الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بَلَغَ نِصَابًا لِمُسْتَحِقِّهِ إِن تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلٌ غَيْرِ مَعْدِنٍ وَحَرْثٍ.
فَقَالَ:
(الزَّكَاةُ) الَّتِي هِيَ أَحَدُ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ الْخَمْسَةِ (فَرْضُ عَيْنٍ) .
(عَلَى الْحُرِّ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى، فَلَا تَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ وَلَوْ بِشَائِبَةِ حُرِّيَّةٍ لِعَدَمِ تَمَامِ مِلْكِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [بَلَغَ نِصَابًا] : هُوَ فِي اللُّغَةِ الْأَصْلُ، وَشَرْعًا: الْقَدْرُ الَّذِي إذَا بَلَغَهُ الْمَالُ وَجَبَتْ الزَّكَاةُ فِيهِ، وَسَمِّي نِصَابًا أَخْذًا لَهُ مِنْ النُّصُبِ؛ لِأَنَّهُ كَعَلَامَةٍ نُصِبَتْ عَلَى وُجُوبِ الزَّكَاةِ.
وَقَوْلُهُ: [لِمُسْتَحِقِّهِ] : مُتَعَلِّقٌ بِإِخْرَاجٍ وَالْمُسْتَحَقُّونَ هُمْ الْأَصْنَافُ الثَّمَانِيَةُ الْمَذْكُورُونَ فِي الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ.
قَوْلُهُ: [إنْ تَمَّ الْمِلْكُ وَحَوْلٌ] إلَخْ: اُخْتُلِفَ فِي الْمِلْكِ التَّامِّ، قِيلَ سَبَبٌ لِوُجُوبِ الزَّكَاةِ لَا شَرْطٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ، وَمِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ السَّبَبِ بِالنَّظَرِ لِذَاتِهِ، وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: إنَّهُ شَرْطٌ نَظَرًا إلَى الظَّاهِرِ وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ الْوُجُوبِ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ الْوُجُوبِ وَلَا عَدَمِهِ لِتَوَقُّفِهِ عَلَى شُرُوطٍ أُخَرَ، كَالْحَوْلِ وَالْحُرِّيَّةِ وَانْتِفَاءِ الْمَانِعِ كَالدَّيْنِ. وَأَمَّا الْحَوْلُ فَهُوَ شَرْطٌ بِلَا خِلَافٍ لِصِدْقِ تَعْرِيفِ الشَّرْطِ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِهِ عَدَمُ وُجُوبِ الزَّكَاةِ، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُودِهِ وُجُودُ وُجُوبِهَا وَلَا عَدَمُهُ لِتَوَقُّفِ وُجُوبِهَا عَلَى مَالِ النِّصَابِ وَفَقْدِ الْمَانِعِ كَالدَّيْنِ.
قَوْلُهُ: [غَيْرُ مَعْدِنٍ وَحَرْثٍ] : أَيْ وَأَمَّا هُمَا فَلَا يَتَوَقَّفَانِ عَلَى الْحَوْلِ، بَلْ وُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي الْمَعْدِنِ بِالْخُرُوجِ أَوْ بِالتَّصْفِيَةِ وَفِي الْحَرْثِ بِالطَّيِّبِ وَسَيَأْتِي.
[حُكْم الزَّكَاةِ وَشُرُوط وُجُوبهَا]
قَوْلُهُ: [فَلَا تَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ] إلَخْ: أَيْ وَلَوْ لَمْ يَجُزْ لِسَيِّدِهِ انْتِزَاعُ مَالِهِ كَالْمُكَاتَبِ. وَكَمَا أَنَّهَا لَا تَجِبُ عَلَى الرَّقِيقِ فِي مَالِهِ لَا يَجِبُ عَلَى السَّيِّدِ إخْرَاجُهَا عَنْ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّ مَنْ مَلَكَ أَنْ يَمْلِكَ لَا يُعَدُّ مَالِكًا. اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُنْتَزَعَ الْمَالُ مِنْهُ، فِيمَنْ يَجُوزُ لَهُ انْتِزَاعُهُ وَيَمْكُثُ عِنْدَهُ حَوْلًا. قَالَ فِي الْمَجْمُوعِ: وَفِي الشَّاذِلِيِّ عَلَى الرِّسَالَةِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: عِنْدِي أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ يُزَكِّيه السَّيِّدُ أَوْ الْعَبْدُ، لِأَنَّهُ مَمْلُوكٌ لِأَحَدِهِمَا قَطْعًا، فَكَأَنَّهُ جَعَلَهَا مِنْ فُرُوضِ الْكِفَايَةِ. إنْ قُلْت: قَوْله تَعَالَى: {ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلا عَبْدًا مَمْلُوكًا لا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ} [النحل: 75] : يَقْتَضِي أَنَّ الْعَبْدَ لَا مِلْكَ لَهُ كَمَا يَقُولُ غَيْرُنَا، فَكَيْفَ نَقُولُ إنَّهُ يَمْلِكُ لَكِنَّ مِلْكًا غَيْرُ تَامٍّ؟ فَالْجَوَابُ: أَنَّ الصِّفَةَ مُخَصَّصَةٌ
(الْمَالِكِ لِلنِّصَابِ) فَلَا تَجِبُ عَلَى غَيْرِ مَالِكٍ كَغَاصِبٍ وَمُودِعٍ، حَالَ كَوْنِ النِّصَابِ (مِنْ) أَجْزَاءِ أَنْوَاعٍ ثَلَاثَةٍ مِنْ الْأَمْوَالِ:
(النَّعَمِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ أَيْ الْأَنْعَامِ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ.
(وَالْحَرْثِ) : الْحُبُوبِ وَذَوَاتِ الزُّيُوتِ الْأَرْبَعِ. وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُهَا.
(وَالْعَيْنِ) : الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
عَلَى الْأَصْلِ لَا كَاشِفَةَ، وَهُوَ مَعْنَى مَا قِيلَ لَا يَلْزَمُ مِنْ ضَرْبِ الْمِثْلِ بِعَبْدٍ لَا يَمْلِكُ أَنَّ كُلَّ عَبْدٍ لَا يَمْلِكُ. (اهـ.)
قَوْلُهُ: [كَغَاصِبٍ] : مِنْ ذَلِكَ الظُّلْمَةِ الْمُسْتَغْرِقُونَ لِلذِّمَمِ؛ لَا تَجِبُ عَلَيْهِمْ زَكَاةٌ حَيْثُ كَانَ جَمِيعُ مَا بِأَيْدِيهِمْ مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ.
قَوْلُ: [النَّعَمُ] : إمَّا مِنْ التَّنَعُّمِ: لِكَوْنِهَا: يُتَنَعَّمُ بِهَا، أَوْ مِنْ لَفْظِ نَعَمْ: لِأَنَّ بِهَا السُّرُورَ كَمَا يُسَرُّ السَّائِلُ بِقَوْلِ الْمُجِيبِ: نَعَمْ. وَالنَّعَمُ اسْمُ جَمْعٍ لَا اسْمُ جِنْسٍ لِأَنَّهُ لَا وَاحِدَ لَهُ مِنْ لَفْظِهِ بَلْ مِنْ مَعْنَاهُ. وَاسْمُ الْجِنْسِ هُوَ الَّذِي: فُرِّقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَاحِدِهِ بِالتَّاءِ غَالِبًا.
قَوْلُهُ: [وَالْحَرْثُ] : سُمِّي حَرْثًا لِأَنَّهُ تُحْرَثُ الْأَرْضُ لِأَجْلِهِ غَالِبًا.
فَلَا تَجِبُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ كَخَيْلٍ وَحَمِيرٍ وَبِغَالٍ وَعَبِيدٍ، وَلَا فِي فَوَاكِهَ كَتِينٍ وَرُمَّانٍ، وَلَا فِي مَعَادِنَ غَيْرِ عَيْنٍ كَمَا لَا تَجِبُ عَلَى مَالِكِ دُونَ النِّصَابِ مِنْهَا. وَالْمُرَادُ أَنَّهَا تَجِبُ عَلَى الْحُرِّ فِي الْمَالِ الْمَذْكُورِ وَلَوْ غَيْرَ مُكَلَّفٍ كَصَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ. وَالْمُخَاطَبُ بِالْإِخْرَاجِ وَلِيُّهُ فَلَيْسَ التَّكْلِيفُ مِنْ شُرُوطِ وُجُوبِهَا، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ رضي الله عنه: إنَّمَا تَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ كَغَيْرِهَا مِنْ أَرْكَانِ الْإِسْلَامِ؛ فَلَا تَجِبُ عَلَى صَبِيٍّ وَمَجْنُونٍ عِنْدَهُ. وَتَجِبُ عِنْدَ غَيْرِهِ عَلَى الْحُرِّ مُطْلَقًا فِي مَالِهِ. وَالْخِطَابُ بِهَا فِيهِ مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ: أَيْ مُتَعَلِّقٌ بِجَعْلِ الْمَالِ الْمَذْكُورِ - إذَا تَوَفَّرَتْ شُرُوطُهُ - سَبَبًا فِي وُجُوبِ زَكَاتِهِ.
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فَلَا تَجِبُ فِي غَيْرِ هَذِهِ الْأَنْوَاعِ] : أَيْ مَا لَمْ تَكُنْ عُرُوضًا لِلتِّجَارَةِ فَتُزَكَّى زَكَاةَ إدَارَةٍ أَوْ احْتِكَارٍ كَمَا يَأْتِي.
قَوْلُهُ: [وَلَوْ غَيْرُ مُكَلَّفٍ] : أَيْ لَتَعَلُّقِ الْخِطَابِ بِهِ وَضْعًا كَمَا سَيَقُولُ.
قَوْلُهُ: [وَالْمُخَاطَبُ بِالْإِخْرَاجِ وَلِيُّهُ] : أَيْ وَلَّى مَنْ ذَكَرَ مِنْ صَغِيرٍ وَمَجْنُونِ؛ فَإِنْ خَشِيَ غُرْمًا رَفَعَ لِلْحَاكِمِ الْمَالِكِيِّ لِيَحْكُمَ لَهُ: بِلُزُومِ الزَّكَاةِ لَهُمَا: فَلَا يَنْفَعُ الْمَجْنُونَ وَالصَّبِيَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ الْقَائِلُ بِعَدَمِ وُجُوبِهَا عَلَيْهِمَا، لِأَنَّ الْحُكْمَ الْأَوَّلَ رَفْعُ الْخِلَافَ.
قَوْلُهُ: [مِنْ بَابِ خِطَابِ الْوَضْعِ] : وَتَعْرِيفُهُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ: جَعْلُ الشَّيْءِ سَبَبًا أَوْ شَرْطًا أَوْ مَانِعًا أَوْ صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا.
فَشُرُوطُ وُجُوبِهَا أَرْبَعَةٌ: اثْنَانِ عَامَّانِ فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ وَهُمَا: الْحُرِّيَّةُ وَمِلْكُ النِّصَابِ. وَاثْنَانِ خَاصَّانِ بِبَعْضِهَا أَوَّلُهُمَا: تَمَامُ الْحَوْلِ؛ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَاشِيَةِ وَبِالْعَيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (إنْ تَمَّ الْحَوْلُ فِي غَيْرِ الْحَرْثِ وَالْمَعْدِنِ وَالرِّكَازِ) وَغَيْرِهِمَا: هُوَ الْمَاشِيَةُ وَالْعَيْنُ. وَأَمَّا الْحَرْثُ فَتَجِبُ فِيهِ بِطَيِّبِهِ كَمَا سَيَأْتِي؛ وَتَجِبُ فِي الْمَعْدِنِ بِإِخْرَاجِهِ، وَفِي الرِّكَازِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ بِوَضْعِ الْيَدِ عَلَيْهِ كَمَا يَأْتِي تَفْصِيلُهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَثَانِيهِمَا: مَجِيءُ السَّاعِي؛ فَإِنَّهُ خَاصٌّ بِالْمَاشِيَةِ وَإِلَيْهِ أَشَارَ بِقَوْلِهِ: (وَ) إنْ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [فِي الْأَنْوَاعِ الثَّلَاثَةِ] : أَيْ النَّعَمِ وَالْحَرْثِ وَالْعَيْنِ.
قَوْلُهُ: [وَمِلْكُ النِّصَابِ] : تَقَدَّمَ فِيهِ خِلَافٌ هَلْ هُوَ سَبَبٌ أَوْ شَرْطٌ.
قَوْلُهُ: [بِطَيِّبِهِ] : وَالطَّيِّبُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِحَسَبِهِ.
قَوْلُهُ: [بِإِخْرَاجِهِ] : هُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ. وَقِيلَ بِالتَّصْفِيَةِ.
قَوْلُهُ: [وَفِي الرِّكَازِ فِي بَعْضِ أَحْوَالِهِ] : وَهُوَ مَا إذَا احْتَاجَ إلَى كَبِيرِ عَمَلٍ وَنَفَقَةٍ وَإِلَّا فَفِيهِ الْخُمُسُ كَمَا سَيَأْتِي.
(وَصَلَ السَّاعِي) إلَى مَحَلِّ الْمَاشِيَةِ (إنْ كَانَ) ثَمَّ سَاعٍ - (فِي النَّعَمِ) لَا فِي غَيْرِهَا، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ فَتَجِبُ بِتَمَامِ الْحَوْلِ. كَمَا تَجِبُ بِتَمَامِهِ فِي الْعَيْنِ وَبِالطَّيِّبِ فِي الْحَرْثِ، وَلَوْ كَانَ هُنَاكَ سَاعٍ. وَسَيَأْتِي تَفْصِيلُ مَسْأَلَةِ السَّاعِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
(وَ) إنْ (تَمَّ النِّصَابُ) فِي النَّعَمِ. وَهَذَا الشَّرْطُ مُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ السَّابِقِ: " الْمَالِكِ لِلنِّصَابِ " - فَلَيْسَ ذِكْرُهُ مَقْصُودًا لِذَاتِهِ - وَإِنَّمَا أَتَى بِهِ لِيُرَتِّبَ عَلَيْهِ قَوْلَهُ:
(وَإِنْ بِنِتَاجٍ) : كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ مِنْ النُّوقِ أَوْ مِنْ الْبَقَرِ أَوْ مِنْ الْغَنَمِ دُونَ النِّصَابِ فَنَتَجَتْ عِنْدَ الْحَوْلِ أَوْ عِنْدَ مَجِيءِ السَّاعِي وَمَا يُكْمِلُ النِّصَابَ فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ؛
(أَوْ) كَانَ بِسَبَبِ (إبْدَالٍ مِنْ نَوْعِهَا) : كَمَا لَوْ كَانَ عِنْدَهُ أَرْبَعٌ مِنْ الْإِبِلِ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْله: [إنْ كَانَ ثَمَّ سَاعٍ] : أَيْ وَأَمْكَنَ بُلُوغُهُ.
قَوْلُهُ: [فَإِنْ لَمْ يَكُنْ سَاعٍ] : أَيْ أَوْ كَانَ وَتَعَذَّرَ بُلُوغُهُ.
قَوْلُهُ: [وَإِنْ بِنِتَاجٍ] : أَيْ هَذَا إذَا كَانَ كَمَالُ النِّصَابِ بِنَفْسِهِ، بَلْ وَإِنْ كَانَ بِنِتَاجٍ بَلْ وَإِنْ صَارَ كُلُّهُ نِتَاجًا خِلَافًا لِدَاوُدَ الظَّاهِرِيِّ الْقَائِلِ: إنَّ النِّتَاجَ لَا يُزَكَّى. وَلَا يَلْزَمُ مِنْ وُجُوبِ الزَّكَاةِ فِي النِّتَاجِ الْأَخْذُ مِنْهُ، بَلْ يُكَلِّفُ رَبُّهَا شِرَاءَ مَا يُجْزِئُ. وَوُجُوبُ الزَّكَاةِ فِي النِّتَاجِ وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ صِنْفِ الْأَصْلِ؛ كَمَا لَوْ نَتَجَتْ الْإِبِلُ أَوْ الْبَقَرُ غَنَمًا، وَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ زَكَاةُ نَوْعِهَا إنْ كَانَ فِيهَا نِصَابٌ. فَإِذَا مَاتَتْ الْأُمَّهَاتُ كُلُّهَا زَكَّى النِّتَاجَ عَلَى حَوْلِ الْأُمَّهَاتِ حَيْثُ كَانَ فِيهِ نِصَابٌ، وَكَذَا إذَا مَاتَ بَعْضُ الْأُمَّهَاتِ وَكَانَ فِي الْبَاقِي مِنْهَا مَعَ النِّتَاجِ نِصَابٌ، زَكَّى الْجَمِيعُ لِحَوْلِ الْأُمَّهَاتِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَانَ بِسَبَبِ إبْدَالٍ] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ أَبْدَلَ مَاشِيَةَ بِنِصَابٍ مِنْ نَوْعِهَا، فَإِنَّهُ: يَبْنِي عَلَى حَوْلِ الْمُبْدَلَةِ كَانَتْ الْمُبْدَلَةُ؛ نِصَابًا أَوْ دُونَ نِصَابٍ. كَانَتْ
فَأَبْدَلَهَا بِخَمْسٍ مِنْهَا وَلَوْ قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ أَوْ أَقَلَّ، أَوْ عِنْدَهُ ثَلَاثُونَ مِنْ الْغَنَمِ فَأَبْدَلَهَا بِأَرْبَعِينَ مِنْهَا، فَتَجِبُ فِيهَا الزَّكَاةُ لِحَوْلٍ مِنْ يَوْمِ مَلَكَ الْأَصْلَ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْدَلَهَا بِغَيْرِ نَوْعِهَا فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِهَا الْحَوْلَ.
(أَوْ) كَانَتْ (عَامِلَةً) فِي حَرْثٍ أَوْ حَمْلٍ فَتَجِبُ فِيهَا.
(أَوْ) كَانَتْ (مَعْلُوفَةً) وَلَوْ فِي جَمِيعِ الْعَامِ فَتَجِبُ فِيهَا كَمَا لَوْ كَانَتْ سَائِمَةً؛
ــ
[حاشية الصاوي]
لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ. كَانَ الْإِبْدَالُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ اضْطِرَارِيًّا. فَهَذِهِ ثَمَانِي صُوَرٍ، فَتَمْثِيلُ الشَّارِحِ بِدُونِ النِّصَابِ مَفْهُومُهُ أَحْرَوِيٌّ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ مَا لَوْ أَبْدَلَهَا] إلَخْ: حَاصِلُهُ أَنَّ مَنْ عِنْدَهُ مَاشِيَةٌ وَأَبْدَلَهَا بِغَيْرِ نَوْعِهَا مِنْ الْمَوَاشِي - كَمَنْ أَبْدَلَ بَقَرًا بِغَنَمٍ - فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ مُطْلَقًا؛ كَانَتْ الْمُبْدَلَةُ نِصَابًا أَوْ دُونَ نِصَابٍ، كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ أَوْ لِلْقِنْيَةِ كَانَ الْبَدَلُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ اضْطِرَارِيًّا. فَهَذِهِ ثَمَانِي صُوَرٍ أَيْضًا. يَسْتَقْبِلُ فِيهَا، مَا لَمْ يَقْصِدْ الْفِرَارَ وَكَانَ الْمُبْدَلُ نِصَابًا كَمَا يَأْتِي، بَقِيَ مَا لَوْ أَبْدَلَهَا بِنِصَابِ عَيْنٍ؛ فَإِنْ كَانَتْ لِلتِّجَارَةِ بَنَى عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا، كَانَتْ الْمُبْدَلَةُ نِصَابًا أَوْ دُونَ نِصَابٍ. كَانَ الْبَدَلُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ اضْطِرَارِيًّا. فَهَذِهِ أَرْبَعُ. وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لِلْقِنْيَةِ وَكَانَتْ نِصَابًا فَكَذَلِكَ: أَيْ يَبْنِي عَلَى حَوْلِ أَصْلِهَا كَانَ الْبَدَلُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ اضْطِرَارِيًّا فَهَاتَانِ صُورَتَانِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ دُونَ نِصَابٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالثَّمَنِ مُطْلَقًا. كَانَ الْبَدَلُ اخْتِيَارِيًّا أَوْ اضْطِرَارِيًّا. فَهَاتَانِ صُورَتَانِ أَيْضًا. فَجُمْلَةٌ. الصُّوَرِ أَرْبَعٌ وَعِشْرُونَ. وَكَذَلِكَ مَا لَوْ أَبْدَلَ نِصَابَ عَيْنٍ بِمَاشِيَةٍ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِلُ بِالْمَاشِيَةِ مُطْلَقًا هَذَا حَاصِلُ مَا قَرَّرَ بِهِ الشُّرَّاحُ قَوْلَ خَلِيلٍ، وَكَمُبْدَلٍ مَاشِيَةِ تِجَارَةٍ وَإِنْ دُونَ نِصَابٍ بِعَيْنٍ أَوْ نَوْعِهَا وَإِنْ لِاسْتِهْلَاكِ؛ كَنِصَابِ قِنْيَةٍ لَا بِمُخَالِفِهَا أَوْ عَيْنًا بِمَاشِيَةٍ. قَدَّمَ هَذَا الْمَبْحَثُ الْمُصَنِّفُ هُنَا. وَقَدْ أَفَدْنَاك إيَّاهُ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ عَامِلَةً] : أَيْ هَذَا إذَا كَانَتْ مُهْمَلَةً، بَلْ وَإِنْ كَانَتْ عَامِلَةً فَتَجِبُ فِيهَا الذَّكَاةُ. خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ.
قَوْلُهُ: [أَوْ كَانَتْ مَعْلُوفَةً] : أَيْ خِلَافًا لِلشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا. وَالتَّقْيِيدُ بِالسَّائِمَةِ فِي الْحَدِيثِ لِأَنَّهُ الْغَالِبُ عَلَى مَوَاشِي الْعَرَبِ؛ فَهُوَ لِبَيَانِ الْوَاقِعِ لَا مَفْهُومَ لَهُ.
(لَا) إنْ كَانَتْ (مُتَوَلِّدَةً مِنْهَا) : أَيْ مِنْ النَّعَمِ، (وَمِنْ وَحْشٍ) : كَمَا لَوْ ضَرَبَتْ فَحَوْلُ الظِّبَاءِ إنَاثُ الْغَنَمِ أَوْ عَكْسُهُ مُبَاشَرَةً بِوَاسِطَةٍ فَلَا تَجِبُ فِيهَا زَكَاةٌ.
(وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ مِنْهَا) : أَيْ مِنْ النَّعَمِ. وَالْمُرَادُ بِالْفَائِدَةِ هُنَا: مَا تَجَدَّدَ مِنْ النَّعَمِ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهِمَا؛ (وَإِنْ بِشِرَاءٍ) لَا خُصُوصَ مَا يَأْتِي مِنْ أَنَّهَا مَا تَجَدَّدَتْ لَا عَنْ مَالٍ أَوْ عَنْ مَالٍ مُقْتَنًى (لَهُ) أَيْ لِلنِّصَابِ؛ فَمَنْ كَانَ عِنْدَهُ نِصَابٌ مِنْ النَّعَمِ كَخَمْسٍ مِنْ الْإِبِلِ وَثَلَاثِينَ مِنْ الْبَقَرِ وَأَرْبَعِينَ مِنْ الْغَنَمِ فَأَكْثَرَ. فَاسْتَفَادَ بِهِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ اسْتِحْقَاقٍ فِي وَقْفٍ أَوْ دَيْنٍ أَوْ بِشِرَاءِ قَدْرِ نِصَابٍ آخَرَ أَوْ مَا يُكْمِلُ نِصَابًا آخَرَ، فَإِنَّهُ يُضَمُّ لِلْأَوَّلِ الَّذِي كَانَ عِنْدَهُ وَيُزَكِّيهِ مَعَهُ فَيَكُونُ عَلَيْهِ شَاتَانِ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَلَيْهِ وَاحِدَةٌ مَثَلًا، أَوْ تَبِيعَانِ بَعْدَ أَنْ كَانَ عَلَيْهِ تَبِيعٌ أَوْ حِقَّةٌ مَثَلًا.
(وَإِنْ) مَلَكَهَا (قَبْلَ الْحَوْلِ بِيَوْمٍ) فَأَوْلَى أَكْثَرُ وَلَا يَسْتَقْبِلُ بِالْفَائِدَةِ الْمَذْكُورَةِ حَوْلًا بِخِلَافِ الْفَائِدَةِ فِي الْعَيْنِ؛ فَإِنَّهُ يَسْتَقْبِل بِهَا كَمَا يَأْتِي وَ (لَا) تُضَمُّ الْفَائِدَةُ
ــ
[حاشية الصاوي]
قَوْلُهُ: [أَوْ بِوَاسِطَةٍ] : كَذَا فِي الْخَرَشِيِّ وَ (عب) وَ (المج) . قَالَ (بْن) : وَفِيهِ نَظَرٍ. بَلْ ظَاهِرُ النَّقْلِ خِلَافُهُ؛ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْمَوَّاقَ قَصَرَ ذَلِكَ عَلَى الْمُتَوَلِّدِ مِنْهَا وَمِنْ الْوَحْشِ مُبَاشَرَةً، وَأَمَّا إذَا كَانَ ذَلِكَ النِّتَاجَ بِوَاسِطَةٍ أَوْ أَكْثَرَ فَالزَّكَاةُ وَاجِبَةٌ فِيهِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ. وَاسْتَظْهَرَ ذَلِكَ الْبَدْرُ الْقَرَافِيُّ كَذَا فِي حَاشِيَةِ الْأَصْلِ.
قَوْله: [وَضُمَّتْ الْفَائِدَةُ مِنْهَا] إلَخْ: أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ نِصَابًا أَوْ أَقَلَّ. وَحَاصِلُهُ: أَنَّ مِنْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ وَكَانَتْ نِصَابًا، ثُمَّ اسْتَفَادَ مَاشِيَةً أُخْرَى مِنْ نَوْعِهَا بِشِرَاءٍ أَوْ دِيَةٍ أَوْ هِبَةٍ، نِصَابًا أَوْ لَا، فَإِنَّ الثَّانِيَةَ تُضَمُّ لِلْأُولَى وَتُزَكَّى عَلَى حَوْلِهَا سَوَاءٌ حَصَلَ اسْتِفَادَةُ الثَّانِيَةِ قَبْلَ كَمَالِ حَوْلِ الْأُولَى بِقَلِيلٍ أَوْ كَثِيرٍ. فَإِنْ كَانَتْ الْأُولَى أَقَلُّ مِنْ نِصَابٍ فَلَا تُضَمُّ الثَّانِيَةُ لَهَا، وَلَوْ كَانَتْ الثَّانِيَةُ نِصَابًا. وَيَسْتَقْبِلُ بِهِمَا مِنْ يَوْمِ حَوْلِ الثَّانِيَةِ.
قَوْلُهُ: [بِخِلَافِ الْفَائِدَةُ فِي الْعَيْنِ] : وَالْفَرْقُ أَنَّ زَكَاةَ الْمَاشِيَةِ مَوْكُولَةُ لِلسَّاعِي فَلَوْ لَمْ تُضَمُّ الثَّانِيَةُ لِلنَّصَّابِ الْأَوَّلِ لَأَدَّى ذَلِكَ لِخُرُوجٍ مَرَّتَيْنِ وَفِيهِ مَشَقَّةٌ وَاضِحَةٌ، بِخِلَافِ الْعَيْنِ فَإِنَّهَا مَوْكُولَةٌ لِأَرْبَابِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ الْمَاشِيَةُ الْأُولَى دُونَ النِّصَابِ وَقُلْنَا يَسْتَقْبِلُ فَلَا مَشَقَّةَ كَذَا فِي الْأَصْلِ.