الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كَأَنْ عَرَّضَ الشَّيْءَ مَالِكُهُ لَهَا أَوْ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ فِيهِمَا أَوْ حَضَرَ وَتَرَكَ دَفْعَهَا أَوْ كَانَ فِي مَحُوطٍ لَهُ بَابٌ وَتَرَكَهُ مَفْتُوحًا فِي هَذِهِ فَلَا ضَمَانَ لِتَفْرِيطِ مَالِكِهِ.
وَاسْتَثْنَى مِنْ الدَّوَابِّ الطُّيُورَ كَحَمَامٍ أَرْسَلَهُ مَالِكُهُ فَكَسَرَ شَيْئًا أَوْ الْتَقَطَ حَبًّا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ جَرَتْ بِإِرْسَالِهَا ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا عَنْ ابْنِ الصَّبَّاغِ (وَإِتْلَافُ) حَيَوَانٍ (عَادٍ) كَهِرَّةٍ عُهِدَ إتْلَافُهَا (مُضَمَّنٌ) لِذِي الْيَدِ لَيْلًا وَنَهَارًا إنْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ؛ لِأَنَّ هَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْبَطَ وَيُكَفَّ شَرُّهُ بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًا وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ وَهِرَّةٌ تُتْلِفُ طَيْرًا أَوْ طَعَامًا إنْ عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا ضَمِنَ مَالِكُهَا.
[دَرْس]
(كِتَابُ الْجِهَادِ)
الْمُتَلَقَّى تَفْصِيلُهُ مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي غَزَوَاتِهِ. وَالْأَصْلُ فِيهِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ} [البقرة: 216] {وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] وَأَخْبَارٌ كَخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ» (هُوَ بَعْدَ الْهِجْرَةِ) وَلَوْ فِي عَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم (وَالْكُفَّارُ بِبِلَادِهِمْ كُلَّ عَامٍ) وَلَوْ مَرَّةً (فَرْضُ كِفَايَةٍ) لَا فَرْضُ عَيْنٍ، وَإِلَّا لَتَعَطَّلَ الْمَعَاشُ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 95] الْآيَةَ ذَكَرَ فَضْلَ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ وَوَعَدَ كُلًّا الْحُسْنَى. وَالْعَاصِي لَا يُوعَدُ بِهَا، وَقَالَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَعُودُ لِلْمَرْعَى وَالْبَارِزُ وَهُوَ الْهَاءُ يَعُودُ لِلْمُزَارِعِ (قَوْلُهُ: كَأَنْ عَرَضَ إلَخْ) أَفْتَى الْقَفَّالُ بِأَنَّ مِثْلَهُ مَا لَوْ مَرَّ إنْسَانٌ بِحِمَارِ الْحَطَبِ يُرِيدُ التَّقَدُّمَ عَلَيْهِ فَمَزَّقَ ثَوْبَهُ فَلَا ضَمَانَ عَلَى سَائِقِهِ لِتَقْصِيرِهِ بِمُرُورِهِ عَلَيْهِ قَالَ.
وَكَذَا لَوْ وُضِعَ حَطَبٌ بِطَرِيقٍ وَاسِعٍ فَمَرَّ بِهِ آخَرُ فَتَمَزَّقَ ثَوْبُهُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: أَوْ وَضَعَهُ فِي الطَّرِيقِ) أَيْ وَلَوْ وَاسِعًا وَإِنْ أَذِنَ لَهُ الْإِمَامُ كَمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ شَرْحُ م ر وَمِنْهُ مَا جَرَتْ بِهِ الْعَادَةُ الْآنَ مِنْ إحْدَاثِ مَسَاطِبَ أَمَامَ الْحَوَانِيتِ بِالشَّوَارِعِ وَوَضْعِ أَصْحَابِهَا عَلَيْهَا بَضَائِعَ لِلْبَيْعِ كَالْخُضَرِيَّةِ مَثَلًا فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَتْ دَابَّتُهُ شَيْئًا مِنْهَا بِأَكْلٍ أَوْ غَيْرِهِ لِتَقْصِيرِ صَاحِبِ الْبِضَاعَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: الطُّيُورَ) شَمَلَتْ النَّحْلَ وَقَدْ أَفْتَى الْبُلْقِينِيُّ فِي نَحْلٍ لِإِنْسَانٍ قَتَلَ جَمَلًا لِآخَرَ بِعَدَمِ الضَّمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ ضَبْطُهُ س ل (قَوْلُهُ: وَإِتْلَافُ حَيَوَانٍ عَادٍ) دَخَلَ فِيهِ الطَّيْرُ وَالنَّحْلُ فَقَوْلُهُمْ لَا ضَمَانَ بِإِرْسَالِ الطَّيْرِ وَالنَّحْلِ مَحْمُولٌ عَلَى غَيْرِ الْعَادِي الَّذِي عُهِدَ إتْلَافُهُ سم وَقَالَ ق ل عَلَى الْجَلَالِ إنَّهُ لَا ضَمَانَ مُطْلَقًا كَمَا قَالَهُ شَيْخُنَا ز ي وخ ط وَخَالَفَهُمَا شَيْخُنَا م ر (قَوْلُهُ: عَادٍ) أَيْ مُجَاوِزٌ لِلْحَدِّ أَوْ لِلْعَادَةِ (قَوْلُهُ: عُهِدَ إتْلَافُهَا) أَيْ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا عَلَى الْخِلَافِ الْآتِي فِي تَعَلُّمِ الْجَارِحَةِ فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ س ل وَمِثْلُهُ خ ط أَمَّا إذَا لَمْ يُعْهَدْ ذَلِكَ مِنْهَا فَلَا يَضْمَنُ فِي الْأَصَحِّ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ حِفْظُ الطَّعَامِ عَنْهَا لَا رَبْطُهَا.
وَلَا يَجُوزُ قَتْلُ الَّتِي عُهِدَ ذَلِكَ مِنْهَا إلَّا حَالَةَ تَعَدِّيهَا فَقَطْ حَيْثُ تَعَيَّنَ قَتْلُهَا طَرِيقًا لِدَفْعِهَا وَإِلَّا دَفَعَهَا كَالصَّائِلِ وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ خَرَجَتْ أَذِيَّتُهَا عَنْ عَادَةِ الْقِطَطِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهَا وَشَمِلَ ذَلِكَ مَا لَوْ كَانَتْ حَامِلًا فَتُدْفَعُ كَمَا لَوْ صَالَتْ وَهِيَ حَامِلٌ وَسُئِلَ الْبُلْقِينِيُّ عَمَّا جَرَتْ الْعَادَةُ مِنْ وِلَادَةِ هِرَّةٍ فِي مَحَلٍّ وَتَأْلَفُ ذَلِكَ الْمَحَلَّ بِحَيْثُ تَذْهَبُ وَتَعُودُ إلَيْهِ لِلْإِيوَاءِ فَهَلْ يَضْمَنُ مَالِكُ الْمَحَلِّ مُتْلَفَهَا؟ فَأَجَابَ بِعَدَمِهِ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ فِي يَدِ أَحَدٍ وَإِلَّا ضَمِنَ صَاحِبُ الْيَدِ اهـ. شَرْحُ م ر وَقَالَ الْبِرْمَاوِيُّ وَيُدْفَعُ الْحَيَوَانُ بِالْأَخَفِّ فَالْأَخَفِّ وُجُوبًا وَإِنْ أَدَّى إلَى قَتْلِهِ كَالصَّائِلِ قَالَ بَعْضُهُمْ وَلَوْ كَانَ غ يَنْدَفِعُ بِالزَّجْرِ لَكِنَّهُ يَعُودُ وَيُتْلِفُ مَا دُفِعَ عَنْهُ مَعَ التَّغَافُلِ وَتَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ جَازَ قَتْلُهُ وَلَوْ فِي غَيْرِ حَالِ صِيَالِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَكْفِي شَرُّهُ بِالْقَتْلِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ: لِذِي الْيَدِ) أَيْ مَنْ يُؤْوِيهَا مَا دَامَ مُؤْوِيًا لَهَا أَيْ قَاصِدًا إيوَاءَهَا بِخِلَافِ مَا إذَا أَعْرَضَ عَنْهَا فِيمَا يَظْهَرُ حَجّ س ل وَقَوْلُهُ: مَنْ يُؤْوِيهَا أَيْ بِحَيْثُ لَوْ غَابَتْ فَتَّشَ عَلَيْهَا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: إنْ قَصَّرَ فِي رَبْطِهِ) هَذَا إذَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَنَّهُ يُرْبَطُ وَإِلَّا لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا كَالْهِرَّةِ وَالْكَلْبِ غَيْرِ الْعَقُورِ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عَادِيًا) أَيْ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مِمَّا لَا يُعْتَادُ رَبْطُهُ كَالْهِرَّةِ لَمْ يَضْمَنْ مُطْلَقًا وَإِلَّا ضَمِنَ نَهَارًا لَا لَيْلًا كَمَا فُهِمَ بِالْأَوْلَى وَإِنْ اقْتَضَى ظَاهِرُ الْعِبَارَةِ خِلَافَهُ اهـ. عَمِيرَةُ
[كِتَابُ الْجِهَادِ]
[حُكْم الْجِهَادِ]
(كِتَابُ الْجِهَادِ)(قَوْلُهُ: تَفْصِيلُهُ) أَيْ: الْجِهَادِ وَقَوْلُهُ: مِنْ سِيَرِ النَّبِيِّ أَيْ: أَحْوَالِهِ، كَمَا وَقَعَ لَهُ صلى الله عليه وسلم فِي بَدْرٍ فَإِنَّهُ قَتَلَ وَفَدَى وَمَنَّ وَضَرَبَ الرِّقَّ عَلَى الْبَعْضِ، شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ (قَوْلُهُ: غَزَوَاتِهِ) وَهِيَ سَبْعٌ وَعِشْرُونَ غَزْوَةً قَاتَلَ فِي ثَمَانٍ مِنْهَا بِنَفْسِهِ: بَدْرٍ وَأُحُدٍ وَالْمُصْطَلِقِ وَالْخَنْدَقِ وَقُرَيْظَةَ وَخَيْبَرَ وَحُنَيْنٍ وَالطَّائِفِ حَجّ، وَفِي شَرْحِ الْمَوَاهِبِ قَالَ ابْنُ تَيْمِيَّةَ لَا يُعْلَمُ أَنَّهُ قَاتَلَ فِي غَزْوَةٍ إلَّا فِي أُحُدٍ، وَلَمْ يَقْتُلْ أَحَدًا إلَّا أُبَيَّ بْنَ خَلَفٍ فِيهَا اهـ فَقَوْلُ حَجّ: قَاتَلَ بِنَفْسِهِ إلَخْ فِيهِ نَظَرٌ، إلَّا أَنْ يُرَادَ أَنَّ أَصْحَابَهُ قَاتَلُوا بِحُضُورِهِ فَنُسِبَ إلَيْهِ الْقِتَالُ لِحُضُورِهِ لَهُ فِيهَا بِخِلَافِ غَيْرِهَا، فَلَمْ يَقَعْ فِيهَا قِتَالٌ مِنْهُ وَلَا مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: حَتَّى يَقُولُوا: لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ) فِيهِ أَنَّ الْكُفَّارَ يَقُولُونَهَا. وَأُجِيبَ بِأَنَّ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ صَارَ عَلَمًا عَلَى الشَّهَادَتَيْنِ كَمَا قَالَهُ ز ي وَغَيْرُهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ فِي عَهْدِهِ) أَيْ: وَبَعْدَ الْأَمْرِ بِهِ مُطْلَقًا لِأَجْلِ قَوْلِهِ: كُلَّ عَامٍ ق ل فَانْدَفَعَ مَا يُقَالُ: كَيْفَ هَذَا مَعَ أَنَّهُ كَانَ مَأْمُورًا أَوَّلًا بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ فَقَطْ لَا فِي كُلِّ عَامٍ وَأَيْضًا كَانَ مَمْنُوعًا مِنْ الْقِتَالِ فِي الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ؟ (قَوْلُهُ: لَا فَرْضُ عَيْنٍ) أَتَى بِهِ تَوْطِئَةً لِمَا بَعْدَهُ وَلِلرَّدِّ صَرِيحًا عَلَى مَنْ يَقُولُ: إنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ. (قَوْلُهُ: وَقَدْ قَالَ تَعَالَى) عِبَارَةُ م ر وَلِقَوْلِهِ تَعَالَى
{فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122]، وَأَمَّا أَنَّهُ فُرِضَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَيْ: أَقَلُّ فَرْضِهِ ذَلِكَ فَكَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ وَلِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَهُ كُلَّ عَامٍ، وَتَحْصُلُ الْكِفَايَةُ بِأَنْ يَشْحَنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ بِمُكَافِئِينَ لِلْكُفَّارِ مَعَ إحْكَامِ الْحُصُونِ وَالْخَنَادِقِ وَتَقْلِيدِ الْأُمَرَاءِ ذَلِكَ، أَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ أَوْ نَائِبُهُ دَارَ الْكُفْرِ بِالْجُيُوشِ لِقِتَالِهِمْ، وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي بَعْدِ الْهِجْرَةِ مَا قَبْلَهَا فَكَانَ الْجِهَادُ مَمْنُوعًا مِنْهُ، ثُمَّ بَعْدَهَا أُمِرَ بِقِتَالِ مَنْ قَاتَلَهُ، ثُمَّ أُبِيحَ الِابْتِدَاءُ بِهِ فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ، ثُمَّ أُمِرَ بِهِ مُطْلَقًا، وَشُمُولُ التَّقْيِيدِ بِكَوْنِ الْكُفَّارِ بِبِلَادِهِمْ لِعَهْدِهِ صلى الله عليه وسلم مَعَ قَوْلِي: كُلَّ عَامٍ مِنْ زِيَادَتِي.
وَشَأْنُ فَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنَّهُ (إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ سَقَطَ) عَنْهُ وَعَنْ الْبَاقِينَ، وَفُرُوضُهَا كَثِيرَةٌ (كَقِيَامٍ بِحُجَجٍ الدِّينِ) وَهِيَ الْبَرَاهِينُ عَلَى إثْبَاتِ الصَّانِعِ تَعَالَى وَمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ الصِّفَاتِ وَيَمْتَنِعُ عَلَيْهِ مِنْهَا، وَعَلَى إثْبَاتِ النُّبُوَّاتِ وَمَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ مِنْ الْمَعَادِ وَالْحِسَابِ وَغَيْرِ ذَلِكَ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ} [التوبة: 122] عِبَارَةُ الْجَلَالِ فَلَوْلَا، فَهَلَّا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ أَيْ: قَبِيلَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ وَمَكَثَ الْبَاقُونَ لِيَتَفَقَّهُوا أَيْ: الْمَاكِثُونَ فِي الدِّينِ {وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة: 122] مِنْ الْغَزْوِ بِتَعْلِيمِهِمْ مَا تَعَلَّمُوهُ مِنْ الْأَحْكَامِ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ عِقَابَ اللَّهِ بِامْتِثَالِ أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ اهـ فَأَشَارَ إلَى أَنَّ " لِيَتَفَقَّهُوا " مُتَعَلِّقٌ بِمَحْذُوفٍ، وَجْهُ الدَّلَالَةِ مِنْ هَذِهِ الْآيَةِ ذِكْرُ " مِنْ " التَّبْعِيضِيَّةِ قَالَ فِي الْخَازِنِ: وَسَبَبُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا بَالَغَ فِي الْكَشْفِ عَنْ عُيُوبِ الْمُنَافِقِينَ وَفَضَحَهُمْ فِي تَخَلُّفِهِمْ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، قَالَ الْمُسْلِمُونَ: وَاَللَّهِ لَا نَتَخَلَّفُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَلَا عَنْ سَرِيَّةٍ بَعَثَهَا فَلَمَّا قَدِمَ الْمَدِينَةَ وَبَعَثَ السَّرَايَا، نَفَرَ الْمُسْلِمُونَ جَمِيعًا إلَى الْغَزْوِ وَتَرَكُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَحْدَهُ» ، فَنَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فَالْمَعْنَى مَا يَنْبَغِي، وَلَا يَجُوزُ لِلْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَنْفِرُوا جَمِيعًا وَيَتْرُكُوا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَلْ يَجِبُ أَنْ يَنْقَسِمُوا قِسْمَيْنِ: طَائِفَةٌ تَكُونُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، وَطَائِفَةٌ تَنْفِرُ إلَى الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ أَحْكَامَ الشَّرِيعَةِ كَانَتْ تَتَجَدَّدُ شَيْئًا بَعْدَ شَيْءٍ، وَالْمَاكِثُونَ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَحْفَظُونَ مَا تَجَدَّدَ، فَإِذَا قَدِمَ الْغُزَاةُ عَلَّمُوهُمْ مَا تَجَدَّدَ فِي غَيْبَتِهِمْ.
(قَوْلُهُ: كُلَّ عَامٍ) بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يُخَلِّيهِ عَنْهُ، وَإِنْ كَانَ قَدْ يَقَعُ فِي الْعَامِ مَرَّتَيْنِ فَأَكْثَرَ، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ السِّيَرِ؛ لِأَنَّ غَزْوَةَ أُحُدٍ وَبَدْرٍ الصُّغْرَى، ثُمَّ بَنِي النَّضِيرِ فِي الثَّالِثَةِ وَالْحُدَيْبِيَةِ وَبَنِي الْمُصْطَلِقِ فِي السَّادِسَةِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ يَفْعَلُهُ فِي الْعَامِ مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنْ يُشْحِنَ الْإِمَامُ الثُّغُورَ) ؛ لِأَنَّهَا إذَا شُحِنَتْ بِمَا ذُكِرَ كَانَ فِيهِ إخْمَادٌ لِشَوْكَتِهِمْ، وَإِظْهَارٌ لِقَهْرِهِمْ؛ لِعَجْزِهِمْ عَنْ الظَّفَرِ بِشَيْءٍ مِنَّا، وَالثُّغُورُ هِيَ مَحَالُّ الْخَوْفِ الَّتِي تَلِي بِلَادَهُمْ شَرْحُ م ر وَفِي الْمِصْبَاحِ شَحَنْتُ الْبَيْتَ وَغَيْرَهُ شَحْنًا مِنْ بَابِ نَفَعَ مَلَأْتُهُ (قَوْلُهُ: وَتَقْلِيدِ الْأُمَرَاءِ) أَيْ: إلْزَامِهِمْ ذَلِكَ بِأَنْ يُرَتِّبَ فِي كُلِّ نَاحِيَةٍ أَمِيرًا كَافِيًا يُقَلِّدُهُ أُمُورَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ الْجِهَادِ وَغَيْرِهِ، شَرْحُ الرَّوْضِ.
(قَوْلُهُ: أَوْ بِأَنْ يَدْخُلَ الْإِمَامُ إلَخْ) ظَاهِرُهُ سُقُوطُ الْفَرْضِ بِأَحَدِ الْأَمْرَيْنِ إمَّا بِإِشْحَانِ الثُّغُورِ وَإِمَّا بِدُخُولِ الْإِمَامِ أَوْ نَائِبِهِ قَالَ م ر: وَهُوَ الْمَذْهَبُ لَكِنَّ شَيْخَنَا الْبُرُلُّسِيَّ رَدَّ ذَلِكَ وَلَهُ فِيهِ تَصْنِيفٌ أَقَامَ فِيهِ الْبَرَاهِينَ عَلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ اجْتِمَاعِ الْأَمْرَيْنِ، وَعَرَضَهُ عَلَى جَمْعٍ كَثِيرٍ مِنْ أَهْلِ عَصْرِهِ مِنْ مَشَايِخِهِ وَغَيْرِهِمْ فَوَافَقُوا عَلَى ذَلِكَ سم (قَوْلُهُ: فَكَانَ الْجِهَادُ مَمْنُوعًا مِنْهُ) ؛ لِأَنَّ الَّذِي أُمِرَ بِهِ أَوَّلَ الْأَمْرِ هُوَ التَّبْلِيغُ وَالْإِنْذَارُ وَالصَّبْرُ عَلَى أَذَى الْكُفَّارِ تَأَلُّفًا لَهُمْ ز ي. وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُمْ: مَمْنُوعًا مِنْهُ أَيْ: بِقَوْلِهِ {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ} [آل عمران: 186] الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أُبِيحَ أَيْ: فِي قَوْلِهِ {فَإِذَا انْسَلَخَ الأَشْهُرُ الْحُرُمُ} [التوبة: 5] إلَخْ وَقَوْلُهُ: ثُمَّ أُمِرَ بِهِ مُطْلَقًا أَيْ: بِقَوْلِهِ {وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ} [البقرة: 191] اهـ وَقَالَ م ر: ثُمَّ أُمِرَ بِهِ أَيْ: فِي السَّنَةِ الثَّامِنَةِ بَعْدَ الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ {انْفِرُوا خِفَافًا وَثِقَالا} [التوبة: 41]{وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً} [التوبة: 36] .
(قَوْلُهُ: ثُمَّ بَعْدَهَا أُمِرَ إلَخْ) أَيْ: بِقَوْلِهِ {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ} [البقرة: 190](قَوْلُهُ: فِي غَيْرِ الْأَشْهُرِ الْحُرُمِ) الْمُرَادُ بِهَا الْمَعْرُوفَةُ الْآنَ لَنَا لَكِنَّهُمْ أَبْدَلُوا رَجَبًا بِشَوَّالٍ كَانُوا تَعَاهَدُوا عَلَى عَدَمِ الْقِتَالِ فِيهَا، كَمَا يُعْلَمُ مِنْ كَلَامِ الْبَيْضَاوِيِّ حَيْثُ قَالَ {فَسِيحُوا فِي الأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ} [التوبة: 2] شَوَّالًا وَذَا الْقَعْدَةِ وَذَا الْحِجَّةِ وَالْمُحَرَّمِ ع ش مَعَ حَذْفٍ.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ: مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ بِشَرْطٍ، وَلَا زَمَانٍ شَرْحُ الرَّوْضِ، فَعُلِمَ بِذَلِكَ أَنَّ لَهُ بَعْدَ الْهِجْرَةِ ثَلَاثَةَ أَحْوَالٍ.
. (قَوْلُهُ: مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ) شَمَلَ مَنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ أَهْلِ فَرْضِ الْجِهَادِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَلَوْ قَامَ بِهِ مُرَاهِقُونَ سَقَطَ الْحَرَجُ عَنْ أَهْلِ الْفَرْضِ قَالَ فِي الرَّوْضَةِ: وَسَقَطَ فَرْضُ الْكِفَايَةِ مَعَ الصِّغَرِ وَالْجُنُونِ وَالْأُنُوثَةِ، فَإِنْ تَرَكَهُ الْجَمِيعُ أَثِمَ كُلُّ مَنْ لَا عُذْرَ لَهُ مِنْ الْأَعْذَارِ الْآتِي بَيَانُهَا خ ط س ل.
(قَوْلُهُ: سَقَطَ عَنْهُ) أَيْ: إنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ فَانْدَفَعَ قَوْلُ بَعْضِهِمْ: إنَّ قَوْلَهُ: سَقَطَ عَنْهُ يَقْتَضِي أَنَّ فَاعِلَهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ أَهْلِ الْفَرْضِ وَأَفْهَمَ قَوْلُهُ: سَقَطَ أَنَّ الْمُخَاطَبَ بِهِ الْكُلُّ وَهُوَ الْأَصَحُّ وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلَهُ: إذَا فَعَلَهُ مَنْ فِيهِ كِفَايَةٌ أَيْ: وَإِنْ خُوطِبَ بِهِ عَلَى جِهَةِ فَرْضِ الْعَيْنِ كَمَنْ تُوَجَّهُ عَلَيْهِ حَجَّةُ الْإِسْلَامِ أَوْ الْحَجُّ فِي تِلْكَ السَّنَةِ بِنَذْرٍ وَنَحْوِهِ، فَإِنَّهُ يَحْصُلُ فَرْضُ الْكِفَايَةِ؛ إذْ التَّعَيُّنُ لَا يُنَافِيهِ اهـ شَوْبَرِيٌّ مُلَخَّصًا.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ الْبَرَاهِينُ) أَيْ: التَّفْصِيلِيَّةُ وَأَمَّا الْبَرَاهِينُ الْإِجْمَالِيَّةُ فَفَرْضُ عَيْنٍ (قَوْلُهُ: مِنْ الْمَعَادِ) أَيْ: الْجُثْمَانِيِّ بِضَمِّ الْجِيمِ
(وَبِحَلِّ مُشْكِلِهِ) وَدَفْعِ الشُّبَهِ (وَبِعُلُومِ الشَّرْعِ) مِنْ تَفْسِيرٍ وَحَدِيثٍ وَفِقْهٍ زَائِدٍ عَلَى مَا لَا بُدَّ مِنْهُ، وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا (بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) وَالْإِفْتَاءِ لِلْحَاجَةِ إلَيْهِمَا (وَبِأَمْرٍ بِمَعْرُوفٍ وَنَهْيٍ عَنْ مُنْكَرٍ) أَيْ: الْأَمْرِ بِوَاجِبَاتِ الشَّرْعِ وَالنَّهْيِ عَنْ مُحَرَّمَاتِهِ إذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ مَالِهِ أَوْ عَلَى غَيْرِهِ مَفْسَدَةً أَعْظَمَ مِنْ مَفْسَدَةِ الْمُنْكَرِ الْوَاقِعِ، وَلَا يُنْكِرُ إلَّا مَا يَرَى الْفَاعِلُ تَحْرِيمَهُ (وَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ كُلَّ عَامٍ) فَلَا يَكْفِي إحْيَاؤُهَا بِأَحَدِهِمَا وَلَا بِالِاعْتِكَافِ وَالصَّلَاةِ وَنَحْوِهِمَا؛ إذْ الْمَقْصُودُ الْأَعْظَمُ بِبِنَاءِ الْكَعْبَةِ الْحَجُّ وَالْعُمْرَةُ فَكَانَ بِهِمَا إحْيَاؤُهَا، وَتَعْبِيرِي بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ أَوْضَحُ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالزِّيَارَةِ (وَدَفْعِ ضَرَرِ مَعْصُومٍ) مِنْ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ كَكِسْوَةِ عَارٍ وَإِطْعَامِ جَائِعٍ إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ ضَرَرُهُمَا بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ وَنَذْرٍ وَوَقْفٍ وَزَكَاةٍ وَبَيْتِ مَالٍ مِنْ سَهْمِ الْمَصَالِحِ، وَهَذَا فِي حَقِّ الْأَغْنِيَاءِ. وَتَعْبِيرِي بِالْمَعْصُومِ أَوْلَى مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْمُسْلِمِينَ (وَمَا يَتِمُّ بِهِ الْمَعَاشُ) الَّذِي بِهِ قِوَامُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا كَبَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَحِرَاثَةٍ (وَرَدِّ سَلَامٍ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَبِالْمُثَلَّثَةِ نِسْبَةً إلَى الْجُثَّةِ، وَالْجِسْمَانِيُّ بِكَسْرِ الْجِيمِ وَبِالسِّينِ نِسْبَةً إلَى الْجِسْمِ، وَكِلَاهُمَا نِسْبَةٌ غَيْرُ قِيَاسِيَّةٍ. اهـ. شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَبِحَلِّ مُشْكِلِهِ) يَظْهَرُ أَنَّ الْمُشْكِلَ الْأَمْرُ الَّذِي يَخْفَى إدْرَاكُهُ لِدِقَّتِهِ. وَالشُّبْهَةُ الْأَمْرُ الْبَاطِلُ الَّذِي يَشْتَبِهُ بِالْحَقِّ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْحُجَجِ غَيْرُ حَلِّ الْمُشْكِلَاتِ، وَقَدْ يَقْدِرُ عَلَى الْأَوَّلِ مَنْ لَا يَقْدِرُ عَلَى الثَّانِي سم.
(قَوْلُهُ: وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا) كَأُصُولِ فِقْهٍ وَنَحْوٍ وَصَرْفٍ وَلُغَةٍ ز ي (قَوْلُهُ: بِحَيْثُ يَصْلُحُ لِلْقَضَاءِ) وَيَجِبُ أَنْ يَكُونَ بَيْنَ كُلِّ قَاضِيَيْنِ دُونَ مَسَافَةِ الْعَدْوَى، وَبَيْنَ كُلِّ مُفْتِيَيْنِ دُونَ مَسَافَةِ الْقَصْرِ، كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَع ش؛ لِأَنَّ الْحَاجَةَ لِلْقَاضِي أَكْثَرُ (قَوْلُهُ: وَالْإِفْتَاءُ) فَإِنْ قَدَرَ عَلَى التَّرْجِيحِ دُونَ الِاسْتِنْبَاطِ فَهُوَ مُجْتَهِدُ الْفَتْوَى، وَإِنْ قَدَرَ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ قَوَاعِدِ إمَامِهِ، فَهُوَ مُجْتَهِدُ الْمَذْهَبِ أَوْ عَلَى الِاسْتِنْبَاطِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فَهُوَ الْمُطْلَقُ. اهـ. ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ (قَوْلُهُ: عَلَى نَفْسِهِ) أَيْ: وَعِرْضِهِ م ر.
(قَوْلُهُ: أَوْ مَالِهِ) وَإِنْ قَلَّ م ر أَوْ عَلَى غَيْرِهِ وَيَحْرُمُ مَعَ الْخَوْفِ عَلَى الْغَيْرِ م ر (قَوْلُهُ: وَلَا يُنْكِرُ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر، وَلَا يُنْكِرُ الْعَالِمُ مُخْتَلَفًا فِيهِ حَتَّى يُعْلَمَ مِنْ فَاعِلِهِ اعْتِقَادُ تَحْرِيمِهِ لَهُ حَالَ ارْتِكَابِهِ؛ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ حِينَئِذٍ قَلَّدَ الْقَائِلَ بِحِلِّهِ، أَوْ أَنَّهُ جَاهِلٌ بِحُرْمَتِهِ، أَمَّا مَنْ ارْتَكَبَ مَا يَرَى إبَاحَتَهُ بِتَقْلِيدٍ صَحِيحٍ، فَلَا يَحِلُّ الْإِنْكَارُ عَلَيْهِ اهـ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ صَرَّحُوا بِأَنَّ الْحَنَفِيَّ يُحَدُّ بِشُرْبِ النَّبِيذِ أَيْ: يَحُدُّهُ الْقَاضِي الشَّافِعِيُّ إذَا رُفِعَ إلَيْهِ، مَعَ أَنَّ الْإِنْكَارَ بِالْفِعْلِ أَبْلَغُ مِنْهُ بِالْقَوْلِ. أُجِيبُ بِأَنَّ أَدِلَّةَ حِلِّ النَّبِيذِ وَاهِيَةٌ س ل؛ وَلِأَنَّ الْعِبْرَةَ بَعْدَ الرَّفْعِ بِعَقِيدَةِ الْمَرْفُوعِ إلَيْهِ فَقَطْ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَإِحْيَاءِ الْكَعْبَةِ) أَيْ: مِنْ جَمْعٍ يَحْصُلُ بِهِمْ الشِّعَارُ ح ل. (قَوْلُهُ: كُلَّ عَامٍ) .
(فَائِدَةٌ)
الْحُجَّاجُ فِي كُلِّ عَامٍ سَبْعُونَ أَلْفًا فَإِنْ نَقَصُوا كَمُلُوا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ فَرَاجِعْهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَدَفْعِ ضَرَرِ مَعْصُومٍ) هَلْ الْمُرَادُ بِدَفْعِ ضَرَرِ مَنْ ذُكِرَ مَا يَسُدُّ الرَّمَقَ أَمْ الْكِفَايَةُ؟ قَوْلَانِ: أَصَحُّهُمَا ثَانِيهِمَا، فَيَجِبُ فِي الْكِسْوَةِ وَمَا يَسْتُرُ كُلَّ الْبَدَنِ عَلَى حَسَبِ مَا يَلِيقُ بِالْحَالِ مِنْ شِتَاءٍ وَصَيْفٍ وَيُلْحَقُ بِالطَّعَامِ وَالْكِسْوَةِ مَا فِي مَعْنَاهُمَا كَأُجْرَةِ طَبِيبٍ وَثَمَنِ دَوَاءٍ وَخَادِمٍ مُنْقَطِعٍ، كَمَا هُوَ وَاضِحٌ، وَلَا يُنَافِي مَا تَقَرَّرَ قَوْلَهُمْ: لَا يَلْزَمُ الْمَالِكَ بَذْلُ طَعَامِهِ لِمُضْطَرٍّ إلَّا بِبَدَلِهِ؛ لِحَمْلِ ذَلِكَ عَلَى غَيْرِ غَنِيٍّ تَلْزَمُهُ الْمُوَاسَاةُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: إذَا لَمْ يَنْدَفِعْ إلَخْ) يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ سُئِلَ قَادِرٌ فِي دَفْعِ الضَّرَرِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الِامْتِنَاعُ وَإِنْ كَانَ هُنَاكَ قَادِرٌ آخَرُ لِئَلَّا يُؤَدِّيَ إلَى التَّوَاكُلِ بِخِلَافِ الْمُفْتِي، لَهُ الِامْتِنَاعُ إذَا كَانَ ثَمَّ غَيْرُهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ النَّفْسَ جُبِلَتْ عَلَى مَحَبَّةِ الْعِلْمِ وَإِفَادَتُهُ، فَالتَّوَاكُلُ فِيهِ بَعِيدٌ جِدًّا بِخِلَافِ الْمَالِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فِي حَقِّ الْأَغْنِيَاءِ) أَيْ: مَنْ يَمْلِكُ زِيَادَةً عَلَى كِفَايَةِ سَنَةٍ لَهُ وَلِمُمَوَّنِهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ س ل وَشَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: وَرَدِّ سَلَامٍ) أَيْ: مَطْلُوبٍ وَصِيغَتُهُ ابْتِدَاءً: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ أَوْ سَلَامِي عَلَيْكُمْ، وَيُجْزِئُ مَعَ الْكَرَاهَةِ عَلَيْكُمْ السَّلَامُ، وَيَجِبُ فِيهِ الرَّدُّ وَكَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ سَلَامٌ، وَسَلَامٌ عَلَيْكُمْ، أَمَّا لَوْ قَالَ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ فَلَا يَكُونُ سَلَامًا، وَلَا يَجِبُ رَدُّهُ وَنُدِبَتْ صِيغَةُ الْجَمْعِ؛ لِأَجْلِ الْمَلَائِكَةِ فِي الْوَاحِدِ وَيَكْفِي الْإِفْرَادُ فِيهِ بِخِلَافِهِ فِي الْجَمْعِ وَالْإِشَارَةِ بِيَدٍ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ غَيْرِ لَفْظٍ خِلَافُ الْأُولَى وَالْجَمْعُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ اللَّفْظِ أَفْضَلُ، وَصِيغَتُهُ رَدًّا: عَلَيْكُمْ السَّلَامُ أَوْ عَلَيْكَ السَّلَامُ لِلْوَاحِدِ، وَيَجُوزُ مَعَ تَرْكِ الْوَاوِ فَإِنْ عَكَسَ بِأَنْ قَالَ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ جَازَ. اهـ. م ر، وَيَحْرُمُ أَنْ يَبْدَأَ بِهِ ذِمِّيًّا فَإِنْ بَانَ بَعْدَ السَّلَامِ عَلَيْهِ أَنَّهُ ذِمِّيٌّ قَالَ: اسْتَرْجَعْت سَلَامِي أَوْ رَدَدْت: عَلَيَّ سَلَامِي تَحْقِيرًا لَهُ وَإِيحَاشًا أَيْ: لِأَجْلِ أَنْ يُوحِشَهُ وَيُظْهِرَ لَهُ أَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا أُلْفَةٌ وَظَاهِرُ عِبَارَةِ ابْنِ الْمُقْرِي وُجُوبُ ذَلِكَ خِلَافًا لِمَا قَالَهُ الرَّافِعِيُّ مِنْ الِاسْتِحْبَابِ وَإِنْ تَبِعَهُ النَّوَوِيُّ فِي الْأَذْكَارِ، وَيَسْتَثْنِيهِ وُجُوبًا وَلَوْ بِقَلْبِهِ إنْ كَانَ مَعَ مُسْلِمٍ، وَلَا يَبْدَؤُهُ بِتَحِيَّةٍ أُخْرَى كَهَنَّاكَ اللَّهُ أَوْ صَبَّحَكَ اللَّهُ بِالْخَيْرِ، إلَّا لِعُذْرٍ، وَيُسَنُّ لِمَنْ دَخَلَ مَحَلًّا خَالِيًا أَنْ يَقُولَ: السَّلَامُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ. اهـ. حَجّ مَعَ تَوْضِيحٍ لِكَلَامِهِ. اهـ. ز ي.
وَأَمَّا لَوْ سَلَّمَ الذِّمِّيُّ عَلَى مُسْلِمٍ وَجَبَ عَلَيْهِ الرَّدُّ بِأَنْ يَقُولَ: لَهُ وَعَلَيْكَ أَوْ عَلَيْكَ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَقُولُوا: وَعَلَيْكُمْ» وَرَوَى الْبُخَارِيُّ خَبَرَ «إذَا سَلَّمَ عَلَيْكُمْ الْيَهُودُ فَإِنَّمَا يَقُولُ: أَحَدُهُمْ السَّامُ عَلَيْكُمْ فَقُولُوا: وَعَلَيْكَ» وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ
مِنْ مُسْلِمٍ عَاقِلٍ (عَلَى جَمَاعَةٍ) مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْمُكَلَّفِينَ فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهَا بِخِلَافِهِ عَلَى وَاحِدٍ فَإِنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ إلَّا إنْ كَانَ الْمُسَلِّمُ أَوْ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ أُنْثَى مُشْتَهَاةً وَالْآخَرُ رَجُلًا وَلَا مَحْرَمِيَّةَ بَيْنَهُمَا أَوْ نَحْوَهَا فَلَا يَجِبُ الرَّدُّ، ثُمَّ إنْ سَلَّمَ هُوَ حَرُمَ عَلَيْهَا الرَّدُّ، أَوْ سَلَّمَتْ هِيَ كُرِهَ لَهُ الرَّدُّ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْخُنْثَى مَعَ الْمَرْأَةِ كَالرَّجُلِ مَعَهَا وَمَعَ الرَّجُلِ كَالْمَرْأَةِ مَعَهُ وَلَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى فَاسِقٍ وَنَحْوِهِ إذَا كَانَ فِي تَرْكِهِ زَجْرٌ لَهُمَا أَوْ لِغَيْرِهِمَا، وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَّصِلَ الرَّدُّ بِالسَّلَامِ اتِّصَالَ الْقَبُولِ بِالْإِيجَابِ.
(وَابْتِدَاؤُهُ) أَيْ: السَّلَامِ عَلَى مُسْلِمٍ لَيْسَ بِفَاسِقٍ وَلَا مُبْتَدِعٍ (سُنَّةٌ) عَلَى الْكِفَايَةِ إنْ كَانَ مِنْ جَمَاعَةٍ، وَإِلَّا فَسُنَّةُ عَيْنٍ لِخَبَرِ أَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ «إنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِاَللَّهِ مَنْ بَدَأَهُمْ بِالسَّلَامِ» (لَا عَلَى نَحْوِ قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ) كَنَائِمٍ وَمُجَامِعٍ وَمَنْ بِحَمَّامٍ يَتَنَظَّفُ فَلَا يُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ لَا يُنَاسِبُهُ. وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: لَا عَلَى قَاضِي حَاجَةٍ وَآكِلٍ وَفِي حَمَّامٍ. وَاسْتُثْنِيَ مِنْ الْآكِلِ مَا بَعْدَ الِابْتِلَاعِ وَقَبْلَ الْوَضْعِ فَيُسَنُّ السَّلَامُ عَلَيْهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْتُهُ: " الرَّدُّ مَعَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ " حُكْمُ الِابْتِدَاءِ مَعَهُ (وَلَا رَدَّ عَلَيْهِ) لَوْ أَتَى بِهِ لِعَدَمِ سَنِّهِ بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ وَالْمُجَامِعِ.
(وَإِنَّمَا يَجِبُ الْجِهَادُ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَانَ سُفْيَانُ يَرْوِي " عَلَيْكُمْ " بِحَذْفِ الْوَاوِ وَهُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ إذَا حَذَفَهَا صَارَ قَوْلُهُ: مَرْدُودًا عَلَيْهِ وَإِذَا ذَكَرَهَا وَقَعَ الِاشْتِرَاكُ فِيهِ وَالدُّخُولُ فِيمَا قَالُوهُ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ: وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ الْمَعْنَى، وَنَحْنُ نَدْعُو عَلَيْكُمْ بِمَا دَعَوْتُمْ بِهِ عَلَيْنَا عَلَى أَنَّا إذَا فَسَّرْنَا السَّامَ بِالْمَوْتِ، فَلَا إشْكَالَ لِاشْتِرَاكِ الْخَلْقِ فِيهِ. اهـ. شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: مِنْ مُسْلِمٍ) وَلَوْ صَبِيًّا مُمَيِّزًا م ر وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِسَلَامٍ، وَكَذَا قَوْلُهُ: عَلَى جَمَاعَةٍ وَشَمَلَتْ الْجَمَاعَةُ جَمَاعَةَ النِّسْوَةِ، وَإِنْ كَانَ الْمُسْلِمُ رَجُلًا؛ لِجَوَازِ اخْتِلَائِهِ بِهِنَّ فَيَجِبُ الرَّدُّ عَلَى إحْدَاهُنَّ بِدَلِيلِ الِاسْتِثْنَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِ إلَّا الْأُنْثَى الْوَاحِدَةَ فَيَكُونُ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ شَامِلًا لِهَذِهِ الصُّورَةِ وَصَرَّحَ بِهَا م ر أَيْضًا. وَالْحَاصِلُ أَنَّ عَدَمَ وُجُوبِ الرَّدِّ عِنْدَ اخْتِلَافِ الْجِنْسِ مَشْرُوطٌ بِأَرْبَعَةِ أُمُورٍ، كَمَا فِي شَرْحِ الرَّوْضِ: كَوْنُ الْأُنْثَى وَحْدَهَا وَكَوْنُهَا مُشْتَهَاةً وَكَوْنُ الرَّجُلِ وَحْدَهُ وَانْتِفَاءُ الْمَحْرَمِيَّةِ وَنَحْوِهَا، كَالزَّوْجِيَّةِ، فَإِذَا سَلَّمَ جَمَاعَةٌ مِنْ الرِّجَالِ عَلَى امْرَأَةٍ وَجَبَ عَلَيْهَا الرَّدُّ إنْ لَمْ تَخَفْ فِتْنَةً، كَمَا فِي شَرْحِ م ر.
(قَوْلُهُ: فَيَكْفِي مِنْ أَحَدِهِمْ) أَيْ: إنْ سَمِعَ فَإِنْ رَدُّوا كُلُّهُمْ، وَلَوْ مُرَتَّبًا أُثِيبُوا ثَوَابَ الْفَرْضِ كَالْمُصَلِّينَ عَلَى الْجِنَازَةِ، وَلَوْ رَدَّتْ امْرَأَةٌ عَنْ رَجُلٍ أَيْ: بَدَلًا عَنْهُ بِأَنْ كَانَ السَّلَامُ عَلَيْهِمَا أَجْزَأَ، إنْ شُرِعَ السَّلَامُ عَلَيْهَا، وَإِلَّا فَلَا، وَلَا يَكْفِي الرَّدُّ مِنْ الْمُمَيِّزِ بِخِلَافِ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ ثَمَّ الدُّعَاءُ، وَهُوَ مِنْهُ أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ وَهُنَا الْأَمْنُ وَهُوَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِهِ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: حَرُمَ عَلَيْهَا الرَّدُّ) أَيْ: وَالِابْتِدَاءُ مِثْلُهُ وَقَوْلُهُ: كُرِهَ لَهُ الرَّدُّ أَيْ: وَالِابْتِدَاءُ مِثْلُهُ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ: الْآتِي وَيُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْتُهُ إلَخْ فَكَانَ الْأَوْلَى تَقْدِيمَهُ هُنَا. فَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إنْ سَلَّمَ كُرِهَ لَهُ الِابْتِدَاءُ، وَحَرُمَ عَلَيْهَا الرَّدُّ وَإِنْ سَلَّمَتْ حَرُمَ عَلَيْهَا الِابْتِدَاءُ وَكُرِهَ لَهُ الرَّدُّ فَيُكْرَهُ لَهُ الِابْتِدَاءُ وَالرَّدُّ، وَيَحْرُمَانِ عَلَيْهَا قَالَ حَجّ: وَالْفَرْقُ أَنَّ رَدَّهَا وَابْتِدَاءَهَا يُطَمِّعُهُ فِيهَا أَكْثَرَ بِخِلَافِ ابْتِدَائِهِ وَرَدِّهِ.
(قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ أَنْ يَتَّصِلَ الرَّدُّ بِالسَّلَامِ إلَخْ) إلَّا فِيمَا لَوْ أَرْسَلَ سَلَامًا مَعَ آخَرَ نَعَمْ لَا بُدَّ فِي وُجُوبِ الرَّدِّ فِيهِ مِنْ صِيغَةٍ مِنْ الْمُرْسِلِ أَوْ الرَّسُولِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ: فُلَانٌ يُسَلِّمُ عَلَيْكَ فَلَا يَجِبُ بِهِ رَدٌّ، كَمَا فِي الشَّوْبَرِيِّ بَلْ يُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرَّدِّ أَنْ يَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكَ مِنْ فُلَانٍ أَوْ يَقُولُ الْمُرْسِلُ: السَّلَامُ عَلَى فُلَانٍ فَلَا يَكْفِي " سَلِّمْ لِي عَلَى فُلَانٍ "، وَلَا يَضُرُّ فِي الرَّدِّ طُولُ الْفَصْلِ كَأَنْ نَسِيَ، ثُمَّ تَذَكَّرَ؛ لِأَنَّهُ أَمَانَةٌ. اهـ. ع ش مُلَخَّصًا وَيُنْدَبُ أَنْ يَقُولَ فِي الْجَوَابِ: عَلَيْكَ وَعَلَيْهِ السَّلَامُ، وَيَكُونُ مُسْتَثْنًى مِنْ ضَرَرِ طُولِ الْفَصْلِ شَيْخُنَا.
(قَوْلُهُ: وَابْتِدَاؤُهُ) أَيْ: عِنْدَ إقْبَالِهِ وَانْصِرَافِهِ م ر (قَوْلُهُ: سُنَّةٌ) وَفَارَقَ الرَّدَّ بِأَنَّ الْإِيحَاشَ وَالْإِخَافَةَ فِي تَرْكِ الرَّدِّ أَعْظَمُ مِنْهَا فِي تَرْكِ الِابْتِدَاءِ، لَكِنْ ابْتِدَاؤُهُ أَفْضَلُ مِنْ رَدِّهِ كَإِبْرَاءِ الْمُعْسِرِ فَإِنَّهُ أَفْضَلُ مِنْ إنْظَارِهِ، وَيُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: ابْتِدَاؤُهُ أَنَّهُ لَوْ أَتَى بِهِ بَعْدَ تَكَلُّمٍ لَمْ يُعْتَدَّ بِهِ، نَعَمْ يُحْتَمَلُ فِي تَكَلُّمٍ سَهْوًا أَوْ جَهْلًا وَعُذِرَ بِهِ أَنَّهُ لَا يُفَوِّتُ الِابْتِدَاءَ بِهِ فَيَجِبُ جَوَابُهُ وَلَوْ سَلَّمَ كُلٌّ مِنْ اثْنَيْنِ عَلَى الْآخَرِ مَعًا لَزِمَ كُلًّا رَدٌّ أَوْ مُرَتَّبًا كَفَى الثَّانِي سَلَامُهُ رَدًّا، نَعَمْ إنْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ صَرَفَهُ عَنْ الْجَوَابِ أَوْ قَصَدَ بِهِ الِابْتِدَاءَ وَالرَّدَّ فَكَذَلِكَ فَيَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ السَّلَامِ عَلَى مَنْ سَلَّمَ أَوَّلًا، فَإِنْ سَلَّمَ عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ دُفْعَةً أَوْ مُرَتَّبًا، وَلَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ بَيْنَ سَلَامِ الْأَوَّلِ، وَالْجَوَابِ كَفَاهُ: وَعَلَيْكُمْ السَّلَامُ بِقَصْدِهِمْ وَكَذَا إنْ أَطْلَقَ فِيمَا يَظْهَرُ وَيُسَلِّمُ رَاكِبٌ عَلَى مَاشٍ وَهُوَ عَلَى وَاقِفٍ وَقَاعِدٍ، وَصَغِيرٌ عَلَى كَبِيرٍ، وَقَلِيلٌ عَلَى كَثِيرٍ حَالَةَ التَّلَاقِي فَإِنْ عُكِسَ لَمْ يُكْرَهْ، فَلَوْ تَلَاقَى قَلِيلٌ مَاشٍ وَكَثِيرٌ رَاكِبٌ تَعَارَضَا شَرْحُ م ر وَقَوْلُهُ: سُنَّةٌ أَيْ: وَإِنْ ظَنَّ عَدَمَ الرَّدِّ بِأَنْ كَانَ مِنْ عَادَتِهِ أَنْ لَا يَرُدَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَتْرُكُ تِلْكَ الْعَادَةَ، وَلَا نَظَرَ لِكَوْنِهِ يُوقِعُهُ فِي مَحْظُورٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَيَقَّنٍ ح ل.
(قَوْلُهُ: بِاَللَّهِ) أَيْ: بِرَحْمَتِهِ أَوْ بِدُخُولِ جَنَّتِهِ اهـ مُنَاوِيٌّ (قَوْلُهُ: وَمَنْ بِحَمَّامٍ يَتَنَظَّفُ) تَعْلِيلُهُمْ يُشْعِرُ بِتَصْوِيرِ الْمَسْأَلَةِ بِشَخْصٍ فِي دَاخِلِهِ لَا فِي مَسْلَخِهِ فَلَا يُكْرَهُ لَهُ الرَّدُّ بَلْ يَجِبُ ز ي (قَوْلُهُ: وَاسْتَثْنَى) يُغْنِي عَنْ الِاسْتِثْنَاءِ حَمْلُ الْآكِلِ عَلَى حَقِيقَتِهِ أَيْ: الْمُتَلَبِّسِ بِالْأَكْلِ أَيْ: فَلَا يُنْدَبُ السَّلَامُ حَالَ التَّلَبُّسِ بِالْأَكْلِ فَتَخْرُجُ هَذِهِ الصُّورَةُ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بَلْ يُكْرَهُ لِقَاضِي الْحَاجَةِ) وَيُنْدَبُ لِلْآكِلِ وَمَنْ
فِيمَا ذُكِرَ (عَلَى مُسْلِمٍ ذَكَرٍ حُرٍّ مُسْتَطِيعٍ) لَهُ (غَيْرِ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَلَوْ) سَكْرَانَ أَوْ (خَافَ طَرِيقًا) فَلَا جِهَادَ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِمَا لَهُ وَلَا عَلَى كَافِرٍ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ وَلَا عَلَى أُنْثَى وَخُنْثَى؛ لِضَعْفِهِمَا عَنْ الْقِتَالِ غَالِبًا وَلَا عَلَى مَنْ بِهِ رِقٌّ وَإِنْ أَمَرَهُ بِهِ سَيِّدُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ؛ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لَهُ وَلَا عَلَى غَيْرِ مُسْتَطِيعٍ كَأَقْطَعَ وَأَعْمَى وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ وَمَنْ بِهِ عَرَجٌ بَيِّنٌ وَإِنْ رَكِبَ، أَوْ مَرَضٌ تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ وَكَعَادِمِ أُهْبَةِ قِتَالٍ مِنْ سِلَاحٍ وَمُؤْنَةٍ وَمَرْكُوبٍ فِي سَفَرِ قَصْرٍ فَاضِلٍ ذَلِكَ عَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ كَمَا فِي الْحَجِّ وَكَمَعْذُورٍ بِمَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْحَجِّ إلَّا خَوْفَ طَرِيقٍ مِنْ كُفَّارٍ أَوْ لُصُوصٍ مُسْلِمِينَ فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ؛ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى رُكُوبِ الْمَخَاوِفِ، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُسْلِمِ مَعَ ذِكْرِ حُكْمِ الْخُنْثَى وَالْمُبَعَّضِ وَالْأَعْمَى وَفَاقِدِ مُعْظَمِ أَصَابِعِ يَدِهِ مِنْ زِيَادَتِي.
(وَحَرُمَ سَفَرُ مُوسِرٍ) لِجِهَادٍ أَوْ غَيْرِهِ (بِلَا إذْنِ رَبِّ دَيْنٍ حَالٍّ) مُسْلِمًا كَانَ أَوْ كَافِرًا تَقْدِيمًا لِفَرْضِ الْعَيْنِ عَلَى غَيْرِهِ فَإِنْ أَنَابَ مَنْ يُؤَدِّيهِ عَنْهُ مِنْ مَالِهِ الْحَاضِرِ فَلَا تَحْرِيمَ وَخَرَجَ بِزِيَادَتِي مُوسِرُ الْمُعْسِرِ، وَبِالْحَالِّ الْمُؤَجَّلُ، وَإِنْ قَصُرَ الْأَجَلُ؛ لِعَدَمِ تَوَجُّهِ الْمُطَالَبَةِ بِهِ قَبْلَ حُلُولِهِ.
(وَ) حَرُمَ (جِهَادُ وَلَدٍ بِلَا إذْنِ أَصْلِهِ الْمُسْلِمِ) وَإِنْ عَلَا أَوْ كَانَ رَقِيقًا؛ لِأَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَبِرُّ أَصْلِهِ فَرْضُ عَيْنٍ بِخِلَافِ أَصْلِهِ الْكَافِرِ فَلَا يَجِبُ اسْتِئْذَانُهُ وَتَعْبِيرِي بِأَصْلِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِأَبَوَيْهِ (لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ) وَلَوْ كِفَايَةً كَطَلَبِ دَرَجَةِ الْفَتْوَى فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ أَصْلُهُ وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ (فَإِنْ أَذِنَ) أَيْ: أَصْلُهُ أَوْ رَبُّ الدَّيْنِ فِي الْجِهَادِ (ثُمَّ رَجَعَ) بَعْدَ خُرُوجِهِ وَعَلِمَ بِالرُّجُوعِ (وَجَبَ رُجُوعُهُ إنْ لَمْ يَحْضُرْ الصَّفَّ وَإِلَّا) بِأَنْ حَضَرَهُ (حَرُمَ انْصِرَافُهُ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا} [الأنفال: 45] وَلِقَوْلِهِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
بِالْحَمَّامِ، كَمَا فِي م ر
(قَوْلُهُ: فِيمَا ذَكَرَ) أَيْ: بَعْدَ الْهِجْرَةِ وَالْكُفَّارُ بِبِلَادِهِمْ.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ مُطَالَبٍ بِهِ) أَيْ: مِنَّا. (قَوْلُهُ: بَيِّنٌ) خَرَجَ الْيَسِيرُ الَّذِي لَا يَمْنَعُ الْعَدُوَّ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تَعْظُمُ مَشَقَّتُهُ) بِأَنْ يَحْصُلَ لَهُ مَشَقَّةٌ لَا تُحْتَمَلُ عَادَةً وَإِنْ لَمْ تُبِحْ التَّيَمُّمَ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمُؤْنَةٍ) أَيْ: لِنَفْسِهِ وَمُمَوَّنِهِ ذَهَابًا وَإِيَابًا وَإِقَامَةً شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَمَرْكُوبٍ فِي سَفَرِ قَصْرٍ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَكَذَا مَرْكُوبٌ إنْ كَانَ الْمَقْصِدُ طَوِيلًا أَوْ قَصِيرًا. وَلَا يُطِيقُ الْمَشْيَ، كَمَا مَرَّ فِي الْحَجِّ.
(قَوْلُهُ: فَاضِلٍ ذَلِكَ) أَيْ: مَا ذَكَرَ مِنْ السِّلَاحِ وَالْمُؤْنَةِ وَالْمَرْكُوبِ فَهُوَ نَعْتٌ لِكُلٍّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَنْفِيَّةِ فَالنَّفْيُ فِي قَوْلِهِ: وَكَعَادِمِ أُهْبَةِ إلَخْ صَادِقٌ بِأَنْ لَمْ يَجِدْ شَيْئًا مِنْ الثَّلَاثَةِ أَوْ بِأَنْ يَجِدَهُ غَيْرَ فَاضِلٍ عَنْ مُؤْنَةِ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ. (قَوْلُهُ: فَلَا يَمْنَعُ وُجُوبَ الْجِهَادِ) أَيْ: إنْ أَمْكَنَتْ مُقَاوَمَتُهُمْ كَمَا بَحَثَهُ الْأَذْرَعِيُّ حَجّ
. (قَوْلُهُ: وَحَرُمَ سَفَرُ إلَخْ) قَالَ حَجّ وَم ر: وَيَكْفِي وُجُودُ مُسَمَّى السَّفَرِ وَهُوَ مَيْلٌ أَوْ نَحْوُهُ، فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ، فَإِنَّ التَّسَاهُلَ يَقَعُ فِيهِ كَثِيرًا وَفَرَّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ مَا تَقَدَّمَ فِي النَّفْلِ فِي السَّفَرِ عَلَى الدَّابَّةِ حَيْثُ اُعْتُبِرَ فِيهِ عَلَى الرَّاجِحِ أَنْ يَكُونَ مَقْصِدُهُ إلَى مَحَلٍّ لَا يُسْمَعُ فِيهِ نِدَاءُ الْجُمُعَةِ بِأَنَّ الْمُجَوِّزَ لِذَلِكَ الْحَاجَةُ، وَهِيَ تَسْتَدْعِي اشْتِرَاطَ الْمَسَافَةِ الْمَذْكُورَةِ وَهُنَا الْغَرَضُ حَقُّ الْغَيْرِ، وَهُوَ لَا يَتَقَيَّدُ بِتِلْكَ الْمَسَافَةِ ح ل وَأَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِذَلِكَ إلَى أَنَّ مِنْ أَسْبَابِ عَدَمِ الِاسْتِطَاعَةِ عَدَمُ إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ وَعَدَمُ إذْنِ الْأَصْلِ لِفَرْعِهِ فَكُلٌّ مِنْ الْمَدِينِ وَالْفَرْعِ غَيْرُ مُسْتَطِيعٍ عِنْدَ عَدَمِ الْإِذْنِ مِنْ الدَّائِنِ وَالْأَصْلِ. (قَوْلُهُ: بِلَا إذْنِ رَبِّ الدَّيْنِ) أَيْ:، وَلَا ظَنِّ رِضَاهُ حَجّ ز ي أَيْ: وَالْمُرَادُ إذْنُ مَنْ يَجُوزُ إذْنُهُ أَمَّا غَيْرُهُ كَوَلِيِّ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ فَلَا يَأْذَنُ لِمَدِينِ الْمَحْجُورِ فِي السَّفَرِ س ل وَشَمَلَ الدَّيْنُ كَثِيرَهُ وَقَلِيلَهُ كَفَلَسٍ، وَشَمَلَ كَلَامُهُ أَيْضًا مَا لَوْ سَافَرَ مَعَهُ أَوْ كَانَ فِي مَقْصِدِهِ؛ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِهِ، كَمَا فِي ع ش قَالَ س ل: وَحَيْثُ جَاهَدَ بِالْإِذْنِ لَا يَتَعَرَّضُ لِلشَّهَادَةِ فَلَا يَتَقَدَّمُ أَمَامَ الصُّفُوفِ بَلْ يَقِفُ فِي وَسَطِهَا وَحَوَاشِيهَا لِيَحْفَظَ الدَّيْنَ بِحِفْظِ نَفْسِهِ. (قَوْلُهُ: فَلَا تَحْرِيمَ) أَيْ: إذَا ثَبَتَتْ الْوَكَالَةُ وَعَلِمَ الدَّائِنُ بِالْوَكِيلِ حَجّ سم
. (قَوْلُهُ: لَا سَفَرُ تَعَلُّمِ فَرْضٍ) أَيْ: إنْ كَانَ السَّفَرُ أَمْنًا أَوْ قَلَّ خَطَرُهُ وَإِلَّا كَخَوْفٍ أَسْقَطَ وُجُوبَ الْحَجِّ اُحْتِيجَ لِإِذْنِهِ فِيمَا يَظْهَرُ؛ لِسُقُوطِ الْفَرْضِ عَنْهُ بِالْخَوْفِ وَلَمْ يَجِدْ بِبَلَدِهِ مَنْ يَصْلُحُ لِكَمَالِ مَا يُرِيدُهُ أَوْ رَجَا بِغُرْبَتِهِ زِيَادَةَ فَرَاغٍ أَوْ إرْشَادَ أُسْتَاذٍ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: تَعَلُّمِ فَرْضٍ) وَمِثْلُهُ كُلُّ وَاجِبٍ عَيْنِيٍّ وَلَوْ كَانَ وَقْتُهُ مُتَّسَعًا، لَكِنْ يُتَّجَهُ مَنْعُهُمَا لَهُ مِنْ خُرُوجِهِ لِحَجَّةِ الْإِسْلَامِ قَبْلَ خُرُوجِ قَافِلَةِ أَهْلِ بَلَدِهِ أَيْ: وَقْتَهُ عَادَةً لَوْ أَرَادُوهُ؛ لِعَدَمِ مُخَاطَبَتِهِ بِالْوُجُوبِ إلَى الْآنَ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَحْرُمُ) وَسَكَتَ عَنْ حُكْمِ السَّفَرِ الْمُبَاحِ كَالتِّجَارَةِ وَحُكْمُهُ أَنَّهُ إنْ كَانَ قَصِيرًا فَلَا مَنْعَ مِنْهُ بِحَالٍ فَإِنْ كَانَ طَوِيلًا، فَإِنْ غَلَبَ الْخَوْفُ فَكَالْجِهَادِ وَإِلَّا جَازَ عَلَى الصَّحِيحِ بِلَا اسْتِئْذَانٍ هَذَا مَا فِي الرَّوْضَةِ وَإِطْلَاقُ غَيْرِهَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ الطَّوِيلِ وَالْقَصِيرِ فِي التَّفْصِيلِ س ل (قَوْلُهُ: وَيُعْتَبَرُ رُشْدُهُ فِي فَرْضِ الْكِفَايَةِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَيُشْتَرَطُ لِخُرُوجِهِ لِفَرْضِ الْكِفَايَةِ أَنْ يَكُونَ رَشِيدًا. اهـ. أَمَّا غَيْرُهُ فَلَا يَجُوزُ لَهُ السَّفَرُ، وَيَنْبَغِي أَنَّ مَحَلَّهُ مَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ مَنْ يَتَعَهَّدُهُ فِي السَّفَرِ، وَإِلَّا جَازَ الْخُرُوجُ وَعَلَى وَلِيِّهِ أَنْ يَأْذَنَ لِمَنْ يَتَعَهَّدُهُ حَيْثُ لَمْ تَكُنْ لَهُ وَلَايَةٌ عَلَيْهِ ع ش عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ رَجَعَ) وَكَالرُّجُوعِ عَنْ الْإِذْنِ مَا لَوْ أَسْلَمَ الْأَصْلُ الْكَافِرُ بَعْدَ خُرُوجِهِ وَلَمْ يَأْذَنْ، وَعَلِمَ الْفَرْعُ الْحَالَ س ل. (قَوْلُهُ: حَرُمَ انْصِرَافُهُ) لَكِنْ لَا يَقِفُ مَوْقِفَ الشَّهَادَةِ، بَلْ فِي آخِرِ
{إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [الأنفال: 15] ؛ وَلِأَنَّ الِانْصِرَافَ يُشَوِّشُ أَمْرَ الْقِتَالِ وَيُشْتَرَطُ لِوُجُوبِ الرُّجُوعِ أَيْضًا أَنْ لَا يَخْرُجَ بِجُعْلٍ مِنْ السُّلْطَانِ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنْ الْمَاوَرْدِيِّ وَعُزِيَ لِنَصِّ الْأُمِّ وَأَنْ يَأْمَنَ عَلَى نَفْسِهِ وَمَالِهِ، وَلَمْ تَنْكَسِرْ قُلُوبُ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ الرُّجُوعُ فَإِنْ أَمْكَنَهُ عِنْدَ الْخَوْفِ أَنْ يُقِيمَ فِي قَرْيَةٍ بِالطَّرِيقِ إلَى أَنْ يَرْجِعَ الْجَيْشُ فَيَرْجِعَ مَعَهُمْ لَزِمَهُ.
(وَإِنْ دَخَلُوا) أَيْ: الْكُفَّارُ (بَلْدَةً لَنَا) مَثَلًا (تَعَيَّنَ) الْجِهَادُ (عَلَى أَهْلِهَا) سَوَاءٌ أَمْكَنَ تَأَهُّبُهُمْ لِقِتَالٍ أَمْ لَمْ يُمْكِنْ، لَكِنْ عَلِمَ كُلُّ مَنْ قُصِدَ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ قُتِلَ أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً إنْ أُخِذَتْ (وَ) عَلَى (مَنْ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ مِنْهَا) وَإِنْ كَانَ فِي أَهْلِهَا كِفَايَةٌ؛ لِأَنَّهُ كَالْحَاضِرِ مَعَهُمْ فَيَجِبُ ذَلِكَ عَلَى كُلٍّ مِمَّنْ ذُكِرَ (حَتَّى عَلَى فَقِيرٍ وَوَلَدٍ وَمَدِينٍ وَرَقِيقٍ بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْأَصْلِ وَرَبِّ الدَّيْنِ، وَالسَّيِّدِ وَلَوْ كَفَى الْأَحْرَارُ (وَعَلَى مَنْ بِهَا) أَيْ: بِمَسَافَةِ الْقَصْرِ فَيَلْزَمُهُ الْمُضِيُّ إلَيْهِمْ عِنْدَ الْحَاجَةِ (بِقَدْرِ كِفَايَةٍ) دَفْعًا لَهُمْ وَإِنْقَاذًا مِنْ الْهَلَكَةِ فَيَصِيرُ فَرْضَ عَيْنٍ فِي حَقِّ مَنْ قَرُبَ وَفَرَضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ.
(وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ) مَنْ قُصِدَ (تَأَهُّبٌ لِقِتَالٍ وَجَوَّزَ أَسْرًا) وَقَتْلًا (فَلَهُ اسْتِسْلَامٌ) وَقِتَالٌ بِقَيْدٍ زِدْتُهُ بِقَوْلِي (إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ) مِنْهُ (قُتِلَ)(وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً) إنْ أُخِذَتْ وَإِلَّا تَعَيَّنَ الْجِهَادُ، كَمَا مَرَّ فَإِنْ أَمِنَتْ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ حَالًا لَا بَعْدَ الْأَسْرِ اُحْتُمِلَ جَوَازُ اسْتِسْلَامِهَا، ثُمَّ تَدْفَعُ إذَا أُرِيدَ مِنْهَا ذَلِكَ، ذَكَرَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا.
(وَلَوْ أَسَرُوا مُسْلِمًا) وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا دَارَنَا (لَزِمَنَا نُهُوضٌ لِخَلَاصِهِ إنْ رُجِيَ) بِأَنْ يَكُونُوا قَرِيبِينَ مِنَّا كَمَا يَلْزَمُنَا فِي دُخُولِهِمْ دَارَنَا دَفْعُهُمْ؛ لِأَنَّ حُرْمَةَ الْمُسْلِمِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الدَّارِ، فَإِنْ تَوَغَّلُوا فِي بِلَادِهِمْ وَلَمْ يُمْكِنْ التَّسَارُعُ إلَيْهِمْ تَرَكْنَاهُ لِلضَّرُورَةِ. .
ــ
[حاشية البجيرمي]
الصُّفُوفِ يَحْرُسُ س ل. قَوْلُهُ: {زَحْفًا} [الأنفال: 15] حَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ أَيْ: مُجْتَمِعِينَ كَأَنَّهُمْ لِكَثْرَتِهِمْ يَزْحَفُونَ. اهـ. جَلَالٌ.
قَوْلُهُ: {فَلا تُوَلُّوهُمُ الأَدْبَارَ} [الأنفال: 15] أَيْ: لَا تَجْعَلُوا أَدْبَارَكُمْ أَيْ: ظُهُورَكُمْ وَالِيَةً إلَيْهِمْ.
(قَوْلُهُ: فَلَا يَجِبُ) بَلْ لَا يَجُوزُ
. (قَوْلُهُ: وَإِنْ دَخَلُوا إلَخْ) هَذَا مَفْهُومُ قَوْلِهِ: سَابِقًا، وَالْكُفَّارُ بِبِلَادِهِمْ شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: مَثَلًا) مُتَعَلِّقٌ بِدَخَلُوا لِإِدْخَالِ مَا لَوْ صَارَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْبَلْدَةِ دُونَ مَسَافَةِ قَصْرٍ فَإِنَّهُ فِي حُكْمِ دُخُولِ الْبَلَدِ، كَمَا فِي م ر، وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ أَيْضًا بِبَلْدَةٍ لِإِدْخَالِ الْقَرْيَةِ، وَيَصِحُّ تَعَلُّقُهُ بِقَوْلِهِ: لَنَا لِإِدْخَالِ بِلَادِ الذِّمِّيِّينَ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: تَأَهُّبُهُمْ) أَيْ: اسْتِعْدَادُهُمْ لِقِتَالٍ ز ي بِأَنْ لَمْ يَهْجُمُوا بَغْتَةً شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: لَكِنْ إلَخْ) هُوَ قَيْدٌ فِي قَوْلِهِ: أَمْ لَمْ يُمْكِنْ، كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ شَرْحِ م ر وَمِنْ كَلَامِهِ الْآتِي.
(قَوْلُهُ: عَلِمَ) أَيْ: ظَنَّ كُلُّ مَنْ قَصَدَ إلَخْ لِامْتِنَاعِ الِاسْتِسْلَامِ لِلْكَافِرِ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ ذُلٌّ دِينِيٌّ مِنْ غَيْرٍ خَوْفٍ عَلَى النَّفْسِ ز ي وَأَخَذَ الشَّارِحُ هَذَا التَّقْيِيدَ مِنْ قَوْلِهِ: بَعْدُ وَجَوَّزَ أَسْرًا وَقَتْلًا؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ إلَخْ أَيْ: أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ أُخِذَ قُتِلَ، لَكِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ إلَخْ وَأَخَذَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدُ إنْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قُتِلَ؛ لِأَنَّهُ مَفْهُومُهُ وَقَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَأْمَنْ إلَخْ أَيْ: أَوْ عَلِمَ أَنَّهُ إنْ امْتَنَعَ قُتِلَ، لَكِنْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً وَأُخِذَ هَذَا مِنْ قَوْلِهِ بَعْدَ: وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً إذْ هُوَ مَفْهُومُهُ فَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَ جَمِيعِ ذَلِكَ عَمَّا يَأْتِي، وَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ هِيَ الْمُرَادَةُ بِقَوْلِهِ بَعْدُ، وَإِلَّا تَعَيَّنَ بِجَعْلِ إلَّا رَاجِعَةً أَيْضًا لِقَوْلِهِ: وَجَوَّزَ أَسْرًا وَقَتْلًا؛ لِأَنَّهُ قَيْدٌ فِي الْحُكْمِ أَيْضًا. فَحَاصِلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ: أَمْ لَمْ يُمْكِنْ مُقَيَّدٌ بِأَحَدِ أُمُورٍ ثَلَاثَةٍ أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي فَتَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: أَوْ لَمْ تَأْمَنْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً) أَيْ: لِأَنَّ الْفَاحِشَةَ لَا تُبَاحُ لِخَوْفِ الْقَتْلِ ز ي (قَوْلُهُ: وَفَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ) يَنْبَغِي أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ فَرْضَ كِفَايَةٍ فِي حَقِّ مَنْ بَعُدَ أَنَّهُ يَجِبُ قِيَامُ طَائِفَةٍ مِنْهُمْ مُطْلَقًا، بَلْ الْمُرَادُ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكْفِ غَيْرُهُمْ مِنْ أَهْلِ الْمَوْضِعِ، وَمَنْ قَرُبَ مِنْهُمْ وَجَبَ عَلَيْهِمْ مُسَاعَدَتُهُمْ بِقَدْرِ الْكِفَايَةِ، وَإِلَّا فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ شَيْءٌ سم.
. (قَوْلُهُ: وَإِذَا لَمْ يُمْكِنْ تَأَهُّبٌ إلَخْ) هَذَا كَالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ قَوْلِهِ: تَعَيَّنَ عَلَى أَهْلِهَا إلَخْ وَكَأَنَّهُ قَالَ: تَعَيَّنَ عَلَى أَهْلِهَا بِكُلِّ حَالٍ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ بِقُيُودِهَا الثَّلَاثَةِ فَإِنَّهُ لَا يَتَعَيَّنُ، بَلْ يَجُوزُ الِاسْتِسْلَامُ وَالتَّعْمِيمُ الْمَذْكُورُ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ: سَوَاءٌ أَمْكَنَ إلَخْ تَوْطِئَةً لِهَذَا الِاسْتِثْنَاءِ. (قَوْلُهُ: فَلَهُ اسْتِسْلَامٌ) يَنْبَغِي أَنْ يُخَصَّ هَذَا بِمَا سَبَقَ فِي الصِّيَالِ مِنْ وُجُوبِ دَفْعِ الصَّائِلِ إذَا كَانَ كَافِرًا، لَكِنْ قَالَ م ر: الْجَمْعُ بَيْنَ هَذَا وَمَا سَبَقَ فِي الصِّيَالِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ دَفْعُ الصَّائِلِ الْكَافِرِ، وَيَمْتَنِعُ الِاسْتِسْلَامُ لَهُ بِأَنَّ هَذَا مَحْمُولٌ عَلَى الِاسْتِسْلَامِ فِي الصَّفِّ، وَذَاكَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ وَالْفَرْقُ أَنَّهُ فِي الصَّفِّ يَنَالُ الشَّهَادَةَ الْعُظْمَى، فَجَازَ اسْتِسْلَامُهُ، وَلَا كَذَلِكَ فِي غَيْرِ الصَّفِّ. اهـ. عَمِيرَةُ وَالْمُرَادُ الصَّفُّ وَلَوْ حُكْمًا فَإِنَّهُمْ إذَا دَخَلُوا دَارَ الِاسْتِسْلَامِ وَجَبَ الدَّفْعُ بِالْمُمْكِنِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَفٌّ سم.
(قَوْلُهُ: إنْ عَلِمَ) أَيْ: ظَنَّ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْهُ قُتِلَ؛ لِأَنَّ تَرْكَ الِاسْتِسْلَامِ حِينَئِذٍ تَعْجِيلٌ لِلْقَتْلِ ز ي وَهَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُ: وَجَوَّزَ أَسْرًا وَقَتْلًا؛ لِأَنَّ التَّجْوِيزَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ الِامْتِنَاعِ وَالْقِتَالِ وَهُوَ لَا يُنَافِي أَنَّهُ قَدْ يَعْلَمُ أَنَّهُ قَدْ يُقْتَلُ عَلَى فَرْضٍ أَنْ يُقَاتِلَ، وَيَمْتَنِعَ مِنْ الِاسْتِسْلَامِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَأَمِنَتْ الْمَرْأَةُ فَاحِشَةً) أَيْ: حَالًا أَوْ مَآلًا.
(قَوْلُهُ: لَا بَعْدَ الْأَسْرِ) أَيْ: فَلَمْ تَأْمَنْهَا بِأَنْ كَانَتْ لَا تَقْصِدُ بِهَا فِي الْحَالِ، وَإِنَّمَا تَظُنُّ ذَلِكَ بَعْدَ السَّبْيِ.
(قَوْلُهُ: اُحْتُمِلَ جَوَازُ اسْتِسْلَامِهَا إلَخْ) نَقَلَ الزَّرْكَشِيُّ تَرْجِيحَهُ وَعَنْ الْبَسِيطِ أَنَّ الظَّاهِرَ الْمَنْعُ ز ي (قَوْلُهُ: ثُمَّ تَدْفَعُ إلَخْ) أَيْ: وَلَوْ قُتِلَتْ؛ لِأَنَّ مَنْ أُكْرِهَ عَلَى الزِّنَا لَا يَحِلُّ لَهُ الْمُطَاوَعَةُ لِدَفْعِ الْقَتْلِ شَرْحُ الرَّوْضِ
. (قَوْلُهُ: لَزِمَنَا) أَيْ: عَلَى سَبِيلِ فَرْضِ الْعَيْنِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: تَرَكْنَاهُ) وَيُنْدَبُ عِنْدَ الْعَجْزِ عَنْ خَلَاصِهِ افْتِدَاؤُهُ بِمَالٍ، فَمَنْ