الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ثُمَّ شَرَعَ فِي بَيَانِ الْمَنْدُوبَاتِ عَلَى التَّرْتِيبِ فَقَالَ: (وَنُدِبَ نِيَّةُ الْأَدَاءِ) فِي الْحَاضِرَةِ خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ، وَلِأَنَّهُ أَكْمَلُ فِي التَّأْدِيَةِ (وَضِدُّهُ) أَيْ ضِدُّ الْأَدَاءِ وَهُوَ الْقَضَاءُ فِي الْفَائِتَةِ.
(وَ) نُدِبَ: نِيَّةُ (عَدَدِ الرَّكَعَاتِ) كَرَكْعَتَيْنِ فِي الصُّبْحِ وَثَلَاثٍ فِي الْمَغْرِبِ وَأَرْبَعٍ فِي غَيْرِهِمَا.
(وَ) نُدِبَ (خُشُوعٌ) أَيْ خُضُوعٌ لِلَّهِ (وَاسْتِحْضَارُ عَظَمَةِ اللَّهِ تَعَالَى) وَهَيْبَتِهِ، وَأَنَّهُ لَا يُعْبَدُ وَلَا يُقْصَدُ سِوَاهُ.
(وَ) اسْتِحْضَارُ (امْتِثَالِ أَمْرِهِ) : بِتِلْكَ الصَّلَاةِ لِيَتِمَّ الْمَقْصُودُ مِنْهَا بَاطِنًا مِنْ إفَاضَةِ الرَّحَمَاتِ مِنْ اللَّهِ تَعَالَى.
(وَ) نُدِبَ (رَفْعُ الْيَدَيْنِ) : حَذْوَ الْمَنْكِبَيْنِ ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ وَبُطُونُهُمَا لِلْأَرْضِ
ــ
[حاشية الصاوي]
التَّطْوِيلُ وَفِي غَيْرِهِ كَالرَّفْعِ مِنْ الرُّكُوعِ وَالسَّجْدَةِ الْأُولَى أَمْ لَا، وَكَلَامُ الْمُؤَلِّفِ يَقْتَضِي اسْتِوَاءَهُ فِيهِمَا لَكِنَّ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي الْحَاشِيَةِ أَنَّهُ لَيْسَ مُسْتَوِيًا بَلْ هُوَ فِيمَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ كَالرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ أَكْثَرُ مِنْهُ فِيمَا لَا يُطْلَبُ فِيهِ التَّطْوِيلُ.
[مَنْدُوبَات الصَّلَاة]
قَوْلُهُ: [عَلَى التَّرْتِيبِ] : أَيْ شَرَعَ فِي فَضَائِلِهَا عَلَى طِبْقِ تَرْتِيبِ الصَّلَاةِ مِنْ مَبْدَئِهَا لِمُنْتَهَاهَا. وَقَدْ أَنْهَاهَا لِنَحْوِ الْخَمْسِينَ فَضِيلَةً.
قَوْلُهُ: [خُرُوجًا مِنْ الْخِلَافِ] : أَيْ خِلَافِ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهَا. وَيُقَالُ مِثْلُ ذَلِكَ فِي نِيَّةِ الْقَضَاءِ، وَعَدَدِ الرَّكَعَاتِ وَالْخُشُوعِ؛ فَإِنَّ بَعْضَ الْأَئِمَّةِ يَقُولُ بِوُجُوبِ ذَلِكَ كُلِّهِ.
قَوْلُهُ: [وَاسْتِحْضَارُ عَظَمَةِ اللَّهِ] : تَفْسِيرٌ مُرَادٌ لِلْخُشُوعِ الْمَنْدُوبِ. وَإِلَّا، فَأَصْلُ الْخُشُوعِ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الصَّلَاةِ وَلِذَلِكَ تَبْطُلُ بِالْكِبْرِ.
قَوْلُهُ: [وَاسْتِحْضَارُ امْتِثَالِ] إلَخْ: أَيْ فَمَصَبُّ النَّدْبِ أَيْضًا عَلَى ذَلِكَ وَإِلَّا فَامْتِثَالُ الْأَمْرِ هُوَ النِّيَّةُ، فَإِنْ عَدِمَ عَدِمَتْ.
قَوْلُهُ: [لِيَتِمَّ الْمَقْصُودُ مِنْهَا] : أَيْ لِكَمَالِ الْإِخْلَاصِ بِتِلْكَ الْآدَابِ فَلَا تَتَحَقَّقُ إلَّا مِنْ كَامِلِ الْإِخْلَاصِ.
قَوْلُهُ: [بَاطِنًا] : أَيْ وَأَمَّا ظَاهِرًا فَتَسْقُطُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُخْلِصًا.
قَوْلُهُ: [ظُهُورُهُمَا لِلسَّمَاءِ] : إلَخْ: أَيْ عَلَى صِفَةِ الرَّاهِبِ وَرَجَّحَهَا الْأُجْهُورِيُّ.
(مَعَ الْإِحْرَامِ) أَيْ عِنْدَهُ لَا عِنْدَ رُكُوعٍ وَلَا رَفْعٍ مِنْهُ، وَلَا عِنْدَ قِيَامٍ مِنْ اثْنَتَيْنِ وَنَدَبَهُ الشَّافِعِيُّ (حِينَ تَكْبِيرِهِ) لِلْإِحْرَامِ لَا قَبْلَهُ كَمَا يَفْعَلُهُ أَكْثَرُ الْعَوَامّ.
(وَ) نُدِبَ (إرْسَالُهُمَا بِوَقَارٍ) لَا بِقُوَّةٍ وَلَا يَدْفَعُ بِهِمَا مَنْ أَمَامَهُ لِمُنَافَاتِهِ لِلْخُشُوعِ، (وَجَازَ الْقَبْضُ) أَيْ قَبْضُهُمَا عَلَى الصَّدْرِ (بِنَفْلٍ) أَيْ فِيهِ، (وَكُرِهَ) الْقَبْضُ (بِفَرْضٍ، لِلِاعْتِمَادِ) : أَيْ لِمَا فِيهِ مِنْ الِاعْتِمَادِ أَيْ كَأَنَّهُ مُسْتَنِدٌ.
(وَ) نُدِبَ (إكْمَالُ سُورَةٍ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ) : فَلَا يَقْتَصِرُ عَلَى بَعْضِهَا وَلَا عَلَى آيَةٍ أَوْ أَكْثَرَ وَلَوْ مِنْ الطِّوَالِ.
(وَكُرِهَ تَكْرِيرُهُمَا) أَيْ السُّورَةِ فِي الرَّكْعَتَيْنِ بَلْ الْمَطْلُوبُ أَنْ يَكُونَ فِي الثَّانِيَةِ
ــ
[حاشية الصاوي]
وَرَجَّحَ اللَّقَانِيِّ صِفَةَ النَّابِذِ بُطُونَهُمَا خَلْفُ. وَهُنَاكَ ثَالِثَةٌ يُقَالُ لِصَاحِبِهَا الرَّاغِبُ بُطُونَهُمَا لِلسَّمَاءِ، وَيُحَاذِي الْمَنْكِبَ عَلَى كُلِّ حَالٍ.
قَوْلُهُ: [وَنَدَبَهُ الشَّافِعِيُّ] : أَيْ فِي تِلْكَ الْمَوَاضِعِ.
قَوْلُهُ: [وَجَازَ الْقَبْضُ] إلَخْ: أَيْ طَوَّلَ أَمْ لَا لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِي النَّفْلِ بِغَيْرِ ضَرُورَةٍ، فَإِنْ قَصَدَ التَّسَنُّنَ فَمَنْدُوبٌ.
قَوْلُهُ: [لِلِاعْتِمَادِ] إلَخْ: هَذَا التَّعْلِيلُ لِعَبْدِ الْوَهَّابِ فَلَوْ فَعَلَهُ لَا لِلِاعْتِمَادِ بَلْ اسْتِنَانًا لَمْ يُكْرَهْ، وَكَذَا إذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فِيمَا يَظْهَرُ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ هُوَ الْمُعْتَمَدُ وَعَلَيْهِ فَيَجُوزُ فِي النَّفْلِ مُطْلَقًا؛ لِجَوَازِ الِاعْتِمَادِ فِيهِ بِلَا ضَرُورَةٍ، وَقِيلَ: خِيفَةَ اعْتِقَادِ وُجُوبِهِ عَلَى الْعَوَامّ، وَاسْتُبْعِدَ وَضُعِّفَ. وَقِيلَ: خِيفَةَ إظْهَارِ الْخُشُوعِ وَلَيْسَ بِخَاشِعٍ فِي الْبَاطِنِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَخْتَصُّ الْكَرَاهَةُ بِالْفَرْضِ. وَقِيلَ: لِكَوْنِهِ مُخَالِفًا لِعَمَلِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ. وَلَمَّا كَانَ الْمُعَوَّلُ عَلَيْهِ الْعِلَّةَ الْأُولَى اقْتَصَرَ عَلَيْهَا الْمُصَنِّفُ.
قَوْلُهُ: [إكْمَالُ سُورَةٍ] : أَيْ فَالسُّورَةُ وَلَوْ قَصِيرَةً أَفْضَلُ مِنْ بَعْضِ سُورَةٍ وَلَوْ كَثُرَ.
قَوْلُهُ: [فِي الرَّكْعَتَيْنِ] إلَخْ: وَمِنْ بَابِ أَوْلَى فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ. وَقَدْ وَرَدَ عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةُ تَكْرِيرِ السُّورَةِ كَالصَّمَدِيَّةِ فِي الرَّكْعَةِ وَظَاهِرُ مَا وَرَدَ عَنْ مَالِكٍ الْكَرَاهَةُ وَلَوْ فِي النَّفْلِ، وَهُوَ خِلَافُ مَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْفَوَائِدِ، وَلِذَلِكَ سَيَأْتِي فِي الشَّرْحِ الْجَوَازُ فِي النَّفْلِ.
سُورَةٌ غَيْرُ الَّتِي قَرَأَهَا فِي الْأُولَى أَنْزَلُ مِنْهَا لَا أَعْلَى فَلَا يَقْرَأُ الثَّانِيَةَ [إنَّا أَنْزَلْنَاهُ] بَعْدَ قِرَاءَتِهِ فِي الْأُولَى [لَمْ يَكُنْ] مَثَلًا.
(بِفَرْضٍ) : لَا نَفْلٍ فَلَا يَجُوزُ تَكْرِيرُهَا (كَسُورَتَيْنِ) : أَيْ كَمَا يُكْرَهُ بِالْفَرْضِ قِرَاءَةُ سُورَتَيْنِ فِي رَكْعَةٍ، وَجَازَ بِالنَّفْلِ قِرَاءَةُ السُّورَتَيْنِ وَالْأَكْثَرُ بَعْدَ الْفَاتِحَةِ.
(وَ) نُدِبَ (تَطْوِيلُ قِرَاءَةٍ بِصُبْحٍ) : بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ طِوَالِ الْمُفَصَّلِ، وَأَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ وَآخِرُهُ سُورَةُ النَّازِعَاتِ، وَإِنْ قَرَأَ فِيهَا بِنَحْوِ [يس] فَلَا بَأْسَ بِهِ بِحَسَبِ التَّغْلِيسِ.
(وَالظُّهْرُ تَلِيهَا) أَيْ الصُّبْحَ فِي التَّطْوِيلِ بِأَنْ يَقْرَأَ فِيهَا مِنْ طِوَالِهِ أَيْضًا، وَوَسَطِهِ أَوَّلُهُ [عَبَسَ] وَآخِرُهُ سُورَةُ [وَاللَّيْلِ]، وَالتَّطْوِيلُ الْمَذْكُورُ يَكُونُ (لِفَذٍّ وَإِمَامٍ بِجَمَاعَةٍ مُعَيَّنَيْنِ) : مَحْصُورَيْنِ (طَلَبُوهُ) : أَيْ التَّطْوِيلَ مِنْهُ بِلِسَانِ الْمَقَالِ أَوْ الْحَالِ، وَإِلَّا فَالتَّقْصِيرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ لِأَنَّ النَّاسَ قَدْ يَكُونُ فِيهِمْ الضَّعِيفُ وَذُو الْحَاجَةِ فَيَضُرُّهُمْ التَّطْوِيلُ.
(وَ) نُدِبَ (تَقْصِيرُهَا) : أَيْ الْقِرَاءَةِ (بِمَغْرِبٍ وَعَصْرٍ) فَيَقْرَأُ فِيهِمَا مِنْ قِصَارِ الْمُفَصَّلِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَنْزَلُ مِنْهَا] : أَيْ بِأَنْ تَكُونَ عَلَى نَظْمِ الْمُصْحَفِ. وَفِي ح: إنْ قَرَأَ فِي الْأَوَّلِ سُورَةَ النَّاسِ فَقِرَاءَةُ مَا فَوْقَهَا فِي الثَّانِيَةِ أَوْلَى مِنْ تَكْرَارِهَا. وَحُرِّمَ تَنْكِيسُ الْآيَاتِ الْمُتَلَاصِقَةِ فِي رَكْعَةٍ وَاحِدَةٍ، وَأُبْطِلَ لِأَنَّهُ كَكَلَامٍ أَجْنَبِيٍّ. وَلَيْسَ تَرْكُ مَا بَعْدَ السُّورَةِ الْأُولَى هَجْرًا لَهَا مِنْ الْمَجْمُوعِ.
قَوْلُهُ: [كَمَا يُكْرَهُ بِالْفَرْضِ] إلَخْ: أَيْ إلَّا لِمَأْمُومٍ خَشِيَ مِنْ سُكُوتِهِ تَفَكُّرًا فَلَا كَرَاهَةَ.
قَوْلُهُ: [وَالْأَكْثَرُ] : أَيْ بَلْ لَهُ أَنْ يَقْرَأَ الْقُرْآنَ بِرُمَّتِهِ فِي رَكْعَتَيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَأَوَّلُهُ الْحُجُرَاتُ] : أَيْ أَوَّلُ الْمُفَصَّلِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ. وَسُمِّيَ مُفَصَّلًا لِكَثْرَةِ الْفَصْلِ فِيهِ بِالْبَسْمَلَةِ.
قَوْلُهُ: [طَلَبُوهُ] : أَيْ وَعَلِمَ إطَاقَتَهُمْ لَهُ وَعَلِمَ أَوْ ظَنَّ أَنَّهُ لَا عُذْرَ لِوَاحِدٍ مِنْهُمْ فَهَذِهِ قُيُودٌ أَرْبَعَةٌ بِمَا فِي الشَّرْحِ لِاسْتِحْبَابِ التَّطْوِيلِ لِلْإِمَامِ.
قَوْلُهُ: [فَالتَّقْصِيرُ فِي حَقِّهِ أَفْضَلُ] : أَيْ لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام:
(وَ) نُدِبَ (تَوَسُّطٌ بِعِشَاءٍ) فَيَقْرَأُ فِيهَا مِنْ وَسَطِهِ.
(وَ) نُدِبَ (تَقْصِيرُ) الرَّكْعَةِ (الثَّانِيَةِ عَنْ) الرَّكْعَةِ (الْأُولَى) : وَالْمُسَاوَاةُ جَائِزَةٌ بِمَعْنَى خِلَافِ الْأَوْلَى.
(وَكُرِهَ تَطْوِيلُهَا) : أَيْ الثَّانِيَةِ (عَنْهَا) أَيْ الْأُولَى.
(وَ) نُدِبَ (إسْمَاعُ نَفْسِهِ فِي السِّرِّ) لِأَنَّهُ أَكْمَلُ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ.
(وَ) نُدِبَ (قِرَاءَةٌ خَلْفَ إمَامٍ) سِرًّا (فِيهِ) : أَيْ السِّرِّ؛ أَيْ فِي الصَّلَاةِ السِّرِّيَّةِ، وَأَخِيرَةِ الْمَغْرِبِ، وَأَخِيرَتَيْ الْعِشَاءِ.
(وَ) نُدِبَ (تَأْمِينُ فَذٍّ) أَيْ قَوْلُهُ: آمِينَ بَعْدَ وَلَا الضَّالِّينَ (مُطْلَقًا) فِي السِّرِّ وَالْجَهْرِ (كَإِمَامٍ فِي السِّرِّ) فَقَطْ، (وَمَأْمُومٍ) فِي سِرِّهِ وَ (فِي الْجَهْرِ) إنْ (سَمِعَ
ــ
[حاشية الصاوي]
«إذَا أَمَّ أَحَدُكُمْ فَلْيُخَفِّفْ فَإِنَّ فِي النَّاسِ الْكَبِيرَ وَالْمَرِيضَ وَذَا الْحَاجَةِ» ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ الْأَحَادِيثِ الَّتِي وَرَدَتْ فِي ذَمِّ التَّطْوِيلِ، وَانْظُرْ إذَا طَوَّلَ الْإِمَامُ فِي الصَّلَاةِ وَخَشِيَ الْمَأْمُومُ تَلَفَ بَعْضِ مَالِهِ أَوْ حُصُولَ ضَرَرٍ شَدِيدٍ إنْ أَتَمَّ مَعَهُ، هَلْ يُسَوَّغُ لَهُ الْخُرُوجُ عَنْهُ وَيُتِمُّ لِنَفْسِهِ أَمْ لَا؟ قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ وَحَكَى عِيَاضٌ فِي ذَلِكَ قَوْلَيْنِ عَنْ ابْنِ الْعَرَبِيِّ.
قَوْلُهُ: [تَقْصِيرُ الرَّكْعَةِ الثَّانِيَةِ] : أَيْ فِي الزَّمَنِ وَإِنْ قَرَأَ فِيهَا أَكْثَرَ كَمَا يَأْتِي فِي الْكُسُوفِ.
قَوْلُهُ: [وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ] : أَيْ لِأَنَّ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ يُوجِبُ إسْمَاعَ نَفْسِهِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ قِرَاءَةٌ خَلْفَ إمَامٍ] : أَيْ وَيَتَأَكَّدُ إنْ رَاعَى خِلَافَ الشَّافِعِيِّ لِأَنَّهُ يُوجِبُهَا عَلَى الْمَأْمُومِ مُطْلَقًا.
إمَامَهُ) يَقُولُ وَلَا الضَّالِّينَ لَا إنْ لَمْ يَسْمَعْهُ يَقُولُهَا وَلَا يَتَحَرَّى.
(وَ) نُدِبَ (الْإِسْرَارُ بِهِ) أَيْ بِالتَّأْمِينِ لِكُلِّ مُصَلٍّ طُلِبَ مِنْهُ.
(وَ) نُدِبَ (تَسْوِيَةُ ظَهْرِهِ) أَيْ الْمُصَلِّي (بِرُكُوعٍ) أَيْ فِيهِ.
(وَ) نُدِبَ فِيهِ أَيْضًا (وَضْعُ يَدَيْهِ) . أَيْ كَفَّيْهِ (عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَ) نُدِبَ (تَمْكِينُهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (مِنْهُمَا) : أَيْ مِنْ الرُّكْبَتَيْنِ.
(وَ) نُدِبَ (نَصْبُهُمَا) أَيْ الرُّكْبَتَيْنِ فَلَا يَحْنِيهِمَا قَلِيلًا خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ.
(وَ) نُدِبَ (تَسْبِيحٌ بِهِ) أَيْ فِيهِ نَحْوَ " سُبْحَانَ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، وَسُبْحَانَ رَبِّي الْعَظِيمِ وَلَا يَدْعُو وَلَا يَقْرَأُ (كَسُجُودٍ) يُنْدَبُ فِيهِ التَّسْبِيحُ وَالدُّعَاءُ أَيْضًا كَمَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ.
(وَ) نُدِبَ فِيهِ أَيْضًا (مُجَافَاةُ رَجُلٍ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ لِفَاعِلِهِ أَيْ مُبَاعَدَةُ الرَّجُلِ (مِرْفَقَيْهِ جَنْبَيْهِ) أَيْ عَنْهُمَا لَا كَثِيرًا بَلْ (يُجَنِّحُ بِهِمَا) أَيْ بِمِرْفَقَيْهِ عَنْ جَنْبَيْهِ (تَجْنِيحًا وَسَطًا، وَ) ، نُدِبَ (قَوْلُ فَذٍّ) بَعْدَ قَوْلِهِ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ. (وَ) قَوْلُ (مُقْتَدٍ) بَعْدَ قَوْلِ إمَامِهِ ذَلِكَ (رَبَّنَا وَلَك الْحَمْدُ) أَوْ " اللَّهُمَّ رَبَّنَا " إلَخْ، وَجَازَ حَذْفُ الْوَاوِ وَإِثْبَاتُهَا أَوْلَى، فَالْإِمَامُ لَا يَقُولُ " رَبَّنَا " إلَخْ وَالْمَأْمُومُ لَا يَقُولُ:" سَمِعَ اللَّهُ " إلَخْ وَالْفَذُّ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا (حَالَ الْقِيَامِ) لَا حَالَ رَفْعِهِ مِنْ الرُّكُوعِ إذْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [وَلَا يَتَحَرَّى] : أَيْ عَلَى الْأَظْهَرِ لِأَنَّهُ لَوْ تَحَرَّى لَرُبَّمَا أَوْقَعَهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعِهِ. وَرُبَّمَا صَادَفَ آيَةَ عَذَابٍ كَذَا فِي التَّوْضِيحِ، وَبَحَثَ فِيهِ بِأَنَّ الْقُرْآنَ لَمْ يَقَعْ فِيهِ الدُّعَاءُ بِالْعَذَابِ إلَّا عَلَى مُسْتَحِقِّهِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا ضَرَرَ بِمُصَادَفَتِهِ آيَةَ عَذَابٍ.
قَوْلُهُ: [وَلَا يَدْعُو] إلَخْ: أَيْ فَيُكْرَهُ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [كَمَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ] : أَيْ فَقَدْ وَرَدَ طَلَبُ الدُّعَاءِ وَالتَّسْبِيحِ فِي السُّجُودِ، وَالتَّسْبِيحِ فَقَطْ فِي الرُّكُوعِ.
قَوْلُهُ: [مُجَافَاةُ رَجُلٍ] : وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا تَكُونُ مُنْضَمَّةً فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا.
قَوْلُهُ: [أَيْ عَنْهُمَا] : إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ مَنْصُوبٌ بِنَزْعِ الْخَافِضِ.
قَوْلُهُ: [يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا] : أَيْ فَيَأْتِي بِسُنَّةٍ وَمَنْدُوبٍ.
يَعْمُرُ الرَّفْعَ بِ " سَمِعَ اللَّهُ " إلَخْ، فَإِذَا اعْتَدَلَ قَائِمًا قَالَ:" رَبَّنَا " إلَخْ.
(وَ) نُدِبَ (التَّكْبِيرُ) السُّنَّةُ (حَالَةَ الْخَفْضِ) لِلرُّكُوعِ أَوْ السُّجُودِ (وَ) حَالَةَ (الرَّفْعِ) مِنْ السُّجُودِ فِي السَّجْدَةِ الْأُولَى أَوْ الثَّانِيَةِ (إلَّا فِي الْقِيَامِ مِنْ التَّشَهُّدِ) الْوَسَطِ (فَلِلِاسْتِقْلَالِ) قَائِمًا حَتَّى يُكَبِّرَ.
(وَ) نُدِبَ (تَمْكِينُ جَبْهَتِهِ) وَأَنْفِهِ (مِنْ الْأَرْضِ أَوْ مَا اتَّصَلَ بِهَا) : أَيْ بِالْأَرْضِ (مِنْ سَطْحٍ كَسَرِيرٍ) : أَوْ سَقْفٍ وَنَحْوِهِمَا (بِسُجُودِهِ) أَيْ فِيهِ.
(وَ) نُدِبَ (تَقْدِيمُ الْيَدَيْنِ عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ عِنْدَهُ) أَيْ السُّجُودِ أَيْ حَالَ انْحِطَاطِهِ لَهُ (وَتَأْخِيرُهُمَا) : أَيْ الْيَدَيْنِ عَنْ الرُّكْبَتَيْنِ (عِنْدَ الْقِيَامِ) لِلْقِرَاءَةِ.
(وَ) نُدِبَ (وَضْعُهُمَا) أَيْ الْيَدَيْنِ (حَذْوَ) : أَيْ قُبَالَةَ (أُذُنَيْهِ أَوْ قُرْبَهُمَا) : فِي سُجُودِهِ بِحَيْثُ تَكُونُ أَطْرَافُ أَصَابِعِهِمَا حَذْوَ الْأُذُنَيْنِ.
(وَ) نُدِبَ (ضَمُّ أَصَابِعِهِمَا وَرُءُوسِهَا) أَيْ الْأَصَابِعِ (لِلْقِبْلَةِ) أَيْ لِجِهَتِهَا.
(وَ) نُدِبَ (مُجَافَاةُ) أَيْ مُبَاعَدَةُ (رَجُلٍ فِيهِ) أَيْ السُّجُودِ (بَطْنَهُ فَخْذَيْهِ) فَلَا يَجْعَلُ بَطْنَهُ عَلَيْهِمَا.
(وَ) مُجَافَاةُ (مِرْفَقَيْهِ رُكْبَتَيْهِ) أَيْ عَنْ رُكْبَتَيْهِ.
(وَ) مُجَافَاةُ (ضَبُعَيْهِ) : بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ تَثْنِيَةُ ضَبُعٍ: مَا فَوْقَ الْمِرْفَقِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلِلِاسْتِقْلَالِ] : أَيْ لِأَنَّهُ كَمُفْتَتِحٍ صَلَاةً وَيُؤَخِّرُ الْمَأْمُومُ قِيَامَهُ حَتَّى يَسْتَقِلَّ إمَامُهُ، وَكُلٌّ مِنْ الْفَذِّ وَالْإِمَامِ وَالْمَأْمُومِ لَا يُكَبِّرُ إلَّا بَعْدَ اسْتِقْلَالِهِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ تَمْكِينُ جَبْهَتِهِ] إلَخْ: أَيْ وَأَمَّا وَضْعُ أَيْسَرِ جُزْءٍ فَرُكْنٌ.
قَوْلُهُ: [حَذْوَ الْأُذُنَيْنِ] : أَيْ أَوْ قُرْبَهُمَا.
قَوْلُهُ: [بَطْنَهُ فَخْذَيْهِ] : أَيْ عَنْ فَخْذَيْهِ.
إلَى الْإِبْطِ (جَنْبَيْهِ) أَيْ عَنْهُمَا مُجَافَاةً (وَسَطًا) فِي الْجَمِيعِ. وَأَمَّا الْمَرْأَةُ فَتَكُونُ مُنْضَمَّةً فِي جَمِيعِ أَحْوَالِهَا.
(وَ) نُدِبَ فِي السُّجُودِ (رَفْعُ الْعَجِيزَةِ) : عَنْ الرَّأْسِ بِأَنْ يَكُونَ مَحَلُّ السُّجُودِ مُسَاوِيًا لِمَحَلِّ الْقَدَمَيْنِ حَالَ الْقِيَامِ أَوْ أَخْفَضَ. وَأَوْجَبَ ذَلِكَ الشَّافِعِيُّ فَإِذَا كَانَ الرَّأْسُ مُسَاوِيًا لِلْعَجُزِ أَوْ أَعْلَى بِأَنْ يَكُونَ مَحَلُّ السُّجُودِ أَعْلَى مِنْ مَحَلِّ الْقَدَمَيْنِ لَمْ تَبْطُلْ عِنْدَنَا وَبَطَلَتْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ.
(وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ فِيهِ) أَيْ فِي السُّجُودِ بِمَا يَتَعَلَّقُ بِأُمُورِ الدِّينِ أَوْ الدُّنْيَا أَوْ الْآخِرَةِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ خُصُوصًا أَوْ عُمُومًا (بِلَا حَدٍّ) بَلْ بِحَسَبِ مَا يَسَّرَ اللَّهُ تَعَالَى، (كَالتَّسْبِيحِ) فِيهِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ بِلَا حَدٍّ وَيُقَدِّمُهُ عَلَى الدُّعَاءِ.
(وَ) نُدِبَ (الْإِفْضَاءُ) : بِالْفَاءِ وَالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ (فِي الْجُلُوسِ) كُلِّهِ سَوَاءٌ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [مُجَافَاةً وَسَطًا] إلَخْ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْفَرْضِ كَنَفْلٍ لَمْ يُطَوِّلْ فِيهِ لَا إنْ طَوَّلَ فِيهِ فَلَهُ وَضْعُ ذِرَاعَيْهِ عَلَى فَخْذَيْهِ لِطُولِ السُّجُودِ مَثَلًا.
قَوْلُهُ: [وَبَطَلَتْ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ] : أَيْ لِاشْتِرَاطِهِ ارْتِفَاعَ الْأَسَافِلِ، وَانْحِدَارَ الْأَعَالِي وَقُدِّمَ ذَلِكَ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ دُعَاءٌ] : أَيْ مِنْ كُلِّ جَائِزٍ شَرْعًا وَعَادَةً وَتَأَكَّدَ حَالَةَ السُّجُودِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ» . فَالدُّعَاءُ الشَّرْعِيُّ مَطْلُوبٌ؛ وَلَوْ قَالَ فِي دُعَائِهِ يَا فُلَانُ فَعَلَ اللَّهُ بِك كَذَا إنْ لَمْ يَكُنْ حَاضِرًا وَقَصَدَ خِطَابَهُ - وَإِلَّا بَطَلَتْ، وَيَجُوزُ الدُّعَاءُ عَلَى الظَّالِمِ بِعَزْلِهِ، كَانَ ظَالِمًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَالْأَوْلَى عَدَمُ الدُّعَاءِ عَلَى مَنْ لَمْ يَعُمَّ ظُلْمُهُ، فَإِنْ عَمَّ فَالْأَوْلَى الدُّعَاءُ. وَيُنْهَى عَنْ الدُّعَاءِ عَلَيْهِ بِذَهَابِ أَوْلَادِهِ وَأَهْلِهِ، أَوْ بِالْوُقُوعِ فِي مَعْصِيَةٍ لِأَنَّ إرَادَةَ الْمَعْصِيَةِ مَعْصِيَةٌ وَلَا يَجُوزُ الدُّعَاءُ عَلَيْهِ بِسُوءِ الْخَاتِمَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ نَاجِي وَغَيْرُهُ خِلَافًا لِلْبَرْزَلِيِّ. (اهـ. مِنْ الْحَاشِيَةِ) .
قَوْلُهُ: [وَيُقَدِّمُهُ عَلَى الدُّعَاءِ] : أَيْ لِوُرُودِ السُّنَّةِ بِتَقْدِيمِ التَّسْبِيحِ عَلَى الدُّعَاءِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ الْإِفْضَاءُ] إلَخْ: أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ فَعِنْدَهُمْ يُخَصُّ الْإِفْضَاءُ
كَانَ بَيْنَ السَّجْدَتَيْنِ أَوْ فِي التَّشَهُّدِ الْأَخِيرِ أَوْ غَيْرِهِ، وَفَسَّرَ الْإِفْضَاءَ بِقَوْلِهِ:(بِجَعْلِ الْيُسْرَى) أَيْ الرِّجْلِ الْيُسْرَى مَعَ الْأَلْيَةِ (لِلْأَرْضِ) أَيْ عَلَيْهَا، (وَقَدَمِهَا) أَيْ الْيُسْرَى (جِهَةَ) الرِّجْلِ (الْيُمْنَى، وَنَصْبُ قَدَمِ الْيُمْنَى) إظْهَارٌ فِي مَحَلِّ الْإِضْمَارِ لِلْإِيضَاحِ (عَلَيْهَا) : أَيْ عَلَى الْيُسْرَى أَيْ عَلَى قَدَمِ الْيُسْرَى خَلْفَهَا (وَبَاطِنِ إبْهَامِهَا) : أَيْ الْيُمْنَى (لِلْأَرْضِ) أَيْ عَلَيْهَا.
(وَ) نُدِبَ (وَضْعُ الْكَفَّيْنِ عَلَى رَأْسِ الْفَخْذَيْنِ) بِحَيْثُ تَكُونُ رُءُوسُ أَصَابِعِهِمَا عَلَى الرُّكْبَتَيْنِ.
(وَ) نُدِبَ (تَفْرِيجُ الْفَخْذَيْنِ) : لِلرَّجُلِ فَلَا يُلْصِقُهُمَا بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ.
(وَ) نُدِبَ (عَقْدُ مَا عَدَا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ) : وَهُوَ الْخِنْصِرُ وَالْبِنْصِرُ وَالْوُسْطَى (مِنْ) الْيَدِ (الْيُمْنَى فِي) حَالِ (تَشَهُّدِهِ) مُطْلَقًا الْأَخِيرِ أَوْ غَيْرِهِ، (بِجَعْلِ رُءُوسِهَا) أَيْ الْأَصَابِعِ الثَّلَاثَةِ مَا عَدَا السَّبَّابَةَ وَالْإِبْهَامَ (بِلُحْمَةِ الْإِبْهَامِ) بِضَمِّ اللَّامِ: أَيْ اللُّحْمَةِ الَّتِي بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ حَالَةَ كَوْنِهِ (مَادًّا) أُصْبُعَهُ (السَّبَّابَةَ بِجَنْبِ الْإِبْهَامِ) كَالْمُشِيرِ بِهَا.
ــ
[حاشية الصاوي]
بِغَيْرِ الْجُلُوسِ الْوَسَطِ، فَالْأَفْضَلُ فِي الْجُلُوسِ الْوَسَطِ عِنْدَهُمْ نَصْبُ الْقَدَمَيْنِ، وَالْجُلُوسُ عَلَيْهِمَا.
قَوْلُهُ: [وَفَسَّرَ الْإِفْضَاءَ] إلَخْ: أَيْ فَالْبَاءُ فِي قَوْلِهِ: [بِجَعْلِ] لِلتَّصْوِيرِ وَيَصِحُّ جَعْلُهَا لِلْمُصَاحَبَةِ أَيْ حَالَةَ كَوْنِ الْجُلُوسِ مُقَارِنًا لِهَذِهِ الْهَيْئَةِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُقَارِنًا لَهَا حَصَلَتْ السُّنَّةُ وَفَاتَ الْمُسْتَحَبُّ.
قَوْلُهُ: [وَبَاطِنِ إبْهَامِهَا] : أَيْ مَعَ مَا يَتَيَسَّرُ مِنْ بَاقِي الْأَصَابِعِ.
قَوْلُهُ: [بِلُحْمَةِ الْإِبْهَامِ] : أَيْ فَتَصِيرُ الْهَيْئَةُ هَيْئَةَ التِّسْعَةِ وَالْعِشْرِينَ؛ لِأَنَّ مَدَّ السَّبَّابَةِ مَعَ الْإِبْهَامِ صُورَةُ عِشْرِينَ، وَقَبْضَ الثَّلَاثَةِ تَحْتَ الْإِبْهَامِ صُورَةُ تِسْعٍ، وَأَمَّا إنْ جَعَلَ الثَّلَاثَةَ وَسَطَ الْكَفِّ تَكُونُ هَيْئَةَ ثَلَاثٍ وَعِشْرِينَ فَجَائِزَةٌ أَيْضًا، لَكِنَّ شَارِحَنَا اخْتَارَ الْأُولَى. وَأَمَّا جَعْلُهَا وَسَطَ الْكَفِّ مَعَ وَضْعِ الْإِبْهَامِ عَلَى أُنْمُلَةِ الْوُسْطَى وَهُوَ صِفَةُ ثَلَاثَةٍ وَخَمْسِينَ فَلَيْسَتْ بِمَنْدُوبَةٍ، لِأَنَّ الْإِبْهَامَ غَيْرُ مَمْدُودٍ مَعَ السَّبَّابَةِ، وَالسُّنَّةُ مَدُّهُمَا.
(وَ) نُدِبَ (تَحْرِيكُهَا دَائِمًا) مِنْ أَوَّلِ التَّشَهُّدِ إلَى آخِرِهِ (يَمِينًا وَشِمَالًا) أَيْ لِجِهَتِهِمَا لَا لِجِهَةِ فَوْقَ وَتَحْتَ (تَحْرِيكًا وَسَطًا) .
وَنُدِبَ (الْقُنُوتُ) أَيْ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ (بِأَيِّ لَفْظٍ) نَحْوَ اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا (بِصُبْحٍ) فَقَطْ.
(وَ) نُدِبَ (إسْرَارُهُ) لِأَنَّهُ دُعَاءٌ وَكُلُّ دُعَاءٍ يُنْدَبُ إسْرَارُهُ.
(وَ) نُدِبَ كَوْنُهُ (قَبْلَ الرُّكُوعِ) الثَّانِي.
(وَ) نُدِبَ (لَفْظُهُ) الْوَارِدُ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَيْ الَّذِي اخْتَارَهُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [لَا لِجِهَةِ فَوْقُ وَتَحْتُ] : أَيْ خِلَافًا لِبَعْضِهِمْ وَإِنَّمَا طَلَبَ تَحْرِيكَهَا لِأَنَّهَا مِذَبَّةٌ لِلشَّيْطَانِ كَمَا وَرَدَ بِهَا الْحَدِيثُ، وَإِنَّمَا اُخْتِيرَتْ دُونَ سَائِرِ الْأَصَابِعِ لِأَنَّ بِهَا عِرْقًا مُتَّصِلًا بِنِيَاطِ الْقَلْبِ، فَكُلَّمَا وَضَعَ الشَّيْطَانُ خُرْطُومَهُ عَلَى الْقَلْبِ طُرِدَ بِسَبَبِ ذَلِكَ التَّحْرِيكِ.
قَوْلُهُ: [وَنُدِبَ الْقُنُوتُ] : هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ سَحْنُونَ: إنَّهُ سُنَّةٌ، وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ، وَقَالَ ابْنُ زِيَادٍ: مَنْ تَرَكَهُ فَسَدَتْ صَلَاتُهُ.
قَوْلُهُ: [أَيْ الدُّعَاءُ وَالتَّضَرُّعُ] : أَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقُنُوتِ هُنَا الدُّعَاءُ لِأَنَّهُ يُطْلَقُ فِي اللُّغَةِ عَلَى أُمُورٍ: مِنْهَا الدُّعَاءُ وَمِنْهَا الطَّاعَةُ وَالْعِبَادَةُ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى: {إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ أُمَّةً قَانِتًا لِلَّهِ حَنِيفًا} [النحل: 120] وَمِنْهَا السُّكُوتُ كَمَا فِي: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238] أَيْ سَاكِتِينَ فِي الصَّلَاةِ لِحَدِيثِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ: «كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَتْ فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ» ، وَمِنْهُ الْحَدِيثُ: «أَفْضَلُ الصَّلَاةِ
الْإِمَامُ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - (وَهُوَ) أَيْ لَفْظُهُ: (اللَّهُمَّ إنَّا نَسْتَعِينُك وَنَسْتَغْفِرُك) أَيْ نَطْلُبُ مِنْك الْإِعَانَةَ عَلَى تَحْصِيلِ مَصَالِحِ دِينِنَا وَدُنْيَانَا وَآخِرَتِنَا، وَنَطْلُبُ مِنْك غَفْرَ أَيْ سَتْرَ ذُنُوبِنَا وَعَدَمَ مُؤَاخَذَتِنَا بِهَا (إلَى آخِرِهِ) أَيْ تَقُولُ ذَلِكَ حَتَّى تَنْتَهِيَ إلَى آخِرِهِ. وَلَمَّا كَانَ مَشْهُورًا بَيْنَ النَّاسِ قَالَ مَا ذَكَرَ، وَتَمَامُهُ " وَنُؤْمِنُ بِك " أَيْ نُصَدِّقُ بِوُجُوبِ وُجُودِك وَعَظَمَتِك وَقُدْرَتِك وَوَحْدَانِيِّتِكَ إلَى آخِرِ عَقَائِدِ الْإِيمَانِ، " وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك وَنَخْنَعُ لَك وَنَخْلَعُ وَنَتْرُكُ مَنْ يَكْفُرُك، اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ وَلَك نُصَلِّي وَنَسْجُدُ، وَإِلَيْك نَسْعَى وَنَحْفِدُ، نَرْجُو رَحْمَتَك وَنَخَافُ عَذَابَك إنَّ عَذَابَك الْجِدَّ بِالْكَافِرِينَ مُلْحَقٌ ".
ــ
[حاشية الصاوي]
طُولُ الْقُنُوتِ» أَيْ الْقِيَامِ.
قَوْلُهُ: [وَنَتَوَكَّلُ عَلَيْك] : أَيْ نُفَوِّضُ أُمُورَنَا إلَيْك.
قَوْلُهُ: [وَنَخْنَعُ] : أَيْ نَخْضَعُ وَنَذِلُّ لَك وَهُوَ بِالنُّونِ، وَقَوْلُهُ وَنَخْلَعُ بِاللَّامِ مَعْنَاهُ نَتْرُكُ كُلَّ شَاغِلٍ يَشْغَلُ عَنْك لِقَوْلِهِ تَعَالَى:{فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ} [الذاريات: 50]، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي رِوَايَةِ الْإِمَامِ:" وَنُثْنِي عَلَيْك الْخَيْرَ كُلَّهُ نَشْكُرُك وَلَا نَكْفُرُك " وَإِنَّمَا ثَبَتَ فِي رِوَايَةِ غَيْرِهِ.
قَوْلُهُ: [اللَّهُمَّ إيَّاكَ نَعْبُدُ] إلَخْ: أَيْ لَا نَعْبُدُ إلَّا إيَّاكَ، وَلَا نُصَلِّي وَلَا نَسْجُدُ إلَّا لَك، وَلَا نَسْعَى فِي الطَّاعَةِ، " وَنَحْفِدُ " نَجِدُّ إلَّا لِحَضْرَتِك، وَقَوْلُهُ " نَرْجُو رَحْمَتَك ": أَيْ بِسَبَبِ أَخْذِنَا فِي أَسْبَابِ طَاعَتِك وَالتَّضَرُّعِ لَك لِأَنَّ الدُّعَاءَ مِفْتَاحُ الرَّحْمَةِ، وَقَوْلُهُ " وَنَخَافُ عَذَابَك ": أَيْ لِأَنَّهُ لَا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إلَّا الْقَوْمُ الْخَاسِرُونَ، وَقَوْلُهُ:[الْجَدَّ] : أَيْ الْحَقَّ، وَقَوْلُهُ:[إنَّ عَذَابَك] إلَخْ بِالْكَسْرِ لِلِاسْتِئْنَافِ، وَفِيهِ مَعْنَى التَّعْلِيلِ وَ [مُلْحَقٌ] : اسْمُ فَاعِلٍ أَوْ اسْمُ مَفْعُولٍ. قَالَ تَعَالَى: {إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ} [الطور: 7]{مَا لَهُ مِنْ دَافِعٍ} [الطور: 8] . وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْقُنُوتَ لَا يُشْرَعُ إلَّا فِي الصُّبْحِ وَيَتَعَلَّقُ بِهِ مَنْدُوبَاتٌ أَرْبَعُ: هُوَ فِي نَفْسِهِ، وَكَوْنُهُ بِهَذَا اللَّفْظِ، وَكَوْنُهُ سِرًّا، وَكَوْنُهُ قَبْلَ الرُّكُوعِ. وَفِي الْخَرَشِيِّ: وَيُنْدَبُ أَيْضًا أَنْ يَكُونَ فِي الصُّبْحِ. قَالَ شَيْخُنَا فِي مَجْمُوعِهِ: وَهَذَا لَا يَظْهَرُ لِاقْتِضَائِهِ أَنَّهُ إذَا أَتَى بِهِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ فَعَلَ مَنْدُوبًا أَوْ مَنْدُوبَاتٍ، وَفَاتَهُ مَنْدُوبٌ، مَعَ أَنَّ الظَّاهِرَ
(وَ) نُدِبَ (دُعَاءٌ قَبْلَ السَّلَامِ) وَبَعْدَ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا أَحَبَّ.
(وَ) نُدِبَ (إسْرَارُهُ) لِأَنَّ كُلَّ دُعَاءٍ يُنْدَبُ إسْرَارُهُ (كَالتَّشَهُّدِ) السُّنَّةُ يُنْدَبُ إسْرَارُهُ.
(وَ) نُدِبَ (تَعْمِيمُهُ) أَيْ الدُّعَاءِ، لِأَنَّ التَّعْمِيمَ أَقْرَبُ لِلْإِجَابَةِ، (وَمِنْهُ) : أَيْ الدُّعَاءِ الْعَامِّ (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا) مَعَاشِرَ الْحَاضِرِينَ فِي الصَّلَاةِ (وَلِوَالِدِينَا) : بِكَسْرِ الدَّالِ أَوْلَى لِأَنَّهُ جَمْعٌ يَعُمُّ كُلَّ مَنْ لَهُ عَلَيْك وِلَادَةٌ (وَلِأَئِمَّتِنَا) مِنْ الْعُلَمَاءِ وَالْخُلَفَاءِ (وَلِمَنْ سَبَقَنَا) : أَيْ تَقَدَّمَنَا (بِالْإِيمَانِ مَغْفِرَةً عَزْمًا) أَيْ جَزْمًا، (اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنَا) مِنْ الذُّنُوبِ (وَمَا أَخَّرْنَا) مِنْهَا (وَمَا أَسْرَرْنَا وَمَا أَعْلَنَّا) مِنْهَا (وَمَا) : أَيْ وَكُلَّ ذَنْبٍ (أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا، رَبَّنَا آتِنَا) : أَعْطِنَا (فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً) : هِدَايَةً وَعَافِيَةً وَصَلَاحَ حَالٍ، (وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً) : لُحُوقًا بِالْأَخْيَارِ وَإِدْخَالًا تَحْتَ
ــ
[حاشية الصاوي]
كَمَا فِي الْخَرَشِيِّ وَغَيْرِهِ أَيْضًا كَرَاهَةُ الْقُنُوتِ فِي غَيْرِ الصُّبْحِ أَوْ خِلَافُ الْأُولَى، فَالْحَقُّ أَنَّ الْمَنْدُوبَاتِ أَرْبَعٌ ثُمَّ هِيَ فِي الصُّبْحِ. فَالصُّبْحُ تَوْقِيتٌ لِلْمَكَانِ الَّذِي شُرِعَ فِيهِ فَلَا يُعَدُّ مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ. (اهـ) .
قَوْلُهُ: [قَبْلَ السَّلَامِ] : أَيْ مَا لَمْ يَكُنْ مَأْمُومًا، وَيُسَلِّمُ إمَامُهُ فَيُكْرَهُ لَهُ الدُّعَاءُ.
قَوْلُهُ: [أَقْرَبُ إلَى الْإِجَابَةِ] : أَيْ لِمَا فِي الْحَدِيثِ الشَّرِيفِ: «إذَا دَعَوْتُمْ فَعَمِّمُوا فَقَمِنٌ أَنْ يُسْتَجَابَ لَكُمْ» .
قَوْلُهُ: [يَعُمُّ كُلَّ مَنْ لَهُ عَلَيْك وِلَادَةٌ] : أَيْ مِمَّنْ مَاتَ عَلَى الْإِسْلَامِ.
فَيُلَاحِظُ الدَّاعِي ذَلِكَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] الْآيَةَ.
قَوْلُهُ: [وَمَا أَخَّرْنَا مِنْهَا] : لَعَلَّ مُرَادَهُ طَلَبُ غُفْرَانِ الذُّنُوبِ الَّتِي سَبَقَ فِي عِلْمِ اللَّهِ حُصُولُهَا فِي الْمُسْتَقْبَلِ.
قَوْلُهُ: [وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنَّا] : عَطْفٌ عَامٌّ وَالدُّعَاءُ مَحَلُّ إطْنَابٍ.
قَوْلُهُ: [فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً] إلَخْ: فَسَّرَهَا الشَّارِحُ؛ بِأَحْسَنِ التَّفَاسِيرِ وَفِيهَا تَفَاسِيرُ كَثِيرَةٌ.