الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَيَثْبُتُ هُوَ) أَيْ: الرَّضَاعُ (وَالْإِقْرَارُ بِهِ بِمَا يَأْتِي فِي الشَّهَادَاتِ) مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ، وَبِرَجُلٍ، وَامْرَأَتَيْنِ وَبِأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لِاخْتِصَاصِ النِّسَاءِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَيْهِ غَالِبًا كَالْوِلَادَةِ، وَأَنَّ الْإِقْرَارِ بِهِ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرَجُلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ غَالِبًا.
(وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُرْضِعَةٍ لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) لِلرَّضَاعِ (وَإِنْ ذَكَرَتْ فِعْلَهَا) كَأَنْ قَالَتْ أَرْضَعْتُهُمَا؛ لِأَنَّهَا غَيْرُ مُتَّهَمَةٍ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوِلَادَةِ، إذْ يَتَعَلَّقُ بِهَا النَّفَقَةُ، وَالْمِيرَاثُ، وَسُقُوطُ الْقَوَدِ؛ وَلِأَنَّ الشَّهَادَةَ هُنَا فِي الْحَقِيقَةِ شَهَادَةٌ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ، وَهُوَ الرَّضِيعُ، أَمَّا إذَا طَلَبَتْ الْأُجْرَةَ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا لِاتِّهَامِهَا بِذَلِكَ، وَلَا يَكْفِي فِي الشَّهَادَةِ أَنْ يُقَالَ بَيْنَهُمَا رَضَاعٌ مُحَرِّمٌ لِاخْتِلَافِ الْمَذَاهِبِ فِي شُرُوطِ التَّحْرِيمِ كَمَا عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِي.
(وَشَرْطُ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ وَقْتٍ) لِلرَّضَاعِ احْتِرَازًا عَمَّا بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ فِي الرَّضِيعِ، وَعَمَّا قَبْلَ تِسْعِ سِنِينَ فِي الْمُرْضِعَةِ، وَعَمَّا بَعْدَ الْمَوْتِ فِيهِمَا (وَعَدَدٌ) لِلرَّضَعَاتِ احْتِرَازًا عَمَّا دُونَ خَمْسٍ، (وَتَفْرِقَةٌ) لَهَا احْتِرَازًا عَنْ إطْلَاقِهَا بِاعْتِبَارِ مَصَّاتِهِ، أَوْ تَحَوُّلِهِ مِنْ أَحَدِ ثَدْيَيْهَا إلَى الْآخَرِ، وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي، وَبِهِ جَزَمَ فِي أَصْلِ الرَّوْضَةِ تَبَعًا لِلْجُمْهُورِ وَإِنْ بَحَثَ فِيهِ الرَّافِعِيُّ (وَوُصُولُ لَبَنٍ جَوْفَهُ) احْتِرَازًا عَمَّا لَمْ يَصِلْهُ، (وَيُعْرَفُ) وُصُولُهُ (بِنَظَرِ حَلَبٍ) بِفَتْحِ اللَّامِ (وَإِيجَارٍ وَازْدِرَادٍ) أَوْ قَرَائِنَ كَامْتِصَاصٍ مِنْ (ثَدْيٍ وَحَرَكَةِ حَلْقِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ) ، أَمَّا قَبْلَ عِلْمِهِ بِذَلِكَ فَلَا يَحِلُّ لَهُ أَنْ يَشْهَدَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ اللَّبَنِ وَلَا يَكْفِي فِي أَدَاءِ الشَّهَادَةِ ذِكْرُ الْقَرَائِنِ بَلْ يَعْتَمِدُهَا وَيَجْزِمُ بِالشَّهَادَةِ، وَالْإِقْرَارُ بِالرَّضَاعِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ ذِكْرُ الشُّرُوطِ الْمَذْكُورَةِ؛ لِأَنَّ الْمُقِرَّ يَحْتَاطُ فَلَا يُقِرُّ إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ.
(كِتَابُ النَّفَقَاتِ)
وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا. وَهِيَ جَمْعُ نَفَقَةٍ مِنْ الْإِنْفَاقِ: وَهُوَ الْإِخْرَاجُ، وَجُمِعَتْ لِاخْتِلَافِ أَنْوَاعِهَا مِنْ نَفَقَةِ زَوْجَةٍ، وَقَرِيبٍ وَمَمْلُوكٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
النَّفْيِ ذَكَرَهَا الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ، أَوْ عَكْسِهِ حَلَفَ إلَخْ، وَصُورَةُ حَلِفِهَا عَلَى الْبَتِّ ذَكَرَهَا الْمَتْنُ بِقَوْلِهِ، وَإِلَّا حَلَفَتْ، وَعَلَى النَّفْيِ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ بِقَوْلِهِ، وَلَهُ تَحْلِيفُهَا قَبْلَ وَطْءٍ، وَكَذَا بَعْدَهُ فَلَا وَجْهَ لِتَوَقُّفٍ ح ل فِي تَصْوِيرِ حَلِفِ الرَّجُلِ عَلَى الْبَتِّ بِقَوْلِهِ، وَانْظُرْ مَا صُورَةُ حَلِفِ الرَّجُلِ فَإِنَّهُ إذَا ادَّعَى الرَّضَاعَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ مُؤَاخَذَةً لَهُ بِإِقْرَارِهِ، وَلَا يَحْلِفُ فَإِنْ كَانَ يَدَّعِي حِسْبَةً عَلَى غَائِبٍ أَنَّ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ رَضَاعًا مُحَرِّمًا فَالشَّاهِدُ حِسْبَةً لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَرُبَّمَا يُصَوَّرُ ذَلِكَ بِمَا لَوْ أَقَرَّ الرَّجُلُ بِالرَّضَاعِ، وَأَنْكَرَتْ وَكَانَ دَخَلَ بِهَا فَيَخْتَلِفَانِ فِي قَدْرِ مَهْرِ الْمِثْلِ فَيَحْلِفُ عَلَى الْبَتِّ.
ا. هـ وَعِبَارَةُ م ر، وَحَلَفَ مُدَّعِيهِ عَلَى بَتٍّ، وَقَوْلُ الشَّارِحِ رَجُلًا كَانَ، أَوْ امْرَأَةً مُصَوَّرٌ فِي الرَّجُلِ بِمَا لَوْ ادَّعَى عَلَى غَائِبٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا بَيْنَهُ، وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةَ، وَأَقَامَ بَيِّنَةً، وَحَلَفَ مَعَهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فَتَكُونُ عَلَى الْبَتِّ، وَقَوْلُهُ وَلَوْ نَكَلَ الْمُنْكِرُ، أَوْ الْمُدَّعِي إلَخْ مُصَوَّرٌ بِمَا لَوْ ادَّعَتْ مُزَوَّجَةٌ بِالْإِجْبَارِ لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا مُنَافٍ رَضَاعًا مُحَرِّمًا فَهِيَ مُدَّعِيَةٌ، وَيُقْبَلُ قَوْلُهَا فَلَوْ نَكَلَتْ، وَرَدَّتْ الْيَمِينَ عَلَى الزَّوْجِ حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَلَمْ يُعَارِضْهُ قَوْلُهُمْ يَحْلِفُ مُنْكِرُهُ عَلَى نَفْيِ الْعِلْمِ إذْ مَحَلُّهُ فِي الْيَمِينِ الْأَصْلِيَّةِ. ا. هـ وَقَوْلُ م ر، وَحَلَفَ مَعَهَا يَمِينَ الِاسْتِظْهَارِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُدَّعِيَ حِسْبَةً لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَقَوْلُهُ أَيْضًا مُصَوَّرٌ فِي الرَّجُلِ إلَخْ إنَّمَا صَوَّرَهُ بِمَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّهُ مَتَى ادَّعَى الزَّوْجُ الرَّضَاعَ انْفَسَخَ النِّكَاحُ، وَحِينَئِذٍ لَا يَحْتَاجُ لِيَمِينٍ
(قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّ الرَّضَاعَ يَثْبُتُ بِرَجُلَيْنِ) أَيْ: وَإِنْ تَعَمَّدَا النَّظَرَ لِثَدْيِهَا لِغَيْرِ الشَّهَادَةِ، وَإِنْ تَكَرَّرَ مِنْهُمَا؛ لِأَنَّهُ صَغِيرَةٌ لَا يَضُرُّ إدْمَانُهَا حَيْثُ غَلَبَتْ طَاعَتُهُ عَلَى مَعَاصِيهِ.
ا. هـ شَرْحُ م ر، وَلَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ شَهَادَتِهِمَا فَقْدُ النِّسَاءِ كَمَا لَا يُشْتَرَطُ لِقَبُولِ الرَّجُلِ، وَالْمَرْأَتَيْنِ فِيمَا يُقْبَلُونَ فِيهِ فَقْدُ الثَّانِي مِنْ الرَّجُلَيْنِ ع ش عَلَيْهِ
(قَوْلُهُ:، وَتُقْبَلُ شَهَادَةُ مُرْضِعَةٍ) أَيْ: مَعَ ثَلَاثَةٍ غَيْرِهَا، أَوْ رَجُلٍ، وَامْرَأَةٍ. (قَوْلُهُ: لَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً) أَيْ: لَمْ تُصَرِّحْ بِطَلَبِ أُجْرَةٍ حَالَ الشَّهَادَةِ ح ل فَلَا يَضُرُّ الطَّلَبُ بَعْدَهَا، وَلَا قَبْلَهَا ق ل عَلَى الْجَلَالِ وَالْبِرْمَاوِيِّ، وَقَدْ يُقَالُ إذَا طَلَبَتْهَا قَبْلَهَا، وَلَمْ تَأْخُذْهَا لِإِنْكَارِهِمْ إرْضَاعَهَا فَهِيَ مُتَّهَمَةٌ بِإِثْبَاتِهَا بِشَهَادَتِهَا فَمِنْ ثَمَّ قَالَ ع ش عَلَى م ر قَوْلُهُ: وَلَمْ تَطْلُبْ أُجْرَةً أَيْ: لَمْ يَسْبِقْ مِنْهَا طَلَبٌ أَصْلًا، أَوْ سَبَقَ طَلَبُهَا، وَأَخَذَتْهَا، وَلَوْ تَبَرُّعًا مِنْ الْمُعْطِي. ا. هـ فَيُعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَأْخُذْهَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهَا. (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَظِيرِهِ فِي الْوِلَادَةِ) أَيْ: فِيمَا لَوْ ادَّعَتْ أَنَّهَا وَلَدَتْهُ، وَشَهِدَتْ بِذَلِكَ مَعَ ثَلَاثَةٍ غَيْرِهَا ع ش أَيْ: فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا. (قَوْلُهُ: إذْ يَتَعَلَّقُ بِهَا النَّفَقَةُ) أَيْ: وُجُوبُ نَفَقَتِهَا عَلَى الْمَوْلُودِ، وَالْمِيرَاثُ مِنْهُ، وَسُقُوطُ الْقَوَدِ عَنْهَا بِقَتْلِهِ فَهِيَ مُتَّهَمَةٌ ع ش
(قَوْلُهُ:، وَإِيجَارٍ) أَيْ: وَقَدْ عُلِمَ أَنَّهُ حَلَبَ مِنْ ثَدْيِهَا ح ل (قَوْلُهُ:، وَازْدِرَادٍ) أَيْ: وُصُولُهُ لِلْمَعِدَةِ. (قَوْلُهُ: أَوْ قَرَائِنَ) مَعْطُوفٌ عَلَى نَظَرٍ (قَوْلُهُ: بَعْدَ عِلْمِهِ) اُنْظُرْ بِمَاذَا يَتَعَلَّقُ هَذَا الظَّرْفُ، وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَعْلَمَ ذَلِكَ حَالَ الِامْتِصَاصِ؟ ، وَالظَّاهِرُ الِاكْتِفَاءُ بِعِلْمِهِ بِأَنَّهَا ذَاتُ لَبَنٍ، وَقْتَ الِامْتِصَاصِ، وَلَوْ بَعْدَ الِامْتِصَاصِ، وَقَبْلَ الشَّهَادَةِ حَرِّرْ ح ل، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ كَامْتِصَاصٍ، وَمَا بَعْدَهُ بِدَلِيلٍ آخَرَ عِبَارَةُ ح ل، وَعِبَارَةُ م ر، وَالْأَوْفَقُ بِكَلَامِ الشَّارِحِ فِي قَوْلِهِ، أَمَّا قَبْلَ عِلْمِهِ إلَخْ أَنْ يَكُونَ ظَرْفًا لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَيَشْهَدُ بَعْدَ عِلْمِهِ إلَخْ، وَهُوَ الظَّاهِرُ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: إلَّا عَنْ تَحْقِيقٍ) أَيْ:، وَإِنْ كَانَ عَامِّيًّا ح ل.
[كِتَابُ النَّفَقَاتِ]
(كِتَابُ النَّفَقَاتِ، وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) .
(يَجِبُ بِفَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ عَلَى مُعْسِرٍ فِيهِ) أَيْ: فِي فَجْرِهِ (وَهُوَ مَنْ لَا يَمْلِكُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ) وَلَوْ مُكْتَسِبًا. (وَ) عَلَى (مَنْ بِهِ رِقٌّ) وَلَوْ مُكَاتَبًا، وَمُبَعَّضًا وَلَوْ مُوسِرَيْنِ (لِزَوْجَتِهِ) وَلَوْ ذِمِّيَّةً، أَوْ أَمَةً، أَوْ مَرِيضَةً، أَوْ رَفِيعَةً (مُدُّ طَعَامٍ) وَتَفْسِيرِي لِلْمُعْسِرِ بِمَا ذُكِرَ أَوْلَى مِنْ تَفْسِيرِهِ لَهُ بِمِسْكِينِ الزَّكَاةِ؛ لِإِخْرَاجِهِ الْمُكْتَسِبَ كَسْبًا يَكْفِيهِ، وَالْمُرَادُ إدْخَالُهُ وَقَوْلِي وَمَنْ بِهِ رِقٌّ مِنْ زِيَادَتِي، وَإِنَّمَا أُلْحِقَ بِالْمُعْسِرِ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ الْمُوسِرَانِ لِضَعْفِ مِلْكِ الْأَوَّلِ، وَنَقْصِ حَالِ الثَّانِي (وَ) عَلَى (مُتَوَسِّطٍ) فِيهِ (وَهُوَ مَنْ يَرْجِعُ بِتَكْلِيفِهِ مُدَّيْنِ مُعْسِرًا مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَ) عَلَى (مُوسِرٍ) فِيهِ (وَهُوَ مَنْ لَا يَرْجِعُ) بِذَلِكَ مُعْسِرًا (مُدَّانِ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: مِنْ مُسْقِطَاتِ الْمُؤَنِ، وَمِنْ فَصْلِ الْإِعْسَارِ. وَالْأَصْلُ فِيهَا الْكِتَابُ، وَالسُّنَّةُ، وَالْإِجْمَاعُ، وَبَدَأَ الْمُصَنِّفُ بِنَفَقَةِ الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى لِكَوْنِهَا مُعَاوَضَةً فِي مُقَابَلَةِ التَّمْكِينِ مِنْ التَّمَتُّعِ، وَلَا تَسْقُطُ بِمُضِيِّ الزَّمَانِ ز ي، وَإِنَّمَا أُخِّرَتْ إلَى هُنَا؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ فِي النِّكَاحِ، وَبَعْدَهُ. ا. هـ حَجّ (قَوْلُهُ: يَجِبُ) أَيْ: وُجُوبًا مُوَسَّعًا فَلَا يُحْبَسُ، وَلَا يُلَازِمُ لَكِنْ لَوْ طَالَبَتْهُ وَجَبَ عَلَيْهِ الدَّفْعُ فَإِنْ تَرَكَهُ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَيْهِ أَثِمَ ح ل. (قَوْلُهُ: بِفَجْرِ كُلِّ يَوْمٍ) أَيْ: مَعَ لَيْلَتِهِ الْمُتَأَخِّرَةِ م ر حَتَّى لَوْ نَشَزَتْ أَثْنَاءَ تِلْكَ اللَّيْلَةِ سَقَطَتْ نَفَقَةُ ذَلِكَ الْيَوْمِ، وَإِنَّمَا قَيَّدَ بِهِ لِأَجْلِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ الْكَامِلَةِ، وَإِلَّا فَسَيَأْتِي أَنَّهَا لَوْ مَكَّنَتْهُ أَثْنَاءَ يَوْمٍ وَجَبَتْ مِنْ حِينَئِذٍ بِالْقِسْطِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ، وَتُقَسَّطُ عَلَى اللَّيْلِ أَيْضًا فَلَوْ حَصَلَ التَّمْكِينُ عِنْدَ الْغُرُوبِ، وَجَبَ لَهَا قِسْطُ مَا بَقِيَ إلَى الْفَجْرِ كَمَا قَالَهُ س ل (قَوْلُهُ: عَلَى مُعْسِرٍ فِيهِ) أَيْ: إنْ كَانَتْ مُمَكِّنَةً حِينَئِذٍ، أَمَّا الْمُمَكِّنَةُ بَعْدَهُ فَيُعْتَبَرُ حَالُهُ عَقِبَ التَّمْكِينِ ز ي وَشَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَيْ: فِي فَجْرِهِ) بِمَعْنَى أَنَّهُ يَنْظُرُ فِيمَا عِنْدَهُ مِنْ الْمَالِ، وَيُوَزِّعُ عَلَى مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِي كُلِّ يَوْمٍ مِنْ بَقِيَّةِ عُمُرِهِ الْغَالِبِ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ، أَوْ فَضَلَ دُونَ مُدٍّ وَنِصْفٍ فَمُعْسِرٌ، أَوْ مُدٌّ وَنِصْفٌ، وَلَمْ يَبْلُغْ مُدَّيْنِ فَمُتَوَسِّطٌ، أَوْ بَلَغَهُمَا فَأَكْثَرَ فَمُوسِرٌ، وَيُعْتَبَرُ الْفَاضِلُ مِنْ كَسْبِهِ كُلَّ يَوْمٍ عَنْ مُؤْنَةِ مُمَوِّنِهِ فِيهِ كَذَلِكَ بِرْمَاوِيٌّ.
وَقَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْهُ شَيْءٌ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ بَلْ الْمُعْسِرُ هُنَا مَنْ لَا مَالَ لَهُ، أَوْ لَهُ مَالٌ، وَلَا يَكْفِيهِ لَوْ وُزِّعَ عَلَى بَقِيَّةِ عُمُرِهِ الْغَالِبِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمَتْنِ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ؛ لِأَنَّ مُرَادَهُ الْمَسْكَنَةُ الَّتِي فِي الزَّكَاةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الْأَصْلِ، وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ خُصُوصًا عَلَى كَوْنِ عِبَارَتِهِ مَقْلُوبَةً؛ لِأَنَّهُ إذَا فَضَلَ دُونَ مُدٍّ وَنِصْفٍ زِيَادَةً عَلَى مَا يَكْفِيهِ الْعُمُرَ الْغَالِبَ لَا يُقَالُ لَهُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ كَمَا يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ شَرْحِ م ر وحج، وَكَلَامُهُ فِي الْمُكْتَسِبِ غَيْرُ ظَاهِرٍ أَيْضًا، وَقَوْلُهُ عُمُرَهُ الْغَالِبَ أَيْ: إنْ لَمْ يَسْتَوْفِهِ، وَإِلَّا فَسُنَّةٌ ح ل، وَلَوْ ادَّعَتْ يَسَارَ زَوْجِهَا فَأَنْكَرَ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ إنْ لَمْ يُعْهَدْ لَهُ مَالٌ، وَإِلَّا فَلَا فَإِنْ ادَّعَى تَلَفَهُ فَفِيهِ تَفْصِيلُ الْوَدِيعَةِ سم. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مُكْتَسِبًا) غَايَةٌ فِي النَّفْيِ، وَحَاصِلُ مَا ذَكَرَهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ لَهَا عَشَرَةُ أَنْوَاعٍ: الْأَوَّلُ: الْمُدُّ، أَوْ غَيْرُهُ بِحَسَبِ الْإِعْسَارِ، أَوْ غَيْرِهِ. الثَّانِي: الْأُدْمُ. الثَّالِثُ: اللَّحْمُ. الرَّابِعُ: الْكِسْوَةُ. الْخَامِسُ: مَا تَجْلِسُ عَلَيْهِ. السَّادِسُ: مَا تَنَامُ عَلَيْهِ، وَتَتَغَطَّى بِهِ. السَّابِعُ: آلَةُ الْأَكْلِ، وَالشُّرْبِ، وَالطَّبْخِ. الثَّامِنُ: آلَةُ التَّنْظِيفِ. التَّاسِعُ: الْمَسْكَنُ. الْعَاشِرُ: الْإِخْدَامُ، وَقَدْ ذَكَرَهَا عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ رَفِيعَةً) أَيْ: رَفِيعَةَ النَّسَبِ ع ش (قَوْلُهُ:، وَتَفْسِيرِي لِلْمُعْسِرِ إلَخْ) فِيهِ أَنَّ هَذَا، وَاضِحٌ لَوْ عَبَّرَ الْأَصْلُ بِقَوْلِهِ، وَالْمُعْسِرُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ الْمُفِيدُ ذَلِكَ انْحِصَارَ الْمُعْسِرِ فِي مِسْكِينِ الزَّكَاةِ، وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ، وَمِسْكِينُ الزَّكَاةِ مُعْسِرٌ، وَلَيْسَ فِيهَا تَفْسِيرُ الْمُعْسِرِ بِأَنَّهُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ بَلْ الْإِخْبَارُ عَنْ مِسْكِينِ الزَّكَاةِ بِأَنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِ الْمُعْسِرِ، وَلَا شُبْهَةَ فِي صِحَّةِ ذَلِكَ، وَبِهَذَا عُلِمَ مَا فِي اعْتِرَاضِ الزَّرْكَشِيّ عَلَى الْأَصْلِ بِأَنَّ صَوَابَ عِبَارَتِهِ الْعَكْسُ أَيْ: وَالْمُعْسِرُ مِسْكِينُ الزَّكَاةِ كَمَا يُرْشِدُ إلَيْهِ مَقَامُ التَّعْرِيفِ أَيْ: فَالْأَوْلَوِيَّةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى أَنَّ عِبَارَةَ الْأَصْلِ مَقْلُوبَةٌ تَدَبَّرْ ح ل. (قَوْلُهُ: وَالْمُرَادُ إدْخَالُهُ) أَيْ: فِي الْمُعْسِرِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ الْفَجْرِ لَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُخْرِجُهُ عَنْ الْمَسْكَنَةِ، وَظَاهِرُهُ، وَإِنْ كَانَ يَكْسِبُ مَالًا وَاسِعًا عَمَلًا بِعُرْفِ النَّاسِ فَإِنَّ أَصْحَابَ الْأَكْسَابِ الْوَاسِعَةِ يُعَدُّونَ مُعْسِرِينَ لِعَدَمِ مَالٍ بِأَيْدِيهِمْ ح ل، وَمِثْلُهُ شَرْحُ الرَّوْضِ فَمَا فِي الْبِرْمَاوِيِّ غَيْرُ ظَاهِرٍ.
(قَوْلُهُ: وَنَقْصِ حَالِ الثَّانِي) ، وَإِنَّمَا جُعِلَ مُوسِرًا فِي الْكَفَّارَةِ بِالنِّسْبَةِ لِوُجُوبِ الْإِطْعَامِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهَا عَلَى التَّغْلِيظِ؛ وَلِأَنَّ النَّظَرَ لِلْإِعْسَارِ فِيهَا يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا، وَلَا كَذَلِكَ هُنَا، وَفِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ احْتِيَاطًا لِشِدَّةِ لُصُوقِهِ بِهِ، وَصِلَةً لِلرَّحِمِ. ا. هـ ز ي، وَاعْتَرَضَ قَوْلَهُ يُسْقِطُهَا مِنْ أَصْلِهَا بِأَنَّهَا تَسْتَقِرُّ فِي ذِمَّتِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ سَابِقًا فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ فَعَلَهَا.، وَأُجِيبُ بِأَنَّ كَلَامَهُ مُصَوَّرٌ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ؛ لِأَنَّهُ إذَا عَجَزَ فِيهَا عَنْ الْإِعْتَاقِ، وَالْإِطْعَامِ، وَالْكِسْوَةِ سَقَطَ عَنْهُ التَّكْفِيرُ بِالْمَالِ، وَانْتَقَلَ لِلصَّوْمِ. (قَوْلُهُ: مَنْ يَرْجِعُ بِتَكْلِيفِهِ) أَيْ: كُلَّ يَوْمٍ بِأَنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ وَزَّعْنَا مَا مَعَهُ عَلَى الْعُمُرِ الْغَالِبِ لَمْ يَسْتَوْفِهِ، وَإِلَّا فَسَنَةً كِفَاءً، وَلَا يَقْدِرُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى مُدَّيْنِ ح ل. (قَوْلُهُ: مَنْ لَا يَرْجِعُ إلَخْ) بِأَنْ يَكُونَ الْفَاضِلُ مِنْ مَالِهِ بَعْدَ التَّوْزِيعِ
وَاحْتَجُّوا لِأَصْلِ التَّفَاوُتِ بِآيَةِ {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ} [الطلاق: 7] وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَالٌ يَجِبُ بِالشَّرْعِ، وَيَسْتَقِرُّ فِي الذِّمَّةِ، وَأَكْثَرُ مَا وَجَبَ فِي الْكَفَّارَةِ لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدَّانِ، وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْأَذَى فِي الْحَجِّ، وَأَقَلُّ مَا وَجَبَ فِيهَا لِكُلِّ مِسْكِينٍ مُدٌّ وَذَلِكَ فِي كَفَّارَةِ الْيَمِينِ، وَالظِّهَارِ، وَوِقَاعِ رَمَضَانَ فَأَوْجَبُوا عَلَى الْمُوسِرِ الْأَكْثَرَ وَعَلَى الْمُعْسِرِ الْأَقَلَّ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ مَا بَيْنَهُمَا كَمَا تَقَرَّرَ وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرُ كِفَايَةُ الْمَرْأَةِ كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِقُّهَا أَيَّامَ مَرَضِهَا وَشِبَعِهَا، وَإِنَّمَا وَجَبَ ذَلِكَ بِفَجْرِ الْيَوْمِ لِلْحَاجَةِ إلَى طَحْنِهِ، وَعَجْنِهِ، وَخَبْزِهِ (مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْمَحَلِّ) لِلزَّوْجَةِ مِنْ بُرٍّ، أَوْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ، أَوْ أَقِطٍ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا وَقِيَاسًا عَلَى الْفِطْرَةِ وَالْكَفَّارَةِ وَتَعْبِيرِي هُنَا وَفِيمَا يَأْتِي بِالْمَحَلِّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْبَلَدِ.
(فَإِنْ اخْتَلَفَ) غَالِبُ قُوتِ الْمَحَلِّ، أَوْ قُوتُهُ وَلَا غَالِبَ (فَلَائِقٌ بِهِ) أَيْ: بِالزَّوْجِ يَجِبُ، وَلَا عِبْرَةَ بِاقْتِيَاتِهِ أَقَلَّ مِنْهُ تَزَهُّدًا أَوْ بُخْلًا. (وَالْمُدُّ مِائَةٌ وَأَحَدٌ وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا، وَثَلَاثَةُ أَسْبَاعِ دِرْهَمٍ) كَمَا قَالَهُ النَّوَوِيُّ خِلَافًا لِلرَّافِعِيِّ فِي قَوْلِهِ إنَّهُ مِائَةٌ وَثَلَاثَةٌ، وَسَبْعُونَ دِرْهَمًا وَثُلُثُ دِرْهَمٍ، وَاخْتِلَافُهُمَا فِي ذَلِكَ مَبْنِيٌّ عَلَى اخْتِلَافِهِمَا فِي مِقْدَارِ رَطْلِ بَغْدَادَ. وَتَقَدَّمَ بَيَانُهُ فِي بَابِ زَكَاةِ النَّابِتِ.
(وَعَلَيْهِ دَفْعُ حَبٍّ) سَلِيمٍ إنْ كَانَ وَاجِبَهُ؛ لِأَنَّهُ أَكْمَلُ نَفْعًا كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ فَلَا يَكْفِي غَيْرُهُ كَدَقِيقٍ وَخُبْزٍ، وَمُسَوِّسٍ لِعَدَمِ صَلَاحِيَتِهِ لِكُلِّ مَا يَصْلُحُ لَهُ الْحَبُّ، فَلَوْ طَلَبَتْ غَيْرَ الْحَبِّ لَمْ يَلْزَمْهُ وَلَوْ بَذَلَ غَيْرَهُ لَمْ يَلْزَمْهَا قَبُولُهُ.
(وَ) عَلَيْهِ (طَحْنُهُ وَعَجْنُهُ وَخَبْزُهُ) وَإِنْ اعْتَادَتْهَا بِنَفْسِهَا لِلْحَاجَةِ إلَيْهَا، وَفَارَقَ ذَلِكَ نَظِيرَهُ فِي الْكَفَّارَةِ بِأَنَّ الزَّوْجَةَ فِي حَبْسِهِ، وَذِكْرُ الْعَجْنِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَلَهَا اعْتِيَاضٌ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
عَلَى الْعُمُرِ الْغَالِبِ، أَوْ سَنَةً مُدَّيْنِ ح ل.
(قَوْلُهُ:، وَاحْتَجُّوا) أَيْ: الْأَصْحَابُ، وَوَجْهُ التَّبَرِّي أَنَّ هَذَا لَيْسَ صَرِيحًا فِي التَّفَاوُتِ فِي نَفَقَةِ الزَّوْجَةِ ح ل. (قَوْلُهُ:، وَاعْتَبَرُوا النَّفَقَةَ بِالْكَفَّارَةِ) أَيْ: مِنْ حَيْثُ إنَّ الْوَاجِبَ عَلَى الْمُوسِرِ مُدَّانِ، وَعَلَى الْمُعْسِرِ مُدٌّ، وَالْمُرَادُ بِقَوْلِهِ اعْتَبَرُوا أَيْ: قَاسُوا وَتَبْرَأَ مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْقِيَاسَ لَا يُفِيدُ إلَّا صُورَتَيْنِ، وَأَمَّا الْمُتَوَسِّطُ فَلَا يُفِيدُهُ الْقِيَاسُ. (قَوْلُهُ: مَا بَيْنَهُمَا) ، وَهُوَ نِصْفُ مَا عَلَى كُلٍّ مِنْهُمَا. (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا لَمْ تُعْتَبَرْ كِفَايَةُ الْمَرْأَةِ إلَخْ) نَعَمْ ظَاهِرُ خَبَرِ هِنْدٍ «خُذِي مَا يَكْفِيك، وَوَلَدَك بِالْمَعْرُوفِ» أَنَّهَا مُقَدَّرَةٌ بِالْكِفَايَةِ، وَاخْتَارَهُ جَمْعٌ مِنْ جِهَةِ الدَّلِيلِ، وَبَسَطُوا الْقَوْلَ فِيهِ. وَقَدْ يُجَابُ عَلَى الْخَبَرِ بِأَنَّهُ لَمْ يُقَدِّرْهَا فِيهِ بِالْكِفَايَةِ فَقَطْ بَلْ بِهَا بِحَسَبِ الْمَعْرُوفِ، وَحِينَئِذٍ فَمَا ذَكَرُوهُ هُوَ الْمَعْرُوفُ الْمُسْتَقِرُّ فِي الْعُقُولِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ فَتَحَ بَابَ الْكِفَايَةِ لِلنِّسَاءِ مِنْ غَيْرِ تَقْدِيرٍ لَوَقَعَ التَّنَازُعُ لَا إلَى غَايَةٍ فَتَعَيَّنَ ذَلِكَ تَقْدِيرًا لِلَّائِقِ بِالْمَعْرُوفِ، وَالشَّاهِدُ لَهُ تَصَرُّفُ الشَّارِعِ كَمَا تَقَرَّرَ فَاتَّضَحَ مَا قَالُوهُ، وَانْدَفَعَ قَوْلُ الْأَذْرَعِيِّ: لَا أَعْرِفُ لِإِمَامِنَا رضي الله عنه سَلَفًا فِي التَّقْدِيرِ بِالْأَمْدَادِ، وَلَوْلَا الْأَدَبُ لَقُلْت الصَّوَابُ إنَّهَا بِالْمَعْرُوفِ أَيْ: الْكِفَايَةِ تَأَسِّيًا، وَاتِّبَاعًا. ا. هـ. حَجّ ز ي، وَقَوْلُهُ لَوَقَعَ التَّنَازُعُ قَدْ يُقَالُ لَوْ نَظَرَ لِهَذَا لَنَظَرَ إلَيْهِ فِي جَانِبِ الْقَرِيبِ، وَالنَّظَرُ إلَيْهِ ثَمَّ لَا هُنَا لَا يَظْهَرُ لَهُ مَعْنًى مُعْتَبَرٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ نَفَقَةُ الزَّوْجَةِ مُعَاوَضَةٌ، وَالْمُعَاوَضَةُ يُحْتَرَزُ فِيهَا عَنْ النِّزَاعِ بِقَدْرِ الْإِمْكَانِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا.
ا. هـ سم (قَوْلُهُ: كَنَفَقَةِ الْقَرِيبِ) رَاجِعٌ لِلْمَنْفِيِّ، وَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّهَا عِلَّةٌ لِلنَّفْيِ. (قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْمَحَلِّ) أَيْ: فِي كُلِّ يَوْمٍ ع ش، وَعِبَارَةُ ح ل أَيْ: مَا يَسْتَعْمِلُهُ أَهْلُ ذَلِكَ الْمَحَلِّ غَالِبَ الْأَوْقَاتِ، وَمِنْ لَازِمِ ذَلِكَ غَالِبًا لِيَاقَتُهُ بِالزَّوْجِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُقَيِّدْهُ بِكَوْنِهِ لَائِقًا بِهِ كَمَا فَعَلَ فِيمَا بَعْدَهُ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ لَائِقًا بِهِ تَأَمَّلْ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَالِبِ قُوتِ الْمَحَلِّ أَيْ:، وَإِنْ لَمْ يَلِقْ بِهَا، وَلَا أَلِفَتْهُ إذْ لَهَا إبْدَالُهُ. ا. هـ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: فَلَائِقٌ بِهِ) أَيْ: بِحَسَبِ يَسَارِهِ، وَضِدِّهِ ز ي (قَوْلُهُ: تَزَهُّدًا) أَيْ: مُتَكَلِّفَ الزُّهْدِ، وَظَاهِرُهُ أَنَّ الزَّاهِدَ حَقِيقَةً يُعْتَبَرُ حَالُهُ لَا مَا يَلِيقُ بِهِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كَمَا فِي الْكَفَّارَةِ) دَلِيلٌ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ (قَوْلُهُ:، وَعَلَيْهِ طَحْنُهُ إلَخْ) حَتَّى لَوْ بَاعَتْهُ، أَوْ أَكَلَتْهُ حَبًّا اسْتَحَقَّتْ مُؤَنَ ذَلِكَ أَيْ: أُجْرَةَ الطَّحْنِ، وَمَا بَعْدَهُ إذْ بِطُلُوعِ الْفَجْرِ تَلْزَمُهُ ذَلِكَ فَلَمْ تَسْقُطْ بِمَا فَعَلَتْهُ شَرْحُ م ر وز ي. (قَوْلُهُ: وَإِنْ اعْتَادَتْهَا إلَخْ) (فَرْعٌ) .
وَقَعَ السُّؤَالُ فِي الدَّرْسِ هَلْ يَجِبُ عَلَى الرَّجُلِ إعْلَامُ زَوْجَتِهِ بِأَنَّهَا لَا يَجِبُ عَلَيْهَا خِدْمَتُهُ بِمَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الطَّبْخِ، وَالْكَنْسِ، وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ أَمْ لَا؟ ، وَأَجَبْنَا عَنْهُ بِأَنَّ الظَّاهِرَ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّهَا إذَا لَمْ تَعْلَمْ بِعَدَمِ وُجُوبِ ذَلِكَ ظَنَّتْ أَنَّهُ، وَاجِبٌ عَلَيْهَا، وَأَنَّهَا لَا تَسْتَحِقُّ نَفَقَةً، وَلَا كِسْوَةً إنْ لَمْ تَفْعَلْهُ فَصَارَتْ كَأَنَّهَا مُكْرَهَةٌ عَلَى الْفِعْلِ، وَمَعَ ذَلِكَ لَوْ فَعَلَتْهُ، وَلَمْ يُعْلِمْهَا يُحْتَمَلُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ لَهَا أُجْرَةٌ عَلَى الْفِعْلِ لِتَقْصِيرِهَا بِعَدَمِ الْبَحْثِ، وَالسُّؤَالِ عَنْ ذَلِكَ. ا. هـ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَفَارَقَ إلَخْ) غَرَضُهُ الرَّدُّ عَلَى الضَّعِيفِ الْقَائِلِ بِأَنَّ هَذِهِ لَا تَجِبُ عَلَى الزَّوْجِ قِيَاسًا عَلَى الْكَفَّارَةِ. (قَوْلُهُ:، وَلَهَا اعْتِيَاضٌ) أَيْ: بِصِيغَةٍ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَزِمَ الذِّمَّةَ، وَاسْتَقَرَّ فِيهَا كَالنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَقَضِيَّتُهُ أَنَّ نَفَقَةَ الْيَوْمِ قَبْلَ انْقِضَائِهِ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْهَا لِعَدَمِ اسْتِقْرَارِهَا لِاحْتِمَالِ سُقُوطِهَا بِالنُّشُوزِ، وَتَوَقَّفَ فِيهِ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ، وَالرَّاجِحُ عِنْدَ شَيْخِنَا جَوَازُ الِاعْتِيَاضِ عَنْ ذَلِكَ مِنْ الزَّوْجِ دُونَ غَيْرِهِ، وَقَدْ لَا يُخَالِفُ ذَلِكَ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ، وَإِنْ كَانَ هُوَ خِلَافَ ظَاهِرِ السِّيَاقِ، وَيَكُونُ فِي النَّفَقَةِ الْحَاضِرَةِ تَفْصِيلٌ، وَمَا فِيهِ تَفْصِيلٌ لَا يَرُدُّ نَقْضًا ح ل قَالَ الْعَلَّامَةُ الْبَابِلِيُّ:، وَالْحَاصِلُ أَنَّ
عَنْ ذَلِكَ بِنَحْوِ دَرَاهِمَ، وَدَنَانِيرَ، وَثِيَابٍ؛ لِأَنَّهُ اعْتِيَاضٌ عَنْ طَعَامٍ مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ لِمُعَيَّنِ كَالِاعْتِيَاضِ عَنْ طَعَامٍ مَغْصُوبٍ تَلِفَ سَوَاءٌ أَكَانَ الِاعْتِيَاضُ مِنْ الزَّوْجِ أَمْ مِنْ غَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ جَوَازِ بَيْعِ الدَّيْنِ لِغَيْرِ مَنْ عَلَيْهِ. هَذَا (إنْ لَمْ يَكُنْ) الِاعْتِيَاضُ (رِبًا) كَبُرٍّ عَنْ شَعِيرٍ فَإِنْ كَانَ رِبًا كَخِنْزِيرٍ أَوْ دَقِيقِهِ عَنْ بُرٍّ لَمْ يَجُزْ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ إلَّا خُبْزًا أَوْ دَقِيقًا الْمُحْتَاجِ إلَى تَقْيِيدِهِ بِكَوْنِهِ مِنْ الْجِنْسِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ عَنْ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ.
(وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا بِأَكْلِهَا عِنْدَهُ) بِرِضَاهَا (كَالْعَادَةِ وَهِيَ رَشِيدَةٌ، أَوْ) غَيْرُ رَشِيدَةٍ وَقَدْ (أَذِنَ وَلِيُّهَا) فِي أَكْلِهَا عِنْدَهُ لِاكْتِفَاءِ الزَّوْجَاتِ بِهِ فِي الْأَعْصَارِ، وَجَرَيَانِ النَّاسِ عَلَيْهَا فِيهَا فَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ رَشِيدَةٍ وَأَكَلَتْ بِغَيْرِ إذْنِ وَلِيِّهَا لَمْ تَسْقُطْ نَفَقَتُهَا بِذَلِكَ، وَالزَّوْجُ مُتَطَوِّعٌ، وَخَالَفَ الْبُلْقِينِيُّ فَأَفْتَى بِسُقُوطِهَا بِهِ، وَعَلَى الْأَوَّلِ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ فِي الْحُرَّةِ، أَمَّا الْأَمَةُ إذَا أَوْجَبْنَا نَفَقَتَهَا فَيُشْبِهُ أَنْ يَكُونَ الْمُعْتَبَرُ رِضَا السَّيِّدِ الْمُطْلَقِ التَّصَرُّفِ بِذَلِكَ دُونَ رِضَاهَا كَالْحُرَّةِ الْمَحْجُورَةِ، وَتَعْبِيرِي بِعِنْدِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِ الْأَصْلِ بِمَعَهُ.
(وَيَجِبُ لَهَا) عَلَيْهِ (أُدْمُ غَالِبِ الْمَحَلِّ وَإِنْ لَمْ تَأْكُلْهُ كَزَيْتٍ، وَسَمْنٍ، وَتَمْرٍ) وَخَلٍّ إذْ لَا يَتِمُّ الْعَيْشُ بِدُونِهِ، (وَيَخْتَلِفُ) الْوَاجِبُ (بِالْفُصُولِ) فَيَجِبُ فِي كُلِّ فَصْلٍ مَا يُنَاسِبُهُ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
الِاعْتِيَاضَ بِالنَّظَرِ لِلنَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ، وَمِنْ غَيْرِهِ بِالنَّظَرِ لِلْمُسْتَقْبَلَةِ لَا يَجُوزُ مِنْ الزَّوْجِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ، وَأَمَّا بِالنَّظَرِ لِلْحَالَّةِ فَيَجُوزُ بِالنَّظَرِ لِلزَّوْجِ لَا لِغَيْرِهِ. ا. هـ.
(قَوْلُهُ: عَنْ ذَلِكَ) أَيْ: الْمُدِّ، وَالْمُدَّيْنِ، وَالْمُدِّ، وَالنِّصْفِ قَالَ ز ي، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ الِاعْتِيَاضَ عَنْ الْمُؤَنِ، وَهِيَ طَحْنُهُ، وَعَجْنُهُ، وَخَبْزُهُ. فَإِنْ قُلْنَا بِاسْتِحْقَاقِهَا عِنْدَ بَيْعِ الطَّعَامِ فَلَا إشْكَالَ فِي صِحَّةِ الِاعْتِيَاضِ، وَإِلَّا ثَارَ خِلَافٌ فِي الصِّحَّةِ هُنَا بِنَاءً عَلَى تَفْرِيقِ الصَّفْقَةِ كَذَا فِي الْمَطْلَبِ. (قَوْلُهُ: مُسْتَقِرٍّ فِي الذِّمَّةِ) أَيْ:، وَلَوْ مَآلًا فَدَخَلَتْ نَفَقَةُ الْيَوْمِ الْحَاضِرِ ق ل، وَخَرَجَ بِالِاسْتِقْرَارِ الْمُسْلَمُ فِيهِ شَرْحُ الرَّوْضِ. (قَوْلُهُ: لِمُعَيَّنٍ) ، وَهُوَ الزَّوْجَةُ خَرَجَتْ الْكَفَّارَةُ فَلَا يَجُوزُ فِيهَا الِاعْتِيَاضُ؛ لِأَنَّهَا لِغَيْرِ مُعَيَّنٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: أَمْ مِنْ غَيْرِهِ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِيَاضُ مِنْ غَيْرِ الزَّوْجِ عَنْ نَفَقَةِ الْيَوْمِ بِخِلَافِ النَّفَقَةِ الْمَاضِيَةِ سم (قَوْلُهُ: عَنْ النَّفَقَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ) أَيْ: لَا مِنْ الزَّوْجِ، وَلَا مِنْ غَيْرِهِ ع ش
(قَوْلُهُ: بِأَكْلِهَا عِنْدَهُ) ، أَوْ ضِيَافَةِ غَيْرِهِ لَهَا إكْرَامًا لَهُ فَقَطْ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَصَدَ إكْرَامَهَا فَقَطْ، وَأَمَّا لَوْ قَصَدَ إكْرَامَهُمَا مَعًا أَيْ: إكْرَامَهَا لِأَجْلِهَا، وَلِأَجْلِهِ فَالظَّاهِرُ التَّقْسِيطُ ح ل، وَع ش. (قَوْلُهُ: كَالْعَادَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِأَكْلِهَا أَيْ: أَكْلًا كَالْعَادَةِ بِأَنْ تَتَنَاوَلَ كِفَايَتَهَا عَادَةً فَإِنْ أَكَلَتْ مَعَهُ دُونَ الْكِفَايَةِ طَالَبَتْهُ بِالتَّفَاوُتِ بَيْنَ مَا أَكَلَتْهُ، وَكِفَايَتِهَا فِي أَكْلِهِ الْمُعْتَادِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّ هَذِهِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ وُجُوبِ إعْطَائِهَا النَّفَقَةَ، وَقِيلَ بَيْنَ مَا أَكَلَتْهُ، وَوَاجِبِهَا، وَأُيِّدَ بِأَنَّ الْكِفَايَةَ الْمُعْتَادَةَ إنَّمَا تُعْتَبَرُ إذَا أَكَلَتْهَا، وَحَيْثُ لَمْ تَأْكُلْهَا فَالْوَاجِبُ الشَّرْعِيُّ بَاقٍ، وَقَدْ اسْتَوْفَتْ بَعْضَهُ فَتَسْتَوْفِي الْبَاقِيَ ح ل. (قَوْلُهُ: أَوْ غَيْرُ رَشِيدَةٍ) أَيْ: لِصِغَرٍ، أَوْ جُنُونٍ، أَوْ سَفَهٍ، وَقَدْ حَجَرَ عَلَيْهَا بِأَنْ اسْتَمَرَّ سَفَهُهَا الْمُقَارِنُ لِلْبُلُوغِ، أَوْ طَرَأَ، وَحُجِرَ عَلَيْهَا، وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ لِإِذْنِ الْوَلِيِّ ز ي. (قَوْلُهُ:، وَقَدْ أَذِنَ وَلِيُّهَا) أَيْ: وَكَانَ لَهَا فِي أَكْلِهَا عِنْدَهُ مَصْلَحَةٌ، وَإِلَّا لَمْ يُعْتَدَّ بِإِذْنِهِ فَتَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالْمُقَدَّرِ لَهَا شَرْحُ م ر وَيَكُونُ ذَلِكَ كَمَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ، وَقِيَاسُ ذَلِكَ أَنَّهُ لَا رُجُوعَ عَلَيْهَا إنْ كَانَ غَيْرَ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، وَكَذَا لَا رُجُوعَ عَلَى الْوَلِيِّ أَيْضًا إذْ غَايَةُ مَا يُتَخَيَّلُ مِنْهُ وُجُودُ التَّغْرِيرِ، وَهُوَ لَا يُوجِبُ شَيْئًا. ا. هـ سم عَلَى حَجّ وَقَوْلُهُ: لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَيْهَا قَدْ يُقَالُ الْقِيَاسُ الرُّجُوعُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْفَعْ مَجَّانًا، وَإِنَّمَا دَفَعَ لِيَسْقُطَ عَنْهُ مَا وَجَبَ عَلَيْهِ فَهُوَ مُعَاوَضَةٌ فَاسِدَةٌ، وَالْمَقْبُوضُ بِهَا مَضْمُونٌ عَلَى مَنْ وَقَعَ الْعِوَضُ فِي يَدِهِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفْرَضَ كَلَامُهُ فِيمَا إذَا كَانَ الزَّوْجُ عَالِمًا بِفَسَادِ إذْنِ الْوَلِيِّ، أَوْ يُقَالُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ مِنْهَا مُعَاقَدَةٌ، وَالشَّرْطُ إنَّمَا هُوَ بَيْنَهُ، وَبَيْنَ الْوَلِيِّ أُلْغِيَ، وَيُعَدُّ مِنْهُ تَبَرُّعًا لِتَقْصِيرِهِ.
ا. هـ ع ش عَلَى م ر قَالَ، وَاكْتَفَى بِإِذْنٍ مَعَ أَنَّ قَبْضَ غَيْرِ الْمُكَلَّفَةِ لَغْوٌ؛ لِأَنَّ الزَّوْجَ بِأَدَائِهِ يَصِيرُ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْوَلِيِّ فِي الْإِنْفَاقِ، وَلَوْ اخْتَلَفَ الزَّوْجَانِ فَقَالَتْ قَصَدْتَ التَّبَرُّعَ، وَقَالَ بَلْ قَصَدْت كَوْنَهُ عَنْ النَّفَقَةِ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ كَمَا لَوْ دَفَعَ لَهَا شَيْئًا ثُمَّ ادَّعَى كَوْنَهُ عَنْ الْمَهْرِ، وَادَّعَتْ هِيَ الْهَدِيَّةَ شَرْحُ م ر ع ش (قَوْلُهُ: وَجَرَيَانِ النَّاسِ) فِيهِ أَنَّهُمْ جَرَوْا عَلَى ذَلِكَ فِي غَيْرِ الرَّشِيدَةِ، وَلَا اعْتِدَادَ بِهِ ح ل. وَأُجِيبُ بِأَنَّ الْمُرَادَ النَّاسُ الَّذِينَ مِنْ جُمْلَتِهِمْ الْمُجْتَهِدُونَ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يَكُونُ إلَّا مِنْهُمْ بِخِلَافِ غَيْرِهِمْ فَقَطْ لَا يُعْتَبَرُونَ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: وَالزَّوْجُ مُتَطَوِّعٌ) أَيْ: إنْ كَانَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فَإِنْ كَانَ غَيْرَ أَهْلٍ لَهُ رَجَعَ، وَلِيُّهُ عَلَيْهَا، أَوْ عَلَى، وَلِيِّهَا إنْ كَانَتْ مَحْجُورًا عَلَيْهَا ز ي (قَوْلُهُ: وَعَلَى الْأَوَّلِ) ، وَهُوَ قَوْلُهُ: وَتَسْقُطُ نَفَقَتُهَا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلٌ بِالنَّظَرِ لِغَيْرِ الرَّشِيدَةِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ، وَهَذَا هُوَ الظَّاهِرُ، وَقِيلَ الْأَوَّلُ عَدَمُ سُقُوطِ نَفَقَةِ غَيْرِ الرَّشِيدَةِ بِغَيْرِ إذْنِ، وَلِيِّهَا؛ لِأَنَّهُ أَوَّلٌ بِالنِّسْبَةِ لِكَلَامِ الْبُلْقِينِيِّ
(قَوْلُهُ:، وَيَجِبُ لَهَا أُدْمُ غَالِبِ الْمَحَلِّ) أَيْ: اللَّائِقُ بِالزَّوْجِ، وَلَوْ غَلَبَ التَّأَدُّمُ بِالْفَوَاكِهِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، وَجَبَتْ، وَأَمَّا مَا لَا يُتَأَدَّمُ بِهِ مِنْهَا فَلَا يَجِبُ مَا لَمْ يَعْتَدْ الْإِتْيَانَ بِهِ، وَإِلَّا، وَجَبَ، وَمِنْ ثَمَّ نُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْفَاكِهَةِ إذَا كَانَتْ تَزِيدُ عَلَى الْأُدْمِ تَجِبُ مَعَ الْأُدْمِ، وَكَذَا مَا اُعْتِيدَ مِنْ الْكَعْكِ، وَالنَّقْلِ، وَالسَّمَكِ فِي الْعِيدِ الصَّغِيرِ، وَالْحَلْوَى لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَمَا يُفْعَلُ يَوْمَ عَاشُورَاءَ مِنْ الْحُبُوبِ، وَالْحَلْوَى عَلَى مَا يَلِيق بِهِ، وَتَجِبُ الْقَهْوَةُ، وَالدُّخَانُ اللَّذَانِ ظَهَرَا فِي هَذَا الزَّمَانِ، وَإِنْ اعْتَادَتْهُمَا ح ل، وَح ف، وَيَجِبُ
(وَ) يَجِبُ لَهُ عَلَيْهِ (لَحْمٌ يَلِيقُ بِهِ) جِنْسًا وَيَسَارًا وَغَيْرَهُ (كَعَادَةِ الْمَحَلِّ) قَدْرًا، وَوَقْتًا (وَيُقَدِّرُهُمَا) أَيْ: الْأُدْمَ وَاللَّحْمَ (قَاضٍ بِاجْتِهَادِهِ) عِنْدَ التَّنَازُعِ إذْ لَا تَقْدِيرَ فِيهِمَا مِنْ جِهَةِ الشَّرْعِ، (وَيُفَاوِتُ) فِي قَدْرِهِمَا (بَيْنَ الثَّلَاثَةِ) الْمُوسِرِ، وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ فَيُنْظَرُ مَا يَحْتَاجُهُ الْمُدُّ مِنْ الْأُدْمِ فَيَفْرِضُهُ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَضِعْفَهُ عَلَى الْمُوسِرِ وَمَا بَيْنَهُمَا عَلَى الْمُتَوَسِّطِ وَيَنْظُرُ فِي اللَّحْمِ إلَى عَادَةِ الْمَحَلِّ مِنْ أُسْبُوعٍ أَوْ غَيْرِهِ، وَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ أَوْ سَمْنٍ أَيْ: أُوقِيَّةٍ تَقْرِيبٌ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ رَطْلِ لَحْمٍ فِي الْأُسْبُوعِ الَّذِي حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ، وَجُعِلَ بِاعْتِبَارِ ذَلِكَ عَلَى الْمُوسِرِ رَطْلَانِ، وَعَلَى الْمُتَوَسِّطِ رَطْلٌ وَنِصْفٌ، وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالتَّوْسِيعِ فِيهِ مَحْمُولٌ عِنْدَ الْأَكْثَرِينَ عَلَى مَا كَانَ فِي أَيَّامِهِ بِمِصْرَ مِنْ قِلَّةِ اللَّحْمِ فِيهَا، وَيُزَادُ بَعْدَهَا بِحَسْبِ عَادَةِ الْمَحَلِّ قَالَ الشَّيْخَانِ وَيُشْبِهُ أَنْ يُقَالَ لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ وَلَمْ يَتَعَرَّضُوا لَهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يُقَالَ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَى الْمُوسِرِ اللَّحْمَ كُلَّ يَوْمٍ يَلْزَمُهُ الْأُدْمُ أَيْضًا لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غِذَاءً وَالْآخَرُ عَشَاءً، وَذِكْرُ تَقْدِيرِ الْقَاضِي اللَّحْمَ مِنْ زِيَادَتِي. وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْبَسِيطِ.
(وَ) يَجِبُ لَهَا (كِسْوَةٌ) بِكَسْرِ الْكَافِ وَضَمِّهَا قَالَ تَعَالَى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233](تَكْفِيهَا) وَتَخْتَلِفُ كِفَايَتُهَا بِطُولِهَا وَقِصَرِهَا، وَهُزَالِهَا، وَسِمَنِهَا وَبِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ فِي الْحَرِّ وَالْبَرْدِ (مِنْ قَمِيصٍ وَخِمَارٍ وَنَحْوِ سَرَاوِيلَ) مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ، (وَ) نَحْوِ (مُكَعَّبٍ) مِمَّا يُدَاسُ فِيهِ (وَيُزِيدُ) عَلَى ذَلِكَ (فِي شِتَاءٍ نَحْوَ جُبَّةٍ) كَفَرْوَةٍ فَإِنْ لَمْ تَكْفِ وَاحِدَةٌ زِيدَ عَلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الرَّافِعِيُّ وَصَرَّحَ بِهِ الْخُوَارِزْمِيَّ (بِحَسْبِ عَادَةِ مِثْلِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ مِنْ قُطْنٍ، وَكَتَّانٍ، وَحَرِيرٍ، وَصَفَاقَةٍ وَنَحْوِهَا نَعَمْ لَوْ اُعْتِيدَ رَقِيقٌ لَا يَسْتُرُ لَمْ يَجِبْ بَلْ يَجِبُ صَفِيقٌ يُقَارِبُهُ، وَيُفَاوَتُ فِي كَيْفِيَّةِ ذَلِكَ بَيْنَ الْمُوسِرِ وَالْمُعْسِرِ وَالْمُتَوَسِّطِ وَاعْتُبِرَتْ الْكِفَايَةُ فِي الْكِسْوَةِ دُونَ النَّفَقَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي الْكِسْوَةِ مُحَقَّقَةٌ بِالرُّؤْيَةِ بِخِلَافِهَا فِي النَّفَقَةِ، وَظَاهِرٌ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا تَوَابِعُ مَا ذُكِرَ مِنْ تِكَّةِ سَرَاوِيلَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْضًا مَا تَطْلُبُهُ الْمَرْأَةُ عِنْدَمَا يُسَمَّى بِالْوَحَمِ مِنْ نَحْوِ مَا يُسَمَّى بِالْمُلُوحَةِ إذَا اُعْتِيدَ، وَيَكُونُ عَلَى وَجْهِ التَّمْلِيكِ فَلَوْ فَوَّتَهُ اسْتَقَرَّ لَهَا، وَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِهِ.
ا. هـ ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: وَلَحْمٌ) عَطْفُهُ عَلَى الْأُدْمِ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ، وَقَدْ يُطْلَقُ اسْمُ الْأُدْمِ عَلَيْهِ فَيَكُونُ مِنْ عَطْفِ الْخَاصِّ عَلَى الْعَامِّ لِفَضْلِهِ، وَيَدُلُّ عَلَى كَوْنِهِ أُدْمًا حَدِيثُ «سَيِّدُ أُدْمِ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَالْآخِرَةِ اللَّحْمُ» ، وَقِيَاسُ مَا مَرَّ فِي الْحَبِّ لُزُومُ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ مِمَّا يُحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَحْوِ مَاءٍ، وَحَطَبٍ، وَمَا يُطْبَخُ بِهِ مِنْ نَحْوِ قَرْعٍ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: وَيُقَدِّرُهُمَا قَاضٍ) هَذَا مُسْتَدْرَكٌ فِي اللَّحْمِ مَعَ قَوْلِهِ يَلِيقُ بِهِ كَعَادَةِ الْمَحَلِّ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ هَذَا عِنْدَ التَّنَازُعِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ: مِنْ مَكِيلَةِ زَيْتٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَكَسْرِ الْكَافِ، وَإِسْكَانِ الْيَاءِ. (قَوْلُهُ: أَيْ: أُوقِيَّةٍ) حَكَى الْجِيلِيُّ عَنْ بَعْضِ الْأَصْحَابِ أَنَّ الْأُوقِيَّةَ هِيَ الْحِجَازِيَّةُ، وَهِيَ أَرْبَعُونَ دِرْهَمًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ فَإِنَّ الْعِرَاقِيَّةَ لَا تُغْنِي شَيْئًا. ا. هـ ز ي (قَوْلُهُ: حُمِلَ عَلَى الْمُعْسِرِ) أَيْ: حَمَلَهُ الْأَصْحَابُ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَكُونَ ذَلِكَ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ رِطْلِ لَحْمٍ فَيَكُونُ مِنْ جُمْلَةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ وَقَوْلُهُ، وَيُزَادُ بَعْدَهَا أَيْ: بَعْد أَيَّامِ الشَّافِعِيِّ، وَلَوْ عَبَّرَ بِالْفَاءِ لَكَانَ، أَوْضَحَ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ) أَيْ: يَنْبَغِي. (قَوْلُهُ: لَا يَجِبُ الْأُدْمُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ) ، وَالْأَقْرَبُ حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا كَانَ كَافِيًا لِلْغَدَاءِ، وَالْعَشَاءِ، وَالثَّانِي عَلَى خِلَافِهِ ع ش، وَمِثْلُهُ م ر، وَقَالَ أَبُو شُكَيْلٍ الَّذِي يَظْهَرُ تَوَسُّطٌ بَيْنَ ذَلِكَ، وَهُوَ أَنَّهُ يَجِبُ لَهَا مَعَ اللَّحْمِ نِصْفُ الْأُدْمِ الْمُعْتَادِ فِي كُلِّ يَوْمٍ إنْ كَانَ اللَّحْمُ لَا يَكْفِيهَا إلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً، وَهَذَا التَّفْصِيلُ كَالْمُتَعَيَّنِ إذْ لَا يُتَّجَهُ غَيْرُهُ فَيُقَالُ إنْ أَعْطَاهَا مِنْ اللَّحْمِ مَا يَكْفِيهَا لِلْوَقْتَيْنِ فَلَيْسَ لَهَا فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ أُدْمٌ غَيْرُهُ، وَإِنْ لَمْ يُعْطِهَا إلَّا مَا يَكْفِيهَا لِوَقْتٍ وَاحِدٍ، وَجَبَ نِصْفُهُ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ:، وَيُحْتَمَلُ إلَخْ) هُوَ مِنْ كَلَامِ الشَّيْخَيْنِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ عِبَارَةِ شَرْحِ م ر، وَنَصُّهَا وَبَحَثَ الشَّيْخَانِ عَدَمَ وُجُوبِ أُدْمِ يَوْمِ اللَّحْمِ، وَلَهُمَا احْتِمَالٌ بِوُجُوبِهِ عَلَى الْمُوسِرِ إذَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ اللَّحْمَ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً، وَالْآخَرُ عَشَاءً. ا. هـ (قَوْلُهُ: كُلَّ يَوْمٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِكُلِّ يَوْمٍ غَيْرُ مُرَادٍ أَخْذًا مِنْ قَوْلِهِ لِيَكُونَ أَحَدُهُمَا غَدَاءً إلَخْ فَالْمُرَادُ أَنَّ الْأُدْمَ لَا يَسْقُطُ فِي يَوْمِ اللَّحْمِ تَأَمَّلْ
(قَوْلُهُ: وَيَجِبُ لَهَا كِسْوَةٌ) وَجَوْدَتُهَا، وَضِدُّهَا بِيَسَارِهِ وَضِدِّهِ حَجّ، وَيُؤْخَذُ مِنْ ضَبْطِ الْكِسْوَةِ بِمَا ذَكَرَهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ مِنْدِيلُ الْفِرَاشِ، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهَا أَيْضًا فَإِنْ أَرَادَهُ هَيَّأَهُ لَهَا ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَبِاخْتِلَافِ الْمَحَالِّ فِي الْحَرِّ، وَالْبَرْدِ) عِبَارَةُ حَجّ، وَيَخْتَلِفُ عَدَدُهَا بِاخْتِلَافِ مَحَلِّ الزَّوْجَةِ بَرْدًا، وَحَرًّا وَمِنْ ثَمَّ لَوْ اعْتَادُوا ثَوْبًا لِلنَّوْمِ، وَجَبَ كَمَا جَزَمَ بِهِ بَعْضُهُمْ. (قَوْلُهُ: مِنْ قَمِيصٍ) فِيهِ إشْعَارٌ بِوُجُوبِ خِيَاطَتِهِ، وَمَا يُخَاطُ بِهِ عَلَيْهِ قَالَ حَجّ، وَيَظْهَرُ أَنَّهُ لَا عِبْرَةَ بِاعْتِبَارِ أَهْلِ بَلَدِ ثِيَابِهَا كَثِيَابٍ لِرَجُلٍ، وَأَنَّهَا لَوْ طَلَبَتْ تَطْوِيلَ ذَيْلِهَا ذِرَاعًا أُجِيبَتْ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدْهُ أَهْلُ بَلَدِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ زِيَادَةِ السَّتْرِ ح ل، وَابْتِدَاءُ الذِّرَاعِ مِنْ نِصْفِ سَاقِهَا م ر. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَقُومُ مَقَامَهُ) كَالْإِزَارِ (قَوْلُهُ: وَنَحْوِ مُكَعَّبٍ) كَقَبْقَابٍ، وَخُفٍّ، وَزِرِّ مَوْزَةٍ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ يَعْتَادُ عَدَمَ لُبْسِ شَيْءٍ فِي أَرْجُلِهِنَّ كَنِسَاءِ الْقُرَى لَمْ يَجِبْ لَهَا شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ ح ل.
(قَوْلُهُ:، وَمُكَعَّبٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَفَتْحِ ثَانِيه، وَفَتْحِ ثَالِثِهِ مُثَقَّلًا، وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ مُخَفَّفًا هُوَ الْمَدَاسُ. ا. هـ ق ل عَلَى الْجَلَالِ، وَفِي الْمِصْبَاحِ، وَالْمُكَعَّبُ وِزَانُ مُقَوَّدٍ الْمَدَاسُ لَا يَبْلُغُ الْكَعْبَيْنِ غَيْرُ عَرَبِيٍّ. ا. هـ
وَكُوفِيَّةٍ لِلرَّأْسِ، وَزِرٍّ لِلْقَمِيصِ وَالْجُبَّةِ، وَنَحْوِهَا وَنَحْوُ فِي الْمَوْضِعَيْنِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) يَجِبُ (لِقُعُودِهَا عَلَى مُعْسِرٍ لِبَدٌ فِي شِتَاءٍ، وَحَصِيرٌ فِي صَيْفٍ، وَ) عَلَى (مُتَوَسِّطٍ زِلِّيَّةٌ) فِيهِمَا وَهِيَ بِكَسْرِ الزَّايِ وَتَشْدِيدِ الْيَاءِ شَيْءٌ مُضَرَّبٌ صَغِيرٌ وَقِيلَ بِسَاطٌ صَغِيرٌ، (وَ) عَلَى (مُوسِرٍ طَنْفَسَةٌ) بِكَسْرِ الطَّاءِ وَالْفَاءِ وَبِفَتْحِهِمَا وَبِضَمِّهِمَا، وَبِكَسْرِ الطَّاءِ وَفَتْحِ الْفَاءِ بِسَاطٌ صَغِيرٌ ثَخِينٌ لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ، وَقِيلَ كِسَاءٌ (فِي شِتَاءٍ، وَنَطْعٌ) بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا مَعَ إسْكَانِ الطَّاءِ وَفَتْحِهَا (فِي صَيْفٍ تَحْتَهُمَا زِلِّيَّةٌ أَوْ حَصِيرٌ) ؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُبْسَطَانِ وَحْدَهُمَا وَهَذَا مَعَ التَّفْصِيلِ فِيمَا عَلَى الْمُوسِرِ وَغَيْرِهِ فِي الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَ) يَجِبُ (لِنَوْمِهَا) عَلَى كُلٍّ مِنْهُمْ مَعَ التَّفَاوُتِ فِي الْكَيْفِيَّةِ بَيْنَهُمْ (فِرَاشٌ) تَرْقُدُ عَلَيْهِ كَمُضَرَّبَةٍ وَثِيرَةٍ أَيْ: لَيِّنَةٍ، أَوْ قَطِيفَةٍ وَهِيَ دِثَارٌ مُخْمَلٌ (وَمِخَدَّةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ (مَعَ لِحَافٍ أَوْ كِسَاءٍ فِي شِتَاءٍ وَ) مَعَ (رِدَاءٍ فِي صَيْفٍ) وَكُلُّ ذَلِكَ بِحَسْبِ الْعَادَةِ حَتَّى قَالَ الرُّويَانِيُّ وَغَيْرُهُ: لَوْ كَانُوا لَا يَعْتَادُونَ فِي الصَّيْفِ لِنَوْمِهِمْ غِطَاءً غَيْرَ لِبَاسِهِمْ لَمْ يَجِبْ غَيْرُهُ، وَلَا يَجِبُ ذَلِكَ فِي كُلِّ سَنَةٍ، وَإِنَّمَا يُجَدَّدُ وَقْتَ تَجْدِيدِهِ عَادَةً وَذِكْرُ الْكِسَاءِ مَعَ قَوْلِي وَرِدَاءٍ فِي صَيْفٍ مِنْ زِيَادَتِي. وَكَالشِّتَاءِ فِيمَا ذُكِرَ الْمَحَالُّ الْبَارِدَةُ، وَكَالصَّيْفِ فِيهِ الْمَحَالُّ الْحَارَّةُ.
(وَ) يَجِبُ لَهَا (آلَةُ أَكْلٍ، وَشُرْبٍ وَطَبْخٍ كَقَصْعَةٍ) بِفَتْحِ الْقَافِ، (وَكُوزٍ وَجَرَّةٍ وَقِدْرٍ) ، وَمِغْرَفَةٍ مِنْ خَزَفٍ أَوْ حَجَرٍ أَوْ خَشَبٍ
(وَ) يَجِبُ لَهَا (آلَةُ تَنْظِيفٍ كَمُشْطٍ وَدُهْنٍ) مِنْ زَيْتٍ أَوْ نَحْوِهِ (وَسِدْرٍ و) نَحْوِهِ (وَنَحْوِ مَرْتَكٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَكَسْرِهَا (تَعَيَّنَ لِصُنَانٍ) أَيْ: لِدَفْعِهِ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي تَعَيَّنَ مَا إذَا لَمْ يَتَعَيَّنْ كَأَنْ كَانَ يَنْدَفِعُ بِمَاءٍ وَتُرَابٍ فَلَا يَجِبُ، (وَأُجْرَةُ حَمَّامٍ اُعْتِيدَ) دُخُولًا وَقَدْرًا كَمَرَّةٍ فِي شَهْرٍ، أَوْ أَكْثَرَ بِقَدْرِ الْعَادَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْمَرْأَةُ مِمَّنْ لَا تَعْتَادُ دُخُولَهُ لَمْ يَجِبْ (وَثَمَنُ مَاءِ غُسْلٍ بِسَبَبِهِ) أَيْ: الزَّوْجِ كَوَطْئِهِ وَوِلَادَتِهَا مِنْهُ بِخِلَافِ الْحَيْضِ وَالِاحْتِلَامِ؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ إلَيْهِ فِي الْأَوَّلِ مِنْ قِبَلِ الزَّوْجِ بِخِلَافِهَا فِي الثَّانِي وَيُقَاسُ بِذَلِكَ مَاءُ الْوُضُوءِ فَيُفَرَّقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ بِمَسِّهِ، وَأَنْ يَكُونَ بِغَيْرِهِ (لَا مَا يَزِينُ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ (كَكُحْلٍ وَخِضَابٍ) فَلَا يَجِبُ فَإِنْ أَرَادَ الزِّينَةَ بِهِ هَيَّأَهُ لَهَا فَتَتَزَيَّنُ بِهِ وُجُوبًا، (وَ) لَا (دَوَاءُ مَرَضٍ وَأُجْرَةُ نَحْوِ طَبِيبٍ) كَحَاجِمٍ وَفَاصِدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لِحِفْظِ الْبَدَنِ وَتَعْبِيرِي بِنَحْوِ طَبِيبٍ أَعَمُّ مِمَّا عَبَّرَ بِهِ.
(وَ) يَجِبُ لَهَا (مَسْكَنٌ يَلِيقُ بِهَا) عَادَةً مِنْ دَارٍ أَوْ حُجْرَةٍ، أَوْ غَيْرِهِمَا كَالْمُعْتَدَّةِ بَلْ أَوْلَى وَإِنْ لَمْ يَمْلِكْهُ كَأَنْ يَكُونَ مُكْتَرًى، أَوْ مُعَارًا وَاعْتُبِرَ بِحَالِهَا بِخِلَافِ النَّفَقَةِ وَالْكِسْوَةِ حَيْثُ اعْتَبَرْنَا بِحَالِهِ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِمَا التَّمْلِيكُ وَفِيهِ الْإِمْتَاعُ كَمَا سَيَأْتِي؛ وَلِأَنَّهُمَا إذَا لَمْ يَلِيقَا بِهَا يُمْكِنُنَا إبْدَالُهُمَا بِلَائِقٍ فَلَا إضْرَارَ بِخِلَافِ الْمَسْكَنِ فَإِنَّهَا مُلْزَمَةٌ بِمُلَازَمَتِهِ فَاعْتُبِرَ بِحَالِهَا.
(وَ) يَجِبُ عَلَيْهِ وَلَوْ مُعْسِرًا، أَوْ بِهِ رِقٌّ (إخْدَامُ حُرَّةٍ تُخْدَمُ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ:، وَكُوفِيَّةٍ) هِيَ شَيْءٌ يُلْبَسُ فِي الرَّأْسِ مِنْ عِرْقِيَّةٍ مُبَطَّنَةٍ، وَبُرْنُسٍ
(قَوْلُهُ: وَنِطْعٌ) أَيْ: جِلْدٌ كَفَرْوَةٍ (قَوْلُهُ: مُخَمَّلٌ) بِضَمِّ الْمِيمِ، وَفَتْحِ الْخَاءِ، وَتَشْدِيدِ الْمِيمِ أَيْ: لَهُ خَمْلٌ يُقَالُ خَمَّلَهُ إذَا جَعَلَهُ مُخَمَّلًا بِرْمَاوِيٌّ أَيْ: لَهُ وَبَرَةٌ كَبِيرَةٌ، وَضَبَطَهُ ع ش عَلَى م ر بِسُكُونِ الْخَاءِ، وَتَخْفِيفِ الْمِيمِ. (قَوْلُهُ:، وَمِخَدَّةٌ) سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِمُلَاصَقَتِهَا لِلْخَدِّ، وَلَا يَجِبُ أَكْثَرُ مِنْ وَاحِدَةٍ، وَإِنْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْثَرَ مِنْهَا، وَيَجْرِي مِثْلُهُ فِي اللِّحَاقِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فِي شِتَاءٍ) يَعْنِي وَقْتَ الْبَرْدِ، وَلَوْ فِي غَيْرِ الشِّتَاءِ حَجّ
(قَوْلُهُ:، وَمَعَ رِدَاءٍ) الْمُرَادُ بِهِ مَا يُرْتَدَى بِهِ فِي أَعْلَى الْبَدَنِ
(قَوْلُهُ: آلَةُ أَكْلٍ) أَيْ: اللَّائِقُ بِهِ، وَلَا يُعْتَبَرُ حَالُهَا، وَالْمَشْرُوبُ تَمْلِيكٌ لَا إمْتَاعٌ ح ل. (قَوْلُهُ: وَشُرْبٍ) بِتَثْلِيثِ الشِّينِ، وَقِيلَ بِالْفَتْحِ مَصْدَرٌ، وَبِالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ اسْمَا مَصْدَرٍ ح ل، وَقَوْلُهُ بِالْخَفْضِ وَالرَّفْعِ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ بِالْكَسْرِ، وَالضَّمِّ؛ لِأَنَّ الْخَفْضَ، وَالرَّفْعَ مِنْ أَلْقَابِ الْإِعْرَابِ، وَقَوْلُهُ اسْمَا مَصْدَرٍ لَيْسَ بِظَاهِرٍ، وَالْحَقُّ أَنَّهُمَا مَصْدَرَانِ سَمَاعِيَّانِ. (قَوْلُهُ: كَقَصْعَةٍ بِفَتْحِ الْقَافِ) ، وَفِي الْمَثَلِ لَا تَفْتَحْ الْخِزَانَةَ، وَلَا تَكْسِرْ الْقَصْعَةَ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ:، وَمِغْرَفَةٌ) بِكَسْرِ الْمِيمِ مَا يُغْرَفُ بِهِ. ا. هـ مُخْتَارٌ (قَوْلُهُ: مِنْ خَزَفٍ) ، وَيَجِبُ النُّحَاسُ إنْ اعْتَادَتْهُ كَمَا فِي ز ي
(قَوْلُهُ: كَمُشْطٍ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ، وَسُكُونِ ثَانِيهِ، أَوْ بِضَمِّهِ، وَبِكَسْرِ أَوَّلِهِ مَعَ سُكُونِ ثَانِيهِ بِرْمَاوِيٌّ (قَوْلُهُ:، وَنَحْوِهِ) كَصَابُونٍ، وَأُشْنَانٍ ح ل (قَوْلُهُ:، وَثَمَنِ مَاءٍ إلَخْ) أَيْ:، وَيُتَّجَهُ أَنَّ الْوَاجِبَ بِالْأَصَالَةِ الْمَاءُ لَا ثَمَنُهُ. م ر فَالْأَوْلَى حَذْفُ ثَمَنٍ. (قَوْلُهُ: وَلَا دَوَاءُ مَرَضٍ) ، وَمِنْهُ مَا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ بَعْدَ الْوِلَادَةِ لِمَا يُزِيلُ مَا يُصِيبُهَا مِنْ الْوَجَعِ الْحَاصِلِ فِي بَطْنِهَا، وَنَحْوِهِ فَإِنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الدَّوَاءِ، وَكَذَا مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ مِنْ الْعَصِيدَةِ، وَاللُّبَابَةِ، وَنَحْوِهِمَا مِمَّا جَرَتْ بِهِ عَادَتُهُنَّ لِمَنْ يَجْتَمِعُ عِنْدَهَا مِنْ النِّسَاءِ فَلَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ النَّفَقَةِ بَلْ، وَلَا مِمَّا تَحْتَاجُ إلَيْهِ الْمَرْأَةُ أَصْلًا، وَلَا نَظَرَ لِتَأَذِّيهَا بِتَرْكِهِ فَإِنْ أَرَادَتْهُ فَعَلَتْهُ مِنْ عِنْدِ نَفْسِهَا ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: يَلِيقُ بِهَا) أَيْ: بِحَيْثُ تَأْمَنُ فِيهِ لَوْ خَرَجَ زَوْجُهَا عَلَى نَفْسِهَا، وَمَالِهَا، وَإِنْ قَلَّ. شَرْحُ م ر، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ لَهَا بِمُؤْنَةٍ حَيْثُ أَمِنَتْ عَلَى نَفْسِهَا فَلَوْ لَمْ تَأْمَنْ أَبْدَلَ لَهَا الْمَسْكَنَ بِمَا تَأْمَنُ فِيهِ عَلَى نَفْسِهَا فَتَنَبَّهْ لَهُ فَإِنَّهُ يَقَعُ فِيهِ الْغَلَطُ كَثِيرًا ع ش عَلَى م ر، وَلَهُ مَنْعُهَا مِنْ زِيَارَةِ أَحَدِ أَبَوَيْهَا، وَإِنْ اُحْتُضِرَ، أَوْ شُهُودِ جِنَازَتِهِمَا، وَمَنْعُهُمَا مِنْ دُخُولِهِمَا كَوَلَدِهَا مِنْ غَيْرِهِ م ر قَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ وَلَهُ نَقْلُ زَوْجَتِهِ مِنْ الْحَضَرِ إلَى الْبَادِيَةِ، وَإِنْ كَانَ عَيْشُهَا خَشِنًا؛ لِأَنَّ لَهَا عَلَيْهِ نَفَقَةً مُقَدَّرَةً لَا تَزِيدُ، وَلَا تَنْقُصُ، وَأَمَّا خُشُونَةُ الْعَيْشِ فَيُمْكِنُهَا الْخُرُوجُ عَنْهُ بِالْأَبْدَالِ شَرْحُ حَجّ، وَفِيهِ أَنَّ الْبَدَلَ قَدْ لَا يَكْفِيهَا لِكَوْنِهِ أَقَلَّ فَإِذَا أَرَادَتْ الْكِفَايَةَ كَمَّلَتْ مِنْ
أَيْ: بِأَنْ كَانَ مِثْلُهَا يُخْدَمُ (عَادَةً) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (فِي بَيْتِ أَبِيهَا) مَثَلًا لَا أَنْ صَارَتْ كَذَلِكَ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَاشَرَةِ بِالْمَعْرُوفِ الْمَأْمُورِ بِهَا (بِمَنْ) أَيْ: بِوَاحِدٍ (يَحِلُّ نَظَرُهُ) وَلَوْ مُكْتَرًى، أَوْ فِي صُحْبَتِهَا (لَهَا) كَحُرَّةٍ وَأَمَةٍ وَصَبِيٍّ مُمَيِّزٍ غَيْرِ مُرَاهِقٍ وَمَمْسُوحٍ وَمَحْرَمٍ لَهَا، وَلَا يَخْدُمُهَا بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّهَا تَسْتَحِيُ مِنْهُ غَالِبًا وَبِهِ تُعَيَّرُ كَصَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهَا وَحَمْلِهِ إلَيْهَا لِلْمُسْتَحَمِّ، أَوْ لِلشُّرْبِ، أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ وَأَوْلَى مِمَّا ذَكَرَهُ، أَمَّا غَيْرُ الْحُرَّةِ فَلَا يَجِبُ إخْدَامُهَا وَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً لِنَقْصِهَا (فَيَجِبُ لَهُ إنْ صَحِبَهَا) لِخِدْمَةٍ (مَا يَلِيقُ بِهِ مِنْ دُونِ مَا لِلزَّوْجَةِ نَوْعًا مِنْ غَيْرِ كِسْوَةٍ) مِنْ نَفَقَةٍ وَأُدْمٍ وَتَوَابِعِهِمَا (وَ) مِنْ (دُونِهِ جِنْسًا وَنَوْعًا مِنْهَا) أَيْ: مِنْ الْكِسْوَةِ. وَالتَّصْرِيحُ بِالتَّقْيِيدِ بِدُونِ مَا ذُكِرَ مِنْ زِيَادَتِي، (فَلَهُ مُدٌّ وَثُلُثٌ عَلَى مُوسِرٍ، وَمُدٌّ عَلَى غَيْرِهِ) مِنْ مُتَوَسِّطٍ وَمُعْسِرٍ كَالْمَخْدُومَةِ فِي الْأَخِيرِ؛ لِأَنَّ النَّفْسَ لَا تَقُومُ بِدُونِهِ غَالِبًا وَاعْتِبَارًا بِثُلْثَيْ نَفَقَةِ الْمَخْدُومَةِ فِي الْأَوَّلَيْنِ وَقَدْرُ الْأُدْمِ بِحَسْبِ الطَّعَامِ، وَقَدْرُ الْكِسْوَةِ قَمِيصٌ، وَنَحْوَ مُكَعَّبٌ وَلِلذَّكَرِ نَحْوُ قُمْعٍ وَلِلْأُنْثَى مِقْنَعَةٌ وَخُفٌّ وَرِدَاءٌ لِحَاجَتِهَا إلَى الْخُرُوجِ وَلِكُلٍّ جُبَّةٌ فِي الشِّتَاءِ لَا سَرَاوِيلَ وَلَهُ مَا يَفْرُشُهُ وَمَا يَتَغَطَّى بِهِ كَقِطْعَةِ لِبْدٍ وَكِسَاءٍ فِي الشِّتَاءِ وَبَارِيَةٍ فِي الصَّيْفِ وَمِخَدَّةٍ وَخَرَجَ بِمَنْ صَحِبَهَا الْمُكْتَرِي، وَمَمْلُوكُ الزَّوْجِ فَلَيْسَ لَهُ إلَّا أُجْرَتَهُ، أَوْ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ بِالْمِلْكِ (لَا آلَةُ تَنْظِيفٍ) ؛ لِأَنَّ اللَّائِقَ بِهِ أَنْ يَكُونَ أَشْعَثَ لِئَلَّا تَمْتَدَّ إلَيْهِ الْأَعْيُنُ، (فَإِنْ كَثُرَ وَسَخٌ وَتَأَذَّى بِقَمْلٍ وَجَبَ أَنْ يُرَفِّهَ) بِمَا يُزِيلُهُ مِنْ نَحْوِ مُشْطٍ وَدُهْنٍ.
(وَ) يَجِبُ (إخْدَامُ مَنْ احْتَاجَتْ لِخِدْمَةٍ لِنَحْوِ مَرَضٍ) كَهِرَمٍ وَإِنْ كَانَتْ مِمَّنْ لَمْ تُخْدَمْ عَادَةً وَتُخْدَمُ بِمِنْ ذُكِرَ وَإِنْ تَعَدَّدَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. (وَالْمَسْكَنُ وَالْخَادِمُ) وَهُوَ مِنْ زِيَادَتِي يَجِبُ فِيهِمَا (إمْتَاعٌ) لَا تَمْلِيكٌ لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ كَوْنُهُمَا مِلْكَهُ (وَغَيْرُهُمَا) مِنْ نَفَقَةٍ وَأُدْمٍ، وَكِسْوَةٍ، وَآلَةِ تَنْظِيفٍ وَغَيْرِهِ (تَمْلِيكٌ) وَلَوْ بِلَا صِيغَةٍ كَالْكَفَّارَةِ فَلِزَوْجَتِهِ الْحُرَّةِ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِأَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ بِخِلَافِ غَيْرِهَا وَيُمَلِّكُهَا أَيْضًا نَفَقَةَ مَصْحُوبِهَا الْمَمْلُوكِ لَهَا، أَوْ الْحُرَّةِ وَلَهَا أَنْ تَتَصَرَّفَ فِي ذَلِكَ وَتَكْفِيهِ مِنْ مَالِهَا.
(فَلَوْ قَتَّرَتْ) أَيْ: ضَيَّقَتْ عَلَى نَفْسِهَا فِي طَعَامٍ، أَوْ غَيْرِهِ (بِمَا يَضُرُّهُمَا) ، أَوْ أَحَدَهُمَا، أَوْ الْخَادِمَ فَهَذَا أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِمَا يَضُرُّهَا (مَنَعَهَا) مِنْ ذَلِكَ.
(وَتُعْطَى الْكِسْوَةَ أَوَّلَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) مِنْ كُلِّ سَنَةٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
عِنْدِهَا
. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِأَنْ كَانَ مِثْلُهَا يُخْدَمُ) أَيْ: حَقُّهَا ذَلِكَ، وَإِنْ لَمْ تُخْدَمْ فِيهِ بِالْفِعْلِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مِثْلُهَا لَا يُخْدَمُ فِي بَيْتِ أَبَوَيْهَا لَكِنْ هَذِهِ خِدْمَةٌ فِيهِ بِالْفِعْلِ لَا يَجِبُ إخْدَامُهَا ح ل. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) ، أَوْ عَمِّهَا لِمَوْتِ أَبِيهَا فِي حَالِ صِغَرِهَا. (قَوْلُهُ: أَيْ: بِوَاحِدٍ) ظَاهِرُهُ، وَإِنْ احْتَاجَتْ إلَى أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ، وَهُوَ كَذَلِكَ إلَّا إنْ مَرِضَتْ، وَاحْتَاجَتْ لِمَا يَزِيدُ عَلَى الْوَاحِدِ أَخْذًا مِنْ كَلَامِهِ الْآتِي ح ل (قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَتْ جَمِيلَةً) أَيْ:، وَإِنْ كَانَتْ تُخْدَمُ فِي بَيْتِ سَيِّدِهَا، وَمِثْلُهَا يُخْدَمُ عَادَةً فِي بَيْتِ سَيِّدِهِ ح ل. (قَوْلُهُ: مِنْ دُونِ) بَيَانٌ لِمَا. (قَوْلُهُ: نَوْعًا) أَيْ: وَقَدْرًا بِدَلِيلِ قَوْلِهِ فَلَهُ مُدٌّ، وَثُلُثٌ، وَهُوَ تَمْيِيزٌ مِنْ الدُّونِ، وَقَوْلُهُ مِنْ غَيْرِ كِسْوَةٍ حَالٌ مِنْ الدُّونِ أَيْ: حَالَ كَوْنِهِ كَائِنًا مِنْ غَيْرِ كِسْوَةٍ. (قَوْلُهُ: وَتَوَابِعِهِمَا) فَتَوَابِعُ النَّفَقَةِ أُجْرَةُ الطَّحْنِ، وَالْعَجْنِ، وَالْخَبْزِ، وَتَوَابِعُ الْأُدْمِ كَالسَّمْنِ مَا يُطْبَخُ بِهِ كَالْفَرْعِ، وَسَكَتُوا عَنْ اللَّحْمِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِمْ عَدَمُ لُزُومِهِ ح ل قَالَ م ر، وَأَوْجَهُ الْوَجْهَيْنِ وُجُوبُ اللَّحْمِ لَهُ أَيْ: لِلْخَادِمِ حَيْثُ جَرَتْ عَادَةُ الْبَلَدِ بِهِ (قَوْلُهُ: جِنْسًا، وَنَوْعًا) تَمْيِيزَانِ مِنْ الدُّونِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْوَاوَ بِمَعْنَى، أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ أَدْوَنَ فِي الْجِنْسِ أَنْ يَكُونَ أَدْوَنَ فِي النَّوْعِ. (قَوْلُهُ: قُمْعٍ) بِالْمِيمِ السَّاكِنَةِ مَعَ ضَمِّ الْقَافِ، وَقِيلَ بِالْبَاءِ الطُّرْطُورُ الَّذِي يُلْبَسُ فِي الرَّأْسِ لَهُ وَبَرَةٌ وَقَوْلُهُ مِقْنَعَةٌ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَهِيَ شَيْءٌ مِنْ الْقُمَاشِ مَثَلًا تَضَعُهُ الْمَرْأَةُ فَوْقَ رَأْسِهَا كَالْفُوطَةِ. (قَوْلُهُ: لَا سَرَاوِيلُ) هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى عُرْفٍ قَدِيمٍ، وَقَدْ اطَّرَدَ الْعُرْفُ الْآنَ بِوُجُوبِهِ لِلْخَادِمَةِ، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ ز ي.
(قَوْلُهُ: مَا يَفْرُشُهُ) بِضَمِّ الرَّاءِ مِنْ بَابِ نَصَرَ كَمَا فِي الْمُخْتَارِ. (قَوْلُهُ: وَبَارِيَّةٌ فِي الصَّيْفِ) هِيَ شَيْءٌ رَقِيقٌ كَالْمِلَاءَةِ لَكِنْ فِي الْمِصْبَاحِ الْبَارِيَّةُ الْحَصِيرُ الْخَشِنُ كَالنَّخِّ، وَهُوَ الْمَعْرُوفُ فِي الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا ذُكِرَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ مِنْ أَنَّهَا مَنْسُوجُ قَصَبٍ، وَهُوَ غَيْرُ مُنَاسِبٍ هُنَا؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْغِطَاءِ فَإِنْ جُعِلَ مِثَالًا لِلْفَرْشِ كَانَ مُنَاسِبًا. (قَوْلُهُ: أَنْ يُرَفِّهَ) أَيْ: يُنَعِّمَ فَفِي الْمُخْتَارِ، وَالْإِرْفَاهُ التَّدَهُّنُ، وَالتَّرْجِيلُ كُلَّ يَوْمٍ، وَهُوَ فِي رَفَاهَةٍ مِنْ الْعَيْشِ، وَرَفَاهِيَةٍ أَيْ: سِعَةٍ
(قَوْلُهُ: إمْتَاعٌ) أَيْ: انْتِفَاعٌ؛ لِأَنَّهُ يَتَمَتَّعُ، وَيَنْتَفِعُ بِهِمَا (قَوْلُهُ: وَكِسْوَةٌ) ، وَمِنْهَا الْفُرُشُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَغَيْرُهُ) كَظُرُوفِ الطَّعَامِ كَمَا فِي مَتْنِ الْمِنْهَاجِ، وَمِنْهُ الْمَاءُ الَّذِي تَشْرَبُهُ م ر. (قَوْلُهُ: تَمْلِيكٌ) أَيْ: لِلْحُرَّةِ، وَلِسَيِّدِ الْأَمَةِ، وَهَلْ يَحْتَاجُ إلَى قَصْدِ التَّمْلِيكِ أَوْ لَا؟ الَّذِي فِي كَلَامِ حَجّ أَنَّ الشَّرْطَ عَدَمُ الصَّارِفِ عَنْ قَصْدِ تَمْلِيكِهَا، وَفِي شَرْحِ الرَّوْضِ لَا بُدَّ أَنْ يَقْصِدَ دَفْعَ ذَلِكَ عَمَّا لَزِمَهُ لَهَا، وَنُقِلَ عَنْ شَيْخِنَا م ر اعْتِمَادُهُ، وَهُوَ فِي شَرْحِهِ، وَقَدْ أَفْتَيْت بِمَا قَالَهُ حَجّ؛ لِأَنَّ هَذَا الْبَابَ تَوَسَّعَ فِيهِ فَنَفَقَةُ الْخَادِمِ تَمْلِيكٌ بِخِلَافِ نَفْسِ الْخَادِمِ ح ل
(قَوْلُهُ: بِمَا يَضُرُّهُمَا) أَيْ: الزَّوْجَيْنِ ع ش
(قَوْلُهُ: أَوَّلَ كُلِّ سِتَّةِ أَشْهُرٍ) ، وَإِنْ نَشَزَتْ أَثْنَاءَ فَصْلٍ سَقَطَتْ كِسْوَتُهُ فَإِنْ عَادَتْ لِلطَّاعَةِ اُتُّجِهَ عَوْدُهَا مِنْ أَوَّلِ الْفَصْلِ الْمُسْتَقْبَلِ، وَلَا يُحْسَبُ مَا بَقِيَ مِنْ ذَلِكَ الْفَصْلِ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ يَوْمِ النُّشُوزِ شَرْحُ م ر، وَقَضِيَّةُ سُقُوطِهَا بِالنُّشُوزِ أَثْنَاءَ الْفَصْلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ دَفَعَهَا لَهَا قَبْلَ النُّشُوزِ اسْتَرَدَّهَا لِسُقُوطِهَا عَنْهُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَلَوْ ادَّعَى النُّشُوزَ