الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ
(سُنَّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ) مِنْ مُدَّعٍ وَمُدَّعًى عَلَيْهِ فِي غَيْرِ نَجِسٍ وَمَالٍ كَدَمٍ وَنِكَاحٍ وَطَلَاقٍ وَرَجْعَةٍ وَإِيلَاءٍ وَعِتْقٍ وَوَلَاءٍ وَوِصَايَةٍ وَوَكَالَةٍ وَفِي مَالٍ اُدُّعِيَ بِهِ أَوْ بِحَقِّهِ وَبَلَغَ نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ أَوْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَرَأَى الْحَاكِمُ التَّغْلِيظَ فِيهِ لِجَرَاءَةٍ فِي الْحَالِفِ بِنَاءً عَلَى أَنَّهُ لَا يَتَوَقَّفُ عَلَى طَلَبِ خَصْمٍ وَهُوَ الْأَصَحُّ (لَا فِي نَجِسٍ أَوْ مَالٍ) اُدُّعِيَ بِهِ أَوْ بِحَقِّهِ كَخِيَارٍ وَأَجَلٍ (لَمْ يَبْلُغْ) أَيْ الْمَالُ (نِصَابَ زَكَاةِ نَقْدٍ وَلَمْ يَرَهُ) أَيْ التَّغْلِيظَ فِيهِ (قَاضٍ) وَالتَّغْلِيظُ يَكُونُ (بِمَا) مَرَّ (فِي اللِّعَانِ مِنْ زَمَانٍ وَمَكَانٍ) لَا جَمْعٍ وَتَكْرِيرِ أَلْفَاظٍ (وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ) كَأَنْ يَقُولَ وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ وَالْعَلَانِيَةَ وَإِنْ كَانَ الْحَالِفُ يَهُودِيًّا حَلَّفَهُ الْقَاضِي بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ التَّوْرَاةَ عَلَى مُوسَى وَنَجَّاهُ مِنْ الْغَرَقِ أَوْ نَصْرَانِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي أَنْزَلَ الْإِنْجِيلَ عَلَى عِيسَى أَوْ مَجُوسِيًّا أَوْ وَثَنِيًّا حَلَّفَهُ بِاَللَّهِ الَّذِي خَلَقَهُ وَصَوَّرَهُ فَلَوْ اقْتَصَرَ عَلَى قَوْلِهِ وَاَللَّهِ كَفَى.
وَلَا يَجُوزُ لِقَاضٍ أَنْ يُحَلِّفَ أَحَدًا بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ أَوْ نَذْرٍ كَمَا قَالَهُ الْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَتَى بَلَغَ الْإِمَامَ قَاضِيًا يَسْتَحْلِفُ النَّاسَ بِطَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ عَزَلَهُ، وَذِكْرُ سَنِّ التَّغْلِيظِ مَعَ عَدَمِهِ فِي النَّجِسِ وَمَعَ قَوْلِي نَقْدِ وَلَمْ يَرَهُ قَاضٍ وَمَعَ قَوْلِي وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ مِنْ زِيَادَتِي، وَتَقْيِيدِي مَا مَرَّ فِي اللِّعَانِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَوْلَى مِنْ إطْلَاقِهِ لَهُ
(وَيَحْلِفُ) الشَّخْصُ (عَلَى الْبَتِّ) أَيْ الْقَطْعِ فِي فِعْلِهِ وَفِعْلِ مَمْلُوكِهِ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ، وَحَالُ مَمْلُوكِهِ مَنْسُوبٌ إلَيْهِ فَهُوَ كَحَالِهِ بَلْ ضَمَانُ جِنَايَةِ بَهِيمَتِهِ بِتَقْصِيرِهِ فِي حِفْظِهَا لَا بِفِعْلِهَا وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِمَا إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا مَحْصُورًا لِتَيَسُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ (لَا فِي نَفْيٍ مُطْلَقٍ لِفِعْلٍ لَا يُنْسَبُ لَهُ) كَقَوْلِ غَيْرِهِ لَهُ فِي جَوَابِ دَعْوَاهُ دَيْنًا لِمُوَرِّثِهِ أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك (فَ) حَلَفَ (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْبَتِّ (أَوْ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ) لِتَعَسُّرِ الْوُقُوفِ عَلَيْهِ.
وَالتَّقْيِيدُ بِمُطْلَقٍ مَعَ قَوْلِي عَلَيْهِ مِنْ زِيَادَتِي.
ــ
[حاشية البجيرمي]
[فَصْلٌ فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ]
(فَصْلٌ: فِي كَيْفِيَّةِ الْحَلِفِ وَضَابِطِ الْحَالِفِ)(قَوْلُهُ: سُنَّ تَغْلِيظُ يَمِينٍ) أَيْ يُسَنُّ لِلْقَاضِي أَنْ يُغَلِّظَ الْيَمِينَ وَهَذَا لَيْسَ مِنْ التَّرْجَمَةِ ح ل أَيْ بَلْ هُوَ تَوْطِئَةٌ لِلْمُتَرْجَمِ لَهُ وَهُوَ قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ إلَخْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ التَّرْجَمَةِ بِالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ وَيَكُونُ الْمُرَادُ الْكَيْفِيَّةُ الْوَاجِبَةُ أَوْ الْمَنْدُوبَةُ (قَوْلُهُ: مِنْ مُدَّعٍ) أَيْ إذَا رُدَّتْ عَلَيْهِ أَوْ أَقَامَ شَاهِدًا وَحَلَفَ مَعَهُ ز ي (قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ نَجَسٍ) أَخَذَهُ مِمَّا بَعْدَهُ وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا فِي نَجَسٍ مَعْطُوفٍ عَلَى هَذَا الْمُقَدَّرِ لِلْعِلْمِ مِ بِهِ (قَوْلُهُ: وَمَالٍ) أَيْ لَمْ يَبْلُغْ نِصَابَ زَكَاةٍ نَقْدٍ وَلَمْ يَرَهُ قَاضٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ: كَدَمٍ) أَيْ قَتْلٍ (قَوْلُهُ: وَبَلَغَ نِصَابَ زَكَاةٍ نَقْدًا) وَهُوَ عِشْرُونَ دِينَارًا أَوْ مِائَتَا دِرْهَمٍ أَوْ مَا قِيمَتُهُ أَحَدُهُمَا فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَيَّ نِصَابٍ كَانَ حَتَّى مِنْ الْإِبِلِ مَثَلًا بِرْمَاوِيٌّ وَيُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّ نِصَابَ غَيْرِ النَّقْدِ إنْ بَلَغَتْ قِيمَتُهُ نِصَابَ النَّقْدِ سُنَّ التَّغْلِيظِ وَإِلَّا افَلَا (قَوْلُهُ: لَا فِي نَجَسٍ أَوْ مَالٍ) هَذَا التَّقْيِيدُ إنَّمَا هُوَ بِالنِّسْبَةِ لِلتَّغْلِيظِ بِالزَّمَانِ وَالْمَكَانِ أَمَّا: بِالنِّسْبَةِ لِزِيَادَةِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ فَلَهُ التَّغْلِيظُ بِهَا مُطْلَقًا شَرْحُ م ر أَيْ فِي الْمَالِ وَغَيْرِهِ بَلَغَ نِصَابًا أَمْ لَا.
وَشَمِلَ ذَلِكَ الِاخْتِصَاصُ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: لَا جَمْعَ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر نَعَمْ التَّغْلِيظُ بِحُضُورِ جَمْعٍ أَقَلُّهُمْ أَرْبَعَةٌ وَبِتَكْرِيرِ اللَّفْظِ لَا أَثَرَ لَهُ هُنَا. اهـ. (قَوْلُهُ: وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ) وَيُسَنُّ أَنْ يَقْرَأَ عَلَيْهِ {إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلا} [آل عمران: 77] وَأَنْ يُوضَعَ الْمُصْحَفُ فِي حِجْرِهِ شَرْحُ م ر وَلَا يُحَلِّفُهُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الْمَقْصُودَ تَخْوِيفُهُ بِحَلِفِهِ بِحَضْرَةِ الْمُصْحَفِ ع ش عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: فَلَوْ اقْتَصَرَ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ وَبِزِيَادَةِ أَسْمَاءٍ وَصِفَاتٍ ع ن (قَوْلُهُ: وَلَا يَجُوزُ لِقَاضٍ) خَرَجَ الْخَصْمُ فَلَهُ تَحْلِيفُهُ بِذَلِكَ وَمِثْلُ الْقَاضِي غَيْرُهُ مِنْ الْمُحَكَّمِ وَنَحْوِهِ فَلَيْسَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِذَلِكَ ع ش (قَوْلُهُ: عَزَلَهُ) أَيْ وُجُوبًا إنْ كَانَ شَافِعِيًّا وَأَمَّا: الْقَاضِي الْحَنَفِيُّ فَلَا يَعْزِلُهُ الْإِمَامُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ؛ لِأَنَّهُ يَرَى ذَلِكَ فِي اعْتِقَادِ مُقَلَّدِهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَذِكْرُ سُنَّ إلَخْ) الْأَوْلَى تَقْدِيمُهُ عَلَى قَوْلِهِ وَلَا يَجُوزُ إلَخْ (قَوْلُهُ: أَوْلَى مِنْ طَلَاقِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِطْلَاقَ يَدْخُلُ تَكْرِيرَ الْأَيْمَانِ وَحُضُورُ رَ الْجَمْعِ مَعَ أَنَّهُمَا لَيْسَا مَطْلُوبَيْنِ هُنَا
(قَوْلُهُ: وَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ إلَخْ) هَذَا مِنْ جُمْلَةِ كَيْفِيَّةِ الْيَمِينِ. وَحَاصِلُ الصُّوَرِ اثْنَتَا عَشْرَةَ صُورَةً؛ لِأَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ إمَّا: فِعْلُهُ أَوْ فِعْلُ مَمْلُوكِهِ أَوْ فِعْلُ غَيْرِهِمَا، وَعَلَى كُلٍّ إمَّا أَنْ يَكُونَ إثْبَاتًا أَوْ نَفْيًا وَعَلَى كُلٍّ إمَّا مُطْلَقًا أَوْ مُقَيَّدًا.
فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ فِي إحْدَى عَشْرَةَ أَشَارَ إلَيْهَا بِقَوْلِهِ فِي فِعْلِهِ أَوْ فِعْلِ مَمْلُوكِهِ فَهَذِهِ ثَمَانِيَةٌ؛ لِأَنَّهُ يَحْلِفُ إمَّا: عَلَى الْإِثْبَاتِ أَوْ النَّفْيِ وَعَلَى كُلٍّ إمَّا: أَنْ يَكُونَا مُطْلَقَيْنِ أَوْ مُقَيَّدَيْنِ وَقَوْلُهُ: وَفِي فِعْلِ غَيْرِهِمَا إثْبَاتًا فِيهِ صُورَتَانِ؛ لِأَنَّهُ إمَّا: مُطْلَقٌ أَوْ مُقَيَّدٌ وَقَوْلُهُ: أَوْ نَفْيًا مَحْصُورًا صُورَةً وَيَتَخَيَّرُ فِي وَاحِدَةٍ أَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ لَا فِي نَفْيِ مُطْلَقِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّهُ يَعْلَمُ حَالَ نَفْسِهِ) أَيْ مِنْ شَأْنِهِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ الْفِعْلُ صَدَرَ مِنْهُ حَالَ جُنُونِهِ مَثَلًا كَمَا أَطْلَقُوهُ شَرْحُ حَجّ (قَوْلُهُ: بِتَقْصِيرِهِ) أَيْ فَهُوَ مِنْ فِعْلِهِ ع ش (قَوْلُهُ: غَيْرِهِمَا) أَيْ مِمَّا لَهُ بِهِ تَعَلُّقٌ كَمُوَرَّثِهِ لَا أَجْنَبِيٍّ (قَوْلُهُ: إثْبَاتًا) كَبَيْعٍ وَإِتْلَافٍ وَغَصْبٍ م ر (قَوْلُهُ: مَحْصُورًا) صِفَةٌ لَنَفْيًا أَيْ نَفْيًا مُقَيَّدًا بِوَقْتٍ مَثَلًا كَقَوْلِهِ وَاَللَّهِ مَا أَبْرَأَكَ مُوَرِّثِي يَوْمَ الْجُمُعَةِ مَثَلًا.
(قَوْلُهُ: أَبْرَأَنِي مُوَرِّثُك) أَيْ وَأَنْتَ تَعْلَمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا أَنَّ كُلَّ مَا يَحْلِفُ فِيهِ الْمُنْكِرُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ يُشْتَرَطُ فِي الدَّعْوَى عَلَيْهِ التَّعَرُّضُ لِلْعِلْمِ فَيَقُولُ مُوَرِّثُك غَصَبَ مِنِّي كَذَا وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّهُ غَصَبَهُ ز ي
وَيَجُوزُ الْبَتُّ فِي الْحَلِفِ بِظَنٍّ مُؤَكَّدٍ كَأَنْ يَعْتَمِدَ فِيهِ الْحَالِفُ خَطَّهُ أَوْ خَطَّ مُوَرِّثِهِ كَمَا عُلِمَ مِنْ كِتَابِ الْقَضَاءِ
(وَيُعْتَبَرُ) فِي الْحَالِفِ (نِيَّةُ الْحَاكِمِ الْمُسْتَحْلِفِ) لِلْخَصْمِ بَعْدَ الطَّلَبِ لَهُ (فَلَا يَدْفَعُ إثْمَ الْيَمِينِ الْفَاجِرَةِ نَحْوُ تَوْرِيَةٍ) كَاسْتِثْنَاءٍ لَا يَسْمَعُهُ الْحَاكِمُ وَذَلِكَ لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «الْيَمِينُ عَلَى نِيَّةِ الْمُسْتَحْلِفِ» وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْحَاكِمِ؛ لِأَنَّهُ الَّذِي لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ فَلَوْ حَلَفَ إنْسَانٌ ابْتِدَاءً أَوْ حَلَّفَهُ غَيْرُ الْحَاكِمِ أَوْ حَلَّفَهُ الْحَاكِمُ بِغَيْرِ طَلَبٍ أَوْ بِطَلَاقٍ أَوْ نَحْوِهِ اُعْتُبِرَ نِيَّةُ الْحَالِفِ وَنَفَعَتْهُ التَّوْرِيَةُ وَإِنْ كَانَتْ حَرَامًا حَيْثُ يَبْطُلُ بِهَا حَقُّ الْمُسْتَحِقِّ
(وَمَنْ طُلِبَ مِنْهُ يَمِينٌ عَلَى مَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ) وَلَوْ بِلَا دَعْوَى كَطَلَبِ الْقَاذِفِ يَمِينَ الْمَقْذُوفِ أَوْ وَارِثِهِ عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى (حَلَفَ) لِخَبَرِ «الْبَيِّنَةُ عَلَى الْمُدَّعِي وَالْيَمِينُ عَلَى مَنْ أَنْكَرَ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَفِي الصَّحِيحَيْنِ خَبَرُ «الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ» وَهَذَا مُرَادُ الْأَصْلِ بِمَا عَبَّرَ بِهِ وَخَرَجَ بِمَا لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ نَائِبُ الْمَالِكِ كَالْوَصِيِّ وَالْوَكِيلِ فَلَا يَحْلِفُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ
(وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ عَلَى تَرْكِهِ ظُلْمًا فِي حُكْمِهِ وَلَا شَاهِدٌ أَنَّهُ لَمْ يَكْذِبْ) فِي شَهَادَتِهِ لِارْتِفَاعِ مَنْصِبِهِمَا عَنْ ذَلِكَ (وَلَا مُدَّعٍ صِبًا) وَلَوْ مُحْتَمَلًا (بَلْ يُمْهَلُ حَتَّى يَبْلُغَ) فَيُدَّعَى عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِالْبُلُوغِ فِي وَقْتِ احْتِمَالِهِ قُبِلَ؛ لِأَنَّ حَلِفَهُ يُثْبِتُ صِبَاهُ وَصِبَاهُ يُبْطِلُ حَلِفَهُ فَفِي تَحْلِيفِهِ إبْطَالُ تَحْلِيفِهِ (إلَّا كَافِرًا) مَسْبِيًّا (أَنْبَتَ وَقَالَ تَعَجَّلْت) أَيْ إنْبَاتَ الْعَانَةِ فَيَحْلِفُ لِسُقُوطِ الْقَتْلِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِنْبَاتَ عَلَامَةٌ لِلْبُلُوغِ. وَهَذَا الِاسْتِثْنَاءُ مِنْ زِيَادَتِي
(وَالْيَمِينُ) مِنْ الْخَصْمِ (تَقْطَعُ الْخُصُومَةَ حَالًا لَا الْحَقُّ) فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم «أَمَرَ رَجُلًا بَعْدَمَا حَلَفَ بِالْخُرُوجِ مِنْ حَقِّ صَاحِبِهِ كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَ إسْنَادَهُ (فَتُسْمَعُ بَيِّنَةُ الْمُدَّعِي بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ حَلِفِ الْخَصْمِ كَمَا لَوْ أَقَرَّ الْخَصْمُ بَعْدَ حَلِفِهِ وَكَذَا لَوْ رُدَّتْ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعِي فَنَكَلَ ثُمَّ أَقَامَ بَيِّنَةً وَلَوْ قَالَ بَعْدَ إقَامَةِ بَيِّنَةٍ بِدَعْوَاهُ بَيِّنَتِي كَاذِبَةٌ أَوْ مُبْطَلَةٌ سَقَطَتْ وَلَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: وَيَجُوزُ الْبَتُّ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْحَلِفِ عَلَى الْبَتِّ الْيَقِينُ وَقَوْلُهُ: كَأَنْ يَعْتَمِدَ إلَخْ أَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّهُ لَا يَنْحَصِرُ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ فِي خَطِّهِ وَخَطِّ مُوَرِّثِهِ فَنُكُولُ خَصْمِهِ مِمَّا يَحْصُلُ بِهِ الظَّنُّ الْمُؤَكَّدُ كَمَا جَزَمَ بِهِ فِي الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا عَبْدُ الْبَرِّ قَالَ م ر وَإِنْ لَمْ يَتَذَكَّرْ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (قَوْلُهُ: أَوْ خَطَّ مُوَرِّثِهِ) أَيْ الْمَوْثُوقِ بِهِ بِحَيْثُ يَتَرَجَّحُ عِنْدَهُ بِسَبَبِهِ وُقُوعُ مَا فِيهِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فِي الْحَلِفِ) أَيْ بِاَللَّهِ؛ لِأَنَّهُ الْمُرَادُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْقُيُودِ أَرْبَعَةٌ
(قَوْلُهُ: نِيَّةُ الْحَاكِمِ) أَيْ قَصْدُهُ أَوْ قَصْدُ نَائِبِهِ أَوْ الْمُحَكَّمِ أَوْ الْمَنْصُوبِ لِلْمَظَالِمِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ كُلِّ مَنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّحْلِيفِ شَرْحُ م ر فَالْمُرَادُ بِالنِّيَّةِ مَعْنَاهَا اللُّغَوِيُّ وَهُوَ الْقَصْدُ (قَوْلُهُ: نَحْوَ تَوْرِيَةٍ) وَالتَّوْرِيَةُ قَصْدُ مَجَازٍ هُجِرَ لَفْظُهُ دُونَ حَقِيقَتِهِ كَمَا لَهُ عِنْدِي دِرْهَمٌ أَيْ قَبِيلَةٌ أَوْ دِينَارٌ أَيْ رَجُلٌ أَوْ قَمِيصٌ أَيْ غِشَاءُ الْقَلْبِ أَوْ ثَوْبٌ أَيْ رُجُوعٌ وَهِيَ هُنَا اعْتِقَادُ خِلَافِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ م ر وَقَوْلُهُ: هُجِرَ لَفْظُهُ أَيْ هُجِرَ اسْتِعْمَالُهُ فِي مَعْنَاهُ الْمُرَادِ لَهُ (قَوْلُهُ: كَاسْتِثْنَاءٍ) كَأَنْ كَانَ لَهُ عَلَيْهِ خَمْسَةٌ فَادَّعَى عَشَرَةً وَأَقَامَ شَاهِدًا عَلَى الْعَشَرَةِ وَحَلَفَ أَنَّ عَلَيْهِ عَشَرَةً وَقَالَ إلَّا خَمْسَةً سِرًّا وَالْمُرَادُ بِالِاسْتِثْنَاءِ مَا يَشْمَلُ الْمَشِيئَةَ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ م ر حَيْثُ قَالَ وَاسْتِشْكَالُ الْإِسْنَوِيِّ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ فِي الْمَاضِي إذْ لَا يُقَالُ وَاَللَّهِ أَتْلَفْتَ كَذَا إنْ شَاءَ اللَّهُ.
أُجِيبَ عَنْهُ بِأَنَّ الْمُرَادَ رُجُوعُهُ لِعَقْدِ الْيَمِينِ. اهـ. شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَا يَسْمَعُهُ) فَلَوْ سَمِعَهُ عَزَّرَهُ وَأَعَادَ الْيَمِينَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: ابْتِدَاءً) مَفْهُومُ قَوْلِهِ الْمُسْتَحْلَفِ (قَوْلُهُ: بِغَيْرِ طَلَبٍ) أَيْ طَلَبِ الْخَصْمِ (قَوْلُهُ: اُعْتُبِرَ نِيَّةُ الْحَالِفِ) أَيْ حَيْثُ كَانَ الْقَاضِي لَا يَرَى التَّحْلِيفَ بِهِ كَالشَّافِعِيِّ فَإِنْ كَانَ لَهُ التَّحْلِيفُ بِغَيْرِ اللَّهِ كَالْحَنَفِيِّ لَمْ تَنْفَعْهُ التَّوْرِيَةُ وَهُوَ ظَاهِرُ ز ي
(قَوْلُهُ: وَمَنْ طُلِبَ إلَخْ) هَذَا ضَابِطُ الْحَالِفِ وَلَيْسَ ضَابِطًا لِكُلِّ حَالِفٍ فَإِنَّ يَمِينَ الرَّدِّ لَا تَدْخُلُ فِيهِ وَلَا أَيْمَانَ الْقَسَامَةِ وَلَا اللِّعَانِ وَلَا الْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ الْحَالِفَ فِي جَوَابِ دَعْوَى أَصْلِيَّةٍ وَأَيْضًا فَهُوَ غَيْرُ مُطَرَّدٍ لِاسْتِثْنَائِهِمْ مِنْهُ صُوَرًا كَثِيرَةً وَأَشَارَ فِي الْمَتْنِ لِبَعْضِهَا بِقَوْلِهِ وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ إلَخْ. اهـ. ز ي.
(قَوْلُهُ: عَلَى مَا) أَيْ عَلَى نَفْي مَا أَيْ شَيْءٍ لَوْ أَقَرَّ بِهِ لَزِمَهُ يُرَدُّ عَلَيْهِ نَحْوَ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ لَا مَعْنَى لِلُزُومِهِ بِالْإِقْرَارِ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْمَعْنَى بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ لَزِمَهُ مُقْتَضَاهُ وَمَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ (قَوْلُهُ: كَطَلَبِ الْقَاذِفِ إلَخْ) كَأَنْ يَقْذِفَ شَخْصًا بِالزِّنَا ثُمَّ يَتَرَافَعُ الْقَاذِفُ وَالْمَقْذُوفُ أَوْ وَارِثُهُ لِلْقَاضِي وَيَطْلُبُ الْمَقْذُوفُ أَوْ وَارِثُهُ حَدَّ الْقَذْفِ مِنْ الْقَاضِي فَيَحْلِفُ الْقَاذِفُ لِلْمَقْذُوفِ أَنَّهُ مَا زَنَى أَوْ وَارِثُهُ عَلَى أَنَّهُ مَا زَنَى مُوَرِّثُهُ فَإِذَا حَلَفَ أَحَدُهُمَا ثَبَتَ عَلَيْهِ الْحَدُّ وَإِلَّا سَقَطَ، وَهَذَا الضَّابِطُ مَوْجُودٌ فِي الْمَقْذُوفِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ بِالزِّنَا لَزِمَهُ وَفِي إدْخَالِ وَارِثِ الْمَقْذُوفِ فِي هَذَا الضَّابِطِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ شَيْخُنَا
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحْلِفُ قَاضٍ) هُوَ وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنَى مِنْ الضَّابِطِ؛ لِأَنَّهُمْ لَوْ أَقَرُّوا بِمَا حَلَفُوا عَلَيْهِ عُمِلَ بِمُقْتَضَاهُ فَيَبْطُلُ الْحُكْمُ (قَوْلُهُ: وَلَا مُدَّعٍ صِبًا) كَأَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ الْبُلُوغَ لِتَصْحِيحِ نَحْوِ عَقْدٍ صَدَرَ مِنْهُ فَادَّعَى الصِّبَا لِإِبْطَالِهِ بَعْدَ ادِّعَاءِ خَصْمِهِ بُلُوغَهُ فَإِنَّهُ لَا يَحْلِفُ عَلَى نَفْيِ بُلُوغِهِ وَإِنْ كَانَ لَوْ أَقَرَّ بِهِ حِينَ احْتِمَالِهِ عُمِلَ بِهِ
(قَوْلُهُ: كَأَنَّهُ عَرَفَ كَذِبَهُ) كَأَنَّ لِلتَّحْقِيقِ فَلَوْ قَالَ؛ لِأَنَّهُ لَكَانَ أَظْهَرَ (قَوْلُهُ: وَلَمْ تَبْطُلْ دَعْوَاهُ) لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ مُحِقًّا فِي دَعْوَاهُ وَالشُّهُودُ مُبْطِلِينَ لِشَهَادَتِهِمْ بِمَا لَا يُحِيطُونَ بِهِ بِرْمَاوِيٌّ فَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً أُخْرَى سُمِعَتْ (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى الْبُلْقِينِيُّ) أَيْ مِنْ