الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَإِنْ انْحَرَفَ لِغَيْرِ جِهَةِ سَفَرِهِ عَامِدًا بِلَا ضَرُورَةٍ بَطَلَ نَفْلُهُ إلَّا لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ لِأَنَّهَا الْأَصْلُ. وَجَازَ لَهُ وَهُوَ يُصَلِّي عَلَيْهَا أَنْ يَعْمَلَ مَا لَا بُدَّ لَهُ مِنْهُ مِنْ رَكْضِ دَابَّةٍ وَمَسْكِ عَنَانِهَا وَسَوْقِهَا بِسَوْطٍ وَنَحْوِهِ، لَا بِكَلَامٍ.
ثُمَّ صَرَّحَ بِبَعْضِ مَفْهُومِ دَابَّةٍ وَهُوَ السَّفِينَةُ لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ وَالتَّفْصِيلِ بِقَوْلِهِ:
(لَا) إنْ رَكِبَ (سَفِينَةً) فَلَا يُصَلِّي فِيهَا صَوْبَ سَفَرِهِ وَلَا بِالْإِيمَاءِ، بَلْ لِجِهَةِ الْقِبْلَةِ بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ لِتَيَسُّرِ التَّوَجُّهِ لِلْقِبْلَةِ، وَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِيهَا بِخِلَافِ الدَّابَّةِ، وَحِينَئِذٍ (فَيَسْتَقْبِلُ) الْقِبْلَةَ (وَدَارَ مَعَهَا) أَيْ مَعَ دَوَرَانِهَا إلَى جِهَةِ الْقِبْلَةِ إذَا دَارَتْ لِغَيْرِهَا (إنْ أَمْكَنَ) الدَّوَرَانُ مَعَهَا، فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ لِضِيقٍ وَنَحْوِهِ صَلَّى حَيْثُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بِلَا ضَرُورَةٍ] : أَيْ فَإِنْ كَانَ انْحِرَافُهُ لِضَرُورَةٍ كَظَنِّهِ أَنَّهَا طَرِيقُهُ أَوْ غَلَبَتْهُ الدَّابَّةُ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَلَوْ وَصَلَ لِمَحَلِّ إقَامَتِهِ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ نَزَلَ عَنْهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَاقِي يَسِيرًا كَالتَّشَهُّدِ، وَإِلَّا فَلَا يَنْزِلُ: عَنْهَا. وَإِذَا نَزَلَ عَنْهَا أَتَمَّ بِالْأَرْضِ مُسْتَقْبِلًا رَاكِعًا وَسَاجِدًا لَا بِالْإِيمَاءِ إلَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يُجَوِّزُ الْإِيمَاءَ فِي النَّفْلِ لِلصَّحِيحِ غَيْرِ الْمُسَافِرِ، فَيُتِمُّ عَلَيْهَا بِالْإِيمَاءِ وَالْمُرَادُ مَحَلُّ إقَامَتِهِ الَّذِي يَقْطَعُ حُكْمَ السَّفَرِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَنْزِلُهُ.
[الْأَحْوَال الَّتِي يَجُوز فِيهَا الْفَرْض لِغَيْرِ الْقِبْلَة]
قَوْلُهُ: [لِمَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ] : الْحَاصِلُ أَنَّهُ وَقَعَ خِلَافٌ فِي الْمَذْهَبِ، هَلْ يُصَلِّي بِالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ فِي السَّفِينَةِ لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ، أَوْ لَا يُصَلِّي لِغَيْرِهَا أَصْلًا؟ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَتَنَفَّلَ فِي السَّفِينَةِ إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ، أَوْ لَا يَجُوزُ؟ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ مَا قَالَهُ شَارِحُنَا مِنْ أَنَّهُ لَا يُصَلِّي بِالْإِيمَاءِ وَلَا لِغَيْرِ الْقِبْلَةِ لَا فِي فَرْضٍ وَلَا فِي نَفْلٍ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ] إلَخْ: أَيْ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الِاسْتِقْبَالُ عِنْدَ الْعَجْزِ بَلْ السُّجُودُ أَيْضًا لَا فَرْقَ بَيْنَ فَرْضٍ وَنَفْلٍ.
تَوَجَّهَتْ بِهِ، وَلَا فَرْقَ فِي هَذَا بَيْنَ نَفْلٍ وَفَرْضٍ (لَا فَرْضٌ) أَيْ لَا يَجُوزُ وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ (وَإِنْ مُسْتَقْبِلًا) لِلْقِبْلَةِ إلَّا فِي فُرُوعٍ أَرْبَعَةٍ. أَشَارَ لِأَوَّلِهَا بِقَوْلِهِ:(إلَّا لِالْتِحَامٍ) فِي قِتَالِ عَدُوٍّ كَافِرٍ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ كُلِّ قِتَالٍ جَائِزٍ لَا يُمْكِنُ النُّزُولُ فِيهِ عَنْ الدَّابَّةِ، فَيُصَلِّي الْفَرْضَ عَلَى ظَهْرِهَا إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ إنْ أَمْكَنَ. وَإِلَى ثَانِيهَا بِقَوْلِهِ:(أَوْ خَوْفٍ) مِنْ كَ (سَبُعٍ) أَوْ لِصٍّ إنْ نَزَلَ عَنْ دَابَّتِهِ (فَلَهَا) أَيْ فَيُصَلِّي الْفَرْضَ عَلَى ظَهْرِهَا إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ (إنْ أَمْكَنَ) وَإِلَّا صَلَّى لِغَيْرِهَا، (وَإِنْ أَمِنَ) أَيْ حَصَلَ لَهُ أَمَانٌ بَعْدَ صَلَاتِهِ (أَعَادَ الْخَائِفُ) : مِنْ كَسَبُعٍ (بِوَقْتٍ) دُونَ الْمُلْتَحِمِ. وَأَشَارَ لِثَالِثِهَا بِقَوْلِهِ: (وَإِلَّا) رَاكِبًا (لِخَضْخَاضٍ) أَيْ فِيهِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا يَصِحُّ فَرْضٌ] إلَخْ: مَحَلُّ الْبُطْلَانِ إذَا كَانَ يُصَلِّي عَلَى الدَّابَّةِ بِالْإِيمَاءِ أَوْ رُكُوعٌ وَسُجُودٌ مِنْ جُلُوسٍ وَهُوَ يَقْدِرُ عَلَى الْقِيَامِ. وَأَمَّا لَوْ صَلَّى عَلَى الدَّابَّةِ قَائِمًا بِرُكُوعٍ وَسُجُودٍ مُسْتَقْبِلًا لِلْقِبْلَةِ أَوْ عَاجِزًا عَنْ الْقِيَامِ كَانَتْ صَحِيحَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ، كَمَا تَقَدَّمَ عَنْ سَنَدٍ، وَكَمَا يَأْتِي فِي مَسْأَلَةِ الْمَرِيضِ.
قَوْلُهُ: [مِنْ كُلِّ قِتَالٍ جَائِزٍ] : أَيْ لِأَجْلِ الدَّفْعِ عَنْ نَفْسٍ أَوْ مَالٍ أَوْ حَرِيمٍ.
قَوْلُهُ: [إنْ أَمْكَنَ] إلَخْ: قَالَ عَبْدُ الْحَقِّ: الْخَائِفُ مِنْ سِبَاعٍ وَنَحْوِهَا عَلَى ثَلَاثَةٍ أَوْجُهٍ: مُوقِنٌ بِانْكِشَافِ الْخَوْفِ قَبْلَ خُرُوجِ الْوَقْتِ، وَيَائِسٌ مِنْ انْكِشَافِهِ قَبْلَ مُضِيِّ الْوَقْتِ، وَرَاجٍ انْكِشَافَهُ قَبْلَ خُرُوجِهِ؛ فَالْأَوَّلُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَلَى الدَّابَّةِ لِآخِرِ الْوَقْتِ الْمُخْتَارِ وَالثَّانِي يُصَلِّي عَلَيْهَا أَوَّلَهُ. وَالثَّالِثُ يُؤَخِّرُ الصَّلَاةَ عَلَيْهَا لِوَسَطِهِ.
قَوْلُهُ: [بِوَقْتٍ] : وَهُوَ كَمَا تَقَدَّمَ لِلِاصْفِرَارِ فِي الظُّهْرَيْنِ وَلِلْفَجْرِ فِي الْعِشَاءَيْنِ وَلِلطُّلُوعِ فِي الصُّبْحِ.
قَوْلُهُ: [دُونَ الْمُلْتَحِمِ] : أَيْ وَأَمَّا الْمُلْتَحِمُ فَلَا إعَادَةَ عَلَيْهِ وَلَوْ تَبَيَّنَ عَدَمَ مَا يَخَافُ مِنْهُ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْخَائِفِ مِنْ كَسَبُعٍ وَالْمُلْتَحِمِ وُرُودُ النَّصِّ فِيهِ وَغَيْرُهُ مَقِيسٌ عَلَيْهِ. قَوْلُهُ:[وَإِلَّا رَاكِبًا لِخَضْخَاضٍ] : لَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ مُسَافِرًا أَوْ حَاضِرًا.
(لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ) : أَيْ فِيهِ.
(وَخَافَ خُرُوجَ الْوَقْتِ) الِاخْتِيَارِيِّ فَأَوْلَى الضَّرُورِيُّ فَيُصَلِّي الْفَرْضَ عَلَى الدَّابَّةِ إيمَاءً، وَهَذَا الْقَيْدُ زِدْنَاهُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَخَفْ خُرُوجَهُ أَخَّرَ لِآخِرِ الِاخْتِيَارِيِّ. وَأَشَارَ لِرَابِعِهَا بِقَوْلِهِ:(وَإِلَّا لِمَرَضٍ) بِالرَّاكِبِ لَا يُطِيقُ النُّزُولَ مَعَهُ.
(وَ) الْحَالُ أَنَّهُ (يُؤَدِّيهَا عَلَيْهَا) : أَيْ عَلَى الدَّابَّةِ (كَالْأَرْضِ) أَيْ كَمَا يُؤَدِّيهَا عَلَى الْأَرْضِ بِالْإِيمَاءِ فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَهَا عَلَى دَابَّتِهِ إيمَاءً لِلْقِبْلَةِ بَعْدَ أَنْ تَوَقَّفَ بِهِ، فَإِذَا كَانَ يُؤَدِّيهَا بِالْأَرْضِ بِأَكْمَلَ مِمَّا عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ وَجَبَ تَأَدِّيهَا بِالْأَرْضِ (وَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِي هَذَا) الْفَرْعِ الْأَخِيرِ (الْأَرْضُ) أَيْ تَأْدِيَتُهَا بِالْأَرْضِ يُحْتَمَلُ وُجُوبًا وَيُحْتَمَلُ نَدْبًا قَالَ فِيهَا: لَا يُعْجِبنِي تَأْدِيَتُهَا عَلَى الدَّابَّةِ، فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: أَيْ يُكْرَهُ، وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْ يُمْنَعُ، فَقَوْلُ الشَّيْخِ وَفِيهَا كَرَاهَةُ الْأَخِيرِ مُعْتَرَضٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا يُطِيقُ النُّزُولَ بِهِ] : أَيْ أَوْ خَشِيَ تَلَطُّخَ ثِيَابِهِ كَمَا نَقَلَهُ الْحَطَّابُ عَنْ ابْنِ نَاجِي.
قَوْلُهُ: [وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ أَيْ يُمْنَعُ] : وَرَجَّحَهُ بَعْضُهُمْ. لَكِنْ تَأَوَّلَ الْمُدَوَّنَةَ ابْنُ نَاجِي بِتَأْوِيلٍ آخَرَ، فَقَالَ: مَعْنَى قَوْلِهَا لَا يُعْجِبُنِي إذَا صَلَّى حَيْثُمَا تَوَجَّهَتْ بِهِ الدَّابَّةُ، وَأَمَّا لَوْ وَقَفَتْ لَهُ وَاسْتَقْبَلَ بِهَا الْقِبْلَةَ لَجَازَ. وَهُوَ وِفَاقٌ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ. (اهـ. مِنْ حَاشِيَةِ الْأَصْلِ نَقْلًا عَنْ بْن)