الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ وَقَوْلِي وَقَبُولُهُ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) كَانَ (مَفْضُولًا، وَلَمْ يَمْتَنِعْ الْأَفْضَلُ) مِنْ الْقَبُولِ (كُرِهَا لَهُ) أَيْ: لِلْمَفْضُولِ لِمَا فِي خَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ مِنْ «قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ لَا تَسْأَلْ الْإِمَارَةَ» فَإِنْ كَانَ الْأَفْضَلُ يَمْتَنِعُ مِنْ الْقَبُولِ فَكَالْمَعْدُومِ وَاسْتَثْنَى الْمَاوَرْدِيُّ مِنْ الْكَرَاهَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَفْضُولُ أَطْوَعَ وَأَقْرَبَ إلَى الْقَبُولِ وَالْبُلْقِينِيُّ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ، وَذِكْرُ كَرَاهَةِ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي (أَوْ) كَانَ (مُسَاوِيًا) لِغَيْرِهِ (فَكَذَا) أَيْ: فَيُكْرَهَانِ لَهُ (إنْ اُشْتُهِرَ) بِالِانْتِفَاعِ بِعِلْمِهِ (وَكُفِيَ) بِغَيْرِ بَيْتِ الْمَالِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخَطَرِ بِلَا حَاجَةٍ وَعَلَى هَذَا حُمِلَ امْتِنَاعُ السَّلَفِ (وَإِلَّا) بِأَنْ لَمْ يَشْتَهِرْ أَوْ لَمْ يَكْفِ بِمَا ذُكِرَ (سُنَّا لَهُ) لِيُنْتَفَعَ بِعِلْمِهِ أَوْ لِيُكْفَى مِنْ بَيْتِ الْمَالِ. .
وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ بِعَزْلِ صَالِحٍ لَهُ، وَلَوْ مَفْضُولًا وَتَبْطُلُ عَدَالَةُ الطَّالِبِ وَالتَّصْرِيحُ بِسَنِّ الْقَبُولِ مِنْ زِيَادَتِي
(وَشَرْطُ الْقَاضِي كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ) بِأَنْ يَكُونَ مُسْلِمًا مُكَلَّفًا حُرًّا ذَكَرًا عَدْلًا سَمِيعًا بَصِيرًا نَاطِقًا (كَافِيًا) لِأَمْرِ الْقَضَاءِ فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ وَصَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ، وَمَنْ بِهِ رِقٌّ وَأُنْثَى وَخُنْثَى وَفَاسِقٌ، وَمَنْ لَمْ يَسْمَعْ وَأَعْمَى وَأَخْرَسُ وَإِنْ فُهِمَتْ إشَارَتُهُ وَمُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ النَّظَرِ بِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لِنَقْصِهِمْ (مُجْتَهِدًا وَهُوَ الْعَارِفُ بِأَحْكَامِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ وَبِالْقِيَاسِ وَأَنْوَاعِهَا) فَمِنْ أَنْوَاعِ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الْعَامُّ وَالْخَاصُّ وَالْمُجْمَلُ وَالْمُبَيَّنُ وَالْمُطْلَقُ وَالْمُقَيَّدُ وَالنَّصُّ وَالظَّاهِرُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، وَمِنْ أَنْوَاعِ السُّنَّةِ الْمُتَوَاتِرُ وَالْآحَادُ وَالْمُتَّصِلُ وَغَيْرُهُ، وَمِنْ أَنْوَاعِ الْقِيَاسِ الْأَوْلَى وَالْمُسَاوِي وَالْأَدْوَنُ كَقِيَاسِ الضَّرْبِ لِلْوَالِدَيْنِ عَلَى التَّأْفِيفِ لَهُمَا وَقِيَاسِ إحْرَاقِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى أَكْلِهِ فِي التَّحْرِيمِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: إذَا وَثِقَ بِنَفْسِهِ) فَإِنْ خَافَ عَلَى نَفْسِهِ لَزِمَهُ الِامْتِنَاعُ كَمَا فِي الذَّخَائِرِ وَرَجَّحَهُ الزَّرْكَشِيُّ شَرْحُ م ر وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ خِلَافًا لِمَا يَقْتَضِيهِ صَنِيعُ شَارِحِ الرَّوْضِ مِنْ أَنَّهُ يُحْتَرَزُ إذَا خَافَ عَلَيْهَا إذْ ظَاهِرُهُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ جَوَازُ الْإِقْدَامِ ع ن. (قَوْلُهُ: أَطْوَعَ) أَيْ يُطَاوِعُهُ النَّاسُ وَيَمْتَثِلُونَ لِحُكْمِهِ أَكْثَرَ مِنْ الْفَاضِلِ اهـ. (قَوْلُهُ وَأَقْرَبَ) تَفْسِيرٌ وَقَوْلُهُ: إلَى الْقَبُولِ أَيْ قَبُولِ النَّاسِ لِحُكْمِهِ أَيْ فَلَا يُكْرَهَانِ حِينَئِذٍ بَلْ يُجَوَّزَانِ كَمَا قَالَهُ م ر فَعُلِمَ أَنَّهُمَا تَعْتَرِيهِمَا الْأَحْكَامُ الْخَمْسَةُ. (قَوْلُهُ مَا إذَا كَانَ أَقْوَى فِي الْقِيَامِ فِي الْحَقِّ) أَيْ قَبُولِ حُكْمِهِ بِأَنْ يُطَاعَ وَأُلْزِمَ فِيهِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ ع ن. (قَوْلُهُ: لِيُنْتَفَعَ بِعِلْمِهِ إلَخْ) التَّعْلِيلُ عَلَى اللَّفِّ وَالنَّشْرِ الْمُرَتَّبِ. (قَوْلُهُ: أَوْ لِيُكْفَى إلَخْ) هَذَا يُشْعِرُ بِجَوَازِ أَخْذِ الرِّزْقِ عَلَى الْقَضَاءِ وَهُوَ كَذَلِكَ فَفِي التَّهْذِيبِ يَجُوزُ لِلْإِمَامِ وَالْقَاضِي الْمُعْسِرِ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ مَا يَكْفِيهِ، وَمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ نَفَقَةٍ وَكُسْوَةٍ لَائِقَةٍ بِهِ، أَمَّا أَخْذُهُ الْأُجْرَةَ عَلَى الْقَضَاءِ فَفِي الرَّوْضَةِ عَنْ الْهَرَوِيِّ أَنَّ لَهُ أَخْذَهَا إنْ كَانَتْ أُجْرَةَ مِثْلِ عَمَلِهِ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ رِزْقٌ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ ز ي. .
. (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ طَلَبُهُ إلَخْ) فَإِنْ فَعَلَ ذَلِكَ وَوُلِّيَ نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ، وَغَيْرُ الصَّالِحِ يَجِبُ عَزْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ بَذْلُ الْمَالِ لِعَزْلِهِ س ل وَعِبَارَةُ الرَّوْضِ وَشَرْحِهِ وَحَرُمَ عَلَى الصَّالِحِ لِلْقَضَاءِ طَلَبُهُ لَهُ وَبَذْلُ مَالِ لِعَزْلِ قَاضٍ صَالِحٍ لَهُ وَلَوْ كَانَ دُونَهُ وَبَطَلَتْ بِذَلِكَ عَدَالَتُهُ فَلَا تَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ وَالْمَعْزُولُ بِهِ عَلَى قَضَائِهِ حَيْثُ لَا ضَرُورَةَ، لِأَنَّ الْعَزْلَ بِالرِّشْوَةِ حَرَامٌ وَتَوْلِيَةُ الْمُرْتَشِي لِلرَّاشِي حَرَامٌ اهـ بِحُرُوفِهِ.
[شُرُوطُ الْقَاضِي]
. (قَوْلُهُ كَوْنُهُ أَهْلًا لِلشَّهَادَاتِ) فِيهِ إحَالَةٌ عَلَى مَجْهُولٍ إلَّا أَنْ يُقَالَ: اتَّكَلَ فِي ذَلِكَ عَلَى شُهْرَتِهِ. (قَوْلُهُ: سَمِيعًا) وَلَوْ بِالصِّيَاحِ ز ي. (قَوْلُهُ: بَصِيرًا) وَلَوْ بِالنَّهَارِ فَقَطْ أَوْ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ عَلَى الْأَوْجَهِ أَوْ بِبَصَرِهِ ضَعْفٌ لَا يَمْنَعُ مِنْ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الصُّوَرِ الْقَرِيبَةِ مِنْهُ ز ي وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي اللَّيْلِ فَقَطْ مُخَالِفٌ لِمَا فِي شَرْحِ م ر وَعِبَارَتُهُ فَلَوْ كَانَ يُبْصِرُ لَيْلًا فَقَطْ قَالَ الْأَذْرَعِيُّ يَنْبَغِي مَنْعُهُ. (قَوْلُهُ: كَافِيًا لِأَمْرِ الْقَضَاءِ) أَيْ نَاهِضًا لِلْقِيَامِ بِأَمْرِهِ بِأَنْ يَكُونَ ذَا يَقَظَةٍ تَامَّةٍ وَقُوَّةٍ عَلَى تَنْفِيذِ الْحَقِّ فَلَا يُوَلَّى مُغَفَّلٌ وَمُخْتَلُّ نَظَرٍ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: فَلَا يُوَلَّاهُ كَافِرٌ)، وَمَا اُعْتِيدَ مِنْ نَصْبِ حَاكِمٍ لِلذِّمِّيِّينَ مِنْهُمْ فَهُوَ تَقْلِيدُ رِيَاسَةٍ لَا حُكْمٌ فَهُوَ كَالْمُحَكَّمِ لَا الْحَاكِمِ ز ي وَمِنْ ثَمَّ لَا يَلْزَمُهُمْ حُكْمُهُ إلَّا إنْ رَضُوا بِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَهُوَ لِلْعَارِفِ) وَلَا يُشْتَرَطُ نِهَايَتُهُ فِي كُلِّ مَا ذُكِرَ بَلْ يَكْفِي الدَّرَجَةُ الْوُسْطَى فِي ذَلِكَ مَعَ الِاعْتِقَادِ الْجَازِمِ وَإِنْ لَمْ يُتْقِنْ قَوَانِينَ عِلْمِ الْكَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَاجْتِمَاعُ ذَلِكَ كُلِّهِ إنَّمَا هُوَ شَرْطٌ لِلْمُجْتَهِدِ الْمُطْلَقِ الَّذِي يُفْتِي فِي جَمِيعِ أَبْوَابِ الْفِقْهِ، أَمَّا مُقَلِّدٌ لَا يَعْدُو أَيْ لَا يُجَاوِزُ مَذْهَبَ إمَامٍ خَاصٍّ فَلَيْسَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَعْرِفَةِ قَوَاعِدِ إمَامِهِ وَلْيُرَاعِ فِيهَا مَا يُرَاعِيهِ الْمُطْلَقُ فِي قَوَانِينِ الشَّرْعِ فَإِنَّهُ مَعَ الْمُجْتَهِدِ كَالْمُجْتَهِدِ مَعَ نُصُوصِ الشَّرْعِ، وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْعُدُولُ عَنْ نَصِّ إمَامِهِ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: الْعَامُّ وَالْخَاصُّ) الْعَامُّ لَفْظٌ يَسْتَغْرِقُ الصَّالِحَ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: 33]، وَالْخَاصُّ بِخِلَافِهِ كَقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:«الصَّائِمُ الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» .
(قَوْلُهُ: وَالْمُجْمَلُ) وَهُوَ مَا لَمْ تَتَّضِحْ دَلَالَتُهُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43]، وَ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُعْلَمْ مِنْهُمَا قَدْرُ الْوَاجِبِ، وَالْمُبَيِّنُ مِثْلُ قَوْلِهِ «وَفِي عِشْرِينَ نِصْفُ دِينَارٍ» . (قَوْلُهُ وَالنَّصُّ) وَهُوَ مَا دَلَّ دَلَالَةً قَطْعِيَّةً، وَالظَّاهِرُ مَا دَلَّ دَلَالَةً ظَنِّيَّةً، وَقَوْلُهُ وَالنَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ كَآيَتَيْ عِدَّةِ الْوَفَاةِ (قَوْلُهُ وَالْمُتَّصِلُ) أَيْ بِاتِّصَالِ رُوَاتِهِ إلَى الصَّحَابِيِّ فَقَطْ وَيُسَمَّى الْمَوْقُوفُ، أَوْ إلَى النَّبِيِّ وَيُسَمَّى الْمَرْفُوعُ شَرْحُ م ر.
(قَوْلُهُ الْأَوْلَى) وَهُوَ مَا قُطِعَ فِيهِ بِنَفْيِ الْفَارِقِ، وَالْمُسَاوِي وَهُوَ مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ، وَالْأَدْوَنُ مَا لَا يَبْعُدُ فِيهِ ذَلِكَ م ر قَالَ ع ش
فِيهِمَا وَقِيَاسِ التُّفَّاحِ عَلَى الْبُرِّ فِي بَابِ الرِّبَا بِجَامِعِ الطُّعْمِ (وَحَالِ الرُّوَاةِ) قُوَّةً وَضَعْفًا فَيُقَدِّمُ عِنْدَ التَّعَارُضِ الْخَاصَّ عَلَى الْعَامِّ وَالْمُقَيَّدَ عَلَى الْمُطْلَقِ وَالنَّصَّ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْمُحْكَمَ عَلَى الْمُتَشَابِهِ وَالنَّاسِخَ وَالْمُتَّصِلَ وَالْقَوِيَّ عَلَى مُقَابِلِهَا (وَلِسَانِ الْعَرَبِ) لُغَةً وَنَحْوًا وَصَرْفًا وَبَلَاغَةً (وَأَقْوَالِ الْعُلَمَاءِ) إجْمَاعًا وَاخْتِلَافًا فَلَا يُخَالِفُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ (فَإِنْ فُقِدَ الشَّرْطُ) الْمَذْكُورُ بِأَنْ لَمْ يُوجَدْ رَجُلٌ مُتَّصِفٌ بِهِ (فَوَلَّى سُلْطَانٌ ذُو شَوْكَةٍ مُسْلِمًا غَيْرَ أَهْلٍ) كَفَاسِقٍ وَمُقَلِّدٍ وَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ (نَفَذَ) بِمُعْجَمَةٍ (قَضَاؤُهُ لِلضَّرُورَةِ) ؛
لِئَلَّا
تَتَعَطَّلَ مَصَالِحُ النَّاسِ، وَتَعْبِيرِي بِمُسْلِمًا غَيْرَ أَهْلٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فَاسِقًا أَوْ مُقَلِّدًا وَهُوَ الْأَوْفَقُ لِتَعْلِيلِهِمْ، وَمُقْتَضَى كَلَامِ الرَّوْضَةِ وَأَصْلِهَا، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فِي الصَّبِيِّ وَالْمَرْأَةِ وَإِنْ خَالَفَهُ بَعْضُهُمْ تَفَقُّهًا وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي غَيْرِ الْأَهْلِ مَعْرِفَةُ طَرَفٍ مِنْ الْأَحْكَامِ. .
(وَسُنَّ لِلْإِمَامِ أَنْ يَأْذَنَ لِلْقَاضِي فِي الِاسْتِخْلَافِ) إعَانَةً لَهُ (فَإِنْ أَطْلَقَ التَّوْلِيَةَ) بِأَنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَلَمْ يَنْهَهُ عَنْهُ (اسْتَخْلَفَ) ، وَلَوْ بَعْضَهُ (فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ) لِحَاجَتِهِ إلَيْهِ دُونَ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ (أَوْ) أَطْلَقَ (الْإِذْنَ) بِأَنْ لَمْ يُعَمِّمْ لَهُ فِي الْإِذْنِ فِي الِاسْتِخْلَافِ، وَلَمْ يُخَصِّصْ (فَ) يَسْتَخْلِفُ (مُطْلَقًا)، وَهَذِهِ مِنْ زِيَادَتِي وَكَإِطْلَاقِ الْإِذْنِ تَعْمِيمُهُ كَمَا فُهِمَ مِنْهُ بِالْأَوْلَى وَإِنْ خَصَّصَهُ بِشَيْءٍ لَمْ يَتَعَدَّهُ أَوْ نَهَاهُ عَنْ الِاسْتِخْلَافِ لَمْ يَسْتَخْلِفْ وَيَقْتَصِرْ عَلَى مَا يُمْكِنُهُ إنْ كَانَتْ تَوْلِيَتُهُ أَكْثَرَ مِنْهُ. (وَشَرْطُهُ) أَيْ: الْمُسْتَخْلَفِ بِفَتْحِ اللَّامِ (كَالْقَاضِي) أَيْ: كَشَرْطِهِ السَّابِقِ (إلَّا أَنْ يَسْتَخْلِفَهُ فِي) أَمْرٍ (خَاصٍّ كَسَمَاعِ بَيِّنَةٍ فَيَكْفِي عِلْمُهُ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِهِ وَيُحْكَمُ بِاجْتِهَادِهِ) إنْ كَانَ مُجْتَهِدًا (أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ) بِفَتْحِ اللَّامِ إنْ كَانَ مُقَلِّدًا بِكَسْرِهَا لِأَنَّهُ إنَّمَا يَحْكُمُ بِمُعْتَقَدِهِ (وَلَا يُشْتَرَطُ عَلَيْهِ خِلَافُهُ) أَيْ: خِلَافُ الْحُكْمِ بِاجْتِهَادِهِ أَوْ اجْتِهَادِ مُقَلَّدِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُهُ. .
(وَجَازَ نَصْبُ أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ بِمَحَلٍّ) كَبَلَدٍ وَإِنْ لَمْ يُخَصَّ كُلًّا مِنْهُمْ بِمَكَانٍ أَوْ زَمَانٍ أَوْ نَوْعٍ كَالْأَمْوَالِ أَوْ الدِّمَاءِ أَوْ الْفُرُوجِ هَذَا (إنْ لَمْ يُشْرَطْ اجْتِمَاعُهُمْ عَلَى الْحُكْمِ) وَإِلَّا فَلَا يَجُوزُ لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ مِنْ الْخِلَافِ فِي مَحَلِّ الِاجْتِهَادِ وَيُؤْخَذُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ عَدَمَ الْجَوَازِ مَحَلُّهُ فِي غَيْرِ الْمَسَائِلِ الْمُتَّفَقِ عَلَيْهَا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَوْلِي أَكْثَرَ مِنْ قَاضٍ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ: قَاضِيَيْنِ وَقَيَّدَهُ الْمَاوَرْدِيُّ بِقَوْلِهِ: مَا لَمْ يَكْثُرُوا وَفِي الْمَطْلَبِ يَجُوزُ أَنْ يُنَاطَ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ. .
(وَ) جَازَ (تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ) فَأَكْثَرَ (أَهْلًا لِلْقَضَاءِ) وَاحِدًا أَوْ أَكْثَرَ (فِي غَيْرِ عُقُوبَةٍ لِلَّهِ تَعَالَى) ، وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: مَا يَبْعُدُ فِيهِ انْتِفَاءُ الْفَارِقِ الصَّوَابُ حَذْفُ انْتِفَاءٍ وَإِبْدَالُهُ بِوُجُودٍ اهـ. (قَوْلُهُ وَالْمُقَيَّدُ عَلَى الْمُطْلَقِ) الْمُطْلَقُ مَا دَلَّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ، وَالْمُقَيَّدُ مَا دَلَّ عَلَيْهَا بِقَيْدٍ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُؤْمِنَةٍ} [النساء: 92] فِي آيَةِ الْقَتْلِ وَالْمُطْلَقُ {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [المجادلة: 3] فِي آيَةِ الظِّهَارِ. (قَوْلُهُ وَالْمُحْكَمُ) كَقَوْلِهِ تَعَالَى {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى: 11] فَهَذِهِ نَصٌّ فِي أَنَّهُ لَا يُمَاثِلُهُ شَيْءٌ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ وَالْمُتَشَابِهُ مِثْلُ قَوْله تَعَالَى {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه: 5]، {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ} [الفتح: 10] ، {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ} [الرحمن: 27] . (قَوْلُهُ: وَالْقَوِيُّ) أَيْ مِنْ الرُّوَاةِ. (قَوْلُهُ: وَلِسَانِ الْعَرَبِ) ؛ لِأَنَّ الشَّرِيعَةَ وَرَدَتْ بِلِسَانِ الْعَرَبِ فَتَتَوَقَّفُ مَعْرِفَةُ أَحْكَامِهَا عَلَيْهِ ز ي. (قَوْلُهُ: فَلَا يُخَالِفُهُمْ فِي اجْتِهَادِهِ) أَيْ وَعُرْفِ أُصُولِ الِاجْتِهَادِ أَيْ وَلَوْ بِمَلَكَةٍ حَصَلَتْ لَهُ مِنْ الْأَدِلَّةِ الشَّرْعِيَّةِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْهَا بِطَرِيقِ الْمُتَكَلِّمِينَ وَصِنَاعَتِهِمْ لِأَنَّ الصَّحَابَةَ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - لَمْ يَكُونُوا يَنْظُرُونَ فِيهَا وَهْم أَكْمَلُ الْأُمَّةِ نَظَرًا وَاجْتِهَادًا وَلَا يُشْتَرَطُ حِفْظُهُ لِلْقُرْآنِ وَلَا مَعْرِفَتُهُ لِلْخَطِّ ز ي. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فُقِدَ الشَّرْطُ) الْمُرَادُ بِهِ الْجِنْسُ قَالَ ز ي وَالْفَقْدُ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَحَيْثُ وَلَّاهُ ذُو شَوْكَةٍ نَفَذَ حُكْمُهُ اهـ أَيْ سَوَاءٌ وُجِدَ الْأَهْلُ أَمْ لَا. (قَوْلُهُ: سُلْطَانٌ) خَرَجَ بِالسُّلْطَانِ غَيْرُهُ كَقَاضِي الْعَسْكَرِ فَإِنَّهُ لَا يَصِحُّ تَوْلِيَتُهُ غَيْرَ الْأَهْلِ وَلَا يَنْفُذُ قَضَاءُ مَا وَلَّاهُ س ل. (قَوْلُهُ ذُو شَوْكَةٍ) عِبَارَةُ م ر أَوْ ذُو شَوْكَةٍ اهـ فَتَوْلِيَةُ السُّلْطَانِ مُطْلَقًا صَحِيحَةٌ سَوَاءٌ كَانَ ذَا شَوْكَةٍ أَمْ لَا وَعِبَارَةُ أَصْلِهِ مَعَ شَرْحَيْ م ر وحج فَوَلَّى سُلْطَانٌ أَوْ مَنْ لَهُ شَوْكَةٌ غَيْرَهُ بِأَنْ يَكُونَ بِنَاحِيَةٍ انْقَطَعَ غَوْثُ السُّلْطَانِ عَنْهَا وَلَمْ يَرْجِعُوا إلَّا إلَيْهِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ عَدَمُ اسْتِلْزَامِ السَّلْطَنَةِ لِلشَّوْكَةِ.
(قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) أَيْ لِضَرُورَةِ النَّاسِ أَيْ اضْطِرَارِهِمْ إلَى الْقَاضِي وَشِدَّةِ احْتِيَاجِهِمْ إلَيْهِ
لِتَعَطُّلِ
مَصَالِحِهِمْ بِدُونِهِ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ؛ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ إلَخْ عِلَّةٌ لِلْعِلَّةِ أَوْ لِلْمُعَلَّلِ مَعَ عِلَّتِهِ قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: يُسْتَفَادُ مِنْ ذَلِكَ أَنَّهُ لَوْ زَالَتْ شَوْكَةُ مَنْ وَلَّاهُ بِمَوْتٍ أَوْ نَحْوِهِ انْعَزَلَ لِزَوَالِ الضَّرُورَةِ وَأَنَّهُ لَوْ أَخَذَ شَيْئًا مِنْ بَيْتِ الْمَالِ عَلَى وِلَايَةِ الْقَضَاءِ أَوْ جَوَامِكَ فِي نَظَرِ الْأَوْقَافِ اُسْتُرِدَّ مِنْهُ؛ لِأَنَّ قَضَاءَهُ إنَّمَا نَفَذَ لِلضَّرُورَةِ وَلَا كَذَلِكَ الْمَالُ. (قَوْلُهُ: وَهُوَ) أَيْ تَعْبِيرِي بِمُسْلِمًا وَقَوْلُهُ الْأَوْفَقُ لِتَعْلِيلِهِمْ وَهُوَ قَوْلُهُ:؛ لِئَلَّا تَتَعَطَّلَ إلَخْ. (قَوْلُهُ: وَصَرَّحَ بِهِ) أَيْ بِغَيْرِ الْأَهْلِ بِأَنْ قَالَ: غَيْرَ أَهْلٍ كَصَبِيٍّ وَامْرَأَةٍ. .
(قَوْلُهُ وَلَوْ بَعْضَهُ) أَيْ أَبَاهُ أَوْ ابْنَهُ حَيْثُ ثَبَتَتْ عَدَالَتُهُمَا عِنْدَ غَيْرِهِ ح ل، أَمَّا إذَا فَوَّضَ الْإِمَامُ لِشَخْصٍ اخْتِيَارَ قَاضٍ فَلَا يَخْتَارُ وَالِدَهُ وَلَا وَلَدَهُ كَمَا لَا يَخْتَارُ نَفْسَهُ ز ي. (قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ فِيمَا عَجَزَ عَنْهُ وَغَيْرُهُ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ لَا يَسْتَخْلِفُ إلَّا عِنْدَ الْعَجْزِ م ر ع ش.
. (قَوْلُهُ: لِمَا يَقَعُ بَيْنَهُمْ إلَخْ) عِبَارَةُ م ر: لِأَنَّ اجْتِهَادَهُمَا مُخْتَلِفٌ غَالِبًا فَلَا تَنْفَصِلُ الْخُصُومَاتُ. .
. (قَوْلُهُ تَحْكِيمُ اثْنَيْنِ أَهْلًا) تَحْكِيمُ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِفَاعِلِهِ، وَأَهْلًا مَفْعُولُهُ قَالَ الْقَاضِي فِي شَرْحِ الْحَاوِي يُشْتَرَطُ الْعِلْمُ بِتِلْكَ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ وَيَجُوزُ التَّحْكِيمُ فِي ثُبُوتِ هِلَالِ رَمَضَانَ كَمَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ وَيَنْفُذُ عَلَى مَنْ رَضِيَ بِحُكْمِهِ فَيَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ دُونَ غَيْرِهِ م ر ع ن. (قَوْلُهُ: وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ) أَيْ إذَا كَانَ الْمُحَكَّمُ مُجْتَهِدًا، أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ مَعَ وُجُودِ قَاضٍ ضَرُورَةً ع ش.