الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
{مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] أَيْ: مِنْ الْمُهُورِ فَهُوَ وَإِنْ كَانَ ظَاهِرًا فِي وُجُوبِ الْغُرْمِ مُحْتَمِلٌ لِنَدْبِهِ الصَّادِقِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ الْمُوَافِقِ لِلْأَصْلِ، وَرَجَّحُوهُ عَلَى الْوُجُوبِ لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ.
(وَالرَّدُّ) لَهُ يَحْصُلُ (بِتَخْلِيَةٍ) بَيْنَهُ وَبَيْنَ طَالِبِهِ كَمَا فِي الْوَدِيعَةِ (وَلَا يَلْزَمُهُ رُجُوعٌ) إلَيْهِ (وَلَهُ قَتْلُ طَالِبِهِ) دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ وَدِينِهِ، وَلِذَلِكَ «لَمْ يُنْكِرْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى أَبِي بَصِيرٍ امْتِنَاعَهُ، وَقَتْلَهُ طَالِبَهُ» (وَلَنَا تَعْرِيضٌ لَهُ بِهِ) أَيْ: بِقَتْلِهِ لِمَا رَوَى أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ " أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِأَبِي جَنْدَلٍ حِينَ رَدَّهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إلَى أَبِيهِ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرٍو: إنَّ دَمَ الْكَافِرِ عِنْدَ اللَّهِ كَدَمِ الْكَلْبِ. يُعَرِّضُ لَهُ بِقَتْلِ أَبِيهِ " وَخَرَجَ بِالتَّعْرِيضِ التَّصْرِيحُ فَيُمْتَنَعُ.
(وَلَوْ شَرَطَ) عَلَيْهِمْ فِي الْهُدْنَةِ (رَدَّ مُرْتَدٍّ) جَاءَ مِنَّا (لَزِمَهُمْ الْوَفَاءُ) بِهِ عَمَلًا بِالشَّرْطِ سَوَاءٌ أَكَانَ رَجُلًا أَمْ امْرَأَةً حُرًّا أَوْ رَقِيقًا (فَإِنْ أَبَوْا فَنَاقِضُونَ) الْعَهْدَ لِمُخَالَفَتِهِمْ الشَّرْطَ (وَجَازَ شَرْطُ عَدَمِ رَدِّهِ) أَيْ: مُرْتَدٍّ جَاءَهُمْ مِنَّا وَلَوْ امْرَأَةً وَرَقِيقًا، فَلَا يَلْزَمُهُمْ رَدُّهُ «؛ لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم شَرَطَ ذَلِكَ فِي مُهَادَنَةِ قُرَيْشٍ» وَيَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمَرْأَةِ وَقِيمَةَ الرَّقِيقِ، فَإِنْ عَادَ إلَيْنَا رَدَدْنَا لَهُمْ قِيمَةَ الرَّقِيقِ دُونَ مَهْرِ الْمَرْأَةِ؛ لِأَنَّ الرَّقِيقَ بِدَفْعِ قِيمَتِهِ يَصِيرُ مِلْكًا لَهُمْ وَالْمَرْأَةُ لَا تَصِيرُ زَوْجَةً، كَذَا فِي الرَّوْضَةِ كَأَصْلِهَا [فَرْعٌ]
قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ: يَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ الْمُعَاهَدِينَ مِنْهُمْ لَا سَبْيُهُمْ.
(كِتَابُ الصَّيْدِ) أَصْلُهُ مَصْدَرٌ ثُمَّ أُطْلِقَ عَلَى الْمَصِيدِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
(قَوْلُهُ: مُحْتَمِلٌ لِنَدْبِهِ) وَجَزَمَ ابْنُ حَجَرٍ بِالنَّدْبِ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِهِمْ. وَعِبَارَةُ الْبَيْضَاوِيِّ {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] أَيْ: مَا دَفَعُوا إلَيْهِنَّ مِنْ الْمُهُورِ وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ صُلْحَ الْحُدَيْبِيَةِ جَرَى عَلَى أَنَّ مَنْ جَاءَ مِنْهُمْ رَدَدْنَاهُ فَلَمَّا تَعَذَّرَ عَلَيْهِ رَدُّهُنَّ لِوُرُودِ النَّهْيِ عَنْهُ لَزِمَهُ رَدُّ مُهُورِهِنَّ. اهـ. وَهُوَ مَنْسُوخٌ.
(قَوْلُهُ: الصَّادِقِ بِعَدَمِ الْوُجُوبِ) فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ النَّدْبَ خَاصٌّ وَعَدَمَ الْوُجُوبِ عَامٌّ، وَالْأَخَصُّ لَا يَصْدُقُ بِالْأَعَمِّ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَمِنْ ثَمَّ قَالَ الْمُحَقِّقُ الْمَحَلِّيُّ: الصَّادِقُ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ فَلْيُتَأَمَّلْ شَوْبَرِيٌّ وَفِي نُسْخَةِ: الصَّادِقُ بِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَهِيَ ظَاهِرَةٌ. (قَوْلُهُ: الْمُوَافِقُ) أَيْ: الْوُجُوبُ لِلْأَصْلِ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي صِيغَةِ " أَفْعَلَ " الْوُجُوبُ ح ل فَهُوَ صِفَةٌ لِلْوُجُوبِ وَقِيلَ: صِفَةٌ لِلْعَدَمِ (قَوْلُهُ: وَرَجَّحُوهُ) أَيْ النَّدْبَ.
(قَوْلُهُ: لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ فِي ذَلِكَ) وَهُوَ أَنَّ الْأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ بِوُجُوبِ جَمِيعِ مَا أَنْفَقَهُ الزَّوْجُ ح ل وَقَالَ الشَّوْبَرِيُّ: قَوْلُهُ: لِمَا قَامَ عِنْدَهُمْ أَيْ: مِنْ إعْزَازِ الْإِسْلَامِ وَإِذْلَالِ الْكُفْرِ ط ب قَالَ ابْنُ حَجَرٍ: وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى {وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 10] فَلَا يَدُلُّ عَلَى وُجُوبِ خُصُوصِ مَهْرِ الْمِثْلِ، وَيُوَجَّهُ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْأَخْذُ بِظَاهِرِهِ لِشُمُولِهِ جَمِيعَ مَا أَنْفَقَهُ الزَّوْجُ مِنْ الْمَهْرِ وَغَيْرِهِ، إذْ لَا نَعْلَمُ قَائِلًا بِوُجُوبِ الْكُلِّ، وَلَا حَمْلِهِ عَلَى الْمُسَمَّى؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ بَدَلِ الْبُضْعِ الْوَاجِبِ بِالْفُرْقَةِ فِي نَحْوِ ذَلِكَ، وَلَا مَهْرُ الْمِثْلِ لِأَنَّ الْمُقَابِلَ لِلْأَظْهَرِ لَمْ يَقُلْ بِهِ فَتَعَيَّنَ أَنَّ الْأَمْرَ لِلنَّدْبِ تَطْيِيبًا لِخَاطِرِ الزَّوْجِ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ. اهـ. ز ي.
. (قَوْلُهُ:، وَالرَّدُّ لَهُ) أَيْ: لِمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ. (قَوْلُهُ: دَفْعًا عَنْ نَفْسِهِ) جَعَلَهُ م ر عِلَّةً لِلثَّانِي وَعَلَّلَ الْأَوَّلَ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ إجْبَارُ الْمُسْلِمِ عَلَى الِانْتِقَالِ مِنْ بَلَدٍ إلَى بَلَدٍ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ فَكَيْفَ يُجْبَرُ عَلَى دُخُولِ دَارِ الْحَرْبِ؟ . اهـ. وَعُلِمَ مِنْ هَذِهِ الْعِبَارَةِ أَنَّ مَا يَقَعُ مِنْ الْمُلْتَزِمِينَ فِي زَمَنِنَا مِنْ أَنَّهُ إذَا خَرَجَ فَلَّاحٌ مِنْ قَرْيَةٍ وَأَرَادَ اسْتِيطَانَ غَيْرِهَا أَجْبَرُوهُ عَلَى الْعَوْدِ غَيْرُ جَائِزٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِزَرْعِهِ وَأُصُولِهِ فِي تِلْكَ الْقَرْيَةِ ع ش عَلَى م ر (قَوْلُهُ: إلَى أَبِيهِ سُهَيْلٍ) وَأَسْلَمَ بَعْدَ ذَلِكَ ع ش.
. (قَوْلُهُ:، وَيَغْرَمُونَ مَهْرَ الْمَرْأَةِ) قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَهُوَ عَجِيبٌ؛ لِأَنَّ الرِّدَّةَ تَقْتَضِي انْفِسَاخَ النِّكَاحِ قَبْلَ الدُّخُولِ وَتَوَقُّفَهُ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ بَعْدَهُ فَإِلْزَامُهُمْ الْمَهْرَ مَعَ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ أَوْ إشْرَافِهِ عَلَى الِانْفِسَاخِ لَا وَجْهَ لَهُ. شَرْحُ الرَّوْضِ سم وَفِي حَاشِيَةِ س ل. فَإِنْ قِيلَ: لِمَ غَرِمُوا مَهْرَهَا، وَلَمْ نَغْرَمْ نَحْنُ مَهْرَ الْمُسْلِمَةِ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّهُمْ فَوَّتُوا عَلَيْهَا الِاسْتِنَابَةَ الْوَاجِبَةَ عَلَيْهَا، وَأَيْضًا الْمَانِعُ جَاءَ مِنْ جِهَتِهَا، وَالزَّوْجُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْهَا بِخِلَافِ الْمُسْلِمَةِ الزَّوْجُ مُتَمَكِّنٌ مِنْهَا بِالْإِسْلَامِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: دُونَ مَهْرِ الْمَرْأَةِ) اُنْظُرْ وَجْهَهُ مَعَ أَنَّ سَبَبَ الْغُرْمِ زَالَ بِعَوْدِ الْمَرْأَةِ إلَيْنَا (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الرَّقِيقَ إلَخْ) هَذَا بِنَاءً عَلَى صِحَّةِ بَيْعِ الْعَبْدِ الْمُرْتَدِّ مِنْ الْكَافِرِ، وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ كَمَا مَرَّ شَوْبَرِيٌّ وَقَالَ س ل: لَا يُقَالُ هَذَا إنَّمَا يَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ بَيْعِ الْمُرْتَدِّ لِلْكَافِرِ، وَالْأَصَحُّ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: هَذَا لَيْسَ بَيْعًا حَقِيقَةً، وَاغْتُفِرَ ذَلِكَ لِأَجْلِ الْمَصْلَحَةِ فَلَيْسَ مُفَرَّعًا عَلَى الْقَوْلِ بِصِحَّةِ الْبَيْعِ اهـ.
(قَوْلُهُ: يَجُوزُ شِرَاءُ أَوْلَادِ الْمُعَاهَدِينَ مِنْهُمْ) عِبَارَةُ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ يَجُوزُ شِرَاءُ وَلَدِ الْمُعَاهِدِ مِنْ مُعَاهِدٍ آخَرَ غَيْرَ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ يُمْلَكُ بِالْقَهْرِ لَا مِنْ أَبِيهِ لِأَنَّ أَبَاهُ إذَا قَهَرَهُ وَأَرَادَ بَيْعَهُ دَخَلَ فِي مِلْكِهِ فَيُعْتَقُ عَلَيْهِ فَلَا يَصِحُّ بَيْعُهُ وَعَلَى هَذَا يُحْمَلُ قَوْلُ الْمَاوَرْدِيِّ يَجُوزُ الشِّرَاءُ إلَخْ.
[كِتَابُ الصَّيْدِ وَالذَّبَائِحُ]
[أَرْكَانُ الذَّبْحِ]
(كِتَابُ الصَّيْدِ) وَجْهُ مُنَاسَبَتِهِ بَعْدَ الْجِهَادِ أَنَّ الْجِهَادَ تَارَةً يَكُونُ فَرْضَ كِفَايَةٍ وَتَارَةً يَكُونُ فَرْضَ عَيْنٍ، وَطَلَبُ الْحَلَالِ فَرْضُ عَيْنٍ فَنَاسَبَ ضَمَّ فَرْضِ الْعَيْنِ إلَى فَرْضِ الْعَيْنِ ز ي وَقَالَ سم: ذَكَرَ هَذَا الْكِتَابَ هُنَا اتِّبَاعًا لِأَكْثَرَ الْأَصْحَابِ وَكَأَنَّ الْمُنَاسَبَةَ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يَذْكُرُ فِيهِ مَنْ تَحِلُّ ذَبِيحَتُهُ وَمَنْ لَا تَحِلُّ، فَكَانَ مِنْ الْمُلَائِمِ اتِّبَاعُهُ لِأَحْكَامِ الْكُفَّارِ السَّابِقَةِ، وَقَالَ ق ل عَلَى الْمَحَلِّيِّ: ذَكَرَ الصَّيْدَ هُنَا عَقِبَ الْجِهَادِ؛ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاكْتِسَابِ بِالِاصْطِيَادِ الْمُشَابِهِ لِلِاكْتِسَابِ بِالْغَزْوِ. (قَوْلُهُ: مَصْدَرٌ) وَهُوَ السَّبَبُ فِي انْفِرَادِهِ ع ن
(وَالذَّبَائِحُ) جَمْعُ ذَبِيحَةٍ بِمَعْنَى مَذْبُوحَةٍ. وَالْأَصْلُ فِيهِمَا قَوْله تَعَالَى {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] وَقَوْلِهِ {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3](أَرْكَانُ الذَّبْحِ) بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ أَرْبَعَةٌ (ذَبْحٌ وَذَابِحٌ وَذَبِيحٌ وَآلَةٌ، فَالذَّبْحُ) الشَّامِلُ لِلنَّحْرِ وَقَتْلِ غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ بِمَا يَأْتِي (قَطْعُ حُلْقُومٍ) وَهُوَ مَجْرَى النَّفَسِ (وَمَرِيءٍ) وَهُوَ مَجْرَى الطَّعَامِ (مِنْ) حَيَوَانٍ (مَقْدُورٍ) عَلَيْهِ (وَقَتْلِ غَيْرِهِ) أَيْ: غَيْرِ الْمَقْدُورِ عَلَيْهِ (بِأَيِّ مَحَلٍّ) كَانَ مِنْهُ وَالْكَلَامُ فِي الذَّبْحِ اسْتِقْلَالًا فَلَا يَرِدُ الْجَنِينُ؛ لِأَنَّ ذَبْحَهُ بِذَبْحِ أُمِّهِ تَبَعًا لِخَبَرِ «ذَكَاةُ الْجَنِينِ ذَكَاةُ أُمِّهِ» .
ــ
[حاشية البجيرمي]
(قَوْلُهُ، وَالذَّبَائِحُ) جَمْعُهَا؛ لِأَنَّهَا تَكُونُ بِالسِّكِّينِ وَبِالسَّهْمِ وَبِالْجَوَارِحِ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: جَمْعُ ذَبِيحَةٍ) التَّاءُ لِلْوَحْدَةِ. قَوْلُهُ: {فَاصْطَادُوا} [المائدة: 2] الْأَمْرُ بِالِاصْطِيَادِ يَقْتَضِي حِلَّ الْمَصِيدِ، وَقَوْلُهُ:{إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ، فَيُفِيدُ حِلَّ الْمُذَكَّيَاتِ شَوْبَرِيٌّ وَقَوْلُهُ: مُسْتَثْنًى مِنْ الْمُحَرَّمَاتِ أَيْ: مِنْ بَعْضِهَا وَهُوَ مَا أَكَلَ السَّبُعُ؛ لِأَنَّ مَا قَبْلَهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ تَذْكِيَةٌ وَقَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: {إِلا مَا ذَكَّيْتُمْ} [المائدة: 3] أَيْ: إلَّا مَا أَدْرَكْتُمْ ذَكَاتَهُ وَفِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ مِنْ ذَلِكَ أَيْ: مِنْ قَوْلِهِ: وَالْمُنْخَنِقَةُ إلَخْ، كَمَا قَالَهُ الشِّهَابُ، وَقِيلَ: الِاسْتِثْنَاءُ مَخْصُوصُ بِمَا أَكَلَ السَّبُعُ أَيْ: الْجَارِحَةُ الْمُرْسَلَةُ.
(قَوْلُهُ: بِالْمَعْنَى الْحَاصِلِ بِالْمَصْدَرِ) وَهُوَ الِانْذِبَاحُ أَيْ: كَوْنُ الْبَهِيمَةِ مَذْبُوحَةً ع ش وَفَسَّرَهُ الشَّارِحُ بِهَذَا لِيُغَايِرَ الذَّبْحَ الَّذِي هُوَ أَحَدُ الْأَرْكَانِ، وَإِلَّا لَزِمَ اتِّحَادُ الْكُلِّ، وَالْجُزْءِ رَشِيدِيٌّ (قَوْلُهُ: أَرْبَعَةٌ) الْمُرَادُ بِكَوْنِهَا أَرْكَانًا لَهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ لِتَحَقُّقِهِ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى فَاعِلٍ وَمَفْعُولٍ وَفِعْلٍ وَآلَةٍ، وَإِلَّا فَلَيْسَ وَاحِدٌ مِنْهَا جُزْءًا مِنْهُ ع ش عَلَى م ر.
(قَوْلُهُ: بِمَا يَأْتِي) أَيْ: عَقْرُهُ بِأَيِّ مَحَلٍّ كَانَ وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَتْلُ. (قَوْلُهُ: قَطْعُ حُلْقُومٍ) أَيْ: كُلِّهِ وَخَرَجَ بِقَطْعِ مَا لَوْ اخْتَلَفَ رَأْسَ عُصْفُورٍ أَوْ غَيْرُهُ بِيَدِهِ أَوْ بُنْدُقَةٍ فَإِنَّهُ مَيْتَةٌ وَبِمَقْدُورٍ عَلَيْهِ غَيْرُهُ وَبِقَوْلِهِ: كُلُّ الْحُلْقُومِ مَا لَوْ قَطَعَ الْبَعْضَ، وَانْتَهَى إلَى حَرَكَةِ مَذْبُوحٍ ثُمَّ قَطَعَ الْبَاقِي فَلَا يَحِلُّ شَرْحُ م ر وَفِي قَوْلِهِ ثَمَّ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ قَطَعَ الْبَعْضَ الْأَوَّلَ ثُمَّ تَرَاخَى قَطْعُهُ لِلثَّانِي بِخِلَافِ مَا لَوْ رَفَعَ يَدَهُ بِالسِّكِّينِ وَأَعَادَهَا فَوْرًا أَوْ سَقَطَتْ مِنْ يَدِهِ، فَأَخَذَهَا وَتَمَّمَ الذَّبْحَ فَإِنَّهُ يَحِلُّ كَمَا صَرَّحَ بِهِ حَجّ وَقَوْلُنَا: وَأَعَادَهَا فَوْرًا وَمِنْ ذَلِكَ قَلْبُ السِّكِّينِ لِقَطْعِ بَاقِي الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ أَوْ تَرْكُهَا وَأَخَذَ غَيْرِهَا فَوْرًا لِعَدَمِ حِدَّتِهَا فَلَا يَضُرُّ ع ش عَلَى م ر وَقَوْلُ ز ي: وَقَطْعُ الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ دُفْعَةً وَاحِدَةً غَيْرُ ظَاهِرٍ إلَّا أَنْ يُرَادَ بِهَا عَدَمُ التَّرَاخِي فِي الْقَطْعِ.
(قَوْلُهُ: وَمَرِيءٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ، وَالْمَدِّ شَوْبَرِيٌّ، وَالزِّيَادَةُ عَلَى الْحُلْقُومِ، وَالْمَرِيءِ، وَالْوَدَجَيْنِ قِيلَ بِحُرْمَتِهَا؛ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ فِي التَّعْذِيبِ، وَالرَّاجِحُ الْجَوَازُ مَعَ الْكَرَاهَةِ وَلَوْ شَكَّ بَعْدَ وُقُوعِ الْفِعْلِ مِنْهُ هَلْ هُوَ مُحَرَّمٌ أَوْ مُحَلَّلٌ هَلْ يَحِلُّ ذَلِكَ أَوْ لَا؟ فِيهِ نَظَرٌ، وَالْأَقْرَبُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ وُقُوعُهُ عَلَى الصِّفَةِ الْمُجْزِئَةِ ع ش عَلَى م ر وَسُئِلَ م ر عَمَّنْ ذَبَحَ ذَبِيحَةً فَأَزَالَ رَأْسَهَا هَلْ تَحِلُّ أَوْ لَا؟ فَأَجَابَ بِأَنَّهَا تَحِلُّ لِلْمُبَالَغَةِ فِي الذَّبْحِ، وَلَا حُرْمَةَ فِي ذَلِكَ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَقَتْلُ) مَعْطُوفٌ عَلَى " قَطْعُ "، وَالْعِبْرَةُ فِي كَوْنِهِ مَقْدُورًا عَلَيْهِ أَوْ لَا بِحَالَةِ إصَابَةِ الْآلَةِ فَلَا نَظَرَ لِمَا قَبْلَهَا، فَلَوْ رَمَى غَيْرَ مَقْدُورٍ عَلَيْهِ فَأَصَابَهُ وَهُوَ مَقْدُورٌ عَلَيْهِ لَمْ يَحِلَّ أَوْ عَكْسُهُ حَلَّ س ل مُلَخَّصًا. (قَوْلُهُ: وَالْكَلَامُ فِي الذَّبْحِ اسْتِقْلَالًا) الْأَصْوَبُ، وَالْكَلَامُ فِي الذَّكَاةِ إلَخْ رَشِيدِيٌّ وَقَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَبْحَهُ الْأَوْلَى؛ لِأَنَّ ذَكَاتَهُ وَعِبَارَةُ التُّحْفَةِ؛ لِأَنَّ الشَّارِحَ جَعَلَ ذَبْحَ أُمِّهِ ذَكَاتَهُ وَعِبَارَةُ س ل قَوْلُهُ: لِأَنَّ ذَبْحَهُ إلَخْ أَيْ: وَإِنْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ وَبِهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ وَتَمَّ انْفِصَالُهُ وَهُوَ مَيِّتٌ؛ لِأَنَّ انْفِصَالَ بَعْضِ الْوَلَدِ لَا أَثَرَ لَهُ غَالِبًا.
(قَوْلُهُ: فَلَا يُرَدُّ الْجَنِينُ) أَيْ: عَلَى تَعْرِيفِ الذَّبْحِ، وَالرَّاجِحُ أَنَّ الْحَيَوَانَ الَّذِي لَمْ يُنْفَخْ فِيهِ الرُّوحُ، وَالْمُضْغَةُ، وَالْعَلَقَةُ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَدُ مِنْ خِلَافٍ طَوِيلٍ ب ش قَالَ الْعَلَّامَةُ الشَّوْبَرِيُّ: وَضَابِطُ حِلِّ الْجَنِينِ أَنْ يُنْسَبَ مَوْتُهُ إلَى تَذْكِيَةِ أُمِّهِ وَلَوْ احْتِمَالًا بِأَنْ يَمُوتَ بِتَذْكِيَتِهَا أَوْ يَبْقَى عَيْشُهُ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ عَيْشَ مَذْبُوحٍ، ثُمَّ يَمُوتَ أَوْ يَشُكُّ هَلْ مَاتَ بِالتَّذْكِيَةِ أَوْ بِغَيْرِهَا؟ فَيَحِلُّ؛ لِأَنَّهَا سَبَبٌ فِي حِلِّهِ، وَالْأَصْلُ عَدَمُ الْمَانِعِ فَخَرَجَ مَا لَوْ تَحَقَّقْنَا مَوْتَهُ قَبْلَ تَذْكِيَتِهَا وَمَا لَوْ أَخْرَجَ رَأْسَهُ مَيِّتًا أَوْ حَيًّا، ثُمَّ مَاتَ ثُمَّ ذُكِّيَتْ وَمَا لَوْ تَحَقَّقْنَا عَيْشَهُ بَعْدَ التَّذْكِيَةِ، ثُمَّ مَاتَ، كَمَا لَوْ اضْطَرَبَ فِي بَطْنِهَا بَعْدَ تَذْكِيَتِهَا زَمَانًا طَوِيلًا أَوْ تَحَرَّكَ فِي بَطْنِهَا تَحَرُّكًا شَدِيدًا، ثُمَّ سَكَنَ، ثُمَّ ذُكِّيَتْ (قَوْلُهُ: ذَكَاةُ الْجَنِينِ إلَخْ) وَهَمَ أَصْحَابُنَا رِوَايَةَ النَّصْبِ وَقَالُوا: الْمَحْفُوظُ رِوَايَةُ الرَّفْعِ، وَيَكُونُ ذَكَاةُ الْأَوَّلِ خَبَرًا مُقَدَّمًا، وَذَكَاةُ الثَّانِي مُبْتَدَأً مُؤَخَّرًا أَيْ: ذَكَاةُ أُمِّ الْجَنِينِ ذَكَاةً لَهُ لَا يَحْتَاجُ مَعَ تَذْكِيَتِهَا إلَى تَذْكِيَةٍ إذَا لَمْ تُدْرَكْ حَيَاتُهُ شَوْبَرِيٌّ وَهَذَا أَيْ: كَوْنُ " ذَكَاةً " خَبَرًا مُقَدَّمًا جَازَ عَلَى مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، فَأَمَّا الْحَنَفِيَّةُ الْقَائِلُونَ بِوُجُوبِ تَذْكِيَةِ الْجَنِينِ فَيُقَدِّرُونَ مُضَافًا أَيْ: مِثْلُ ذَكَاةِ أُمِّهِ وَمَحَلُّهُ إنْ كَانَ فِيهِ حَيَاةٌ مُسْتَقِرَّةٌ، وَإِلَّا فَهُوَ عِنْدَهُمْ مَيْتَةٌ؛ لِأَنَّ ذَكَاتَهُ حِينَئِذٍ لَا تُجْزِئُ وَفِي حَالَةِ النَّصْبِ يُقَدِّرُونَ الْكَافَ أَيْ: كَذَكَاةٍ، وَالشَّافِعِيَّةُ يُقَدِّرُونَ الْبَاءَ