًا (لِيُعِينُوهُمْ) عَلَيْنَا (نَفَذَ) أَمَانُهُمْ (عَلَيْهِمْ) ؛ لِأَنَّهُمْ أَمَّنُوهُمْ مِنْ أَنْفُسِهِمْ لَا عَلَيْنَا؛ لِأَنَّ الْأَمَانَ لِتَرْكِ قِتَالِ الْمُسْلِمِينَ، فَلَا يَنْعَقِدُ بِشَرْطِ قِتَالِهِمْ فَلَوْ أَعَانُوهُمْ وَقَالُوا ظَنَنَّا أَنَّهُ يَجُوزُ لَنَا إعَانَةُ بَعْضِكُمْ عَلَى بَعْضٍ أَوْ أَنَّهُمْ الْمُحِقُّونَ وَلَنَا إعَانَةُ الْمُحِقِّ أَوْ أَنَّهُمْ اسْتَعَانُوا بِنَا عَلَى كُفَّارٍ وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ.
(وَلَوْ أَعَانَهُمْ كُفَّارٌ مَعْصُومُونَ) هُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ أَهْلُ ذِمَّةٍ (عَالِمُونَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا مُخْتَارُونَ) فِيهِ (انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) كَمَا لَوْ انْفَرَدُوا بِالْقِتَالِ (فَإِنْ قَالَ ذِمِّيُّونَ) كُنَّا مُكْرَهِينَ أَوْ (ظَنَنَّا) جَوَازَ الْقِتَالِ إعَانَةً أَوْ ظَنَنَّا (أَنَّهُمْ مُحِقُّونَ) فِيمَا فَعَلُوهُ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (وَإِنَّ لَنَا إعَانَةَ الْمُحِقِّ) وَأَمْكَنَ صِدْقُهُمْ (فَلَا) يُنْتَقَضُ عَهْدُهُمْ لِمُوَافَقَتِهِمْ طَائِفَةً مُسْلِمَةً مَعَ عُذْرِهِمْ (وَيُقَاتَلُونَ كَبُغَاةٍ) لِانْضِمَامِهِمْ إلَيْهِمْ مَعَ الْأَمَانِ فَلَا يُتْبَعُ مُدْبِرُهُمْ وَلَا يُقْتَلُ مُثْخَنُهُمْ وَلَا أَثِيرُهُمْ وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّينَ الْمُعَاهَدُونَ وَالْمُؤَمَّنُونَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَإِنَّهُ يَرَى قَتْلَ مُدْبِرِهِمْ وَأَسِيرِهِمْ وَمُثْخَنِهِمْ (قَوْلُهُ: وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ) أَيْ مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُطْلَقُ أَسِيرُهُمْ إنْ كَانَ فِيهِ مَنَعَةٌ وَإِنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ امْرَأَةً أَوْ قِنًّا حَتَّى تَنْقَضِيَ الْحَرْبُ وَيَتَفَرَّقَ جَمْعُهُمْ تَفَرُّقًا لَا يُتَوَقَّعُ جَمْعُهُمْ بَعْدَهُ وَهَذَا فِي الرَّجُلِ الْحُرِّ إلَخْ ثُمَّ قُلْ إلَّا أَنْ يُطِيعَ الْحُرُّ الْكَامِلُ الْإِمَامَ بِمُتَابَعَتِهِ لَهُ بِاخْتِيَارِهِ فَيُطْلَقُ وَإِنْ بَقِيَتْ الْحَرْبُ لَا مِنْ ضَرُورَةٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا لِضَرُورَةٍ) أَيْ وَتَجِبُ أُجْرَةُ مِثْلِ تِلْكَ الْمَنْفَعَةِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُضْطَرَّ قِيمَةُ طَعَامِ غَيْرِهِ إذَا أَكَلَهُ وَهَذَا مَا جَزَمَ بِهِ ابْنُ الْمُقْرِي فِي تَمْشِيَتِهِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ م ر ز ي وَهَلْ الْأُجْرَةُ لَازِمَةٌ لِلْمُسْتَعْمِلِ أَوْ تُخْرَجُ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ الِاسْتِعْمَالَ لِمَصْلَحَةِ الْمُسْلِمِينَ؟ فِيهِ نَظَرٌ وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ كَمَا يَلْزَمُ الْمُضْطَرَّ إلَخْ انْتَهَى ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: بِأَنْ قَاتَلُوا بِهِ) لَيْسَ بِقَيْدٍ ع ش (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ تَسْلِيطُهُ إلَخْ) وَلِهَذَا يَحْرُمُ جَعْلُهُ جَلَّادًا يُقِيمُ الْحُدُودَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ ز ي (قَوْلُهُ: وَالْإِمَامُ إلَخْ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ (قَوْلُهُ: إبْقَاءً عَلَيْهِمْ) أَيْ إبْقَاءً لِلْحَيَاةِ عَلَيْهِمْ أَوْ مَعْنَى إبْقَاءً شَفَقَةً أَوْ تُجْعَلُ عَلَى بِمَعْنَى اللَّامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ
(قَوْلُهُ: بِالْمَدِّ) اقْتَصَرَ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ أَشْهَرُ قَالَ تَعَالَى {وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} [قريش: 4] وَإِلَّا فَالْقَصْرُ وَالتَّشْدِيدُ جَائِزٌ إلَّا أَنَّهُ قَلِيلٌ ع ش لَكِنْ حَكَى ابْنُ مَكِّيٍّ مِنْ اللَّحْنِ الْقَصْرُ وَالتَّشْدِيدُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ عَمِيرَةُ لَكِنْ قَوْلُهُمْ تَأْمِينًا مُطْلَقًا يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لَا عَلَيْنَا) فَلَهُمْ مَعَنَا حُكْمُ الْحَرْبِيِّينَ وَحِينَئِذٍ فَلَنَا غَنْمُ أَمْوَالِهِمْ وَاسْتِرْقَاقُهُمْ وَقَتْلُ أَسِيرِهِمْ وَقَتْلُهُمْ مُدْبِرِينَ وَمَعَهُمْ حُكْمُ الْمُؤْمِنِينَ فَيُمْنَعُونَ مِنْ غَنْمِ أَمْوَالِهِمْ ز ي (قَوْلُهُ: بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ إلَخْ) عِبَارَةُ شَيْخِنَا بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَأَجْرَيْنَا عَلَيْهِمْ أَيْ قَبْلَ التَّبْلِيغِ فِيمَا يَصْدُرُ مِنْهُمْ أَحْكَامَ الْبُغَاةِ وَهَذَا مُرَادُ مَنْ عَبَّرَ بِقَوْلِهِ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ فَلَيْسَ قَوْلُهُ: وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ مُرَتَّبًا عَلَى تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ؛ لِأَنَّهُ قَبْلَهُ فَالْعِبَارَةُ مَقْلُوبَةٌ وَبِهِ يُرَدُّ مَا أَطَالَ بِهِ فِي التُّحْفَةِ فَرَاجِعْهُ شَوْبَرِيٌّ بِزِيَادَةٍ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ بَعْدَ قَوْلِهِ بَلَّغْنَاهُمْ الْمَأْمَنَ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ وَفِيهِ تَجَوُّزٌ وَإِلَّا فَفِي الْجَمْعِ بَيْنَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ وَمُقَاتِلَتِهِمْ كَبُغَاةٍ تَنَافٍ؛ لِأَنَّ قِتَالَهُمْ كَبُغَاةٍ إنْ كَانَ بَعْدَ تَبْلِيغِ الْمَأْمَنِ فَغَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّهُمْ بَعْدَ بُلُوغِ الْمَأْمَنِ حَرْبِيُّونَ فَيُقَاتَلُونَ كَالْحَرْبِيِّينَ وَقَبْلَ بُلُوغِهِ لَا يُقَاتَلُونَ كَالْحَرْبِيِّينَ فَالْوَجْهُ أَنَّهُمْ لِعُذْرِهِمْ يُبَلَّغُونَ الْمَأْمَنَ وَبَعْدَهُ يُقَاتَلُونَ كَالْحَرْبِيِّينَ انْتَهَى وَنَقَلَهُ ز ي وح ل وَأَقَرَّهُ سم.
وَقَاتَلْنَاهُمْ قَبْلَ تَبْلِيغِهِمْ الْمَأْمَنَ فِي حَالِ اخْتِلَاطِهِمْ بِالْبُغَاةِ كَقِتَالِ الْبُغَاةِ فَمَنْ ظَفَرْنَا بِهِ مِنْهُمْ نُبَلِّغُهُ الْمَأْمَنَ فَيَكُونُ فِي كَلَامِ الشَّارِحِ تَقْدِيمٌ وَتَأْخِيرٌ، وَقَالَ شَيْخُنَا الْعَزِيزِيُّ وَقَاتَلْنَاهُمْ كَالْبُغَاةِ التَّشْبِيهُ فِي أَصْلِ الْقِتَالِ لَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ (قَوْلُهُ: انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ) حَتَّى فِي حَقِّ أَهْلِ الْبَغْيِ س ل.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَنْتَقِضُ عَهْدُهُمْ) وَإِنْ لَمْ يُقِيمُوا بَيِّنَةً بِالْإِكْرَاهِ كَمَا يَقْتَضِيهِ إطْلَاقُ الْجُمْهُورِ لَكِنْ شَرَطَ الْمُزَنِيّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ إقَامَتَهَا اهـ. ز ي (قَوْلُهُ: وَخَرَجَ بِالذِّمِّيِّينَ) قَضِيَّةُ كَلَامِ م ر فِي شَرْحِهِ التَّسْوِيَةُ بَيْنَ الذِّمِّيِّينَ وَالْمُعَاهَدِينَ فِي عَدَمِ الِانْتِقَاضِ حَيْثُ أَبْدَوْا عُذْرًا وَعِبَارَتُهُ وَلَوْ أَعَانَهُمْ أَهْلُ الذِّمَّةِ أَوْ مُعَاهَدُونَ أَوْ مُؤَمَّنُونَ مُخْتَارِينَ عَالِمِينَ بِتَحْرِيمِ قِتَالِنَا انْتَقَضَ عَهْدُهُمْ اهـ. بِحُرُوفِهِ ثُمَّ قَالَ أَوْ مُكْرَهِينَ وَلَوْ بِقَوْلِهِمْ