الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فَصْلٌ) فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ
لَوْ (مَلَكَ حُرٌّ) وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ وَإِنْ أَفْهَمَ خِلَافَهُ وَأَنَّ الْمُبَعَّضَ كَالْحُرِّ قَوْلُ الْأَصْلِ إذَا مَلَكَ أَهْلُ تَبَرُّعٍ (بَعْضُهُ) مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ ذَكَرًا كَانَ أَوْ غَيْرَهُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ «قَالَ صلى الله عليه وسلم لَنْ يَجْزِيَ وَلَدٌ وَالِدَهُ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ مَمْلُوكًا فَيَشْتَرِيَهُ فَيُعْتِقَهُ أَيْ بِالشِّرَاءِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَقَالَ تَعَالَى {وَقَالُوا اتَّخَذَ الرَّحْمَنُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الأنبياء: 26] دَلَّ عَلَى نَفْيِ اجْتِمَاعِ الْوَلَدِيَّةِ وَالْعَبْدِيَّةِ وَسَوَاءٌ أَكَانَ الْمِلْكُ اخْتِيَارِيًّا كَالْحَاصِلِ بِالشِّرَاءِ أَمْ قَهْرِيًّا كَالْحَاصِلِ بِالْإِرْثِ وَخَرَجَ بِالْبَعْضِ غَيْرُهُ كَالْأَخِ فَلَا يُعْتَقُ بِمِلْكِهِ وَبِالْحُرِّ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ فَلَا يُعْتَقُ ذَلِكَ عَلَيْهِمَا لِتَضَمُّنِهِ الْوَلَاءَ وَلَيْسَا مِنْ أَهْلِهِ وَإِنَّمَا عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ بِمَوْتِهِ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَهْلٌ لِلْوَلَاءِ لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ
(وَلَا يَشْتَرِي) الْوَلِيُّ (لِمُوَلِّيهِ) مِنْ صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ وَسَفِيهٍ (بَعْضَهُ) ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَصَرَّفُ لَهُ بِالْغِبْطَةِ، وَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لِطِفْلٍ قَرِيبِهِ
(وَلَوْ وَهَبَ) لَهُ (أَوْ وَصَّى لَهُ) بِهِ (وَلَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ) كَأَنْ كَانَ هُوَ مُعْسِرًا أَوْ فَرْعُهُ كَسُوبًا (فَعَلَى الْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَيُعْتَقُ) عَلَى مُوَلِّيهِ لِانْتِفَاءِ الضَّرَرِ وَحُصُولِ الْكَمَالِ لِلْبَعْضِ وَلَا نَظَرَ إلَى احْتِمَالِ تَوَقُّعِ وُجُوبِ النَّفَقَةِ لِزَمَانَةٍ تَطْرَأُ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ مُحَقَّقَةٌ وَالضَّرَرَ مَشْكُوكٌ فِيهِ.
وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ،
ــ
[حاشية البجيرمي]
وَإِنْ مَاتَ نُظِرَ إلَى ثُلُثِهِ عِنْدَ الْمَوْتِ فَإِنْ خَرَجَ بَدَلَ السِّرَايَةِ مِنْ الثُّلُثِ نَفَذَ وَإِلَّا رُدَّ الزَّائِدُ س ل.
[فَصْلٌ فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ]
(فَصْلٌ: فِي الْعِتْقِ بِالْبَعْضِيَّةِ) الْبَاءُ سَبَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ: لَوْ مُلِكَ حُرٌّ) أَيْ كُلُّهُ كَمَا يَأْتِي وَيُرَدُّ عَلَى عِبَارَتِهِ دُونَ الْأَصْلِ مَا لَوْ مَلَكَ ابْنَ أَخِيهِ فَمَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ وَوَرِثَهُ أَخُوهُ فَقَطْ وَقُلْنَا إنَّ الْأَصَحَّ أَنَّ الدَّيْنَ لَا يَمْنَعُ الْإِرْثَ فَقَدْ مَلَكَ ابْنَهُ وَلَمْ يُعْتَقْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ أَهْلًا لِلتَّبَرُّعِ فِيهِ لِتَعَلُّقِ حَقِّ الْغَيْرِ بِهِ وَهَذِهِ الصُّورَةُ أَخْرَجَهَا م ر بِقَوْلِ الْأَصْلِ أَهْلِ تَبَرُّعٍ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ) أَيْ لِصِغَرٍ أَوْ جُنُونٍ كَأَنْ وَرِثَ بَعْضَهُ أَوْ وُهِبَ لَهُ وَلَمْ تَلْزَمْهُ نَفَقَتُهُ لِكَوْنِهِ مُعْسِرًا أَوْ لِكَوْنِ فَرْعِهِ كَسُوبًا اهـ. (قَوْلُهُ: وَإِنْ أَفْهَمَ خِلَافَهُ إلَخْ) فَقَوْلُ الْأَصْلِ الْمُبَعَّضُ وَأُخْرِجَ الصَّبِيُّ وَالْمَجْنُونُ وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِالْعَكْسِ قَالَ م ر: وَخَرَجَ بِأَهْلِ تَبَرُّعٍ وَالْمُرَادُ بِهِ الْحُرُّ كُلُّهُ الْمُكَاتَبُ وَالْمُبَعَّضُ. اهـ. (قَوْلُهُ: مِنْ أَصْلٍ أَوْ فَرْعٍ) ذَهَبَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ إلَى تَعَدِّي ذَلِكَ لِكُلِّ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ سم (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ) يُسْتَثْنَى مِنْ إطْلَاقِهِ مَا سَيَأْتِي فِي الْمَتْنِ مَنْ مَلَكَ الْمَرِيضَ لِبَعْضِهِ بِعِوَضٍ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ فَإِنَّهُ لَا يُعْتَقُ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَيُلْغَزُ بِهَا فَيُقَالُ لَنَا مُوسِرٌ اشْتَرَى مَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَا يُعْتَقُ ز ي وَلَوْ مَلَكَ زَوْجَتَهُ الْحَامِلَ مِنْهُ عَتَقَ الْحَمْلُ فَلَوْ اطَّلَعَ عَلَى عَيْبٍ امْتَنَعَ الرَّدُّ. اهـ. عَمِيرَةُ (قَوْلُهُ: قَالَ صلى الله عليه وسلم) دَلِيلٌ لِعِتْقِ الْأَصْلِ عَلَى الْفَرْعِ وَالْآيَةُ دَلِيلٌ عَلَى الْعَكْسِ وَقَدَّمَ الْحَدِيثَ لِأَنَّهُ أَسْرَعَ فِي الْمَقْصُودِ (قَوْلُهُ: لَنْ يُجْزِئَ) أَيْ يُكَافِئَ ح ل أَيْ لَنْ يُكَافِئَهُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ إلَّا أَنْ يَجِدَهُ إلَخْ فَالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ مَحْذُوفٌ (قَوْلُهُ: أَيْ بِالشِّرَاءِ) هَذَا رُبَّمَا يُفِيدُ أَنَّهُ مَنْصُوبٌ وَالضَّمِيرُ رَاجِعٌ لِلْمُشْتَرِي لَكِنْ بِمَعْنَى أَنَّهُ يَكُونُ مُعْتَقًا بِنَفْسِ الشِّرَاءِ وَذَكَرَ ابْنُ حُجْرٌ أَنَّ الرِّوَايَةَ بِالرَّفْعِ وَحِينَئِذٍ يَكُونُ الضَّمِيرُ رَاجِعًا لِلشِّرَاءِ أَيْ الْمَفْهُومُ مِنْ يَشْتَرِيهِ أَيْ فَيُعْتِقَهُ الشِّرَاءُ ح ل فَهُوَ مِنْ الْإِسْنَادِ لِلسَّبَبِ وَعَلَى هَذَا تَكُونُ الْبَاءُ فِي قَوْلِهِ بِالشِّرَاءِ سَبَبِيَّةً أَيْ يُعْتِقُهُ الشِّرَاءُ بِسَبَبِهِ لَا بِسَبَبٍ آخَرَ، وَفِيهِ أَنَّ الْبَاءَ لَا يُحْتَاجُ إلَيْهَا إلَّا عَلَى رِوَايَةِ النَّصْبِ، وَرَجَّحَ كَثِيرُونَ رِوَايَةَ الرَّفْعِ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهَا م ر وَيُؤَيِّدُهَا رِوَايَةُ عَتَقَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ: وَلَدًا) أَيْ مِنْ الْمَلَائِكَةِ.
(قَوْلُهُ: الْمُكَاتَبُ) كَأَنْ مَلَكَهُ بِنَحْوِ هِبَةٍ وَهُوَ يَكْسِبُ مُؤْنَتَهُ س ل (قَوْلُهُ: وَإِنَّمَا عَتَقَتْ أُمُّ وَلَدِ الْمُبَعَّضِ) عِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَا يُنَافِي مَا قَرَّرْنَاهُ فِي الْمُبَعَّضِ مَا يَأْتِي مِنْ نُفُوذِ إيلَادِهِ فِيمَا مَلَكَهُ بِبَعْضِهِ الْحُرِّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ أَهْلٌ لِلْوَلَاءِ إلَخْ (قَوْلُهُ: لِانْقِطَاعِ الرِّقِّ بِالْمَوْتِ) فَقَدْ تَقَدَّمَ عَنْ ع ش أَنَّهُ يَصِحُّ مِنْهُ كُلُّ عِتْقٍ يَقَعُ بَعْدَ الْمَوْتِ كَمَا لَوْ أَوْصَى بِإِعْتَاقِ عَبْدِهِ أَوْ دَبَّرَهُ
(قَوْلُهُ: وَلَا يَشْتَرِي الْوَلِيُّ) أَيْ يَحْرُمُ وَلَا يَصِحُّ ح ل وع ش (قَوْلُهُ: أَوْلَى) أَيْ وَأَعَمُّ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ وُهِبَ لَهُ) أَيْ جَمِيعُهُ فَلَوْ وُهِبَ لَهُ بَعْضُهُ وَالْمَوْهُوبُ لَهُ مُوسِرٌ لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ قَبُولُهُ وَإِنْ كَانَ كَاسِبًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَبِلَهُ لَمَلَكَهُ وَعَتَقَ عَلَيْهِ وَسَرَى فَتَجِبُ قِيمَةُ حِصَّةِ الشَّرِيكِ فِي مَالِ الْمَحْجُورِ عَلَيْهِ، وَيُفَرَّقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ قَبُولِ الْعَبْدِ بَعْضُ قَرِيبِ سَيِّدِهِ وَإِنْ سَرَى عَلَى مَا سَيَأْتِي بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ سَيِّدِهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَصَحَّ قَبُولُهُ إذَا لَمْ يَلْزَمْ السَّيِّدُ الْمُؤْنَةَ وَإِنْ سَرَى لِتَشَوُّفِ الشَّارِعِ لِلْعِتْقِ وَالْوَلِيُّ تَلْزَمُهُ رِعَايَةُ مَصْلَحَةِ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَلَمْ يَجُزْ لَهُ التَّسَبُّبُ فِي سِرَايَةٍ يَلْزَمُهُ قِيمَتُهَا شَرْحُ م ر.
وَفِيهِ أَنَّ الْمُعْتَمَدَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَبْدِ عَدَمُ السِّرَايَةِ كَمَا يَأْتِي لِكَوْنِهِ دَاخِلًا فِي مِلْكِ السَّيِّدِ قَهْرًا وَعَلَيْهِ فَمَا الْمَانِعُ مِنْ أَنْ يُقَالَ بِوُجُوبِ الْقَبُولِ عَلَى الْوَلِيِّ وَعَدَمِ السِّرَايَةِ عَلَى الصَّبِيِّ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَمْلِكْ بِاخْتِيَارِهِ إلَّا اأَنْ يُقَالَ: فِعْلُ الْوَلِيِّ لَمَّا كَانَ بِطَرِيقِ النِّيَابَةِ عَنْ الصَّبِيِّ بِوِلَايَتِهِ عَلَيْهِ نَزَلَ مَنْزِلَةَ فِعْلِ الصَّبِيِّ فَكَأَنَّهُ مَلَكَهُ بِاخْتِيَارِهِ وَلَا كَذَلِكَ الْعَبْدُ ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: كَأَنْ كَانَ هُوَ) أَيْ الْمَوْلَى الْمَوْهُوبُ لَهُ وَفِي هَذِهِ الْحَالَةِ نَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ إنْ كَانَ مُسْلِمًا وَلَيْسَ لَهُ مَنْ يَقُومُ بِهِ أَمَّا الذِّمِّيُّ فَيُنْفَقُ عَلَيْهِ مِنْهُ لَكِنْ قَرْضًا كَمَا قَالَاهُ فِي مَوْضِعٍ وَذَكَرَا فِي آخَرَ أَنَّهُ تَبَرُّعٌ شَرْحُ م ر
(وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَزِمَتْهُ نَفَقَتُهُ (لَمْ يَجُزْ) لِلْوَلِيِّ قَبُولُهُ لِئَلَّا يَتَضَرَّرَ مُوَلِّيهِ بِالْإِنْفَاقِ عَلَيْهِ مِنْ مَالِهِ وَتَعْبِيرِي بِلُزُومِ النَّفَقَةِ وَعَدَمِهِ لَهُ سَالِمٌ مِمَّا أَوْرَدَ عَلَى تَعْبِيرِهِ بِكَوْنِ بَعْضِهِ كَاسِبًا أَوْ لَا مِنْ أَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ قَبُولِ الْأَصْلِ الْقَادِرِ عَلَى الْكَسْبِ وَلَمْ يَكْتَسِبْ، وَعَدَمُ وُجُوبِ قَبُولِهِ إذَا كَانَ غَيْرَ كَاسِبٍ وَابْنُهُ الَّذِي هُوَ عَمُّ الْمُوَلَّى عَلَيْهِ حَيٌّ مُوسِرٌ وَلَيْسَا كَذَلِكَ
(وَلَوْ مَلَكَهُ فِي مَرَضِ مَوْتِهِ مَجَّانًا) كَأَنْ وَرِثَهُ أَوْ وَهَبَ لَهُ (عَتَقَ) عَلَيْهِ (مِنْ رَأْسِ الْمَالِ) لِأَنَّ الشَّرْعَ أَخْرَجَهُ عَنْ مِلْكِهِ فَكَأَنَّهُ لَمْ يَدْخُلْ وَهَذَا مَا صَحَّحَهُ فِي الرَّوْضَةِ كَالشَّرْحَيْنِ وَصَحَّحَ الْأَصْلُ أَنَّهُ يُعْتَقُ مِنْ ثُلُثِ مَالِهِ؛ لِأَنَّهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ وَخَرَجَ بِلَا مُقَابِلٍ فَكَانَ كَمَا لَوْ تَبَرَّعَ بِهِ (أَوْ) مَلَكَهُ فِيهِ (بِعِوَضٍ بِلَا مُحَابَاةٍ فَمِنْ ثُلُثِهِ) يُعْتَقُ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى الْوَرَثَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ (وَلَا يَرِثُهُ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ فَيَبْطُلُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَى عِتْقِهِ الْمُتَوَقِّفِ عَلَيْهَا فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ مِنْ إجَازَتِهِ وَإِرْثِهِ عَلَى الْآخَرِ فَيَمْتَنِعُ إرْثُهُ بِخِلَافِ الَّذِي عَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ إذْ لَا يَتَوَقَّفُ عِتْقُهُ عَلَى إجَازَتِهِ (فَإِنْ كَانَ) الْمَرِيضُ (مَدِينًا) بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ لِمَالِهِ عِنْدَ مَوْتِهِ (بِيعَ لِلدَّيْنِ) فَلَا يُعْتَقُ مِنْهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ عِتْقَهُ يُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَالدَّيْنُ يَمْنَعُ مِنْهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدَّيْنُ مُسْتَغْرِقًا أَوْ سَقَطَ بِإِبْرَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ عَتَقَ إنْ خَرَجَ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي الْأُولَى أَوْ ثُلُثِ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ أَوْ إجَازَةِ الْوَارِثِ فِيهِمَا وَإِلَّا عَتَقَ مِنْهُ بِقَدْرِ ثُلُثِ ذَلِكَ (أَوْ) مَلَكَهُ فِيهِ بِعِوَضٍ (بِهَا) أَيْ بِمُحَابَاةٍ مِنْ الْبَائِعِ (فَقَدْرُهَا كَمِلْكِهِ مَجَّانًا) فَيَكُونُ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
(وَالْبَاقِي مِنْ الثُّلُثِ وَلَوْ وُهِبَ لِرَقِيقِ جُزْءُ بَعْضِ سَيِّدِهِ فَقَبِلَ) وَقُلْنَا بِالْأَصَحِّ إنَّهُ يَسْتَقِلُّ بِالْقَبُولِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
قَوْلُهُ: لَمْ يَجُزْ لِلْوَلِيِّ قَبُولُهُ) أَيْ وَلَا يَصِحُّ ح ل (قَوْلُهُ: لَهُ) أَيْ لِلْمَوْلَى (قَوْلُهُ: كَاسِبًا) أَيْ وَلَوْ بِالْقُوَّةِ بِأَنْ كَانَ قَادِرًا عَلَى الْكَسْبِ كَمَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا بَعْدَهُ (قَوْلُهُ: مِنْ أَنَّهُ يَقْتَضِي وُجُوبَ إلَخْ) وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ كَاسِبًا وَقَوْلُهُ وَعَدَمُ وُجُوبِ وَارِدٍ عَلَى قَوْلِهِ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ غَيْرَ الْكَاسِبِ يَشْمَلُ مَا إذَا كَانَ مَكْفِيًّا بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ: وُجُوبَ قَبُولِ الْأَصْلِ) أَيْ مَعَ أَنَّهُ لَا يَجِبُ قَبُولُهُ حِينَئِذٍ لِوُجُوبِ نَفَقَتِهِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الْقَادِرَ عَلَى الْكَسْبِ إذَا لَمْ يَكْتَسِبْ تَجِبُ نَفَقَتُهُ بِخِلَافِ الْفَرْعِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي النَّفَقَاتِ سم (قَوْلُهُ: وَابْنُهُ) أَيْ الْأَصْلِ، وَالْجُمْلَة حَالِيَّةٌ وَقَوْلُهُ: الَّذِي إلَخْ كَأَنْ كَانَ لِلْأَصْلِ ابْنٌ وَابْنُ ابْنٍ مِنْ ابْنٍ آخَرَ وَكَانَ ابْنُ الِابْنِ صَبِيًّا مَثَلًا فَالْمَوْهُوبُ كَانَ جِدًّا لِابْنِ الِابْنِ الصَّغِيرِ فَإِنَّهُ يَجِبُ عَلَى وَلِيِّهِ قَبُولُ أَصْلِهِ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ عَلَى ابْنِهِ الْكَبِيرِ (قَوْلُهُ: الْمَوْلَى عَلَيْهِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْوَاوِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: وَلَيْسَا) أَيْ الْوُجُوبُ وَعَدَمُهُ
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مَلَكَهُ) أَيْ بَعْضَهُ (قَوْلُهُ: عَتَقَ عَلَيْهِ) وَيَرِثُهُ ع ش (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ إلَخْ) أَيْ فَلَا ضَرَرَ عَلَى الْوَرَثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُضَيِّعْ عَلَيْهِمْ شَيْئًا (قَوْلُهُ: بِلَا مُحَابَاةٍ) بِأَنْ كَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ شَرْحُ م ر قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ حَبَوْتُ الرَّجُلَ حِبَاءً بِالْمَدِّ وَالْكَسْرِ رِ أَعْطَيْتُهُ الشَّيْءَ مِنْ غَيْرِ عِوَضٍ ثُمَّ قَالَ وَحَابَاهُ مُحَابَاةً سَامَحَهُ مَأْخُوذٌ مِنْ حَبَوْتُهُ إذَا أَعْطَيْتَهُ. ع ش عَلَى م ر
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَهُ إلَخْ) اسْتِدْلَالٌ عَلَى الْمُدَّعِي بِقِيَاسٍ اسْتِثْنَائِيٍّ وَأَشَارَ لِلِاسْتِثْنَائِيَّةِ بِقَوْلِهِ فَيَبْطُلُ وَهَذِهِ الِاسْتِثْنَائِيَّة هِيَ نَقِيضُ التَّالِي فَكَأَنَّهُ قَالَ لَكِنَّ التَّبَرُّعَ عَلَى الْوَارِثِ بَاطِلٌ وَاسْتَدَلَّ عَلَيْهَا بِتَقْرِيرِ الدَّوْرِ بِقَوْلِهِ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ إلَخْ وَمَعْلُومٌ أَنَّ اسْتِثْنَاءَ نَقِيضِ التَّالِي يُنْتِجُ نَقِيضَ الْمُقَدَّمِ وَقَدْ ذَكَرَ النَّتِيجَةَ بِقَوْلِهِ فَيَمْتَنِعُ عُ إرْثُهُ، وَهَذِهِ عَيْنُ الدَّعْوَى فِي قَوْلِ الْمَتْنِ وَلَا يَرِثُهُ الَّتِي هِيَ نَقِيضُ مُقَدَّمِ الشَّرْطِيَّةِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: لَكَانَ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَى الْوَارِثِ) أَيْ؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ وَارِثٌ فَيَكُونُ عِتْقُهُ تَبَرُّعًا عَلَيْهِ نَفْسُهُ وَالتَّبَرُّعُ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ إذَا كَانَ لِوَارِثٍ فِي حُكْمِ الْوَصِيَّةِ لَهُ أَيْ لَا يَنْفُذُ إلَّا بِرِضَا الْوَرَثَةِ وَلَمْ يَكُنْ الْوَارِثُ هُنَا حُرًّا فِي وَقْتِ الشِّرَاءِ حَتَّى تَصِحَّ إجَازَتُهُ فَقَوْلُهُ: عَلَى الْوَارِثِ أَيْ مَنْ سَيَصِيرُ وَارِثًا وَهُوَ الْعَتِيقُ. (قَوْلُهُ: لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ) أَيْ إجَازَةِ نَفْسِ الْعَتِيقِ، وَقَضِيَّةُ كَلَامِهِ كَغَيْرِهِ هُنَا أَنَّ الْوَصِيَّةَ لِلْوَارِثِ تَتَوَقَّفُ عَلَى إجَازَتِهِ نَفْسِهِ أَيْ إجَازَةِ الْمُوصَى لَهُ كَبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ مَعَ أَنَّ عِبَارَتَهُمْ هُنَاكَ وَتَصِحُّ لِوَارِثٍ إنْ أَجَازَ بَاقِي الْوَرَثَةِ وَهِيَ صَرِيحَةٌ فِي خِلَافِ ذَلِكَ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ تُصَوَّرَ الْمَسْأَلَةُ بِأَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ فَيَقْرُبُ مَا ذَكَرَهُ وَيُبْعِدُهُ قَوْلُ الشَّارِحِ؛ لِأَنَّهُ فَوَّتَ عَلَى الْوَرَثَةِ مَا بَذَلَهُ مِنْ الثَّمَنِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ إنَّ قَوْلَهُ لِتَعَذُّرِ إجَازَتِهِ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ أَيْ لِتَعَذُّرِ إجَازَةِ بَاقِي الْوَرَثَةِ لَهُ أَيْ مَعَ كَوْنِهِ وَارِثًا كَمَا هُوَ الْفَرْضُ لِلدُّورِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: لِتَوَقُّفِهَا عَلَى إرْثِهِ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ وَارِثًا لَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَتِهِمْ لِلْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ، وَالتَّبَرُّعُ إذَا كَانَ مِنْهُ لِغَيْرِ وَارِثٍ يَنْفُذُ قَهْرًا عَنْ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ: فَيَتَوَقَّفُ كُلٌّ إلَخْ) لَكِنَّ الْإِجَازَةَ مُتَوَقِّفَةٌ عَلَى الْإِرْثِ بِلَا وَاسِطَةٍ وَهُوَ مُتَوَقِّفٌ عَلَيْهَا بِوَاسِطَةٍ الْعِتْقِ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ كَانَ مَدِينًا) تَقْيِيدٌ لِقَوْلِهِ أَوْ بِعِوَضٍ بِلَا مُحَابَاةٍ فَمِنْ ثُلُثِهِ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَدِينًا بِدَيْنٍ مُسْتَغْرِقٍ. (قَوْلُهُ: أَوْ أَجَازَهُ الْوَارِثُ) أَيْ أَوْ لَمْ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ، وَأَجَازَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ فِي الْأُولَى.
وَلَا مِنْ ثُلُثِ الْمَالِ فِي الثَّانِيَةِ وَلَمْ يُجِزْهُ الْوَارِثُ فِيهِمَا (قَوْلُهُ: بِقَدْرِ ثُلُثِ ذَلِكَ) أَيْ ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ وَفَاءِ الدَّيْنِ أَوْ ثُلُثُ الْمَالِ (قَوْلُهُ: أَيْ بِمُحَابَاةٍ) كَأَنْ اشْتَرَاهُ بِخَمْسِينَ وَهُوَ يُسَاوِي مِائَةً فَقَدْرُهَا وَهُوَ الْخَمْسُونَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ س ل