الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَفْعُهَا لِكَافِرٍ وَلَا لِهَاشِمِيٍّ وَمُطَّلِبِيٍّ، وَلَا لِمَوَالِيهِمَا وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ وَلَا لِرَقِيقٍ لِأَنَّهَا حَقُّ اللَّهِ تَعَالَى فَاعْتُبِرَ فِيهَا صِفَاتُ الزَّكَاةِ فَتَعْبِيرِي بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ لَا كَافِرًا وَلَا هَاشِمِيًّا وَمُطَّلِبِيًّا، وَمِنْ اقْتِصَارِهِ فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ عَلَى الْعِيَالِ وَأَمَّا خَبَرُ «فَأَطْعِمْهُ أَهْلَكَ» السَّابِقُ فِي الصَّوْمِ فَمُؤَوَّلٌ كَمَا بَيَّنْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ وَتَعْبِيرِي بِمَلَّكَ أَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ كَفَّرَ بِإِطْعَامٍ لِإِخْرَاجِ مَا لَوْ غَدَّاهُمْ أَوْ عَشَّاهُمْ بِذَلِكَ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي، وَتَكْرِيرِي مُدًّا مِنْ زِيَادَتِي لِيَخْرُجَ مَا لَوْ فَاوَتَ بَيْنَهُمْ فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي، أَمَّا كَفَّارَةُ الْقَتْلِ فَلَا تَمْلِيكَ فِيهَا اقْتِصَارًا عَلَى الْوَارِدِ فِيهَا مِنْ الْإِعْتَاقِ ثُمَّ الصَّوْمِ، وَالْمُطْلَقُ إنَّمَا يُحْمَلُ عَلَى الْمُقَيَّدِ فِي الْأَوْصَافِ دُونَ الْأُصُولِ كَمَا حُمِلَ مُطْلَقُ الْيَدِ فِي التَّيَمُّمِ عَلَى تَقْيِيدِهَا بِالْمَرَافِقِ فِي الْوُضُوءِ وَلَمْ يُحْمَلْ تَرْكُ الرَّأْسِ وَالرِّجْلَيْنِ فِيهِ عَلَى ذِكْرِهِمَا فِي الْوُضُوءِ، وَتَمْلِيكُهُ مَا ذَكَرَ يَكُونُ (مِنْ جِنْسِ فُطْرَةٍ) كَبُرٍّ وَشَعِيرٍ وَأَقِطٍ وَلَبَنٍ فَلَا يُجْزِئُ لَحْمٌ وَدَقِيقٌ وَسَوِيقٌ وَهَذَا مَعَ قَوْلِي مُدًّا مُدًّا مِنْ زِيَادَتِي فِي كَفَّارَةِ الْجِمَاعِ.
(فَإِنْ عَجَزَ) عَنْ جَمِيعِ خِصَالِ الْكَفَّارَةِ (لَمْ تَسْقُطْ) أَيْ الْكَفَّارَةُ عَنْهُ بَلْ هِيَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ إلَى أَنْ يَقْدِرَ عَلَى شَيْءٍ مِنْهَا لِأَنَّهُ صلى الله عليه وسلم أَمَرَ الْأَعْرَابِيَّ أَنْ يُكَفِّرَ بِمَا دَفَعَهُ لَهُ مَعَ إخْبَارِهِ بِعَجْزِهِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي الذِّمَّةِ حِينَئِذٍ.
(فَإِذَا قَدَرَ عَلَى خَصْلَةٍ) مِنْ خِصَالِهَا (فَعَلَهَا) وَلَا يَتَبَعَّضُ الْعِتْقُ وَلَا الصَّوْمُ بِخِلَافِ الْإِطْعَامِ حَتَّى لَوْ وَجَدَ بَعْضَ مُدٍّ أَخْرَجَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا بَدَلَ لَهُ وَبَقِيَ الْبَاقِي فِي ذِمَّتِهِ، وَقَوْلِي فَإِنْ عَجَزَ إلَى آخِرِهِ مِنْ زِيَادَتِي فِي كَفَّارَةِ غَيْرِ الْجِمَاعِ.
(كِتَابُ اللِّعَانِ وَالْقَذْفِ)
بِمُعْجَمَةٍ وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ وَشَرْعًا الرَّمْيُ بِالزِّنَا فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ. وَذِكْرُهُ فِي التَّرْجَمَةِ مِنْ زِيَادَتِي
ــ
[حاشية البجيرمي]
كَذَلِكَ فَكَأَنَّ الْمُكَفِّرَ عَمَّ جَمِيعَ الْأَنْوَاعِ بِصَدَقَتِهِ. (قَوْلُهُ: وَلَا لِمَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ) الصَّوَابُ حَذْفُ الْهَاءِ لِيَتَنَاوَلَ مَنْ يَجِبُ عَلَى غَيْرِ الْمُكَفِّرِ الْإِنْفَاقُ عَلَيْهِ عَمِيرَةُ.
(قَوْلُهُ: وَلَا هَاشِمِيًّا إلَخْ) لِأَنَّهُ لَا يَشْمَلُ الْمُولِيَ، وَقَوْلُهُ: فَمُؤَوَّلٌ لِأَنَّ الْكَفَّارَةَ بَاقِيَةٌ فِي ذِمَّتِهِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِأَهْلِهِ الَّذِينَ لَا تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُمْ، وَأَحْسَنُ الْأَجْوِبَةِ مَا قَالَهُ ق ل إنَّ الْمُكَفِّرَ هُوَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم مِنْ عِنْدِهِ وَالرَّجُلُ الْمَذْكُورُ نَائِبٌ عَنْهُ فِي التَّفْرِقَةِ فَحِينَئِذٍ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ عَلَى عِيَالِهِ الَّذِينَ تَلْزَمُهُ نَفَقَتُهُمْ مِنْهَا وَمَحَلُّ مَنْعِ دَفْعِهَا لَهُمْ إذَا كَانَتْ مِنْ عِنْدِهِ. (قَوْلُهُ: مَا لَوْ فَاوَتَ بَيْنَهُمْ) فَإِنَّهُ لَا يَكْفِي إعْطَاءُ مَنْ حَصَلَ لَهُ دُونَ مُدٍّ بَلْ لَا بُدَّ أَنْ يُكْمِلَ لَهُ وَلَوْ جَمَعَ السِّتِّينَ مُدًّا وَوَضَعَهَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ، وَقَالَ مَلَّكْتُكُمْ هَذَا فَقَبِلُوهُ أَجْزَأَ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالسَّوِيَّةِ وَلَهُمْ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ أَنْ يَقْتَسِمُوهُ بِالتَّفَاوُتِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مَلَكَ مُدًّا بِالْقَبُولِ، وَالتَّفَاوُتُ إنَّمَا هُوَ عِنْدَ الْقِسْمَةِ فَيَكُونُ مَنْ خَصَّهُ بَعْضُ مُدٍّ مُسَامِحًا بِالْبَاقِي لِمَنْ أَخَذَهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ خُذُوهُ وَنَوَى الْكَفَّارَةَ فَإِنَّهُ إنَّمَا يُجْزِئُهُ إذَا أَخَذُوا بِالسَّوِيَّةِ وَإِلَّا لَمْ يُجْزِ إلَّا مَنْ أَخَذَ مُدًّا دُونَ مَنْ أَخَذَ دُونَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْمَسْأَلَتَيْنِ أَنَّ الْأُولَى فِيهَا الْمُمَلِّكُ الْقَبُولُ الْوَاقِعُ بِهِ التَّسَاوِي قَبْلَ الْأَخْذِ، وَالْمُمَلِّكُ فِي الثَّانِي إنَّمَا هُوَ الْأَخْذُ فَاشْتُرِطَ فِيهِ التَّسَاوِي تَأَمَّلْ ح ل. (قَوْلُهُ دُونَ الْأُصُولِ) أَيْ: الذَّوَاتِ. (قَوْلُهُ عَلَى تَقْيِيدِهَا) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ عَلَى غَسْلِهَا فِي الْوُضُوءِ لِلْمَرَافِقِ لِأَنَّ الْحَمْلَ إنَّمَا هُوَ عَلَى الْمُقَيَّدِ لَا عَلَى التَّقْيِيدِ. (قَوْلُهُ تَرْكُ الرَّأْسِ) أَيْ: تَرْكُ مَسْحِ الرَّأْسِ وَإِضَافَةُ تَرْكُ لِلْمَسْحِ الْمُقَدَّرِ مِنْ إضَافَةِ الصِّفَةِ لِلْمَوْصُوفِ أَيْ: مَسْحُ الرَّأْسِ الْمَتْرُوكِ لِأَنَّ الْمَحْمُولَ إنَّمَا هُوَ الْمَسْحُ لَا التَّرْكُ تَدَبَّرْ. (قَوْلُهُ: يَكُونُ) أَيْ التَّمْلِيكُ بِمَعْنَى الْمِلْكِ إذْ الْمَصْدَرُ لَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِ الْفِطْرَةِ لَكِنْ يُبْعِدُهُ قَوْلُهُ: مَا ذَكَرَ؛ لِأَنَّهُ الْمُمَلِّكُ وَالْأَوْلَى بَقَاءُ التَّمْلِيكِ عَلَى حَالِهِ، وَتُجْعَلُ مِنْ فِي قَوْلِهِ مِنْ جِنْسِ الْفِطْرَةِ ابْتِدَائِيَّةً لَا تَبْعِيضِيَّةً.
. (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) وَحِينَئِذٍ لَا يَحْرُمُ الْوَطْءُ عَلَى الْمُظَاهِرِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا وَإِنْ لَمْ يَشُقَّ عَلَيْهِ تَرْكُهُ ق ل عَلَى الْجَلَالِ. (قَوْلُهُ: وَلَا يَتَبَعَّضُ الْعِتْقُ وَلَا الصَّوْمُ) فَلَا أَثَرَ لِلْقُدْرَةِ عَلَى بَعْضِ عِتْقٍ وَلَا بَعْضِ صَوْمٍ فَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَعْتِقَ الْبَعْضَ وَيَصُومَ شَهْرًا لَمْ يَصِحَّ ح ل. (قَوْلُهُ: فِي ذِمَّتِهِ) يُخْرِجُهُ إذَا أَيْسَرَ فَلَوْ قَدَرَ بَعْدَ إخْرَاجِ ذَلِكَ الْبَعْضِ عَلَى غَيْرِ الْإِطْعَامِ كَالرَّقَبَةِ أَوْ الصَّوْمِ لَمْ يَجِبْ الْإِتْيَانُ بِذَلِكَ لِشُرُوعِهِ فِي الْإِطْعَامِ ح ل.
[كِتَابُ اللِّعَانِ وَالْقَذْفِ]
قَدَّمَ اللِّعَانَ فِي التَّرْجَمَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَقْصُودُ بِالذَّاتِ وَلَمَّا كَانَ الْقَذْفُ وَسِيلَةً إلَيْهِ وَمُقَدَّمًا عَلَيْهِ قَدَّمَهُ فِي الْبَيَانِ، فَعَطْفُهُ عَلَيْهِ عَطْفُ سَبَبٍ عَلَى مُسَبِّبٍ شَيْخُنَا (قَوْلُهُ: وَهُوَ لُغَةً الرَّمْيُ) سَلَكَ فِي التَّعْرِيفِ اللَّفَّ وَالنَّشْرَ الْمُشَوِّشَ لِطُولِ الْكَلَامِ عَلَى اللِّعَانِ. (قَوْلُهُ الرَّمْيُ بِالزِّنَا) أَيْ: النِّسْبَةُ إلَيْهِ يُقَالُ رَمَاهُ بِكَذَا أَيْ: نَسَبَهُ إلَيْهِ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ شَبَّهَ الزِّنَا بِسَهْمٍ يُرْمَى وَإِثْبَاتُ الرَّمْيِ تَخْيِيلٌ. (قَوْلُهُ: فِي مَعْرِضِ التَّعْيِيرِ) أَيْ: مَقَامِ إظْهَارِ الْعَارِ فَخَرَجَ الشُّهُودُ عَلَى الزِّنَا وَالشُّهُودُ بِتَجْرِيحِ الْبَيِّنَةِ بِأَنْ شَهِدَ رَجُلَانِ بِزِنَا الْبَيِّنَةِ لِأَنَّ قَصْدَهُمَا إبْطَالُ شَهَادَتِهِمَا لَا التَّعْيِيرُ، فَمِنْ ثَمَّ اُكْتُفِيَ بِشَاهِدَيْنِ، وَخَرَجَ أَيْضًا نَحْوُ قَوْلِ الرَّجُلِ لِبِنْتِ سَنَةٍ مَثَلًا: يَا زَانِيَةُ يَا قَحْبَةُ، قَالَ ح ل يَرُدُّ عَلَى تَعْرِيفِ الْقَذْفِ مَا لَوْ شَهِدَ عَلَى الزِّنَا دُونَ أَرْبَعٍ فَإِنَّهُمْ لَمْ يُرِيدُوا التَّعْيِيرَ خُصُوصًا إذَا كَانُوا طَامِعِينَ فِي شَهَادَةِ الرَّابِعِ فَأَعْرَضَ مَعَ أَنَّهُمْ قَذَفَةٌ إلَّا أَنْ يُقَالَ هُمْ فِي حُكْمِ الْقَذَفَةِ رَدْعًا عَنْ الْقَذْفِ بِصُورَةِ الشَّهَادَةِ وَفِيهِ أَنَّ هَذَا قَدْ لَا يَأْتِي فِيمَا إذَا كَانُوا طَامِعِينَ فِي شَهَادَةِ الرَّابِعِ وَأَيْضًا رُبَّمَا يَكُونُ هَذَا مَانِعًا لِلشَّهَادَةِ لِاحْتِمَالِ رُجُوعِ مَنْ وَافَقَ عَلَيْهَا وَفِي الْمِصْبَاحِ الْعَارُ كُلُّ شَيْءٍ يَلْزَمُهُ مِنْهُ عَيْبٌ أَوْ مَسَبَّةٌ وَعَيَّرْته بِكَذَا قَبَّحْته عَلَيْهِ وَعَيَّرْته عَلَيْهِ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَبِالْبَاءِ قَلِيلًا فَيُقَالُ عَيَّرْته بِهِ وَهُمَا
وَاللِّعَانُ لُغَةً: مَصْدَرُ لَاعَنَ وَقَدْ يُسْتَعْمَلُ جَمْعًا لِلَّعْنِ وَهُوَ الطَّرْدُ وَالْإِبْعَادُ، وَشَرْعًا: كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ جُعِلَتْ حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ إلَى قَذْفِ مَنْ لَطَّخَ فِرَاشَهُ وَأَلْحَقَ الْعَارَ بِهِ أَوْ إلَى نَفْيِ وَلَدٍ كَمَا سَيَأْتِي وَسُمِّيَتْ لِعَانًا لِاشْتِمَالِهَا عَلَى كَلِمَةِ اللَّعْنِ وَلِأَنَّ كُلًّا مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَبْعُدُ عَنْ الْآخَرِ بِهَا إذْ يَحْرُمُ النِّكَاحُ بَيْنَهُمَا أَبَدًا، وَالْأَصْلُ فِيهِ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ أَزْوَاجَهُمْ} [النور: 6] الْآيَاتِ وَسَبَبُ نُزُولِهَا ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ وَغَيْرِهِ (صَرِيحُهُ) أَيْ صَرِيحُ الْقَذْفِ وَهُوَ مَا اشْتَهَرَ فِيهِ (كَزَنَيْتَ) وَلَوْ مَعَ قَوْلِهِ فِي الْجَبَلِ (وَيَا زَانِي وَيَا زَانِيَةُ وَزَنَى ذَكَرُك أَوْ فَرْجُك) أَوْ بَدَنُك وَإِنْ كَسَرَ التَّاءَ وَالْكَافَ فِي خِطَابِ الرَّجُلِ أَوْ فَتَحَهُمَا فِي خِطَابِ الْمَرْأَةِ أَوْ قَالَ لِلرَّجُلِ يَا زَانِيَةُ وَلِلْمَرْأَةِ يَا زَانِي؛ لِأَنَّ اللَّحْنَ فِي ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ الْفَهْمَ وَلَا يَدْفَعُ الْعَارَ (وَكَرَمْيٍ بِإِيلَاجِ حَشَفَةٍ) أَوْ قَدْرِهَا مِنْ فَاقِدِهَا (بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ) بِأَنْ وُصِفَ الْإِيلَاجُ فِيهِ بِالتَّحْرِيمِ (أَوْ) بِإِيلَاجِ ذَلِكَ (بِدُبُرٍ) فَإِنْ لَمْ يَصِفْ الْأَوَّلَ بِتَحْرِيمٍ، فَلَيْسَ بِصَرِيحٍ لِصِدْقِهِ بِالْحَلَالِ بِخِلَافِ الثَّانِي سَوَاءٌ أَخُوطِبَ بِذَلِكَ رَجُلٌ أَمْ امْرَأَةٌ كَأَنْ يُقَالَ لَهُ: أَوْلَجْت فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ أَوْ دُبُرٍ أَوْ أُولِجَ فِي دُبُرِك وَلَهَا أُولِجَ فِي فَرْجِك الْمُحَرَّمِ أَوْ دُبُرِك فَإِنْ ادَّعَى مَا لَيْسَ زِنًا كَأَنْ قَالَ: أَرَدْت إيلَاجَهُ فِي فَرْجِ حَلِيلَتِهِ الْحَائِضِ أَوْ الْمُحَرَّمَةِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
يَتَعَايَرَانِ أَيْ: يَتَعَايَبَانِ. (قَوْلُهُ لُغَةً مَصْدَرُ لَاعَنَ) أَيْ: مَدْلُولُهُ وَهُوَ التَّكَلُّمُ بِكَلِمَاتِ اللِّعَانِ لِأَنَّ الْمَصْدَرَ اسْمٌ لِلَّفْظِ وَلَيْسَ مَعْنًى لُغَوِيًّا. (قَوْلُهُ: جَمْعًا لِلَعْنٍ) كَكَعْبٍ وَكِعَابٍ قَالَ ابْنُ مَالِكٍ:
فَعْلٌ وَفَعْلَةٌ فِعَالٌ لَهُمَا
(قَوْلُهُ: كَلِمَاتٌ مَعْلُومَةٌ) وَجُعِلَتْ فِي جَانِبِ الْمُدَّعِي مَعَ أَنَّهَا أَيْمَانٌ عَلَى الْأَصَحِّ رُخْصَةً لِعُسْرِ الْبَيِّنَةِ بِزِنَاهَا أَوْ صِيَانَةً لِلْأَنْسَابِ عَنْ الِاخْتِلَاطِ اهـ. م ر وَلَيْسَ لَنَا يَمِينٌ يَتَعَدَّدُ إلَّا هُنَا وَفِي الْقَسَامَةِ اهـ. سم وَالْمُرَادُ بِالْكَلِمَاتِ الْجُمَلُ مَجَازًا فَعَبَّرَ بِالْبَعْضِ وَأَرَادَ الْكُلَّ (قَوْلُهُ: حُجَّةً لِلْمُضْطَرِّ) بِمَعْنَى أَنَّهَا سَبَبٌ دَافِعَةٌ لِلْحَدِّ عَنْ الْمُضْطَرِّ ع ش عَلَى م ر أَيْ: شَأْنُهُ الِاضْطِرَارُ إلَى تِلْكَ الْأَيْمَانِ وَإِلَّا فَسَيَأْتِي فِي كَلَامِهِ أَنَّ لَهُ أَنْ يُلَاعِنَ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ بَيِّنَةٌ ح ل (قَوْلُهُ: إلَى قَذْفِ مَنْ) فِيهِ أَنَّهُ لَيْسَ مُضْطَرًّا إلَى الْقَذْفِ وَإِنَّمَا هُوَ مُضْطَرٌّ إلَى دَفْعِ الْحَدِّ عَنْهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ كَلَامَهُ عَلَى حَذْفِ مُضَافَيْنِ تَقْدِيرُهُ إلَى دَفْعِ مُوجَبِ الْقَذْفِ وَهُوَ الْحَدُّ وَقَوْلُهُ: إلَى قَذْفِ مَنْ أَيْ زَوْجَةٍ لَطَّخَ أَيْ: تِلْكَ الزَّوْجَةُ وَذُكِّرَ بِاعْتِبَارِ اللَّفْظِ وَقَوْلُهُ: فِرَاشَهُ أَيْ: الْمُضْطَرِّ وَالْفِرَاشُ هُوَ الزَّوْجَةُ لِأَنَّهَا فِرَاشُ زَوْجِهَا فَالْمَعْنَى إلَى قَذْفِ زَوْجَةٍ لَطَّخَتْ نَفْسَهَا وَقَوْلُهُ وَأُلْحِقَ أَيْ: مَنْ وَقَوْلُهُ: بِهِ أَيْ بِالْمُضْطَرِّ فَهُوَ عَطْفُ مُسَبَّبٍ وَقِيلَ تَفْسِيرٌ وَفِيهِ نَظَرٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى كَلِمَةِ اللَّعْنِ) وَخَصَّهُ بِذَلِكَ دُونَ لَفْظِ الْغَضَبِ وَالشَّهَادَةِ مَعَ اشْتِمَالِهَا عَلَيْهِمَا لِغَرَابَتِهِ فِي الْحُجَجِ وَالشَّهَادَاتِ وَالْأَيْمَانِ لِأَنَّ الشَّيْءَ يَشْتَهِرُ بِمَا فِيهِ مِنْ الْغَرِيبِ وَعَلَيْهِ جَاءَتْ أَسْمَاءُ السُّوَرِ اهـ. ح ل وَلِأَنَّ الْغَضَبَ يَقَعُ فِي جَانِبِ الْمَرْأَةِ وَجَانِبُ الرَّجُلِ أَقْوَى وَلِأَنَّ لِعَانَهُ مُتَقَدِّمٌ عَلَى لِعَانِهَا فِي الْآيَةِ وَالْوَاقِعِ وَقَدْ يَنْفَكُّ عَنْ لِعَانِهَا شَرْحُ الرَّوْضِ (قَوْلُهُ: كُلًّا مِنْ الْمُتَلَاعِنَيْنِ يَبْعُدُ عَنْ الْآخَرِ) أَيْ: وَاللِّعَانُ مُضَمَّنٌ مَعْنَى الْبُعْدِ.
(قَوْلُهُ: ذَكَرْته فِي شَرْحِ الرَّوْضِ) وَهُوَ «أَنَّ هِلَالَ بْنَ أُمَيَّةَ قَذَفَ زَوْجَتَهُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِشَرِيكِ ابْنِ سَحْمَاءَ فَقَالَ لَهُ الْبَيِّنَةُ أَوْ حَدٌّ فِي ظَهْرِك فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إذَا رَأَى أَحَدُنَا مَعَ امْرَأَتِهِ رَجُلًا يَنْطَلِقُ يَلْتَمِسُ الْبَيِّنَةَ فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يُكَرِّرُ ذَلِكَ فَقَالَ هِلَالٌ وَاَلَّذِي بَعَثَك بِالْحَقِّ إنِّي لَصَادِقٌ وَلَيُنْزِلَنَّ اللَّهُ مَا يُبَرِّئُ ظَهْرِي مِنْ الْحَدِّ فَنَزَلَتْ الْآيَاتُ» . (قَوْلُهُ مَا اشْتَهَرَ إلَخْ) فِيهِ أَنَّهُ يَصْدُقُ بِالْكِنَايَةِ إلَّا أَنَّهُ يُلَاحَظُ فِي التَّعْرِيفِ وَلَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَهُ (قَوْلُهُ: وَيَا زَانِيَةُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ هَذَا اللَّفْظُ عَلَمًا لَهَا فَلَا يَكُونُ قَذْفًا إلَّا بِنِيَّتِهِ كَمَا سَبَقَ فِي نِدَاءِ مَنْ اسْمُهَا طَالِقٌ وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَةٍ يَا قَحْبَةُ أَوْ لِرَجُلٍ يَا مُخَنَّثُ أَوْ يَا عِلْقُ فَصَرِيحٌ لِلْعُرْفِ. اهـ. ز ي مُلَخَّصًا وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ م ر أَنَّ يَا عِلْقُ كِنَايَةٌ اهـ. لِأَنَّ الْعِلْقَ مَعْنَاهُ لُغَةً الشَّيْءُ النَّفِيسُ وَاللَّفْظُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ يُحْمَلُ عَلَى مَعْنَاهُ اللُّغَوِيِّ ع ش عَلَى م ر لَكِنْ يُعَزَّرُ إنْ لَمْ يُرِدْ الْقَذْفَ كَمَا أَفْتَى بِهِ وَالِدُ م ر وَيَا عَاهِرُ صَرِيحَةٌ لِأَنَّ الْعَهْرَ الزِّنَا كَمَا فِي الْحَدِيثِ «وَلِلْعَاهِرِ الْحَجَرُ» اهـ. سم قَالَ م ر وَمَا يُقَالُ بَيْنَ الْجَهَلَةِ بَلَّاعُ الزُّبِّ، يَنْبَغِي أَنْ لَا يَكُونَ صَرِيحًا فِي الرَّمْيِ بِالزِّنَا لِاحْتِمَالِ بَلْعِهِ بِالْفَمِ س ل وَع ن قَالَ الْبُلْقِينِيُّ: وَلَا كِنَايَةً شَوْبَرِيٌّ وَهُوَ بَعِيدٌ بَلْ هُوَ كِنَايَةٌ وَيَا لَائِطُ صَرِيحٌ بِخِلَافِ يَا لُوطِيُّ فَكِنَايَةٌ لِاحْتِمَالِ إرَادَةِ كَوْنِهِ عَلَى دِينِ قَوْمِ لُوطٍ وَكَذَا الْأَلْفَاظُ الشَّنِيعَةُ الْمَشْهُورَةُ بَيْنَ النَّاسِ كَعَرْصٍ وَسُوسٍ وَطِنْجِيرٍ وَمَأْبُونٍ وَكَخَنٍّ وَأَنْتَ لَا تَرُدُّ يَدَ لَامِسٍ م ر.
(قَوْلُهُ: بِفَرْجٍ مُحَرَّمٍ) أَيْ: لِذَاتِهِ فَلَا يَصْدُقُ بِالْإِيلَاجِ فِي فَرْجِ حَائِضٍ لِأَنَّ تَحْرِيمَهُ لِعَارِضٍ قَالَ ح ل وَذَكَرَ الزَّرْكَشِيُّ أَنَّ الصَّوَابَ كَمَا قَالَهُ فِي الْمَطْلَبِ أَنْ يُضِيفَ إلَى وَصْفِهِ بِالتَّحْرِيمِ مَا يَقْتَضِي الزِّنَا بِأَنْ يَقُولَ مِنْ غَيْرِ شُبْهَةِ الْمِلْكِ أَوْ الْمَحَلِّ لِإِخْرَاجِ وَطْءِ الْمُحَرَّمِ الْمَمْلُوكِ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ وَصَفَ الْإِيلَاجَ) يَقْتَضِي أَنَّ مُحَرَّمًا فِي الْمَتْنِ صِفَةٌ لِلْإِيلَاجِ وَقَوْلُهُ: بَعْدُ أَوْ فِي فَرْجٍ مُحَرَّمٍ يَقْتَضِي أَنَّهُ صِفَةٌ لِفَرْجٍ فَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إلَى صِحَّةِ كُلٍّ مِنْهُمَا.
(قَوْلُهُ: أَوْ دُبُرٍ) اُنْظُرْ هَذَا مَعَ صِدْقِهِ بِالْإِيلَاجِ فِي دُبُرِ زَوْجَتِهِ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا إلَّا أَنَّهُ لَا يُوجِبُ الْحَدَّ لَا عَلَى الْقَاذِفِ وَلَا عَلَى الْفَاعِلِ وَهَلْ هُوَ زِنًا أَوْ لَا اهـ؟ سم الظَّاهِرُ لَا كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَعَنْ دُبُرِ حَلِيلَتِهِ بَعْدَ قَوْلِهِ عَنْ زِنًا فَمِنْ ثَمَّ قَالَ م ر لَا بُدَّ مِنْ تَقْيِيدِ الْإِيلَاجِ فِي الدُّبُرِ بِكَوْنِهِ عَلَى وَجْهِ اللِّوَاطِ إذَا كَانَ الْمَقْذُوفُ زَوْجًا أَوْ زَوْجَةً وَإِلَّا بِأَنْ كَانَ خَلِيًّا فَيَكُونُ قَذْفًا مُطْلَقًا.
صُدِّقَ بِيَمِينِهِ (وَ) كَقَوْلِهِ: (لِخُنْثَى زَنَى فَرْجَاك) فَإِنْ ذَكَرَ أَحَدَهُمَا فَكِنَايَةٌ وَهَذَا مِنْ زِيَادَتِي (وَ) كَقَوْلِهِ: (لِوَلَدِ غَيْرِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ) هُوَ صَرِيحٌ فِي قَذْفِ أُمِّ الْمُخَاطَبِ (إلَّا لِمَنْفِيٍّ بِلِعَانٍ) بِقَيْدٍ زِدْته بِقَوْلِي (وَلَمْ يُسْتَلْحَقْ) أَيْ لَمْ يَسْتَلْحِقْهُ النَّافِي فَلَيْسَ صَرِيحًا بَلْ كِنَايَةً فَيُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ أَرَدْت تَصْدِيقَ النَّافِي فِي نِسْبَةِ أُمِّهِ إلَى الزِّنَا فَقَاذِفٌ لَهَا أَوْ أَرَدْت أَنَّ النَّافِيَ نَفَاهُ أَوْ انْتَفَى نَسَبُهُ مِنْهُ شَرْعًا، أَوْ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُ خَلْقًا أَوْ خُلُقًا صُدِّقَ بِيَمِينِهِ وَيُعَزَّرُ لِلْإِيذَاءِ، أَمَّا لَوْ قَالَهُ لِمَنْفِيٍّ بَعْدَ اسْتِلْحَاقِهِ فَصَرِيحٌ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ احْتِمَالًا مُمْكِنًا كَقَوْلِهِ: لَمْ يَكُنْ ابْنَهُ حِينَ نَفَاهُ فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.
(وَكِنَايَتُهُ كَزَنَأْتَ وَزَنَأْت فِي الْجَبَلِ) بِالْهَمْزَةِ فِيهِمَا؛ لِأَنَّ الزَّنْءَ هُوَ الصُّعُودُ بِخِلَافِ زَنَأْت فِي الْبَيْتِ بِالْهَمْزِ فَصَرِيحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسْتَعْمَلُ بِمَعْنَى الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ وَنَحْوِهِ زَادَ فِي الرَّوْضَةِ أَنَّ هَذَا كَلَامُ الْبَغَوِيّ وَأَنَّ غَيْرَهُ قَالَ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَيْتِ دَرَجٌ يَصْعَدُ إلَيْهِ فِيهَا فَصَرِيحٌ قَطْعًا وَإِنْ كَانَ فَوَجْهَانِ انْتَهَى وَأَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ.
(وَ) كَقَوْلِهِ: لِغَيْرِهِ (زَنَى يَدُكَ) أَوْ رِجْلُك (أَوْ يَا فَاجِرُ) أَوْ يَا فَاسِقُ أَوْ يَا فَاجِرَةُ أَوْ يَا فَاسِقَةُ (وَأَنْتِ تُحِبِّينَ الْخَلْوَةَ أَوْ لَمْ أَجِدْكِ بِكْرًا) سَوَاءٌ قَالَهُ لِزَوْجَتِهِ أَمْ لِغَيْرِهَا وَإِنْ أَوْهَمَ كَلَامُ الْأَصْلِ كَغَيْرِهِ تَخْصِيصَهُ بِالزَّوْجَةِ فِي الْأَخِيرَةِ قَالَ الزَّرْكَشِيُّ وَيُشْبِهُ أَنَّهَا مُصَوَّرَةٌ بِمَنْ لَمْ يُعْلَمْ لَهَا تَقَدُّمُ افْتِضَاضٍ مُبَاحٍ فَإِنْ عُلِمَ فَلَا صَرِيحَ وَلَا كِنَايَةَ.
(وَلِعَرَبِيٍّ يَا نَبَطِيُّ) نِسْبَةً لِلْأَنْبَاطِ قَوْمٌ يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ سُمُّوا بِذَلِكَ لِاسْتِنْبَاطِهِمْ الْمَاءَ مِنْ الْأَرْضِ أَيْ إخْرَاجِهِ مِنْهَا، وَالْقَذْفُ فِيهِ إنْ أَرَادَهُ لِأُمِّ الْمُخَاطَبِ حَيْثُ نَسَبَهُ إلَى غَيْرِ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ يُرِيدُ أَنَّهُ لَا يُشْبِهُهُمْ فِي السِّيَرِ وَالْأَخْلَاقِ وَتَعْبِيرِي بِالْعَرَبِيِّ أَعَمُّ مِنْ تَعْبِيرِهِ بِالْقُرَشِيِّ (وَلِوَلَدِهِ لَسْت ابْنِي) بِخِلَافِهِ فِي وَلَدِ غَيْرِهِ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ الْأَبَ لِاحْتِيَاجِهِ إلَى تَأْدِيبِ وَلَدِهِ يُحْمَلُ مَا قَالَهُ عَلَى التَّأْدِيبِ بِخِلَافِ الْأَجْنَبِيِّ وَيُسْأَلُ فَإِنْ قَالَ: أَرَدْت أَنَّهُ مِنْ زِنًا فَقَاذِفٌ لِأُمِّهِ وَأَنَّهُ لَا يُشْبِهُنِي خُلُقًا أَوْ خَلْقًا فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ.
(وَتَعْرِيضِهِ كَيَا ابْنَ الْحَلَالِ وَأَنَا لَسْت بِزَانٍ لَيْسَ قَذْفًا) وَإِنْ نَوَاهُ؛ لِأَنَّ النِّيَّةَ إنَّمَا تُؤَثِّرُ إذَا احْتَمَلَ اللَّفْظُ الْمَنْوِيَّ وَلَا احْتِمَالَ لَهُ هُنَا، وَمَا يُفْهَمُ وَيُتَخَيَّلُ مِنْهُ فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَاللَّفْظُ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْقَذْفُ إنْ لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَهُ فَصَرِيحٌ وَإِلَّا فَإِنْ فُهِمَ مِنْهُ الْقَذْفُ بِوَضْعِهِ فَكِنَايَةٌ وَإِلَّا فَتَعْرِيضٌ.
(وَقَوْلُهُ) لِغَيْرِهِ (زَنَيْتُ بِكَ إقْرَارٌ بِزِنًا) عَلَى نَفْسِهِ (وَقَذْفٌ) لِلْمُخَاطَبِ (وَلَوْ قَالَ لِزَوْجَتِهِ يَا زَانِيَةُ فَقَالَتْ) جَوَابًا (زَنَيْتُ بِكَ أَوْ أَنْت أَزَنَى مِنِّي فَقَاذِفٌ لَهَا) لِإِتْيَانِهِ بِلَفْظِ الْقَذْفِ الصَّرِيحِ
ــ
[حاشية البجيرمي]
فَإِذَا قَالَ لَهَا: أُولِجَ فِي دُبُرِك وَكَانَتْ خَلِيَّةً كَانَ صَرِيحًا مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدٍ وَإِلَّا فَلَا يَكُونُ صَرِيحًا إلَّا بِالتَّقْيِيدِ الْمَذْكُورِ. (قَوْلُهُ: صُدِّقَ بِيَمِينِهِ) فَهُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَأَمَّا لَوْ قَالَ أَرَدْت بِالدُّبْرِ دُبُرَ الْحَلِيلَةِ فَهَلْ يُقْبَلُ؟ الظَّاهِرُ نَعَمْ فَهُوَ صَرِيحٌ يَقْبَلُ الصَّرْفَ وَلَوْ قَالَ لَهُ: زَنَيْتَ بِبَهِيمَةٍ لَزِمَهُ التَّعْزِيرُ ح ل وَكَتَبَ أَيْضًا قَوْلُهُ صُدِّقَ بِيَمِينِهِ فِيهِ أَنَّ الْكِنَايَةَ أَيْضًا قَدْ يُصَدَّقُ فِيهَا بِيَمِينِهِ فَمَا الْفَرْقُ؟ وَأُجِيبَ بِأَنَّ الِاحْتِمَالَ الَّذِي يُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ فِي الصَّرِيحِ مَرْجُوحٌ وَالِاحْتِمَالَ الَّذِي يُصَدَّقُ فِيهِ بِيَمِينِهِ فِي الْكِنَايَةِ قَوِيٌّ مُسَاوٍ لِلِاحْتِمَالِ الْآخَرِ.
. (قَوْلُهُ: كَزَنَأْت) أَيْ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ قَلَبَ الْيَاءَ هَمْزَةً فَيَكُونُ قَذْفًا وَأَنْ تَكُونَ الْهَمْزَةُ أَصْلِيَّةً فَلَا يَكُونُ. (قَوْلُهُ: وَأَوْجَهُهُمَا أَنَّهُ كِنَايَةٌ) الْمُعْتَمَدُ أَنَّهُ صَرِيحٌ مُطْلَقًا لِأَنَّ قَصْدَ الصُّعُودِ فِي الْبَيْتِ بَعِيدٌ جِدًّا كَمَا قَالَهُ ز ي.
. (قَوْلُهُ: أَوْ يَا فَاجِرُ) قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ فَجَرَ الْعَبْدُ فُجُورًا مِنْ بَابِ قَعَدَ فَسَقَ وَزَنَى. (قَوْلُهُ: وَيُشْبِهُ إلَخْ) مُعْتَمَدٌ س ل.
. (قَوْلُهُ قَوْمٌ) أَيْ: مِنْ الْعَجَمِ فَقَدْ نَسَبَ الْعَرَبِيَّ لِغَيْرِ الْعَرَبِ، وَقَوْلُهُ: يَنْزِلُونَ الْبَطَائِحَ جَمْعُ أَبْطُحٍ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ فِيهِ دِقَاقُ الْحَصَى يَسِيلُ فِيهِ الْمَاءُ. (قَوْلُهُ: بَيْنَ الْعِرَاقَيْنِ) أَيْ: عِرَاقِ الْعَرَبِ، وَعِرَاقِ الْعَجَمِ. (قَوْلُهُ: لَا يُشْبِهُهُمْ) أَيْ لَا يُشْبِهُ مَنْ يُنْسَبُ إلَيْهِمْ، وَقَوْلُهُ: وَالْأَخْلَاقِ تَفْسِيرٌ. (قَوْلُهُ: لَسْت ابْنِي) أَوْ قَالَ لَهُ أَنْت ابْنُ زِنًا لِأَنَّ هَذَا كَثِيرًا مَا يُسْتَعْمَلُ عِنْدَ عُقُوقِ الْوَلَدِ لِوَالِدِهِ وَعِنْدَ شُحِّهِ عَلَيْهِ وَبِرِّهِ لِلْأَجَانِبِ ح ل. (قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ لَسْت ابْنَ فُلَانٍ وَكَأَنَّ وَجْهَ جَعْلِهِمْ لَهُ صَرِيحًا فِي قَذْفِ أُمِّهِ مَعَ احْتِمَالِ لَفْظِهِ لِكَوْنِهِ مِنْ وَطْءِ شُبْهَةٍ نُدْرَةُ وَطْءِ الشُّبْهَةِ فَلَمْ يُحْمَلُ اللَّفْظُ عَلَيْهِ بَلْ عَلَى مَا يَتَبَادَرُ مِنْهُ وَهُوَ كَوْنُهُ مِنْ زِنًا وَبِهَذَا يَقْرُبُ مَا أَفْهَمَهُ إطْلَاقُهُمْ أَنَّهُ لَوْ فَسَّرَ كَلَامَهُ بِذَلِكَ لَا يُقْبَلُ شَرْحُ م ر (قَوْلُهُ: وَيُسْأَلُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نُدِبَ سُؤَالُهُ لَا أَنَّهُ يَجِبُ لِأَنَّا نَحْمِلُهُ عَلَى عَدَمِ الْقَذْفِ إلَّا إنْ قَالَ: أَرَدْت مِنْ زِنًا حَرِّرْ اهـ. ح ل (قَوْلُهُ: فَيُصَدَّقُ بِيَمِينِهِ) فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَتْ وَلَحِقَهُ الْوَلَدُ وَلَزِمَهُ الْحَدُّ وَلَهُ اللِّعَانُ لِإِسْقَاطِ الْحَدِّ.
. (قَوْلُهُ: وَتَعْرِيضُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ ابْنِ السُّبْكِيّ وَالتَّعْرِيضُ لَفْظٌ اُسْتُعْمِلَ فِي مَعْنَاهُ لِيُلَوَّحَ بِغَيْرِهِ فَهُوَ حَقِيقَةٌ أَبَدًا اهـ. (قَوْلُهُ: فَهُوَ أَثَرُ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ) أَيْ: وَهِيَ مُلْغَاةٌ لِاحْتِمَالِهَا وَتَعَارُضِهَا وَمِنْ ثَمَّ لَمْ يُلْحِقُوا التَّعْرِيضَ بِالْخِطْبَةِ بِصَرِيحِهَا وَإِنْ تَوَفَّرَتْ الْقَرَائِنُ عَلَى ذَلِكَ شَرْحُ م ر. (قَوْلُهُ فَاللَّفْظُ) أَيْ: يُعْلَمُ أَنَّ اللَّفْظَ الَّذِي يُقْصَدُ بِهِ الْقَذْفُ أَيْ: يُؤْتَى بِهِ لِلْقَذْفِ وَيُسْتَعْمَلُ فِيهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ مَا قَالَهُ حَجّ مِنْ أَنَّ جَعْلَ قَصْدِ الْقَذْفِ مُقَسَّمًا يُوهِمُ اشْتِرَاطَ الْقَصْدِ فِي الصَّرِيحِ وَأَنَّ الْكِنَايَةَ يُفْهَمُ مِنْ وَضْعِهَا الْقَذْفُ وَأَنَّهَا وَالتَّعْرِيضَ يُقْصَدُ بِهِمَا ذَلِكَ دَائِمًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ فِي الْكُلِّ فَالْأَحْسَنُ الْفَرْقُ بِأَنَّ مَا لَمْ يَحْتَمِلْ غَيْرَ مَا وُضِعَ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ وَحْدَهُ صَرِيحٌ، وَمَا احْتَمَلَ وَضْعًا الْقَذْفَ وَغَيْرَهُ كِنَايَةٌ، وَمَا اُسْتُعْمِلَ فِي غَيْرِ مَوْضُوعٍ لَهُ مِنْ الْقَذْفِ بِالْكُلِّيَّةِ وَإِنَّمَا يُفْهِمُ الْمَقْصُودَ مِنْهُ بِالْقَرَائِنِ تَعْرِيضٌ. اهـ. ح ل.
(قَوْلُهُ: إقْرَارٌ بِزِنًا) قَالَ فِي شَرْحِ الرَّوْضِ إنَّ هَذَا.
(وَكِنَايَةٌ) فِي قَذْفِهِ لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ إثْبَاتَ الزِّنَا فَتَكُونُ فِي الْأُولَى مُقِرَّةً بِهِ وَقَاذِفَةً لِلزَّوْجِ وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ وَيُعَزَّرُ، وَتَكُونُ فِي الثَّانِيَةِ قَاذِفَةً فَقَطْ وَالْمَعْنَى أَنْتَ زَانٍ وَزِنَاك أَكْثَرُ مِمَّا نَسَبْتنِي إلَيْهِ، وَأَنْ تُرِيدَ نَفْيَ الزِّنَا أَيْ لَمْ يَطَأْنِي غَيْرُكَ وَوَطْؤُكَ بِنِكَاحٍ فَإِنْ كُنْتُ زَانِيَةً فَأَنْتَ زَانٍ أَيْضًا أَوْ أَزَنَى مِنِّي فَلَا تَكُونُ قَاذِفَةً وَتُصَدَّقُ فِي إرَادَتِهَا ذَلِكَ بِيَمِينِهَا.
(أَوْ) قَالَتْ جَوَابًا أَوْ ابْتِدَاءً (زَنَيْتُ وَأَنْتَ أَزَنَى مِنِّي فَمُقِرَّةٌ) بِالزِّنَا (وَقَاذِفَةٌ) لَهُ وَيَسْقُطُ بِإِقْرَارِهَا حَدُّ الْقَذْفِ عَنْهُ.
(وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا حُدَّ) لِآيَةِ {وَالَّذِينَ يَرْمُونَ الْمُحْصَنَاتِ} [النور: 4](أَوْ غَيْرَهُ عُزِّرَ) ؛ لِأَنَّهُ أَتَى مَعْصِيَةً لَا حَدَّ فِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ سَوَاءٌ أَكَانَ الْمَقْذُوفُ فِيهِمَا زَوْجَةً أَمْ لَا وَسَيَأْتِي بَيَانُ الْحَدِّ وَشَرْطِهِ فِي بَابِهِ، وَبَيَانُ التَّعْزِيرِ فِي آخِرِ الْأَشْرِبَةِ.
(وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ) وَمِثْلُهُ السَّكْرَانُ (حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ زِنًا وَوَطْءِ مَحْرَمٍ مَمْلُوكَةٍ) لَهُ (وَ) وَطْءِ (دُبُرِ حَلِيلَةٍ) لَهُ بِأَنْ لَمْ يَطَأْ أَوْ وَطِئَ وَطْئًا غَيْرَ مَا ذُكِرَ بِخِلَافِ مَنْ زَنَى أَوْ وَطِئَ حَلِيلَتَهُ فِي دُبُرِهَا أَوْ مَحْرَمًا مَمْلُوكَةً لَهُ كَأُخْتِهِ أَوْ عَمَّتِهِ مِنْ نَسَبٍ أَوْ رَضَاعٍ فَلَيْسَ بِمُحْصَنٍ، أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ، وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْهُ وَبِذَلِكَ عُلِمَ أَنَّ الْعِفَّةَ لَا تَبْطُلُ بِوَطْئِهِ زَوْجَتَهُ فِي عِدَّةِ شُبْهَةٍ أَوْ فِي حَيْضٍ أَوْ نِفَاسٍ أَوْ أَمَتَهُ الْمُزَوَّجَةَ أَوْ الْمُعْتَدَّةَ أَوْ أَمَةَ وَلَدِهِ أَوْ مَنْكُوحَةً بِلَا وَلِيٍّ أَوْ شُهُودٍ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا لِانْتِفَاءِ مَا ذُكِرَ وَلِقِيَامِ الْمِلْكِ فِي الْأُولَى وَالثَّانِيَةِ بِأَقْسَامِهِمَا وَثُبُوتِ النَّسَبِ فِي الْبَاقِي حَيْثُ حَصَلَ عُلُوقٌ بِذَلِكَ الْوَطْءِ وَقَوْلِي: وَدُبُرِ حَلِيلَةٍ مِنْ زِيَادَتِي (فَإِنْ فَعَلَ) شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ وَطِئَ وَطْئًا يُسْقِطُ الْعِفَّةَ لَمْ يَعُدْ مُحْصَنًا وَإِنْ تَابَ وَحَسُنَ حَالُهُ، وَ (لَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ) ؛ لِأَنَّ الْعِرْضَ إذَا انْخَرَمَ بِذَلِكَ لَمْ تَنْسَدَّ ثُلْمَتُهُ سَوَاءٌ أَقَذَفَهُ بِذَلِكَ الزِّنَا مَثَلًا أُمّ بِزِنًا آخَرَ أَمْ أَطْلَقَ.
ــ
[حاشية البجيرمي]
مُفَرَّعٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّفْصِيلُ فِي الْإِقْرَارِ بِالزِّنَا أَمَّا لَوْ شَرَطْنَاهُ وَهُوَ الْأَصَحُّ فَلَا شَوْبَرِيُّ. (قَوْلُهُ: لِاحْتِمَالِ أَنْ تُرِيدَ) لَيْسَ هَذَا بِمُتَعَيِّنٍ إذْ يُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنْ تُرِيدَ أَنَّهَا هِيَ الزَّانِيَةُ دُونَ عَكْسِهِ وَقَدْ خَصَّصَ الشَّارِحُ هَذَا الْعَكْسَ بِالثَّانِيَةِ وَلَيْسَ بِمُتَعَيِّنٍ بَلْ الِاحْتِمَالَاتُ كُلُّهَا جَارِيَةٌ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ حَتَّى الْأَوَّلُ يَكُونُ جَارِيًا فِي الثَّانِيَةِ أَيْضًا خِلَافًا لِصَنِيعِ الشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - اهـ. شَوْبَرِيٌّ. (قَوْلُهُ: إثْبَاتَ الزِّنَا) أَيْ: لَهَا وَلَهُ قَبْلَ نِكَاحِهِ لَهَا (قَوْلُهُ: وَيُعَزَّرُ) اُنْظُرْ وَجْهَ تَعْزِيرِهِ مَعَ أَنَّهَا أَقَرَّتْ بِالزِّنَا (قَوْلُهُ: قَاذِفَةً فَقَطْ) أَيْ: لَا مُقِرَّةً كَمَا يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِهِ أَزْنَى لِأَنَّ إقْرَارَهَا بِالزِّنَا ضِمْنِيٌّ وَهُوَ لَا يَكْفِي عَلَى أَنَّ قَوْلَهَا أَزَنَى مِنِّي يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُجَارَاةً لَهُ فَقَطْ كَمَا يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ: مِمَّا نَسَبَتْنِي إلَيْهِ.
. (قَوْلُهُ: أَوْ أَزَنَى مِنِّي) ؛ لِأَنَّهُ يَطَؤُهَا فِي حَالَةِ الْجُنُونِ وَالنَّوْمِ وَهِيَ حِينَئِذٍ غَيْرُ زَانِيَةٍ وَأَيْضًا جَرِيمَةُ الْفَاعِلِ أَشَدُّ بِدَلِيلِ أَنَّ الْمَوْطُوءَ فِي الدُّبُرِ إذَا كَانَ مُحْصَنًا لَا يُرْجَمُ بِخِلَافِ الْفَاعِلِ.
. (قَوْلُهُ: وَمَنْ قَذَفَ مُحْصَنًا حُدَّ) قَالَ م ر وَلَوْ قَذَفَهُ أَوْ قَذَفَ مُورِثَهُ كَانَ لَهُ تَحْلِيفُهُ فِي الْأُولَى عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَزْنِ وَفِي الثَّانِيَةِ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ زِنَا مُورِثِهِ؛ لِأَنَّهُ رُبَّمَا يُقِرُّ فَيَسْقُطُ الْحَدُّ قَالَ الْأَكْثَرُونَ وَلَا تُسْمَعُ الدَّعْوَى بِالزِّنَا وَالتَّحْلِيفِ إلَّا فِي هَذِهِ الصُّورَةِ.
. (قَوْلُهُ: حُرٌّ مُسْلِمٌ) وَإِنَّمَا جُعِلَ الْكَافِرُ مُحْصَنًا فِي حَدِّ الزِّنَا؛ لِأَنَّهُ إهَانَةٌ لَهُ، وَلَا يَرِدُ قَذْفُ مُرْتَدٍّ وَمَجْنُونٍ وَقِنٍّ بِزِنًا أَضَافَهُ إلَى حَالِ إسْلَامِهِ أَوْ إفَاقَتِهِ أَوْ حُرِّيَّتِهِ بِأَنْ أَسْلَمَ الْحَرْبِيُّ بَعْدَ أَسْرِهِ ثُمَّ اخْتَارَ الْإِمَامُ رِقَّهُ لِأَنَّ سَبَبَ حَدِّهِ إضَافَتُهُ الزِّنَا إلَى حَالَةِ الْكَمَالِ شَرْحُ م ر وَهَذَا التَّعْرِيفُ ظَاهِرٌ فِي الْمُحْصَنِ الذَّكَرِ وَانْظُرْ مَا ضَابِطُ الْعِفَّةِ فِي الْأُنْثَى فَإِنَّ تَعْرِيفَ الْمُحْصَنِ غَيْرُ شَامِلٍ لَهَا وَعِبَارَةُ الْأَصْلِ وَالْمُحْصَنُ مُكَلَّفٌ حُرٌّ مُسْلِمٌ عَفِيفٌ عَنْ وَطْءٍ يُحَدُّ بِهِ وَهُوَ شَامِلٌ لِلْأُنْثَى (قَوْلُهُ: وَوَطْءِ مَحْرَمٍ إلَخْ) عَطْفُهُ عَلَى الزِّنَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَيْسَ زِنًا وَهُوَ كَذَلِكَ لِشُبْهَةِ الْمِلْكِ. (قَوْلُهُ أَوْ رَضَاعٍ) أَيْ: أَوْ مُصَاهَرَةٍ كَمَا فِي م ر. (قَوْلُهُ: أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ) أَيْ: لِأَنَّ قَاذِفَهُ صَادِقٌ. (قَوْلُهُ وَأَمَّا الْبَاقِي فَلِأَنَّهُ أَفْحَشُ مِنْهُ) وَمِنْهُ وَطْءُ زَوْجَتِهِ فِي دُبُرِهَا، فَالْمُرَادُ أَنَّهُ تَسْتَقْبِحُهُ النُّفُوسُ أَكْثَرَ مِنْ الزِّنَا لَا أَنَّهُ إثْمُهُ أَكْبَرُ ح ل أَوْ الْمُرَادُ أَنَّهُ أَفْحَشُ طَبْعًا وَعُرْفًا وَإِنْ كَانَ الزِّنَا أَفْحَشَ شَرْعًا. (قَوْلُهُ: وَبِذَلِكَ) أَيْ بِتَعْرِيفِ الْمُحْصَنِ بِمَا ذَكَرَ ع ش، وَالْأَنْسَبُ رُجُوعُ سم الْإِشَارَةَ لِقَوْلِهِ عَفِيفٌ إلَخْ بِدَلِيلِ مَا بَعْدَهُ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ حَرَامًا) رَاجِعٌ لِلْجَمِيعِ وَقَوْلُهُ: لِانْتِفَاءِ مَا ذَكَرَ أَيْ: الزِّنَا وَوَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا وَوَطْءِ مَحْرَمِهِ الْمَمْلُوكَةِ لَهُ (قَوْلُهُ: وَلِقِيَامِ الْمِلْكِ) أَيْ: مِلْكِ النِّكَاحِ فِي الْأُولَى وَمِلْكِ الْيَمِينِ فِي الثَّانِيَةِ ح ل. (قَوْلُهُ: فَإِنْ فَعَلَ شَيْئًا) أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ الْقَذْفِ وَقَبْلَ إقَامَةِ الْحَدِّ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْفَرْقِ ح ل أَيْ: وَلَوْ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِي الْحَدِّ م ر. (قَوْلُهُ: وَلَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ) وَمِنْهُ يُعْلَمُ أَنَّ الشَّخْصَ إذَا صَدَرَ مِنْهُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كَوَطْءِ مَمْلُوكَتِهِ الْمَحْرَمِ وَوَطْءِ حَلِيلَتِهِ فِي دُبُرِهَا حَرُمَ عَلَيْهِ أَنْ يَطْلُبَ الْحَدَّ مِنْ قَاذِفِهِ عِنْدَ جَمِيعِ الْعُلَمَاءِ إلَّا مَالِكًا كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ حَزْمٍ فِي كِتَابِ الْإِبْصَارِ اهـ. شَوْبَرِيٌّ وَعِبَارَةُ شَرْحِ م ر وَلَمْ يُحَدَّ قَاذِفُهُ وَلَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ الزِّنَا لِأَنَّ الزِّنَا يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ لِجَرَيَانِ الْعَادَةِ الْإِلَهِيَّةِ بِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يُهْتَكُ فِي أَوَّلِ مَرَّةٍ كَمَا قَالَهُ عُمَرُ وَرِعَايَتُهَا هُنَا لَا يُلْحَقُ بِهَا مَا لَوْ حُكِمَ بِشَهَادَتِهِ ثُمَّ زَنَى فَوْرًا حَيْثُ لَمْ يَنْقَضِ الْحُكْمُ وَإِنْ قُلْنَا: إنَّ زِنَاهُ يَدُلُّ عَلَى سَبْقِ مِثْلِهِ مِنْهُ قَبْلَ الْحُكْمِ لِظُهُورِ الْفَرْقِ بِأَنَّ الْحَدَّ يَسْقُطُ بِالشُّبْهَةِ بِخِلَافِ الْحُكْمِ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْعِرْضَ) هُوَ مَحِلُّ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ مِنْ الْإِنْسَانِ وَيُطْلَقُ عَلَى النَّفْسِ وَعَلَى الْحَسَبِ أَيْضًا كَمَا فِي الْمُخْتَارِ اهـ. شَيْخُنَا. (قَوْلُهُ: لَمْ تَنْسَدَّ ثُلْمَتُهُ) أَيْ: خَلَلُهُ اُعْتُرِضَ بِحَدِيثِ «التَّائِبُ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ» وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ