الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَهِيَ أَوْلَى بِتَمْرِيضِهِمَا عِنْدَهُ) ؛ لِأَنَّهَا أَشْفَقُ، وَأَهْدَى إلَيْهِ هَذَا (إنْ رَضِيَ) بِهِ (وَإِلَّا فَعِنْدَهَا) ، وَيَعُودُهُمَا، وَيَحْتَرِزُ فِي الْحَالَيْنِ عَنْ الْخَلْوَةِ بِهَا (، وَإِنْ اخْتَارَهَا ذَكَرٌ فَعِنْدَهَا لَيْلًا، وَعِنْدَهُ نَهَارًا) لِيُعَلِّمَهُ الْأُمُورَ الدِّينِيَّةَ، وَالدُّنْيَوِيَّةَ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ مَصَالِحِهِ (أَوْ) اخْتَارَتْهَا (أُنْثَى فَعِنْدَهَا أَبَدًا) أَيْ: لَيْلًا، وَنَهَارًا لِاسْتِوَاءِ الزَّمَنَيْنِ فِي حَقِّهَا (وَيَزُورُهَا الْأَبُ عَلَى الْعَادَةِ) ، وَلَا يَطْلُبُ إحْضَارَهَا عِنْدَهُ (، وَإِنْ اخْتَارَهُمَا) مُمَيِّزٌ (أُقْرِعَ) بَيْنَهُمَا، وَيَكُونُ عِنْدَ مَنْ خَرَجَتْ قُرْعَتُهُ مِنْهُمَا (أَوْ لَمْ يَخْتَرْ) وَاحِدًا مِنْهُمَا (فَالْأُمُّ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا، وَلَمْ يَخْتَرْ غَيْرَهَا، وَكَالْأُنْثَى فِيمَا ذُكِرَ الْخُنْثَى.
(، وَلَوْ سَافَرَ أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَرَادَ سَفَرًا (لَا لِنُقْلَةٍ) كَحَجٍّ، وَتِجَارَةٍ، وَنُزْهَةٍ فَهُوَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ سَفَرَ حَاجَةٍ (فَالْمُقِيمُ أَوْلَى) بِالْوَلَدِ مُمَيِّزًا كَانَ، أَوْ لَا حَتَّى يَعُودَ الْمُسَافِرُ لِخَطَرِ السَّفَرِ طَالَتْ مُدَّتُهُ، أَوْ لَا، وَلَوْ أَرَادَ كُلٌّ مِنْهُمَا سَفَرَ حَاجَةٍ فَالْأُمُّ أَوْلَى عَلَى الْمُخْتَارِ فِي الرَّوْضَةِ (أَوْ لَهَا) أَيْ: لِنُقْلَةٍ (فَالْعَصَبَةُ) مِنْ أَبٍ، أَوْ غَيْرِهِ، وَلَوْ غَيْرَ مَحْرَمٍ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْأُمِّ حِفْظًا لِلنَّسَبِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ أَوْلَى بِهِ فِيمَا إذَا كَانَ هُوَ الْمُسَافِرُ (إنْ أَمِنَ خَوْفًا) فِي طَرِيقِهِ، وَمَقْصِدِهِ، وَإِلَّا فَالْأُمُّ أَوْلَى وَقَدْ عُلِمَ مِمَّا مَرَّ أَنَّهُ لَا تُسَلَّمُ مُشْتَهَاةٌ لِغَيْرِ مَحْرَمٍ كَابْنِ عَمٍّ حَذَرًا مِنْ الْخَلْوَةِ الْمُحَرَّمَةِ بَلْ لِثِقَةِ تَرَافُقِهِ كَبِنْتِهِ، وَاقْتِصَارُ الْأَصْلِ عَلَى بِنْتِهِ مِثَالٌ.
(فَصْلٌ) .
فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ
، وَمَا مَعَهَا (عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَالِكِ (كِفَايَةُ رَقِيقِهِ غَيْرِ مُكَاتَبِهِ) مُؤْنَةً مَنْ قُوتٍ، وَأُدْمٍ، وَكِسْوَةٍ، وَمَاءِ طَهَارَةٍ، وَغَيْرِهَا، وَلَوْ كَانَ أَعْمَى زَمِنًا، أَوْ أُمَّ وَلَدٍ، أَوْ آبِقًا لِخَبَرِ مُسْلِمٍ «لِلْمَمْلُوكِ طَعَامُهُ، وَكِسْوَتُهُ، وَلَا يُكَلَّفُ مِنْ الْعَمَلِ مَا لَا يُطِيقُ» وَيُقَاسُ بِمَا فِيهِ غَيْرُهُ مِمَّا ذُكِرَ، وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ لِلْمُكَاتَبِ، وَلَوْ كِتَابَةً فَاسِدَةً لِاسْتِقْلَالِهِ بِالْكَسْبِ، وَاسْتِثْنَاؤُهُ مِنْ زِيَادَتِي، وَإِطْلَاقِي الْكِفَايَةَ أَوْلَى مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهَا بِالنَّفَقَةِ، وَالْكِسْوَةِ (مِنْ غَالِبِ عَادَةِ أَرِقَّاءِ الْبَلَدِ) مِنْ بُرٍّ، وَشَعِيرٍ، وَزَيْتٍ، وَقُطْنٍ، وَكَتَّانٍ، وَصُوفٍ، وَغَيْرِهَا لِخَبَرِ الشَّافِعِيِّ «لِلْمَمْلُوكِ نَفَقَتُهُ، وَكِسْوَتُهُ بِالْمَعْرُوفِ» قَالَ: وَالْمَعْرُوفُ عِنْدَنَا الْمَعْرُوفُ لِمِثْلِهِ بِبَلَدِهِ، وَيُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
إلَيْهَا عَلَى الْبَابِ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي الْحَالَيْنِ) أَيْ: التَّمْرِيضِ عِنْدَهَا، وَعِنْدَهُ (قَوْلُهُ: عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ) أَيْ: بِالْوَلَدِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمَاوَرْدِيِّ أَنَّهُ لَيْسَ لِأَبٍ شَرِيفٍ تَعْلِيمُ وَلَدِهِ صَنْعَةً تُزْرِيهِ؛ لِأَنَّ عَلَيْهِ رِعَايَةَ حَظِّهِ شَرْحُ شَيْخِنَا اهـ شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَالْأُمُّ أَوْلَى) لَوْ مَاتَ فَقَالَتْ أُمُّهُ: ادْفِنْهُ فِي تُرْبَتِي قَالَ الْأَبُ: بَلْ فِي تُرْبَتِي كَانَ الْمُجَابُ الْأُمَّ عَلَى مَا بَحَثَهُ الزَّرْكَشِيُّ، وَبَحَثَ حَجّ أَنَّ الْمُجَابَ الْأَبُ ح ل، وَمِثْلُهُ م ر، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَيْهِ نَقْلٌ مُحَرَّمٌ كَأَنْ مَاتَ عِنْدَ أُمِّهِ، وَالْأَبُ فِي غَيْرِ بَلَدِهَا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ:؛ لِأَنَّ الْحَضَانَةَ لَهَا) أَيْ: أَصَالَةً
. (قَوْلُهُ: أَحَدُهُمَا) أَيْ: أَحَدُ مَنْ لَهُمَا حَقٌّ فِي الْحَضَانَةِ. (قَوْلُهُ: سَفَرَ حَاجَةٍ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْحَاجَةَ لَيْسَتْ بِقَيْدٍ بَلْ مِثْلُهَا النُّزْهَةُ، وَعِبَارَةُ م ر فَإِنْ أَرَادَهُ كُلٌّ مِنْهُمَا، وَاخْتَلَفَا مَقْصِدًا، وَطَرِيقًا كَانَ عِنْدَ الْأُمِّ، وَإِنْ كَانَ سَفَرُهَا أَطْوَلَ، وَمَقْصِدُهَا أَبْعَدَ.
ا. هـ أَيْ:؛ لِأَنَّ السَّفَرَ فِيهِ مَشَاقُّ، وَالْأُمُّ أَشْفَقُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَبِ. (قَوْلُهُ: فَالْمُقِيمُ أَوْلَى) مَا لَمْ يَكُنْ الْمُقِيمُ الْأُمَّ، وَكَانَ فِي بَقَائِهِ مَعَهَا مَفْسَدَةٌ، أَوْ ضَيَاعُ مَصْلَحَةٍ كَمَا لَوْ كَانَ يُعَلِّمُهُ الْقُرْآنَ، أَوْ الْحِرْفَةَ، وَهُمَا بِبَلَدٍ لَا يَقُومُ غَيْرُهُ مَقَامَهُ فَالْأَبُ أَحَقُّ بِذَلِكَ ع ن. (قَوْلُهُ: فَالْعَصَبَةُ أَوْلَى) أَيْ: مُقِيمًا كَانَ، أَوْ مُسَافِرًا. ا. هـ وَمَحَلُّ كَوْنِ الْعَصَبَةِ إذَا سَافَرَ أَوْلَى بِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ هُنَاكَ عَصَبَةٌ آخَرُ مُقِيمٌ كَأَنْ سَافَرَ الْأَبُ، وَأَقَامَ الْجَدُّ، أَوْ سَافَرَ الْجَدُّ، وَأَقَامَ الْأَخُ، أَوْ سَافَرَ الْأَخُ، وَأَقَامَ الْعَمُّ فَإِنَّ الْمُقِيمَ أَوْلَى بِهِ مِنْ الْمُسَافِرِ لِوُجُودِ الْعَصَبَةِ الْآخَرِ عِنْدَهَا. ا. هـ شَرْحُ م ر.
[فَصْلٌ فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ]
(فَصْلٌ: فِي مُؤْنَةِ الْمَمْلُوكِ، وَمَا يُذْكَرُ مَعَهَا) .
، وَهِيَ الْمُخَارَجَةُ، وَالْمُنَاسِبُ تَقْدِيمُ هَذَا الْفَصْلِ عَلَى الْحَضَانَةِ لَكِنْ لَمَّا كَانَتْ الْحَضَانَةُ خَاصَّةً بِالْقَرِيبِ قَدَّمَهَا عَلَيْهَا، وَالْمُؤْنَةُ فِي اللُّغَةِ الْقِيَامُ بِالْكِفَايَةِ، وَالْإِنْفَاقُ بَذْلُ الْقُوتِ قَالَهُ السُّبْكِيُّ، وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ النَّفَقَةَ دُونَ الْمُؤْنَةِ شَوْبَرِيٌّ (قَوْلُهُ: كِفَايَةَ رَقِيقِهِ) ، وَإِنْ كَانَ مُسْتَحِقَّ الْمَنْفَعَةِ بِنَحْوِ وَصِيَّةٍ، أَوْ إجَارَةٍ، وَمُسْتَحِقَّ الْقَتْلِ بِرِدَّةٍ، أَوْ نَحْوِهَا، وَوَجَبَتْ نَفَقَةُ الْمُرْتَدِّ هُنَا دُونَ نَفَقَةِ الْقَرِيبِ الْمُرْتَدِّ؛ لِأَنَّ الْمُوجِبَ هُنَا الْمِلْكُ، وَهُوَ مَوْجُودٌ، وَثَمَّ مُوَاسَاةُ الْقَرِيبِ، وَالْمُهْدَرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْمُوَاسَاةِ حَجّ س ل (قَوْلُهُ: مُؤْنَةُ) يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَرْفُوعًا بَدَلًا مِنْ كِفَايَةُ، أَوْ مَنْصُوبًا عَلَى التَّمْيِيزِ، أَوْ الْحَالِ، وَقَوْلُهُ، وَغَيْرُهَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ بِالْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ تَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ أَيْ: عَطْفًا عَلَى كِفَايَةٍ، أَوْ مُؤْنَةٍ، أَوْ قُوتٍ. ا. هـ. (قَوْلُهُ: وَمَاءِ طَهَارَةٍ) سَوَاءٌ تَسَبَّبَ فِيهَا السَّيِّدُ، أَوْ لَا؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ وَبِهِ فَارَقَ الزَّوْجَةَ حَيْثُ فَصَّلَ فِيهَا بَيْنَ كَوْنِ مَاءِ الطَّهَارَةِ بِسَبَبِهَا، أَوْ بِسَبَبِ الزَّوْجِ قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ م ر لَوْ دَفَعَهُ لَهُ فَتَعَمَّدَ إتْلَافَهُ بِلَا حَاجَةٍ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ ثَانِيًا غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَعَمُّدِ إتْلَافِهِ طب، وَلَهُ تَأْدِيبُهُ عَلَى ذَلِكَ سم ع ش، وَكَذَا لَوْ أَتْلَفَ الرَّقِيقُ طَعَامَهُ الْمَدْفُوعَ لَهُ لَزِمَهُ إبْدَالُهُ، وَإِنْ تَكَرَّرَ ذَلِكَ مِنْهُ عَمْدًا ع ش عَلَى م ر. (قَوْلُهُ: وَغَيْرِهَا) كَأُجْرَةِ الطَّبِيبِ، وَالْحَاجِمِ، وَثَمَنِ الدَّوَاءِ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَآبِقًا) كَأَنْ وَجَدَ، وَكِيلَ السَّيِّدِ فِي الْمَحَلِّ الَّذِي أَبَقَ إلَيْهِ فَلَهُ مُطَالَبَتُهُ بِمُؤْنَتِهِ ح ل، وَيُتَصَوَّرُ أَيْضًا بِرَفْعِ الْأَمْرِ إلَى قَاضِي الْمَحَلِّ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَيَقْتَرِضُ عَلَى سَيِّدِ ذَلِكَ الْعَبْدِ شَيْخُنَا. لَكِنْ يَبْقَى الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ هَلْ يُجِيبُهُ إلَى ذَلِكَ حَيْثُ عَلِمَ إبَاقَهُ، أَوْ لَا لِيَحْمِلَهُ عَلَى عَوْدِهِ لِسَيِّدِهِ؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ أَنَّهُ يَأْمُرُهُ بِالْعَوْدِ إلَى سَيِّدِهِ فَإِنْ أَجَابَ إلَى ذَلِكَ، وَكَّلَ بِهِ مَنْ يَصْرِفُ عَلَيْهِ مَا يُوَصِّلُهُ إلَى سَيِّدِهِ قَرْضًا ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: مِنْ غَالِبِ عَادَةِ إلَخْ) أَيْ: الَّذِي هُوَ مِنْهُمْ ع ش. (قَوْلُهُ:، وَيُرَاعَى حَالُ السَّيِّدِ)
فِي يَسَارِهِ، وَإِعْسَارِهِ فَيَجِبُ مَا يَلِيقُ بِحَالِهِ مِنْ رَفِيعِ الْجِنْسِ الْغَالِبِ، وَخَسِيسِهِ، وَتُفَضَّلُ ذَاتُ الْجَمَالِ عَلَى غَيْرِهَا فِي الْمُؤْنَةِ (فَلَا يَكْفِي سَتْرُ عَوْرَةٍ) لَهُ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَذَّ بِحَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ يُعَدُّ تَحْقِيرًا، وَقَوْلِي (بِبِلَادِنَا) مِنْ زِيَادَتِي. ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ، وَغَيْرُهُ احْتِرَازًا عَنْ بِلَادِ السُّودَانِ، وَنَحْوِهَا كَمَا فِي الْمَطْلَبِ.
(وَسُنَّ أَنْ يُنَاوِلَهُ مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ) مِنْ طَعَامٍ، وَأُدْمٍ، وَكِسْوَةٍ لِلْأَمْرِ بِذَلِكَ فِي الصَّحِيحَيْنِ الْمَحْمُولِ عَلَى النَّدْبِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْلِسَهُ مَعَهُ لِلْأَكْلِ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ رَوَّغَ لَهُ لُقْمَةً تَسُدُّ مَسَدًّا لَا صَغِيرَةً تُثِيرُ الشَّهْوَةَ، وَلَا تَقْضِي النُّهْمَةَ، وَلَوْ كَانَ السَّيِّدُ يَأْكُلُ، وَيَلْبَسُ دُونَ اللَّائِقِ بِهِ الْمُعْتَادِ غَالِبًا بُخْلًا، أَوْ رِيَاضَةً فَلَيْسَ لَهُ الِاقْتِصَارُ فِي رَقِيقِهِ عَلَى ذَلِكَ بَلْ يَلْزَمُهُ رِعَايَةُ الْغَالِبِ، وَلَوْ تَنَعَّمَ بِمَا فَوْقَ اللَّائِقِ بِهِ نُدِبَ لَهُ أَنْ يَدْفَعَ إلَيْهِ مِثْلَهُ، وَلَا يَلْزَمُهُ بَلْ لَهُ الِاقْتِصَارُ عَلَى الْغَالِبِ كَمَا عُلِمَ، وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إنَّمَا هُمْ إخْوَانُكُمْ جَعَلَهُمْ اللَّهُ تَحْتَ أَيْدِيكُمْ فَمَنْ كَانَ أَخُوهُ تَحْتَ يَدِهِ فَلْيُطْعِمْهُ مِنْ طَعَامِهِ، وَلْيُلْبِسْهُ مِنْ لِبَاسِهِ» قَالَ الرَّافِعِيُّ حَمَلَهُ الشَّافِعِيُّ عَلَى النَّدْبِ، أَوْ عَلَى الْخِطَابِ لِقَوْمٍ مَطَاعِمُهُمْ، وَمَلَابِسُهُمْ مُتَقَارِبَةٌ، أَوْ عَلَى أَنَّهُ جَوَابُ سَائِلٍ عَلِمَ فَأَجَابَهُ بِمَا اقْتَضَاهُ الْحَالُ.
(وَتَسْقُطُ) كِفَايَةُ الرَّقِيقِ (بِمُضِيِّ الزَّمَنِ) فَلَا تَصِيرُ دَيْنًا إلَّا بِمَا مَرَّ فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ بِجَامِعِ وُجُوبِ مَا ذُكِرَ بِالْكِفَايَةِ (، وَيَبِيعُ قَاضٍ فِيهَا مَالَهُ) ، أَوْ يُؤَجِّرَهُ إنْ امْتَنَعَ مِنْهَا وَمِنْ إزَالَةِ مِلْكِهِ عَنْ الرَّقِيقِ بَعْدَ أَمْرِهِ لَهُ بِأَحَدِهِمَا، أَوْ غَابَ كَمَا فِي مُؤْنَةِ الْقَرِيبِ، وَكَيْفِيَّتُهُ أَنَّهُ إنْ تَيَسَّرَ بَيْعُ مَالِهِ، أَوْ إيجَارُهُ شَيْئًا فَشَيْئًا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ فَذَاكَ، وَإِنْ لَمْ يَتَيَسَّرْ كَعَقَارٍ اسْتَدَانَ عَلَيْهِ إلَى أَنْ يَجْتَمِعَ مَا يُسَهِّلُ الْبَيْعَ، أَوْ الْإِيجَارَ لَهُ ثُمَّ بَاعَ، أَوْ أَجَّرَ مِنْهُ مَا يَفِي بِهِ لِمَا فِي بَيْعِهِ، أَوْ إيجَارِهِ شَيْئًا فَشَيْئًا مِنْ الْمَشَقَّةِ، وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ كَلَامُ مَنْ أَطْلَقَ أَنَّهُ يُبَاعُ بَعْدَ الِاسْتِدَانَةِ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ بَيْعُ بَعْضِهِ، وَلَا إيجَارُهُ، وَتَعَذَّرَتْ الِاسْتِدَانَةُ بَاعَ جَمِيعَهُ، أَوْ أَجَّرَهُ (فَإِنْ فُقِدَ) مَالُهُ (أَمَرَهُ) الْقَاضِي (بِإِيجَارِهِ، أَوْ بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ) عَنْهُ بِنَحْوِ بَيْعٍ، أَوْ إعْتَاقٍ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ بَاعَهُ الْقَاضِي، أَوْ آجَرَهُ عَلَيْهِ فَإِنْ تَعَذَّرَ فَكِفَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ فَإِنْ اقْتَصَرَ عَلَى أَمْرِهِ بِأَحَدِهِمَا قُدِّمَ الْإِيجَارُ، وَذِكْرُ الْأَمْرِ بِإِيجَارِهِ مِنْ زِيَادَتِي، وَتَعْبِيرِي بِإِزَالَةِ مِلْكِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ بِبَيْعِهِ، أَوْ إعْتَاقِهِ، وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ فَيُخَلِّيهَا تَكْتَسِبُ، وَتُمَوِّنُ نَفْسَهَا فَإِنْ تَعَذَّرَتْ مُؤْنَتُهَا بِالْكَسْبِ فَهِيَ فِي بَيْتِ الْمَالِ.
(، وَلَهُ إجْبَارُ أَمَتِهِ عَلَى إرْضَاعِ وَلَدِهَا) مِنْهُ، أَوْ مِنْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا، وَمَنَافِعَهَا لَهُ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ (وَكَذَا غَيْرُهُ) أَيْ: غَيْرُ وَلَدِهَا (إنْ فَضَلَ) عَنْهُ لَبَنُهَا
ــ
[حاشية البجيرمي]
أَيْ: وُجُوبًا ح ل أَيْ: مَعَ رِعَايَةِ حَالِ الْعَبْدِ ع ش (قَوْلُهُ: وَتُفَضَّلُ ذَاتُ الْجَمَالِ) أَيْ: نَدْبًا كَمَا فِي شَرْحِ م ر، وَمَحَلُّهُ حَيْثُ كَانَ جَمَالُهَا لِذَاتِهَا، وَالْقَوْلُ بِالْوُجُوبِ كَمَا نَقَلَهُ ح ل وع ش مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَ جَمَالُهَا لِنَوْعِهَا بِأَنْ كَانَتْ مِنْ النَّوْعِ الْعَالِي كَالْجُرْجِ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ آخِرِ عِبَارَةِ م ر مُنَافَاةً بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ قَالَ ع ش عَلَى م ر، وَأَمَّا ذُو الْجَمَالِ فَإِنْ كَانَتْ نَفَاسَتُهُ لِذَاتِهِ كُرِهَ تَفْضِيلُهُ عَلَى الْخَسِيسِ، وَإِنْ كَانَتْ لِنَوْعِهِ لَمْ يُكْرَهْ
. (قَوْلُهُ: مِمَّا يَتَنَعَّمُ بِهِ) نَعَمْ يُتَّجَهُ فِي أَمْرَدَ جَمِيلٍ يُخْشَى مِنْ تَنَعُّمِهِ بِنَحْوِ مَلْبُوسِهِ لُحُوقُ رِيبَةٍ مِنْ سُوءِ ظَنٍّ بِهِ، وَوُقُوعٌ فِي عِرْضِهِ عَدَمُ اسْتِحْبَابِهِ حِينَئِذٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَالْأَوْلَى أَنْ يُجْلِسَهُ مَعَهُ) أَيْ: حَيْثُ لَا رِيبَةَ تَلْحَقُ م ر. (قَوْلُهُ: رَوَّغَ لَهُ لُقْمَةً) أَيْ: قَلَّبَهَا فِي الدَّسَمِ ح ل، وَقَالَ شَيْخُنَا رَوَّغَ أَيْ: هَيَّأَهَا لَهُ. (قَوْلُهُ: النَّهْمَةَ) بِفَتْحِ النُّونِ، وَسُكُونِ الْهَاءِ الشَّهْوَةُ، وَالْحَاجَةُ قَامُوسٌ (قَوْلُهُ: وَقَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم إلَخْ) هُوَ، وَارِدٌ عَلَى قَوْلِهِ مِنْ غَالِبِ عَادَةِ أَرِقَّاءِ الْبَلَدِ شَيْخُنَا، أَوْ عَلَى قَوْلِهِ لَوْ تَنَعَّمَ بِمَا فَوْقَ اللَّائِقِ إلَخْ كَمَا يُفِيدُهُ كَلَامُ الرَّشِيدِيِّ. (قَوْلُهُ: إخْوَانُكُمْ) أَيْ: فِي الْإِسْلَامِ، أَوْ مِنْ جِهَةِ أَنَّهُمْ أَوْلَادُ آدَمَ بِرْمَاوِيٌّ، وَفِي رِوَايَةٍ إخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ بِفَتْحِ الْخَاءِ، وَالْوَاوِ أَيْ: خَدَمُكُمْ (قَوْلُهُ: عُلِمَ حَالُهُ) أَيْ: عُلِمَ بُخْلُهُ، وَأَنَّهُ يُقَتِّرُ عَلَى الْأَرِقَّاءِ فَأَتَى بِالْحَدِيثِ رَدْعًا، وَزَجْرًا لَهُ لِيَرْجِعَ عَمَّا فِيهِ شَيْخُنَا عَزِيزِيٌّ
. (قَوْلُهُ: بِمَا مَرَّ) وَهُوَ اقْتِرَاضُ الْقَاضِي (قَوْلُهُ: أَوْ يُؤَجِّرُهُ) ، أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلتَّخْيِيرِ، وَكَذَا فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي أَنْ يُرَاعِيَ مَا فِيهِ الْأَحَظُّ لِلْمَالِكِ ب ش وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر، وَتَحْرِيرُهُ أَنَّ الْحَاكِمَ يُؤَجِّرُ جُزْءًا مِنْ مَالِهِ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، أَوْ جَمِيعَهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، أَوْ تَعَذَّرَ إيجَارُ الْجُزْءِ فَإِنْ تَعَذَّرَ إيجَارُهُ بَاعَ جُزْءًا مِنْهُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ، أَوْ كُلَّهُ إنْ اُحْتِيجَ إلَيْهِ، أَوْ تَعَذَّرَ بَيْعُ الْجُزْءِ هَذَا فِي غَيْرِ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، أَمَّا هُوَ فَيَتَعَيَّنُ فِعْلُ الْأَحَظِّ لَهُ مِنْ بَيْعِ الْقِنِّ أَوْ إجَارَتِهِ، أَوْ بَيْعِ مَالٍ آخَرَ، أَوْ الِاقْتِرَاضِ انْتَهَتْ. (قَوْلُهُ: بَعْدَ أَمْرِهِ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ تَنَازَعَهُ كُلٌّ مِنْ يَبِيعُ، وَامْتَنَعَ، وَقَوْلُهُ، أَوْ غَابَ عَطْفٌ عَلَى امْتَنَعَ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَكَيْفِيَّتُهُ) أَيْ: كَيْفِيَّةُ مَا ذُكِرَ مِنْ الْبَيْعِ، وَالْإِيجَارِ. (قَوْلُهُ: لِمَا فِي بَيْعِهِ إلَخْ) ، وَتَقَدَّمَ أَنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي رَجَّحَهُ النَّوَوِيُّ هُنَا، وَطَرَدُوهُ فِي نَفَقَةِ الْقَرِيبِ، وَضَعَّفُوا الْوَجْهَ الْقَائِلَ بِأَنَّهُ يُبَاعُ كُلَّ يَوْمٍ جُزْءٌ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: وَلَا إيجَارُهُ) أَيْ: بَعْضُهُ. (قَوْلُهُ: فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ) مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُهُ مِنْ أَنَّهُ يَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْبَيْعِ، وَالْإِجَارَةِ يَنْبَغِي حَمْلُهُ عَلَى مَا إذَا اسْتَوَتْ مَصْلَحَتُهَا فِي نَظَرِهِ، وَإِلَّا وَجَبَ فِعْلُ الْأَصْلَحِ مِنْهُمَا س ل. (قَوْلُهُ: فَكِفَايَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ثُمَّ عَلَى الْمُسْلِمِينَ) ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ يَنْفِقُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنْ الْمُسْلِمِينَ مَجَّانًا، وَهُوَ ظَاهِرٌ إنْ كَانَ السَّيِّدُ فَقِيرًا مُحْتَاجًا إلَى خِدْمَتِهِ الضَّرُورِيَّةِ، وَإِلَّا فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ قَرْضًا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَأَمَّا أُمُّ الْوَلَدِ) مُقَابِلٌ لِمَحْذُوفٍ عُلِمَ مِنْ قَوْلِهِ أَوْ إزَالَةُ مِلْكِهِ أَيْ: مَحَلُّ كَوْنِهِ يُؤْمَرُ بِالْإِزَالَةِ إنْ كَانَ الرَّقِيقُ يَقْبَلُ الْإِزَالَةَ مَا يُفْهِمُ ذَلِكَ مِنْ رح م ر
. (قَوْلُهُ: أَوْ مِنْ غَيْرِهِ) بِأَنْ كَانَ مَمْلُوكًا لَهُ
لِذَلِكَ، نَعَمْ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدُهَا مِنْهُ، وَلَا مَمْلُوكُهُ فَلَهُ أَنْ يُرْضِعَهَا مَنْ شَاءَ، وَإِنْ لَمْ يَفْضُلْ عَنْ هَذَا الْوَلَدِ لَبَنُهَا؛ لِأَنَّ إرْضَاعَهُ عَلَى وَالِدِهِ، أَوْ مَالِكِهِ (وَ) لَهُ إجْبَارُهَا (عَلَى فَطْمِهِ قَبْلَ) مُضِيِّ (حَوْلَيْنِ، وَ) عَلَى (إرْضَاعِهِ بَعْدَهُمَا إنْ لَمْ يَضُرَّ) أَيْ: الْفَطْمُ، أَوْ الْإِرْضَاعُ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى قَدْ يُرِيدُ التَّمَتُّعَ بِهَا، وَهِيَ مِلْكُهُ، وَلَا ضَرَرَ فِي ذَلِكَ، وَفِي الثَّانِيَةِ لَبَنُهَا، وَمَنَافِعُهَا لَهُ، وَلَا ضَرَرَ فَإِنْ حَصَلَ ضَرَرٌ لِلْوَلَدِ، أَوْ لِلْأَمَةِ، أَوْ لَهُمَا فَلَا إجْبَارَ، وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِفَطْمٍ، وَلَا إرْضَاعٍ إذْ لَا حَقَّ لَهَا فِي التَّرْبِيَةِ، وَقَوْلِي إنْ لَمْ يَضُرَّ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ فِي الْأُولَى إنْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَفِي الثَّانِيَةِ إنْ لَمْ يَضُرَّهَا. (وَلِحُرَّةٍ حَقٌّ فِي تَرْبِيَتِهِ فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا فَطْمُهُ قَبْلَ) مُضِيِّ (حَوْلَيْنِ، وَ) لَا (إرْضَاعُهُ بَعْدَهُمَا إلَّا بِتَرَاضٍ بِلَا ضَرَرٍ) ؛ لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا حَقًّا فِي التَّرْبِيَةِ فَلَهُمَا النَّقْصُ عَنْ الْحَوْلَيْنِ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِمَا إذَا لَمْ يَتَضَرَّرْ بِهِمَا الْوَلَدُ، وَالْأُمُّ، أَوْ أَحَدُهُمَا، وَقَوْلِي بِلَا ضَرَرٍ مِنْ زِيَادَتِي فِيمَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْإِرْضَاعِ، وَأَعَمُّ مِنْ تَقْيِيدِهِ لَهُ بِالْوَلَدِ فِيمَا إذَا تَرَاضَيَا عَلَى الْفَطْمِ، وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ أَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا فَطْمَهُ بَعْدَهُمَا بِغَيْرِ رِضَا الْآخَرِ حَيْثُ لَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُمَا مُدَّةُ الرَّضَاعِ التَّامِّ.
(وَلَا يُكَلِّفُ مَمْلُوكَهُ) مِنْ آدَمِيٍّ، أَوْ غَيْرِهِ (مَا لَا يُطِيقُهُ) لِلْخَبَرِ السَّابِقِ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ عَمَلًا عَلَى الدَّوَامِ يَقْدِرُ عَلَيْهِ يَوْمًا، أَوْ يَوْمَيْنِ، أَوْ ثَلَاثَةً ثُمَّ يَعْجِزُ، وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ الْأَعْمَالَ الشَّاقَّةَ بَعْضَ الْأَوْقَاتِ، وَبِهِ صَرَّحَ الرَّافِعِيُّ، وَتَعْبِيرِي بِمَمْلُوكِهِ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِرَقِيقِهِ. (وَلَهُ مُخَارَجَةُ رَقِيقِهِ) عَلَى مَا يَحْتَمِلُهُ كَسْبُهُ الْمُبَاحُ الْفَاضِلُ عَنْ مُؤْنَتِهِ إنْ جُعِلَتْ مِنْ كَسْبِهِ لِخَبَرِ الصَّحِيحَيْنِ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَعْطَى أَبَا طَيْبَةَ لَمَّا حَجَمَهُ صَاعَيْنِ، أَوْ صَاعًا مِنْ تَمْرٍ، وَأَمَرَ أَهْلَهُ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ مِنْ خَرَاجِهِ» (بِتَرَاضٍ) فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا إجْبَارُ الْآخَرِ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ فَاعْتُبِرَ فِيهَا التَّرَاضِي كَالْكِتَابَةِ.
(، وَهِيَ ضَرْبُ خَرَاجٍ مَعْلُومٍ يُؤَدِّيهِ) مِنْ مَكْسَبِهِ (كُلَّ يَوْمٍ، أَوْ نَحْوِهِ) كَأُسْبُوعٍ، أَوْ شَهْرٍ بِحَسَبِ مَا يَتَّفِقَانِ عَلَيْهِ، وَقَوْلِي ضَرْبُ مَعَ مَعْلُومٍ مِنْ زِيَادَتِي، وَقَوْلِي، أَوْ نَحْوِهِ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ، أَوْ أُسْبُوعٍ.
(وَعَلَيْهِ كِفَايَةُ دَوَابِّهِ الْمُحْتَرَمَةِ) بِعَلَفِهَا، وَسَقْيِهَا، أَوْ بِتَخْلِيَتِهَا لِلرَّعْيِ، وَوُرُودِ الْمَاءِ إنْ أَلِفَتْ ذَلِكَ لِحُرْمَةِ الرُّوحِ بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ كَالْفَوَاسِقِ، وَتَعْبِيرِي بِمَا ذُكِرَ أَعَمُّ مِنْ قَوْلِهِ عَلَفُ دَوَابِّهِ، وَسَقْيُهَا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُحْتَرَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي. (فَإِنْ امْتَنَعَ) مِنْ ذَلِكَ (وَلَهُ مَالٌ)
ــ
[حاشية البجيرمي]
مِنْ زَوْجٍ، أَوْ زِنًا ز ي. (قَوْلُهُ: لِذَلِكَ) أَيْ:؛ لِأَنَّ لَبَنَهَا إلَخْ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ إلَخْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى قَوْلِهِ، وَكَذَا غَيْرُهُ إنْ فَضَلَ عَنْهُ لَبَنُهَا، وَيُؤْخَذُ مِنْهُ تَقْيِيدُ الْوَلَدِ الْمُضَافِ إلَيْهِ فِي قَوْلِهِ غَيْرُهُ بِكَوْنِهِ مِنْ السَّيِّدِ، أَوْ مِلْكًا لَهُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَكُنْ وَلَدُهَا مِنْهُ) بِأَنْ كَانَ مِنْ شُبْهَةٍ، أَوْ مُوصًى بِهِ. (قَوْلُهُ: وَعَلَى وَالِدِهِ) أَيْ: إنْ كَانَ حُرًّا بِأَنْ وَطِئَهَا شَخْصٌ بِشُبْهَةٍ يَظُنُّهَا زَوْجَتَهُ الْحُرَّةَ، وَقَوْلُهُ، أَوْ مَالِكَهُ أَيْ: إنْ كَانَ رَقِيقًا بِأَنْ أَوْصَى لَهُ بِهِ. (قَوْلُهُ: إنْ لَمْ يَضُرَّ) رَاجِعٌ لِلصُّورَتَيْنِ. (قَوْلُهُ:، وَلَيْسَ لَهَا اسْتِقْلَالٌ بِفَطْمٍ) أَيْ: قَبْلَ الْحَوْلَيْنِ، وَبَعْدَهُمَا، وَقَوْلُهُ وَلَا إرْضَاعٍ أَيْ: بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ أَيْ: يَحْرُمُ عَلَيْهَا ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِهِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَبِإِذْنِ الْحَاكِمِ إنْ وُجِدَ، وَإِلَّا فَلَهَا الِاسْتِقْلَالُ مَعَ الْمَصْلَحَةِ بِرْمَاوِيٌّ. (قَوْلُهُ: فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا) أَيْ: الْأَبَوَيْنِ الْحُرَّيْنِ، وَيُتَّجَهُ إلْحَاقُ غَيْرِهِمَا مِمَّنْ لَهُ الْحَضَانَةُ عِنْدَ فَقْدِهِمَا بِهِمَا فِي ذَلِكَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَا إرْضَاعُهُ بَعْدَهُمَا) لَكِنْ يُسَنُّ عَدَمُ إرْضَاعِهِ بَعْدَ الْحَوْلَيْنِ اقْتِصَارًا عَلَى مَا وَرَدَ إلَّا لِحَاجَةٍ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: إلَّا بِتَرَاضٍ) فَإِنْ تَنَازَعَا أُجِيبَ الدَّاعِي لِتَمَامِ الْحَوْلَيْنِ إلَّا إذَا كَانَ الْفِطَامُ قَبْلَهُمَا أَصْلَحَ لِلْوَلَدِ فَيُجَابُ طَالِبُهُ كَفَطْمِهِ عِنْدَ حَمْلِ الْأُمِّ، أَوْ مَرَضِهَا، وَلَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ: وَعُلِمَ مِمَّا ذُكِرَ) أَيْ: قَوْلُهُ: قَبْلَ حَوْلَيْنِ. (قَوْلُهُ: لَا يَتَضَرَّرُ بِذَلِكَ) أَيْ: فَلَوْ فُرِضَ إضْرَارُ الْفَطْمِ لَهُ لِضَعْفِ خِلْقَتِهِ، أَوْ لِشِدَّةِ حَرٍّ، أَوْ بَرْدٍ لَزِمَ الْأَبَ بَذْلُ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ بَعْدَهُمَا حَتَّى يَجْتَزِئَ أَيْ: يَكْتَفِيَ بِالطَّعَامِ، وَتُجْبَرُ الْأُمُّ عَلَى إرْضَاعِهِ بِالْأُجْرَةِ إنْ لَمْ يُوجَدْ غَيْرُهَا. ا. هـ ز ي وع ش
. (قَوْلُهُ:، وَلَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ إلَخْ) أَيْ: حَيْثُ لَمْ يَتَرَتَّبْ عَلَى ذَلِكَ ضَرَرٌ لَا يُحْتَمَلُ عَادَةً ح ل وع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: وَلَهُ مُخَارَجَةُ رَقِيقِهِ) أَيْ: بِشَرْطِ أَنْ يَصِحَّ تَصَرُّفُهُ لِنَفْسِهِ لَوْ كَانَ حُرًّا س ل (قَوْلُهُ: وَأَمَرَ أَهْلَهُ) أَيْ: سَادَاتِهِ أَنْ يُخَفِّفُوا عَنْهُ أَيْ: فَقَدْ أَقَرَّهُمْ عَلَيْهَا، وَهُوَ لَا يُقِرُّ عَلَى بَاطِلٍ ح ل، وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ أَنَّ الزُّبَيْرَ كَانَ لَهُ أَلْفُ عَبْدٍ يُخَارِجُهُمْ، وَيَتَصَدَّقُ بِخَرَاجِهِمْ. ا. هـ ز ي، وَمَعَ ذَلِكَ بَلَغَتْ تَرِكَتُهُ أَلْفَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، وَمِائَتَيْ أَلْفِ دِرْهَمٍ. (قَوْلُهُ: عَقْدُ مُعَاوَضَةٍ) أَيْ: لَا بُدَّ فِيهَا مِنْ الْإِيجَابِ، وَالْقَبُولِ كَخَارَجْتُك كُلَّ يَوْمٍ مَثَلًا بِكَذَا حَجّ، وَكِنَايَتُهَا كَبَادَلْتُك مِنْ كَسْبِك بِكَذَا، أَوْ نَحْوِهِ شَرْحُ م ر لَكِنَّهَا جَائِزَةٌ مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ أَيْضًا بِخِلَافِ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ تُؤَدِّي إلَى الْعِتْقِ فَأَلْزَمْنَاهَا مِنْ جِهَةِ السَّيِّدِ لِئَلَّا تَبْطُلَ فَائِدَتُهَا بِخِلَافِ الْمُخَارَجَةِ لَا تُؤَدِّي لَهُ س ل مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ:، وَهِيَ ضَرْبُ خَرَاجٍ) فِيهِ اسْتِخْدَامٌ؛ لِأَنَّ الْمُخَارَجَةَ فِيمَا تَقَدَّمَ بِمَعْنَى الْعَقْدِ، وَأَعَادَ عَلَيْهَا الضَّمِيرَ بِمَعْنَى الْمَالِ الَّذِي يُدْفَعُ لِلسَّيِّدِ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ ضَرْبُ خَرَاجٍ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ: خَرَاجٍ مَضْرُوبٍ، وَعِبَارَةُ الْمِنْهَاجِ، وَهِيَ خَرَاجٌ إلَخْ
(قَوْلُهُ: وَعَلَيْهِ كِفَايَةُ دَوَابِّهِ) ، وَإِنْ وَصَلَتْ إلَى حَدِّ الزَّمَانَةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِوَجْهٍ، وَالْوَاجِبُ عَلَفُهَا، وَسَقْيُهَا حَتَّى تَصِلَ لِأَوَّلِ الشِّبَعِ، وَالرِّيِّ دُونَ غَايَتِهِمَا، وَلَا يَجُوزُ ضَرْبُهَا إلَّا بِقَدْرِ الْحَاجَةِ كَمَا فِي شَرْحِ م ر وَمِثْلُ الضَّرْبِ النَّخْسُ حَيْثُ اُعْتِيدَ لِمِثْلِهِ فَيَجُوزُ بِقَدْرِ الْحَاجَةِ ع ش.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ) أَيْ: بِخِلَافِ دَوَابِّهِ غَيْرِ الْمُحْتَرَمَةِ، وَانْظُرْ حِينَئِذٍ مَا مُفَادُ هَذِهِ الْإِضَافَةِ؟